دولة عرب نت


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

دولة عرب نت
دولة عرب نت
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

زوجتي من الجن

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

غرائب زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 8:12 am

رواية زوجتي من الجن





ذات مساء،وبالضبط مساء يوم احد؛ وبينما كنت أرنو الى الفضاء الذي تعانق مع نخلة السجن، شدّني منظر النخلة وابهتها وكبرياؤها الذي يعانق السماء، تأملتها بكلتا حدقتيّ، وفتحت المجال للتصورات والخيال ان يحل على شريط طويل سريع، يطبع في حجرات عيني الحلم القريب والافراج المنتظر وصور الاصدقاء والاهل. كل ذلك كان يمر في ومضات سريعة، وفي وقت زمني قصير لا يسمح ببقائه طويلا لأن الفكرة تركض وراء الفكرة، والصورة تطرد الصورة، فالخيال واسع وشريط الذاكرة سريع. وفجأة وبينما كنت اطلق لخيالي العنان... تجسدت بجانب النخلة امام عينيّ فتاة ...لم اصدق ما ارى، ففركت عينّي، ازداد جمالها في نظري...انها حقاً آية في الجمال يعجز قلم ابلغ الشعراء عن رسمها بالكلمات.. ذات رداء اخضر ربيعي، وزاد من جمالها، شلال شعرها الاسود المتموج الذي تدلى مسترسلا حتى تعدى الخاصرة...اما الوجه فكان لوحةفي غاية الخلق والجمال ..سبحان الذي ابدعه وابدع رسم العينين في محجريهما...هزت النخلة بيديها، وراحت تمارس لعبة الدوران حول جذعها برشاقة الغزال...رفعت راسها لتلتقي عيناي بعينيها السوداوين الواسعتين ...رمقتني بنظراتها فانسابت سحرا خفق له قلبي بين الضلوع، وانفرجت شفتاها راسمة ابتسامة ملائكية عذبة، دخلت قلبي فملكته، وتغلغلت في ثنايا دماغي، ففعلت به ما يفعل الخمر بعقل شاربه...ومرة اخرى وفي لمح البصر وقبل ان يرتد طرفي استدارت نحو النخلة واختفت... 
بقيت في مكاني انظر الى نفس المكان، متسمرا شارد الفكر ينتابني الذهول، وبقيت على حالي هذه حتى ارخى الليل سدوله وتعذرت الرؤيا وحجب الظلام النخلة، ولم يعد في استطاعتي ان ارى شيئاً. 
تحركت من مكاني، تحسست نفسي جيدا, فخلت انني انما كنت في حلم جميل .وحاولت ان اقنع نفسي ان ما حدث لا يتعدى الحلم والذي لم يعد له في حياتي وحتى في خيالي أي اثر او تأثير...الا انني احببت الجلوس بجانب النافذة، استمتع بالبحث عن فتاة حلمي علها تظهر ثانية.وبين الحين والحين، كنت اسرق من الانتظار لحظات حنين للاهل والاصدقاء ...بقيت على حالي هذه ستة ايام، وفي اليوم السابع وعندما مالت الشمس نحو الغروب وفي نفس الموعد ونفس اللحظة ظهرت بجانب النخلة ...نعم انها هي، ذات الرداء الاخضر، ذاتها ، لكنها جلست هذه المرة في حضن الارض، بجانب النخلة، وكانها زهرة الهية في معبد الجمال...تسارعت دقات قلبي. كنت لحظتها لا اسمع سوى صوت انفاسي المتعاقبة الساخنة، ضغطت باتجاه اسكات تلك الانفاس الحارقة، وما هي الا لحظة حتى رمقتني بنظرتها الساحرة والابتسامة على شفتيها كانها انشودة عشق عذبة. 
انتظرها القلب طويلا ليروي منها الظمأ، لتبعث فيه الحياة... ولكنها سرعان ما اختفت ثانية، وكانما كانت تخشى عتمة الليل ووحشة السجن وهول الزنازين... 
عدت الى واقعي: سجن وسجان، اخوة واصدقاء ورفاق خلف القضبان، كنت احاول ان ابعدها عن تفكيري، وان لا اجعلها تسيطر عليه، وتكرر انتظاري لها، ومشاهدتها كل يوم احد من ايام الاسبوع لعدة ثوان او لحظات، وفي كل مرة كنت اخلو فيها الى نفسي كنت أتساءل: هل جئت الى هذا المكان حتى اعشق حلماً او خيالاً ؟؟وهل سجنت لاعشق من خلف القضبان فتاة تظهر وكأنها سراب؟استسلمت لأسس العلم وفلسفة العلماء، واقنعت نفسي ان ما راودني ان هو الا خيال، وما صاحبة الرداء الاخضر هذه الا وهم بعيد المنال، غير خاضع حتى لمجرد التفكير فيه، و ان وجودها لا يخضع لاي احتمال، ومع هذا، وفي لحظات الجد كان فكري وخيالي يسرح فيما ارى.كنت لا اصحو على نفسي الا وانا اكتب اشعاراً لها، وارسم لعينيها ما رقّ من الكلام، حتى وجدت نفسي في نهاية المطاف انظم عواطفي في خيوط من نور جمالها الأخّاذ، واصبحت اسير محبة فتاة حلمي ,فاحببتها حبا لا يعرفه الا من هزت جدران قلبه اشعة الحب وسحره الذي لاينضب...
حاولت من جديد ان امنع نفسي من التفكير فيها فلم اجد الى ذلك سبيلاً .وكنت اساور نفسي واعيش معها لحظات في حلمي الجميل، اخشى ان يوقظني صوت بعوضة من بعوض حمّام السجن، ويقطع علي حبل الاحلام والاسترسال في تصور جمال عينيها وروعة ابتسامتها التي ارتسمت في مخيلتي، بل في عيوني. 
توالت الايام، واصبح املي الوحيد في هذه الحياة أن تطل عليّ من عند النخلة. انقضى نصف عام من عمر الزمن، وامضيت مدة حكمي في السجن، وجاء يوم الافراج، يوم الحرية الذي تتعطش له كل نفس اسيرة من وراء قضبان السجن ...اصبحت حرا، فما اجمل ان يكون الانسان حرا طليقاً كفراشة، يشاهد ما يشاء،يجالس الاهل والخلان بفرح يغمر القلوب، وحب الاهل الذي لاتعرفه الا طيور الحب، وروح كل اسير مازال يعاني من وطأة السجان...الحب هنا والوفاء في هذه الارض ينتثر مع الهواء، وكل واحد ياخذ منه ما استطاع، وفجاة عصف بقلبي هاجس سريع، وراودني شعور غريب، مليء بالأسى والمرارة.. شعرت وكأن اوراق الزهر في عز الربيع تساقطت ,انقبضت نفسي.. تذكرت الفتاة والنخلة، شعرت بألم ومرارة كمن فقد اعز شيء في حياته، بل اكثر من ذلك، كمن فقد حياته كلها. تذكرت حياتي داخل السجن حتى غرقت في بحر موجاته من الاسى والسعادة والعذاب والالم...تسمرت في مكاني، أرفض العودة للمنزل والاهل والاصدقاء...الجميع يحثني على الصعود إلى السيارة التي ستنطلق عائدة الى البلدة...ارتسمت على الوجوه علامات التعجب، وكأنما هم يتساءلون، فيما بينهم ما الذي حدث؟...وما بال الرجل؟ أهو في وضع غير طبيعي!!...بدأت اتمالك نفسي...احسست بشعورهم تجاهي ...صعدت الى السيارة جسداً بلا روح...وبينما كنا في طريق العودة ,كانت السيارة بعجلاتها تنهب الطريق وتلتهم المسافات امتاراً وراء امتار، امي تجلس إلى جانبي مرحة سعيدة، وشقيقتي غارقة في ضحكاتها...اما انا فكنت لا ادري اين انا... 
بدأت الملم افكاري واستجمع قواي، اكلم نفسي.. ان كفاني الى هذا الحد جنوناً، كفى احلاماً...كفى احلاماً .. تصارعت الافكار، بدأت اشتم واسب نفسي... و تولد لدي شعور اني اريد ان اصرخ، كفى احلاماً كفى احلام ...صراع بيني وبين نفسي، تعرق له جسدي، صراع دار في راسي، وكأن بي رغبة شديدة لتحطيم شيء، اي شيء، وفجأة؛ صحوت على صوت أمي الملائكي: 
ـ مالك يا حسن ،ماذا جرى لك يا بني، هل انت مريض ؟!ربما تغير عليك الجو ...لماذا انت حزين ومهموم هكذا يا حسن ؟... 
ابتسمت بمرارة ...انها امي الحنون، نهر العطاء وخيمة الحنان .. قلت لها : 
ـ انا لست مريضا يا امي، وكل ما في الامر اني تاثرت قليلاً لفراق اصدقاء السجن. 
فامسكت بالحديث، وبدأت اتجاذب أطرافه مع أمي وشقيقتي، حتى وصلنا من ر حلة السفر الى بيت الطفولة ...وما ان دلفت عتبة البيت، حتى ازدحم المهنئون يعبرون عن فرحتهم وسعادتهم بعودتي سالما معافى، الامر الذي لم يدع لي مجالا لأن أسرح أو أفكر في شيء آخر...المهنئون يزدحمون في بيتنا على مدار اليوم والاسبوع والساعة، حتى مرت الايام دون ان اشعر بها، وبدأت اتغلب على مشاعري واسيطر مجدداً على نفسي، اقنعها ان الحلم لا بد ان ينتهي وأن ما عشته داخل السجن انما هو حلم يقظة، والعلم يؤكد: ان مرّ انسان بتجربة كتجربتي فانها تكون بداية مرض نفسي عنده، وعليه ان يخضع للعلاج، وخصوصاً اذا وصل به الامر درجة الافراط في التخيل والتصورات...ومن اسباب هذه الظاهرة المرضية احساس الشخص في المجتمعات التسلطية والسلطوية بالحرمان والانقياد والقهر والعجز... 
خلقت الحياة لتستمر لا لتتحنط أوتحفظ في ثلاجة الموتى، بهذا كنت اواسي نفسي، فاحاول اشغالها بكل شيء حتى لا اترك لنفسي مجالا او ثغرة يتسرب منها ذلك المرض اللعين اليها... 
مضى على خروجي من السجن حوالي عشرة ايام، استطعت خلالها التأقلم ضمن نمط حياة أقاربي واصدقائي والناس في بلدتي. 
ذات يوم وبينما كان جميع من في البيت مدعوين الى حفل زفاف،قررت أن لا اذهب إلى لحفل مع بقية اهلي بسبب خلاف قديم كان نشب بيني وبين قريبي صاحب الحفل ...فضّلت الانفراد بنفسي على الخروج بصحبة الاهل. حاولت قراءة بعض الكتب، لم اشعر بمرور الوقت الا عندما بدأت خيوط الشمس تتسلل من النافذة تاركة وراءها ظلا لطيفاً مشوبا ًببرودة ناعمة، نظرت من النافذة واذا بقرص الشمس يوشك ان يتوارى في الافق البعيد وراء الجبال (فساحت روحي في فضاء الحرية والانعتاق)واذا بي اسمع همسا ناعما هادئا 
لا اراديا، التفت بنظري نحو مصدره، اضطرب مني القلب وارتعش الجسد، طرحت الكتاب جانبا: يا الهي...هالة ضوئية نورها يشبهها تماما، عيون سوداء واسعة والابتسامة العذبة الناعمة والشعر الاسود الطويل...انها صاحبة الرداء الاخضر، تسمرت في مكاني، تسارعت انفاسي، وجاء وقع الكلمات ... 
ـ كيف حالك يا حسن؟ اعذرني لان ظروفي لم تسمح لي بالمجيء مبكرا لزيارتك لأهنئك ... 
نعم انها هي، ارتعدت كل خلية في جسدي، وكاني امام ثورة اعصار هائج، كلماتها كانت تخترق أذني، ابتسامتها الساحرة تخترق الصدر لتستقر في اعماق نفسي متفاعلة مع كل خلجة من خلجات قلبي... لا املك الا السكوت، تاركا عينّي تهيم في محاريب جمالها، كم هي جميلة يا الهي !!اكلم نفسي.. من تكون ؟ عشرات الاسئلة بل المئات ,لقد عدت الى نفس الدوامة، الى نفس الاحلام والخيالات، من هي ومن تكون يا الهي ؟!اهي انس ام جن ...عيناي ما زالتا محدقتين بها، ما الذي جاء بها، لا اريد ان ترف رموشي امامها ,لا اريد ان يرتد الي طرف في حضرتها، ولا اريد ان افارقها ...هاجس اوعز الي بانها ستختفي وتتركني...ان فعلت ذلك، ماذا سيحل بي..وما هي الا لحظات حتى قالت اخر كلماتها بنغم انساب في اذني: 
ـ" الوقت تاخر وانا لازم اروح يا حسن". 
وقبل ان تصل اخر كلماتها وتر السمع في اذني، انشقت الارض وابتلعتها ولم يعد لها وجود ....لقد اختفت .واذ بباب البيت يفتح لتدخل منه والدتي وشقيقتي وهما تضحكان ، تكلمت مع ذاتي: اين اختفت، وكيف دخلت وكيف خرجت ؟هل اصبت بالجنون؟ام اني مريض بـ...؟قاطعتني امي: 
ـ ما بك يا حسن (ليش انت مشدوه)؟! 

عجيب امر غادة، فعلا هذا ما كان يراودني وكل ما كنت افكر فيه كانت تقوله ...واخيرا نطقت:.. 
ـ نعم من انت ؟.. 

وقبل ان اكمل جملتي، جلجلت في اذني ضحكة ساحرة . كانت تضحك حتى اعتقدت انني قلت نكتة، بدأت اشاركها الضحك، ولما تلاشت امواج الضحك ...قالت: 

ـ "اترى، ان الامر بسيط، من انا ...ها انت تتحدث جيدا، انا يا حسن من عالم غير عالمكم .." 

ـ أهذا يعني انك من الجن ...؟ 

ضحكت ضحكة شقّت امواج الاثير لتستقر في نفسي، انتشت روحي لعذوبتها وقالت: 

ـ " انا لست من عالمكم، فلا ابي ولا امي من البشر، ولاني ابنتهم هذا يعني اني كذلك لست من البشر..." 

حرت في امرها ومن تهربها من الاجابة على السؤال، ثم سالتها وكان في سؤالي شيء من الاصرار.. 

ـ اجيبي فقط هل انت جنية ؟وكيف تستطيعين قراءة افكاري ؟ 

اجابت باختصار وبنبرة ساخرة: 

ـ "انا لست انسية يا حسن ". 

احترت بجوابها اكثر ، وغصت في بحر مليء بالحيرة والاسئلة...صمتت، وكان في صمتها شيء مريب. وعادت لتقول: 

ـ " بكل سهولة يا حسن، استطيع معرفة كل ما يجول في خاطرك دون جهد او عناء، استطيع ذلك ما دمت تفكر في، وبما انني جزء من افكارك، فهذا ليس بالامر الصعب علي ...حتى انت يمكنك ان تقرا افكار غيرك ما دام الشخص الاخر يفكر فيك.وهذه هي عملية الاتصال بين الافكار، نحن نختلف عنكم باننا نثق بقدراتنا ونترجم الافكاربسرعة وسهولة، اما انتم، فالامر ليس بالسهل بل نادر جدا وبصعوبة بالغة يستطيع بعضكم ان يترجم ما تحسون به لانكم خطاؤون وتخشون الوقوع في الخطأ، الامر الذي يحد من قدرتكم على فهم كل شيء اما ما يميزكم عنا هو خوفكم المستمر من كل شيء، حتى من انفسكم ،واذا ما رغبت يا حسن، ساعلمك كيف يمكنك قراءة افكار غيرك ..." 


عدل سابقا من قبل aboezra في الأحد يناير 04, 2015 8:30 am عدل 1 مرات
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 8:13 am

ـ من انت ؟ومن اين اتيت ؟ومن تكونين ؟ 

ردت وكانت كلماتها ممزوجة بنغمة فيها شيء من السخرية حاولت ان تخفيها بشيء من المزاح في كلامها لتجيب : 

ـ اسمي غادة، ولست من الانس وانا من عالم آخر غير عالمكم . 

ـ اذن انت من الجن ...!! 

ـ "لست من الانس واطلق على انتمائي ما شئت من المسميات". 

وابتسمت ابتسامة ساحرة اشعرتني وكانني طفل صغير يحتار في اختيار الاسئلة، ويشعر بالخجل حيال اسئلته التي يعتقد انها لا تخلو من الحماقة والسخف ...اذن هي جنية ولكن ما السبب الذي يكمن وراء عدم بوحها عن جنسها وعن العالم الذي هي منه..؟رتبت افكاري، استعدت ذاكرتي وغادة لا تزال تحملق بي...قلت في نفسي: هي الان تعرف الذي افكر فيه، يا الله كم ابدو سخيفاً وضعيفاً امامها ...قالت: 

ـ "انت لا تبدو سخيفاً يا حسن". 

ضحكت وقلت لها: 

ـ ارجو ان تراعي الوضع الذي انا فيه الان. 

وامتزج كلامي بشيء من الضحك، ولم استطع السيطرة على احساسي ..فضحكت وضحكت هي كذلك.. 

ـ اسمعيني، والله ما عدت افهم شيئا كلما جئت بسؤال يأتيني الجواب حاملا الي المزيد من الحيرة..حتى لا احتار وتحيريني معك ساعديني على فهم ماذا يحدث . 

ابتسمت وقالت: 

ـ تفضل ماذا تريد ان تفهم ..؟ 

ـ هل انا في حلم جميل ساصحو منه بعد أن تغادري ؟وهل انا في نوم عميق؟ ام تراني قد مسني الجنون ؟ هل انت جنية ...؟وماذا كنت تفعلين في سجن عسقلان ..كيف يكون ذلك ...وكيف تظهرين فجأة وتختفين؟؟ 

ـ "اسمع يا حسن، اذا كنت تريد ان اجيبك، إبدأ بسؤال واحد، وبعد أن اجيبك إطرح السؤال الثاني". 

ـ اذا، دعينا نبدأ يا غادة هكذا ...هل انا الان احلم ؟ 

ـ " انك لا تحلم واذا اردت التاكد قم وقف على قدميك.." 

امتثلت لاوامرها وانا اضحك من نفسي وقفت وقالت : 

ـ "اجلس ".. 

فجلست ..ثم وقفت وجلست، ولو ان احدا شاهدني وانا افعل ما افعل لظن اني اصبت بنوبة "هستيريا"..نعم. 

ـ غادة من انت؟ ومن اين ومتى جئت ...الخ . 

ضحكت من تصرفي وامتنعت عن الكلام. فضحكت لضحكتها.. 

ـ "يا حسن اتفقنا قبل قليل ان تسأل سؤالا واحداً، ً فماذا دهاك؟ هل تنسى بهذه السرعة؟ انت تريد معرفة كل شيء مرة واحدة، ماذا تريد ان تعرف؟ ..من انا وهل رأيتني ام لم ترني في السجن ام ماذا يا حسن..! 

اسلوبها كان يضفي على اللقاء جمالا وسحرا ونورا على نور... 

ـ طيب، رجعنا من حيث بدانا، حقك عليّ، هل رايتك في سجن عسقلان ؟ 

ـ "نعم، لاني انا اردت ان تراني، ولي هناك قصة طويلة وحكاية غريبة عشتها منذ الطفولة، لا اريد ان اشرحها الان وساقصها عليك فيما بعد عندما يحين الوقت، وبالمختصر المفيد، للنخلة في نفسي معزة خاصة، لم تنقطع زيارتي لها منذ كنت طفلة، كنت آتيها بين الحين والآخر دون ان اعبر أي اهتمام بما يحيط بها حتى جاء ذلك اليوم الذي كنت اقوم فيه بزيارة للنخلة، شعرت بشريك جديد يشاطرني بنظراته إلى النخلة تعلقي بها. كانت نظراتك للنخلة متواصلة ثاقبة حتى اعتقدت انك تراني...وفي المرة الثانية عدت لاراك وكأنك ما زلت في مكانك، نفس الجلسة، ونفس النظرة الغريبة التي كانت الحافز الفضولي لمعرفة السر الكامن وراء تلك النظرات ...قررت ان اقرأ افكارك...تكررت زيارتي، واستمرت جلستك، وتعددت المحاولات وحين نجحت في الاتصال بافكارك، علمت ان للنخلة مكانة خاصة في قلبك، وانك تحبها كثيرا، واغتبطت نفسي بالسعادة لان هناك من يشاطرني حب النخلة التي اعتبرتها جزءا مني، وكلما كنت أزور النخلة كنت اراك ، فكرت فيك الى ان جاء ذلك اليوم الذي شاهدتني فيه، في تلك اللحظة نسيت نفسي وبقرار لا ارادي وسريع اتخذته، اتصلت بافكارك وكانت الفرصة مؤاتية فظهرت لك لتراني...وحاولت منع نفسي الظهور لك مرة اخرى ولكن...عندما يكون التصرف من منطقة اللاشعور، كنت اجد نفسي مجذوبة تجاهك، كنت اجيء واذهب مرات عديدة دون ان تراني، في كل مرة كنت اجيء فيها كانت نفسي تتوجع لشعور داخلي هو انني مجرد حلم في حياتك، لقد كنت عاجزة، القيود تكبلني فلم استطع عمل شيء، وبعد خروجك من السجن حالت المصاعب دون الوصول اليك، وفي اللحظة المناسبة استطعت الخروج، واقدمت على زيارتك في بيتك، كان ذلك في اول مرة ثم تلتها عدة زيارات كانت تتصف بطابعها السريع ووقتها القصير الذي حال دون اجابتي على كل ما تريد الاستفسار عنه". 

سكتت قليلا عن الكلام وابتسمت ابتسامة جميلة ضمتها روحي في احضانها ...وقالت: 

ـ "الآن اعتقد انك بدأت تستوعب الامور يا حسن ها انا عدت لأوفي بوعدي الذي وعدتك به في زيارتي الاخيرة، وامل ان استطيع اخراجك من سبات الحيرة الذي انت فيه ...هل فهمت الان يا حسن؟" 

تنهدت منهية حديثها، بصراحة لم افهم منها شيئا، وبدلا من ادراك الامور اتسعت فجوة الحيرة التي ما زلت فيها، وازدادت الاسئلة 

ـ افهم من كلامك يا غادة ان حبي للنخلة هو الحافز الذي دفعكِ للظهور امامي، وانك استطعت الاتصال بافكاري وهي تمتد الى النخلة وادعيت كذلك ان قصتك مع النخلة بدات منذ الطفولة..!اليس غريباً يا غادة ان اكون انا الوحيد الذي لفت انتباهك من بين مئات السجناء الذين دخلوا وخرجوا من هذا السجن؟ لقد كانوا يطوفون حول النخلة كل يوم، لا بد ان هناك من احبها اكثر مني، وليس هذا فقط، بل الجميع احبوها ومن بينهم العشرات الذين يؤمنون بوجود "العفاريت" والخرافات التي قصصها لا تنتهي...لماذا لم تظهري لاي منهم واخترت الظهور لي وانا الذي لا يؤمن بالجن ولا حتى "بالعفاريت"؟ ... 

يبدو انني خربطت في الكلام، انعقد لساني لم انبس بحرف واحد، انقلب كيان غادة وللمرة الاولى اراها والابتسامة تتلاشى عن ثغرها، تجهم وجهها، وبدت عليه علامات الحزن والالم، ترقرقت الدموع في مقلتيها وتيبست، حملقت في عينيها، واذا بالدموع تأبى الخروج من مقلتيها بعد ان تفجرت في داخلها كالبراكين ...شخصت عيناها وهي تنظر للا شيء وقالت والحزن يمزق جفنيها ويخترق شغاف قلبي: 
ـ "ليس لاحد قدرة على رؤيتي الا اذا اردت انا ذلك "...ثم اشاحت بوجهها عني كي لا ارى الدموع في عينيها، واضاقت:.. 

ـ " انا من يقرر متى يراني أي انسان، اياك ان تفكر ان ظهوري فيه متعة لي، او انه مجرد تسلية، لا، الامر اصعب من هذا بكثير لأن من يظهر منا لأي انس، يعرض نفسه لمخالفة عقائدية في عالمنا، مما يترتب عليها عقاب عسير لا يتصوره عقلك أو عقل احد من البشر، ان احدا منكم لا يتصور مدى هول ذلك العقاب وألمه". 

سكتت عن الكلام وحركت رأسها للجهة المعاكسة لي بخفة وسرعة، تموج شعرها الناعم وطار فوق راسها، فماج بدلال وسرى سريان الموجة التي امتدت يدها اليه، رفعته عن وجهها لينسدل على ظهرها وكتفيها. بالفطرة ادركت انها قامت بهذه الحركة لتمسح دمعة من عينيها سقطت على خدها رغم ما اظهرته امامي من صبر وتجلد ..انتصبت وكانها تريد اخفاء ما بها من ضعف فقالت بنبرة كلها جديةكأنها تريد الثأر لكبريائها: 

ـ "لا تعتقد ان الاتصال مع الانس بالنسبة لنا أمر سهل، واعلم أنه من اصعب الامور وأعقدها، ويا ويل من يحاول ذلك منا، وأضف الى معلوماتك يا حسن ان من اسخف الامور عندنا هي الاتصال بالانسان.و تأكد يا حسن يا ابن المدارس، يا متعلم، يا فيلسوف زمانك ويا صاحب الخبرة في الحياة انك اكثر من غيرك ايماناً بوجود عالم آخر او ما تسميه بالخرافة، وتجهد فكرك في خلق المبررات والتفسيرات والتحليلات، التي تقنع نفسك بها ظنا منك انها استنتاجات فقط لارضاء غرورك الذي لا حد له ..." 

اختلفت لهجتها وازدادت حدة لتقول:
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 8:15 am

اختلفت لهجتها وازدادت حدة لتقول: 

ـ "كفاك غروراً ..ان هؤلاء الذين هم في نظرك اغبياء يؤمنون بالخرافات، فهم لا يجهدون انفسهم ولا يضيعون وقتهم وهم يتفننون في خلق المسميات والتفسيرات، فكفاك مكابرة، اما انا فلا انكر انني ارتكبت حماقة وسخافة سادفع ثمنها غاليا، وقد بدات من الان ادفع ذلك الثمن لاني اتصلت مع انسي، نعم، لقد اتصلت بك يا حسن. 

على كل حال انتهى وقتي ويجب على المغادرة . 

ـ غادة انا اسف، لم اقصد الاساءة لك او ان اجرحك بحرف مما قلت ... 

ترقرق الدمع في مقلتيها مرة اخرى وقالت بصوت متهدج : 

ـ "انا التي يجب ان تتاسف يا حسن "... 

حاولت ان امد يدي تجاهها، لكن شيئاً ما فيه قوة خفية منعني ان افعل ذلك ... 

ـ غادة ارجوك ان تسامحيني، لا ادري ماذا جرى لي، لم اقصد... 

حملقت عيناها في عيني واذا بدمعة وكانها لؤلؤة ثمينة تلقفها صحن خدها فاستقرت عليه. واختفت... 

ـ غادة ... غادة ...غادة... 

ناديت كمن يستحضر الاموات من القبور وليس من مستجيب...اختفت غادة واختفى معها ضوء القمر، وقلبي يتفطر اسى وحزناً على فراقها، لقد كانت دمعتها الاخيرة اشبه بخنجر استل وأغمد في أحشائي، ذهبت وتركت لي عذاب الضمير يجثم على أنفاسي، يا الله ما اسخفني، وما أحمقني، كنت جلفا معها الى ابعد حدود القسوة، ايعقل ان يكون لي قلب ومشاعر واحاسيس ...كيف طاوعني قلبي وكيف سمحت لنفسي ان اسيء لها وان اجرح شعورها المرهف . 

انا لا استحق منها نظرة واحدة ولا استحق من عينيها الجميلتين دمعة واحدة ...اعترف انني بكيت وكانت هذه المرة الاولى التي ابكي بها في حياتي بكاءً صادقا. ذرفت دموعاً من اعماق القلب. دموع حرارتها من نار عذاب الضمير ...ابكي هذه المرة بصدق اناشد بصدق ...اتوسل بصدق، واطلب المغفرة بصدق..اعترف الان ان قوتي انهارت وفلسفتي الغيت وتحطم عنادي وانا ساجد في محراب جمالها. 

فتحت عيوني بتثاقل فلم ار شيئا، اغمضتها وفتحتها مرة اخرى وكانت الغشاوة من امامي قد انقشعت لاجد نفسي في احدى الغرف كل ما فيها من اثاث ابيض، ومجموعة من الاشباح تحيط بي وهي ترتدي الملابس البيضاء، وكل واحد من الاشباح يتمتم مع الاخر، خبأت عيوني... اغمضتها ...اية كوابيس واية احلام هذه ...استسلمت لهواجسي حتى كاد راسي ينفجر...هل انا في الفضاء؟ لا، ربما في عالم الجن ...؟هل هؤلاء الذي يحيطون بي هم شرموخ، ونجوف، زليخة، وشعشوع؟؟ بماذا يتمتمون؟ هل يقولون لبعضهم البعض هذا ابن ادم الذي جرح كبرياء إبنتنا ...حسناً، ماذا سيفعلون بي ؟هل سيعلقونني من شعري في الفضاء؟ لا،لا، ربما سيضعونني في طنجرة كبيرة..او يحدث معي مثل ما يحدث في حكايات الف ليلة وليلة وسيسحروني على هيئة قرد او يمسخونني على هيئة كلب او حمار وربما على شكل دجاجة...! 

اغمض عيني.. انام ثم استيقظ.. ثم انام ثم استيقظ والاحلام ما تزال تراودني، والكوابيس تلاحقني ثم انام واستيقظ ولا اقوى على الحراك. افتح عيوني اتفحص الغرفة، اجد امي جالسة امامي، انها نائمة على الكرسي بجانبي، يعاودني السؤال: اين انا ؟..ماذا يحدث؟ اتذكر الحديقة.. غادة ..دموع ...نعم اذكر، لقد كنت في الحديقة وكانت معي غادة ،حدثتها وحدثتني، اغضبتها حزنت لذهابها ..نعم لقد تركتني ولكن اين انا...؟ 

زاحمت الافكار في مخيلتي، ومن وسط زحام الافكار، ظهر وجه غادة الجميل ...انها غادة كما عهدتها، بنظراتها وابتساماتها الساحرة، اقتربت مني تسير بدلال وانفة، ونظرات عينيها لا تخلو من بريق الحزن والشفقة، دنت وجلست على حافة السرير بجانبي حاولت النهوض ..لم استطع الحراك ولم اقو على الكلام ..كل شيء شل في جسدي ما عدا التفكير والنظر ..انظر اليها ..ترفع يديها تمتد نحوي تميل بجسدها المتناسق وصدرها المكتنز باتجاهي، ينسدل شعرها الاسود كالشلال يتدلى على صدرها ليلامس صدري ليفصل بيننا تبعده بيدها برقة ودلال تزداد زاوية ميلها وكان بها شوق ولهفة لاحتضاني تسارعت دقات قلبي...حاولت تحريك يدي ولم افلح...يختلجني شوق دفين اتمنى ان اضمها بعنف الى صدري ولكنني لا استطيع، لا اقوى على فعل ذلك .. 

فقدت كل قدرة على التركيز لم اشعر براسي أوجسمي، لم اعد ارى شيئا أو اشعر بشيء. أسمع بضع كلمات شبيهة بالاحلام تقول لي : 
ـ "انت الان تقترب من الحديقة ،انت الان بالحديقة ".. 

ارى حديقة منزلنا ..ارى شخصاً ملقىً على الارض ...انه انا ،نعم انا، ارى نفسي ..ارى امي تحضر الى الحديقة تقترب تحاول ايقاظي ..حسن ..حسن تصرخ،تحضر اختي..يحضر الجيران..يحملوني!!! ينقلونني في سيارة...اصل المستشفى ..اطباء .. ممرضات..اجهزة..فحوصات ...ارى بوضوح كل شيء حدث معي، ابتداء من وجودي في الحديقة وحتى لحظة صحوتي من الغيبوبة في المستشفى، بسرعة هائلة تمر الاحداث امامي..كل صغيرة وكبيرة تمر بسرعة .الغريب في الامر اني كنت استطيع ان اصحو في أية لحظة اريد ذلك أن يحدث وانا في المستشفى، لا، لا اريد ذلك ,وبسرعة هائلة ، بدأت اعود الى حيث بدأت، واشعـر بثقل وتعب في كل انحاء جسدي، ترفع غادة يديها عن راسي لتقول لي : 

ـ "هل علمت الان ماذا حدث لك؟ ومن المسؤول عن ذلك ؟انا لم اتخل عنك بالرغم من سخافتك ولكني مهما بلغت من قوة لا استطيع ان اجعلك تفعل شيئا لا تريد انت ان تفعله.. انا آسفة...ولكن لا مفر، إذ كان لا بد من قيامك بهذه الرحلة لتعرف حقيقة نفسك". 

وفجاة اختفت غادة ...جسمي يرتعش ...شعور غريب...كيف استطاعت غادة ان تفعل هذا ؟ما هي القوة التي تملكها ، نعم لقد استطاعت ان تعيدني الى الماضي لكي اسمع وارى كل ما حدث معي ,فذاكرة الانسان تستطيع ان تعود به الى الماضي، ولكن ليس بهذا الوضوح وهذه الدقة، لقد سمعت كل كلمة قيلت، وكل من كان قريباً مني اتذكره ...حتى اصغر الاشياء التي لا تستطيع الذاكرة ان تسجلها ...رايتها بوضوح ...نظرت الى ساعتي وكانت تشير الى الثالثة صباحا ..كم استمرت هذه التجربة..ساعة..ساعتين ..ثلاث ساعات ..كيف حدث واستطعت ان اعيد تفاصيل احداث سبعين يوما. اكثر ما كان يخيفني مما حدث، هو انني كنت ارى نفسي على بعد امتار وكاني "اتفرج" على شخص اخر! ...هل في داخل الانسان قوة تتحكم فيه ولا يستطيع هو فهمها؟...وذاكرة الانسان تدون فقط الاشياء التي يتذكرها ...ولكن هل بالفعل نحن لا نتحكم بتصرفاتنا ؟يا غادة كم انا ضعيف امامك ...كم مرة اخطأت بحقك وكم اسأت اليك...وكم كانت تصرفاتي سخيفة تجاهك يا غادة ...! 

ـ "وانت مجنون من دار اهلك ...ومش ناقصك اللي (يجننك)". 

ـ غادة قولي لي، كيف فعلت هذا؟ وكيف استطعت اعادتي الى الماضي؟ ولماذا لم اكن اتذكر كل هذه الاشياء وحدي؟... 

ـ حسن لا داعي لارهاق تفكيرك، كفاك ما عرفت اليوم، ويجب ان اغادر ... 

ـ غادة ارجوك فقط اجيبي على هذا السؤال . 

ـ "حسن ..." 

ـ غادة ...ارجوك . 

ـ "حسن، كل انسان سليم العقل يستطيع العودة الى الماضي متى شاء، الماضي الذي كان موجوداً فيه فقط الماضي الذي كان يدركه ,فكل الاصوات التي سمعها والصور التي راها يستطيع العودة اليها ولكنكم حتى الان لم تستطيعوا اكتشاف الطريق الصحيح الى ذلك وربما يكون ذلك افضل لكم، فالمئات منكم استطاعوا العودة الى الماضي، وحين وصلوا الى موقف مميز توقفوا عنده لحاجتهم اليه". 

ـ غادة ...اذا كانت لدى الانسان القدرة للعودة الى الماضي فهل لديه القدرة للذهاب الى المستقبل...؟ 

ووقفت غادة وهي تضحك وتشير بيدها نحوي :.. 

ـ "روح يا حبيبي نام احسنلك وسنكمل حديثنا بالغد واختفت من جديد..." 

ومع اختفائها توشح الافق بخيوط الشفق الاحمر معلنا بزوغ الصباح .القيت بنفسي على الفراش لاغط في نوم عميق هادىء، لم اصح منه الا في ساعات الظهيرة، بعد الحاح واصرار من امي على ان استيقظ واستعيد نشاطي وحيويتي لاجلس مع قريباتها اللواتي قدمن لزيارتنا لتقديم التهاني بسلامتي وخروجي من المستشفى، غسلت وجهي واستبدلت ملابسي، وخرجت لاسلم على قريباتي جلست معهن ما يزيد عن ساعتين، بدأ الحديث بالسؤال عن صحتي، وانتهى بآخر اخبار فلانة وعلانة...وبصراحة أقول أن الذي جعلني اجلس معهن كل هذا الوقت الطويل الذي كان بامكاني اختصاره -هو ان خالة امي "ام محمد"، والتي لم ارها الا مرتين في حياتي، بدات تروي لنا بعض القصص عن "الجن "القصة تلو الاخرى ومع ان حديثها عن الجن لم يكن يخلو من السذاجة، الا ان حديثها كان شيقا، وكان ذلك الحديث هو الذي دفعني الى الخوض معها في نقاش كنت متاكدا من سخفه حول الجن وامور الجن وهل يتزوج الجن، وكيف يحب الجن،...؟ وجهت لها اسئلة عديدة اربكت من كان موجودا ، اصبحت الجلسة مملة.استأذنت وتوجهت الى المطبخ حيث كانت امي وقالت لي : 

ـ "اتلاحظ يا حسن انك مهتم بامور الجن اكثر من اللازم...شو القصة ؟". 

فقلت لها : 

ـ كلا يا امي فقط اردت ان اجامل خالتك "ام محمد"وقصصها الغريبة ... 

يبدو ان حاسة امي الغريزية جعلتها تشك في بعض تصرفاتي...وان شكت امي بشيء فانها لا تجعله يمر مرّ الكرام...انقضت الساعات ، الساعة بعد الساعة، تجاوز الوقت منتصف الليل وانا اسير من الغرفة الى الصالة ومن الصالة الى المطبخ ...وبعد ان نام كل من في البيت ,جلست قليلا في الصالة، احسست باحساس قوي جدا ان غادة الان قريبة مني وانها حتى داخل الغرفة...ركضت مسرعا باتجاه غرفتي وكأني اريد ان اختصر تلك المسافة القصيرة جدا ...وما ان وصلت الى غرفتي حتى وقفت بجانب الباب والسعادة تغمرني، وقلبي يكاد يقفز من مكانه من شدة الفرح، تقف غادة متكأة على حافة النافذة المطلة على الشرق ...تنظر عبرها نحو الفضاء بطمأنينة وهدوء، وعلى ثوبها الابيض تناثر شعرها الاسود الطويل وكان نور القمر يتسلل عبر زجاج النافذة، مما جعلها تبدو وكانها لوحة غاية في الجمال، ثبتت على الحائط المظلم وسلط عليها ضوء كشاف مثبت في الفضاء... 

تسمرت في مكاني بضع دقائق وانا انظر اليها ولا ادري ان كانت تراني او شعرت بقدومي...شعورقوي في نفسي يدفعني نحوها بخطى متثاقلة...ازدادت لهفتي ...تمنيت لو ان باستطاعتي ضمها الى صدري وان اسمعها دقات قلبي...شيء قوي يمنعني ...هل هو عدم الجرأة ...أم ماذا لا ادري ...دون ان تلتفت الي قالت : 
ـ "اغلق الباب وتعال الى جانبي يا حسن" 

اغلقت الباب وسرت نحوها .وقفت بجانبها ونظرت عبر الفضاء فلم تشدني النجوم ولا القمر - لتعود عيناي الى حيث استقرت روحي.وفي لحظة جد امتدت يدي محطمة قيد الصمت الذي كبلها تحت اسم -عدم الجرأة - وراحت تداعب خصلات شعرها الناعمة الملساء، وغادة لا تزال تنظر نحو الفضاء ...اما عواطفي ومشاعري فقد اثقلت باحساس جثم ليغلفها بلهفتي المتزايدة ان اضمها ولو للحظة واحدة... اتوق لثغر تبسم، "لخبط كياني"، وعقد لساني، وجعل دقات قلبي تسارع سرعة الصوت ...وقبل ان اتخذ القرار استدارت غادة نحوي وكانها تحثني على ان افعل ذلك ...هممت وقفزقلبي من موضعه لولا انها سارت عدة خطوات وجلست على حافة المكتب. ثم قالت : 

ـ "تبدو اليوم بحالة جيدة يا حسن "...؟ 

ـ ما دمت اراك يا غادة اكون كذلك ...! 

ـ "ولكنك بالامس لم تكن كذلك ......"! 

ـ دعينا من الامس ومن الماضي، وليكن تفكيرنا في الحاضر والمستقبل...! 

ـ "حسن ...المستقبل سيصبح ماضٍ في يوم من الايام...ولا مستقبل دون ان يحدد الماضي معالمه... والهروب من الماضي هروب من المستقبل" . 

ـ غادة ...دعيني أمنح عقلي هذا اليوم اجازة لأستريح من عناء التفكير ...في هذه اللحظة لا اريد التفكير الا فيك يا غادة، وبوجودك جانبي 

ـ حسن ...ستفكر في غادة ولكن أهي غادة المستقبل ام غادة الماضي... 

ـ انت بالنسبة لي مثلاً ٌ للحب، وقدوة من اجل البقاء، وانت النور والدلال، انت يا غادة كلمة لم يحويها المعجم ,انت المستقبل والحياة.. 

ـ "لكن بعد مغادرتي يا حسن،ساصبح انا ايضا في ذاكرتك ماض، فهل ستبقى تفكر في الماضي...؟ 

ـ نعم، الماضي الذي نسجته أنت هو الذي سيمدني بالقوة والامل للقاء الغد المشرق بوجودك يا غادة ... 

ـ "واذا لم اكن فيه يا حسن" ؟ 

ـ غادة ارجوك دعينا من الافكار وهذا النقاش الذي "يغص" البال...! 

ـ "ارأيت يا حسن ,كيف تهرب من المستقبل، فاذا كنت تهرب من الماضي لانه ليس فيه كل ما تريد، وتهرب من المستقبل اذا لم يكن فيه ما تريد فالى متى ستظل تهرب يا حسن .."! 

ـ ما هي السعادة يا غادة ؟انها لحظات نقتنصها من الحياة وتتلاشى هذه اللحظات بمجرد التفكير بانها سوف تنتهي ... 

ـ "حسن اني خائفة عليك من الغد ,فلا ادري ان كنت ساكون فيه ام لا؟ ولا اريد ان حدث شيء ما وانتهت علاقتنا ان تهرب من الواقع وتتعرض لما تعرضت له في السابق "... 

ـ غــــادة ، ماذا يجول في خــــاطرك ...ولأي شيء تمهـدين ...!! 

ـ "انا يا حسن لا امهد لامر خاص ، ولكن حين افكر فيك اشعر ان من الافضل ان تنتهي علاقتنا عند هذا الحد .. 

ـ اني احبك، اعشقك ...ولا اريد الحياة بدونك 
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 8:16 am

ـ "وانا ايضا احبك يا حسن ..." 

ـ يا الله ما اجمل كلمة الحب تلك التي تنطقين بها يا غادة، اعيديها مرة اخرى ولتنتهي حياتي بعدها . 

ضحكت غادة وضحكت ... 

ـ "ولكني لا اريد ان تنتهي حياتك يا حسن". 

ـ نعم انا احبك ولكن هذا لا يغير من الواقع شيئا . 

ـ ان هذا الحب جنون والاستمرار فيه جنون، ولن يجلب لنا سوى العذاب والالم ,فأنت من عالم، وانا من عالم اخر، ولن يستطيع هذا الحب ان يغير طبيعة الحياة ".

عبرت رأسي فكرة مجنونة لم استطع مسك اعصابي...صرخت كالتائه الذي وجد ضالته فاهتدى...كمن كان يبحث عن شيء فقده ووجده فجاة...وخيل الي ان كل من في البيت سمعني حينما قلت: 

ـ "غادة ..حبيبتي لماذا لا نتزوج؟ " 

وما ان لفظت هذه الكلمة حتى بدات غادة تضحك وتضحك بجنون ...خشيت عليها ان تصاب بالاغماء من شدة الضحك، أما أنا فلم أكن أعرف ما الذي يضحكها، ولكن سبحان الله رب العباد خالق كل شيء...سبحان الذي خلقها ...ما اجمل ضحكتها ...سرحت في محراب جمالها ولم اصح الا حين قالت : 

ـ يا حسن هل تعي ما تقول ؟ 

ـ نعم لماذا لا نتزوج يا غادة ...؟ 

صمتت واخذت ترمقني بنظرات لا تخلو من بعض السخرية، ورسمت على شفتيها ابتسامة خفيفة . 

ـ "حسن ..صحيح انك مجنون، انت لا تعرف عني شيئا ولا عن عالمي وتريد ان تتزوجني ". 

ـ غادة انا لا اريد شيئا غير ان اتزوج منك فهل هذا بالمستحيل؟! 

لحظة صمت أحاطت بأفكار غادة، راحت افكارها تتسارع ...بدا ذلك واضحا على ملامحها حين اطلقت العنان لاناملها تداعب ثنايا وطيات ثوبها الحريري تارة، وتعبث ببعض خصلات شعرها المنثور على الثوب تارة اخرى . وبصوت هادىء كالذي خرج من نفق عميق ،وبشكل جدي رتيب خلى من أية سخرية او مزاح قالت 

ـ "كلا يا حسن هذا ليس بمستحيل ...!ولكنه جنون، بل عين الجنون "...!! 

ـ اهلا بالجنون ما دمت انت فيه يا غادة 

ـ "حسن اني اخشى عليك ،اخشى ان افقدك، او تفقد نفسك، فانت لا تدري هول المتاعب التي ستواجهها بسببي.." 

ـ انا على اتم الاستعداد لمواجهة الدنيا باسرها اذا كان الامر يعني الزواج منك يا غادة . 

ـ "طيب يا حسن كيف بدك تتزوجني" ؟! 

ـ اتزوجك مثل كل الناس. 

ـ" ولكني لست من الانس" ! 

ـ اتزوجك على طريقة الجن. 

ـ "ولكنك لست من عالمي" . 

ـ لماذا تعقدين الامور يا غادة ؟! 

ـ "حسن من الممكن استمرار علاقتنا بكافة اشكالها وبدون تعقيدات..." 

ـ غادة ولكني اريدك ان تبقي معي دائما , 

ـ أو تظن ان تزوجتني أني سابقى معك دائما ؟ 

ـ ولم لا يا غادة ؟ 

ـ "حسن، انا لست انسية لتمتلكها" . 

ـ انا احبك ، وزواجي منك لا يعني ان امتلكك ...! 

ـ "اذا ماذا يعني ذلك يا حسن ؟" 

ـ يعني اني احبك واريد ان تبقي معي، ويشعر كل منا اننا روح واحدة.وبصراحة يا حبيبتي اني,لا استطيع ان اعبر عن مشاعري 

ـ طيب وكيف الطريق الى ذلك ...؟! 

ـ ان اتزوجك 

ـ وكيف سيتم الزواج ؟ 

وهنا لم استطع الاجابة فانا اعرف ان الزواج عندنا نحن البشر عقد وشهود وحفل ...الخ , ومراسيم الزواج عند البشر لا تختلف كثيرا بين ديانة وديانة ,اما عند الجن فكيف لي ان اعرف؟! . 

ـ"لا اعرف يا غادة، فحين فكرت في الموضوع، فكرت فيه على طريقتنا نحن البشر ". 

استغرقت غادة في التفكير قليلا وقالت والابتسامة تزين شفتيها: 

ـ "اتعلم يا حسن ان افكارك المجنونة تشدني ". 

فرحت بل طرت من الفرح للكلمات التي قالتها غادة واشعرتني بموافقتها المبدئية على موضوع الزواج .وقلت: 

ـ اذاً انت موافقة...؟! 

ورمقتني غادة بنظرة حادة بطرفي عينيها الواسعتين السوداوين تزامنت مع ابتسامة ساحرة لا تخلو من بعض الخبث وبصوت رخيم ممزوج بالسعادة والتحدي قالت : 

ـ" انا موافقة يا حسن..." 

