طموح يتحدى القهر - الجزء الثالث

 3 --

تدفق الامل في قلبي من جديد..رغم ان السنة الدراسية قد انتهت لكن السنة القادمة سوف انتظرها بكل لهفة ..
تمضي الايام....يبدا العام الجديد..اداوم في الجامعة نهارا لأعود مباشرة الى العمل ..
اصبح هاجس الخوف يلازمني كل لحظة ..حين اعود من الجامعة الى مكان عملي..اكون مرتديا الزي الجامعي..واخشى في اي لحظة يراني المدير العام فيكتشف اني اداوم بالجامعة
..وهكذا كلما توجهت للعمل اشعر بانقباض في صدري ابحث في الممرات والمداخل خشية ان يلمحني المدير العام وانا ارتدي الزي الجامعي..
وتمضي السنة الاولى بسلام....
الحرب مع ايران مازالت ملتهبة ....فجأة يتم التوجيه بتحديد قائمة من الاسماء للتفرغ الى قاطع للجيش الشعبي يتمركز حول المنشآت كحماية من هجمات الطيران الايراني...
اغرق في كارثة اخرى من جديد..يتطلب مني التواجد نهارا في ساحة التدريب للجيش الشعبي..لا استطيع البوح بدوامي في الجامعة..وساحة التدريب في مكان بعيد جدا عن الطريق العام ..
دخلت في متاهة جديدة..
اتوجه كل صباح الى ساحة التدريب في سيارات مهيئة لنقلنا ..احمل معي في كيس كبير ملابس الزي الجامعي و محفظة الاوراق..اخفي الكيس خلف السيارات ..وعند الساعة الاولى من التدريب حيث يتم تنفيذ رياضة صباحية للساعة الاولى ثم تسجيل الحضور ..حين يتم تسجيل الحضور انسحب بهدوء اتسلل الى خارج الساحة ..اختفي وراء السيارات ..اغير ملابسي.. اضع ملابس التدريب في الكيس..واعدو مسرعا اقطع مسافة الف متر على الاقدام كي اصل للشارع العام..
اعدو بسرعة ولا التفت الى الخلف ..فالطريق ترابي ..وان جاءت فيه سيارة حتما ستكون من ساحة التدريب ..لذا فسوف يفتضح امري ..الافضل ان اقطع المسافة سيرا على الاقدام حتى اصل للشارع العام ودعواتي الى الله ان يتيح احدى سيارات النقل العام ان تتوقف كي انتقل فيها الى مركز العاصمة ..ومن ثم احتاج الى مرحلتين اخرى كي اصل الى الجامعة..
يااااه كم هو صعب مشواري..اتطلع الى الساعة ..الزمن يمضي بسرعة وانا انتقل من سيارة الى سيارة الى اخرى..هنا اشارة مرور حمراء.تتوقف حركة السير ...اعتصر قلبي ..يارب سهل امري...تفتح الاشارة تسير السيارات وسط زحام هائل..عيني تتطلع الى الساعة تارة والى الطريق واشارات المرور والى افواه الركاب.. لا اصدق متى تتحرك السيارة بسرعتها الطبيعية حتى يصرخ احدهم انزلني هنا..وانزلني هناك..وانا اتلوع ..اود ان اطوي المسافات كي الحق بالمحاضرات ..
اصل الجامعة بعد انتهاء المحاضرتين الاولى والثانية كل يوم من مجموع خمسة محاضرات او اربعة ..
اشعر ان مشاعري عكس البشر..
احيانا اصل عند بداية المحاضرة الثالثة ....اجد الطلبة في هرج ومرج....يصدر صوت من هناك ..هيا ياطلاب تأخر الاستاذ عشرة دقائق لنخرج الى الساحة ..يرد صوت عليه خلاص انتهى الوقت المسموح به لحضور المحاضرة ..صوت اخر..هيا لم الانتظار و اسرعوا بالخروج كي لايجد احد منا لو جاء لاحقا"...
يااااااااااااااه..كل مشاعري اجدها عكس مشاعر الاخرين..
الكل يتمنى ان يهرب من المحاضرة ..وانا الوحيد افرح لاني وصلت قبل المحاضرة لكن فرحي يتحول الى حزن دامي حين يتأخر الاستاذ واجد الطلبة سعداء وانا وحدي اكتم الحزن..
..هكذا تمضي اسوأ واصعب ايام حياتي..كل يوم كل ساعة كل لحظة ..لي موعد مع صراع قهري .. اصبح خبزي اليومي .. التحدي مع الزمن مع الخوف مع الطريق مع المحاضرات مع الاساتذة مع الطلبة ...
صراع مرير علي ان احتمله واكتم مشاعري لا ابوح بها ابدا ..ابدا...

يتبع