وما ان تفوهت بتلك الكلمات وارتد صداها في اذني حتى اقتربت منها وامسكت بيديها ,فتوسدت يداها الناعمتين راحتيّ يدي، وقلت لتوكيد ما قالت : 
ـ حبيبتي غادة هل انت حقا موافقة ...؟ 

ضحكت بصوت مسموع ...فتراخت كفتاها في راحتي بشكل عفوي ,وعندها عرفت معنى السعادة الحقيقية اذا ملكها الانسان للحظة واحدة ـ غادة ...حياتي ...انت لا تمازحيني.. 

ـ كلا يا حسن، مثل هذه الامور لا تحتمل المزاح. والان ماذا سنفعل يا حسن ...؟". 

سكتت عن الكلام ..وراحت ترمقني بنظرات خبيثة والابتسامة لا تفارق شفتيها في انتظار ردي وهي تعلم تماما ما يجول في خاطري، وتعلم مدى حيرتي وعدم قدرتي على التركيز ... 

صراع بيني وبين نفسي ...لقد وافقت غادة على الزواج، ماذا عساي ان افعل الان، كل ما يمكن القيام به لمثل هذه المناسبة: حفل الزواج ومراسيمه التقليدية: خطوبة، "دبل"خاتم الزواج حفل غناء ، اصدقاء...اهل ...لم اتمالك نفسي من الضحك حينما تخيلت اني واقف امام والدتي واطلب منها ان تذهب الى اهل غادة من الجن لتطلب يدها لي ...وتخيلت حماتي الجنية،ويا سلام حينما تغضب مني ماذا ستفعل، افكار مجنونة ومضحكة وجميعها مقرونة بما يحدث في عالم البشر.. 

كانت غادة تنظر الي بدلال ، وعيونها لا تخلو من لفتات الاطفال البريئة الخبيثة معا، وبصوت ناعم ورقيق نادتني : 

ـ اه يا حسن ..". 

وتكررت هذه العبارة بين الحين والاخر، وهي تضحك بسعادة مفرطة لا تخلو من السخرية متعمدة بذلك احراجي منتظرة استسلامي لاقول لها: لا اعرف وهنا اعلنت استسلامي، وقلت لها : 

ـ اسمعي يا حبيبتي. انا لا اعرف شيئا ...ساعديني انت كيف سنتزوج..؟ 

قالت وهي تضحك : 

ـ بصراحة ، بصراحة ، يا حسن ان طريقة الزواج عندكم جميلة .وانا اريد ان يكون زواجي منك حسب طريقتكم" وما ان اتمت عبارتها هذه حتى خرجت من فمها ضحكة عالية .. 

ـ غادة ارجوك بدون مزاح ... 

ـ "طيب يا حسن لندع المزاح جانبا ...طبعا لا يمكن ان اتزوجك على الطريقة المتبعة في عالمكم..ولكننا سنتزوج على نفس طريقتنا ,باستثناء بعض الامور كأن لا يحضر هذا الزواج احد لا من عالمك ولامن عالمي .. لان احداً لا يستطيع الحضور ،و لن يقبل احدهم الحضور، لان كل من يحضر سيعرض نفسه للعقوبة، فبحضوره يكون قد شجع على خرق قوانين عالمنا...والمهم قبل ان يتم عهد الارتباط يجب ان تكون ادركت تمام الادراك الامر الذي انت مقدم عليه ...ففكرة الزواج التي براسك مقرونة بعالم الانس، لهذا تجد انك قادر على اتخاذ القرار بدقائق، وان وجدت انك قد اخطات او تسرعت في اتخاذ القرار بعد الزواج، فستجد الف طريقة للخلاص منه...اما في عالمنا فالامر مختلف كثيرا لأن الارتباط في عالمنا لا يمكن فكه بسهولة...وزواجنا نحن وخاصة وانت من عالم وانا من آخر فأنه سيكون اكثر تعقيدا بكل تفاصيله...بل هو تحدٍٍٍِ كبير للنظام في عالمينا . 

فقلت لها وقد فاض صبري: 

ـ انا يا غادة ادرك كل شيء ، وعلى استعداد لكل شيء ... 

فقالت بنبرة غاضبة قليلا : 

ـ انك لا تدري يا حسن فلا تتسرع قبل ان تفهم ...حين تتزوج مني سترتبط بعالمي ولن تستطيع العيش فيه وستفقد الكثير من حريتك في عالمك، ولن يعود هناك شيء يخصك وحدك، فلا تفريق بين ما يعنيني ويعنيك. لن تستطيع الزواج او اقامة أية علاقة مع انسية، وان حدث ذلك سيكون اخلالاً بعهد الارتباط واجمالا الارتباط يشمل كل شيء ما عدا الامور التي لا نتحكم فيها وتفوق قدرتنا كانجاب الاطفال مثلا، وهذا لا يتم بسبب اختلاف عالمينا وتكويننا وتركيبتنا ولا تحكمه ارادتك او ارادتي ... 

حسن قبل ان اغادر هناك شيء مهم يجب ان تدركه جيدا انك تستطيع الان وبسهولة ان تنهي هذه العلاقة التي تربطنا لتبقى ذكرى جميلة. حسن ساتركك الآن تفكر بشيء من الهدوء فيما قلته لك. وعودتي او غيابي عائد لقرارك يا حسن ...". 

واختفت غادة ، وتركتني في صراع، فهل يعقل اختيار الفراق... لا لن يحدث هذا، فغادة هي الروح وهي الحبيبة والامل ومن دونها لا استطيع الحياة ...وهُزم صوت العقل والمنطق في اعماقي وكانت خطوتي الاولى قراراً اتخذته بمحض ارادتي، دون ان يتمكن عقلي ان يعدل عاطفتي عنه ، بل زاد تصميمي عليه وتمسكي به اكثر فأكثر وبقيت اسيرالزمن، اعد الساعات في انتظار غادة كي ابلغها بما عقدت العزم عليه حيث لن يثنيني عن الزواج منها أي كائن. وحضرت غادة وما ان وقع بصري على وجهها الجميل حتى انطلقت من فمي الكلمات تسابق قوة البصر... 

ـ غادة حبيبتي ساتزوجك.ولن تستطيع أية قوة في العالم ان تحول بيني وبينك منذ هذه اللحظة..لن اسمح لاحد ان يفرق بيننا يا حبيبتي حتى ولو كان عمري هو الثمن ..فحياتي فداك يا روحي.. 

واخذت غادة تتأملني ثم قالت : 

ـ "كنت اعلم بان هذا سيكون قرارك وكل ما اتمناه ان لا ياتي اليوم الذي تندم فيه على هذا القرار يا حسن ...". 

ـ غادة يا احلى الاسماء، لن اتراجع، ولن يثنيني احد عن قراري حتى لو اظلمت الدنيا فأن ابتسامتك ستنير حياتي . 

قالت : 

ـ "حسن انا ايضا احبك حبا جعلني اتمرد على كل شيء...". 

ـ حبيبتي، اذاً هلمي نتوج هذا الحب بزواج يجمعنا الى الابد. 

وابتسمت وقالت : 

ـ "على طريقة عالمك ام عالمي ...". 

قلت لها : 

ـ كما تشائين يا حياتي .. 

قالت لي : 

ـ" ليكن يا حسن ...". 

واقتربت مني بخطى واثقة وعيونها تسبقها الي، امتدت يدها اليسرى لتشابك يدي مثيلتهاو لتتشابك اصابعنا .وقالت: 

ـ "لنعلن معا عن رغبتنا بالارتباط الابدي على هذا النحو :اعلن عن رغبتي بالارتباط بحسن الذي اراه يقف امامي، واسمع صوته، وامسك بيده اليسرى، واحس بوجوده". 

وبعد ان انهت ميثاقها، طلبت مني ان اعيده فقلت : 

ـ اعلن عن رغبتي بالارتباط بغادة التي اراها تقف امامي، واسمع صوتها ،وامسك بيدها اليسرى، واحس بوجودها. 

وانهيت كلامي وهي تنظر الي وما زالت يدها بيدي، وخيم جو من الصمت علينا وانا اترقب الخطوة التالية والفضول يقتلني، ولحظات الصمت تحرقني وصبري بدأ ينفذ وانا انتظر، ولا افهم شيئا مما يحدث، وبرقة النسيم وخفة القطة المدللة،سحبت اصابعها من بين اصابعي، وبرشاقة ريم استدارت وسارت بخطى واثقة عدة خطوات، وما ان دنت من سريري حتى القت عليه جسدها المتدفق بالانوثة وكانها سمكة تغوص بمهارة فائقة في عمق البحر، استلقت على السرير.. 

نظرت الي وفي نظراتها رأفة بحالي وقالت : 
ـ كل شيء، كل ما يتصوره عقلك يستطيعون ان يفعلوه يا حسن ما دام الخوف بداخلك". 

وبدأت اتخيل عشرات الاشياء التي من الممكن ان يفعلها الجن بي، واجهد نفسي ان لا اظهر امامها باني خائف، مع ان الخوف قد اغرقني... 

وابتسمت غادة وقالت لتعيد لي الثقة بنفسي: 

ـ "يا حسن، "الكاتو" فعلا يستطيع ان يفعل بك أي شيء ما دمت ضعيفاً امامه، ولكنك تستطيع مواجهته وبمقدورك ان تكون اقوى منه اذا ملكت الارادة لذلك، فقوة "الكاتو" يستمدها من ضعف الاخرين ومن خوفهم". 

وسألتها كالغريق الذي يبحث عن طريق للنجاة: 

ـ وانت يا غادة لابد وأن تكون لديك طريقة ما، وخاصة وانك منهم، ولديك نفس القوة الخارقة التي يملكونها، الا تستطيعين عمل شيء لنتخلص من هذه "الورطة"؟ ... 

قالت : 

ـ ليتني استطيع يا حسن، "فالكاتو" اقوى مني بكثير، وانا خاضعة لقوانينهم وكل شيء استطيع ان اعمله يعتمد عليك انت، لانك لا تخضع لقوانينهم، وانت بارشاد مني تستطيع ان تواجههم ...". 

إن ما قالته غادة زادني خوفا على خوف، فان كانت غادة بقوتها الكبيرة تخشاهم وتخاف منهم، فكيف لا اخاف منهم وانا لا ادري من هم، ومتى سيظهرون، وفي أي وقت، ليلا ام نهارا...يا الهي اية "ورطة"وقعت فيها ...ورمقتني بنظرة غاضبة ... 

ـ حسن خوفك هذا سيقضي عليكّ، فأي جبان انت...الخوف شل عقلك..قبل ان يحدث شيء ، لم اتصور بأنك جبان الى هذه الدرجة فخوفك هذا سيعجّل في نهايتك ونهايتي ,حبيبي حسن ارجوك لا تضع الوقت وتعلّم كيف تواجههم ...". 

ـ كيف يا غادة ؟كيف ؟؟! 
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 8:18 am

انتصارك على خوفك، قد يكون الخطوة الاولى نحو هزيمة "الكاتو". 

وبدأت اتمالك اعصابي واهدىء من روعي، وتذكرت ما قاله الشاعر :"واذا لم يكن من الموت بد، فمن العار ان تموت جبانا "،وسألت غادة: 

ـ ماذا يجب ان افعل ,اعذريني، فانا فعلا لا ادري شيئا . 

ـ "طيب يا حسن .أوْلاً يجب ان تعلم بان الصورة التي رسمتها بخيالك انت وبنو البشر عن طبيعة وقوة العالم الاخر صورة خاطئة. وحسب معلوماتي عن العالم الذي امامنا والذي يحكمه "الكاتو"، فإن "الكاتو" لا يستطيع ان يوجه لك ضربة ولا يستطيع ان يسبب لك أي اذى ماديا ملموسا مهما كان نوعه، فهو لا يستطيع ان يعذبك او يقتلك او ينقلك من مكان الى مكان، ولكن اي انسي يستطيع ان يسبب لك اذى مباشراً وسريع و"الكاتو"يعجز عن ذلك .وعليه فان الخوف من عالمنا ومن "الكاتو"مبني على الصورة الغبية المرسومة في خيالكم، والتي صورتموها على مر السنين عن قدرتنا, كأن نبني لكم القصور في دقائق، ونهدمها فوق رؤوسكم في دقائق. 

وبالطبع فأن هذه الافكار الغبية التي تحملونها في عقولكم عنا هي التي حولتكم في نظر العالم الاخر من اسخف المخلوقات واضعفهم ...افهمت الان يا حسن ما لم تستطيعوا ان تفهموه على مر السنين؟؟!" 

وكم كنت سعيدا عندما سمعت هذه الكلمات ووجدت بان خوفي لا مبرر له .وعدوي الجن الذي ظننت ان له امكانيات هائلة، ما كانت الا وهم وخيال، رسمتها انا في خيالي، وبدات السعادة تغزوملامحي، وعادت الطمانينة والابتسامة الي ، لم يعد هناك ما يخيفني .وقالت غادة بلهجة ساخرة... 

ـ "جميل انك استعدت شجاعتك بعد ان شعرت بضعف خصمك، واتمنى ان تحافظ على هذه الشجاعة يا حسن، ارجو ان تفهم كلامي جيدا، فما قلته لك يعني بان "الكاتو" لا يعتمدون في حروبهم على المادة والامور الملموسة مثلكم بني البشر. انتم تقيسون قوتكم بقدر السلاح الذي تملكونه، ولا تخف يا حبيبي اذا قلت لك بان كل سلاح عالمكم من السكين وحتى الطائرة لا يستطيع حمايتك من "الكاتو"،"فالكاتو" حينما يخوض حربا ضد انسان من البشر، يخوضها ضد هذا الدماغ الذي تحملونه، ولا تدرون حتى الان كيف تستخدمونه.صحيح ان "الكاتو"لا يستطيع ان يقتلك، ولكنه يستطيع ان يجعلك تقتل نفسك بارادتك.لا يستطيع ان يصيبك باذى مباشر ولكنه قادر على ان يجعلك تصيب نفسك بالأذى الذي يريده هو، و"الكاتو" يفضل ان تصاب بالجنون وهو قادر على ذلك وهذا يكفيه ويسعده، خاصة وان هذا اسلوبه المفضل مع اعدائه من بني البشر، و"الكاتو"يتفنن في اختيار الطريقة المناسبة لذلك، وانت يا حسن دورك الاتي.وسيسخر "الكاتو" كل امكانياته للسيطرة على دماغك حتى يستطيع القضاء عليك، والخوف هو من انجح الاساليب التي يستخدمها "الكاتو"مع البشر، فهو يوهم خصمه ويدخل الخوف الى داخله، حتى يصبح خصمه غير قادر على التفكير.وحربك مع "الكاتو"يا حسن هي من اعقد الحروب واخطرها، فان ضعفت ولو للحظة،ستكون نهايتك وبعدها ستكون نهايتي. افهمت يا حبيبي؟". 

لم افهم كل ما قالته لي غادة وقتها، ولكني كونت فكرة لا باس بها عن اسلوب الجن او "الكاتو"للقضاء على البشر،فما دام الجن لا يستطيع فعلا كما كنت اتخيل ان يحرقني او يقتلني او حتى يعلقني من شعري فأنه لا يوجد شيء يستحق الخوف او التفكير، ويبدو لي انهم اضعف مما كنت اتصور وقلت لها: 

ـ وانت يا غادة ماذا يستطيع ان يفعل لك وخاصة انك خرقت قوانينهم ؟ 

ـ "الكثير الكثير يا حسن .لا ادري الآن ما هو العقاب الذي سيتم الحكم به علي، ولكنه لن يكون عقابا بسيطا فالذي يقوم من عالمنا بالاتصال بالبشر، يكون اول عقاب له ان تصبح حريته مقيدة بكل شيء، فلا يملك اي شيء ولا يستطيع اختيار أي شيء ,ومن ثم تتم محاكمته ، ويكون الحكم بناء على حجم الامور التي ارتكبها، فالاتصال بأنسي عقابه يتحدد بناء على الاسباب التي دفعته للاتصال بالأنسي ...ولكن ان يقوم احدنا ببناء علاقة والزواج بانسي فهذا عقابه كبير جدا ، والتحدث مع انسي عن عالمنا وخاصة عن الامور التي تعتبر اسراراً ، فعقابه ان يتمنى الذي يقوم بذلك الموت بسرعة لان الموت ارحم له بكثير ... 

وضحكت غادة ضحكة مجنونة مليئة بالتحدي والشجاعة وقالت: 

ـ "وانا يا حبيبي لم اترك شيئا لم افعله ..لقد اتصلت بك واحببتك وسأتزوجك ...وها نا افشي لك باسرار عن طبيعة عالمي...وليحدث ما يحدث فلن يهمني شيئا ...". 

ـ غادة حبيبتي ، حياتي، لماذا فعلت هذا ؟لماذا يا غادة ؟ 

ـ "لأني احبك يا حسن، ولن استطيع ان اصدر الاوامر الى قلبي كي لا يحبك ... حسن...احبك فعلا ...احبك بجنون ولن يهمني ما سيحدث ". 

ـ غادة لماذا لم يعاقبوك حتى الان وخاصة وانهم يعرفون عنك كل شيء.؟ 

ضحكت وقالت: 

ـ " لن تصدق". 

ـ وما هو الشيء الذي لن اصدقه يا غادة ... 

( ربدا وعودة حسن ) 

غريبة جدا علي و مألوفة لها، وسرنا، ولا ادري كم سرنا وكم من الوقت مضى علينا، ولم ادر او افهم أي شيء، فعقلي فقد القدرة على التصور والتعقل ,فانا اتنقل من شيء غريب الى شيء اغرب، حتى انني اصبحت على قناعة بانه ليس من الغريب حتى لو اني رايت حمارا او كلبا او أي حيوان اخر ينادي علي باسمي. بدات اتخيل بانه ربما بعد قليل سأرى خنزيرا او حمارا يقول لي كيف حالك يا حسن ...واخذت من ثقل التفكير اتخيل اشياء سخيفة ,وغادة كعادتها لم تعجز عن قراءة افكاري، وابتسمت ابتسامة ناعمة لا تخلو من الاحزان على المصائب التي حلت بها بسببي وقالت: ـ "حبيبي ...الحيوانات لا تتكلم اطمئن فانت لن ترى هنا ايضا حمارا او خنزيرا يناديك باسمك ,ويسالك عن حالك وعن صحتك ولكن قد ترى بعض الحيوانات التي لم ترها من قبل، والتي تعيش في باطن الارض وفي الكهوف وطبعا هي ايضا لن تسألك عن صحتك وانما ستقوم بافتراسك لترى ان كان طعم لحمك لذيذا ام لا، وانا متاكدة بانك ستكون الذ وليمة مرت عليها في باطن الارض". وضحكت غادة ،وابتسمت انا واخذت انظر حولي وانا افكر..فعلا هذا ما ينقصني ان اصبح وليمة لحيوانات لا اعرف شكلها. 



الا يكفي الجن الذي يطاردني والقط الاسود الذي يراقبني. اتلفت حولي بخوف وانا اتخيل في كل لحظة بانه سيقفز علي حيوان ويفترسني، نظرت الي غادة نظرة سريعة ثم قالت: 
"لاتخف فانا معك واستطيع ان احميك". واستمرينا بالسير لساعات طويلة، واثناء سيرنا توقفت غادة فجاة وابتسمت وقالت ساخرة : ـ "حسن ..اتحب ان ترى احد الحيوانات التي يسعدها ان تاكلك" ـ ولم لا، فانا يسعدني ان اتشرف بمعرفتها . وضحكنا معا . وقالت : ـ" تعال ورائي".. واخذت طريقا جانبية وسرنا بها قليلا ثم وقفت ثانية وقالت : ـ " انظر الى اسفل" .. فنظرت ولكني لم استطع ان ارى شيئا، فقط سمعت اصواتاً رهيبة. دبت القشعريرة في بدني، وقلت لغادة: ـ انني لا ارى شيئا .. فامسكت غادة بيدي وسارت بحذر لأكثر من خمسين متراً، حينها بدأت أرى بوضوح اكثر، فنظرت حولي وكانني قد خرجت من كهف في راس جبل، ونظرت منه الى واد سحيق ,وكل هذا في باطن الارض، أرى حيوانا يشبه (الحرذون ) في شكله،اما الحجم فلا مجال للمقارنة ,فحجمه بلامبالغة يعادل حجم بناية مؤلفة من عشر طوابق ,وانا وعشرون مثلي ربما نكون له مجرد لقمة واحدة لا اكثر. قالت لي غادة بأنه من اضخم الحيوانات الموجودة في باطن الارض, وبانهم يطلقون عليه اسم(ربدا) لانه من الغباء بحيث يلتهم ابناءه ظنا منه بانها حيوانات اخرى، واحيانا يطعم ابناءه لحيوانات أخرى ظناً منه بأن تلك الحيوانات هي أبناؤه. وهو ايضا من شدة غبائه حينما يتحرك ولضخامة جسمه يرى ذنبه يتحرك فينقض عليه ظاناً بانه حيوان اخر ,فيغرس اسنانه بذنبه وبعدها يبدا بالصراخ من شدة الالم ,وهذا هو (ربدا )الحيوان الاشد غباء في باطن الارض ,والذي يعيش منذ الاف السنين، ولم يتعلم حتى الان ان يعرف ذنبه ,او ان يميز بين ابنائه وبين الحيوانات الاخرى ,ويكبر ابناؤه ليكرروا نفس العملية ويبقى ربدا، وعندنا حينما يكرر احدنا الخطا نفسه للمرة الثانية يهزأ منه الاخرون ويطلقون عليه اسم (ربدا)حتى اصبح هذا الاسم من الامثال الشائعة في عالمنا مثل:"لما تفهم ربدا "،"وعد ربدا "الخ ... وايضا في عالمي فهو احد الاسماء التي تطلق على بني البشر،وانا متاكدة بانهم الان حينما يتحدثون مع بعضهم بموضوعي فهم يطلقون علي اسم (ربدا )... شدني حديث غادة عن (ربدا )وغبائه وعن حياته ,وكلما تذكرت مصائبي اتذكر (ربدا )واخذت اخاطب نفسي باسم (ربدا )واقول لنفسي : ـ ليش يا "ربدا" ما تعلمت من اولها ...؟؟ 

Cant See Links 

وسرنا واخيرا بدأت اشعر بالنور حينما وصلنا الى نهاية الكهف، وحينما وصلت الى بوابته رأيت السماء ورأيت الشمس وشعرت بالدفء الحقيقي ,وشعرت بالحنان والراحة ..انا الان على سطح الارض..ولكن اين ..؟وفي اية بقعة من الكرة الارضية؟ انا لا اعرف ..المهم انني في عالمي وعلى سطح الارض . وجلست غادة على الارض حزينة مهمومة كئيبة، واقتربت منها وضممتها الى صدري، ولا ادري هل أواسيها ام أواسي نفسي، فكلانا ينتظر المصير المجهول ولكن حبيبتي غادة فقدت كل شيء، فقدت الاستقرار والامان وحكمت على نفسها بان تبقى مطاردة، تهرب من مكان الى اخر ,وحيدة، حزينة، واشد ما كان يؤلمني هو ضعفي وعدم قدرتي على مساعدتها، فأنا لا استطيع ان افعل لها شيئاً. وبكلمات هادئة وحزينة قالت لي : ـ "لا عليك يا حسن، فانا استطيع ان اتدبرامري، واعتاد على هذه الظروف، ولكن ارجوك اهتم انت بنفسك جيدا. وبعد ساعات سينتصف الليل وسأعيدك الى بيتك". وبأجواء مشحونة بالحزن والالم والقلق مما يخبئه لنا القدر انتصف الليل. وقفت غادة وامسكت بيدي ونظرت بعيني، فبدأت افقد توازني وقدرتي على التركيز ,وشعرت باني اطير بدون جسد، وما ان بدات استعيد توازني حتى نظرت حولي لاجد انني بقرب البيت ولا ابعد عنه الا عدة امتار، وغادة ما زالت تشد يدي وكانها لا تريد ان تتركني ,وبقينا للحظات لا نتكلم، كنا ننظر الى بعضنا البعض وحسب... 


عودة حسن الى بيته 



وقالت غادة بنبرة حزينة جدا : ـ يجب ان اتركك يا حسن لتعود الى اهلك ,وساعود اليك بعد ذلك . وامسكت بيدها بقوة وانا لا ادري ماذا اقول لها ,وبدات تسحب يدها من يدي وهي تبكي ,لتحرقني بدموعها..فلم اتمالك نفسي وبدأت ايضا بالبكاء ,واختفت غادة وجلست ابكي وقلبي يتمزق من الحزن على هذه المخلوقة التي كتب عليها ان تبقى مطاردة ,اي مصير هذا ...ومشيت ووصلت الى البيت . فتحت اختي لي الباب وما ان راتني حتى تغير لونها وشحب وجهها ولم تتكلم كلمة واحدة ,جلست على الاريكة لارتاح قليلا فرحت أغط في نوم عميق . وحينما افقت جاءت الي اختي وقالت لي : ـ سأحضر لك الطعام، وقد أحضرت لك ملابسك لتستحم،فتوجهت الى الحمام وحينما نظرت الى المراة لم اعرف نفسي ,فهذا ليس شكل حسن ,ذقني طويلة ,وملامحي طرأ عليها تغير كبير وواضح، والمفاجاة الحقيقية هي ان شعري الذي لم اعتد على ان يكون طويلا قد اصبح طويلا بشكل مميز ,وقد ارتديت ملابسي وبدات ابحث عن امي في انحاء البيت ,فلم اجدها. فسالت اختي عنها فقالت لي بانها قد خرجت وستعود بعد قليل. تناولت الطعام واختي ترمقني بنظرات غريبة ,وما ان انتهيت حتى سألتني بهدوء 


-: ماذا حدث لك يا حسن ؟اين اختفيت كل هذه المدة ؟؟ فسالتها باستغراب : ـ لماذا ؟كم مضى على غيابي ؟؟ فقالت لي : ـ اكثر من اربعين يوما. صمت قليلا وبدات استعيد ما حدث معي منذ لحظة خروجي مع غادة، ومع هذا لم يكن مفاجئا لي ان اكون قد قضيت اربعين يوما او حتى سنة، فهذا الامر اصبح عاديا لي بالنسبة لما رايت، فعادت وسالتني: ـ هل نظرت الى نفسك في المراة ,ماذا حدث لك وما كل هذا الشيب الذي في راسك ؟؟ ام انك ستقول لي بانك صبغت شعرك باللون الابيض يا حسن ,نظرت اليها واخذت اضحك واضحك...وهي تنظر الي باستغراب وقلت لها وانا اضحك كالمجنون واتذكر غادة ومصيرها المجهول وابكي واضحك : ـ هل انت مصرة على ان تعرفي اين كنت ؟ نظرت الي باستغراب وقالت 

ـ نعم يا حسن ...فقلت لها وانا اضحك : ـ لقدكنت في عالم الجن ...مع زوجتي الجنية غادة ,كنت هناك كل هذه المدة فهل عرفت الان اين كنت ام انك تظنين بانني اصبت بالجنون. ولا ادري لماذا قلت لها، ولكني بحاجة الى ان اتحدث مع انسان، بحاجة لان يعرف شخص بقصتي، ويكفيني الم وحزن ونظرات الريبة والاستغراب ممن حولي، يكفيني الجن ومطاردتهم لي ,فلست بحاجة لان اطارد ممن هم حولي بنظراتهم المريبة ...نعم كنت بحاجة لأن اتحدث ,اريد ان يسمعني أي شخص، لا استطيع الاحتمال فانا انسان ولا استطيع ان احتمل كل هذا ... نظرت الي اختي في هدوء وبدون انفعال، بل انه لم تبد عليها المفاجاة، ربما لانها تصدقني ,او لانها تتعامل معي وفقا للحالة المرضية وتطبق علي ما درسته في الجامعة. لا ادري ولكنها لم تبد أي انفعال لما قلت ,بل على العكس قالت لي بهدوء : ـ حدثني عن زوجتك الجنية يا حسن ... فقلت لها : ـ اتسخرين مني؟ هل تظنين باني مجنون وتريدين مجاراتي على جنوني. ـ كلا يا حسن، انا اختك واقسم بحياة امي اني اصدقك واصدق كل كلمة قلتها ,اريد ان اسمع منك . ولم اشعر بنفسي الا وانا احدثها عن قصتي منذ البداية وحتى لحظة دخولي الى البيت ,حدثتها عن غادة وعما حدث ,وعما سيحدث لي ولها ,وعن المستقبل المجهول حتى لمست وشعرت بانها قد تاثرت ولم تستطع ان تمنع الدموع من السقوط من عيونها,واخذت تسالني عن "غادة " وانا احدثها بحرارة وتسالني عما سيحدث لها واجبتها. وحين سالتني اين هي الان يا حسن، اغلقت عيوني لأراها تجلس وحيدة حزينة مهمومة، ولم احتمل ما رايت واخذت ابكي، 


Cant See Links 


واخذت اختي تبكي معي، وهذه المرة لم اخجل من بكائي بل استمريت بالبكاء لحاجتي لان انفس عما في داخلي من هموم وحزن وضعف ,وفي تلك اللحظات شعرت بحنين إلى أمي ، اريد ان اضمها ..اريد ان تاخذني بحضنها ,اريد ان اشعر بالامان .فسالت اختي: ـ اين امي ولماذا تاخرت حتى هذا الوقت ؟؟ ونظرت الي اختي وقالت بنبرة حزينة والدموع تملا عيونها : ـ حسن.. امي متعبة قليلا، وهي الآن في المستشفى . صرخت بها غاضبا: ـ لماذا لم تقولي لي هذا منذ البداية ؟ ما بها ماذا حدث لها ؟ ـ لا شيء يا حسن . وقفت وقلت: ـ سأذهب لاراها .. وقالت اختي: ـ ارجوك يا حسن اذهب واحلق ذقنك ,وانا سابدل ملابسي لاذهب معك. ,لم يكن لدي الصبرلاحلق ذقني فقط اريد ان ارى امي . وما هي الا دقائق حتى خرجنا من البيت مع احد الاقارب وتوجهنا الى مستشفى في القدس، وقريبي المحترم يمطرني بالاسئلة طوال الطريق ,ولم يكتف بهذا بل قال لي : ـ "الله يسامحك يا حسن هيك بتعمل بامك ,كل اللي صار لها بسببك يا حسن.." وصلنا الى المستشفى وركضت باتجاه الغرفة التي ترقد فيها امي ,وجلست بجانبها واخذت اقبلها، واخذت تبعدني عنها ... ـ ابعد ...ابعد ...انت جني جني .. ـ امي ,ما بك يا امي فامسكت بي اختي وقالت لي : ـ لا تخف يا حسن فقط اصابتها بعض الهلوسة . وجاء الطبيب وسالناه عن حالتها فقال : ـ امك بخير وكل الفحوصات اثبتت انها سليمة وتستطيع الخروج من المستشفى اليوم . وعلمت من اختي بان امي قد اصيبت بشلل بيديها ورجليها منذ حوالي عشرة ايام، وهي تهذي طوال الوقت بان الجن اخذك، لقد اصيبت بالشلل حتى لا تستطيع احضارك من عندهم . والاطباء اكدوا بان الحالة التي تمر بها امي غير ناتجة عن علة جسدية . انهينا اجراءات المستشفى واحضرت سيارة واخذنا امي الى البيت وهي تهذي وتهلوس ,وتارة تقول لي: هل عدت يا حبيبي. وتارة اخرى تبدا بالصراخ علي وتقول انت جني ...انت جني . جلسنا انا واختي نتناقش في حالتها، وهل فعل الجن بها هذا ام ماذا حصل ؟وقالت اختي : ـ كل ما يحدث يثبت بان ما حدث مع امنا هو من فعل الجن ,وهو امتداد لما يحدث معك ,ولا ندري ماذا سيحدث ايضا يا حسن ... نعم هذا بسببي انا ,الله يلعن الجن واليوم الذي عرفت فيه الجن ,امي المسكينة ما ذنبها ليفعلوا بها هذا ولم تقف الامور عند هذا الحد فقط بل لا ادري ان البلدة كلها بدات تتحدث عن بيتنا بانه بيت منحوس ,وان الجن يسكنه ,والكثيرون من اهل البلدة يتحاشون الاقتراب من بيتنا، والاشاعات تزداد ..فلان راى "عفاريت على سطح بيتنا","وفلان راى دجاجة سوداء تتكلم امام بيتنا ","والحجة فلانة رات حمارا ينبح","وحتى جارتنا العمياء قد رات عفاريت قرب منزلنا"،"وقريبتنا الطرشاء ايضا اخذت تروي بأنها سمعت اصوات جن". فاهل بلدتنا النشامى بعد ان ملوا الحديث عن بنت فلانة الحامل بشهرها السادس من فلان وطبعا بعد ان قام اخوتها النشامة بقتلها لغسل عارهم ,ولم يهمهم ان يمضوا بقية حياتهم بالسجن ,ولم يقتنعوا براي الطبيب الذي اثبت بانها ليست حاملا وانها عذراء ,وهل الطبيب يعرف اكثر من اهل البلدة؟ ...طبعا من غير الممكن ,لان اهل البلدة قالوا بانها حامل فهي حامل ,وبعد ان قتلها اخوتها الابطال في نظر اهل البلدة، تغير نوع الحديث .مسكينة .. المجرمون قتلوها ...ليش قتلوها وهي اشرف بنت في البلدة ..الله يرحمها والله كانت كافة خيرها وشرها ,والله كانت تخجل من خيالها . طبعا هذه القصة انتهت وجاءت مكانها قصة بيت الجن والعفاريت، واهل البلدة فعلا يستطيعون ان يروا الدجاجة تتكلم والحمار يغني، فليس من الغريب ان يرى اعمى عفاريت في بيت ابو حسن , 


Cant See Links 



او ان يسمع اطرش اصوات الجن فكل شيء جائز في بلدتنا ,ولكن الغريب فعلا في كل هذا هو ما هي الاسباب التي دفعت اهل البلدة للحديث عن الجن وعن بيتنا ,وهل هي مجرد مصادفة ام ماذا ,قد اصدق انا بأن ما حدث لامي هو من تدبير الجن ,ولكن من المحال ان اصدق أي شيء يرويه اهل بلدتنا..وقصتي انا مع الجن لا يعلم بها احد من البشر سوى اختي، مصادفات غريبة وانا لا ادري ماذا افعل. لا اريد ان يصاب اهلي بسوء بسببي، وامي المسكينة ما ذنبها هل انتحر حتى احافظ على اهلي ؟؟لا ادري ماذا افعل ...؟؟ واختي صامتة وحائرة بامري وبما يحدث لي .وقالت : ـ حسن الا تستطيع الجنية غادة ان تساعد امي ؟ فقلت لها : ـ مسكينةغادة، فمصيبتها اكبر من مصائبنا، وحينما اراها سـأسألها. وفي المساء خرجت للحديقة لعلي استطيع الاتصال مع غادة بالطريقة التي علمتني اياها ,وبعد عدة محاولات حضرت غادة واقتربت مني وقالت : ـ حسن ,انا اسفة لما حدث لامك ,تعال معي لارى ماذا يمكن ان افعل. ـ اختي تجلس معها . ـ "مش مهم، فهي لن تستطيع ان تراني ,وساجعلها تنام فورا". دخلنا غرفة امي وكانت اختي قد نامت، كانت امي هي ايضاً تنام، واقتربت غادة من امي , وقالت لي : ـ "ايقظها يا حسن وتحدث معها ". فايقظت امي واخذت احدثها: ـ كيف انت يا امي ,ما هي اخبارك ... واثناء حديثي مع امي وضعت غادة يدها بلطف على جبين امي ولاادري ان كانت امي قد شعرت بها ام لا، قالت لي غادة : ـ يكفي يا حسن دعها تنام. ورفعت يدها عن جبين امي لتنام امي فورا وسألت غادة : ـ ماذا فعل الجن لامي يا غادة ؟ فقالت : ـ لم يفعل بها احد شيئاً ,وحتى انه لم يقترب منها احد من "الكاتو" او من البشر، وكل ما تقوله امك غير صحيح ,وما هو الا هذيان وهلوسة . فقلت لها : ـ ولكنها مشلولة يا غادة . ـ حسن، قلت لك بان "الكاتو" او غيرهم لا دخل لهم بما حدث لامك . ـ هل تستطيعين مساعدتها يا غادة ؟ ـ "في هذه اللحظة لا استطيع يا حسن ,ومن اجل معالجتها يجب ان اعود الى عالمي لمعرفة بعض الامور التي ستساعدنا في علاج امك مما اصابها". ـ ولكن يا غادة اليس من المخاطرة العودة الى عالمك و"الكاتو" يتربص بك في كل مكان ... ـ "نعم يا حسن هناك مخاطرة، في كل شيء توجد مخاطرة، لكني سأتدبر امري. لا تخف ساذهب واعود اليك بسرعة..." 

وهمت غادة بالذهاب ولكني ناديت عليها : ـ غادة ... والتفت الي.. ـ "ما بك يا حسن، يجب ان اذهب الان ..." ـ غادة انا قلق عليك يا غادة .. ـ لا تخف يا حسن وان اردت ان تطمئن علي وتراني فانا قد علمتك الطريقة.. اغمض عينيك، وركز تفكيرك بي وعندها تستطيع ان تراني مهما كنت بعيدة، ولكني احذرك يا حسن، اياك ان تفقد السيطرة وتنسى نفسك بالتركيز. والان يا حسن ساذهب.. واختفت غادة كلمح البصر سائرة نحو مصيرها المجهول، وانا لا ادري هل ستعود ام لا تعود، وعدت انا الى غرفة امي وايقظت اختي من نومها وقلت لها لاطمئنها ... ـ غادة حضرت ورات امي وقالت لي بان ما حصل لها لم يكن بسبب الجن او غيرهم ،وان ايا من الجن لم يقترب منها .. ونظرت الي اختي باستغراب، وقالت: ـ اذا لماذا لم تساعدها وتشفيها . فقلت لها : ـ انها لم تستطع، ومن اجلها ستعود الى عالم الجن لتعرف الطريقة التي تتم بها معالجة امي، وقد وعدتني بانها ستعود بسرعة... ـ حسن ماذا تقول؟ كيف لم تستطع ,اليست جنية، وهي تستطيع ان تعمل كل شيء، اليس كذلك يا حسن . فضحكت ...وقلت لها: ـ انا ايضا في البداية كنت اظن مثلك بان الجن يستطيعون ان يفعلوا أي شيء، ولكن هذا غير صحيح ,فهم ايضا يختلفون من حيث المعرفة مثلنا نحن بني البشر، فهناك من الجن من هو ملم بالطب، وهناك من هو ملم بامور اخرى. فان كانت غادة جنية، فهذا لا يعني بانها ملمة بالطب والعلاج كاطباء الجن او اطباء البشر، وايضا اريد ان اخبرك بان غادة صغيرة، وبالمقارنة بمعدل الاعمار التي يعمرها الجن فهي ما زالت طفلة. ونظرت الى اختي وقالت : ـ" والله ما انا فاهمة اشي من اللي انت بتقولوا ,المهم انها ترجع وتساعد امي وانا خليت الجن الك وما بدي افكر فيهم مثلك ,لان عقلي مش مستوعب البشر تيستوعب الجن وبلاويهم.." وضحكت اختي وقالت : ـ "حسن شو رايك تسال مرتك الجنية "غادة" اذا الها اخو بلكي اتجوزتوا وصرنا عيله واحدة.." واخذت تضحك وانا اضحك معها وتوجهت الى غرفتي لانام قليلا. وفي اليوم التالي سارت الامور كالمعتاد ،واشتياقي لغادة قد زاد، فقررت ان اراها، وانا اعلم بان هذا ليس بالامر السهل، وانما احتاج الامر الى تصميم واراده وقوة تركيز سترهقني، ولكني صممت واغلقت باب غرفتي حتى لا يزعجني احد، وحتى اوفر الهدوء الذي سيساعدني في عملية التركيز لاستطيع ان اراها، وجلست على الارض، وبدات استرخي وأطرد كل الافكار الاخرى من رأسي ولا افكر الا في غادة، أغمضت عيوني وبدأت ابذل قصارى جهدي بالتفكير فيها، واحاول ان اتخيل اين هي ، أكثر من ساعة وانا احاول ان اكمل عملية الاتصال بها، وشعرت باني فقدت كل حواسي بما يجري حولي او باي شيء اخر، وبدأت ارى غادة بوضوح، اراها تجلس في زاوية في مكان ما، وحولها كمية ضخمة من الاشكال التي تشبه شكل الكتب، ولكن دون صفحات، والتي يشع منها النور، تمسك بواحد وتمسح بيدها عليه ليشع منه نور، وتعيده وتمسك باخر، وتعيده بلمح البصر، اراها منشغلة، ولا اظن انها تراني مثلما اراها. انظر حولها وارى الالاف بل الملايين، لا ادري كم من الكتب او ما يشبه الكتب المرتبة، ولا ادري على ماذا ترتكز وكانها صفت فوق خيوط من نور، وادركت بان غادة موجودة في مكتبه الجن، او ما يشابه هذا المصطلح، اعود باتجاه غادة واراها ما زالت منهمكة في عملها المكتبي كالمحرك السريع،ارى خيطاً من النور يتحرك بشكل دائري حول غادة، شعور غريب بالخوف ينتابني ولا ادري سببه. ولكن هذا الشعور يدفعني لاصرخ بجنون: 


غادة..غادة.. وبدأت أشعر باني اسقط من قمة جبل الى وادٍ فسيح، دون ان ادري ما حدث بعد ذلك ولكني افقت على غادة وهي تمسح بيدها على جبيني وانا ما ازال ارتعش واتصبب عرقا ولا استطيع الحراك. الا انه عندما مسحت غادة بيدها على جزء من جسمي، بدات استعيد قوتي ونشاطي من جديد. مالت غاده وقالت : ـ "يا مجنون، انت تظن انها دقائق، ولكنك تقوم بذلك منذ اكثر من عشر ساعات متواصلة .ولو لم تشعر بأنك يجب ان تصرخ فربما استمريت بذلك لايام او اكثر ". ـ غاده انا كنت اراك بوضوح، وكاني كنت معك ولكني اشعر بانك كنت لا ترينني ... ـ" هذا صحيح يا حسن ,انا لم اكن اراك لاني كنت منشغلة بالبحث عن الطريقة التي تتم بها معالجة امك. ولم اشعر بك الا بعد ان صرخت ولكن قل لي يا حسن :لماذا صرخت واخذت تنادي علي؟؟؟". ـ لا ادري يا غادة ولكني شعرت بان هناك خطرا يحيط بك بعد ان رايت شيئا كالشعاع يلتف حولك.. حضنتني غادة واخذت تقبلني بقوة. واخذت تبكي وتبكي.. ـ "حبيبي حسن ..شعورك هذا صحيح، وحاستك هي التي انقذتني، ولولا حاستك لوقعت في ايدي "الكاتو" ، ولو ان دائرة الشعاع التي كانت تلتف حولي اكتملت لما استطعت الخروج منها . وانا بالفعل مندهشة كيف استطعت ان ترى مصيدة الكاتو التي نعجز نحن عن رؤيتها او الاحساس بها ,وهذا يعني بأنك وبحواسك يا حسن استطعت ان تحطم اسطورة مصيدة "الكاتو".. واخذت غادة تبتسم وملامح الفرح تبدو على وجهها .. ـ اتعلم يا حسن ماذا يعني هذا ,اتعلم ان هذا يعني بان حواس البشر اذا تم التحكم بها والسيطرة عليها، فأنها تفوق قوة "الكاتو" ,نعم يا حسن انت تستطيع هزيمة "الكاتو" ..نعم يا حبيبي ما دمت استطعت ان تكتشف مصيدة الكاتو التي لم يستطع احد من عالمي ان يكتشفها، اتعلم ماذا يعني ذلك: اني استطيع ان اعود لمساعدتك لاكتشاف اسرار كثيرة دون ان يستطيعوا الامساك بي". واخذت تقبلني فرحة مسرورة ولم ارها هكذا ابدا،وحقا في ذلك الوقت لم افهم ماذا تقصد، او لمَ هذا الفرح ولكن المهم انها فرحة وسعيدة، فمنذ مدة لم ارها فرحة او تضحك من أعماق قلبها، فقلت لها: ـ يا غادة، انا بصراحة لم افهم ما الذي تقصدين قوله . ـ "حسن حبيبي، سأعلمك كل شيء فانا الان فقط اشعر بان الصمود بوجه "الكاتو" ليس مستحيلا. ولك ان تفخر بانك تمتلك قوة تفوق قوة "الكاتو" .نعم يا حسن سأعلمك كل شيء وسأساعدك لتفهم كل شيء اكثر ـ غادة حبيبتي المهم هل وجدت طريقة لمساعدة امي ؟؟؟ ـ "نعم يا حبيبي فقد بحثت في آلاف الالواح، حتى وجدت لوحاً كتب فيه عن مثل هذه الحالة، فما اصاب امك هو مرض لا دخل له بالجسد والمادة، اي ان علاجه لا يتم بالمواد أي الادوية، بمعنى اننا يجب ان نقوم بالاتصال "بدماغها "والسيطرة عليه حتى نستطيع ان نعيدها الى حالتها الطبيعية ,وهذا يتم من خلال مسح مجموعة من الاحداث الموجودة في الذاكرة والتي تسببت بفقدان امك السيطرة على دماغها، والحل الثاني هو ان نتركها على حالها هذا حتى تستطيع العودة الى الواقع ولكن هذا قــد يستمر سنــوات اواشهر أو أيام ،فلا احـد يستطيع ان يحـكم ..". ـ غادة ولكن كيف سنفعل هذا ؟؟ ـ" اسمع يا حسن ..هذا امر صعب ويحتاج منا مجهودا كبيرا لعدة أسباب .. أولاً: من المحال الاتصال بدماغ امك وهي في حالتها هذه، ولكننا نستطيع ان ننتهز الفرصة حينما تعود امك الى طبيعتها ولو لدقيقة واحدة، وعندها اقوم انا بالاتصال بدماغها واعادتها الى الماضي حتى لحظة اصابتها بهذا المرض، وعندها امسح من ذاكرتها الفترة التي اصيبت فيها بهذا المرض، أي ان هذه المدة الزمنية لن تكون في حياتها لاني سألغيها عندها، ولن تستطيع ان تتذكرها، ولكن المشكلة التي ستواجهك انت، هي انه حينما ستفيق امك قد تتعرض لصدمة لانها لن تستطيع ان تفهم كيف مرت الايام بهذه السرعة، او حينما ستعلم بانها كانت مريضة كل هذه المدة فعقلها لن يستوعب ذلك، وهذا قد يؤدي بان تصاب بالجنون. وهنا ياتي دورك انت بان تحاول ان تجعلها تستوعب تدريجيا بانها كانت في غيبوبة منذ مدة. واتفقنا انا وغادة ان نقوم بذلك على طريقتها، وذهبنا الى غرفة امي وطلبت من اختي ان لا تسمح لاحد بالدخول، وتفهمت اختي الموقف دون ان اشرح لها . وجلسنا بجانب امي ساعات طويلة حتى استيقظت امي وفتحت عينيها، فامسكت بيدها فورا وبدات اتحدث معها، ولكن لم انجح، فقد عادت واغلقتها ,وانتظرت عدة ساعات اخرى، فاستيقظت امي من جديد وفتحت عيونها، وامسكت بيدها واخذت اقول لها 


: ـ " ام حسن اريد ان اعرفك بفتاه جميلة، حتى تذهبي لتخطبي لي اياها من اهلها.." اخذت اصف لها غادة لاجعلها تفكر بها حتى تتمكن غادة من الاتصال بها، واشغل عقلها بالتفكير بغادة، ويبدو لي انني نجحت في ذلك، واقتربت غادة بلطف من امي وامسكت بيديها وبدات تتحدث معها بهدوء ونعومة، واستطاعت امي ان ترى غادة وبدا عليها انها بهرت بجمالها، واستمرت غادة بالحديث مع امي حتى كفت عن الكلام . وبقيت تمسك بيديها، وانا اترقب وانظر تارة الى غادة وتارة الى امي. ووضعت غادة يديها على جبين امي ونظرت الي 



وقالت : ـ "حينما تفيق امك ستعود لتراها كما كانت في اخر مرة رايتها قبل ان تذهب معي الى عالمي، فقد استطعت ان اعود بامك الى ذلك الوقت الذي نامت فيه، فهي الان استفاقت كالمعتاد دون ان تتذكر شيئاً، والاشهر التي مرت ستظن نفسها بانها كانت تحلم، وطبعا فهي لن تستطيع ان تتذكر شيئاً، وتذكر جيدا يا حسن بان امك حينما تفيق فهي لن تستوعب بسهولة أي تغيير حدث لانها نائمة منذ ساعات قليلة وليس منذ اشهر، وحينما تفيق، ستستغرب وجودك لانك قلت لها بانك ذاهب في رحلة مع اصدقاء لك في ذلك اليوم الذي تزوجنا به ..الان يا حسن ساذهب ليكون لك الوقت لتستعد حينما تفيق امك، وسأعود بسرعة". واختفت غادة ... وذهبت لاختي وشرحت لها ما حدث واتفقنا على خطة لمواجهة الموقف وبدانا بترتيب البيت كما كان قبل شهر. وانتظرنا حتى استيقظت امي.وبالفعل،بمجرد أن رأتني قالت: ـ "شو .. ما رحت مع اصحابك على الرحلة يا حسن" ؟ قلت لها : ـ لقد غيرت رايي ولن اذهب. وتحايلنا عليها لنخرجها من البيت بسرعة ونبعدها عن أي ضيف محتمل، وحتى نستطيع ان نمهد الطريق اخذناها وذهبنا بها الى اريحا، وهناك جلسنا نضحك وهي تمطرنا بالاسئلة، ابتداء من الثلاجة والتي اختفت منها كمية من الدجاج واللحمة وهي حينما نامت تركتها مليئة ، والى اصغر التفاصيل التي تغيرت في البيت، واخذت امهد لامي لاقول لها انها قد اصيبت بغيبوبة كالتي حدثت معي بالماضي، وانها نائمة منذ اشهر، ومهدنا لها بانها ستسمع قصصاً وحكايات من الجارات والاقارب، وبذلنا كل جهدنا لنجعل الامور عادية ونوفر على امي الصدمة ,سارت الامور بصعوبة شديدة، فامي لم تستوعب الامور بسهولة.. مدة طويلة ونحن نراقبها ونشغلها ونرافقها، حتى اننا كنا يجب ان نتحدث مع كل من ياتي الى بيتنا ونشرح له عن المسموح الحديث به امام امي وما هو الكلام الممنوع. المهم ان امي بخير ، ولم تتعرض لصدمة. وسارت الايام وغادة تزورني بالبيت لنقضي معا اجمل وامتع اللحظات وتدربني وتعلمني التركيز والسيطرة على الذات، وطرق الاتصال بها، واحيانا كانت تذهب الى عالم الجن بعد ان نتفق معا بان نقوم بالتركيز حتى تظل في مجال رؤيتي واحذرها من مصيدة الجن حتى لا تقع فيها، وكانت تذهب وتعود الي لتطلعني على دراسات اعدت عن البشر وتكوينهم، دراسات كلها تدل بان الجن يعرف عنا اكثر مما نعرف عن انفسنا مئات المرات، واستمرت المفاجآت الاخرى... وشاءت الصدف ان اكون جالسا بمفردي قرب البيت شارد الذهن ضائعا في غموض العالم واسراره التي ما زلنا نجهلها واثناء جلوسي مر بقربي عجوز يتجاوز السبعين من العمر بدت على ملامحه آثار البؤس والعياء وهو ايضا يبدو ضائعا وحزينا، اقترب مني وسالني عن اقرب طريق توصله الى احدى القرى المجاورة لنا، فأشرت اليه الى احدى الطرق المختصرة فشكرني وسار في طريقة. احزنني بؤس هذا العجوز فلحقت به وقلت له: ـ يا "حاج" تعال نطلع على الطريق الثاني وساوقف لك احدى السيارات لتنقلك الى غايتك فنظر الي وقال: ـ شكرا، فقدماي تستطيعان حملي وادار ظهره وهم بالسير، 


فقلت له: ـ يا والدي الطريق بعيدة عليك. والتفت الي والدموع تترقرق في عينيه والحزن يخيم عليه وقال بلهجة حزينة: ـ شكرا . وسار، ولحقت به والفضول يقتلني لاعرف سر هذا الحزن والدموع ومع الالحاح عليه جلس وقال لي 


: ـ
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 8:19 am

: ـ كم تظن انني ابلغ من العمر ؟؟؟ فقلت : ـ السبعين او اكثر... ـ هل تصدقني لو قلت لك باني لم ابلغ الثلاثين من العمر . عرفني على اسمه فقال لي أنه عمر، وعرفته على اسمي، ولم يكن يبدو عليه بانه يكذب، مع انه من المستحيل ان يكون عمره اقل من السبعين، وهنا زاد فضولي لاعرف سر هذا الشاب العجوز. قال لي : ـ لو اني حكيت لك حكايتي فستظن اني مجنون او معتوه . فالححت عليه ان اسمع منه، 


وبدا يروي لي حكايته.. ـ منذ عدة سنوات ظهرت لي في المنام فتاة جمالها لا يفوقه جمال، شعرها اسود طويل وناعم كالحرير، عيناها سوداء وواسعة، جسدها عجزت عن وصفه الكلمات ولغات كل كتاب وشعراء العالم ، وافقت من منامي، ولو خيروني ان ادفع عمري واعود الى حلمي لما رفضت، واخذت تظهر في منامي حتى كرهت ان افيق من منامي ولو للحظة . اخذت تحدثني واحدثها، وقالت لي ان اسمها غادة، وهي من عالم غير عالم البشر، واحبتني واحببتها بجنون ,وبدات تظهر بصحوتي وتناديني ..يا عمر ..عشقت اسمي لان حبيبتي "غادة" تلفظه من شفتيها. قبلتني وقبلتها لانسى بين احضانها عالم البشر، اشعلت بداخلي كل شهوات البشر، ولم تسمح لي بالاقتراب منها، لتبقي النار كالبركان مشتعلة بداخلي ,اخذت تاتي الي وتختفي، ولا تظهر الا بعد ان تحرق دموع الاشتياق وجنتي ,تفننت في اغرائي واشعال نار شهوات الحب والاشتياق، وكانت خبيرة بعالم البشر ,فقلت لها: "فداك انت ابي وامي وعالمي وروحي يا اجمل حلم وحقيقة مرت علي"، وعلى البشر عرضت عليها الزواج.. وقالت: "انت مقدم على الجنون او الانتحار يا عمر، فاهلي وسلطة عالمي سيلحقون بي وبك الدمار "..علمتني من الحب والحكمة ما فاق تصور البشر "تزوجتها" كما ارادت ونقلتني الى عالمها لاراى الغرابة والعجب . وسارت الايام وفقدت كل من حولي بلمح البصر، فشاب شعري وهرمت، وشاءت الظروف ان اكتشف بعد فوات الاوان اني "ضحية" وقد وقعت في شرك من تبحث عن "الخلود" بدماغ البشر ، فغادة التي كنت اظن انها تحبني ما كنت لها الا ضحية، انتقتها من بين الاف البشر تنتقل من شخص الى اخر، ولا تتركه، تسيطر على دماغه وتتغذى عليه، ليزيدها قوة بقوة، ولكن حظي التعيس جعلني اكتشف هذه الحقيقة بعد ان فقدت شبابي ،واحلى ايام عمري ,انقذت نفسي لاكتشف بانه لم يبق لي ما يستحق ان ابقى من اجله وها انا اسير من قرية الى اخرى ابحث عن مكان هادىء لم يزره احد من عالمي لاقضي فيه ما تبقى لي من ايام، وانسى همومي واحزاني..افهمت الان سبب احزاني وهمومي، ام انك ستظن بانني مجنون وعجوز خرفان ؟ لا باس ان ظننت هذا فلن الومك، فما انت الا من البشر ولن يقنعك الا المنطق والعلم، ولكن انت الذي صممت ان تعرف قصتي، فدعني اذهب بسلام. 

وبدأ العجوز الشاب يسير بخطى واهنة وقد اعياه التعب ... وتجمدت انا في مكاني ولم اتكلم من هول المفاجاة التي عصفت بي، نعم لقد عصفت بي كما تعصف ريح الخريف بشجرة لوز هرمة.انه يتكلم عن غادة، انه يتكلم عن حبيبتي، انه يتكلم عن روحي وحياتي، اني اصدقه في كل كلمة. و كيف لا اصدقه، وهذا يحدث معي ...هل من الممكن ان تكون الجنية غادة...هكذا ؟؟هل من الممكن ان تكون قد خدعتني كل هذا الوقت...وهل سيحدث معي مثل ما حدث مع عمر ... بدأت استعيد ذكرياتي مع غادة لحظة بلحظة، من لحظة رؤيتي لها في السجن حتى اخر لحظة رايتها فيها...اتذكر واتذكر واتذكر ...لقد كانت حياتي تسير بشكل عادي مثلي مثل البشر...اريد ان اعيش ولي احلامي التي احيا من اجلها ...ولكن ظهرت غادة، وقلبت حياتي راساً على عقب، فما عدت اميز الليل من النهار، ولا السعادة من الحزن، ولا الحقيقة من الخيال.نسيت اهلي واصدقائي، وبقيت وحيداً. سجين لقياها، تتحكم بابتسامتي ودموعي، وتفعل بي ما تريد، حتى شعري الاسود قد ظهر الشيب فيه قبل الاوان...نعم لقد صدق عمر فيما قاله الجن لا يعرف الحب ...يالي من غبي تعس .الم تقل لي هي منذ البداية ان الجن يكرهون البشر؟ الم تظهر هي نفسها في لحظات غضبها كرهها واحتقارها للبشر...؟ واتذكر كل اللحظات التعيسة التي عشتها مع غادة ولكن ماذا تريد مني، الا يكفيها ما فعلت بي حتى الان ...؟واتذكر كلمات "عمر "عن انها تزداد قوة في السيطرة وإتلاف دماغ البشر. هذا صحيح فهي تتحكم بدماغي كيفما شاءت وكيفما ارادت...وبمقدار حبي الذي لا يفوقه حب لها ...اشعر بكراهية كبيرة تجاه تلك "السفاحة " التي تتسلى بعقول البشر وما زالت الافكار تراودني وانا اقف مكاني مشدوها لا اقوى على الحراك وقلبي وعقلي اضعف من أن يتحمل هذه الصدمة ,والتفت حولي واتذكر عمر، واسير خلف عمر واركض واركض لعلي استطيع اللحاق به .وارى عمر من بعيد يسير واهن الخطى وكانه يزحف زحفا...واصرخ عليه : ـ عمر ارجوك قف ارجوك ... ويلتفت الي لارى كل باس الدنيا وبأسي في عيونه الحزينة وبصوت حزين هامس يقول لي : ـ ماذا تريد مني؟ ـ ارجوك اريد ان احدثك . ويجلس عمر على الارض ويبدو ان قدميه لم تعودا تقويان على حمله، واجلس بجانبه واقول : ـ عمر ان ما حدث معك يحدث معي، فانا ايضا عرفت الجنية غادة . وما ان قلت هذه الكلمات حتى بدت الدموع في عينيه واشاح وجهه عني ووقف على قدميه واخذ يسير بعيدا عني ولحقت به 



وقلت له : ـ ارجوك ساعدني.. ولكنه لم يهتم بكلامي وتوسلي وصرخت فيه: ـ ارجوك اسمعني.. والتفت الي والدموع بعينيه 



وقال لي : ـ ارجوك ان لا تسخر مني فيكفي ما اصابني وابحث عن غيري ان اردت ان تتسلى ... واخذت ابكي واقسم له انها الحقيقة: ـ ارجوك يا عمر اسمعني، انا لا استطيع ان اثبت لك هذا.. ويبدو ان كلماتي الاخيرة استطاعت ان تترك اثارا في نفس عمر فجلس يصغي الي، واخذت اروي حكايتي مع غادة ،ووصفتها له وقصصت عليه اشياء لم يروها هو لي، وبدت على ملامح عمر المفاجاة، وما ان انتهيت من حديثي حتى قال عمر واثار المفاجاة على وجهه الهرم : ـ ويلي عليك فانت ما زلت في بداية الطريق وما ستراه من غادة يفوق كل ما رايته حتى الان انت ضحية غادة الجديدة، لم اكن اعتقد بان غادة ستختار ضحيتها من هذه البلاد . احرص على نفسك ولا تدعها تدمرك. ـ ولكن كيف، ارجوك ساعدني؟ وقال لي مشفقا على حالي : ـ ليتني استطيع، فغادة دمرت كل قدراتي، ولم تبق لي الا الذكريات. تركتني عاجزا حتى عن مساعدة نفسي، ياليتني استطيع ان افعل لك شيئا. ـ ولكنك ياعمر تقول لي باني ما زلت في اول الطريق .. قل.. ماذا استطيع ان افعل؟ كيف يجب ان اتصرف؟ قل لي شيئاً ارجوك. ونظر عمر مشفقا على حالي وكانه نسي همومه وغرق في همومي.. 


وقال : ـ في الحقيقة.. لا يوجد لدي ما اقوله لك فانا عاجز عن كل شيء ولو عرفت الطريق التي تمكنني من مساعدتك لساعدت نفسي اولا... وصمت قليلا ثم قال: ـ اسمع يا حسن ربما ان هناك طريقة قد تكون ناجحة ولكنها تعتمد عليك ...ان سيطرة غادة عليك هي بمقدار سيطرتها على دماغك وقدرتها في السيطرة عليه هي بمقدار قدرتها بالاتصال بك...فان استطعت ان لا تجعلها تتصل بك فهي لا تستطيع السيطرة عليك، فحاول أن تبذل كل جهودك في أن لا تجعلها تستطيع الاتصال بك، فان امتلكت الارادة نجحت وان لم تنجح...فما استطيع ان اقوله لك هو اني ساتواجد في ذلك الجبل الذي تراه ...وسيحدث لك ما سيحدث معي وبعدها ستشعر بالحاجة الى الهدوء، فتعال عندي لاني انا وانت لن نجد من يصدق قصتنا وما حدث معنا ...وسنقضي ما تبقى لنا من الايام في البكاء ما لم تجف الدموع وسنظل نعيش حسرة حظنا التعيس . ووقف عمر وسار واخذ يصعد الى الجبل، وادرت وجهي وعدت ادراجي الى البيت وانا مصمم ان لا يكون مصيري كمصير "عمر"...وشعور بالقوة ينبع من حقدي على الجنية غادة التي تريد ان تدمرني يهاجمني ، فأقول لن اسمح بذلك، فلتذهب غادة وكل الجن الى الجحيم، فلن اسمح لنفسي ان اكون دمية لغادة او لغيرها .....فانا على استعداد بان انهي حياتي ...وافسد على الجنية الحقيرة غادة متعتها في القضاء علي. انا الآن املك الحقد والتصميم والقوة على الانتصار... وصلت الى البيت وجلست ...وحضرت اختي الي وجلست بجانبي وهمست في اذني لكي لا تسمع امي ما تقول : ـ "حسن قوللي شو اخبار مرتك الجنية .؟..". 


فقلت لها غاضبا : ـ لا اريد الحديث عنها ولتذهب الى الجحيم هي وكل الجن معها دعينا من هذه السيرة التي تشعرني بالاشمئزاز...وفوجئت اختي من كلامي وقالت: ـ حسن ماذا حدث لك؟ 



فقلت لها: ـ لا شيء يا اختي ولكني اشمئز من هذه السيرة، ولهذا لا اريد ان اتحدث عنها ولا اريد ان اتذكرها فكل شيء انتهى، وكل لحظة تمر هي ماضًًٍ، وانا لا اريد الا ان افكر بالغد، لا في الماضي ... ويبدو ان اختي فوجئت من كلامي ، او من طريقتي في الحديث معها عن الجنية غادة ، التي كنت بالامس اعشقها واقدسها اكثر من روحي وحياتي... وتوجهت الى غرفتي ... ونمت وانا مصمم وبقوة ان لا افكر فيها حتى مجرد التفكير ...استيقظت في الصباح ...وصممت ان اذهب للبحث عن عمل...وخرجت من البيت وعدت في ساعات الظهيرة ، جلست في البيت وقبل الغروب بقليل جلست لوحدي ....وشرد ذهني قليلا نحو الايام التي مضت...وسمعت صوت غادة، ورايتها، يحن قلبي اليها رغم الحقد الكبير الذي احمله في داخلي...واخذت غادة تقترب مني وتقول لي: ـ " حسن ,حسن ...". ولكني تذكرت نفسي بسرعة، نظرت اليها..وبدأت اشغل فكري باشياء كثيرة ولا استمع اليها...وتحاول الاقتراب اكثر..ولكن تصميما قويا، رغم الحنين الى ان احضنها، جعلني اقول لها: ـ ابتعدي عني ..ابتعدي عني. واشغل فكري باشياء كثيرة .وتلاشى صوتها وبدات تختفي تدريجيا ...وهذه المرة الاولى التي لم تختفي فيها كلمح البصر...واشعر بحزن وحنين وضعف وقوة وحقد ...ولا ادري ما الذي اشعر به فقد امتزجت احاسيسي جميعها معا، ولا ادري ماذا يحدث، اشعر بحنين لها وبحزن لفراقها، اشعر بحقد عليها وبقوة بداخلي باني استطعت ان اطردها ....اتذكرها وهي تختفي من امامي تدريجيا واثار الحزن والالم بادية على وجهها فتكاد الدموع تسقط من عيوني ...اتذكر عمر. يتملكني شعور بالقوة . عمر ابحث عنه فلا اجده ابحث عنه في جنون او كشخص اصابه مس من الجنون، اراه يجلس على صخرة كمن يترقب اجله اقترب منه بعزة وشموخ وقوة ...واقول له يا عمر لن تدمرني غادة كما فعلت بك فانا استطعت اليوم ان اطردها واقول له وكاني اتحدى نفسي وضعفي وينظر الي ويسالني بضعف :كيف حدث هذا يا حسن كيف ؟فاروي له ...وازداد ثقة وقوة وانا ارى علامات الدهشةو والاعجاب بادية على ملامح وجهه ..ويقول لي : ـ ولكن يا حسن هل ستصمد وتنجح في مواجهتها انا لا اظن ذلك فلست الا انسانا ضعيفا ,مصيرك مثل مصيري وتستفزني كلماته ... 


واصرخ فيه: ـ انت ضعيف وهذا مصير الضعفاء، اما انا فلا ولن اكون لعبة لاي كان اتركه وكاني اشتاق الى ان اخوض حربا لاثبت لنفسي باني قوي ولست ضعيفا ...واعود الى البيت وشعور بالفخر والثقة يملا نفسي وانا اردد بيني وبين نفسي : ـ ليذهب الجن ولتذهب غادة الى الجحيم فانا لست دمية لاحد. اشغل نفسي باي شيء ، اقضي كل وقتي وحتى وانا نائم وكاني في حرب مع كل شيء ،مع الجن ومع البشر، مع نفسي ومع قلبي الجريح، مع كرامتي وكبريائي، ابكي وابكي ...على نفسي وعلى كل لحظة حب صادقة احببت فيها الجنية غادة، اتذكر زوجتي غادة، اسخر من نفسي، كيف تكون زوجتي؟ احقد عليها، احقد على نفسي، احقد على الجن، احقد على البشر، فلا اريد شيئا من هذه الدنيا بعد ان فقدت احلامي، فكيف يحيا الانسان بدون احلام؟ كيف اريد ولا ادري ما اريد،اريد ان اضحك.. اريد ان ابكي، اريد ان اموت لانتهي وتنتهي متاعبي، اريد ان انسى كل شيء حتى نفسي، اريد ان اثار لكبريائي...لضعفي، احقد، اكره، ليتني استطيع ان ادمرها...كما ارادت ان تدمرني، الحقيقة انها دمرتني،فمجرد انها ليست في حياتي هو الدمار، فكيف يحيا الجسد بلا روح، وكيف تكون الدنيا بلا شمس او قمر ...؟اسمع صوت غادة ضعيفا، اشتاق اليها، اخاف، اريد ان اقفز لاحضنها، لاقبلها.. حبيبتي غادة اين انت؟ اين انت، 


وتظهر غادة حزينة وتقول لي.. ـ "حسن ما بك ..". اتذكر عمر، اتذكر ضعفي .اصرخ بها اصرخ بنفسي.. ـ انا لست ضعيفا، انا لست دمية، اذهبي الى الجحيم ... وتتمتم غادة ولا اسمع صوتها ...وتتلاشى ببطء وهي تمد يدها نحوي، ولكن شيئاً كان يسحبها الى الخلف وتسقط الدموع من عينيها...وتختفي...واصرخ واشتمها واشتم نفسي، ولا ادري هل لانها ذهبت قبل ان اقبلها، ام لاني احقد عليها؟ لا ادري، ابكي ولا استطيع ان امنع نفسي من البكاء، اتذكر "عمر "واتذكر ضعفي ويطفو الحقد على الحب. واخاطب نفسي بصوت عال: انا لست دمية لاحد، انا لن اكون ضعيفا . وتستمر الايام وتمر الاشهر، وغادة تحضر، فما ان اراها حتى اطردها من قلبي وفكري وخيالي..واتذكر دموعها وتوسلاتها لي ان لا افعل بها هذا...فيهدني الحزن والاشتياق لها..واكره نفسي لما فعلت ...واعود واتذكر ضعفي واتذكر حبي لها وحقدي عليها، كرهت الدنيا وما فيها، حتى اهلي كرهتهم، فلم اكن اريد ان اكلم احدا ولا ان ارى احدا، حتى الطعام كرهته، حتى نفسي، اذهب لارى عمر فارى ضعفي واحقد على نفسي وعلى غادة وعلى البشر، اشتم واسخر ، واستمتع وانا اشتم ...واشعر بالراحة وكاني اشتم نفسي، وتختفي غادة ولا تظهر ويمر يوم واسبوع وشهر ولا اراها ...اجلس وانتظر ان تاتي لاطردها من جديد، ويبدو لي اني اصبت بالجنون ...اريد ان اموت، اريد ان اموت ...تمر الايام وانا لا ارى غادة...واتوجه الى عمر ...اتحدث معه، واشعر بضعفي وبعجزي وأخشى ان اصبح مثله ضعيفاً...واشعر بدافع قوي يدفعني ...لان انهي حياتي حتى ارتاح من هذه الدوامة، وكلما مر يوم اشعر بانني ضعيف وان الحياة يجب ان تنتهي، واستسلمت لآلامي وقد هدني التعب، واخذت اسهر الليل بين الاشجار بعيدا عن البشر ...وقد فقدت كل قواي ولم اعد اشعر بنفسي ولا بجسدي... ولا اتمنى الا ان ارى غادة للحظة واحدة، وبعدها لا يهمني ان احيا او اموت .ويبدو ان امنيتي قد تحققت وبدات ارى من بعيد ذلك الجسد المتناسق والشعر الاسود الطويل الذي يتطاير في كل الاتجاهات، وثوبها الخمري الذي يزيدها جمالاً على جمال... وتقترب.. واشعر بان هناك شيئا غريبا، اظن نفسي احلم. اغلق عيوني وافتحها من جديد اراها تقترب مني، تتوقف بعيدة عني عدة خطوات، ولكن هناك شيء غريب ...اقول: ـ غادة هل عدتِ ...؟ انظر الى وجهها وارى جمالاً لا يفوقه جمال، انظر اليها لكن هناك شيئاً غريباً لا استطيع ان اميزه، ولكني ارى ولا اشعر بان التي اراها هي غادة، وتقول لي: ـ "انا لست غادة يا حسن." واقف على قدمي ,واقترب منها ارى الحقد والكره في عينيها وتقول لي بغضب: ـ "لا تقترب مني ايها الحثالة !" واسالها: ـ من انت بحق الله ؟ تقول باشمئزاز: ـ "انا من دمرت روحها وحياتها وحرمتها من اغلى ما لديها، انا التي ساريك نفسك على حقيقتها ,انا التي ساعذبك مثلما عذبتها ,انا التي ساجعلك تتمنى الموت في كل لحظة ..". قلت لها متوسلا 


: ـ ارجوك قولي لي من تكوني، هل انت جنية ...؟ ونظرت الي بحقد لا مثيل له ,وكاني قتلت احد افراد عائلتها.وتقول: ـ "انا من اكون !انا التي ساعذبك في كل لحظة .انا التي ساجعلك ترى وتعيش العذاب الذي سببته لغادة ,انا التي ساجعلك عبرة لكل البشر ,وان استطعت ان تهرب من التي احبتك وضحت بكل شيء من اجلك ,فلن تستطيع ان تهرب مني ...انا التي كرهتك بمقدار حب غادة لك ,انا التي سخرت نفسي لاعذبك مثلما عذبتها، قسما بحياة اختي غادة اينما كنت لاجعلنك تتمنى الموت ولا تناله ." واختفت في لمح البصر وتركتني في حيرتي ,ماذا يحدث ؟ربما اني جننت...وفي دوامة افكاري راودني شعور غريب لاذهب وارى عمر ,فربما اجد لديه تفسيرا لما يحدث ...توجهت الى عمر حيث تعودت ان القاه في الجبل ,وبحثت عنه واخذت انادي عليه : ـ عمر ...اين انت يا عمر ؟ وظهر عمر وقال لي : ـ انا هنا يا حسن . اقتربت منه وهو يبتسم ,وقبل ان ابدا حديثي معه بادرني هو 


وقال 

Cant See Links 

وقال: ـ هل اشتقت الى زوجتك غادة يا حسن؟ وفاجأني كلامه الذي لم اتعود عليه بهذه اللهجة من قبل ,وصمت افكر فيما قال ...ولكنه استمر بحديثه وقد بدت في عيونه ملامح قوة ونصر ,تخيف من يراها .. ـ لن تستطيع ان ترى غادة يا حسن .شكرا على المساعدة التي قدمتها لنا ,اتمنى لك اتخاذ القرار المناسب لانهاء عذابك ,فربما الموت افضل لك يا حسن ...! 
صرخت في عمر: ـ من تكون ؟من تكون ...؟ ضحك عمر ضحكة مجنونة ,وخيل لي ان اهل الارض جميعا قد سمعوها ,وقال : ـ نحن من لم يصمد امامنا احد ,نحن "الكاتو" ...يا ابن البشر واختفى عمركلمح البصر وبدأت انا اضحك واضحك ...ولا ادري لماذا اضحك ...هل جننت حتى اضحك، ام ان شر البلية ما يضحك ,ولماذا لا اضحك و"عمر "من الجن وقد استطاع ان يتحكم بي كما يشاء كيف حدث ذلك انا لا ادري كيف لم استطع ان اكتشف بان هذا الشخص المسمى بعمر هو من الجن، لا ادري كيف خدعني، لا ادري فانا فعلا اما مجنون، او الاصح، انسان تافه ومن اليسير خداعه، اين غادة الان، لا ادري من تكون الجنية الاخرى؟ هل هي غادة ام اخت غادة كما قالت لي، لا ادري، وكم من الوقت مر علي وانا افكر في كل هذا لم استطع التحديد، لم استطع ان احدد ان كنت فعلا مجنونا ام عاقلا، اسال نفسي واجيب: انا عاقل ومدرك لكل ما يحدث حولي، وهذا دليل على اني لست مجنونا، واعود واقول لنفسي ولكن المجانين ايضا يظنون انفسهم عقلاء في داخلهم ولا يدركوا كونهم مجانين ...ومن هول الصدمة التي مرت علي وخاصة ان عمر هذا العجوز المسكين ...ما كان الا جنيا ٍ جاءليخدعني ونجح في ذلك ولهول ما مر علي ...بقيت عدة اسابيع وانا عاجز عن فعل أي شيء، عن التفكير، عن الطعام، عن الحديث، ولا اشعر بنفسي الا وانا اضحك دون سبب ...وتيقن اهلي باني فعلا قد "جننت "وبدأت امي بالتحرك باتجاه الفتاحين والمشعوذين لانقاذي من "السحر " ومن الجن لايمانها بانه لا يوجد طريقة اخرى لانقاذي مما انا فيه. وقامت اختي بعرضي على "طبيب نفسي" ليعالجني مما اصابني ليخرج الطبيب بقناعة بعد دراسة حالتي باني مصاب بانهيار عصبي حاد . بعد عدة جلسات علاجية رحت اتحسن شيئا فشيئا، وبدأت اعود لطبيعتي، وادرك ما يدور حولي وما حدث معي، واتذكر الجني المسمى "عمر "هذا المخادع الخبيث، وكيف استطاع خداعي، واعود لنفسي واقول لها : فعلا ما انا الا بشر وما انا الا انسان ضعيف، والحمد لله على كل حال ان انتهت الامور عند هذا الحد، ولكني اعود واتذكرغادة حبيبتي، هذه المخلوقة الرقيقة وما فعلت بها لاشعر بضيق مما فعلته ، ولا ادري ما هو مصيرها او اين هي، واحدث نفسي بعقلانية: ان ما حدث قد حدث ولا يمكن ان يعود الماضي والندم والبكاء لن يغير في الامر شيئا، وربما هذه مشيئة الله ارادها ان تنتهي على هذه الحال، ولا يسعني ان اعترض على شيء، فما حدث قد حدث. احاول ان انسى واتغلب على الامي وجراحي لاحيا الواقع الذي ابتعدت عنه كثيرا، وباراده وتصميم اشق خطواتي الاولى نحو مستقبل واقعي يخلو من الجن، تاركا الماضي خلفي...وعدت لاسرتي ولاصدقائي ولعملي ولحياتي مثلي مثل بقية البشر، وكلما كان ىسرح خيالي بذكريات الماضي مع غادة والجن وما حدث، الهيت نفسي باي شيء حتى لا اسمح للذكريات بان تتسرب لنفسي من جديد، سارت حياتي طبيعية "عمل ...اصدقاء ...اسرة ..." وطبعا كان من المستحيل ان تخلو حياتي من جراح والام الماضي، ومرت عدة اشهر على ما حدث معي ...وامي الحبيبة التي عانت بسببي الكثير والتي استمرت بالالحاح علي بالزواج وكانت ترجوني احيانا بان اتزوج حتى ترى حفيدا قبل ان تموت استطاعت ان تؤثر علي لاوافق على فكرة الزواج، ولم اوافق على الزواج الا لارضاء امي وتحقيق حلمها .ولم يكن يهمني من هي التي ساتزوجها او من تكون، المهم ان اتزوج لانه لا مفر من الزواج عاجلا ام اجلا، وبدأت امي تعرض علي اسماء واوصاف فتيات البلدة وتمدح جمال احداهن وعقل الاخرى، واهل واقارب فتاة اخرى، لتسهل علي عملية الاختيار وعلى رأي امي فهي ديمقراطية ولا تريد التاثير علي .لان هذه حياتي الخاصة، وتريدني انا ان اختار زوجة المستقبل .ولكنها تعود وتعرض علي عشرات الفتيات المرشحات للزواج، وتضع كل الاوصاف الرائعة في واحدة من قريباتها وفهمت من كلام امي غير المباشر بانها ستكون سعيدة جدا اذ ا اخترت قريبتها، وبصراحة لا فرق عندي بين قريبتها فلانه او أي فتاه اخرى ...ولكن ما دامت امي ستكون سعيدة بهذه الاختيار فقد وافقت على الزواج من قريبتها، وفرحت امي وبدات اتصالاتها السريعة مع ام العروس وخالة العروس .لحسم الموقف والبدء باتخاذ خطوات رسمية من "طلبة" وخطبة وزواج. وتم تحديد الموعد للذهاب الى بيت العروس لشرب القهوة وقراءة الفاتحة . وفي مساء اليوم الذي يسبق يوم قراءة الفاتحة في بيت العروس بدات افكر بجدية اكثر واشعر بقلق من الغد، ربما لاني مقدم على شيء جديد وربما ان هذا امر طبيعي يحدث مع الجميع... ولكن فكرة الزواج اعادت لي ذكريات زواجي من الجنية غادة واعادت الي كل الذكريات التي حاولت ان اطردها من راسي، ولكن عبثا، ذكرتني بغادة وطريقة زواجي منها، والهبت الذكريات في داخلي نار الاشتياق لزوجتي الجنية غادة، وعبثا احاول ان اطرد الماضي من دماغي، وجدت نفسي تواقة لبعض الذكريات مع التي كانت وما زالت اغلى من روحي وحياتي مع التي كانت كل شيء، ولا طعم لشيء دونها، مع زوجتي الجنية غادة ...واسبح في بحر من الذكريات لارى امامي دخانا ابيض كثيفا لا ادري من اين مصدره ينقشع شيئا فشيئا لتظهر من وسطه ايه جمال بكل معانيها، فتاة ترتدي ثوبا خمريا وشعرها الاسود الطويل منسدل عليه، "غادة" بكل اوصافها الا بتلك النظرات الغريبة، فهي تشبه غادة...في كل شيء، ولكني موقن من انها ليست هي ,ان تلك النظرات التي رمقتني بها لا يمكن ان تكون نفس النظرات التي كانت لحبيبتي غادة... واقتربت الجميلة مني بخطى واثقة وقوية واقتربت منها، ولم يبق بيننا الا عدة اقدام وتوقفت، واخذت ترمقني بنظرات لا افهم ما وراءها ، وابتسمت وقالت لي: ـ انا جئت لاهنئك مسبقا على الزواج من قريبتك وطبعا هذا اقل واجب أستطيع القيام به، وشكرا لأنك سمحت لي بالظهور لاقدم لك تهانيّ الحارة، فلو انك لم تفكر بطرق الاتصال مع عالمي لما استطعت انا الظهور، وخاصة اني اترقب هذه الفرصة منذ فترة طويلة، وها قد تحققت لي بفضلك...". وقلت لها : ـ لكن من تكونين انت؟ ولما هذا الاهتمام بي؟ وهذا التشابه الكبير بينك وبين زوجتي الجنية غادة .هل هذا لان بنات الجن كلهن يشبهن بعضهن بعضاً ؟ ـ" انا سعيدة بانك يا حسن ما زلت تتذكر ان غادة هي زوجتك، واما بنات عالمي فلكل واحدة منهن شكلها، ان كانت جميلة ام قبيحة، والتشابه الذي تراه بيني وبين زوجتك غادة ليس بالتشابه الكبير الذي تتصوره، فلو امعنت النظر قليلا لوجدت انني اجمل منها بكثير، 



الا تلاحظ هذا يا حسن ...". ـ من تكونين ؟وماذا تريدين مني ؟؟ ـ انا قدرك الذي لا مناص منه، انا التي سلبتها اغلى ما لديها، ا انا اخت زوجتك غادة التي بسببك انت يا حسن فقدت نفسها وفقدتها أنا ,انا مرح، اتذكر هذا الاسم يا حسن؟ ام اذكرك به، هذا الاسم يا حسن هو الذي اخترته انت قبل زواجك من غادة، ليكون إسماً لاحدى النجمات التي تعطيك القدرة على الاتصال بغادة وتكون رمزا بينكما...وبما انك لم تعرف في ذلك الوقت لماذا يجب اختيار اسم أحدى النجمات فانا ساشرح لك هذا.. من المتعارف عليه في عالمنا انه قبل ان يتم "عهد الارتباط "،اي الزواج، فانه يجب على العروس ان تطلب من عريسها ان يختار نجمة من بين النجوم ويسميها باسم اغلى شيء تحبه العروس وان يقوم بالمحاولة سبع مرات في ان يعرف الاسم الغالي والذي تحبه العروس دون ان تخبره هي الاسم، وان فشل العريس باختيار الاسم بعد محاولات سبع فلا يتم الزواج، وان نجح يتم الزواج، اما ما هو سر هذا التقليد الذي تصر عليه العروس قبل زواجها، فمعناه ان العريس حينما يقوم باختيار نجمة من بين النجوم فهو يعلن انه لن يحب غيرها ولن يتزوج غيرها مهما حدث الا اذا استطاع ان يزيل النجمة من بين النجوم، وطبعا هذا من المستحيل. اما لماذا يجب ان يطلق عليها اسم اغلى شيء لدى العروس دون ان تبلغه العروس بهذا الاسم؛ فمعناه الموافقة المطلقة على انه يكون صاحب الاسم وصيا بالمحافظة على "عهد الارتباط والزواج "ما دام صاحب الاسم موجوداً أي انه لم يمت وانت يا حسن من حسن حظك انك اخترت الاسم الذي ارادته غادة من المحاولة الثانية، فقلت في المحاولة الاولى لنسمي النجمة "غادة "وبعدها "مرح "لتبقى حياتنا مرحا في مرح، وانا يا حسن اقسمت بحياة اغلى مالدي، اقسمت بحياة اختي غادة ان احافظ على هذا العهد ما دمت حية واذا نظرت الى النجوم يا حسن فستجد النجمة التي اسميتها مرح ما زالت موجودة في مكانها، واذا نظرت الي سترى "مرح "ما زالت موجودة، وعلى فكرة، ساجعل حياتك مثلما قلت كلها "مرح في مرح في مرح يا حسن ". وانهت مرح كلامها بابتسامة وكلي شوق لسماع أي شيء عن زوجتي غادة وسالتها 


: ـ ما هي اخبار غادة يا مرح؟ اين هي الان؟؟؟ وقالت لي بلهجة ساخرة : ـ "هي تحت امرك وبتستنى اشارة منك، تتيجي وتركع تحت رجليك ...؟" ـ ارجوك قولي لي ما هي اخبارها؟ اين هي ؟؟ ورمتني مرح بنظرة مليئة بالحقد والغضب وقالت لي 


: ـ ماذا تريد منها ومن اخبارها ؟الا يكفيك ما فعلته لها ؟الا يكفيك انك دمرتها ؟هل نسيت انها ترجتك ان لا تدمرها بنفسك، الم ترجوك وانت بغرورك وغبائك تخليت عنها وتركتها وحيدة لتلاقي مصيرها الذي هي فيه الان ؟؟؟وتسالني عنها وعن اخبارها؟". وصرخت فيها.. ـ ارجوك كفى.. واشعر ان قلبي يتمزق وانا اتذكر دموع غادة وهي ترجوني ان لا اتركها وحيدة .وانا بغبائي وغروري وانانيتي وحبي لنفسي خضعت لرغبة هذا الجني الحقير "عمر "ولبيت له كل ما طلب مني بعد ان طغى على تفكيري واستطاع ان يثير بداخلي الغرور والكبرياء والانانية والخوف، نعم كيف انسى او اسامح نفسي على ما قلت لها وتوسلت لمرح ان تخبرني عن مصير غادة واين هي الان 


وقالت لي : ـ "ساخبرك يا حسن، ليس شفقة مني على حالك ، لانك فعلا لا تستحق الشفقة، ولكن لغاية اخرى..غادة التي استطاعت ان تهرب من "الكاتو" كل الفترة التي مضت، كنت تستطيع ان تساعدها من خلال قدرتك على اكتشاف "مصيدة الكاتو "الاسطورية تفاجأت "غادة"بذلك اليوم المشؤوم انك تقوم بقطع الاتصال بها بشكل جنوني ...وبقيت غادة تحاول ان تعيد الاتصال معك وانت ترفض هذا باصرار كبير ،حتى وجدت غادة نفسها وحيدة يائسة بعد ان تخلى عنها الذي تخلت من اجله عن عالمها، وعن كل شيء لديها ، ولم تجد ان هناك شيئاً يستحق ان تستمر بالهرب واستسلمت لمصيرها الذي لا مفر منه. وقام "الكاتو" بالقبض عليها وسجنها في "قبة النور "لتبقى هناك الى ان تنتهي ولتكن عبرة لكل من يفكر ان يخطو خطاها من عالمي... وانت يا حسن لو ركزت قليلا فستستطيع رؤيتها ورؤية العذاب الذي هي فيه لتعلم حجم ما اقترفته بحق هذه المخلوقة التي احبتك وضحت بكل شيء من اجلك ...حاول يا حسن وحتما انت قادر على رؤيتها، ولكن هل ستكون قادرا على الاحساس بالعذاب الذي هي فيه ...هل تعلم ما هي "قبة النور "،وهل لعقلك الصغير ان يكون قادرا على تصور العذاب الذي يلاقيه كل من حكم عليه ان يكون في داخلها...نعم لهو فخر لك ان تكون السبب في ادخالها "قبة النور ". وقاطعتها وقلت لها 



: ـ ماذا استطيع ان اعمل من اجلها "يا مرح "، كيف لي ان اساعدها.... وضحكت مرح بطريقة حتى الجماد يستفز منها ...وقالت: ـ وهل امثالك يقدرون على عمل شيء سوى البكاء والهرب والخوف . ولكن لا باس ربما هناك طريقة واحدة قد استطيع انا ان اساعدها بها باستخدام دماغك القذر ولا داعي ان اتعب نفسي باخبارك بالطريقة لانك لن تكون سوى اداه لاتساوى شيئاً، احركها كيفما اريد والى ان يحين ذلك الوقت فلا مانع لدي ان اتسلى بك قليلا، واعتقد باني ساجد بك مايسليني، وحاذر يا حسن ان املّ منك بسرعة، لاني ان مللت فساعود لافكر بعذاب اختي غادة داخل "قبة النور"، وبما انها اختي واغلى ما لدي ولا قيمة لشيء عندي بدونها، فساشعر بعذابها. وحينما أتذكر فسأجعل حياتك مرح في مرح في مرح هل فهمت يا ابن البشر ؟!". واستفزني كلام هذه الجنية الحقودة المغرورة 


وقلت لها: ـ اسمعي يا مرح، لقد مللت حياتي ومللت كل شيء في هذا الوجود بعد ان فقدت "غادة"، فصدقيني انه لم يعد هناك شيء يخيفني او يهمني، فان كانت غايتك مساعدة اختك غادة، فانا لن اتوانى حتى بالتضحية بكل شيء املكه من اجلها، وحياتي فداها، وسافعل أي شيء تطلبينه من اجلها ...وان كانت غايتك الانتقام والتسلية من دافع الحقد فصدقيني ان عذابي يفوق عذابك، ولن تجدي شيئا تفعلينه لي اكثر مما حدث، ومهما بلغت قوتك يا مرح، فلن "تستطيعي ان تقتلي ميتاً ".. واشارت الجنية مرح باصبعها نحوي وقالت: ـ "انت اخر من يعرف التضحية، وانت اخر من يعرف العذاب، ومن هذه اللحظة انت اخر من يتكلم، فانت لن تكون لي سوى دمية، آمرك كيف اشاء، تتكلم حينما اريد انا لك ان تتكلم، وتنام اذا اردت لك النوم وتفيق اذا قررت ان تفيق، وتضحك اذا كان مزاجي يسمح لك بالضحك، وتبكي لان دموعك ستروي ظمأي، وحتى نوع العذاب فلا خيار لك فيه، ومن اجل كونك زوج اختي غادة فساترك لك الخيار بالتفكير بالطرق التي تسليني حتى لا املك بسرعة، وانا الآن بدأت اشعر بالملل.. فحاذر يا حسن .". فجّر كلام مرح بداخلي بركاناً من الغضب، صرخت فيها.. ـ من تظني نفسك؟ انت لست سوى جنية مغرورة، وانت لا تستحقين مني الا كلمة واحدة اقولها لك ..اذهبي الى الجحيم.. وادرت وجهي لأبتعد عنها، وبدات اطردها من تفكيري بعزم حتى انساها، ولا ادع لها مجالا لتؤثر علي. واحاول طردها وقطع الاتصال معها بعزم وبقوة، الا انها بدأت تضحك وتضحك وتضحك بطريقة هستيرية، وصدى ضحكاتها يمزقني، وعبثا احاول ان ابتعد عنها، 
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 8:21 am

وتقول لي ساخرة: ـ الى اين تهرب هذه المرة لا اظن انك ستجد مكانا تهرب اليه، ولا تنسى، انا قدرك، وانتم لا تهربون من القدر، فلا مجال لك ان تهرب من "مرح"،وان كنت استطعت ان تهرب من التي احبتك ..فالهروب من الحب سهل ولكنك لن تستطيع ان تهرب من التي كرهتك لان الهروب من الكراهية صعب يا ابن البشر. والى ان يحين الوقت تذكر شيئا واحدا فقط، تذكر مرح..وتذكر ان مرح تمل بسرعة هل فهمت يا حسن.". نظرت اليها نظرات متواصلة برغم استفزازها لي، الا ان الهدوء عاودني ، حتى نظراتي لها كانت هادئة مسالمة ,وتساءلت في سري ، كيف يمكن لهذا الجسد الجذاب صاحب القد المياس والوجه الملائكي والعيون الساحرة ,كيف يمكن لهذا الجمال الشفاف ان يحمل بداخله كل هذا الحقد ...انظر اليها تداعب شعرها ,وارى البراءة تشع من كل جزء في جسدها ,تلتفت الي وانا اتفحصها لتلتقي عيوني بعيونها لأرى بريقاً اخاذاً يحمل في اشعاعه حقد وكراهية وخبث ودهاء وقسوة شيطانية ,واسال نفسي من جديد كيف يلتقي النقيضان؟ عيون ملائكية يعجز عن وصفها اكبر الشعراء والفنانون يشع من وسطها بريق شيطان... 


( زيارة حسن وسر المخلوق) 

اتساءل: ماذا استطيع ان افعل مع هذه الجنية التي تحمل بداخلها كل هذا الحقد، وكيف الومها وانا السبب في ضياع غادة...ولكن هل تدري هي ان غادة بمثابة الروح والجسد والحياة بالنسبة لي؟ لقد هربت من الحب..وها انا وسط جو من الكراهية، واشرت الى الجنية مرح بيدي وقلت لها : ـ "مرح" افعلي ما شئت يا مرح ...اشتميني ,اكرهيني، العنيني، واقسم باني اقولها بصدق ، لا شيء يهمني ، حتى ولو قتلتني . ابتسمت مرح وقالت : ـ اسمع يا حسن، الامر الاول الذي اصدره لك هو الغاء فكرة الزواج من راسك الى ان تموت او اموت انا ...ولا تخالف اوامري، وان نسيت تذكر انني مرح ...انا ذاهبة الان يا حسن ولكني ساكون معك في كل لحظة وفي كل خطوة يا ابن البشر...". واختفت "الجنية مرح " كلمح البصر ...واخذت انا اضحك من هذه الجنية المغرورة . في اليوم التالي ذكرتني امي بانه يجب علينا ان نذهب الى بيت العروسه لقراءة الفاتحة...وتذكرت تحذير الجنية مرح لي من الزواج وضحكت...قررت باصرار وبسعادة داخلية ان اتحدى هذه الجنية المغرورة ...وللحقيقة فأني قبل تحذيرها، لم اكن متحمسا للزواج ... وتوجهنا انا وامي واختي في المساء الى بيت العروس. فاستقبلنا ابوها وامها وشقيقها وعمها وخالها.. اكثر من ثلاثين شخصا اصطفوا لإستقبالنا ، مع ان الموضوع لا يتعدى قراءة الفاتحة، ولا يحتاج الى هذا الحشد من اهل العروس، ولكن هذا ليس مهما، او ربما يكون نوعا من انواع الاستعراض من اهل العروس...دخلنا البيت وجلسنا وكانت امي على حد قولها "طابخة الطبخة ومجهزتها ". بدأنا نتحدث في امور سخيفة وغير مهمة "اي كلام "المهم حكي والسلام ...حتى تلك اللحظة انا لم ار العروس ، ولم اعرف كيف تبدو الا من خلال الوصف الذي وصفته لي امي واختي، ولكن قالت لي امي بانها اجمل الفتيات في المنطقة،حتى أنها أجمل من "صبحة" ، وبالمناسبة لم اكن اعرف من تكون "صبحة" حتى اقارن جمال "امينة" عروس المستقبل "بصبحة" ملكة جمال المنطقة على حد قول امي ...المهم انني اجلس وانتظر بشوق حتى تشرف "عروس المستقبل " وهي تحمل "صينية " القهوة ,ولكنها لم تحضر، همست باذن امي 


وقلت لها: ـ يمكن العروس من الفرحة ماتت . "لكزتني" امي بيدها 


وقالت بصوت منخفض جدا: ـ قاعدة بتتزوق ,هلا بتيجي . وما هي الا لحظات حتى ظهرت من بين الجمع الذين يحيطون بي من كل الجوانب ,شقت طريقها من بينهم برشاقة وخفة وكانها تسير خطوات بناء على ايقاع موسيقي ,ترتدي ثوبا فلاحيا اسوداً عريضاً خفيفاً وناعماً مطرزاً بلون الفضة والذهب، وكأن مصممي الازياء في العالم كله قد اجتمعوا ليصمموه، وقد ربطت على وسطها حزاماً عريضاً ذي لون أصفر، ليظهر وهو مشدود من فوق الثوب مفاتن جسدها وتناسقه، وشعرها الاسود كسواد الليل، من طوله تعدى حزامها، وكان قريبا من الركبة، اقتربت مني والخجل يبدو على وجهها وعيونها مغمضة، لدرجة ان الجميع كانوا ينظرون اليها باستغراب، وقفت واقتربت قليلا منها بحجة اني اريد ان اخذ "صينية" القهوة من بين يديها ,مددت يدي ولم استطع ان امنع اطراف اصابعي من ملامسة يدها وانا امسك "بصينية" القهوة ,فتحت عيونها السوداء الواسعة ليظهر من خلالها بريق اخاذ وابتسمت ابتسامة ساحرة اقسمت في تلك اللحظة بانها لو لم تكن من البشر لقلت انها الجنية مرح ...ادارت وجهها وعادت ادراجها بعد ان ابتسمت وغمرتني بطرفي عينيها .وضعت "صينية" القهوة على الطاولة التي امامي، ونظرت حولي لارى ان الجميع ينظرون الي باستغراب وبعضهم لم يستطع اخفاء ابتسامة ظاهرة على شفتيه ...جلست "ولكزتني" امي بطرف يديها وهمست بصوت غاضب: ـ "شو يا حسن اللي بتسوي فيه , فضحتنا يا حسن " واخذت امي تتكلم وكانها تريد ان تزيل الارباك الذي حدث...همست في اذن امي وقلت لها: ـ جميلة جدا يا امي . نظرت الي امي وقالت باستغراب: ـ من هي ؟ نظرت امامي على الطاولة ولم اجد "صينية" القهوة ,وسالت باستغراب وبدون تفكير . ـ من اخذ صينية القهوة ؟ والجميع ينظرون الي باستغراب ,وكأن بي شيئاً غريباً، ومن وسط النظرات ظهرت الحسناء الفاتنة واقتربت مني لتشدني اليها من جديد.ولكنها فاجاتني واربكتني بان جلست على ركبتي واخذت تداعب خصلات شعري وتقبلني بخفة ولا تابه بنظرات الجميع.اخذت احاول ان ابعدها برقة لاتخلص من ذلك الارباك الذي سببته لي، ولكنها طوقت عنقي بذراعها وتمسكت بي بقوة واخذت تضحك وتضحك , ولامست بشفاهها اذني وهمست: ـ هل تشتهيني مثلما اشتهيك يا حسن ؟ واخذت تداعبني بطرق شدتني رغم الارباك ونظرات الجميع.عبثا حاولت ان ابعدها عني ,حتى وقفت هي وقالت : ـ "يكفيك هذا يا مجنون !". واستدارت وذهبت والجميع ما زالوا يرمقونني ,اما انا فاخذت ابتسم مرتبكا واقول معللا تصرفات ابنتهم بانها عادية .. 


ـ جميل ان يتصرف الانسان على طبيعته .. والجميع ما زالوا ينظرون الي باستغراب وسالني اكثر من واحد مرة واحدة : ـ "مالك يا حسن ؟شو مالك ؟". وامي تلكزني ووجهها احمر .واختي اخذت تقول: ـ حسن يمزح دائما ،ووين ما بروح بحب يمزح ويفاجىء الجميع بتغيير الجو وتلطيفه.. ونجحت اختي بتلطيف الاجواء، واخذ الجميع يضحكون وانا اضحك معهم، وانا لا أفهم لماذا أضحك. ولماذا هم يضحكون!. اقتربت مني اختي وقالت : ـ شو انت انجنيت يا حسن ,شو هالفضايح اللي عملتها ؟ 



قلت لها : ـ ما ذنبي انا هي التي جاءت وجلست في حضني ؟ نظرت الي اختي بغضب وقالت : ـ "مين هي يا حسن ؟". وهنا اصابني مس من الجنون، وادركت ما حدث وايقنت ان التي حضرت هي الجنية "مرح" ولم يرها احد غيري, وكل من راني ظن انني مجنون ،لانه رآني لوحدي اقوم بحركات "مجانين" .في تلك اللحظة تمنيت لو ان الارض انشقت وابتلعتني . من الخجل اصبح لون وجهي احمر ...وفي داخلي اشتم والعن "مرح" التي جعلت مني اضحوكة امام الجميع. وعاد الجو في بيت العروس الى طبيعته .وطلبت امي من ام العروس ان تستعجلها تحت حجة انها تشعر بوعكة صحية ,ولكن يبدو لي ان السبب الحقيقي هو خوف امي من تصرفاتي واعتقادها انني جننت، فربما خطر ببالها انني ساقوم بالرقص او النباح ,او اضرب او اعض احد الموجودين ,وهي لا تنقصها الفضائح . وما هي الا لحظات حتى دخلت ام العروس بصحبة العروس ,لتسلم علينا انا وامي واختي، وجلست بجانب امها بخجل، وحينما رايتها تسمرت في مكاني من الخوف ,ولكني تمالكت اعصابي ,ونظرت حولي لاتاكد بان كل شيء على ما يرام ,وان ما اراه يرونه هم ايضا، وان العروس التي امامي هي من البشر ولا دخل للجنية مرح بما ارى، همست باذن اختي لاتاكد وقلت لها : ـ هل هذه هي العروس التي سلمت علينا ,والان هي تجلس بجانب امها؟ ابتسمت اختي وقالت : ـ نعم وما ان قالت نعم ـ اذ كنت انتظر ان تقول لاـ حتى كاد يغمى علي من هول الصدمة . يا الهي ,ماذا يحدث ؟كيف استطيع ان اتزوجها ,كيف اصفها.."دراكولا"؟ ولكن "دراكولا" جميل بالمقارنة بها، اقسم انه لا يوجد فرق بينها وبين القردة، الا انها ترتدي فستانا . يا لي من غبي ,كان يجب ان افهم هذا من رؤيتي لأمها التي تشبه سيارة "الفولزفاچن "بعد حادث تصادم مع شاحنة، وابوها الذي يشبه برميل الزفتة "المطربق " على بعضه البعض . اذا من الطبيعي ان تكون ابنتهم كالغوريلا ,اختلست نظرة خاطفة نحو العروس وامها وهن يتهامسن معا, وسبحان الله، عندما ارى العروس بجانب امها تكتمل الصورة ,ولو ان "داروين "شاهدهن معا لاستطاع ان يؤكد نظريته ان اصل الانسان قرد ,ويبدو لي انه يجب ان اكون "طرزان". اضحك على مصيبتي ولكني بصراحة كنت سعيدا جدا ,سعيد لان امي لم تزوجني "صبحة "وعلى راي امي: هذه احلى من صبحة بكثير ,فإذا كانت هذه من فصيلة القردة ؟فمن أي فصيلة ستكون "صبحة"؟ انا اعتقد انها ستكون سلحفاة ترتدي بنطلون جينز . 


وهنا صمت وبدأت افكر بهذه المشكلة بجدية، لقد جئنا لقراءة الفاتحة اذ لا مجال امامي للتراجع، تقاليد منطقتنا تحتم علي ان اتزوجها حتى ولو كانت "شمبانزي "..انظر ناحية امي وهي مشغولة بتوزيع نظراتها بيني وبين العروسة (الشمبانزي )بسعادة غامرة وكان علي ان اقرر بشكل سريع . خطر ببالي فكرة مجنونة نوعا ما وهي ان اجعل اهل العروسة هم الذين يرفضون. وهكذا اتخلص من الاحراج وفورا بدأت ارقص واصفق. وكان امامي ابريق ماء، فحملته وسكبته على راس العروسة وبدأت اضحك واضحك وفعلا كنت اضحك من كل قلبي وهي تصرخ: ـ امسكوه.. هذا مجنون . وذهب اهل العروسة وامسكوا بي ,وكان معظمهم يضحك، حتى اختي لم تتمالك نفسها واخذت تضحك . ارسلوني الى البيت داعين الله ان يشفيني من مرض الجنون الذي اصابني، ورفضت امي ان تكلمني ,ودخلت البيت تبكي على حظها. اختي جلست بجانبي وقالت لي وهي تضحك : ـ "شو اللي اعملتوا عند الجماعة ؟" فقلت لها : ـ وانا اضحك يقولوا عني مجنون وانا عاقل احسن من ان اتزوج الشامبنزي "ابنتهم "واصاب بجنون حقيقي . ابتسمت اختي بهدوء وذهبت الى المطبخ وعادت بفنجان قهوة وسالتني عن اوصاف العروسة وما حدث معي؟ في المرة الاولى حكيت لاختي القصة ,ذهبت اختي الى غرفتها وعادت وفي يدها صورة وقالت لي: ـ انظر الى هذه الصورة !اليست جميلة؟ القيت نظرة خاطفة على الصورة وقلت لها : ـ فعلا انها جميلة . 


فقالت لي : ـ انها من تصفها بالشامبنزي . ذهلت قليلا ,وتركتني اختي وذهبت الى امي لتواسيها ,وسمعت ضحكة تأتي من خلفي، ونظرت نحو مصدر الصوت فرايت الجنية مرح وهي سعيدة، واشارت بيدها نحوي 


وقالت : ـ" اضحك يا مجنون ,لقد وعدتك ان اجعل حياتك مرح في مرح في مرح، وهذا الدرس الاول لك ,وما عرفته عن قدرتنا السابقة هو لاشيء يذكر ؟ هذه المرة جاءت الامور بسيطة ومجرد نوبة من الجنون، ولكن يا حسن في المرة القادمة ان خالفت اوامري ، سيكون الثمن غاليا وكما وعدتك، سأجعلك تتمنى الموت ولن تناله خليك شاطر يا حسن واسمع كلام "مرح" .". قبل ان اذهب اذكرك باني ساكون معك في كل خطوة حتى في احلامك ...الى اللقاء يا مجنون.. تجمد عقلي عن التفكير ,انا لا اريد ان افكر في شيء ...لا اريد!! كيف استطاعت ان تتحكم في الاشكال التي اراها .لا اريد ان اكابر وان استهين بقوتها فهي "جنية "تملك من القوة مالا يملكه البشر . توجهت الى غرفتي للنوم لانسى ما حدث ,استلقيت على الفراش وبدأت اغط في نوم عميق ,واذا بي اشعر بانامل تداعب شعري بخفة ورقة، واستفقت من نومي لارى الجنية مرح تجلس بجانبي وتداعب شعري بيديها بحنان ورقة وخفة , 


وقالت لي : ـ كيف انت يا حسن ؟ هل انت غاضب مما حدث بالامس ؟انا اسفة، انت الذي اجبرتني على التصرف معك هكذا ...هيا يا حسن، حان الوقت لاقول لك الخطوة الاولى ان اردت انت ان تنقذ زوجتك وحبيبتك اختي غادة !الا تريد ان تحررها من اسرها لتعود وتحيا معك الى الابد .هيا يا حسن .. يجب عليك ان تبدا بالبحث عن شخص ليس من البشر ولكنه يعيش بينهم، ترونه وتكلمونه ولا تميزونه عن البشر، هو فقط الوحيد الذي يستطيع انقاذ زوجتك "غادة "من الاسر لدى "الكاتو". هذا ما قالته لي الجنية مرح، فنظرت اليها مستغربا وقلت : ـ المخلوق الوحيد الذي يستطيع انقاذ "غادة" ليس من البشر ويعيش بين البشر ؟ فاسترسلت قائلة : ـ "نعم هو الوحيد الذي يستطيع انقاذ "غادة" وانت الانسان الوحيد الذي يجب ان تجده .". زاد استغرابي من هذا الحديث فتابعته قائلة : ـ "انا سأساعدك على ايجاده يا حسن ,هيا استعد لنبدأ البحث عنه .". لم يرق لي حديثها، نعم فهذه مرح الحقودة الشريرة التي لا تعرف معنى الحب، والتي كانت تهددني منذ ساعات قليلة، ها هي تمارس الاعيبها علي باسلوب رقيق حنون واملس كافعى، حتى ذاك البريق الشيطاني الذي يميز عيونها اختفى وحل مكانه بريق ملائكي خلاب وساحر .يا للعجب كيف تستطيع هذه الجنية ان تحول مشاعر الكره في داخلها الى مشاعر الحب والحنان بلحظات قليلة ,هل المطلوب مني ان اصدق مشاعرها؟ ثم من هو ذلك المخلوق العجيب ....؟ 


وقبل ان يكتمل السؤال في مخيلتي راتني اسالها بأستهجان استنكاري: ـ كيف يكون يا مرح بشرا وجنيا في نفس الوقت ؟من هو وكيف يستطيع ان ينقذ زوجتي وحبيبتي "غادة"؟ فقاطعتني بلهجة جافة وقالت : ـ "يا حسن ,لا داعي لكل هذه الاسئلة ,المهم ان تجده وبسرعة حتى ينقذ "غادة" فقد حان الوقت، ولا داعي لإضاعة الوقت على الاسئلة واجاباتها التي لا تفيد بشيء ,هيا يا حسن لا تتباطأ ." نثرت يدها -التي لا زالت تداعب شعري برقة وحنان -وابعدتها عني ورمقتها بعيون جارحة، قلت بنبرة جافة وشديدة : ـ اسمعي يا مرح ,صحيح انني على استعداد للتضحية باغلى ما املك من اجل "غادة" ولكني لن اتحرك من مكاني قبل ان اعرف وافهم الموضوع واستوعب تفاصيله ,ولا يهمني ما ستفعلين ,فافعلي ما شئت، اسحريني، سيطري على عقلي، ولكن ما دمت في وعيي فلن اطيعك في شيء لا افهم تفاصيله . لم يعجبها حديثي ,ولكنها نظرت الي وهزت برأسها وقالت : ـ لك ما شئت ,ساشرح لك ماتريد فهمه واتمنى ان يستوعب عقلك الصغير ما ساقول". واستطردت 


قائلة : ـ يحاول علماء عالمنا منذ الاف السنين امتلاك القوة المادية التي يمتلكها البشر ,وضمن اطار تلك المحاولات ارسل هؤلاء العلماء العديد من افراد عالمنا للاتصال مع افراد من البشر بهدف السيطرة على ادمغتهم، ومن ثم الاندماج الكامل بهم بشخصية واحدة في جسد واحد ,ولكن هذه المحاولات باءت بالفشل الكبير في معظمها، واما الحالات القليلة جدا التي نجحت نوعا ما، تمرد الذين نفذوها من عالمنا على سلطة"الكاتو "، ورفضوا الانصياع لاوامرهم بعد ان شعروا بانهم امتلكوا قوة مميزة وخارقة نتيجة اندماجهم مع مخلوقات بشرية. هذا التمرد اضطر سلطة عالمنا "الكاتو "الى القضاء عليهم تماما، وحرّم بعدها الاتصال مع البشر في اية حالة كانت، وتحت أية ظروف، وهددوا بعقوبات شديدة تصل حد الدمار للذين يقومون بمثل تلك المحاولات مع البشر، واقتصر اجراء هذه التجارب على نخبة من العلماء تحت اشراف "الكاتو" مباشرة، وممن وصفوا بالولاء التام والانتماء القوي المتين" للكاتو"، وجرت هذه التجارب تحت غطاء من السرية التامة والمطلقة، وبعد مئات من التجارب الفاشلة في هذا المجال والتي ذهب ضحيتها المئات من علماء عالمنا الذين استطاعوا الاندماج التام مع مخلوقات بشرية ورهنوا مصيرهم بمصيرهم كشرط للاندماج التام، الذي يمنح القوة الخارقة، سرعان ما ماتوا بعد اندماجهم التام، وذلك لأن المخلوقات البشرية تصاب بالامراض، وعمر البشر قصير جدا نسبة الى مخلوقات عالمنا ,فما يكاد ابناء عالمنا يندمجون خلال فترة الاندماج التي تاخذ عشرات السنين، حتى يكون المخلوق البشري قد اقتربت حياته من النهاية، او يصاب بداء يفقده القوة المطلوبة . وعندما ادرك "الكاتو "حجم الخسائر العظيمة التي قدمها بعض علماء عالمنا على هذه التجارب قرر "الكاتو" ايقاف التجارب نهائيا، ولم يعد يسمح بها عمليا تحت أي ظرف، فعكف العلماء على البحث عن طرق اخرى بديلة بدون خسائر او مخاطر، وبداوا بمراقبة سلالات من البشر لفترات طويلة تزيد عن الف عام، حتى اكتشفوا ان هناك بعض السلالات البشرية التي يمكن الاندماج معها بناء على حسابات زمنية دقيقة تتعلق بالعمر ومتوسطه، وتتعلق بالعناصر الوراثية المختصة بتوارث الامراض الخطيرة، وتتعلق ايضا بمستوى الذكاء والقدرة الذهنية والقدرات الكامنة والمخزونة، وهذا كله يتم بعد مراقبة السلالة مراقبة دقيقة وشاملة لجميع الجوانب سالفة الذكر، ويتم الاندماج مع افراد هذه السلالات منذ اللحظة الاولى للولادة، ولا تكتمل عملية الاندماج التام الا ببلوغ المخلوق البشري سن الثلاثين، وهو السن الذي يكتمل فيه دماغ البشر، حينها تكون عملية الاندماج تامة وشاملة. ولكن هذا الاكتشاف لم يحظ بموافقة "الكاتو " لسبب وجيه وهو ان الذي سيقوم بعملية الاندماج مع المخلوق البشري سيكون مقيدا واسيرا في جسد ذلك المخلوق البشري خلال الاعوام الثلاثين اللازمة لبلوغ عملية الاندماج التام والشامل، ومع ذلك لا توجد ضمانات لدى العلماء بان ابن عالمنا المنفذ لعملية الاندماج لن يفقد انتماءه لعالمنا، وخاصة انه سجين الحياة البشرية منذ الولادة وحتى بلوغ سن الثلاثين وما يتخللها، وبناء عليه اصدرت سلطة عالمنا "الكاتو" قرارا يمنع بموجبه اجراء الاختيار او تطبيقه على أية حالة ولا باي شكل، ووضعت هذه السلطة رقابة شديدة للغاية على العلماء الذي قاموا بهذه الدراسة، ولكن رغم هذه الرقابة الشديدة، استطاع احد الذين تمردوا من العلماء الذين اجروا الدراسة الهرب من رقابة سلطة "الكاتو" بهذا الخصوص... 


هل فهمت الان يا حسن ؟". قالتها بابتسامة ماكرة ...فابتسمت مستغربا مما قالته ,ولكن في وسط هذه الغرابة اصبح كل شيء ممكننا 


وقلت : ـ اذا كان كل ما قلته يا مرح - ويكتنفه الغموض الشديد - سريا للغاية، ويعتبر ضمن المعلومات السرية الخاصة بعلماء عالم الجن وسلطتهم فكيف استطعت انت يا مرح الوصول الى هذه المعلومات؟ 


ضحكت مرح وقهقهت بصوت عال وقالت : ـ انا مرح يا حسن لا تخفى عليّ خافية ولا يغيب عني شيئا، واذا ارادت مرح ان تعرف شيئا فلن يصعب عليها. وهنا تنفست الصعداء، وقلت لها وصلنا يا مرح، ,اذن ما عليك الا ان تعرفي مكان الشخص المطلوب وينتهي الموضوع فانت مرح التي تصنع المستحيل فادركت انني استهزئ بقدرتها ورمقتني بنظرة خبيثة 


وقالت : ـ هذا ما سافعله من خلالك، رضيت ام ابيت يا حسن .". ـ كلا يا مرح ,من قال لك انني ابيت ,بل رضيت كل الرضى ,اين مكان هذا المخلوق ؟ ـ حسب المعلومات المتوفرة لدي فانه موجود في هذا المثلث من العالم. فدخلت في غرابة جديدة، وقبل ان انطق استطردت قائلة : ـ " هذا العالم يا حسن مقسّم الى ثلاثة عشر مثلثاً حسب خرائط عالمنا ,من حسن حظك يا حسن ان المخلوق الذي نبحث عنه موجود في هذا المثلث الذي تحيا انت فيه ,وهذا سهل علينا البحث. هذا المخلوق كان قد اتحد مع جسد بشري "عربي" ويبلغ عمره الان خمسة وثلاثين عاما وفي هذا العمر تبدا قوته بالزيادة يوميا . 


قاطعتها قائلاً : ـ وكيف يستطيع هذا البشري -الجني ان ينقذ غادة من سجن "قبةالنور"؟ ـ يا حسن ، انت كثير الاسئلة ,قليل الفعل، ان هذا المخلوق يجمع قوة عالمنا وعالمكم معا، ويستطيع بذلك ان يخترق كل الحواجز ويؤثر على كل المخلوقات من العالمين، وفور وصولنا اليه تاكد تماما ان زوجتك غادة ستكون حرة من الاسر . وقع حديث مرح هذا في قلبي موقع الماء على النار ,يا الهي انا سارى "غادة" حرة، اراها من جديد ,ياه لو يتحقق هذا الحلم ويصبح حقيقة، ولكن كيف اثق بكلام الجنية مرح التي وعدتني وهددتني بالعذاب الشديد، وهنا قاطعتني قائلة : ـ لا خيار لك يا حسن الا ان تثق بي لانقاذ زوجتك وحبيبتك "غادة". كانت تقول هذه الكلمات بنبرة فيها التهكم والخبث والاستخفاف والطيبة معا . 


سالتها: ـ لماذا اخترتني انا لهذه المهمة ؟ اجابتني مستهزئة.. ـ "لحظك السيء .". ـ مرح ,اعلمي انني لا اثق بك قيد انملة، ولا اصدق كلامك، ولا ادري الى اي مصيبة انا ذاهب معك، ولكني سأسير معك الى جهنم من اجل انقاذ "غادة". ضحكت مرح ضحكة مدوية وقالت: ـ " لنبدا الدرس الان .." واخذت تعلمني كيف يمكن لي ان اتعرف على هذا المخلوق بالاعتماد على قوى الاحساس التي املكها كوني مخلوقا بشريا، وتدلني على ان الوصول اليه لا يحتاج الى وصف الشكل وانما سيكون الاحساس بالداخل بجوهر هذا المخلوق ، وبعد دروس طويلة جدا في هذا المجال بدات رحلة البحث الطويلة من مدينة الى مدينة ومن قرية الى قرية، وكانت مرح تختفي لفترات وتعود لتصدر اوامرها باتجاهات البحث والسير .وكان علي ان ابدا البحث منذ شروق الشمس حتى لحظة الغروب، حيث أُمنع وقتها من البحث ,وكانت تعود تعلمني حتى منتصف الليل ثم افيق عند طلوع الشمس لابدا الرحلة من جديد حتى تعبت ومللت البحث عن شيء لا اعرف شكله، كل ما علي هو ان اسير بين الناس احدق في عيونهم حتى احس بان احدهم يجذبني اليه ولن يحصل ذلك الا اذا كنت مركزا في عيونهم تماما ولا افكر في شيء اخر، كم هو مرهق وقاتل هذا العمل، من الصباح وحتى المساء.وعدت ذات يوم منهكا لا اقوى على الوقوف، وقد قررت الامتناع عن مواصلة هذا البحث المجنون، وقبل ان افاتح مرح في ذلك قالت: ـ اعرف انك تعبت ويئست، ولكن قريبا ستكون هناك معلومات دقيقة وجديدة ,لا تياس يا حسن . وخرجت مبكرا منذ طلوع الشمس، وبدأت يوماً كأنه الدهر كله، وبعد ان تراكم علي تعب شهور ثلاثة لم اعرف فيها طعم النوم ولا طعم الراحة، وبعد ان يئست وخارت قواي، دخلت مطعما لاتناول فيه وجبة خفيفة تساعدني على جمع قواي وترد روحي، تناولت كاس ماء وشربته، ولم اكد اتمه بعد حتى وقعت عيناي على شخص يشرب القهوة امامي تماما ,فوقع الكاس من يدي، احسست بجاذبية كبيرة تجاه هذا الشخص الذي لم يحرك ساكنا ,ويجلس في هدوء استفزازي جدا ,احسست كأني اعرفه تماما، او هو يعرفني تماما ,بدات اتساءل: هل هو هذا الشخص المقصود الذي تبحث عنه الجنية "مرح"؟ ولكنه انسان عادي تماما ,بدات اتفحصه جيدا واركز محدقا في عيونه واتابع كل حركة يقوم بها حتى لاحظ ذلك، فركز هو الاخر في عيوني، فاحسست برعشة كالكهرباء تهز بدني كله، ورايت سؤالاً في عيونه لم تفصح عنه شفتاه (هل تريد شيئا )،وهنا ادرت عنه عيني وقلت في نفسي انني وقعت تحت تاثير نفسي من حديث مرح، وأصبح يتهيأ لي كل شيء في أي شيء، لا ادري ماذا افعل ,هل اساله ؟ولكنني تراجعت ,ما هذا الجنون هل من المنطق ان اسال شخصا ما اذا كان جنيا بشريا في نفس الوقت؟ فهذا مدعاة للضحك والاستهزاء ,ولملمت نفسي وهممت بالرحيل حتى فاجأني بسؤاله عن عنوان يريد معرفته، احسست منه انه سالني عن العنوان فقط بحجة فتح حديث معي، وكان سؤاله فرصة للتعرف عليه اكثر وبدات هنا احاصره باسئلة كثيرة ودقيقة وكان يجيبني ببرودة شديدة دون أي تحفظ حتى احسست بانه ليس الا انسانا عاديا لا علاقة له بما يدور بمخيلتي ,ودعته وعدت ادراجي الى المنزل حيث كانت "مرح" تنتظرني على احر من الجمر جلست أمامي تماما، وضعت كفيها على وجهي وركزت عيونها بعيوني تماما وانهالت علي بوابل من الاسئلة وانا اجيب، حتى فرغت من حديثي فصرخت بلهجة المنتصر 


: ـ وجدته يا حسن ,لقد وجدت ذلك المتمرد الذي ظن اننا لن نجده .. فوجئت من حديثها وقلت: ـ اذا لم اعرفه ,فكيف تعرفت عليه انت ؟ وقالت مرح بسخرية : ـ انت لست الا بشر غبي ولا تستطيع التمييز بين ما تراه ان كان حقيقة ام خيالا برغم ان دماغك قادر على تسجيل كل ما تشاهده ,وانا استطيع ان اقرأ ما في عيونك واحلل كل الصور والاحداث التي رايتها وسجلها دماغك، وعليه فقط ظهرت صورته في عيونك وما سجله دماغك يثبت ان هذا هو المخلوق المطلوب الذي نبحث عنه .". ـ اي شخص تقصدين ؟ ـ "الرجل الذي تحدثت معه في المطعم". ـ اذا ما هي الخطوات التالية حتى ننقذ غادة يا مرح ؟ ـ "يجب ان تساعدني حتى اعيده الى عالمنا يا حسن، وهذا سيكون بان تحضره الى مكان احدده لك، وفي وقت احدده لك ايضا لتستطيع اعادته الى عالمنا ..". ـ لا افهم عليك يا مرح ,ماذا تقصدين ؟ قالت ساخرة : ـ "ليس من الضروري ان تفهم يا حسن المهم ان تنفذ .". واذا لم نستطع ان نعيده الى عالم الجن فماذا سنفعل ؟ قالت والشرر يقدح من عيونها : 

- "انت ستفعل .". 
ماذا سافعل يا مرح ؟ 
- "ستقتله يا حسن !!!". 
ـ ماذا ؟!!ساقتله !!ساقتله !! كلماتها هزتني من الاعماق، وهل قتل الروح بهذه البرودة؟!! وبكل هذه البساطة ؟صرخت باعلى صوتي : ـ هل القتل لعبة او تسلية او تقليم اظافر ؟؟ ورمقتها بنظرة عبّرت عما يدور بداخلي من مشاعر الاشمئزاز والخوف، وقلت لها ساخرا : ـ اتريدين يا مرح ان اقتله؟ باي حق اقتله؟ باي قانون اقتله ؟آه.. ليس عندكم قوانين على ما يبدو ؟ لأي ذنب اقترفه اقتله! اجيبيني يا مرح ! باي طريقة اقتله ؟ قلتها مستهزئا استهزاء واضحا وجريئا، وتابعت حديثي : 
ـ هل اقوم بقطع راسه بسكين ؟ام تحبين ان اخنقه خنقا ؟او اهشم راسه بحجر ؟ وبقيت ترمقني بخبث حاد وعصبية زائدة، ولكن مفاجاتي من قرار القتل كسر حاجز الخوف، ولم يترك في داخلي مجالا للتردد، 
فاكملت استخفافي بها قائلا : ـ آه ..من الممكن ان يكون هناك طريقة جديدة للقتل من طرق الجان لا اعرفها وترضي بها غرورك يا جنية الرحمة، فهات ما بجعبتك . هنا اخذت الجنية مرح تداعب شعرها باناملها، فيسيل كماء النبع من القمة على كتفيها، وترمقني بنظرات خاطفة وهي منشغلة بشعرها، وكانها تصففه وتهدهده وتناغيه ,وتترك شفتاها ابتسامة صفراء بين الفينة والاخرى، ولا تبالي بما اقول وكأن لا وجود لي، ولا اهتمام بي حتى استشطت غضبا من تجاهلها، فاخذت اصرخ : 
ـ اجيبيني ولا تكوني مستهترة وغير مبالية بي لانك ستندمين.. ولم تكترث لا لصراخي ولا لعصبيتي مما زاد من نقمتي وحقدي عليها وعلى استخفافها بي. بقيت لا تبالي واستدارت نحوي وقالت بهدوء وثقة عالية : 
ـ " ستقتله يا حسن ". 
هزتني ثقتها من الداخل، حتى احسست نفسي ضعيفا امامها وامام قدرتها، ولكن حاولت ان اتظاهر بالهدوء والقوة ايضا، وقلت لها: ـ واذا لم اقتله ؟ 
ـ "ممتاز ,ستكون اذا قد نجحت في اعادته الى عالمنا مرة اخرى". 
ـ كيف اكون قد نجحت بذلك ؟ اقتربت مني واخذت تداعب شعري وتقول بهدوء : ـ "اما ان تحضره انت او تقتله، ولا يوجد في قاموسي كلمة "لا استطيع"، لم اتعلمها بعد يا حبيبي، ولا يوجد لها وجود عندي .. وتابعت : 
ـ "اسمع الكلام وخليني اظل احبك يا "حسون"". ضحكت ضحكة اكثر اصفرارا من ورق الخريف ,اصبحت "حسون " يا عالم، واتجهت بوجهي اليها وقلت: 
ـ وهل لمثلك ان يعرف معنى الحب ؟ فاجابتني بجدية عالية : ـ "نعم وانا لهذا احبك ..". ـ واذا كنت تعرفين الحب فكيف تخططين لقتل انسان بريء ؟ومع هذا، اين يكمن الحب فيك، في القلب ام في خبث الضمير ؟؟ 


ـ حسن ,من قال لك اني ساقتل احدا ؟ قالتها باستغراب وتابعت: ـ "انت الذي ستقتله يا حسن ؟" ـ آه.. وهكذا لا يكون لك يد في القتل، ولكنك السبب في القتل، لأنك انت التي تطلبين ذلك. 


ـ " انا لم اطلب منك قتله ,بل طلبت منك احضاره الى مكان محدد حتى نستطيع نقله الى عالمنا، وانت قلت انك لا تستطيع ذلك، وطلبت ان اعطيك الخيار الثاني، فقلت لك ان الخيار الثاني هو القتل ,وهكذا انا اريد ان احضره، وانت تريد ان تقتله يا حسن، إذاً فأنت السبب في القتل ولست انا، ولا تجادل مرح يا حسن لان ما تقوله مرح هو الصحيح دائما. فهمت يا حسن؟ ام اعيد الشرح من جديد؟!". وهنا عدت الى عصبيتي واستشطت غضباً وصرخت فيها قائلا : 

ـ اذن.. اقتليه انت ,انا لن اقتله . 
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 8:22 am

اجابت : ـ انا يا حسن ؟...لا استطيع انهاء حياة احد، لاني لا املك القوة المادية لذلك ,وانت يا حسن تملك تلك القوة، فانت الذي ستنفذ ". صرخت باعلى صوتي كالمجنون الذي جاءته نوبة جنونه : ـ انا لا اريد ان احضره ...لا اريد ان اقتله ...لا اريد ان اساعدكم في شيء ,اذهبي الى الجحيم انت والجان و"الكاتو" والبشر كلكم، اذهبوا الى الجحيم... ضحكت وقالت : ـ" طيب.. سنذهب الى الجحيم وانت عليك ان تذهب الان الى مكان الشخص المقصود ..". واعطتني عنوانا للمكان الذي سأجده به، وامرتني بان ابدا الاتصال معه لاحضاره الى المكان المتفق عليه وتابعت بلهجة فيها بعض الحنان والثقة : ـ لا تضيع الوقت بكلام تافه. . ومع اني اعدت عليها رفضي باصرار شديد، إلا انها قالت: ـ "الى اللقاء يا حسن، وانا واثقة باني سأسمع منك اخبارا جديدة قريبا جدا..". واختفت ...نعم اختفت مرح كلمح البصر، وتركتني اكظم غيظي وانفث انفاسي المتهدجة ,قتلتني بثقتها التي لا حدود لها والتي جعلتني ابدو امامها كطفل يبحث عن صدر امه ليبكي عليه من شدة الحيرة. ولم اتردد في الذهاب الى حضن امي حتى غفوت على صدرها وهي لا تعرف ماذا يدور بداخلي، ولم تتكلم من شدة الاستغراب ,غفوت ونمت نوما عميقا وطويلا وصحوت منه على فكرة جاءت لي بالمنام، ولم احدث نفسي بها بل تحركت فورا بعد ان ارتديت ملابسي .وما هي الا ساعات ثلاث حتى وصلت الى العنوان المطلوب.. طرقت الباب ففتحته لي طفلة صغيرة وجميلة مثل البدر، فسالتها عن الشخص المطلوب فنادته ـ" بابا... في واحد بده اياك .". جاء الرجل، فطلبت منه ان نجلس على انفراد، فرحب بي ودخلت بالموضوع فورا : ـ طبعا انت لا تعرفني، ولكن الامر الذي جئتك من اجله لا يستدعي التاخير.. وبدأت احدثه عن الجنية مرح وعن الجن وعن "الكاتو" وما حدث لي معهم، وبدأت احذره من انهم اكتشفوا امره ويعرفون مكانه، وطلبوا مني ان اقتله .... 


.استرسلت في حديثي في حين كان هو يرمقني بنظرات تخلو من الاحترام، ولكنه كان هادئا جداً ولا يبالي بحديثي، وبعدما انهيت حديثي معه طلبت منه ان يساعدني لانقاذ غادة من الاسر، وهنا نطق قائلا : ـ "خلصت حكيك .". 
ـ نعم 
ـ "شو بدك مني بالضبط" . 
ـ جيت احذرك واطلب منك المساعدة . 
ـ "تحذرني من ايش يا اخي ". 
ـ من الجن و"الكاتو" 
ـ "انت بتمزح ولا شو القصة ". 
ـ لو بمزح.. كيف عرفت انك الجني البشري . 
ـ "جن يجننك ,انت مجنون ولا مجنون ,شو شايفني بطير في الهوا". 
ـ "انا جيت احذرك وما رضيت اقتلك، ليش بتعاملني هيك". 
ـ "اسمع الله يخليك روح انت وغادة ومرح والكاتو والهبل بتاعك على واحد ناقص مجانين..". 
واخذ يضحك باستغراب . فتح باب المنزل وطلب مني ان اخرج بغضب شديد، وعاد يضحك من جديد ..عدت الى البيت حانقاً شديد الحيرة من عدم ثقة هذا الرجل بي، ومن طريقة ضحكه الغريبة . وغصت في حيرة من امري، ندمت خلالها لاني لم اسمع كلام الجنية مرح واساعدها في قتله بدلا من انقاذه . 
وفجاة ظهرت سحابة من الدخان، ما لبثت ان تلاشت واطلت منها مرح برداء سماوي اللون.. اقتربت مني، شممت رائحة زكية بعثت في نفسي الراحة ,اقتربت اكثر حتى طوقت عنقي بكلتا يديها ووضعت فمها عند اذني وهمست : 
ـ "الحياة تسير وتسير ولن يستطيع احد ايقافها، وما نغضب عليه اليوم يصبح في الغد ماض، والماضي ينير المستقبل ,وما دامت صفحات الماضي خالية من الالم ,فمن حقنا ان نفكر بصناعة المستقبل.. انس يا حسن، لا شيء يستحق". وبدأت مرح بمداعبتي بوضع اناملها في شعري ومسح جبيني براحتي يديها، ودفعت بجسدها ليلامس جسدي لتثير بداخلي الشهوة لجسدها الفاتن . 
ولكن سرعان ما كبحت جماحها بعد ان بدا لي طيف حبيبتي غادة، معبودتي حتى الثمالة ، كيف اخونها حتى بافكاري؟ تراجعت الى الوراء عدة خطوات، وجلست بعيدا لا أتصور إلا حبيبتي غادة، وطيفها يلاحقني، وقاطعتني مرح قائلة : 
ـ ما بك يا حسن ؟لماذا ابتعدت ؟ 
ـ لا شيء يا مرح 
ـ "حسن الا تشتهيني ؟". 
ـ مرح لم انس ولن انسى حبيبتي غادة، ولا تنسي انك اختها يا مرح . رمقتني بنظرة مليئة بالخبث والجنس وقالت : 
ـ هل اختي غادة اجمل مني يا حسن ؟,انت لا تستطيع ان تنكر انني اجمل منها بكثير، وانا اعلم جيدا انك تشتهيني، وانا اشتهيك يا حسن، وكوني اختها فلا مشكلة في ذلك اذا اردنا نحن ... 
ـ مرح.. انا احب غادة وسابقى احبها ,ولن احب غيرها ولو كنت مرح او اجمل جميلات عالمكم. 
ـ حسن انا لم اطلب منك ان تحبني ـ وماذا تريدين اذن ؟ 
ـ انا اريدك يا حسن ,انت شيء جديد لي ,لم اعرفه من قبل ,لهذا اريدك . 
ـ انا لا اريدك يا مرح . 
ـ بل انت تريدني ,هذا ما اراه في عيونك فلا تكابر ,الا اذا كانت ذكريات غادة تثيرك اكثر من وجودي ,مع انني لم اكن ادرك ان اختي غادة من الممكن ان تثير احدا اكثر مني . 
ـ مرح ,كيف تقبلين على نفسك ان تكوني مع زوج اختك وحبيبها؟ 
ـ اسمع يا حسن ,انا لم انزعك من احضانها لأمتلكك بدلا منها، ولم افضل نفسي يوما على اختي غادة، كل ما هنالك ، انني اردت ان اعبث معك قليلا، وحينما تريد مرح شيئا تحصل عليه فورا ,ولكن قل لي بصراحة يا حسن ماذا تجد بغادة شيئا يثيرك اكثر مني ؟؟؟ 
ضحكت من كل قلبي وقلت : ـ اسمعي يا مرح، ربما تكونين اجمل منها جسدا ،ولا انكر انك استطعت تحريك كل شهوات البشر بداخلي، ولكن الفرق بينك وبين غادة كبير، فغادة هي الحب ,غادة هي العطاء ,غادة هي التي علمتني كيف يسمو المخلوق على نفسه، وبرقتها وحنانها وحبها وعطائها تفوق كل جمال الكون بشرا وجاناً . فلتعلمي يا مرح انه لو اجتمع جمال الانس والجان معا، فلن يساوي جمال غادة بداخلي، ولن يحب قلبي غيرها، ولن ينبض الا لاسمها وذكراها، فسحقا لكل البشر والجان من اجل ابتسامة من ثغر غادة ..غادتي. هنا صمتت مرح، نزلت من عينها دمعة صادقة مسحتها بكفها، نظرت الي وقالت : 
ـ حسن اتحب غادة كل هذا الحب وتضحي بنفسك وبكل البشر من اجل ابتسامة واحدة منها، وانت الذي يرفض ان يضحي بشخص واحد من اجل ان ينقذها من عذابها والامها ...من دموعها وقهرها ,فكيف اصدقك؟ وانت بيدك انقاذها ولا تقدم عليه، مع ان الشخص المطلوب لا يمت لك بصلة ؟ 
ان كنت تحبها فتمنى لها ان تموت وتنتهي حتى لا تظل في العذاب والالم، فربما اصدق كلامك حينئذ عن حبها لم تستطع دموعي الانحسار في عيني لمّا رايت دموع مرح تذرف كالسيل وصرخت 

فداك انا وكل البشر يا غادتي ,صدقت يا مرح فلا احد يستحق دمعة واحدة من عين غادة، اقتربت مني مرح وامسكت بيدي وقالت: ـ هيا يا حسن علينا ان ننقذ غادة سريعا، سنحضر ذلك الشخص فورا. قلت لها : ـ الان المهمة اصبحت صعبة يا مرح، لانني تسرعت وذهبت اليه واخبرته بكل القصة وهو الان حذر وسيصبح من الصعب علينا ان نحضره . نظرت مرح الي وقالت : ـ "عدني يا حسن ان لا يتكرر هذا الخطأ ,اقسم لي بحياة غادة" وهنا اقسمت لها بحياة غادة ان لا اجعل احداً اهم منها . ـ "انا الان على ثقة فيك يا حسن، وعلى ثقة باننا سننجح وسننقذ غادة، والصفقة التي عقدتها مع "الكاتو" تنص بأن يطلق سراح غادة فورا بمجرد القاء القبض على الشخص من قبل الكاتو، وان فشلنا فلا انا ولا انت ولا غادة سيكون لنا وجود ...هذه فرصتك وفرصتنا يا حسن ,ومن اجل هذا لم يقم الكاتو بايذائك حتى الان، وانت جزء من الصفقة التي لا خيار لنا غيرها .". وتابعت قائلة : 
ـ سنذهب الان الى الشخص، وسأرسم لك كيف تعود وتتعرف عليه دون أي يشك بشيء ". 
ـ ولكنه عرفني وعرف كل شيء . ضحكت مرح وضحكت معها وقالت : ـ "انا اعلم انك غبي، لهذا لم اثق بك في البداية، وهل تظنني مجنونة مثلك حتى ابعثك للشخص الحقيقي في البداية؟ 
فلو حدث لكنت الان في خبر كان .". ـ ماذا تقولين يا مرح ؟ ـ "نعم، ضحكت عليك واوهمتك بان الشخص الذي قابلته في المطعم هو المقصود، وكل ما عملته بعدها من غباء كان سيورطنا لو كان فعلا هو الشخص المقصود، وما ذلك الشخص الا بشر عادي، لذلك عاملك عندما ذهبت اليه على انك مجنون ومهووس .انا كنت موجودة هناك عند لقائكما حتى زوجته سمعت الحديث وحدث خلاف بينها وبينه لانها ظنته من عالم اخر .". 
ضحكت على المقلب واخذت تحذرني مجددا من الشخص المقصود الذي كنت قابلته فعلا للحظات قراتها من شريط عيوني . 
ـ هذا الشخص خطير يا حسن، ولن يتوانى عن قتلك ان شعر انك تشكل خطرا عليه، وهو قادر على قراءة افكارك بسهولة، وبالنسبة له ما انت الا مخلوق بشري فقط .". 
ـ اذن يا مرح سيكتشفني فورا . 
ـ "هذا صحيح يا حسن ولكني سأعلمك كيف تخدعه .". 


وضحكت انا والجنية مرح على المقلب الذي فعلته بي... ووعدتها ان نبذل معا كل جهد من اجل احضار ذلك الشخص الجني البشري الى المكان الذي تريده ليتسنى لها السيطرة عليه ؛ 
وطلبت من مرح ان تحدثني من جديد عن ذلك الشخص بدون خداع ؛ 
فقالت مرح : ـ لم اكذب عليك في شيء بخصوص هذا الشخص، انه فعلا من علمائنا ، تمرد على سلطة "الكاتو"منذ اربعين عاما وفق سنينكم ، وهرب ليندمج مع البشر ،وقد نجح فعلا في هذه التجربة بعد ان اجتاز كل مراحل الخطورة، خاصة وان الجسد البشري سار بنمو طبيعي دون اية مشاكل،وهذا ما ثبت للمطلعين في عالمنا من خلال متابعتهم لهذه القضية بطرقهم الخاصة..وطوال السنوات الماضية كانوا على علم بكل شيء، ولكنهم كانوا يجهلون الجسد الذي اندمج معه، حتى جاءت بالصدفة قصتك مع اختي غادة ، وزواجك منها وما حدث بينكما من تحد لقوانين الحياة ولقوانين عالمين مختلفين ،هذه الصدفة وما حدث لاختي غادة من القبض عليها وسجنها في سجن "قبة النور " لتقضي فيه بقية حياتها. 
وفي كل التطورات السريعة التي حدثت اجد نفسي انا مرح قد فقدت اغلى ما لدي وهي اختي غادة ،وعليه عقدت صفقة مع "الكاتو " سلطة عالمي على ان اقوم باحضار "المتمرد" والقبض عليه، مقابل الحرية الكاملة لاختي غادة،وقد غامرت بهذا بمكانتي التي بنيتها منذ سنين طويلة، وفي حالة فشلي في ذلك خلال المدة الزمنية المحددة ، فأنك لا تستطيع ان تتصور ماذا يمكن ان يحدث لك ولاختي غادة...والفشل في عالمي لا وجود له ...". 
قلت لمرح : ـ لن نفشل وسنحضره مهما كان الثمن ،ولكن ماذا يتوجب علي ان افعل الان ؟ 
ـ اولا يجب ان نتعرف على الشخص بشكل عادي، وبعدها نبدأ في بناء علاقة معه بشكل حذر، ثم نتحرك خطوة خطوة بناء على تقييمنا للوضع، خاصة واننا نتعامل مع شخص فريد من نوعه، قدراته تفوق قدرتنا، اضف الى ذلك الخطورة التي يستطيع ان يلحقها بنا ان اكتشف ما نخطط له ، فدعنا اولا نقوم بالخطوة الاولى وبعدها استطيع ان اعرف مدى القوة التي وصل اليها، وبناء عليه سنخطط معا كيف نستطيع ايصاله الى "راس المثلث". 



قلت باستغراب: ـ وأين يقع رأس المثلث هذا ؟ 
ـ انه يا حسن في قمة احد الجبال الموجودة في هذه الرقعة من بلادك، وهو احد المواقع الثلاثة عشر الموجودة في العالم، وقلت لك سابقا ان العالم ينقسم الى ثلاثة عشر مثلثا ، وحيث يكون راس المثلث - في البحر اوالبر- تكون هناك خاصية للموقع، وفي بلادك يقع راس احد المثلثات في قمة احد الجبال، الذي لا يبعد عنك الا عشرات الكيلو مترات .". 
ـ ما هي خاصية ذاك الجبل الذي تتحدثين عنه ؟. 
شرحت لي مرح مطولا عن عجائب هذا الجبل . لكني لم استوعب كل ماقالته مرح عن ذلك الجبل الموجود في فلسطين ، شككت بأن مرح تكذب دائماً في كل شيء، ولا يمكن ان تكون صادقة ...فلو قالت لي ان هذا الجبل موجود في عالمنا لكنت اقول صادقة ، ولكن هنا وفي هذه الرقعة الصغيرة من هذا العالم الكبير ؟!!...كيف؟؟. "لكزتني" مرح بيدها وقالت لي وهي تبتسم : 
ـ "مش مصدق يا حسن ؟". 
قلت لها وانا اضحك : ـ بصراحة "مش داخل مخي".. في مكان مثل هذا في هذه البلاد؟ ولو كان موجوداً لسجلناه في عجائب الدنيا ... 
قالت : ـ" اسمع يا حسن، احنا اتفقنا على هدف واحد، وما بدي تشك في كل كلمة بحكيها إلك،وبعدين انت بالذات مش لازم تشك في هيك كلام، لانك شفت اشياء اعجب من هذا، ولاّ نسيت رحلتك مع غادة والبلاوي اللي انت شفتها ...". كان كلام مرح مقنعا فعلا ، فقد رأيت بأم عيني اشياء تفوق الخيال والتصور في عالم الجن ، فلماذا لا استطيع ان اقتنع بوجود مثل هذا المكان . نظرت الي مرح وابتسمت ابتسامة ماكرة وناعمة وقالت : ـ "طيب يا حسن ، بتحب تروح على الجبل اللي بحكيلك عنه..." 
قلت بفرح وبفضول كبير : ـ نعم خذيني الى هناك الان ... ضحكت الجنية مرح وقالت : ـ "برضو مش مصدقني ،حاضر رح اخذك الى هناك ...". واخذت تضحك وكأني قلت على مسامعها نكتة، واقتربت مني وطوقت بذراعيها عنقي، ووضعت جبينها على جبيني واخذت تضحك بصوت عال فأعلى فأعلى ،وقالت : ـ هل انت مستعد ..؟". 
قلت لها : ـ نعم انا مستعد. هيا انقليني الى هناك . ـ " طيب يا حسن، راح احكي لك وين العنوان..و قبل منتصف الليل ..." 
..قاطعتها : ـ ولكن لماذا لا نذهب الان ...؟ ـ صعب الوقت متأخر ،وحتى نصل الى هناك تكون الشمس قد اشرقت .". ـ ولكن لماذا لا تنقليني انت الى هناك ؟ ـ كيف بدك انقلك ! احملك واطير فيك لهناك ؟...انت مجنون ولا بتحلم؟". فاستغربت وقلت لها : ـ ولكن الجنية غادة حينما تزوجتني ، نقلتني الى عالمها خلال دقائق، ولم يكن في هذا أية مشقة عليها ... فنظرت الجنية اليّ وملامح الغضب قد بدت على وجهها ،وقالت : ـ "اسمع يا حسن انا لست غادة ...انا مرح ،فان كانت غادة قد نقلتك معها، فمرح لا تفعل هذا من اجل ارضاء غرورك ،وان كان الفضول يشدك لمشاهدة ذلك المكان فهذه مشكلتك انت وليست مشكلتي، واضف الى معلوماتك، ان غادة حينما نقلتك الى عالمنا لم يكن ذلك بسهولة كما تظن،بل ان غادة تكبدت مشقة كبيرة لتقوم بهذا ...مشقة يصعب عليّ وصفها او شرحها ،ولكنها لم تشعرك بهذا حتى لا تجعلك تنزعج فيما لو عرفت حجم المشقة والتعب والثمن من جراء نقلك. كما ان نقل البشر الى عالمنا لا يتم في أي وقت او في أية لحظة، وانما يجب الاستعداد له مسبقا،كل هذا في حالة ان يتم نقل شخص من عالمك الى عالمي، ولكن ولمعلوماتك ... ". قطعت مرح حديثها واخذت تضحك وتضحك بصوت عال واضافت 


ـ" لا يمكن يا حسن ان اقوم بنقلك الى ذلك المكان لان هذا مستحيل، وهذا شيء مختلف عن نقلك الى عالمي، لانك الان موجود في عالمك، والمكان الذي يجب ان نذهب اليه موجود في عالمك ايضاً ،اذن لا يستطيع احد ان ينقل جسدا ماديا من عالم مادي الى عالم مادي بالطريقة المضحكة التي تفكر بها، صحيح اني استطيع ان انقلك الى هناك لتشاهد كل شيء، ولكني لا استطيع ان انقل جسدك المادي،وانا اريد جسدك ايضا ان يكون هناك مرة اخرى، حتى تستطيع ان تذهب إلى هناك بمفردك افهمت ...". 

ـ طيب يا مرح لقد فهمت ان هناك فرقا بين ان تقومي بنقلي الى عالمك، وبين ان تقومي بنقلي من عالمي الى أي جزء من عالمي، ولكني لم افهم السبب، وبصراحة اكثر لا اريد ان افهم السبب ,اعطني العنوان وسالقاك غدا هناك. وقامت الجنية مرح بوصف المكان وكيفية الوصول اليه بدقة، وابتسمت وقالت : 

ـ "الى اللقاء يا حسن..". 

واختفت كالطيف ,رحلت الجنية مرح وتركتني غارقا في التفكير بها اكثر من ذلك المكان الذي ستأخذني اليه في الغد ,فرغم جمال الجنية مرح الباهر الا انها تتميز باسلوب جذاب في الابتسامة، في الغضب، في الهدوء، في الثورة، وحتى في ظهورها واختفائها فإنها تترك انطباعا غريباً، القوة، الجمال، كل شيء في هذه المخلوقة غريب غريب ... انتظرت حتى صباح الغد، وكلي شوق بانقضاء هذا اليوم للذهاب الى ذلك المكان الغريب، تحركت من البيت في ساعات الظهر بعد ان اخذت قسطا من النوم، وتوجهت الى ذلك المكان الذي وصفته لي والذي يبعد من حيث كنت اسكن مدة ساعتين على الاكثر ، ولم يكن الجبل يبعد عن الشارع العام كثيراً، لذا لم يتطلب مني الا ان اسير على الاقدام مسافة عشر دقائق او ربع ساعة، انتظرتها حيث طلبت مني ان انتظر. كان الجو شديد البرودة عاصفا بالغبار ,والجبال التي تحيط به كانت قاحلة من أي شيء، او ربما هذا ما كنت اراه في الظلام ... 



وما هي الا دقائق، حتى ظهر على الجبل المقابل حيث كنت اقف، شبح ابيض يشير الي بيده ,لم اخف منه بل سرت نحوه لعلمي المسبق بانه لن يتواجد في ذلك المكان الا الجنية مرح، وحينما وصلت الى قمة ذلك المرتفع وجدتها في انتظاري..تدير ظهرها وتنظر الى الاتجاه الاخر. اقتربت منها وقلت: 
ـ مرح.. لم تجبني ,اقتربت اكثر فاكثر، ولم تجبني ،مددت يدي وامسكت بكتفها وسألتها : 

ـ الى ماذا تنظرين يا مرح ؟ قالت : ـ" آه ..يا حسن ,ها انت الان في المكان الذي طال شوقك لرؤيته.". 

نظرت حولي، فلم اجد شيئا غريبا او عجيبا ليجعل هذا المكان مميزاً. فقالت لي : ـ "شو يا حسن مش عاجبك المكان ؟" 

ـ اني لا ارى فيه شيئا غريبا او عجيبا، فهو مكان مثله مثل بقية الجبال التي تحيط به . 

ـ "ما هو العجيب في نظرك؟ ـ طيب احكي مع هذا الحجر وسيرد عليك.". ـ اكلم الحجر... هل تعتقدين بأني مجنون ؟ ـ "لا امزح ...جرب .". نظرت الى الحجر وقلت له : ـ مرحبا يا حجر ! فاخذت مرح تضحك وتقول: ـ " لا اظنك مجنونا!!.. بل انت مجنون حقا ,في حد بحكي مع حجر؟" قلت : ـ مرح الا تكفين عن المزاح ؟ ـ" اسمع يا حسن هذا المكان هو احد اطراف المثلثات الثلاث عشرة في العالم ، وفي هذا المكان الذي هو واحد من ثلاثة عشر يمكن لاي كان من عالمنا ان يلتقي مع أي كائن من بني البشر، ولهذا المكان ميزات كثيرة جدا، لن يكون هناك متسع من الوقت لذكرها ,وما نستطيع ان تلمسه الان هو انك لو نظرت الى القمر لرأيته بوضوح تام ولرأيته انه يتغير في كل لحظة ,المناخ الخاص بهذه الرقعة ,انعدام ثقل الجسد وعدم شعورك بالاعباء الجسدية والفكرية و...". بدأت اتفحص المكان. ورحت اشعر بكل ما قالته ,فانا لا اشعر بأني متعب او اني بحاجة لان اتحرك ,حتى تفكيري كله يتركز في هذا المكان. لا يوجد لي شعور بالحاجة الى أي شيء ,لا ادري كيف يتم وصف مثل هذا الشعور ,ولما نظرت الى القمر رايته قريباً ورايته بوضوح تام وكان في تغير مستمر . "لكزتني" مرح بيدها وقالت :لا تمعن النظر كثيرا في القمر من هذا المكان حتى تستطيع العودة الى بيتك ، والا فلربما لن تستطيع ذلك، اسمع يا حسن سر بهذا الاتجاه عدة خطوات . فسرت حيث اشارت وما هي الا خطوات حتى شعرت بالبرد وبجو يختلف فأحسست كما لو انني انتقلت من عالم الى اخر، ونظرت الى اعلى بفضول فرأيت وكأن القمر ابتعد الاف الكيلو مترات ,اعدت النظر حيث تقف مرح وهي تبتسم فرأيت هالة من نور تحيط بالمكان مع ان المكان الذي وقفت فيه كان يلفه الظلام ,سرت نحوها عدة خطوات فقط وشعرت وكاني تركت جسدي خارجا. يا الله كم هو عجيب هذا المكان . نظرت اليّ الجنية مرح وابتسمت فقلت لها : ـ مرح اليست هذه خدعة اخرى من خدعك الكثيرة؟ ضحكت مرح وقالت : ـ "كلا يا حسن انت تستطيع ان تميز فانت بكامل وعيك، واذا لم يشعر الانسان بوجود هذا المكان في صحوته ، فإنه سيجده مثل بقية الاماكن ". ثم اردفت : ـ في هذا المكان تستطيع ان تفكر في أي شيء وان تحصل على أي شيء، وان تصل الى أي شيء، وان ترى أي شيء ,هذا المكان يخلو من المستحيل .". فقلت : ـ اذا انا فكرت في الحصول على شيء ما، هل احصل عليه فعلا؟ ضحكت وقالت : ـ "انتم البشر غريبو الاطوار، تريدون كل شيء بلا مقابل ,نعم يا حسن انت تستطيع في هذا المكان ان تفكر بالحصول على أي شيء وستجد الطريق الى ذلك الشيء بسهولة مهما كان ,ولكن يبقى عليك فور خروجك من هنا ان تقوم بالخطوات للوصول الى الشيء الذي اردته ". قلت : ـ اذن انا لا احصل على أي شيء في هذا المكان سوى الاحلام، وان اردت سأجدها خارج هذا المكان.. قالت مرح : ـ اسمع يا حسن من اجل الوصول الى أي شيء، تحتاج الطريق للوصول اليه ,وفي حال عرفت الطريق الى الشيءالذي تريده، فأن تحقيقه يصبح سهلا، وهنا نجد الطريق الى أي شيء وفي الخارج نقوم بتحقيقه..". اثناء حديث مرح، بدأت بالفعل افكر في شيء واحد، اني حقاً قد وجدت الطريقة الى تحقيقه ,ولم احدث الجنية مرح كما فكرت فيه، ولم ادعها تقرا او تشعر باني افكر بشيء . قلت للجنية مرح : ـ هل استطيع العودة الى هنا في أي وقت اريده؟ ـ نعم تستطيع، ولكني لا انصحك بان تفعل ذلك لعدة اسباب لا استطيع ان اشرحها لك ...دعنا من كل هذا وتعال الى الواقع". وخرجنا من ذلك المكان واخذنا نسير معا لأن الجو قد اصبح اكثر دفئا، والقمر قد اطل ومرح تحدثني عن الحياة ,وشعرها الطويل بين الحين والاخر يلامس وجهي، وسرنا حتى توقفت في مكان مقفرٍ فيه بقية من اشجار واعشاب صفراء كانها ماتت منذ سنين ,اضفت على المكان جوا من الوحشة تفوح منه رائحة الموت والخوف من المجهول ,حتى نور القمر الذي اضاء المكان كان يضفي عليه وحشة مجهولة ، وبين حين واخر كانت نسمات الهواء تحرك اوراق الشجر اليابسة محدثة خرخشة وكانها انفاس وحش كاسر . كل ذلك يطغى على المكان، فيقشعر بدن الجالس فيه وكان امامه "اوركسترا " تعزف لحنا جنائزيا تخر امامه اشجع النفوس ,اما الاحجار المبعثرة هنا وهناك، فكانت تبدو بظلالها وكانها قبور اصطفت لتثير القشعريرة في جسدي . جلست مرح بثوبها الابيض الشفاف الناعم الذي بالكاد يخفي مفاتن جسدها، وحينما انسدل شعرها الاسود الطويل امتزج لونه باشعة القمر ولون الحجر الرمادي الذي تجلس عليه وكأنه مصطبة قبر بدون شاهد ,مزيج من الالوان تداخلت لارى الثوب الابيض قد تحول الى اللون الزهري، فزاد ذلك الجسد انوثة واثارة ,وتحت ضوء القمر، تنحني مرح بخفة وتمد يدها نحو الارض لتلتقط حفنة من الاوراق اليابسة الرمادية الصفراء , 




واثناء وعودتها لوضعها الطبيعي وقبل ان تعتدل بجلستها، كان شعرها الاسود يلامس الارض، وحدة البصر كانت تقع مني على صدرها الذي تنبعث منه رائحة شهوانية شرهة، كانت تصطدم برغباتي البشرية، وسط روائح الموت الذي يفوح من كل جزء في هذا المكان. تفرك الجنية مرح بكفيها الاوراق، وتلقيها على شعرها وجسدها ووجهها وصدرها، حتى الاوراق الجافة الميتة، تلتصق بها وكأنها تشتهيها ,وهاهي مرح تداعب شعرها وطيات ثوبها، ومع كل حركة تقوم بها كانت تفجر في داخلي رغبة شهوانية اعنف من الاخرى، وبحركة خفيفة رشيقة تستلقي على مصطبة القبر الرمادي، واضعة احدى يديها تحت راسها،واليد الاخرى تسير بها على جسدها، ابتداء من العنق وانتهاء باخمص القدم في حركات شهوانية وكأنها تضاجع اشعة القمر ,تتقلب بجسدها على مصطبة القبر ومع كل حركة تقوم بها يتطاير شعرها، ليظهر ويكشف جسدها الشيطاني الساحر، رمقتني بنظرة ناعمة تتقد شبقا وشهوة، ونادتني حيث اقتربت منها بخطوات مثقلة . مدت يدها وجذبتني بقوة لاسقط بجانب ذلك الجسد الساحر الفاتن، واخذت تداعب باناملها شعري ووجهي وشفتاي، وتحيط بذراعيها عنقي، وتهمس بصوت ناعم هادىء عبارات تنسل مثل الموسيقى ,لا افهم ولا اعي لها معنىً، واخذت يداي وشفاهي تعبث بجسدها بجنون لتسقط عن مصطبة القبر الرمادي الى الارض ,وعندها امتزج جسدها بالاوراق اليابسة التي كانت تغطي المكان، وجنون الامتزاج يخيم على الموقف . حبات تراب علقت ببعض قطرات العرق التي تصببت من لقاء الاجساد ، ومن إستعار التقاء الشفاه بالشفاه، قبلات طغت حرارتها على رطوبة الارض ورائحة الموت وجنون الشهوات، تحت اشعة القمر الناعمة، ساعات شهوانية حيوانية شيطانية، دون سيطرة او ادراك او ارادة . ومرح تارة تكون ناعمة هادئة، وتارة اخرى تكون متوحشة مفترسة، تغرس اظافرها في جسدي، وتشعر بالنشوه لايلامي .مرت ساعات كنت ادري خلالها..او لعلني لم اكن ادري...لكني ادري انها استطاعت ان تفجر بداخلي الشهوات الحيوانية المكبوتة . لم افق الا على رائحة الموت المنبعثة في هذا المكان من كل شيء، وكأني في معبد الشيطان , وصحوت على صوت ضحكات مرح الجنونية تملا المكان، تضحك بجنون، وانا منهك القوى، ليعود الي رشدي على صوت مرح : ـ حسن والان قل لي ، اكنت تريدني ام تريد غادة ....". جعلتني كلمات الجنية مرح اشعر كم يكون الانسان تافها وضعيفا امام لحظة شهوة ...لقد جعلتني كلماتها اعود الى نفسي بعد الساعات الشهوانية الحيوانية التي قضيتها معها، والتي استطاعت خلالها ان تنسيني كل شيء تماماً ,وتسيطر على كل جزء في جسدي وعقلي . فقد جئت الى هذا المكان مع اخت غادة من اجل غادة نفسها، وفي أحضان الاخت نسيت غادة !!! نعم انا خجل من نفسي على ما حدث، واشعر بندم كبير . اذ كيف يختفي ويذوب الحب الكبير الذي احمله بقلبي للجنية غادة، يذوب في لحظات شهوانية في احضان اختها ؟ ما زال سؤال الجنية مرح " حسن "اتريدني ام تريد غادة ؟" يدور في راسي... ما الذي تقصده ؟؟ وما الذي تسعى للوصول اليه هذه الجنية الملعونة ؟ولماذا ارادت ان اخون اختها غادة...لماذا ؟كيف تقول بانها تحب اختها وان اختها كل شيء في حياتها وتجعلني في نفس الوقت اخونها ؟انها فعلا شيطانه ###### جداً ...لا يهمها الا المتعة ,ولا يهمها الا ان تتسلى بأي شيء وبكل شيء... لقد جعلتني اخون حبيبتي، واخون نفسي، واخون كل شيء امام لحظات الشهوة والمتعة ...خلال صمتي وتفكيري بهذه التساؤلات، كانت الجنية مرح تقف تنظر الي بهدوء، تبتسم وكأنها تقرا افكاري.. نظرت اليها وقلت : 

ـ لماذا يا مرح ؟ 
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 8:23 am

ـ "لماذا ماذا يا حسن ؟" 

ـ لماذا جعلتني اخون غادة ؟ ـ "وما دخلي انا بما فعلت انت ؟" ـ انت اردت ان يحدث هذا يا مرح ! ـ " هذا صحيح انا اردت وعندما تريد مرح شيئا فانها تحصل عليه، ولكن ما دخلي انا فيما اردته انت وفكرت فيه انت وفعلته انت "؟؟ ـ ولكنك سيطرت علي وعلى افكاري ! ـ "كلا يا حسن انا لم اسيطر عليك، ولم اكن بحاجة لان اسيطر عليك، مادمت انت لا تستطيع ان تسيطر على نفسك ". ـ الا تشعرين بانك قد خنت اختك غادة بما قمت به مع زوجها؟ ضحكت مرح وقالت بتعجب : ـ وما دخلي انا فيما حدث ,ولماذا يجب ان اشعر باني قد خنت اختي ؟ان ما حدث بالنسبة لي امر عادي جدا، فإن اردت شيئا احصل عليه، وبدلا من ان تسألني، اسأل نفسك ايها العاشق.. يا زوج اختي العزيز: ما شعورك وماذا تريد ؟". اشحت بعيوني عنها وانا اشعر بالخجل والندم على ما حصل ، وقلت لها : ـ صحيح انك مخلوقة غريبة الاطوار يا مرح ,فكل شيء له عندك تفسير، حتى الخيانة عندك لها تفسير ! 

فقالت : ـ حسن ,انا لا اجد لهذا الحديث اية قيمة او معنى، لقد حدث ما حدث وانتهى، فاذا اردت انت ان تعطي للذي حدث قيمة اكبر مما يستحق ، فلا داعي لان تلقي باللوم على غيرك، انتم البشر غريبو الاطوار فعلا ,ولسنا نحن الغرباء ، انتم جبناء حتى بتفكيركم ,ونحن ان فعلنا شيئا، أي شيء، فلا نهرب مما نفعل ولا نخاف منه ,اما انتم بنو البشر، فان فعل احد منكم شيئا وكان جيدا، تسابقتم جميعا ليدعي كل منكم انه هو الذي قام به ,وان حدث شيء وشعرتم بانه خطأ، بدأتم جميعا بالتنصل من المسؤولية عنه ورحتم تلقون اللوم على الاخرين، او على الظروف وكأنه لا دخل لاحد منكم بما حدث...تتحدث عن الخيانة والخيانة هي من طبع البشر منذ وجدوا، الخيانة فيكم منذ الازل، تنمو وتكبر معكم كل يوم ,ففي احلامكم خيانة، وفي افكاركم ويقظتكم وحبكم وكرهكم خيانة... مُثُلكم خيانة ,انتم هكذا، وستبقون كذلك، وان لم تجدوا شيئا تخونوه فستخونوا انفسكم ,فلا تنس ايها العاشق الولهان الذي تحيا على ذكرى غادة، ولا شيء لديك له قيمة بدون غادة، بانك في احضان واحدة اخرى، نسيتها ، او تناسيتها !!!. واضافت قائلة : ـ تعال يا حسن لنتذكر غادة بدلا من اضاعة الوقت في كلام لا يجدي نفعا. تعال نبدأ بالعمل من اجلها لانقاذها من الاسر ". 
قلت لها : ـ صحيح اني لن استطيع ان اهزمك حتى بكلامي يا مرح ، فأخبريني ما الذي عليّ فعله الآن ؟ 

ـ الان يا حسن، ساعطيك عنوان ذلك الشخص، وكل المعلومات التي تحتاجها عنه لتبدأ غداً الاتصال به، حتى نستطيع احضاره الى المكان الذي نريد، ويتم القبض عليه، وتحصل غادة على حريتها، وسأشرح لك كيف يجب ان تتصرف مع هذا الشخص .". وتابعت : "اولا :لا تنظر في عيون هذا الشخص كثيرا، ولا تفكر بأي موضوع اخر خارج الموضوع الذي يدور فيه الحديث ، وحذار ان يتشتت ذهنك اثناء الحديث معه، كما اطلب اليك ان لا تبالغ بالتركيز فيما يقول، فالانسان العادي لا بد له ان يشرد بذهنه ولو قليلا، فاعمل على ان تشغل ذهنك بأمور وصور عادية، مثل الاهل والاقارب والبيت ...الخ !اما ان حصل وتحدث معك حول موضوع يثير انتباهك ويشدك فأبدا فورا بالتفكير بموضوع عادي ...واحذر يا حسن ! فهو يستطيع ان يقرا الافكار التي تدور في مخيلتك ... حتى الصور التي تراها، يستطيع هو ان يراها بدقة ,واعلم جيدا بأن الخطوة الاولى التي سيقوم بها هي الاطلاع على الذاكرة الخاصة بك وما تحويه ، ويقوم بذلك من خلال جعلك تفكر بالماضي بطريقة غير مباشرة، فاحرص على ان لا تفكر الا بالامور العادية فقط لا اكثر ". واستمرت الجنية مرح في حديثها وهي تعلمني كيف يمكن للانسان ان يتحكم بالافكار وردات الفعل الطبيعية ,وحتى بالاحاسيس والعواطف، لأقتنع انه لو نفذ الانسان ما تقوله هذه المجنونة، لتحول الى جهاز >يحب "ان صدرت له الاوامر، و>يكره " ان صدرت له الاوامر. وانهت مرح حديثها قائلة : ـ" والان يا حسن، اثق بأنك ستنجح في الوصول الى هذا الشخص، وكل ما يتوجب عليك فعله، هو تكثيف علاقتك معه قدر المستطاع، وبعدها سنقرر ما الذي سنفعله ...والآن يا حسن سأغادر من هنا، وكلي ثقة بأنك ستنجح ,ولا تنس ان نجاحك يساوي حرية غادة، ولقاءك بها تذكر ذلك جيدا يا حسن.. واختفت مرح بسرعة تفوق سرعة الضوء من امامي ...تركتني وحدي مع طيف غادة وذكراها ,وكأنها تعمدت ذلك لتزرع في داخلي التصميم على النجاح في هذه المهمة".. قمت بزيارة ذلك الشخص عدة مرات، حتى اعتاد علي، وتوطدت علاقتي به طيلة عشرة ايام، وانا اقوم بزيارته اتحدث معه، واتناول الغداء "والعشاء احيانا "معه ...واعود الى البيت لانتظر الجنية مرح، ولكنها لم تظهر حتى شعرت انها اختفت الى الابد من حياتي ,لماذا لم تظهر خلال هذه الفترة ؟وما هو السبب، لا ادري !!لكن الجنية التي ما تكاد تختفي حتى تظهر من جديد، والتي اشعرتني بانه لا شغل لها الا انا، لم تكتف بالظهور في يقظتي، بل غزت حتى احلامي ونومي ...". تواصلت علاقتي بهذا الشخص "الجني البشري" كما وصفته الجنية مرح، حيث لم اجد فيه خلال هذه المدة شيئا مميزا عن البشر،فهو انسان عادي جدا بشكله وشخصيته، ولا يوجد في تصرفاته أي شيء يميزه عن البشر، وعلى عكس ما قالت الجنية مرح بشان خطورته ..وجدته طيب القلب، حتى احببته من كل قلبي، واعتدت على رؤيته والتحدث اليه . استمرت علاقتي بهذا الانسان، او ما تسميه الجنية مرح "الجني البشري "، عدة اسابيع، ولم تظهر خلالها مرح ولو للحظة ,مع اني كنت انتظرها كل يوم دون جدوى ,فأين اختفت ولماذا؟وهل ستعود، او ربما انها لن تعود ؟ اسئلة كثيرة كهذه تزاحمت في رأسي. لم اعد افكر في شيء الا ان اراها، فكلما سمعت صوتها او رأيت ضوءاً فقفزت من مكاني ظنا مني بأنها هي، ولكن عبثا، فهي لم تظهر، وبعد ثلاثة اشهر من الانتظار، تيقنت انها لن تعود، او انها اصبحت جزءا من الماضي، وتحولت علاقتي بذلك الشخص العادي جدا الى علاقة بين صديقين، حتى اني نسيت فعلا ما زرعته الجنية مرح براسي حول كونه "جنياً بشرياً ". وفي احد الايام دعوته الى بيتي لتناول طعام الغداء مع اسرتي ,فحضر وتناولنا طعام الغداء معا،شربنا القهوة وتحدثنا في مواضيع كثيرة استطيع القول بأنها مصيرية منها انه تآمر مع والدتي على ان يزوجاني، واثناء خروجه من البيت توقف قليلا امام مجموعة من التحف البسيطة كانت موضوعة على "فترينة" الصالون قرب باب الخروج، وكان بين هذه المجموعة عدة حجارة عادية امسك باحدها وسالني :من اين جلبت هذه الحجارة؟". فقلت له :لا اعرف وسألت والدتي عنها ,فقالت :"احضرتها اختك على ما اظن" , سألت اختي وقالت انها احضرتها معها اثناء قيامها بنزهة قبل عام او اكثر . 



قال : ـ فعلا انها حجارة جميلة ومميزة!! وطلب ان يحتفظ بواحد منها فلم نمانع ,فهي مجرد حجارة، وودعته حيث ركب سيارته وعاد ادراجه . وفي اليوم التالي حضر الينا وشرب القهوة وقال : ـ "لقد جئت لأسال اختك عن مكان هذه الحجارة ، لأني وجدت انها تصلح لعمل تحف تذكارية...". وجاءت اختي وجلست معنا وحكت له بانها لا تتذكر بالضبط من اين احضرتها . قال لها وهو يضحك : ـ" مش مهم..". ثم فتح كفه ونظر اليها وقال : ـ انظري الى الحجر، اليس جميلا ؟ وما ان نظرت اختي الى الحجر حتى قالت : ـ نعم تذكرت . وبدات تحكي له بدقة متناهية عن كل ما حدث معها 


في ذلك اليوم ولكنها لم تستطع ان تتذكر من اين احضرت الحجارة ,حتى ان الدقة التي بدأت تصف فيها ذلك اليوم أثارت ارتيابي بأن وصفها المفاجىء بعد النسيان لم يكن مجرد صدفة وأن هذا الشخص قد فعل شيئا حتى اعاد الى اختي الذاكرة بهذه السرعة . 
وهنا انتابني احساس بان ما قالته مرح عن هذا الشخص ، انه "جني بشري " صحيح ,وعلى الفور تصرفت بشكل عادي وطلبت من اختي ان تحضر لي كأس ماء حتى اصرفها من امامه خوفا من ان يبدا بقراءة افكارها ، خاصة وانها تعرف عن علاقتي بالجنية غادة ...واخذنا نتحدث معا لعدة دقائق، ثم غادر البيت بعد ان ودعته وانا اتساءل عن سر اهتمامه بهذه الحجارة ، اذ لا بد ان في الامر سرا معينا ,وذهبت الى اختي وسالتها عن الحجارة، واخذت تضحك وتقول : 

ـ شو حكايتك انت وصاحبك ؟شو عمركم ما شفتم حجار؟ شو القصة ؟شوية حجار اعجبني منظرها واحضرتها معاي...". 

فضحكت انا ايضا وقلت يبدو لي اني بالغت في ظنوني فلا شيء يستحق الاهتمام. 

ثم خلدت الى النوم قرابة منتصف الليل حتى افقت بعد ساعة او ساعتين من نومي بشكل طبيعي جدا، ففتحت عيوني لارى الجنيةمرح تجلس على الكرسي الموجود في اخر الغرفة، مرتدية ثوبا ابيض ملائكيا واضعة ساقها اليسرى على اليمنى، ومتكئة بخدها على يدها تنظر الي بهدوء وهي شاردة الذهن تتأمل؟؟؟فركت عيني لأتاكد ان كنت احلم ام انا في يقظة، قفز قلبي من الفرح لرؤيتها ,فقمت من فوري وجلست انظر اليها...خاطبتني بصوت هادىء وملائكي : 

ـ" صحت النومة يا حسن !" 

قلت : 

ـ مرح.. اين انت يا مرح ؟ 

اجابت مبتسمة : 

ـ" انا هنا يا حسن، كنت انتظرك حتى تفيق !" 

ـ لماذا اختفيت وتركتني ؟ 

فابتسمت بخبث وسالت : 

ـ اشتقت لي يا حسن ؟ 

فارتبكت ولم ادر ما اقول ! 

فابتسمت واعادت السؤال : 

ـ "بتحبني يا حسن ؟" 

ولاادري لماذا اصابني الارتباك ولم استطع الاجابة . 

اضافت بخبث : 

ـ "انا اعلم انك تحبني، وانا أيضاً بدأت احبك يا حسن ..." 

حاولت ان اغير الموضوع وكأني اهرب من شيء لا اعرفه، وبدات احكي لها عن علاقتي مع ذلك الشخص...وسألتها : 

ـ اما حان الوقت لنوصله الى ذلك المكان؟ وما هي الطريقة لذلك...؟ 

ابتسمت وقالت : 


ـ "نعم حان الوقت، لهذا حضرت ,غدا ستقوم بذلك ..." 

قلت: 

ـ كيف ساقنعه وماذا ساقول له ؟ 

ضحكت مرح وقالت : 

ـ "هو الذي يجب ان يقنعك، سيحضر غدا وسيبذل كل جهده في خلق قصة لاقناعك ان تذهب معه انت واختك لترشداه الى المكان الذي احضرت منه اختك الحجارة . 

قلت لها وانا مندهش: 

ـ لا افهم ماذا تقصدين ما هو دخل اختي في هذا الموضوع وما حكاية الحجارة؟؟؟ 

قالت : 

ـ" لاتسال اسئلة كثيرة فهذا شيء لن تفهمه .المهم ان الامور سارت على ما يرام، وسينتهي كل شيء غدا او بعد غد .". 

غضب كبير انتابني وحيرة اكبر ساورتني مما قالته لي ,وما دخل اختي؟ وما هي حكاية هذه الحجارة التي احضرتها اختي قبل عام، أي قبل ان اعرف ما الذي تريده مرح ؟ 

قلت ولم اتمالك الاستفزازات والغضب الذي اصابني : 

ـ اسمعي ِ يا مرح، لقد اتفقنا على ان افهم قبل ان اقوم باي شيء...انا لن افعل أي شيء ولن اتحرك خطوة واحدة قبل ان افهم ماذا يحدث ... لقد تركت لك المجال ان تلعبي بحياتي كما تشائين اما أختي و عائلتي واهلي، فلن اسمح لك تحت بأي ثمن ان تعبثي معهم ...لا انت ولا كل الجن الذي معك . 

هزت مرح راسها بهدوء وقالت : 

ـ "طيب، لما اطلب منك تسمحلي تسمحليش، ولما انا اسألك شو لازم اعمل، تقوليش ,واذا بطلع في أيدك اشي تعملو علشان تمنعني سويه، ما تخاف ,ومدام لهلأ ما بطلع في يدك إشيء وما بتقدر تعمل إشي خليك ساكت واسمع الكلام علشان انا اظل احبك ,وكلامك الفاضي بزعلني شوي، وانت بتعرف أنو مرح مش مليح تزعل، فخليني مبسوطة علشان اظل احبك واحب اهلك معك , فهمت يا حسونة؟". 

فعلا لقد استطاعت مرح بهدوئها واسلوبها الساخر ان تهزني من الاعماق ,وما اصعب ان يشعر الانسان انه ضعيف لا يستطيع عمل شيء سوى الكلام والصراخ والبكاء التي هي اسلحة الضعفاء، لكن ماذا عساني استطيع ان افعل مع هذه الجنية الخبيثة سوى ان اكظم غيظي وانتظر ... 

قطعت الجنية مرح صمتي وتفكيري قائلة : 

ـ "العواطف شيء جميل يا حسن، ولكن فيما نحن فيه لا قيمة لها، انا لا اقصد بكلامي الاساءة اليك، ولكني اريدك فعلا ان تفكر بدماغك، وان تتصرف بناء على الواقع الذي انت فيه .فلا الغضب ولا الحب ولا الكره سيفيدنا بشيء ,وما دمنا لا نستطيع تغيير الواقع، فلنتصرف بناء على ما يمليه علينا الواقع ,وانا لم افكر حتى هذه اللحظة بالمس باهلك باي سوء، ولن افعل، ولا تنسى أن هدفنا واحد يا حسن وهو انقاذ غادة، ولكن الفرق بيني وبينك هو ان عواطفك تتغلب على عقلك، ونحن يا حسن لا نفكر اليوم بما سيحدث اليوم، وانما نقوم بحسابات دقيقة لما سيحدث بعد عدة سنوات.". 


واضافت بحزم : 

ـ انا خططت منذ مدة طويلة لهذه الفرصة لحظة بلحظة؛ ان يدخل هذا الشخص الى بيتكم؛ ويرى الحجارة بالصدفة، ويبدا بالبحث عن مصدرها ومن احضرها... ليجد ان الحجارة موجودة منذ مدة في بيتكم، وان من احضر الحجارة قد احضرها بالصدفة، وان كل شيء طبيعي وبمحض الصدفة. وذلك لأن هذا الشخص من النظرة الاولى الى الحجارة يستطيع معرفة متى احضرت الى بيتكم بدقة، ومن حديثه معكم ,يستطيع ان يعرف ان كانت الحجارة موجودة في بيتكم بالصدفة، أم ان هناك سراً ما وراء وجودها، ولو أن الحجارة كانت موجودة في بيتكم منذ شهر أو اثنين ،سيشك في الموضوع . وكل ما قمت به انا هو ترتيب الظروف وتهيئتها لان تقوم اختك برحلة مع صديقتها، وتجد الحجارة بالصدفة وتقوم بنقلها الى بيتكم دون ان تشعر بأي شيء غير طبيعي، وان تسير الامور وكأنها صدفة في صدفة. وانت يا حسن تتعرف على ذلك الشخص وتقوم ببناء علاقة وطيدة معه وحتما كان سيحضر الى بيتكم في يوم ما بالصدفة ودون ترتيب، ويرى الحجارة بالصدفة، ولم يكن معروفا متى سيحضر وكنا على استعداد ان ننتظرهذه اللحظة حتى ولو بعد سنوات على شرط ان تكون بدون ترتيب، ولو انك عرفت الخطة او عرفت بأمر هذه الحجارة لاستطاع هو ان يعرف الحقيقة خلال اقل من لحظة ,وقد سارت الامور على ما يرام وكما خططت لها من قبل، حتى قبل لقائي بك يا حسن! ومتأكدة انك تريد ان تعرف سر هذه الحجارة ...هذه الحجارة يا حسن ماخوذة من ذلك المكان الذي قمت انت بزيارته، وهو المدخل الى عالمنا، ونقطة الالتقاء بين عالمنا وعالمكم، وهذه الحجارة عادية جدا ولا يميزها أي شيء، الا ان الشخص الخبير في شؤون عالمنا يستطيع ان يعرف ان هذه الحجارة تكون موجودة فقط في ذلك المكان، وصديقك الشخص المقصود عرف ذلك بنظرة واحدة ، وبما انه يبحث عن ذلك المكان ليعيد اليه ذاكرته كاملة، ويعطيه القوة المميزة، فمعرفة مكان هذه الحجارة هو معرفة اين يقع ذلك الموقع ,فإن الحجارة كانت الطعم الذي سيدفعه للتوجه الى الموقع الذي اعددناه للقبض عليه ولن يستطيع الوصول للموقع الا بمساعدة اختك، وخاصة انه عرف من خلال اطلاعه على ذاكرة اختك انها لا يمكن ان تتذكر الموقع بدقة الا اذا كانت هي موجودة بالقرب منه، وهكذا وبما انه يعرف انه لا يستطيع ان يطلب من اختك ان تذهب معه، فسيطلب منك انت ان تحضرها وتذهب معه الى ذلك المكان طبعا سيخلق لك اسبابا مقنعة لذلك، افهمت يا حسن ؟". 

فضحكت ولم استطع اخفاء اعجابي من ذكاء مرح الخارق، وقلت لها: 

ـ فعلا الان تاكدت باني لم اكن الا" طرطور" لك ولمخططاتك يا مرح ..... 


قالت مرح : ـ "حسن ,فور القبض على هذا الشخص سوف تستعيد غادة حريتها وتستطيع ان تلقاها ,ام انك لا تريد ذلك؟؟؟". 

واختفت الجنية مرح كعادتها بعد ان شرحت لي خطتها الجهنمية في استدراج الجني البشري الى ذلك الجبل الذي تم ترتيب الكمين فيه ليتم القبض عليه هناك .وقد دهشت لذكاء مرح، وتعجبت كيف استطاعت ترتيب الامور بهذه الطريقة!!. 

ولكن، هل ستسير الخطة كما خططت لها ؟وهل سيحضر ذلك الشخص الى بيتنا ليحاول اقناعي بأن نذهب انا واختي معه ليعرف مكان "الحجارة" ومن أي جبل اخذت ؟ 

وبعد مرور يوم واحد، حضر "صديقي "( الجني البشري) الى بيتنا ,وما ان تناول القهوة، حتى بدأ يختلق القصص لأقناعي بالذهاب معه انا واختي الى المكان الذي احضرت منه الحجارة وقدم لي اسبابا مقنعة ,لم ارفضها بل على العكس، وافقت عليها، وفورا وتوجهت معه انا واختي حتى وصلنا الى ذلك المكان الذي كانت فيه وصديقتها اثناء رحلة قامتا بها مؤخرا . 

اخذت اختي تنظر حولها كي تتذكر من اين احضرت الحجارة، وكان الشخص ينظر اليها، وكانت الفرحة والسعادة تقفز من عيونه او انه مقبل على لقاء عشيقته او حبيبته التي طال فراقها، ويسأل اختي حاثا اياها على التذكر : 

ـ "من اين احضرتِها ...من اين احضرتِها "؟؟ 

بينما كانت اختي تنظر حولها وفي عيونها استغراب مما يحدث ,فتصرفات "صديقي" اللاشعورية كانت تدل على ان قدومنا الى هذا المكان، ليس لمجرد معرفة مكان الحجارة او من اجل جمع بعض الحجارة... 

وقفت اختي محتارة وقالت : 

ـ" انا لا اذكر شيئا ...انا لا اذكر شيئا !" 




واقترب الصديق من اختي واخذ يحثها على ان تحاول التذكر دون جدوى، ويبدو انه عجز عن معرفة المكان، كما يئس من المحاولة، حيث بدأنا طريق العودة الى البيت، والحزن يخيم على "صديقي" 

وفجاة ودون سابق انذار، توقفت اختي واستدارت الى الخلف واشارت باصبعها نحو احد الجبال القريبة وقالت: 

ـ "نعم ,هناك وجدت الحجارة ...من هناك جلبتها !" 

وقفز صديقي من الفرح، واخذ يسير باتجاه ذلك الجبل مسرعا، وكأن الجبل سيهرب اذا لم يصله، كنت انظر اليه ومشاعر الاسى تنتابني وانا اراه يسير باتجاه ذلك الجبل الملعون وما ينتظره فيه، اغمضت عيوني حتى لا اراه يصل الى ذلك المكان وقلبي يتمزق حزنا عليه وضميري يؤنبني بانني السبب لما سيحدث له .فانا الذي استدرجته الى هذا المكان، وانا هو الذي خدعه !ما ذنبه هو؟ وماذا فعل بي لافعل به هذا؟ 

لماذا ساعدت الجنية مرح في استدراجه ؟شعور بالاسى والحزن وتأنيب الضمير يكبر في داخلي كلما سار خطوة اخرى نحو ذلك الجبل، وبدون أي شعور صرخت باعلى صوتي عليه "ارجوك لا تقترب من ذلك الجبل "حتى شعرت ان الوادي كله قد اهتز من صرختي . 

توقف في مكانه والتفت الي واخذ يسير نحوي ثم اقترب مني والشرر يتطاير من عينيه وملامح الغضب بادية على وجهه . ادركت بأني بتحذيره قد ارتكبت خطا، وتذكرت كلام مرح عنه وعن خطورته . 

لم ادر كيف اتصرف ...لقد دب الرعب في قلبي وايقنت بانه سيقتلني اذا عرف انني غررت به وجررته الى كمين ,فاستجمعت قواي وحاولت السيطرة على نفسي حتى لا يقرا افكاري ويعرف ما دبرت له. 

اقترب مني اكثر فاكثر ونظر الي وهمس قائلا : 

ـ دعنا نرجع الى البيت . 

وطوال الطريق لم يتفوه بكلمة واحدة، ولم يهمس بحرف واحد، بل بقي شارد الذهن ,وكان بين الفينة والاخرى يرمقني بنظرة تدب الرعب في قلبي وانا اتساءل بيني وبين نفسي : 

ـ هل عرف ؟؟هل استطاع ان يقرا افكاري ,لا بد انه عرف والا لم هذا الغضب ؟ولماذا لا يتكلم او حتى يبتسم ؟لا بد انه سيفعل بي شيئا...ربما سيقتلي !!اذا لماذا لم يقتلني فورا ؟ماذا حدث ,لا ادري هل عرف الحقيقة ام لم يعرف ؟لا ادري ..اني لا ادري. 

وصلنا الى البيت وهو مازال صامتا ,حيث نزلت اختي من السيارة ونزلت انا ودعوته ليتناول معنا فنجانا من القهوة ,فرمقني بنظرة خبيثة، ونزل من السيارة ودخل معي البيت دون ان يتفوه بكلمة . 

طلبت من اختي ان تعمل ابريقا من القهوة ,وطلب مني هو ان نصعد ونجلس فوق السطح .لم امانع ابدا ...صعدنا وجلسنا وهناك قال لي :تفضل يا حسن احكي ! 

قلت له : 

ـ شو احكي ؟ 

قال غاضبا : 

ـ احكي القصة من اولها الى اخرها ! 
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 8:25 am

ـ لا افهم عمّ تتحدث !وما هي القصة التي تريد ان تسمعها مني؟ 

ابتسم وقال : 

ـ اسمع يا حسن ...لم اكلمك طيلة الطريق الى هنا واردت ان تكون في بيتك حتى يطمئن قلبك.والان اتمنى ان تكون صادقا معي ! 

قلت له متلعثماً : 

ـ انا لا افهم ماذا تقصد ؟ 

رمقني بنظرة حادة وقال : 

ـ اسمع يا حسن، لقد استطعت خداعي منذ البداية، وقد وفقت بذلك حتى اللحظة الاخيرة، وصدقني انا لم اكتشف خداعك لي طيلة هذه الفترة، وبما انك لم تستطع الاستمرار في خداعك حتى اللحظة الاخيرة، فلا داعي لان تستمر في ذلك الآن. احكي لي ما هي حكايتك ؟وماذا تعرف عني ؟لماذا اردت ان تستدرجني الى ذلك المكان ؟". 

فقلت له : 

وان عرفت الحقيقة ماذا ستفعل بي ؟ 
ضحك وقال : 
ـ لقد عرفت الحقيقة منذ اللحظة التي طلبت مني ان ابتعد عن ذلك الجبل، ولم افعل لك شيئا حتى الان. 

ـ ما دمت قد عرفت ,فلماذا تسألني اذن ؟ 

ـ ما استطعت معرفته هو ما يخصك انت ,وما استطعت ان اقرأ افكارك الا في تلك اللحظة التي لم تتمالك نفسك فيها، وطلبت مني العودة. 

ولا انكر بأنك قد اكتسبت خبرة جيدة في اخفاء الجزء الاكبر من الافكار حتى لا يستطيع احد ان يقرأها.والان اريد ان اسمع منك بصوتك وبلغتك القصة لا من خلال قراءتي لافكارك . 

ـ انا على استعداد ان احكي لك كل ما تريد ان تعرفه .ولكن قل لي انت من تكون ؟هل انت فعلا "جني بشري"، وانك تمردت على" سلطة الجن" وهربت منهم واندمجت مع احد البشر ؟؟؟ 

ـ "اسمع يا بني ...انت تتحدث كالاطفال الصغار، واخجل من نفسي كيف تمكن غبي مثلك ان يخدعني كل هذا الوقت !!انظر الي ايها الغبي ...الا تراني بشرا مثلك ؟كل تلك الفترة الماضية التي كنت فيها معي، هل لمست عكس ذلك ؟". 

قلت له : 

ـ اذن ...لماذا توجهت الى ذلك الجبل؟ وكيف استطعت ان تقرا افكاري في اقل من لحظة واحدة؟ وماذا يريد الجن منك ؟ 

فقال لي بلهجة المشفق على حالي : 

فكرت فيما قاله هذا الشخص وسالت نفسي :"هل احكي له ام لا؟ ولكن ماذا ساخسر ان حكيت له؟ لا اعتقد بان هناك شيئا ساخسره، فالجن لن يرحموني ان حكيت او لا، فقد افشلت خطتهم بالقبض عليه " . 

بدأت اروي له حكايتي منذ معرفتي بغادة وزواجي منها والقبض عليها وظهور اختها مرح وما فعلته معي، وكيف خططت للقبض عليه. 

رويت له القصة من البداية حتى اللحظة الاخيرة وهو يصغي الي ولا يقاطعني، ويبدي اهتماما كبيرا بما اقول، لكن اكثر ما شده هو حديثي عن مرح واخذ يسألني ,فطلب مني ان أحاول أن استرجع صورتها في مخيلتي، ولكن الغريب في الامر اني اشعر بها، ولكني لا استطيع استرجاع صورتها من مخيلتي وكانها مجرد سراب ... 

اشعر بجمالها وبكلامها اشعر بها وكاني اراها، ولكني لا استطيع ان ارسم لها صورة في مخيلتي حتى ولو للحظة واحدة ! 

صمت قليلا واستغرق يفكر، فقاطعته وسالته : 

ـ هل تعرف الجنية مرح ؟ 

ابتسم وقال : 

ـ "ومن لا يعرفها يا حسن ؟انها اشهر من ان تعرف بغض النظر عن الاسم الذي تحمله .ففي كل يوم لها اسم جديد وقصة جديدة !فعلا انت مسكين يا حسن، كان يجب ان أعرف منذ البداية ان هذا التخطيط الدقيق لا يمكن ان يقف خلفه الا تلك الداهية الكبيرة". 

سالته بشغف : 

ـ وهل تعرف اختها غادة ؟ 

قال لي : 

ـ بصراحة انا لا اعرف من تكون هذه فربما كانت من الجيل الجديد، واشك ان تكون لتلك الداهية المسماه "مرح "اخت بهذه المواصفات.ولكن ربما يكون لها اخت صغيرة لم يسبق لي ان عرفتها ,والشيء الذي اشك فيه هو ان غادة هذه لو كانت فعلا هي اخت "مرح" لما تجرأ احد على ان يضعها في السجن "قبة النور"بالذات.صحيح ما قالته عن قوانين عالمها وعن عقاب من يتصل بالبشر هو السجن ولكن لو كانت اخت مرح قد ارتكبت هذه المخالفة، لما استطاع احد ان يعاقبها لانها اخت "مرح "ولا اذكر ان في عالم مرح من تجرأ على مواجهة "مرح "ولكن ربما هي ارادت لها ان تسجن!! وان كانت غادة مسجونة في "قبة النور" فانا استطيع التاكد من ذلك بطريقتي ." 

قلت له: 

ـ ارى انك جيد الالمام بعالم الجن ,فهلا ساعدتني على انقاذ غادة والخلاص من الجنية مرح ومن مصائبها ؟؟ 

قال لي : 

ـ "ساكون صريحا معك يا حسن، ولا اريد ان اكذب عليك، فان كانت غادة فعلا موجودة في سجن "قبة النور" فلا امل لها بالخروج من هناك لانه لم يسبق لاحد ان دخل سجن "قبة النور"وخرج منه منذ تم بناؤه وحتى هذه اللحظة .". 



اما الخلاص من"مرح "فهي مشكلة حقيقية وكبيرة، وانت بالذات يا حسن، لا تعي حجم الورطة التي انت فيها، فحظك التعس لم يعرفك بمرح فقط ,بل ان مرح سمحت لك بالعبث معها ,ومن تختاره تلك الداهية ليعبث معها لا ينجو من شباكها بسهولة .". 

قلت له: 

ـ انت تتحدث معي عن مرح وكانك تتحدث عن معجزة تستحيل هزيمتها، او الخلاص منها ,او مواجهتها اعتقد بانك بالغت في ذلك، وما لا افهمه: حينما كانت مرح تحدثني عنك كانت تصورك لي على انك شخص خارق، يمتلك قوة تفوق قوة الانس والجن، وان سلطة الجن "الكاتو "تخشاك، ولهذا يريدون السيطرة عليك باي ثمن . 

انا لا افهم من منكم الصادق :انت ام هي ؟ولماذا يخشى احدكما الاخر لهذه الدرجة ؟ام انكما تعملان معا وتوهماني بعكس ذلك من اجل ان تصلا الى هدف معين ؟؟ 

نظر الي مبتسما وربت بيده على كتفي وقال : 

ـ" يا حسن، انت فعلا مسكين، ولن تفهم ما يحدث بسهولة .فمرح شيء وانا شيء اخر ...ولا يمكن لاي ظروف ان تجمعنا معا، وحديثك حول امكانية ان نكون نعمل معا لخداعك أمر غير وارد، فأنا اسف لان اقول لك انك "لا شيء ". فلو اردت ان اسيطر عليك من اجل هدف ما، لما وجدت صعوبة في ذلك، اما مرح فقد فعلت ذلك وسيطرت عليك وجعلتك تقوم بكل ما تريده هي، واكثر من ذلك ايضا ... جعلتك دمية تحركها كيفما تشاء ...هذه هي الحقيقة يا حسن، وانا الم اقل لك ان مرح معجزة او انها شيء محال هزيمته، بل انت الذي تظن ذلك .قلت لك ان الخلاص من مرح مشكلة كبيرة، وليس من السهولة ان تخرج من شباك مرح، ولو انك تريد ذلك فربما ساعدتك على الخروج من شباكها" ! 

قلت له مستغربا : 

ـ "كيف تسألني ان كنت تريد الخلاص منها وانقاذ غادة... فعلا ؟انا اريد ذلك" ! 

نظر الي وضحك وقال : 

ـ "لا اعتقد انك تريد ذلك يا حسن ...لا اعتقد، وهذه هي المشكلة الكبرى ". 

قلت له : 

ـ "ولماذا تظن اني لا اريد" ؟ 

قال : 

ـ "لانك وقعت في حب مرح يا حسن ...انت تحبها يا حسن وتحاول ان تقنع نفسك بعكس ذلك...لقد عشقت واحببت مرح ". 

ـ" يا حسن ...يا حسن ...هذه امور لن تفهمها ولا داعي لان تفهمها، فيكفيك ما انت فيه، وما ورطت نفسك فيه من متاعب .ربما ان بعض ما قلته لي صحيح ,ولكن ليس بالطريقة التي وصفتها، انا لا اختلف عنك جسديا يا حسن، وهنا ك امور ان سنحت الفرصة فربما ستفهمها، والان احكي لي قصتك بالتفصيل، فهذا افضل لك "!! 


ضحكت بصوت عال وقلت : ـ "ما هذا الهراء ،انا احب الجنية مرح وهل في قلبي متسع لغير غادة؟ 
...انا احب المغرورة مرح؟!!"... سألت نفسي: لماذا يظن اني احب الجنية مرح؟! ولكني احب واعشق غادة حتى الثمالة، مرح شيء اخر، انا لا احبها، انا احب غادة، فما مرح الا الوسيلة الوحيدة التي كانت امامي للوصول الى الجنية غادة وانقاذها. صحيح ربما أكون قد تعودت على رؤية مرح واشتاق احيانا لرؤيتها،لانها تذكرني بغادة، نعم غادة حبيبتي، إلا أنه لا يمكن ان اكون قد احببتها ...أأحب هذه الجنية الشريرة مرح... مستحيل"!!. وبعد دوامة التفكير، نظرت الى ذلك الشخص البشري ام الجني.الله اعلم ما يكون، وقلت له : 

ـ" انت مخطىء، انا لا احب مرح، ولا يمكن ان احبها. صحيح اني عبثت معها، ولا انكر انها استطاعت اغرائي بجسدها الفاتن، ولكن هذا لا يعني اني احببتها. فانا من البشر والبشر خطاؤون". 

ـ "انا ايضا من البشر، واقول لك يا ابن البشر انك قد وقعت في حبها، فلا تكابر" . 

ـ "لا اعتقد انك من البشر، انت من الجن، واحساسي يقول لي انك لست من البشر ولو كنت من البشر لفهمت اني لا يمكن ان اكون قد احببت الجنية مرح اخت غادة ,انت لا تعرف كم احب غادة، فكيف احب اختها مرح؟ ولو كنت تعرف ما هو الحب لما قلت ما قلت" . 

ورمقني بنظرة وقد احمرت وجنتاه من الغضب وخيل لي انه سيصفعني على وجهي وقال : ـ يا حسن يا حبيب قلبي يا "حمار"، انا شفت بحياتي حمير كثير، بس هذه اول مرة بشوف حمار مكابر مثلك ,انا قلت لك انت بتحب مرح وبتعشق مرح، انت مش مصدق عمرك لا تصدق، وانا شو مغلبني في هيك كلام فاضي، تحب مرح ولا تحب غادة ولا تحب القرد حتى، كل اللي بدي اقولك اياه قبل ما اروح: 

إني فعلا يا حسن بشفق على حالك، فانت بمشكلة كبيرة، فقد تورطت مع مرح، ومرح لا ترحم احداً، ولن تتركك بحالك بسهولة، لا اقول ما اقول كي اخيفك، ولكن ولأسفي هذه هي الحقيقة ,مرح حارسة ابواب الشر، وحظك التعيس قد عرفك بها ,كل ما استطيع ان اقدمه لك هو ان أعرفك وأعلمك كيف تستطيع ان تنجو من مرح ,ان كنت تريد ذلك ولا اعدك بان ذلك سيكون سهلا. قلت له : 

ـ "لماذا تصور لي الجنية مرح على انها شيء مخيف، ولماذا تخاف منها انت "؟ قال باستهزاء : 

ـ "انا لا اخاف من مرح ولا اخاف من غيرها، وانا على استعداد للقائها ان وافقت هي على ذلك، ولا اظنها ستوافق على ذلك". 

قلت له : ـ انت تريد ان تعلمني، وانا مثل "الطرطور" بينك وبينها، ولا ادري ماذا يريد احدكما من الاخر، تحدثني الجنية مرح عنك وكانك وحش كاسر، وانت تحدثني عنها وكانها اسطورة، وانا لا ادري من اصدق: انت ام هي، قل لي ارجوك: هل انت من الجن ام من البشر" ؟ نظر الي وقال: ـ "اسمع يا حسن انا من البشر، وسأعلمك شيئا لا اعرف ان كنت تعلمه من قبل... "اشخاص العالم الاخر"لا يستطيعون الظهور في كل مكان وكل زمان، ولا يستطيعون الظهور امام اكثر من شخص من البشر، وان حدث هذا فلا يكون لاكثرمن دقيقة، وانت كما تراني اجلس في بيتكم وبين اهلك، لهذا فأني من البشر فلا تكن سخيفاً. واردت ان اساله سؤالاً اخر، ولكنه اصر على الذهاب بعد ان قال لي: 

ـ " ان اردتني ستعرف اين تجدني ". 



اقتنعت وصدقت ما قاله، فعلا هو من البشر، وتصرفاته لا تشبه تصرفات الجن، رغم احساسي بانه غريب جدا في امور كثيرة تثير الرعب في داخلي . مرت ساعات وانا افكر بشخصه واحلل كل ما قاله، وما لم افطن اليه من كلامه، وابحث عن طرف خيط يقودني لحل هذا اللغز العجيب، من هو؟ بشر ,جن ,عفريت ,ماهي حكايته؟ بشر، هو نعم بشر، ياكل ويشرب، ويقود سيارة، له عنوان من السهل الوصول اليه ولكنه يتحدث عن عالم الجن بثقة ومعرفة بالخفايا وكانه احدهم. اتذكر حينما سألته عن الجنية غادة كيف اجاب: "انه لا يعرفها وربما تكون من الجيل الجديد"...يتحدث وكانه منهم بنفس اسلوبهم في الحديث، اعود واسال نفسي ما حكايته مع الجنية الثانية والتي وصفها بالداهية؟ وماذا كان يقصد بان مرح حارسة ابواب الشر، يا الله نسيت ان اساله ماذا يقصد بهذا ...اتذكر مرح واضحك وشر البلية ما يضحك، ماذا ستفعل بي بعد ان افشلت مخططها في القبض على هذا الانسان الغريب، لا بد انها ستنتقم مني شر انتقام. ولكن ما هي الطريقة التي ستنتقم مني بها؟ الله اعلم، والاعمار بيد الله، والانسان يموت مرة واحدة، الا الجبان، فأنه يموت الف مرة في اليوم. وأنا لست جباناً، ها انا انتظر، ومرت الساعات وانا انتظر الجنية مرح، ومرت ايام وانا انتظرها في كل لحظة، في نومي ويقظتي، حتى ان حياتي كلها توقفت على انتظار ، وما اصعب الانتظار!!، واصعب انتظار هو انتظار عقاب من المجهول، ومرت ثلاثة اسابيع وانا انتظر حتى نفذ صبري، وقررت ان اذهب الى ذلك الانسان الغريب لاساله عن اختفاء الجنية مرح,ذهبت الى حيث يتواجد ولم اجده، سالت عنه ولم اجد احدا يعرف اين هو، أومتى يذهب أومتى يعود، وانهم نادرا ما يرونه. قررت ان لا اتحرك من مكاني حتى يعود، والله اعلم ان كان هو الاخر يعود اولن يعود. انتصف الليل وانا في انتظار عودته، حتى لمحته ياتي من بعيد، وحينما اقترب رحب بي، وسالني عما اريد، فقلت له : ـ "ان الجنية مرح ومنذ لقائي الاخير بك لم تظهر وانا لم اعد احتمل الترقب والانتظار . ضحك وقال لي : ـ "مستعجل على قدرك ولا مش قادر على فراقها" . 

قلت له : ـ "لا هذا ولا ذاك، ولكني أريد أن أعرف ماذا سيحدث في الغد، هل ستعود مرح ام انها لن تعود؟ هل ستقلب حياتي ام انها ستتركني وحالي؟ فكل شيء في حياتي اصبح يتوقف على ماذا ستفعل بي"... 

قال لي : ـ "افهم شعورك جيدا، فما اصعب ان يعشق الانسان شيئاً من المجهول، او ينتظره او يكرهه او يخشاه، وانت يا حسن اقتحمت عالماً لا بداية له ولا نهاية، عالم يشبه عالمك في كل شيء ولا يشبه عالمك بشيء لقد اقتحمت عالماً لن تجد طريق الدخول اليه بسهولة، ولن تجد طريق الخروج منه بسهولة، وستبقى تحيا بين عالمين، جسدك في عالم وعقلك في عالم اخر ,فإن استطعت العودة الى عالمك، ستبدأ من جديد بالبحث عن العالم الاخر، وان وصلت العالم الاخر، ستفكر في كل لحظة انه سيختفي، وان اختفى ستعود للبحث من جديد، وهكذا ستسير الايام وتنتهي لتجد انك لم تحصل على شيء، لا في عالمك ولا في العالم اخر، فأنت ابن البشر، وحياتك بين البشر، فلا تنتظر شيئاً من المجهول، عد الى حياتك، الى واقعك، وانس كل شيء يربطك بالعالم الاخر، فان استطعت فقد نجوت". 

قلت له : ـ "لا اعتقد... لااعتقد اني بعد كل هذا العذاب الذي ذقته أستطيع ان انسى، وحتى لو استطعت، فانا لا اريد ذلك، فلا قيمة لحياتي بدونها، فانا اعشقها واحبها اكثر من روحي، فهي روحي وان لم تعد لي فلا حياة لي بدونها،أفهل يحيا جسد بلا روح "؟ صرخ بي وقال : 


ـ "حسن، عمن تتكلم عن مرح ام عن غادة؟ لا اريد منك جواباً.. فقط اجب نفسك بصدق يا حسن، وواجه الحقيقة ". وقع كلامه علي كالصاعقة، ولم استطع الاجابة، لم استطع ان احدد، لم استطع ان اقرر، لم افهم ما الذي يجري؟ فانااحب غادة حباً لا يوصف، وأحب في مرح اشياء كثيرة، ولكني لا ادري، ولا استطيع التركيز في شيء، يا الله ما هو الحب ...لم اجد اجابة واضحة، ولكني اجبته: ـ " انا احب غادة، ولا انكر اني اميل الى مرح قليلا، ولكن ربما كان ذلك بسبب انها تشبه غادة "... ابتسم باستهزاء وقال: 
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 8:26 am

ـ "لقد اخترت طريقك يا حسن، طريق اللا نهاية، ولن استطيع اقناعك بالعدول عن هذا القرار، ولكني لو كنت مكانك لاخترت الابتعاد نهائيا والعودة لحياتي الطبيعية ...لا مانع لدي ان اساعدك قدر المستطاع ان كنت تريد انت ان تساعد نفسك، وان تقرر ما تريد، اما ان اردت ان تبحث عن الحب والغرام، فلا وقت لدي لاساعدك، فهذه سخافات، وستجد هذه الامور بين البشر اكثر مما ستجدها في هذا العالم . 

قلت له مستغربا : ـ "ما الذي يمكن ان ابحث عنه في عالم الجن؟ كل ما اريده هو استعادة الجنية غادة، التي تزوجتها واصبحت زوجتي، لاعيش معها، لا اريد اكثر من هذا، لااريد ذهبا ولاكنوزا، اريد فقط حبيبتي غادة ". 


قال : ـ "يا بني، حديثي لا يدور عن ذهب ولا كنوز، فالذهب والكنوز صنعها البشر، وعبدها البشر، فلا قيمة لها الا في عالم البشر، اما غادة هذه التي تتحدث عنها، فانسها واطوها في دفتر النسيان واعتبرها حلماً جميلاً مر في حياتك، وابحث بين البشر عن غادة بنت البشر، وحتما ستجد الف غادة".. ثم اخذ يضحك ويقول: ـ "ولكن يا حسن انت تريد ايضا مرح، وانا وانت نعرف ذلك جيدا، ومن المستحيل ان تحصل عليها، وان اردت ان تبحث عنها بين البشر، فستجد ايضا الف الف شبيهة بمرح ولكن لن تحصل على واحدة، لان مرح تاخذ ولا تعطي، حتى وان اردتها فأنك لن تحصل عليها، اما ان هي ارادتك فسوف تحصل عليك بسهولة، لتكون دمية لها، ومرح لا تكتفي بدمية واحدة، ولا اظن انك يا حسن تريد ان تصبح دمية لمرح، ولا لمن يشبهها من البشر" . 

حيرني كلام هذا الشخص وقلت له : ـ "هل كل الجنيات مثل الجنية مرح "؟ ـ "لماذا؟ تريد واحدة اخرى غير غادة ومرح" ؟ ـ" لا، لم اقصد ذلك، ولكنه مجرد سؤال ". 

ـ "كلا يا حسن في العالم الآخر قليلات هن اللواتي من امثال مرح، ولا اعتقد ان مرح تريد ان تكون كذلك. ولكن الظروف هي التي صنعت مرح لتختر طريقها، وتصبح حارسة ابواب الشر".. وهنا تذكرت ان اسأله: 

ـ "صحيح... ماذا تقصد بحارسة ابواب الشر"؟؟ اخذ يضحك وهو يقول : 

ـ " انا إن اخبرتك عن ابواب الشر،فمعنى هذا انه يجب ان اقتلك في يوم ما، لاني ان لم اقتلك فسوف تقتلني انت، وعندها ستصبح مشكلتك اثنتان، واحدة مع مرح وسلطة "الكاتو "واخرى معي. الفرق بيننا ان مرح لا تستطيع ان تستخدم المادة ،ولا تستطيع ان تقتلك مباشرة، اما انا فاستطيع ان افعل هذا متى شئت وبسهولة، فهل تريد ان تعرف عن ابواب الشر" . قلت مستغربا : 

ـ "هل بعد ان تحكي لي عنها ستقتلني "؟ 

ـ طبعا لا، ولكن فور وصولك الى احد هذه الابواب ساكون مضطرا لان اقتلك، حتى لا تملكه، ولكن قبل ذلك ساساعدك للوصول الى احد هذه الابواب لان من صالحي ان تصل اليها، هل بعد ان عرفت تريد ان احكي لك عنها "؟ 

ـ "احك لي عنها، وانا لا اريد الوصول اليها، فقط اريد ان اعرف من باب الفضول" . 

ـ "ساحكي لك القليل، وان اردت ان اكمل حديثي، تكون قد قررت الذهاب اليها ...يا حسن. وتنهد وقال: 

ـ " ابواب الشر هي ابواب اللانهاية، من خلالها تستطيع الحصول على أي شيء وكل شيء، لا يستطيع أحد الوصول اليها الا باذن البشر ،يحرسها افراد من ابناء العالم الاخر، لمنع وصول البشر اليها، لانه ان وصلها احد من البشر، تمكن البشر من السيطرة على جزء من قوة العالم الاخر". 

ـ "وان وصلتها هل استطيع ان اسيطر على الجن واعيد غادة"؟ 

ـ "تستطيع ان تفعل أي شيء، فهل تريد يا حسن الذهاب اليها معي"؟ قلت له دون تردد : 

ـ أنا موافق ،وحتى لو كانت نهايتي، ولكن قبل ذلك، اليس لي الحق بان اعرف من تكون، وما هو اسمك، وهل انت من البشر ام من الجن؟ 

ـ "من اكون. لقد قلت لك في السابق اني من البشر، وقد اثبت لك ذلك، ولا داعي للعودة لاسئلتك السخيفة، وان كانت هناك امور اخرى ساخبرك بها لاحقا، اما ما هو اسمي، فالاسماء لا قيمة لها يستطيع الانسان استبدالها متى شاء، فلا فرق ان كان اسمي فلان ام علان، ولكنك تستطيع ان تسميني "نور" يا حسن". قلت لنور،او الذي سمى نفسه "نور" : 

ـ "لا مانع لدي ان اترك كل شيء حتى يحين وقته، وساكون شاكرا ان شرحت لي عن "ابواب الشر"، ولماذا سميت بهذا الاسم ؟وما هي حكايتها بالكامل ؟وما هو دخل الجنية مرح بهذه الابواب "؟ 



قال نور : ـ "ابواب الشر عدة ابواب منتشرة في انحاء الارض، من يابسة وبحار، وهي المدخل لمكان في اعماق الارض اسمه في العالم الاخر "مركز الشر"، وهذا المكان هو جزء من الكرة الارضية، ولكنه يظهر ككوكب صغير مستقل في كل شيء، بانهاره وبحاره وسهوله وجباله، والكائنات الحية التي عليه، إنه يشبه الارض من حيث الامور الطبيعية، ولكن لا مجال للمقارنة بين الحياة عليه وبين الحياة على الارض،فهناك كل شيء يبهر البصر وياخذ العقول، فيه يتوفر كل شيء واي شيء قد يخطر على بال البشر، او هم يحتاجونه، ففي هذا المكان لا توجد اية امراض، ومع هذا تجد فيه علاجاً لكل الامراض التي عرفها البشر، ومهما حكيت لك عنه فمن المحال ان أعدد صفات ذلك المكان او ما يتوفر فيه. ولكن فيه كل ما قد يخطر على بال أي انسان، المهم سمي بمركز الشر، لانه توجد فيه كل الفنون وعلوم السحر والشر، ومن حصل عليها استطاع ان يسيطر على اشياء كثيرة في عالم البشر وغير البشر، وحتى لا يصل احد من البشر الى هذا المكان "مركز الشر "قامت سلطة العالم الاخر "الجن "بوضع حراسة دائمة عليه، واختارت لهذه المهمة مجموعة من الافراد الذين تم انتقاءهم من بين الملايين من افراد العالم الاخر "الجن "،وعلى كل بوابة تم وضع واحدة ممن وصلن الى مكانه مرموقة في سلطة "الكاتو" "الجن"،واطلق عليها اسم حارسة ابواب الشر، واعطيت كافة الصلاحيات لتفعل ما تريد الا شيئاً واحدا فقط، حيث تمنع من الزواج، وعمل حارسة ابواب الشر ليس بالعمل السهل او البسيط، لانه بمجرد ان يتم اختيارها لهذا العمل، عليها ان تتخلى عن جزء كبير من حياتها العادية، ولهذا نادرا مايتم ايجاد واحدة للعمل في "حراسة ابواب الشر " ،وحين تصل الى هذا المكان تصبح الواحدة منهن ذات نفوذ وقوة، حتى انها تصبح فوق القانون، الكل يخشاها ويخاف منها، والويل لمن يتورط معها.خاصة وان كان من عالم غير عالمها، مثلك انت طبعا يا حسن" ! 


سالت نور الغريب : ـ "لماذا يخشى الجن ان يصل البشرالى ذلك المكان" ؟ ـ "لقد قلت لك، لأن من يصل الى هناك ويحصل على القوة من ذلك المكان، يستطيع ان يسيطر على اشياء كثيرة". 

ـ "اذا، لو اني وصلت الى هناك وحصلت على "قوة الشر "الموجودة هناك، أكنت أستطيع ان اسيطر على كل الجن والبشر" ؟ ضحك وقال : 

ـ ليس بهذه الدرجة المبالغ فيها، ولكنك تستطيع ان تفعل اشياء كثيرة لا تعد ولا تحصى ، ومن اهمها انك تستطيع ان تسيطر وتملك واحدة من حارسات ابواب الشر. ضحكت من اعماق قلبي وقلت له: 

ـ "كل هذه المغامرة والمخاطرة والجهد الذي يجب ان ابذله، والله اعلم اين يمكن ان تكون النهاية؟ 

وايضا تقول ان وصل احدنا، شعر بانه يجب ان يقتل الاخر من اجل ماذا ؟من اجل ان يملك واحدة من حارسات ابواب الشر؟!! يا اخي خذها انت و"خليني" مرتاح من كل وجع هالراس ". 

ـ "اسمع يا حسن، من ملك واحدة من حارسات ابواب الشر، ملك قوتها ونفوذها وعلمها، وكل من يقوم على خدمتها ,فماذا تريد ان تمتلك اكثر من ذلك؟وانت تكون قد ملكت واحدة من مراكز القوة التي لا يزيد عددها عن العشرين في العالم الاخر "الجن "". ـ طيب وعلى ماذا استطيع ان اسيطر ؟ هل اسيطر على "اميركا" ؟ نظر الي نور بغضب وقال : 

ـ "كفاك مزاحا" فاقسمت له اني لا امزح وانما اتحدث بجدية . ضحك وقال: 

ـ "بمفهومك الطفولي هذا مستحيل، فصحيح انك تستطيع ان تفعل الكثير ولكن ولكن ليس الى هذه الدرجة الخيالية، فلا تستطيع ان تسيطر لا على "أميركا" ولا على "السودان"، ولكن تستطيع ان تفعل مالا يستطيع ان يفعله انسان" . ـ قل لي على سبيل المثال، ماذا استطيع ان افعل بعالم البشر ؟ 

ـ "ساعطيك واحدة من مئات الامثلة،.. بمساعدة حارسة ابواب الشر، تستطيع ان تحضر علاج لكل الامراض الموجودة في عالم البشر، وتستطيع وتستطيع ..." 

ـ لقد فهمت .. وبقصد المزاح قلت له : ـ هل نستطيع ان نحضر مثلا اثنين او ثلاثة من حارسات ابواب الشر بدلا من واحدة؟ 

ضحك وقال لي : ـ "تتحدث يا حسن وكانك ذاهب لاحضار "كيلو بندورة او بطاطا"، ام انك تظن انهن في انتظارك ليقلن لك: نرجوك يا حسن تعال تملكنا، على كل حال، لا يمكن ان تجتمع حارستين لابواب الشر في مكان واحد، ولكل واحدة المكان المخصص لها، والموجود فيه باب الشر الذي تحرسه، ولا تجرؤ ان تتخطى حدود واحدة اخرى من حارسات ابواب الشر وان حدث، تكون نهايتها". قلت له : 

ـ هل فعلا استطاع بشرالوصول الى ذلك المكان، حيث القوة والسحر والجمال . ـ "نعم، عبر الاف السنوات التي مرت، استطاع عدة اشخاص من البشر الدخول عبر "ابواب الشر "الى ذلك المكان، ولكن معظمهم بقي في ذلك المكان ليحيا فيه، ورفضوا الخروج منه مقابل أي شيء حتى مقابل القوة والسحر، وفضلوا ان يحيوا حياة عادية في اجمل مكان في الدنيا، وفضلوا عدم الخروج منها ولو نصبوا ملوكا على العالم ...إن هؤلاء الاشخاص الذين فضلوا البقاء هم العقلاء...وعدة اشخاص فقط ممن وصلوا الى ذلك المكان، لم يسحرهم او يؤثر عليهم جمال ذلك المكان وفضلوا الخروج بعد ان حصلوا على علوم وفنون السحر وقوة الشر،واستطاعوا ان يملكوا واحدة من حارسات ابواب الشر ". 
سألته: ـ ولكن اين هم الان ؟ 
اجابني : ـ "احدثك عن شيء حدث عبر الاف السنين فهؤلاء الاشخاص ماتوا منذ مدة طويلة يا حسن". وسألته باستغراب : ـ رغم كل القوة التي حصلوا عليها فقد ماتوا، وماذا حدث بعد موتهم للقوة التي ملكوها؟ هل ماتت هي الاخرى، ام انها تنتهي مع موت كل واحد منهم؟. 

ـ "الشخص مات لان لكل شيء نهاية، اما القوة فهي لا تنتهي، فهي تبقى ما دام "نسله "لم ينته، وتنتقل هذه القوة لابنائه واحفاده ابناء ابنائه ... الى ان تصل إلى زمننا هذا ". 

ـ اذا لا بد انه يوجد في وقتنا هذا اشخاص قد ورثوا هذه "القوة"، ولكننا لم نسمع باي منهم، ولو كان هذا صحيحاً لسمعنا عنهم . 

ـ "لا اعتقد انك ستسمع عنهم، ولماذا تسمع عنهم وكيف ؟هل تريد ان نسمع عنهم في نشرات الاخبار، عبر التلفزيون والراديو ليقولوا لك نحن هنا يا حسن، هذا طبعا لن يحدث، وربما حتى هؤلاء الاشخاص الذين هم امتداد لنسل من دخل "بوابات الشر "عبر العالم، لا يعرفون بالقوة التي ورثوها عن اجدادهم، فتبقى القوة كما هي ,وربما حتى الاف السنين، حتى يكتشفها احد ابنائهم، او لا يكتشفها الى الابد "! 

سالته: ـ انت تحدثني عن اشياء حدثت منذ الاف السنين، ولكن هل يوجد في عصرنا هذا اشخاص استطاعوا الوصول الى ذلك المكان حيث توجد قوة الشر؟ . ـ "نعم، حتى في عصرنا هذا، فقد نجح اشخاص بالدخول الى ذلك المكان، فما دامت بوابات الشر موجودة، فلا بد ان يحاول من عرف عنها من البشر الدخول ولا بد ان ينجح بعضهم ". 



ـ اذن لا يعد الدخول الى هناك مستحيلاً ؟ ـ "انا قلت ان الدخول عبر "بوابات الشر" صعب وليس مستحيلاً يا حسن". ـ ولكنك في البداية قلت ان احدنا سيقتل الاخر ان وصلنا الى هناك، فهل كل من وصل الى هناك قتل من كان معه، ولماذا يفعل ذلك ؟ 

ـ "ما قلته لك صحيح يا حسن ولم اكذب عليك، وهذا حدث فعلا، وقد يحدث معي ومعك ايضا لانه لو دخل اكثر من شخص عبر "بوابة واحدة "في فترة زمنية واحدة، فسيجدون انفسهم امام خيار واحد اما ان يحيوا في ذلك المكان الى الابد، وهذا الذي يختاره الجميع، واما ان يخرج احدهم وهو يملك القوة ومعها حارسة ابواب الشر، ويبقى الاخر او الاخرون هناك ليحيوا في ذلك المكان الى الابد وهنا تكون المشكلة من الذي سيملك "حارسة ابواب الشر "وخاصة انه لا يستطيع ان يملكها اكثر من شخص واحد، فكيف سيتم الاتفاق؟ وكيف سيثق الواحد بالاخر والهدف هو الحصول على "قوة الشر "،اذن سيفكر كل واحد بالقضاء على الشك الذي سيدور بداخله تجاه الاخر، وخاصة انه يجب ان يبقى الواحد قبل الخروج من ذلك المكان مدة عام كامل حتى يستطيع الحصول على "قوة الشر "،وخلال هذه المدة كيف سيصدق الواحد الاخر؟ فلنفترض مثلا: انني انا وانت استطعنا الدخول معا الى هناك، ولنفترض ان ذاك المكان قد سحرك جماله الذي لا يوجد اجمل منه في العالم، وقررت فعلا البقاء هناك، كيف سأصدق انك لا تقوم بهذا لتخدعني وتتخلص مني ؟وكيف ستقتنع اني اصدق انك ستبقى واني لا اريد الخلاص منك ؟اذن لا يكون هناك مجال للقضاء على الشك الا بنهاية واحد منا فلو قررنا الاثنان البقاء لما صدق احدنا الاخر، ولو قرر احدنا البقاء لما صدق ان الاخر يصدقه، ولما صدق الاخر انه صادق، فبرغم كل القرارات: البقاء او الخروج، سيبقى الشك موجوداً وسيفكر كل منا بالخلاص من هذا الشك بالخلاص من الاخر، وهكذا تتحول الجنة الى جحيم لمدة عام كامل، حتى يستطيع احدنا القضاء على الشك ومن اجل الحصول على "قوة الشر"،لا توجد قواعد ولا قوانين ولا ثقة ولا صدق ولا امانة، لذا سمي ذلك المكان "مركز الشر "، وسميت المداخل التي توصل اليه ببوابات الشر". انهى هذا الشخص الغريب المسمى "نور" كلامه وقد ادخلني في حيرة كبيرة. فهو لا يبدو لي حتى الان انه يكذب، لأنه يقول بصراحة أنه سيقتلني، ولو كان كاذبا لما صارحني بهذا، ولكن ما الهدف من انه يسعى بان يدفعني الى الذهاب الى ذلك المكان وهو يعرف ان احدنا سيقتل الاخر؟ ولو كنت مكانه لفضلت ان اذهب وحدي، ولوفرت على نفسي الشك والخوف، ولكن لماذا ؟ سالته : 



ـ قل لي يا نور بصدق، لماذا تخبرني عن ذلك المكان وتسعى جاهدا لكي اذهب معك اليه، وانت تعرف النتيجة؟ ولماذا لا تذهب لوحدك الى هناك ؟وتفوز بالقوة والسحر ؟ 

ـ "الحقيقة يا حسن انه ربما انا وانت استطعنا الوصول الى هناك بسهولة، فيما لو كنت انا وحدي، او انت وحدك ،وذهابنا معا يعني ان احدنا سينجح في الدخول عبر "بوابة الشر "التي تحرسها مرح، بالتأكيد سيدخل احدنا او كلانا معا، وهذا هو السبب الذي جعلني اخبرك عنه" . 

ـ اذن تريد ان تستخدمني جسرا للدخول الى هناك، ثم تتخلص مني؟؟ قال بوقاحة غريبة : 

ـ" فعلا هذا ما اريد ان افعله، ولكن لديك الفرصة لتفعل نفس الشيء، وبعد ان فهمت انت يا حسن الحقيقة، تعال لنخطو الخطوة الاولى معا، وساحكي لك اين تقع بو
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 4:40 pm

 ضحكت لوقاحة هذا الرجل وصراحته وقلت : 



ـ اسمع انت يا "نور"، انا لم ار اوقح منك في حياتي الا 


اسمع انت يا "نور"، انا لم ار اوقح منك في حياتي الا الجنية مرح، وسبحان الله كلاكما اوقح من الاخر، ولكن الا ترى ان كلامك هذا يدخل الشك الى نفسي، ويجعلني اخاف دخول هذه المغامرة اللعينة، او لم يكن من الافضل لك ان تطمأنني بدلا من ان تقول لي انك تريد ان تستغلني لدخول "بوابة الشر"، وبعد ذلك ستقوم بالتخلص مني. فعلا ان طريقتك في الحديث تثير القلق في نفسي، وتجعلني افكر بالتراجع عن هذا الطريق المجنون. ابتسم نور وقال : ـ" ربما تسمي طريقتي في الحديث وقاحة، ولكنها في الحقيقة صراحة، لانني لا ارى أي سبب يجعلني اكذب عليك، فانا لا احبك ولا يمكن لي ان احبك، وهدفي واضح من البداية: ان نتعاون لدخول "بوابة الشر"، وبعد ذلك اتخلص منك، وقوانين هذه اللعبة واضحة: لا يفوز بها الا واحد، اما انت او انا يا حسن، وأنت بحاجة لي لدخول ذلك المكان، فاعمل على ان تفوز انت بهذه اللعبة ان استطعت، مع ان فرصتك بالفوز امامي ضئيلة جدا، ولكن هناك امل لفوزك ، فتعال نتفق حتى ندخل بوابة الشر معا، فلا داعي لان تخاف مني او تخشى غدري، لاني لن افعل ذلك ما دمنا خارج بوابة الشر" . كلام "نور" يضحكني فعلا، ويشدني الى التحدي القاتل، ويذكرني غروره بالجنية مرح، فلماذا لا اجرب؟ فهذه اللعبة فعلا مضحكة ومسلية في نفس الوقت. قلت لنور : 


ـ هيا يا نور نلعب هذه اللعبة السخيفة. اخبرني الان، اين تقع بوابة الشر التي تحرسها الجنية مرح؟ قال لي نور : 



ـ "هي قريبة من هنا.." ـ ولكن اين بالضبط ؟ ـ "ستعرف قريبا .." قلت له: ـ اشرح لي عن طريقة الدخول عبرها، وما هي الصعاب التي ستواجهنا عند دخولها؟ قال نور : 

ـ "حتى وصولنا الى موقع بوابة الشر ، لن تواجهنا صعاب كثيرة . فكل الصعاب التي ستواجهنا يمكن التغلب عليها، الا مشكلة واحدة، ربما تكون صعبة، وهي الشك والخوف من بعضنا البعض، فهذه المشكلة ستواجهك انت بالذات، ولكني آمل بان ارادتك ستكون اقوى من هذه المشكلة، اما الصعاب الحقيقية التي ستواجهنا فهي تبدا مع الخطوة الاولى عبر الممر المسمى "بوابة الشر"، وتستمر حتى الخطوة الاخيرة في اجتيازها، ومعظم هذه الصعاب لدي الخبرة والقدرة على تخطيها،واستطيع ذلك بسهولة، الا مشكلة واحدة تستطيع انت حلها ومواجهتها، ولا استطيع انا ذلك".. استغربت وقلت لنور: 


ـ ما هي المشكلة التي استطيع انا حلها، ولا تستطيع انت ان تواجهها بالرغم من كل قوتك الهائلة التي تتمتع بها؟ . 


قال نور: ـ "عبر النفق الطويل المسمى ببوابة الشر، والذي يجب تجاوزه، هناك صعاب لوحدثتك عنها لدب الذعر في قلبك، ولو مررت بها وحدك لمت من الخوف، ولكن تجاوزها بالنسبة لي سهل، يوجد عبر النفق هناك مجموعة من الحراس، وهم عبارة عن قطط لونها اسود، وهي قادرة على تقطيعك الى إرب صغيرة، إلا انه توجد طريقة تستطيع ان تقوم بها انت لتجعل هذه القطط تفر من امامك ولاتقترب منك ولا مني، وساعلمك هذه الطريقة في الوقت المناسب ". سالته : ـ ولماذا لا تستطيع ان تفعل انت ما تريدني ان افعله . قال نور : 


ـ "بصراحة انا لا استطيع ان اواجه القطط السوداء ولا بأية طريقة". ثار الفضول بداخلي لكلام نور، فهو يقول انه يستطيع ان يواجه كل الصعاب التي ستمر علينا، والتي تدب الرعب في القلوب، ولكنه لا يستطيع ان يواجه مجموعة من القطط السوداء ,وهنا تذكرت رحلتي مع زوجتي الجنية غادة في عالم الجن، وكيف دب الرعب في قلبها حينما رات القطط السوداء، وكيف هربت كالمجنونة خوفا منها ,واذكر انها قالت لي عنها انها عيون "الكاتو" على الارض . واتساءل والذكريات في خيالي، لماذا لا اشعر انا بالخوف من القطط السوداء؟ فهي مجرد قطط عادية مثل كل القطط، ولماذا يخاف الجن من القطط، ولماذا يخاف نور من القطط السوداء، ان هذا السؤال اعادني في الحقيقة الى التفكير في شخص هذا الانسان وفي تصرفاته، ويدور في ذهني من جديد انه لا بد ان يكون من الجن، ولكن بجسد بشر، ورمقني نور بنظرة من عيونه وكأنه قرأ ما دار في راسي ..قال لي: ـ "حسن، هدفنا واحد، ويجب ان نصل الى الهدف انت وانا، معا نستطيع الوصول، فلا داعي للتفكير في امور ثانوية لاقيمة لها، اذهب الان يا حسن، ولنلتق بعد عدة ايام لنعد العدة الى الطريق نحو القوة، التي سيحصل عليها احدنا".. وانتهى اللقاء، وعدت الى البيت ومرت الساعات،رتيبة رتيبة، واشرقت الشمس، ثم مرت ساعات ذلك النهار، وغابت الشمس وانتصف الليل، وعصفت بي ذكريات الماضي، وخاصة ما مر علي مع زوجتي الجنية غادة.. تلك المخلوقة الرقيقة.. المتدفقة بالحب والحنان.. ما هو مصيرها الان؟ في مخيلتي ترتسم صورة اختها الجنية مرح وتصرفاتها الغريبة، لأبتسم وانا لا اخفي شوقي للقائها، ترتسم صورتها في مخيلتي ثانية، واتمنى ظهورها امامي ولو للحظة واحدة. فجأة بدأ دخان كثيف يتصاعد من كل ارجاء الغرفة ليحجب عني الرؤية، وبدأ قلبي يدق بقوة وانا ابحث وسط الدخان عنها وما هي الا لحظات حتى اختفى الدخان وتلاشى دون ان تظهر، الا ان احساسي يؤكد انها قريبة مني، مرت دقائق وانا انتظر ظهورها امامي لكن ذلك لم يحدث، واخذت اتحدث بصوت عال واناديها... ارجوك ان تظهري ... ارجوك اظهري ولكن لا حياة لمن تنادي، فالجنية مرح غريبة في كل شيء، وهي تحب ان تفعل عكس كل شيء فقدت الامل في ظهورها حتى فاجأتني بضحكتها المجنونة التي اشتقت اليها منذ مدة طويلة ولم اخف فرحتي بسماع صوتها". 





قالت لي : ـ " اتريد ان اظهر يا حسن وان تراني" ؟ 
ـ نعم اريد بالتاكيد ...! لان اشتياقي بلغ اشده ... ـ "لم اشتياقك "؟ ـ لابتسامتك الساحرة ..! ـ "وماذا ايضا" !؟ ـ لثغرك الندي وعيونك التي تشع دفئا وحبا . ـ "فقط ..."!!؟ ـ لكل شيء فيك من شعرك حتى اخمص قدميك . ـ "تكلم ... لدي الوقت الكافي لاسمعك" ـ "لن تكفي الكلمات لاصف حجم اشتياقي لك "... ـ هل تريدني ان اظهر فعلا ..! ـ " نعم اريد" ... ـ وهل تحبني فعلا ؟ ـ "حبا لا يوصف" ضحكت بصوت عال وبطريقة استفزت حتى الجدران وقالت: ـ "وهل انت ايها العاشق تدرك ما تقول ... ان كنت تدرك فاسأل نفسك مع من تتكلم الان وصوت من الذي تسمعه ..صوت مرح..ام صوت غادة 


صوت مرح..ام صوت غادة .. ومرح اخت غادة .. وغادة اخت مرح، وانت زوج غادة، ومرح اخت زوجتك، وانت تحب مرح، ومرح تحب غادة، وانت تحب غادة وغادة تحب مرح، والان يا حسن من اثنتينا تريد ان تظهر امامك مرح ام غادة؟ فان ظهرت مرح لا تظهر غادة ،وان ظهرت غادة لا تظهر مرح، ومرح لا تحب من يحب اختها، وغادة لا تحب من يحب اختها ..فقرر الان يا حسن من منا التي تريدها ان تظهر، وصوت من الذي تسمعه أصوت غادة ام صوت اختها مرح..." ضحكت بصوت عال تسخر مني وانا يعتريني الصمت في حيرة من امري ، صوت من الذي اسمعه يا رب ..! الجنية مرح ام الجنية غادة ...من التي احب؟؟ أي مأزق انا فيه !! ومن التي تحدثني مرح ام غادة ؟ ان كانت غادة فكيف سأجرؤ على النظر في عيونها بعد ان كنت السبب في كل ما حدث لها وبعد كل ما فعلت من اجلي وانا اجازيها بان انساها واخونها واركض لاهثا كحيوان كاسر خلف من ؟!! خلف اختها... كيف ستنظر هي لي ؟؟بدون شك ستكون نظرات الكره والاحتقار، ولكني فعلا احبها ... فعلا اعشقها وفي نفس الوقت احب مرح اختها .. كيف ذلك اني لا ادري، فهل من المعقول هذا الذي يجري؟! وهل فعلا احب الجنية غادة واحب الجنية مرح في نفس الوقت؟؟!! ومرت لحظات كأنها الدهر بطوله، وبينما كنت في دوامة التفكير تمنيت ان تنشق الارض وتبتلعني لاخرج من هذا الموقف الذي لا احسد عليه .. الصوت يتردد في مسمعي، لقد فقدت القدرة على التمييز ان كان صوت مرح ام صوت غادة، الصوت يقول لي : 
ـ "آه يا حسن الم تقرر بعد ام انك غير قادر على اتخاذ القرار ام تريد مني ان اساعدك لاجتياز هذا الامتحان الصعب .. هيا يا حسن قرر من التي ستختار غادة ام مرح ... صوت من الذي تسمعه"... فقلت دون تفكير وبسرعة : 



ـ صوتك الذي اسمعه يا مرح !! فظهرت امامي في ومضة برق ، تصفق بيديها وتضحك ساخرة وتقول:ـ"شاطر .. شاطر .. يا حسن اخبرني كيف استطعت ان تميز بين صوتينا، مع انه لا فرق بينهما". فقلت لها : 
ـ هذا صحيح يا مرح ، ولكن لو كانت التي تحدثني غادة لما كانت تتحدث بهذه الطريقة ولا بهذا الغرور وما كانت لتقول ما قلته أنتِ... فغادة ملاك الحب والرقة والحنان وواحدة كغادة لا يمكنها ان تفعل ما تفعلين . فضحكت مرح ساخرة تحاول ان تخفي غضبها مما قلت : ـ"صدقت يا حسن فأختي غادة ضعيفة وغبية مثلكم انتم بنو البشر ولو لم تكن كذلك لما كان مصيرها السجن في "قبة النور "ولما احبت البشر وخاصة انت يا حسن .. فعلا انه لشيء مضحك كيف يمكن لها او لغيرها من عالمي ان تحب واحدا مثلك ؟! واي شخص انت ؟ إنك على استعداد ان تركع وتذرف الدموع وتتوسل لتراني او تلمس يدي او تقبلني ... وانا اخت ذلك الملاك الرقيق الحنون المحب الذي تتحدث عنه .. ام نسيت يا حسن، آه لو عرفت اختي غادة ما فعلت وما تفعل معي فانها كانت و بلا شك ستحتقر نفسها لانها احبت البشر وخاصة أمثالك يا حسن..هل تريد ان تواجه الحقيقة ؟ ..ان تواجه نفسك !!! ان تكف عن الكذب والمكابرة ... ساساعدك.. الحقيقة يا حسن انك تحب نفسك ، تحب حسن. هكذا انتم يا بنو البشر وخاصة انت يا حسن، احببت غادة. اية غادة؟ .. غادة الجسد الممشوق ، غادة الشعر الطويل ، غادة العيون الواسعة ، غادة الجميلة ، غادة التي تظهر وتختفي ، غادة التي تمتلك القوة لتمنحها لك وتشعر بالتميز عن بقية البشر وترضي غرورك البشري بهذا التميز .. وان واجهت نفسك بصدق فانك ستجد انك قد تخليت عن غادة التي احبتك، والتي ضحت بنفسها من اجلك، وارتضت لنفسها ان تنزل لمستوى البشر لتتزوج احدهم وهو انت، وحكمت على نفسها بأقسى انواع العقاب ولم تهتم الا بك انت.. انت كل شيء لها انت العالم .. انت الحياة.. انت الحب هكذا كانت هي تظن، وانت يا حسن تخليت عنها ... لماذا"؟ "لانك شعرت بانه قد يلحق بك الاذى من وراء غادة، وعندها قررت ان تذهب غادة للجحيم، وتنجو انت بجلدك لانك من بني البشر ولانك تحب نفسك اكثر من أي شيء اخر .. 
نعم يا حسن الحب الحقيقي عندكم انتم بني البشر هو حبكم لانفسكم اولا وثانيا وثالثا ... هل نسيت يا حسن ام انك تناسيت ... هل نسيت حينما بدأت تفكر بالخطر الذي سيلحق بك من جراء زواجك من غادة، والخوف الشديد الذي لحق بك عندما عرفت ان سلطة "الكاتو" بدأت في مطاردتك حينها خشيت على حسن ... وحسن هو الشيء المهم في حياتك، وفي اول فرصة سنحت لك لتختار بين حبك لغادة ، وما سيجلب لك من المتاعب، او تختار حياة عادية.. فانك اخترت حسن، وضحيت بغادة، وبعدها بدأت تهرب من الحقيقة وتخشى التفكير فيها، حتى انك تخشى ان تواجهها، وبدأت تقنع نفسك ان ما حدث هو مجرد سوء فهم، والحقيقة انك فعلت هذا متعمدا لكي تنجو بنفسك، وحينما بدأت بالتفكير شعرت بأن هناك شيئا يخصك، شيء يجعلك مميز عن بقية البشر .. شيء يمنحك القوة، فبدون غادة تصبح كالبقية من بني جلدتك، وبدأت البحث عن غادة ... بدأت البحث عن الشيء الذي يميز حسن عن البشر، فحسن لا يرضى لنفسه ان يكون مثل بقية البشر، وبدأت تكذب الاكاذيب على نفسك لتصدقها فيما بعد، وبدأت تستمتع بالعذاب والألم والخطر، فاللعب مع "الكاتو" وغيرهم شيء فيه تسلية لك، وطبعا يميزك ايضا عن بقية البشر، وهذا هو الاهم لك وظهرت الجميلة مرح، وظهر الشعر الطويل، والعيون الواسعة والجسد الممشوق ، نعم ظهرت مرح اخت غادة، التي تشبه غادة تماما ، كيف لا وهي اختها ، حتى ان مرح اجمل من غادة فهي قوية واثقة من نفسها تحصل على أي شيء تريده، وقد عاملتك بالطريقة التي تستحقها حين قالت لك من تكون هي بالرغم من انها شتمتك يا حسن، واحتقرتك، واهانتك وجعلت منك دمية تحركها متى شاءت وفي أية لحظة تريد الا انك وقعت في حبها ونسيت غادة، نعم لقد عشقت مرح لانها القوة لانها ينبوع من "الجنس المثير" الذي تريده، الجنس المميز الذي تصبو اليه مرح القادرة على ان تشعل براكين الشهوة الحيوانية في داخلك بنظرة واحدة من عيونها، ومن اجلها انت على استعداد ان تتخلى عن كل شيء عن غادة وعن غيرها ... وما حاجتك لغادة او لغيرها ما دامت مرح موجودة لهذا فأنت تحب غادة وتحب مرح، ولو وجدت واحدة اخرى مثل غادة ومرح لاحببتها ايضا، لانك تحب نفسك وتحب ان تملك كل شيء يجعلك مميزا عن غيرك، واخيرا بدأت تبحث عن "بوابة الشر" وتقنع نفسك انك تريد ان تحصل على قوة الشر من اجل انقاذ غادة من الاسر، والغريب في هذا انك انسان غريب حقاً، فأنك تخترع الفكرة وتقنع نفسك بها من اجل غادة .. ستذهب الى "بوابة الشر" والحقيقة التي تعرفها انت انك تريد قوة الشر لتشعرك بالتميز عن الاخرين ... 


كيف لا وحصولك على قوة الشر تجعلك تملك القوة والسيطرة على حارسة ابواب الشر ايضا ومن تكون حارسة "ابواب الشر" انها مرح. هكذا تحقق كل الاهداف: غادة .. مرح.. القوة .. التميز .. لهذا بدأت بالتعاون مع المسمى "نور" للوصول الى هذه القوة كيف لا وقد اتخذت هذا القرار منذ مدة طويلة وكنت على استعداد للتعاون مع الشيطان من اجل الحصول على قوة الشر لماذا...لانك تريد هذه القوة نعم فأنت ونور تسعيان للحصول على قوة الشر وسيقتل احدكما الاخر من اجل هذه القوة التي ان حصل عليها المسمى" بنور" سيلحق الضرر بالكثيرين وان حصلت عليها انت فستلحق الضرر بمن تريد وكيف تريد فباب الشر مغلق وانتما تسعيان لفتحه فأن قتلك وهذا ما سيحدث فهو امر ليس بغريب عليه لانه اعتاد القتل، اما انت فاذا قتلته فقد تتعود على القتل ما حييت، لكنك ستكف عنه مع ان هذا لن يحدث لان المسمى "نور" يستطيع قتلك بسهولة ودون أي عناء بواسطة القوة التي 

يستطيع قتلك بسهولة ودون أي عناء بواسطة القوة التي يمتلكها وانت لن تكون الا جسرا يسير عليه للوصول الى الشر، وانت ايها الغبي لم تسأل نفسك كيف ستواجه هذا المخلوق المزدوج والقوة التي يملكها، فهو يستطيع تجاوز كل الحواجز للوصول الى "قوة الشر " الا حاجزا واحدا هو الذي ستفتحه انت له ... اما انت فلا تستطيع تجاوز أي حاجز لانك لا تملك اية قوة، ولهذا سيجعلك تتجاوز جميع الحواجز لانه يحتاج اليك وبعدها ستصبح شيئا من الماضي بعد ان تتسبب بالعذاب والالم للاخرين بسبب غبائك .. ان بوابة الشر يجب ان تبقى مغلقة الى ما لا نهاية يا حسن لأن هذا في مصلحة الجميع ، هل تعلم كيف ستساعده، وماذا سيطلب منك ان تفعل انا ساخبرك سيطلب منك ان تجمع عددا من القطط السوداء بمواصفات معينة وبعد ذلك سيطلب منك ان تذبحها على بوابة الشر ليسيل دمها ويسير فوقها ليتوفر له الامان وبدون ذلك لا يستطيع ان يمر ، هل تعلم ماذا تعني القطط السوداء التي ستذبحها من اجل ان يسير هو فوق دمائها .. ان كل قط ستذبحه ، يموت مقابله احد ابناء عالمنا ولا تستطيع ان تعلم من هو الذي ستتسبب في مقتله ولكن اريد ان اقول لك بأن كل فرد من ابناء عالمنا، وطئت اقدامه عالم البشر ارتبط بقاسم مشترك مع احد القطط، ليكون له دليلا وذبح القط بطريقة معينة يعني ذبح الاثنين معا، واقصد بكلامي هذا يا حسن تذكيرك حتى لا تنسى ان غادة قد وطئت قدماها عالم البشر فمن الجائز ان يكون احد القطط اذا ما وافقت على ذبحه قرين "غادة" . وصمتت الجنية مرح بعد القاء هذه المحاضرة الطويلة، التي لا اريد ان انكر انها اصابت بها كبد الحقيقة في كل ما قالته ... وجعلتني ولو للحظات اعيد التفكير وتقييم نفسي مما حدث فعلا .. ولكن حجم الاهانات الكبيرة التي الحقتها بي اكثر من قدرتي على الاحتمال ومواجهة الحقيقة وكان لازما علّي ان اثأر لكرامتي فقلت لها : ايتها الجنية التي نصبت نفسها الهاً واحتقرت من حولها .. ان كنت انا فعلا بهذا السوء الذي تصفينه .. *** .. ضعيف ..غبي جشع لا اساوي شيئا فلماذا تهتمين بأمري ..فانا لا شيء ولا استطيع ان افعل شيئا وانتم يا معشر الجن كل شيء .. انتم الهه ونحن حثالة ... فماذا تريدون منا وما الذي يدفعك لتتوسلي الي وترجوني ان لا اساعد في فتح "بوابة الشر ".. ولماذا تحطي من مستواك الرفيع وتضيعين وقتك الثمين للحديث معي . وقالت الجنية مرح بغضب : 


ـ "افضل الانتهاء "الموت" قبل ان افكر مجرد تفكير، في ان اتوسل لاي كان من البشر، واتمنى ان يكون ذلك الان في هذه اللحظة، ان كان ذلك سيحدث في يوم من الايام". واشاحت بوجهها عني، فقلت لهذه الجنية المغرورة: 
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 4:41 pm

ـ "اتعلمين يا مرح ان كل المساويء التي وصفتني بها جعلتني اصمم بأن لا اتراجع عن قراري ولو للحظة واحدة، فلتعلمي بأنني ساذهب الى "بوابة الشر" وسأدخل "بوابة الشر" ولتذهبي انت وكل الجن معك الى الجحيم، فأن استطعتم ان تفعلوا شيئا فافعلوه فأنتم اضعف مما كنا نتصوركم ... انكم مجرد مخلوقات لا نفع ولا ضرر منها ". ورمقتني الجنية مرح بنظرة غريبة تحمل كل المعاني: من القوة والضعف والكره والحب وقالت: 


ـ " أتصّر على رأيك يا حسن ". 


ـ نعم أصر عليه. ـ "حتى لو عرفت ان التي تتحدث معك هي..." 

قلت لها -مقاطعا قبل ان تنتهي من كلامها -: 
ـ كوني من تكوني فهذا لا يهمني . إختفت من امامي كالوميض، واخذت اصرخ عليها: 


ـ اين ذهبت ؟.. عودي يا ابنة الـ.. بدات اسيطر على غضبي قليلا، وافكر فيما قالته، واحدث نفسي: ماذا تقصد يا الهي ,هل من الممكن ان تكون هذه غادة وليست مرح؟ كلا هذا مستحيل، فغادة مسجونة في "قبة النور"، وانا استطيع ان اميز بينهما بسهولة، لو كانت غادة لعرفتها،الا انها تلفظت ببعض الكلمات التي كانت الجنية غادة تستخدمها...كلا..كلا ..انها مرح اخت غادة، وهذا هو اسلوبها هي تسعى لان تجعلني اشك بنفسي. يكاد راسي ينفجر وانا افكر بهذا الجنون، ومن شدة الالم اخذت ادور بأرجاء البيت وانا اتحدث مع نفسي بصوت عال مسموع: 


ـ يجب ان انهي هذا الكابوس، يجب ان انهي هذا الجنون...كفى.. كفى ..يجب ان افيق.. وتوجهت الى المطبخ لاغسل وجهي بماء بارد جدا، توجهت الى الثلاجة، اخرجت ثلاث زجاجات من الماء، واخذت اصبها على راسي الواحدة تلو الاخرى كمجنون، بل كعاقل يريد ان يفيق من جنونه الذي استمر طويلا، واخذت احدث نفسي: الان يا حسن يجب ان تفيق، كفاك جنونا، توجهت و"غليت" "طنجرة " من القهوة، ولو رأتني امي لقلت لها قبل ان تتكلم: فعلا انا مجنون فلا تستغربي ما ترين، ولكن لحسن حظي لم يرني احد. 


اخذت "طنجرة" القهوة وجلست اشربها بشراهة وانا احدث نفسي: لقد حان الاوان يا حسن ان تنسى هذا الجنون، انا من البشر، امي من البشر ,ابي من البشر، اختي من البشر ,اذن انا من البشر، اذن يجب ان احيا كبقية البشر، لا اريد ان احكم العالم، ولا اريد اية قوة خارقة، لا اريد الا ان اعود حسن الطموح، وصاحب الاحلام الواقعية، والان حان الاوان لأن اعود إلى نفسي، واقرر ما هو الحلم، وما هو الذي يجب ان يكون، واقع علاقتي بالجن مجرد حلم ...زواجي من الجنية غادة ...حبي وكرهي لاختها مرح...حارسه "ابواب الشر"...الجني البشري نور...الجن...الخ .!!يا الهي يجب ان اتخلص من كل هذا، اريد ان ا رتاح، لا اريد شيئاً، فقط اريد ان ارتاح وانسى كل شيء، ولكن كيف؟ حتى لو نسيت فانا اعرف بانهم لن يتركوني بحالي، فقد قالوا لي منذ البداية: كل من عرف عن اسرار الجن حكم على نفسه اما بالجنون او الموت ...وانا الان فعلا في طريقي الى الجنون، وما ادراني ,ربما انا الان مجنون، فالمجنون لا يعرف انه مجنون...ووسط دوامة الافكار التي كادت تفجر راسي...بدات اشم رائحة لا ادري اين مصدرها، ولكن هذه الرائحة فورا ذكرتني بالجنية غادة، فكلما كانت في الماضي تحضر كانت تسبقها هذه الرائحة التي تدخل الطمانينة والسعادة الى القلب ... والتي لم اشمها منذ زمن طويل، وبدأ يعتريني شعور بالقوة والثقة لم اعهدها في نفسي من قبل ,شعرت برغبة قوية للنوم...ويبدو انني قد غرقت في نوم طويل، وحينما صحوت، وجدت ان فكرة واحدة هي التي بقيت في رأسي...يجب ان احصل على القوة...يجب ان انتصر وان انقذ غادة مهما كلفني من ثمن...لن يخيفني الجن ولا غيرهم، ولو كانوا يستطيعون فعل أي شيء بي لفعلوه منذ زمن... 


ساذهب الى المدعو "نور"،وساثبت للجميع اني اقوى منهم، توجهت اليه، وبحثت عنه حتى وجدته، وحينما رآني بادرني بالحديث قائلا : 

ـ "ارى ان شيئاً ما قد تغير فيك يا حسن" ... 


قلت له : ـ اشياء كثيرة، وليس شيئاً واحدا يا نور. 


قال نور : ـ" اذن انت مستعد يا حسن للذهاب معي الى بوابة الشر" 


ـ ساذهب معك الى الجحيم ما دمت استطيع ان ادخلك فيه يا نور ... قال نور وهو يضحك: 


ـ " احلم ان تفعل ذلك "... ـ لن احلم، بل سافعل ذلك . قال محاولا ان يستفزني : ـ "ما هذه الثقة؟ هل هذا حسن الذي يقف امامي ام شخص اخر ؟!"... ضحكت ...حاولت ان اجعل هذه الضحكة تخرج من قلبي وان لا تكون مجرد ضحكة مصطنعة...واخذت بالضحك اكثر واكثر، وبصوت عال.. حتى شعرت بذلك الشعور الذي بحثت عنه طويلا ليزيدني ثقة، فقد استطعت بهذه الطريقة ان استفزه بشكل واضح ... 


ـ لا يهمني رايك كثيرا يا نور، ان كنت حسن او شخصاً غيره ،فهذا يعنيني انا، اما اذا لم تستطع انت بقدراتك الخارقة ان تعرف من انا، فلا مانع لدي ان اساعدك يا سوبر نور ... حرك نور راسه ساخرا : 


ـ " لا باس فانت قد قدمت كثيرا، وها انت تقلد طريقة مرح "بالضحك" بشكل جيد، وامل ان لا تقلدها باشياء اخرى".. واخذ يضحك بصوت عال، وكاد ان يستفزني لولا اني تمالكت نفسي وقلت له بهدوء: 


ـ ولم لا؟ فانا على استعداد ان اقلد الجنية مرح ...اقلدك انت يا نور ان شئت ذلك ... ضحك نور وقال: ـ "ولكن لمرح نزوات اشك انك تستطيع تقليدها".. ففهمت الى ماذا يرمز ..وضحكت وقلت له : 


ـ هل استطعت انت ان تقلد هذه النزوات؟ لعلك استطعت، فانت انسان خارق ولا تعجز عن شيء... 


ـ "شاطر يا حسن ...شاطر. ودعنا الان من هذه السخافات، فقد حان الاوان لنذهب الى بوابة الشر " 


ـ انا لست في عجلة من امري يا نور، وقد حان الاوان بان تتوقف عن اصدار الاوامر !!انت تستطيع ان تطلب، واستطيع ان اوافق واستطيع ان لا اوافق وارفض، هذا شاني، وقبل كل شيء، هناك عدة اسئلة احتاج لاجابة عليها ؟.اولا من تكون انت يا نور؟ من الجن ام من الانس ام من العفاريت ؟ 


ـ "دعك من هذه الاسئلة الفارغة التي لا تجدي نفعا ...من اكون، هذا لن يغير في الوضع شيئا ". 


ـ اسمع يا نور، انت بحاجة إلي وانا بحاجة إليك، وعلى هذا الاساس سنتعامل، فلا تصدر لي الاوامر ولا تحاول ان تقرر عني... 


ـ "هناك يا حسن امور كثيرة يعجز العقل البشري عن استيعابها، والنقاش فيها مضيعة للوقت، ولا نهاية لها، كل جواب يحتاج الى الف سؤال وجواب حتى يفسره ..." قلت له وباصرار: 

ـ من تكون يا نور؟ وهل انت فعلا من الجن ؟ 


... نظر الي نظرة طويلة صامتة، واخيرا رضخ لاصراري وقال : 

ـ "انا يا حسن من علماء العالم الاخر فعلا ...وقد قضيت عمري في الدراسة والبحث عن عالمكم، وعن القوة المادية. فقد قمنا باجراء مئات التجارب حول كيفية امتلاك جسد بشري، وكانت هذه الفكرة ضرباً من الجنون، حتى تمكنا من النجاح في فهم الدماغ البشري بشكل متكامل تقريبا، وكانت المفاجأة الكبرى التي قلبت مفاهيمنا عن البشر راسا على عقب، لتثبت ان ما عرفناه طيلة الاف السنين التي انقضت يختلف عن الحقيقة...وهنا دق ناقوس الخطرفي عالمنا، وعلى اثر هذه الدراسات اكتشفنا بانه لو استطاع البشر استخدام الدماغ البشري بشكل كامل اوشبه كامل، فسيؤثر ذلك علينا، وسنفقد الكثير من التفوق الذي نمتاز به عن البشر ...والذي طيلة الاف السنين عرقل التداخل بين عالمينا ... ونحن كعلماء، عرفنا انه لا بد وان ياتي اليوم الذي سيصل فيه البشر إلى هذا المستوى، وان كان هذا اليوم بعد عام او بعد الف عام ... لذا اصبح البشر يشكلون خطرا مرتقبا في الغد على عالمنا .ومن هنا كان لا بد من استباق الزمن، واتخاذ الاجراءات الوقائية والاستعداد لهذا الخطر المرتقب، وكانت الخطة الاولى التي اعددتها انا ومجموعة من العلماء في عالمي هي ان نسيطر ونسيّر نحن الدماغ البشري، ان نسيّر الامور ونخضعها لارادتنا بعيدا عن ارادة البشر ...وبعد سلسلة تجارب طويلة، اكتشفنا بانه لاتوجد الا طريقة واحدة لذلك، وهي الاندماج ...او الجمع مع الدماغ البشري، ولنجاح هذه العملية فلا بد من ان تتم منذ اللحظة الاولى لولادة الانسان، والذي يبدأ بعملية الاندماج منا يصبح اسير هذا الاندماج لمدة ثلاثين عاما على الاقل، حتى يكتمل البناء الكامل للدماغ البشري، وان تعرض الجسد البشري لاي خطر، تكون نهاية المندمج معه، وان وصل الى الاكتمال يكون قد استطاع امتلاك قوى في عالمنا وعالمكم...بدأنا باجراء التجارب ...وكانت معظمها تجارب فاشلة، وكانت الخسائر كبيرة جدا، بحيث استدعي حكماء عالمنا للحد من هذه التجارب، وما كانوا سينجحون بذلك لولا انهم استطاعوا ان يثبتوا بان كل من سيقوم بهذا الدور سيتاثر بطريقة التفكير البشري، وسيفقد انتماءه للعالم الاخر، وسيصعب السيطرة عليه، وسيصبح هو العدو الاخطر على العالم الاخر...فنحن مجموعة العلماء الذين وضعنا الخطة لم نستطع اقناعهم بضرورة استكمال التجارب بغض النظر عن احتمالات السلبية التي اكدتها دراستهم من الاندماج مع البشر...ولم يتوقف حكماء عالمنا عند هذا الحد، بل طالبوا بانهاء كل حالات الاندماج التي تمت بكل الطرق الممكنة، وبناء على رايهم اصدرت سلطة عالمنا "الكاتو " الاوامر لنا بصفتنا المشرفين على هذه الحالات باعادة كل الذين قاموا بعمليات الاندماج الى عالمنا باي طريقة كانت، ولكننا رفضنا وبشدة الانصياع لهذه الاوامر لخطورة الموقف، فذلك سيتسبب بموت المئات من زملائنا الذين ضحوا بانفسهم ليقوموا بعملية الاندماج في عالم البشر، وقد تم اعتبار رفضنا تمردا،ً وتم وضعنا تحت المراقبة المشددة، واعتقل العشرات منا...وقامت سلطة "الكاتو" باصدار الاوامر الى حارسات ابواب الشر بمتابعة كل حالات الاندماج التي تمت في عالم البشر، والقضاء عليها بكل الطرق...ومرت سنوات حتى استطعت انا الهرب والقيام بعملية الاندماج بنفسي، وها انا امامك الان يا حسن ... قلت له : 


ـ اذا افهم من كلامك بانك جني بجسد بشر، او صاحب شخصيتين: واحدة بشرية والاخرى جنية؟ 

ـ "تقريبا ان ما تقوله صحيح "... ـ افهم من كلامك انه يوجد العشرات من الجن أحياء باجساد بشرية ويعيشون بيننا ؟ 

ـ "ليس العشرات بل قل الالاف ممن قاموا بعملية الاندماج "... قلت مندهشا : ـ" اتعني انه يوجد مثلك على الارض الالاف" ؟ 

ـ" نعم، يوجد الالاف بحالات مختلفة، وباعمار مختلفة، وربعهم تقريبا من العلماء بغض النظر عن درجاتهم العلمية، ولا ادر انا بالضبط كم بقي منهم حتى الان على قيد الحياة، وان كان ذلك بسبب الظروف الطبيعية التي يمر بها جسد الانسان، او بسبب ملاحقة سلطة "الكاتو" لهم... 

ـ كيف يمكن ذلك؟ الالوف منكم بيننا ونحن لا نعلم ؟ ان هذا الامر لا يصدق ، أهذا العدد الكبير قد اندمج مع البشر؟!! 

ـ "اسمع، الرقم صغير جدا جدا، ولا يذكر مقارنة حتى بعدد البشر وعدد السكان، فربما لو قدرناه لكان صغيرا جدا " ... 

ـ وهل عليهم ان يبحثوا مثلك عن بوابة الشر ليملكوا القوة ؟ 

ـ "كلا يا حسن ،عدد قليل فقط منهم سيبحث عن "بوابة الشر"، والان دعنا من الاسئلة" ... 

ـ سؤال واحد فقط وسأتوقف عن طرح الاسئلة بالرغم من حاجتي اليها ...ما هي حكايتك مع الجنية مرح؟ ولماذا تكرهك الى هذا الحد، ولماذا تكرهها يا نور ؟ 

ـ "هذا ليس سؤال واحد هذا اكثر من الف سؤال ...وحكاية مرح وحدها تحتاج الى اسابيع لارويها لك، وقد قلت لك سابقا بان مرح لم تكن هكذا ابدا، ولكن الظروف جعلتها، وربما كنت انا احد الاسباب، وهذا ما يفسر كرهها لي، اما انا فعلا فلا اكرهها، وايضا لا الومها ان كانت تكرهني، وقد ياتي يوم تتغير به الظروف. والان حان الوقت يا حسن لتقوم بالدور الذي عليك ان تقوم به، حتى لا يضيع الوقت، وخاصة انه لم يبق امامنا سوى ايام قليلة، وان انقضت ستضطر الى الانتظار شهرا اخر "... 

ـ وماذا يجب علي ان افعل؟ 

ـ "الموضوع سهل فكل ما عليك عمله الان هو جمع واحضار سبع قطط سوداء كسواد الليل الحالك، تجمعها من مناطق مختلفة وتضع كل قط على حدة، بحيث لا يرى القطط الاخرى...ثم عليك جمع القطط فقط أثناء غياب الشمس أي بعد الغروب وقبل الفجر ولتتاكد بان القط الذي احضرته هو المطلوب يجب عليك ان تسلط ضوءً خفيفا على عيونه، فان تغير لون عينيه فهو مجرد قط عادي، لانفع منه ولاحاجة لنا به، واحذر من ان تنظر في عيون اكثر من قط في نفس الوقت، خشية من ان تفقد صوابك، لان هذا يحدث كثيرا ...اما كيف تجد القطط، فهذا ليس صعبا، فستجد منها اعداداً كبيرة في كل منطقة، وخاصة القطط التي نحتاجها نحن..." تذكرت كلام الجنية مرح عن القطط وانه ينوي ذبحها ليسير على دمائها ليستطيع بذلك الدخول الى "بوابة الشر". 

لم اصدق كلام الجنية مرح في ذلك الوقت، قلت لنور: ـ " اذا ما قالته الجنية مرح صحيحا، وانت تنوي ان تذبح القطط التي ساحضرها.." ـ" كلا هذا ليس صحيحاً فانا لن اذبح أي قط لاني لا استطيع ذلك، ولن استطيع وخاصة القطط السوداء المتصورة، ولهذا احتاجك انت يا حسن لتفعل ذلك، لانك تستطيع وبسهولة". فقلت له مشمئزا من كلامه: 

ـ للقطط ارواح مثلنا فكيف تريد مني ان افعل ذلك . 

ـ "حسن لكل شيء ثمن وانت اردت دخول بوابة الشر بأي ثمن، حتى لو كلفك ذلك حياتك، فلا تابه بحياة عدة قطط ". 



ـ ولكن يا نور ... قاطعني وقال: 

ـ "لاتقل ولكن.. والا بقيت طوال عمرك تردد هذه الكلمة، احضر القطط ولا تابه لشيء". قلت له : قاطعني مجددا، ولكني اصررت على ان اكمل كلامي حتى النهاية وقلت: 

ـ "المشكلة انها ليست قطط عادية، والجنية مرح قالت لي ان هذا النوع من القطط هو قرائن للجن، وكل قط يقتل، يقتل مقابله احد افراد الجن أي قرينه من الجن "... نظر الي نور بحزم وقال: 

ـ "نعم هذا صحيح، وقلت لك: إن لكل شيء ثمنه".. 

ـ ولكن ما ادراني فعلا ان القط الذي ساذبحه لن يكون قرين زوجتي الجنية غادة . ـ" لم تظن ان من بين ملايين القطط ستختار (قرين غادة )"؟ 

ـ وافرض ان ذلك حدث، والقطط التي تقع تحت يدي كان احدها فعلا قرين زوجتي الجنية غادة... 

ـ "لا اتصور ان تحدث هذه الصدفة ولكن يا حسن ان حدثت فيجب ان لاتهتم ولكل شيء ثمنه". قلت غاضبا : 

ـ انت تريد ان اذبح حبيبتي بيدي؟ فانا ما وافقت على الذهاب معك الى "بوابة الشر" الا من اجلها هي، من اجل ان احررها من اسرها واعيدها الي، وان كنت ساذبحها فما حاجتي للمخاطرة بدخول مثل هذه الابواب؟!! ضحك نور وقال : 

ـ "لا احد يا حسن يفكر بدخول "بوابة الشر" من اجل احد، فلا تضيع الوقت بالكذب على نفسك وعلي، وانت تعلم انك تخاطر بحياتك للوصول الى "بوابة الشر"، فلا تكترث لحياة الاخرين ". 


ـ سأفعل يا نور وليحدث ما يحدث. تركت نور وذهبت الى البيت، وانطلقت بعد غروب الشمس ابحث عن القطط السوداء لاجمع منها سبع قطط. كنت اظن بان جمعها سهل جدا، ولن يستغرق مني سوى ساعات قليلة لا اكثر , خاصة وانها موجودة في كل مكان ...حتى اني جهزت نفسي لاجمع عشرين قطا لتوفير الوقت، ومن ثم بعدها اقوم باختيار القطط السبع المناسبة من بينها . مرت ساعات طويلة وانا ابحث هنا وهناك، بدءا من بيتنا حتى بيوت الجيران، ثم الى الاراضي المجاورة ..... 

لكني لم اجد حتى ربع قط..حتى القط الاسود الاعور، المقطوع الذيل والذي لم يكن يتحرك من جانب البيت، وكان يثير بداخلنا الاشمئزاز فانه اختفى ايضا . 

اخيرا ادركت ان مهمة جمع القطط ليست بالمهمة السهلة كما تصورتها منذ البداية ،وكما رسمتها في خيالي، وزاد الامر تعقيدا باني يجب ان اجمعها ليلا، فكيف سارى القطط السوداء في مثل هذه الليلة الحالكة السواد؟ 

مرت الليلة ، واقتربت خيوط الفجر من البزوغ، ودب اليأس في نفسي، واقتنعت بان حظي التعس سيمنعني من الحصول حتى ولو على قط واحد ... اشرقت الشمس وتوجهت الى البيت لانام، اعدت البحث بعد غروب شمس اليوم الثاني ... لكن لسوء حظي لم ار سوى قطنا الاعور الذي لا يصلح لشيء، حتى انه عاجز عن المواء كبقية القطط. 

في اليوم الثالث خطرت لي فكرة جهنمية، قلت لنفسي: لماذا اتعب نفسي بالبحث عن القطط؟لماذا لا اجعل الاخرين يقومون بذلك عني؟ 

قمت فورا بجمع اولاد الحارة المشاغبين، واقنعتهم باني اعمل في حديقة الحيوانات، واقوم بجمع القطط السوداء ..وان كل من يحضر لي منهم قطا اسود، سيحصل على مبلغ من المال . 

تحرك الاولاد بحماس للبحث عن القطط السوداء ليبيعوني اياها،لاقوم انا بعرضها في حديقة الحيوانات حسب ما قلت لهم وما فهموه مني .. 

جلست في البيت سعيدا وفخورا بنفسي لهذه الفكرة الجهنمية التي لاتخطر على بال الجن ولا العفاريت، وما ان مرت ساعة واحدة فقط حتى انتشر الخبر في كل الحارة، ولن ابالغ في الحديث اذا قلت في البلدة كلها ...وبدأ الاولاد يتوافدون على البيت افرادا وجماعات، منهم من يحمل قطا ومنهم من يحمل اثنين، ومنهم من اتى الي متشاجرا مع صديقه مدعيا انه هو الذي امسك القط، وهو احق بثمنه، ومنهم من جاء يسأل: هل تريد القط ذكرا ام انثى؟ المهم في الامر باني وجدت نفسي في مازق كبير، فقد احضر لي الاولاد خلال ساعة اكثر من عشر قطط وقد تجمع في ساحة منزلنا اكثر من اربعين ولدا... والمازق الاكبر من هذا هو ان القطط تم جمعها في النهار وقبل غروب الشمس وهذا يعني انها ليست القطط المطلوبة، وحتى لو كانت فهي لا تصلح للغرض الذي اريده. 



اصبحت مضطرا ان ادفع للاولاد ثمن جميع القطط التي احضروها تجنبا للاحراج والفضيحة، وحتى لا اظهر امامهم كاذبا...ولكن الامر لم يتوقف عند هذا الحد وانما استمر بتوافد الاولاد مع قطط جديدة لم افهم كيف احضروها بهذه السرعة، حتى ان احدهم جاء ليبيعني قطنا الاعور، والمفاجاة الكبرى بان رجالاً ونساء كبار في العمر بداوا يتوافدون على بيتنا لبيعي قططا سوداء ويبدو ان اهل الحارة وجدوا في ذلك تجارة مربحة، وما ان غربت الشمس واستطعت التهرب من هذا الموقف حتى علمت بان اهل الحارة اصبحوا يطلقون علي اسم "حسن ابو البساس(القطط)" وكل هذا لم يكن يقلقني بقدر خوفي من امي وظنونها، وقد حدث ما توقعت 

حضرت امي، واول كلمة قالتها لي : 

ـ "اسمع "يا ابو البساس "، أنت كل يوم بتطلعنا بنهفة ...بدكش تبطل هبل ,فضحتنا وعللت علينا الجيران ...انت بتفكر الناس هبايل ومصدقين ان جنينة الحيوانات بتشتري بساس,الناس بتحكي عنك انك بتبيع البساس للكفار الاجانب اللي بوكلوا لحمهن ...حرام عليك البساس الهن سبع رواح وخطيتهن كبيرة ".. 
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 4:43 pm

.حرام عليك البساس الهن سبع رواح وخطيتهن كبيرة ".. 

وقفت مشدوها على هذه الكلمات التي قالتها امي، ولكني لم اكن اتوقع ان اهل الحارة سيفكرون بهذه الطريقة ..كان يجب ان اعرف منذ البداية انه لا يمكن ان يمر بهذه البلد شيء مرور الكرام، والله يستر اية قصص سأسمع في الغد. المهم اني استطعت اقناع امي بان هذا الكلام لا اساس له من الصحة، وبصراحة وجدت الفرصة لاتخلص من القطط التي لن تفيدني شيئاً، وقمت على الفور وامام ناظري امي باطلاق سراحهن جميعا من القفص الذي اعددته لهن، وبالرغم من ذلك كله لم انج من لسان امي حول تلك النقود التي بذرتها لشراء القطط . 
غربت الشمس، وابتدأت خيوط الليل تنسدل وانا انتظر لعل احد الاولاد يحضر لي قطا، وخاصة ان هذا الوقت هو الوقت المناسب الذي اريد فيه ان اجمع القطط السبع ...يجب ان اجمعهن بعد غروب الشمس وليس قبله، ولكن دائما تجري الرياح بما لا تشتهي السفن . 

لم يحضر احد، ولا ادري هل لم يبق في البلد قطط او انهم يحتفظون بها لعل سعرها يرتفع ، او انه على الاغلب ان القطط علمت بان هناك مجنونا يشتريها فهجرت البلد بعيدا عن اهلها المجانين. 




استمريت لوحدي في البحث عن القطط السوداء المطلوبة لعدة ايام، ولكني لم استطع القبض الا على قط واحد فقط خلال هذه الايام ...حتى يئست من امكانية جمع ست قطط اخرى. فكرت انه يجب ان اتوقف عن البحث ... ذهبت الى ذلك المسمى "نور"، هذا العفريت او "المتعفرت" ,الذي يعيش كابناء البشر، لم اجد صعوبة في العثور عليه، ولما راني اخذ يضحك ويقول لي : 

ـ "كيف حالك يا ابو البساس" . 

ـ ارى انك تتابع اخباري . 

ـ "كيف لا فاخبارك تهمني يا حسن ولا صعوبة في معرفتها، فالكل يعرفها ..." 

واخذ يضحك وقال: 

ـ "يكفيبني ان اسال أي شخص عن حسن "ابو البساس" حتى يخبرني انه قريبا سيبدأ بالمواء ,لا تغضب يا حسن فانا امزح معك ".. 

ـ ولكن ما العمل الان فانا لم استطع ان اجمع سوى قط واحد، وبصراحة لا استطيع الاستمرار في هذا الجنون. فاما ان تجد لي طريقة، واما ان انسى الموضوع نهائيا واتخلص من كابوس اسمه القطط . 

ـ "بسيطة انه موضوع في غاية السهولة، فهناك عدة طرق لذلك، ولا تحتاج لكل هذا العناء والمجهود الذي بذلته". 

ـ وبما انك تعرف ان هذا الموضوع بسيط، فلماذا لم ترشدني منذ البداية ؟ 

ـ لانك يا حسن لم تسألني، ولو انك سالت لحصلت على الاجابة.. المهم، الامر بغاية البساطة، فقطط "الكاتو" الجن ان تم القبض على واحد منها تسارع بقية القطط لانقاذه، وما عليك الا ان تعد المصيدة بعيدا عن الاضواء ... 

وشرح لي الطريقة بالتفصيل وقال : 

ـ "لكني احذرك من النظر في عيونها، وخاصة وهي مجتمعه والا فعليك السلام ". 


ذهبت في المساء، واعددت المصيدة وجهزتها بالطريقة التي افهمني اياها نور، ونجحت الخطة كما رسمها لي نور، وحصلت على ما اردت واكثر، ولاتاكد اكثر من ان القطط التي جمعتها المصيدة هي من الجن او قرائن الجن على الارض فصلتها كل على حده وسلطت ضوءا اخضر على عيونها بعد ان اخذت احتياطي خوفا من سيطرتها علي، وكلما سلطت الضوء على عيون احداها تبدا عيونه تتقلب الى اكثر من لون وبسرعة تعكس اشكالا غريبة لم اعهدها في القطط العادية، وهكذا جمعتها في قفص مقسم الى سبعة اقسام بحيث لا يرى القط منها القط الاخر. وقمت بوضع القفص في المخزن الموجود بجانب المنزل، وتسللت الى غرفتي بحذر وهدوء حتى لا اوقظ احدا...وما ان اغلقت الباب وادرت وجهي لاتناول بيجامتي المعلقة في الخزانة، حتى بدات الغرفة تمتليء بالدخان الابيض الكثيف الذي لم اعهده من قبل، حين كانت تظهر الجنية غادة او اختها ,لم اشعر باي نوع من الخوف او المفاجاة، فقد كنت متيقنا من ظهور الجنية مرح وخاصة بعد ان اتم اجمع القطط. 




واستمر الدخان بالتزايد دون ان استطيع ان احدد مصدره، واخذت انتظر تلاشي الدخان كالعادة، ولكن هذه المرة لم تكن كالمعتاد، فقد طال انتظاري ونفذ صبري والدخان لم يتلاشى بعد ...تمالكت اعصابي، وادركت ان الجنية مرح تخطط لشيء ما، ربما هذا اسلوب جديد من اساليبها، فهي تحب ان تظهر في كل مرة بطريقة غير متوقعة...وما هي الا لحظات حتى بدا الدخان يتلاشى، وكأنه لم يكن موجودا اصلا، ولكن هذه المرة لم يظهر من وسط الدخان شيء...فقلت: ربما غيّرت رأيها. ولا اخفي ان املي قد خاب، فانا فعلا مشتاق لرؤيتها، وحاولت ان اتظاهر باني لا اهتم بأمرها ان هي ظهرت او لم تظهر ... 

توجهت الى السرير بعد ان ارتديت البيجاما لانام، مع علمي باني لن استطيع النوم قبل ان اراها، ومرت ساعة حسبما اعلم كانها عشر ساعات، حتى بدات اسمع موسيقى هادئة جدا، لم اسمع مثلها من قبل، وبدات تظهر بالغرفة اضواء خافتة تصاحب الموسيقى، ليدق قلبي معها، واشتاق لظهورها، واخذت الافكار تتسابق في راسي حول طريقة ظهورها، الا ان ظهورها كان اسرع من الافكار، ظهرت تسير بخطى واثقة خطوة وراء خطوة ، كملكة تحكم الدنيا لا تابه بمن حولها، كان شعرها الاسود الطويل الناعم المجنون يتطاير مع نسمات الهواء المنبعث من النافذة، وكان نسمات الهواء ما هبت الا من اجل ان تطير شعرها، ليخفي ويظهر كتفها الايسر الذي لا يحجبه الا خط رفيع، مال الكتف بلا مبالاة معلق به ثوبها الاسود القصير المشدود حول جسدها 

والذي تظهر من خلاله مفاتن جسدها الممشوق، ليتناسب مع لون الشعر ولون العينين الشهوانيتين، وشفاهها المتحدية لكل قوانين الكون، ونظراتها التي اخترقت جدار قلبي وانستني حقدي وغضبي الدائم عليها، وكانها تعلم بانني لا استطيع الصمود امامها للحظات ...لم اتمالك نفسي وقررت ان اقفز من مكاني واعانقها، ولكن يبدو انها قرات افكاري، وكانت اسرع مني وقالت بكلمات هادئة: 
ـ "لا تفعل ..." 

وبخفة جلست على المكتب، ووضعت اقدامها على الكرسي، ورفعت ساقا فوق الاخرى، لا ادري هل لتخفي مفاتن ساقيها ام لتزيدهما اغراء، قالت الجنية مرح : 

ـ" لم آت الى هنا يا حسن كي اعانقك".. 

كانت كلماتها وطريقتها في الحديث كصفعة وجهتها لي، لاستيقظ من حلمي الجميل...واعادت الي غضبي مجددا وكرهي لغرورها وعجرفتها . 
قالت : 

ـ "لا يهمني ان كنت تحبني او تكرهني، فانا لا اسعى لان تحبني او لأن تكرهني" . 

قلت وانا مستفز بما تقوله: 

ـ لم اكن لارغبك لو لم تسعى انت لذلك بنظراتك وحركاتك واسلوبك، وحتى ثوبك ما كنت ترتديه بهذه الطريقة الا لاغرائي، ولعلمك: انك انت التي تسعين الى ذلك، وما انا الا بشر ولن انكر انني انجررت قليلا خلف عواطفي، ولو كانت واحدة غيرك وتصرفت بطريقتك لحدث نفس الشيء، فلا تظنين انك شيء مهم او مميز . 

قالت ساخرة : 

ـ" طيب يا روحي لا تنجر وراء عواطفك كثيرا، وبلاش عصبية، وان كنت مهمة او غير مهمة، فانا اعلم قيمة نفسي، ولا يهمني رايك او راي احد ...وان كان ثوبي وحركاتي تغريك، فهذا لا يعنيني كثيرا، وقد صدقت بقولك انك لست الا بشر، فلا تنسى انني مرح، وانت يا حسن مجرد بشر ،وحينما اقرر ان اعبث واتسلى قليلا، فانا مرح، ومرح هي التي تقرر، واما الان فانا لم احضر لاتحدث معك بهذه السخافات البشرية، بل هناك موضوع اهم بكثير ". 

قلت لها ولم استطع تحمل استفزازاتها واهاناتها المتلاحقة : 

ـ اسمعي ايتها الجنية.. عفوا اسمعي يا حضرة الجنية مرح، لا يهمني ان اسمع مواضيعك المهمة، ولا يوجد ما يستحق ان اضيع وقتي في سماعه، ومنك انت بالذات، فعلي ان انام الان، فالى اللقاء يا حضرة الجنية مرح .. 

ضحكت مرح بطريقة واثقة، وكانها بضحكاتها تقول لي:" لم تنجح باستفزازي" وقالت لي : 

ـ" دع عواطفك جانبا وفكر قليلا بعقلك، واسمعني جيدا، وقرر بعدها، لقد اجتزت الخط الاحمر يا حسن بالقائك القبض على القطط، وغدا ستذهب الى حتفك بقدميك ان رافقت "نور" الى "بوابة الشر"، لانك لن تذهب الى هناك حيا "... 

قلت لها وانا اقاطع حديثها : 

ـ بلى، سأدخلها، وساحصل على القوة، وستصبحي انت يا مرح مجرد خادمة عندي . 

ضحكت مجددا بصوت عال خيل الي انه ايقظ اهل البلد جميعا وقالت : 

ـ "هل انت غبي لهذه الدرجة، لتظن ان نور ،هذا الحقير، سيدعك تدخل، او انك تستطيع التفوق والتغلب عليه ؟ انه قادر على قتلك في اية لحظة يريدها، وانت لا تستطيع ذلك، اتعلم لماذا ايها الاحمق؟ لانه من المستحيل قتله، افهمت ايها الغبي؟ نور ليس مثلك، ولا يمكن لبشري ان يقتله، لانه ليس من البشر، وان كنت تظن بانه لو امكنك القضاء على جسده فستكون نهايته، فانت مخطيء، وهذا غير صحيح، وحتى لو اعتقدت انك ستقتله، فأن هذا سيكون وكأنك لم تفعل شيئا، فنور لا يقضي عليه الا من ابناء عالمه، هكذا هي الطبيعة"... 

نظرت اليها وضحكت وقلت لها : 

ـ اعلم جيدا ما الذي تقولينه، ولدي طريقة خاصة لن يعرفها احد، حتى انت ... 

وبسرعة بدات افكر باشياء عادية حتى لا تستطيع مرح قراءة افكاري ومعرفة خطتي . 

رمقتني مرح بنظرة حادة وخيل الي بأنها ستصفعني بكفها على وجهي.. 

ـ "فعلا، انت احمق، ولن تفهم، صحيح ان لديك الخطة؟ هل تود ان اقول لك ما هي خطتك السرية الذكية العبقرية؟ تعتقد انت يا حسن بأنك إن قمت بقتل ستة قطط بدل سبعة، وتركت القط السابع حياً ليهاجم نور لتستغل أنت الوقت لتمر عبر "بوابة الشر" فانك غبي احمق ". 

قلت لها مذهولاً: 

ـ ولكن كيف عرفت يا مرح بان هذه خطتي بالرغم اني كنت حريصا اشد الحرص على ان لا اجعلها تمر في مجال قراءة الافكار، مع علمي انكم تقرأون الافكار بسهوله . 

ـ "لانك لم تحسن اخفاء افكارك بطريقة صحيحة، ولا تنسى ان الطريقة التي تعلمتها لاخفاء افكارك طريقة قديمة، استطيع ان اتجاوزها بسهولة، ولكن ليست المشكلة بمعرفتي انا عن خطتك، ولكن المشكلة نور، لا بد انه استطاع ان يعرف هذه الخطة، وقد استعد لها". 

قلت للجنية مرح : 

ـ لا اعتقد ان نور قد علم بها، فلم يظهر ذلك. 
ضحكت وقالت : 

ـ "وكيف تستطيع ايها البشري ان تحدد ان كان نور عرف خطتك ام لا، وان كان قد عرف، فهل سيظهرلك انه عرف، ام انه سيقول لك "عيب يا حسن تضحك علي "؟ كلا يا حسن، لن تستطيع ابدا ان تعرف كيف يفكر، وكيف يخطط هذا المخلوق، فهو متفوق عليك في كل المجالات ولا امل لك بالانتصار عليه، ولكني سامنحك فرصة واحدة وحيدة، لم امنحها من قبل لبشري، ان قبلتها، فقد نجوت، وان لم تقبلها فقد هلكت" . 

ـ وما هي هذه الفرصة يا مرح . 

ـ "ستتصرف انت يا حسن كما اقول لك، وسنتولى نحن مشكلة نور، وسنسمح لك بالعودة الى حياتك الطبيعية، وسننسى كل ما حدث في الماضي، ولن نتعرض لك وسنسهل لك شؤون حياتك ما حييت" . 

ـ وكيف اصدقك واصدق وعودكم انتم معشر الجن، وما الضمان لذلك . 

ـ" لم نعد احدا من قبل وخنا هذا الوعد، ولم نعاهد احداً ونكثنا بعهودنا، هكذا نحن وسنبقى". 

ـ وزوجتي الجنية غادة ماذا سيحصل معها؟ هل ساراها مرة اخرى ؟. 

رمقتني الجنية مرح بنظرة صارمة وقالت بحزم : 

ـ "حسن لقد قلت سننسى الماضي بكل ما فيه، فهل فهمت" ؟ 

ـ عرضك جميل ومغر ولكني لست اوافق عليه يا مرح، وانا شخصيا اؤمن بان الاعمار بيد الله وحده، وان كان الله قد كتب علي ان اموت اليوم او غدا ،فهذا قدري،ولذا فإن عرضك مرفوض يا مرح . 

ـ "وهل رفضك هذا من اجل عيون غادة؟ ام من اجل القوة التي تحلم ان تحصل عليها بعد دخولك بوابة الشر يا حسن؟" . 

ـ من اجل غادة فقط ، ولا شيء غير غادة، فان كنت ساستعيد غادة فسافعل كل شيء واي شيء. 

قالت مرح وهي تضحك : 

ـ "ومن اجلي انا، الن تفعل شيئاً"؟ . 

ـ كلا يا مرح فما انت الا جسد واغراء، ولا انكر انك استطعت السيطرة علي عدة مرات، ولكن غادة شيء اخر، لا مجال لنزعه من قلبي، وان استطعت ان تنزعي قلبي من مكانه فستبقى غادة فيه. 


ضحكت مرح وقالت : 

ـ انا مرح يا حسن، وفي عالمي يقولون ان مرح مجنونة، وهي على استعداد لعمل أي شيء لارضاء غرورها، وفعلا فقد صدقوا فيما قالوا. فانا مجنونة، وساقدم لك هذا العرض، ليس من اجلك بل من اجل ارضاء غروري كما يقولون ...وهذا هو عرضي يا حسن: ساسمح لك بالتفكير فيه للحظة واحدة فقط، لا اكثر وهذا عهد مني...ان ما ستختاره سيتحقق، فهل انت على استعداد لسماع عرضي". 

ـ نعم يا مرح اني مستعد . 

ـ"اسمع يا حسن ,غادة حبيبتك وحياتك وزوجتك، وكل شيء لك في هذه الدنيا، ومن اجلها تقول انك ستضحي بكل شيء، ودخول "بوابة الشر" قد يجعلك تحصل على قوة الشر الهائلة والتي لا حدود لها، وبصفتي وباسمي انا مرح حارسة ابواب الشر وبموجب صلاحيتي، اعاهدك انني ساحقق لك احدى هذين الطلبين فماذا تختار الان وبسرعة يا حسن" . 

ـ لقد اخترت دخول "بوابة الشر" يا مرح فأوف بوعدك . 

ضحكت مرح وقالت: 

ـ "لك ذلك يا ابن البشر، واختيارك كان اختيار بشر، فالحب والتضحية ليست من صفاتكم انتم بني البشر". 

وسقطت دمعتين من عينيها.. وقالت: 

ـ "لك ذلك يا حسن، وبالغد ستحقق ما اردت " . 

رفعت راحة يدها اليسرى ومسحت الدمعة التي سقطت من عينها، والتي ما زالت اثارها باقية على وجنتها بكبرياء لم اعهده من قبل، وعيونها ما زالت مفتوحة متسعة الحدقتين وكانها تقصد ان تقول لي في صمت الكلام "الدموع ليست ضعف "، ولم اكن استطيع ان اخفي عليها ولا على نفسي بان تلك الدمعتين اللتين سقطتا من عيونها قد استطعن ان يهززن قلبي حزنا عليها، وكاني فعلا لا استطيع ان ارى هذه المخلوقة ضعيفة وقد اعتدت على رؤية القوة فيها . 

شعور بالحزن وخجل من نفسي على ما قررت. هل انا فعلا *** الى هذه الدرجة لاتخلى عن حبي وحياتي غادة في لحظة واحدة من اجل قوة لا ادري ما الذي ستحمله لي معها ,لا ادري كيف استطيع ان اكذب الجنية مرح بالاوصاف التي استمرت بوصفي بها طوال الوقت فما حدث يثبت اني اناني لدرجة لا يتصورها عقل، فانا احب غادة ،اعشق غادة، كل شيء في حياتي غادة، ومن اجلها افعل كل شيء فكيف بلحظة واحدة لا يهمني امرها وما سيحدث لها واختار نفسي، واعشق ذاتي، ومن اجل نفسي لا يهمني احد، ليس غريبا ان تكرهني هذه الجنية، فلا تفسير لما افعل أو فعلت، الا اني ارخص من دمعة واحدة سقطت من عيني الجنية مرح، هذه الجنية المغرورة المتعجرفة القوية الشريرة، الا انها تاثرت من موقفي الرخيص تجاه اختها غادة، وبحثت لنفسي عن مبررات لما فعلت لارضي نفسي، ولاطفىء النار المشتعلة بداخلي والتي اشعلتها اثار دمعة بقيت على وجنة مرح، ولكن هل هناك مجال للتراجع؟ وان كان هناك فهل سأتراجع؟ اسال نفسي واجيب نفسي، ولا مجال للسيطرة على الجزء السيء بداخلي والذي يسيرني، "لقد وصلت فلا تتراجع مهما كان السبب". ولما كنت اسرح في الخيالات واحاور ذاتي، عادت عيوني التي هربت من مواجهة عيون مرح لتلاقيها من جديد، وتجدها ممتلئة بنظرات الاحتقار.... 

والشفقة ، وكأنما كانت بداخلي، واستمعت لحواري مع ذاتي، وابتسمت مرح ابتسامة صفراء مستهزأة مستحقرة، وقالت وهي تحرك يدها وتبعد خصلة شعر غطت وجهها : 
ـ" حسن يا ابن البشر، لا داعي لان ترهق نفسك بعتاب ذاتك، فما تفعله سيكون عبثا، فانت بشر، صحيح اني تاثرت للحظة من قرارك برغم من معرفتي المسبقة به، فانا ايضا لدي مشاعري واحاسيسي، حقيقة اني لم اتاثر كثيرا بالعذاب الذي لاقته اختي الصغيرة غادة من اجلك، ولا حتى بمصيرها المشؤوم بوجودها بسجن "قبة النور" ايضا بسببك، فهي قد ضحت لانها ارادت وتحملت عواقب ما فعلت من اجلك، ولاقت العذاب بسعادة، ربما ارادت لحظات حب حقيقية وغريبة، فلن الومها الا على شيء واحد فقط، كل ما فعلته من اجل من؟ ولمن؟ من اجل بشر. واي نوع من البشر هذا الذي يستحق كل هذه التضحية؟ 


مسكينة غادة اتمنى من كل قلبي ان تموت قبل ان تعرف ماذا فعل حبيبها من اجلها، مسكينة يا غادة... مسكينة يا غادة..." وبحركة سريعة خفضت مرح راسها الى الامام ليسقط شعرها الطويل على وجهها ويخفيه، ورفعت يدها وابعدته عن وجهها ببطء، ولم يخف علي بانها قامت بتلك الحركة لتخفي وتمسح دموعا حبيسة في عيونها حتى لا اراها، على الرغم من ان نبرتها الحزينة كانت تحمل مع كل كلمة او حرف دمعه او اكثر تتسابق لتسقط من عيونها. 


وبقوة غريبة كانت تحبسها، وكانت كل كلمة تقولها واسمعها كخنجر مسموم يغرز في جسدي، واتمنى لو ان الحياة تتوقف او ان الارض تنشق وتبلعني من خجلي من نفسي... ورمقتني مرح بنظرة وقالت بصوت هادىء: 


ـ "حسن، انا فعلا اسفة، فليس من حقي ان اغضب عليك او ان الومك, فهذه طبيعة البشر، والوقت قد فات وحدث ما حدث وما هي الا ساعات وستحقق ما اردت, ستدخل "بوابة الشر"، فحسب ما اعرف وبناء على حسابات زمنية تجهلها انت ،فـ "بوابات الشر" جميعها ستبدأ بالظهور مع اشراقة الشمس القادمة، وستفتح مع غروب الشمس, وستبقى مفتوحة الى شروق الشمس وهذا هو الوقت المناسب الذي ينتظره نور وهو مستعد لذلك, وكما وعدتك سنقبض نحن على نور، وساسمح لك بدخول بوابة الشر" . 


ـ ولكن كيف ستفعلين ذلك؟ 


ـ "هذا هو عملي انا، وانت ما عليك الا ان تسمح لنا بالتحكم بدماغك وبجسدك لساعات قادمة". ضحكت وقلت لمرح: 


ـ افهم كلامك انك تريدين ان تدخلي بجسدي (جني ) او كما اسمع بدك تلبسيني جني .. فابتسمت مرح باستهزاء وقالت: 


ـ "انتم بنو البشر تقولون وتفكرون باشياء غريبة وغير معقولة، ولكنك انت يا حسن تعلم بان هذا لا يحدث ولا يمكن ان يحدث الا في خيالكم وافكاركم الغبية , أما أنا لا يهمني بما ذا تفكرون وماذا تعتقدون او تصدقون، فهذا شانكم انتم، ما سنفعله نحن هو اتصال كامل مع دماغك، يسمح لنا بالتحكم فيه، ومن ثم بجسدك دون اية معارضة من طرفك، وبارادتك الكاملة لمدة زمنية قصيرة". قلت لها وقد انتابني الذعر والخوف من هذه الفكرة المجنونة ومن مخاطرها وما قد يحدث لي بسببها : 


ـ هل تستطيعين يا مرح ان تفعلي هذا دون موافقتي ورغم ارادتي. 


ـ "نعم يا حسن لو اردت انا ذلك، ولكنك تستطيع ان تقاوم، واي شخص اخر على اطلاع ولو بسيط سيعلم بان دماغك تحت السيطرة، ولهذا ان تم بموافقتك فلن تقاوم انت، ولا يستطيع احد ان يكتشف ذلك، ولا ننسى اننا نتحدث عن نور، وهو ليس مجرد احد، هو يعلم بهذه الامور اكثر من أي شخص اخر". 


ـ تظنين انني مجنون إلى هذا الحد لاسمح لكم انتم الجن بالسيطرة علي وتسييري كما تشاؤون، وخاصة انت يا مرح، ونار الانتقام مشتعلة بداخلك، وتبحثين عن أية فرصة للانتقام مني؟ فعلا انت مجنونة ان كنت تظنين اني ساوافق على هذا الجنون واذهب الى حتفي بارادتي... اعطيك الفرصة لتقتليني بسهولة ايتها الجنية المغرورة. واخذت مرح تحرك وتداعب شعرها وتنظر في كل الاتجاهات، وكان من الواضح انها تخفي الاضطراب والغضب الذي اعتراها، ونظرت الي بفي هدوء مشحون بالغضب ... 


ـ "اسمع يا حسن لقد عاهدتك بصفتي واسمي "... 


قلت لها غاضبا وساخرا: ـ انا اسف، انسيت انك عاهدتني بصفتك واسمك، وهذا يكفي ان تكوني صادقة؟ (شو انت بتفكريني اهبل)ساقول لك اذهبي انت وصفتك واسمك ومن **** هذه الصفة والاسم ومعك كل الجن والعفاريت والقرود ايضا الى الجحيم . ولم اكمل نطق كلمة الجحيم، 



حتى بدأ الشرر يتطاير من عيني الجنية مرح وتتحول من لون الى اخر بشكل مرعب، وترفع يديها الى فوق لتهب في الغرفة رياح لن ابالغ ان قلت انها اعاصير، طرحتني على الارض, وحركت كل شيء بداخل الغرفة من مكانه، واخذ زجاج النوافذ يتحطم امامي وكل شيء في الغرفة يتطاير ويتحطم ,حتى الكراسي بدات ترتفع وتضرب بالحائط وتتكسر الى اجزاء, والخزانة والمكتب والسرير كل شيء في غرفتي المنكوبة نال نصيبه من هذا الاعصار الآتي من المجهول, 



وانا احاول ان احمي وجهي وجسدي من القطع المتطايرة والتي تصيبني تارة وتضرب بجسدي تارة، حتى ان احد الكراسي قد تحطم على جسدي, وانا في رعب شديد وقد الصقت جسدي بالحائط حتى لا تحملني الرياح، وعيوني التي امتلأت بالرعب تراقب الجنية مرح وهي ما زالت واقفة في وسط الغرفة، ترفع يداها الى فوق وشعرها الطويل يتطاير في كل الاتجاهات، وقد شكل مع ثوبها مظلة غريبة زادت على هذا الجو الغريب مزيجا من الرعب والخوف مما سيحدث بعد ذلك، وبقيت مرح واقفة وكانها تسمرت بالارض... لا شيء يحركها وكل شيء يتطاير من حولها ولا يصيبها، في هذه اللحظات الطويلة كساعات او ايام شعرت بان الدنيا قد قلبت راسا على عقب، وادركت اني ميت لا محالة، واخذت ادعو الله ان ينقذني من هذا الهلاك , وتذكرت ان مثل هذا حدث لي في السابق ولم يكن الا وهم وخيال وخدعه يستخدمها الجان لاخافة البشر. وبدأت استعيد شجاعتي ، هذا ان بقي منها شيء، بعد ان اقنعت نفسي بان ما يحدث ما هو الا خدعة، فانا اعلم بان الجن لا يملكون قوة المادة ولا يستطيعون تحريك شيء، فهم الذين قالوا لي ذلك ,نعم اكيد انها خدعة ولكني اشعر بالام في جسدي من جراء ارتطام القطع المتناثرة التي ارتطمت واصابت جسدي ...كيف يحدث ذلك ان كانت خدعة ,ربما هو مجرد شعور واهم سيزول وسيعود كل شيء كما كان وكأن شيئاً لم يحدث وبدأت احاول استعادة قواي وشجاعتي لاواجه هذه الخدعة. 

احاول ان اقف الا ان الرياح القوية تحملني وتلقي بي في طرف الغرفة الاخر لارتطم بالجدار واصرخ من الالم ,ولم اجرؤ ان اكرر المحاولة من جديد، فما يحدث في هذه اللحظات غريب، لم اكن اعتقد بامكانية حدوثه في السابق وما عاد بامكاني ان افعل شيئاً، الا الانتظار لما سيحدث بعد ذلك، ولأعرف ان كانت هذه خدعة ام حقيقة، ولا ادري كم انتظرت حتى بدأت الرياح تهدأ تدريجيا ثم توقفت.... 


قال نور : ـ "لا استطيع الا بعد ان تقرر، لان هذه البوابات لا تفتح الا للبشر والان قرر بسرعة قبل ان تختفي الاقواس ويذهب تعبنا هباء . 

" نظرت الى الارض وقررت فورا، واشرت الى القوس الذي سادخله ,وما ان اشرت بيدي نحوه حتى بدات الاقواس تتحرك من جديد، وتتحول الى دخان يختفي في باطن الارض ...الا قوسا واحدا فقط بقي امامي، وهو القوس الذي اشرت اليه، وحتى الظلال الخمسة التي رسمت على الارض بفعل انعكاس ضوء القمر اختفت هي الاخرى، ولم يبق الا ظل واحد وهو المتجه باتجاه القوس الباقي. سمعت صوت نور يقول : 

ـ" عظيم يا حسن لقد نجحت، والان انت امام "بوابة الشر"، وعدة خطوات فقط وتصبح في عالم الشر، وان لم نتعاون معا فلن نستطيع ان نجتازها، وسنضيع بداخلها مئات السنوات هذا ان لم نهلك". قلت له : 

ـ هيا اذن اظهر، لماذا تختفي؟ ودعنا نمر منها بسرعة .". قال نور دون ان اراه : ـ "ساظهر يا حسن ولكن لدي مفاجاة صغيرة لك قبل ان تدخل.". قلت له : 

ـ "وهل هناك مفاجآت اخرى .". 

ـ نعم سانقل لك هذه الرسالة فاصغي اليّ جيدا ...!!". وبدات اسمع صوتا لا ادري مصدره ... يا الهي انه صوت امي تبكي وتقول:" سيقتلني يا حسن ...". لم احتمل سماع بكائها فصرخت بنور: 

ـ "ايها الحقير وهل هكذا كان الاتفاق .". قال نور : 

ـ "كلا لم يكن هذا الاتفاق وحتى هذه اللحظة لم افعل بها شيئا، ولكني ساقتلها في اية لحظة اريد...وانت يا حسن من اخل بالاتفاق ولست انا، ام تظنني اؤمن بالصدفة؟ فان اردت ان تعيش امك فقرر الان ..اولا عليك بان توقف الاتصال مع مرح، وفورا اطردها من خيالك، فكر بامك فقط ...فكر بامك فقط...واخذت اسمع صوت امي تبكي.. ارجوك يا حسن افعل ، ارجوك يا حسن افعل ,وانتفض جسمي وشعرت بدوار رهيب وبدا العرق يتصبب من كل انحاء جسمي وشعرت بألم فظيع في راسي. اغمضت عيوني وبدا الالم يزول تدريجيا حتى زال كليا، وفتحت عيوني ورايت "نور الجني " يقف امامي وهو يبتسم ابتسامة المنتصر وقال : 


ـ" لقد نجحت يا حسن والان فكر بدماغ حسن وليس بدماغ المغرورة مرح, والان قبل ان ندخل القوس الاول اود ان ترى هذه الصورة حتى تستطيع التفكير جيدا. رفع نور كف يده ووضعها امام عيوني، ارى صورا غير واضحة، ومن ثم اصبحت واضحة وكاني انظر الى شاشة تلفزيون ,ارى امي في غرفتها ويحيط بها ثلاثة اشخاص غرباء، لم ارهم من قبل، وارى في عيونهم حقدا و غضبا، وفهمت ان نورا يحاول ان يفهمني ان حياة امي بيده ويستطيع ان يفعل بها ما يشاء، ولكن احساسي قال ان في الامر خدعة ما . 

قال نور : ـ "ما اقصده يا حسن بما رايت ان مرح لم تقل لك واخفت عليك ان (نوراً )ليس لوحده، وان لم تفعل ما اقول فسيكون مصير امك معروفا لديك...الان يا حسن سر الى الامام لندخل القوس، وساكون انا خلفك ولا داعي لتنظر الى الخلف .". 

سرت عدة خطوات حتى اصبحت داخل القوس وانا اشعر بان نور يسير خلفي، وما ان دخلت القوس حتى اختفى ولم اعد اراه ,نظرت حولي ولم ار الا الفضاء، وكاني بهذه الخطوات قد وصلت احد الكواكب في السماء، فامامي فضاء ومن حولي فضاء لا يتناهى، لا ادري ان كان حقيقة ام خيالا, توقفت ولم اكن اعلم، ماذا يجب ان افعل حتى قال لي نور: 

ـ "سر خمس خطوات الى الامام، وخمسة الى اليمين، وخمسة الى الخلف، وتوقف.". ففعلت، وظهر امامي قوس اخر اصغر حجما من سابقه، فقال لي نور: ـ ادخله.. فدخلته ووجدت نفسي في نفس المكان الذي دخلت منه في المرة الاولى، تحيط بي نفس الجبال، وكاني لم ادخل القوس ابدا، الا ان المنظر يدل على اني موجود في نفس المكان، ولكن قبل سنوات طويلة وكان ذلك واضحا باختفاء الكثير من الاشياء التي كنت اراها على مدى نظري والتي وجدت حديثا واذ بصوت الجني نور يحثني على السير ويقول : 

ـ سر خمس خطوات يسارا وخمس خطوات الى الامام.. ففعلت، وظهر امامي قوس اخر بشكل مختلف ,وطلب مني ان ادخله ,ففعلت، ووجدت نفسي قد دخلت في عالم اخر، او مكان اخر لم اشهد مثله من قبل، وفي هذا المكان لم اكن اشعر بجسدي ولا بالصندوق الذي احمله، والذي حبست بداخله القطط. عاد نور وطلب مني ان اسير ثلاث عشرة خطوة الى الامام واتوقف, ففعلت، وظهر امامي قوس اخر بشكل مختلف، فدخلته ووجدت نفسي في ساحة عريضة جدا تحيط بها عشرات الاعمدة، ومن بعيد تظهر امامي بوابة ضخمة جدا، وقبل البوابة خمسة اقواس الى جانب بعضها البعض،استطعت ان ارى البوابة من خلال الاقواس الخمسة ,اما الساحة، فهي مرصوفة بحجر لونه اسود، والاعمدة التي تقدر بالمئات، لها عشرات الالوان المختلفة . ضحك نور بصوت عال وكانه قد جن وقال: 

ـ "ها قد وصلنا يا حسن فما علينا الا اجتياز احد هذه الاقواس وبعدها سنصل الى البوابة وبعد قليل سنعرف أي قوس ستدخل ،لان احد الاقواس فقط هو الذي يوصلك الى البوابة، اما بقية الاقواس فستدخلنا الى طريق لا عودة منها الى الابد ...والان يا حسن جاء دورك، فانا قد ادخلتك كل الاقواس وما كان بامكانك دخولها بدوني، اما القوس الاخير فانت الذي ستدخلني فيه، لان هذا البلاط مخصص للبشر، ولا استطيع السير عليه بدون مساعدتك.". 

ضحكت وقلت لنور : ـ "ولماذا اساعدك سادخله لوحدي ." ضحك نور وقال : 

ـ لن تعرف أي قوس ستدخل ،وان عرفت فلن تستطيع فتح البوابة بدون مساعدتي، وقد قلت لك انا وانت مرتبطان معا حتى ندخل البوابة، وبعدها افعل ما شئت ولكن ايضا لا تنس امك المسكينة.". 

قلت لنور: ـ" وماذا افعل الان ؟". 
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 4:44 pm

ـ "اخرج قطا من الصندوق واذبحه ودع دماءه تسيل باتجاه القوس وبعدها اخرج قطا اخر واذبحه، وكرر العملية سبع مرات على عدد القطط التي معك حتى تصل القوس، فانا استطيع فقط ان اسير فوق دماء القطط دون ان يعترضني أي خطر .". نظرت الى الصندوق، حيث حبست القطط، واخذت يداي ترتجفان، كيف ساقوى على ذبحها وباي منها سأبدأ؟ 

...ربما هذا، واي قط منهن يا الهي سيكون قرين (غادة)؟..هذا مستحيل، فقبل الوصول الى هذه النقطة كنت اعتقد اني استطيع، ولكن على ارض الواقع هذا مستحيل ...يا الهي انقذني، لا اريد قوة الشر، ولا اريد شيئا ...اخرجني يا الهي من هنا ,اللعنة عليك يا مرح الغبية، لقد وثقت بك وبذكائك، وها انا في" ورطة" لا مثيل لها...... 

اخذ نور ينادي علي: 
ـ "هيا حسن، لا مجال للتفكير ,لا مجال للتراجع، ان لم تفعل ستكون نهايتنا ,هيا يا حسن لا تابه لحياة القطط، اما ان نموت او تقتلها ,هيا يا حسن، اما دخول البوابة او انك ستبقى في هذا المكان حبيسا للابد، هيا يا حسن لا تدع مجالا للخوف، اسرع يا حسن، ان لم تفعل سنموت، لا خيار امامنا، اما حياتك او حياة القطط هيا يا حسن ...". لم اشعر بنفسي الا ويدي تمتد بسرعة الى الصندوق، وتخرج احد القطط، وبسكين حاد اقوم بذبحه لتسيل دماؤه بكل الاتجاهات بغزارة كبيرة لتمتلأ يداي وثيابي والارض بلون احمر...واخذت اصرخ وابكي واضحك بجنون واسير واخرج قطا اخر واذبحه بجنون واصرخ بصوت عال، وتسيل دماؤه واسير خلفها وخلفي نور، وتمتد يدي واخرج قطا اخر من الصندوق ولكني اسمعه يقول: 

ـ "حبيبي حسن ".. 

وترتجف يداي ويسقط القط من يدي، ويظهر دخان كثيف وتظهر من وسطه مرح، وتخرج بقية القطط وتحيط بنور، ونور قد تسمر مكانه مرعوبا، وانا لا ادري ما حصل، ومرح تنظر الى نور والحقد والكره في عيونها، وتنظر الي باشمئزاز كبير، ودماء القطط التي ذبحتها قد غطاني من راسي الى اخمص قدمي، لم اتمالك نفسي وبدات اتقيا ولم استطع ان اقف على قدمي وسقطت على الارض اسبح بدماء القطط، وما زال نور متسمرا وعلامات الذهول على وجهه، والقطط المتبقية تحيط به من كل الاتجاهات...ومرت لحظات رعب وخوف رهيب وكأن الدنيا قد توقفت, فلا احد يتحرك من مكانه، حتى زال الصمت بضحكه هستيرية اطلقها الجني نور، واخذ يصرخ: 

ـ "ايتها المجنونة، لقد هزمتني بجنونك ...". ويضحك بطريقة هستيرية ويردد نفس الجملة، ومرح تقف تنظر اليه بشموخ وكبرياء وقوة وغرور، لم تستطع ان تخفي فرحتها ولا ابتسامة النصر التي ارتسمت على شفاهها ...ونور ما زال يضحك، وانا غارق في دماء القطط، لا افهم ما يحدث حولي ولا اقوى على الحراك، وعيوني تتجول ما بين الجني نور والجنية مرح والقطط . وتوقف نور عن الضحك، واخذ يخاطب الجنية مرح قائلا: 

ـ "كونته" حبيبتي المجنونة، لم اكن اتصور انك بهذا الجنون .". 

قالت له مرح : ـ "اسمي مرح يا ... قال لها نور : 

ـ "انت "كونته" وستبقين في نظري "كونته"، حتى لو استبدلت اسمك الف مرة، ولكني لم اتصور انك بهذا الذكاء والجنون . قالت مرح لنور : 
ـ "وانا ايضا لم اتصور انك بهذا الغباء ... قال لها نور : ـ "نعم انا غبي لانه كان يجب ان لا انسى ان جنونك لا حدود له، وها هو جنونك قد انتصر علي، ولكني لا افهم كيف نجحت .". قالت مرح وهي تضحك : 

ـ "انت لم تعد تملك شيئا ...، لقد خسرت كل شيء، ولكني سأمنحك عدة دقائق لارضي بها غروري، واشرح لك كيف استطعت ان اجعل نهايتك على يدي وكم انت كنت غبيا (يا استاذي)." اتذكر حين علمتني وانا صغيرة بان لاشيء يكون دون ثمن، واننا يجب ان نتوقع غير المتوقع دائما، ام نسيت انك كنت استاذي قبل ان تصبح متمردا .". 

قال نور لمرح : ـ "لم انس اني كنت حبيبك، وانه كان يجب ان تكوني زوجتي، لم ولن انس اجمل الاوقات التي قضيناها معا." صرخت مرح بانفعال كبير وقالت لنور : 

ـ انت *** اناني لقد تخليت عني وتركتني وحيدة ...حكمت علي ان انزع قلبي من بين ضلوعي ,حكمت علي بسنوات من العذاب والالم، لقد رجوتك ان لا تذهب ...ولكنك ذهبت...بكيت من اجل ان تبقى معي، وانت لم ترحمني ولم تشفق علي ...تخليت عن كل شيء من اجل ان تحصل على القوة ...وانا خسرت حياتي كلها من اجل ان ابحث عنك من اجل الانتقام منك، وها قد حققت ما اريد...انت لا شيء...ولم تحصل على شيء ومصيرك فقط سيكون العذاب والى الابد .". قال نور : ـ "ما زلت تحبينني يا مرح وانا اعلم ذلك .". 

ضحكت مرح وقالت لنور : ـ احبك؟ وانت من داس على قلبي .وانت من دمر حياتي؟ نعم، كنت احبك ,كنت اعشقك ,كنت كل شيء في حياتي، كنت استاذي فعلمتني كيف اضحك وكيف ابكي ,علمتني كيف احب .ولكن الست انت من علمني كيف نخلص لعالمنا وقواعده ونحترم قوانينه وان لا نتجاوزها ...وانت يا استاذي اول من تجاوزها وتمرد عليها من اجل القوة . 

قال نور : ـ "كونته حبيبتي" انا لم اتخل عنك ابدا، لقد قلت لك سأعود من اجلك، ورجوتك ان تنتظري حتى اعود ,نعم، انا تجاوزت القوانين، نعم انا تمردت ولكن من اجل من ؟؟؟ اليس من اجلك يا (كونته)؟ لماذا نبقى مكتوفي الايدي حتى يدمر (البشر )عالمنا، حتى يتحكموا بمصيرنا بغبائهم ,لماذا لا نحكمهم نحن ,فنحن افضل منهم واقوى منهم ،وهم مجرد مخلوقات تافهة، انا لم افعل شيئاً من اجل نفسي، بل من اجلكم جميعا ...كونته حبيبتي: انت صغيرة ولا تدركي حقيقة الخطر الذي سيواجهنا من البشر". قالت مرح : 

ـ انا اسمي مرح... مرح... وليس (كونته)الصغيرة التي عرفتها ولا تنسى اني اليوم (حارسة ابواب الشر ) التي اوقعت بك ,ايها الاستاذ، عفوا ..العالم كبير ,وفي الحقيقة انت لست اكثر من (متمرد )مطلوب القبض عليه .". 

قال نور : ـ "كونته"يا صغيرتي ,يا حبيبتي، اعلم في أي المراكز انت، واعلم القوة والنفوذ التي تملكينها، ولا يدهشني كيف وصلت بهذه السرعة لتصبحي (حارسة ابواب الشر ),ولكن بغرورك وكبريائك وجنونك هل سترضين ان تصبحي (خادمة للبشر ). صرخت مرح ، انا لست "خادمة للبشر"، انا لست خادمة لاحد ولن اكون. قال نور وهو يبتسم : 

ـ لا تكذبي يا (كونته),انت تعرفين الحقيقة، فهذه البوابة سيدخلها احد البشر، وان لم يكن اليوم فربما غدا، او بعد عام، او بعد الف عام، وانت تعرفين ذلك جيدا .حينها ستكوني خادمة، مجرد خادمة تلبي رغباته وطلباته ،ولماذا نذهب بعيدا ...انظري الى حسن الذي قتل اثنين من ابناء عالمك، وانظري الى هذا الغبي الملطخ بالدماء ,فان دخل هذه البوابة فستصبحين انت مجرد خادمة له ,ليامرك بان تذهبي او ان تحضري. انظري يا (كونته)، انظري يا مرح المجنونة انظري اليه ,انظري الى الدماء ,فلو لم يسعفك الحظ لكانت هذه الدماء دماؤك."........ 

نظرت مرح باتجاه حسن نظرات مليئة بالتقزز والقرف .. واكمل نور حديثه: ـ " كونته"، حبيبتي.. القرار الان بيدك ... قرري يا "كونته"، النظام الذي يحكم عالمنا مليء بالثغرات التي ستحولنا لعبيد للبشر، فهل نطيع هذا النظام ام نسعى لتغييره مهما كان الثمن؟ 

انا يا "كونته" لم اتركك، لم اتخلى عنك حتى ولو للحظة ,لقد كنت املي، كنت كل شيء لي. اتذكري يا كونته اليوم الاول للقائنا، و الدرس الاول الذي علمتك اياه عن النظام وتقديسه، لأن النظام هو اساس عالمنا، وبدونه ينهار، اتذكري حينما سألتك لماذا قررت الانضمام الى صفوف " الكاتو " ولم تدري ماذا تجيبين وقتها لانك كنت صغيرة، وحينما اعدت السؤال عليك، اجبت: "لان سلطة "الكاتو" هي التي تحافظ على عالمنا"، وحينما سألتك:" هل ستحافظين عليه انت" ,اجبت :"دوما". وما دمت لم امت، اعيد عليك السؤال الان يا "كونته"، بعد مرور هذه السنين الطويلة، وبعد ان اصبحت في مجلس "الكاتو"، ومئات التلاميذ الذين درسوا معك في ذلك الوقت لم ينجح احد منهم ليصل الى رتبة مراقب خارجي وأنت وصلتها: هل بهذه الطريقة تحافظين على عالمك؟ هل بأمكاننا أن نحافظ على عالمنا يا كونته بإعطاء الفرصة لان يحكمنا يوما احد البشر؟؟!...انا لم اتمرد يا "كونته "ولم اخاطر بنفسي من اجلي , انت تعلمين انني كنت من كبار العلماء، وكنت استطيع ان احيا كيفما اشاء وبراحة وهناء، دون الاهتمام بما سيحدث في المستقبل..."كونته"، لقد علمتك اكثر من عشر سنوات عن الحياة، وعن عالمنا وعن عالم البشر ,عشر سنوات كاملة وانا اعلمك، حتى استطعت اعدادك لتكون صالحه للانتقال الى صفوف "الكاتو"، 

انا الذي قررت انك تصلحين ,ولو لم اقرر لما استطعت ان تبدأي معهم، لقد احببتك بجنون, وقد طلبت منك وقتها ان نتزوج وتبتعدي عن حياة الكاتو، وتنضمي الى سلك اخر من خلاله تستطيعين ان تخدمي عالمك، ولكنك لم توافقي وقتها، ولم تفكري الا في نفسك، اتذكرين يا "كونته"؟ اتذكرين؟!...". 

اجابته مرح : ـ لم انس ...، لم انس شيئا، ولكنك حينما طلبت مني ان تتزوجني لم اعارض ولم امانع، بل كنت سعيدة، كنت اسعد من في الوجود، ولاني وقتها لم اكن شيئا امامك، كنت مجرد تلميذة صغيرة انهت مرحلة الاعداد لتبدأ خطواتها الاولى كعاملة تحت التجربة في "الكاتو", وانت كنت العالم الكبير الذي ** ويخرج مئات التلاميذ، كنت ذو شأن ومكانة .طلبت منك ان تعطييني فرصة صغيرة لاثبت وجودي وبعدها سأتخلى عن كل شيء من اجلك ،اما انت فكنت تصر ، وانت تعلم ان الزواج ممنوع للمنتسبين "للكاتو" الا بعد التخرج، وبعدها وافقت ان تؤجل الزواج الى ما بعد ان اتخرج واحصل على تثبيت في صفوف "الكاتو"، لقد كنت انت لي القوة والامل والثقة التي جعلتني اصمد واتحمل كل الصعاب من اجل النجاح والتخرج، لتفتخر بي وتعلم اني استحقك، ولكنك تخليت عني وعن كل شيء جميل، واختفيت دون وداع، لقد تركتني وانا في امس الحاجة اليك، سنوات طويلة مرت وانا ابكي وانتظر عودتك، ولا اعلم الى اين ذهبت، ولم يكن احد ليجيبني على سؤالي، ولكنني كنت متأكدة انك ستعود الي وتحتضنني وتمسح دموعي . مرت السنوات ونجحت وتخرجت، وبدأت رحلتي في صفوف "الكاتو"، حتى استطعت الوصول الى رتبة مراقب خارجي في "الكاتو"، وقتها تمنيت ان تكون موجوداً لتفرح معي، وتفخر بي، ولكن المفاجأة الكبرى والصدمة التي لم افق منها بسهولة، كانت حينما بدأنا نتعلم حكاية المتمردين وكيف نواجههم ، وحينها اطلعت على اسماء المتمردين وعلمت انك احدهم, بل انك اخطر المتمردين، وحينها فقط علمت حكايتك، وكم شعرت باني ساذجة حينما كنت اظن انك اختفيت في مهمة سرية من اجل مصلحة عالمنا ,لأعلم بأنك تمردت على كل شيء من اجل نفسك، وانك على استعداد لتدمير عالمنا من اجل بقائك، وقتها فقط مات قلبي، ولم يعد يهمني الا ان اقضي على كل المتمردين واولهم انت ...، 



حبي لك جعلني اكون شيئا لتفخر به، وكرهي لك جعلني اريد ان اكون كل شيء لاقضي عليك، حقدي عليك اعطاني القوة والنجاح ،لأقبض على عشرات المتمردين، وارتفع من مكانه الى مكانه اعلى، وضحيت بكل شيء في حياتي، ووصلت الى حلمي الكبير، واصبحت عضوا في مجلس "الكاتو"، هذه المكانه التي لم تحلم بها ولم تنجح بالوصول اليها ,ومنها قررت ان اصبح "حارسة ابواب الشر" لاحصل من خلال مكانتي هذه على المزيد من القوة والنفوذ والحرية في اتخاذ القرار, ولا اخفي ان الهدف وراء سعيي لاكون حارسه "ابواب الشر"، هو علمي الاكيد من خلال دراسه نفسيتك وطرق تفكيرك التي تبدو واضحة في كتبك ودراستك، انك ستسعى لاقتحام احدى هذه البوابات،وعلى الرغم انه مستحيل علينا المرور منها لطبيعة تكوينتنا، وان البشر هم الوحيدون الذين يستطيعون المرور منها، الا اني آمنت بأنك ستجد الطريقة لتعبر هذه البوابة، لتحطم المستحيل، وتكون اول الكونيين في عالمنا الذي استطاع تجاوزها, لقد امضيت سنوات من عمري وانا ادرس كل شيء يخصك، لأعلم ما هي الطريقة التي ستفكر بها، لقد ظن مجلس "الكاتو" بكامل اعضائه ان القبض عليك هو ضرب من المستحيل، واعدوا خططهم فقط لافشال اية خطة ستقوم بها، لقد امنو بأنهم بحاجة لمعجزة للقبض عليك، ولكني انا تلميذتك الصغيرة لم افقد الامل ولو للحظة واحدة باني قادرة على القبض عليك، وكنت على استعداد لأن اقامر بحياتي مقابل هذا ,وفعلت، ولأنك لم تؤمن بأن هناك من هو اذكى منك, فقد هزمت، لقد سيرت الامور انت كما ترغب، ولكنك لم تكن تعلم بأني انا الذي كنت اسعى لاجعلك تصل الى هذه المرحلة، لقد ظننت اني أقامر بانك لن تكتشف ان حسن مسير، واننا سندخل من خلاله معك البداية، لم تكن تظن ولو للحظة واحدة اني ساقامر بحياتي وارهن نهايتها بحركة واحدة من يد هذا المجنون البشري، لقد اعددت هذه الخطة وانا اعلم، وحتى القطط التي قتلت تعلم بأن املها في الحياة ضئيل جدا ويتوقف على مزاج حسن وباي القطط سيبدا, فلو اسعفك الحظ لكان اختار القط الذي يمثلني وهكذا كنت انا خسرت كل شيء وانتهيت وانت انتصرت ولكن حظك التعس جعلني اخرج واسيطر على الامور واحقق النصر الذي لم يستطع ان يحققه احد بعالم الكونين ويا استاذ المثل والقيم ايها المتمرد لقد سعيت لتدمير عالمنا، ومن اجل ذاتك وحب العظمه في داخلك، وها انت تسقط امام النظام والقانون الذي يحمي عالمنا .والان اقولها بكل فخر واعتزاز باسمي انا مرح حارسه ابواب الشر ممثله سلطة "الكاتو" اعيدك الى...". قاطعها نور وقال: 

> القرار 

ـ " مهلا يا "كونته"...". ردت مرح : 

ـ "خاطبني بلقبي واسمي!!!" قال نور: 

ـ "كونته حبيبتي، اسمعيني للحظة..." صرخت مرح : "خاطبني بأسمي ولقبي". وبلهجة الهزيمة قال نور: 

ـ" سيدتي الحارسه مرح، امنحيني لحظات اتكلم بها قبل ان تصدري امرك بأعتقالي واعادتي.". ضحكت مرح ساخرة من نور وقالت: 

ـ ومن قال لك انني ساعتقلك واعيدك، واتظن ان عالمنا بنقصه ان يعود اليه خائن متمرد، ليضيع الوقت في محاكمتك؟ انا سأنهيك.. سأقتلك.". قال نور: 

ـ " ولكن القوانين لا تسمح لك بذلك، ومن حقي ان احاكم، ولا يوجد قانون يسمح بأصدار حكم الانتهاء "الموت"." قالت : 

ـ "انا التي اقرر، ولدي الصلاحيات التي تعطيني الحرية بأتخاذ القرار الذي اراه مناسبا، ولهذا سأقتلك.". قال: 

ـ " ولكن هذا مخالف لكل القوانين التي تمثلينها." قالت : 

ـ القوانين التي تتحدث عنها انت ولم تحترمها وتمردت عليها، انا احترمها جيدا، ولكنك نسيت ان هذه البقعة التي تقع عليها "بوابة الشر" ،لا تخضع لسيطرة سلطتنا، ان القوانين ليست نافذة فيها. وهذا ليس السبب الوحيد، فالقانون قد اجاز لنا بعد ان تم تعديله بأمر من "المسؤول الاول" بالقضاء على أي متمرد اندمج وسيطر على جسد بشري...". ابتسم نور وقال : 

ـ " انا على استعداد للموت، وخاصة إن كنت انت قاتلتي, فيكفيني ان تلميذتي هي التي ستقتلني ,من اجلك غامرت بحياتي وتمردت، ومن اجل ان لا يكون ابناءنا عبيداً للبشر، يأمرونهم كيف يشاؤون، افضل ان اموت الان وبأمر منك، على ان اعيش اليوم الذي ارى فيه ابناء عالمي خدام للبشر, وسيأتي يوم وتعلمين ويعلم الجميع بأني قد ضحيت من اجلكم". قاطعته مرح قائلة: 

ـ " كفاك مكابرة ،اتظن ان كلامك هذا يؤثر بي؟ كفاك كذبا، فانا اعلم كل شيء, واعرف ان حجة الاندماج مع البشر من اجل السيطرة عليهم هي حجة فارغة، لقد اطلعت على هذه الدراسات التي تذرعتم بها لتخفوا المطامع الذاتية في داخلكم, وانا اؤيد القرار الذي اتخذه حكماء عالمنا بمنع الاندماج مع البشر، وانت؛ الم تفكر ولو للحظة بحجم الخطورة التي ستلحق بنا لو حصل هذا الغبي الذي اصطحبته معك على قوة الشر، وخاصة انه الشخص الغير مناسب لذلك." 

قال نور : ـ البشر جميعهم واحد ولا فرق بينهم ,فما الفرق بين حسن وغيره من البشر ؟؟ ألن ياتي يوم ويدخل هذا المكان احد البشر ويمتلك القوة، لتكوني انت اول خادمة له ولنزواته البشرية، تظنين ان هناك فرقا بين البشر؟ جميعهم في النهاية يلتقون بحب ذاتهم وتعظيمها مهما اختلفت الوسائل والاساليب, فالطيب لا يختلف عن الشرير ,والمفكر لا يختلف عن الجاهل ، نزواتهم واحدة ، والقوة والعظمة هي الالهة الوحيدة التي يعبدونها بوعيهم وبغير وعيهم .". قالت مرح : 

ـ " صحيح انه سيأتي يوم ويدخل احد بني البشر هذه البوابة .. ولكن هذا البشري ان دخلها، فأنه يستحق ان يدخلها لانه استطاع الوصول للتميز ,وهذا الشخص لن يشكل خطورة، لا على عالمنا ولا على عالمه ,بل هو الذي سيسير بنا نحو مستقبل افضل، ولا وجود للمقارنة بين البشري "حسن" والشخص الذي سيستطيع المرور من هذه البوابة يوما ما. ". قال نور : ـ رائع يا "كونته" .. رائع يا صغيرتي !! صرخت مرح : 

ـ للمرة الاخيرة احذرك، ان اردت ان تخاطبني فخاطبني بأسمي ولقبي، فأما الصغير فهو انت، فلا تنسى في اللحظات الاخيرة المتبقية لك من اكون انا ومن تكون انت؟؟ ". قال : 

ـ" لم انس، ولا زلت اذكر انك " الحارسه "، ولكن يذهلني تحولك السريع من كره البشر واحتقارهم الى حبهم وتمجيدهم، ام انك من اليوم تمهدين للمستقبل الذي ستصبحين فيه خادمة "للسيد الجديد" الذي سيحكم عالمنا ويتحكم في مصيرنا؟ ". ردت مرح : 

ـ "انتهى وقتك ، وقد تحدثت بما فيه الكفاية، وقبل ان اصدر امري بإبادتك، اود ان اقول لك باني لم احب البشر يوما، ولن احبهم، وان كان هناك من هو افضل منا فسنعرف ذلك، وانا لم اكن ولن اكون خادمة لأي أحد كان، من البشر أوغير البشر .. وخسارة لو انك لم تتمرد ضد العالم الذي تنتمي اليه لكنت اليوم تشغل منصبا في مجلس " الحكماء " ... والان وداعا ايها الخاسر ... يا...". قاطعها نور وقال : 

ـ اسمعي يا مرح : قاطعته مرح وقالت : ـ " لقد قلت لك انتهى وقتك ، ولا اريد سماع أي شيء ..." بأسمي انا مرح حارسة ابواب الشر ..وبموجب الصلاحيات الموكلة الي..آمر بحضور "العقرب " الى هذا المكان .". مرت دقائق من الصمت الرهيب خيمت على المكان بعد صدور امر مرح، .. ونور تسمر في مكانه من الخوف، لا ينطق بكلمة واحدة، والقطط تحيط به وتحدق به وكأنها تشله عن الحركة، وانا اجلس واستمع للحديث الذي يدور بين الجني نور والجنية مرح، وفي لحظات وبعد ما يقارب الخمس دقائق من اصدار امر مرح، ظهرت عشر اعمدة من الدخان الابيض، وكأنها خرجت من الارض واصطفت امام مرح. ضمت مرح يدها اليمنى واصابع كفها الا الابهام واشارت باتجاه اعمدة الدخان المصطفة وقالت: ـ " بأسمي انا مرح ..... 


ـ "بأسمي انا مرح حارسة ابواب الشر، وبموجب الصلاحيات الموكلة الي، ولانه لا توجد اية طريقة للقبض على هذا المتمرد واعادته الى عالمنا ليخضع للمحاكمة، آمر العقرب بأبادته، وابادة الجسد البشري الذي يسكنه، لصعوبة فصله عنه .. الامر نفذ... نفذ... ابيدوه ، ابيدوه .". وباقل من لمح البصر دبت الحياة بالاصنام "السبعة الصفر " الساكنة، واحاطوا بنور من كل الجوانب ونور يصرخ: ـ" ايتها الساقطة، ايتها الحقيرة، لقد خدعتني ،لماذا يا كونته ،لماذا يا ملعونة، ان أنا انتهيت فسيولد الف الف نور وسننتصر ...". اخذ صوت نور يتلاشى وما زال "السبعة الصفر" يدورون حوله، 

ومن سرعة دورانهم حوله لم استطع ان ارى ماذا يفعلون ولكن صراخه يدل على الم فظيع لا مثيل له، حتى القطط اقشعر بدنها لما رأت، ودب الخوف في قلبي، وعلمت بأن الدور علّي بعد نور، ومرح ما زالت ترفع يدها وهي تبتسم بخبث وكبرياء، حتى توقفت الدوامة التي احدثها "السبعة الصفر" ليختفي نور من الوجود. لا ادري كيف واين اختفى، وما هي الطريقة التي قتلوه بها، انزلت مرح يدها من جديد، وعادت الاصنام " السبعة الصفر" لتصطف من جديد في مكانها دون حراك. اقتربت مرح من القطط وجلست على الارض، والتفت القطط حولها واخذت تداعبهم وتتحدث معهم بحنان الامومة، وتقول: ـ " شكرا لكم لقد نجحنا، وهذا بفضل موافقتكم على التضحية من اجل عالمنا، انا اسفة على ما حدث لـ"روتو" و"بوتو"، اللذين قتلهم هذا اللعين ـ واشارت بيدها نحوي ـ لن ننساهم الى الابد، من اجل عالمنا يجب ان نفعل كل شيء، والان انتهت مهمتكم، وتستطيعون العودة الى الحياة الطبيعية. 

واخذت تقبل القطط، والقطط فرحة من حولها ،وتتسابق مع بعضها من الذي سيجلس في حضنها وسيقترب منها اكثر، وهي تضحك بسعادة لا مثيل لها، وتقول : ـ " والان بعد انتهاء مهمتنا بنجاح سننصرف الى احتفال النصر والنجاح معا .". وقفت مرح على اقدامها وسارت عدة خطوات، ورفعت يدها اليسرى مرة اخرى وقالت 

: ـ بأسمي انا مرح حارسة ابواب الشر وبموجب الصلاحيات الموكلة الي ولانه لـم تكن هناك اية طريقة للقبض على " المراقبين " "القطط" بعد ان تمردوا لاعادتهم الى عالمنا ومحاكمتهم امر العقرب بابادتهم فورا الامر نفذ .. الامر نفذ... 



ابيدوهم...أبيدوهم .". وما هي الا لحظات حتى دبت الحياة فيهم من جديد، وتحركت الاصنام "السبعة الصفر" نحو القطط، والتفت حولها كعاصفة، ولحظات من الصراخ انتهت معها حياة هذه القطط، وانا لا افهم ما هو السبب لابادتهم، ولكني تأكدت ان دوري هو الاتي ان كانت القطط قد ابيدت، ولم اشعر بالراحة الا بعد ان رفعت مرح يدها وامرت "السبعة الصفر" بالانصراف، لتظهر فورا ثلاثة اعمدة من الدخان تدور حول الاشخاص "السبعة الصفر" ليتحولوا الى دخان ثم يختفوا ,وساد الصمت والهدوء في المكان الذي لم يبق فيه الا انا والجنية مرح، وما زلت صامتا مذهولا مما رايت وسمعت, انظر تارة الى مرح التي تقف بزهو وكبرياء، وتارة الى الساحة والاعمدة والاقواس العجيبة، افكر بما حدث، ولماذا حدث؟ وبماذا تفكر هذه المخلوقة التي في كل تصرف لها تحدث مفاجأة، فهي تبكي متى تريد وتبتسم متى تريد، اية مخلوقة هذه؟ اقتربت مني مرح ،ومع اقترابها لمحت في راسي فكرة سريعة اكدت لي ان مرح لا تنوي قتلي، ولو كانت تنوي لفعلت، ولا بد انها بحاجة الي في شيء ما، وكل ما حدث امامي افقدني الشعور بالخوف وزاد من شجاعتي، وقررت انه ان كان لا بد من الموت فليكن، ولكني ساموت بقوة وكبرياء.. ثورة وبركان تفجر في داخلي افقدني الشعور بقيمةاي شيء، حتى نفسي والحياة والاحلام والطموح، اصبحت اشعر بلا مبالاة تجاه كل شيء، حتى الجنية مرح وجبروتها وقوتها امام الشعور باللامبالاة الذي اصابني لم تعد شيئاً، لا ادري في تلك اللحظات هل مشاعري واحاسيسي ماتت؟ ام انا ميت واعيش بحياة اخرى؟ ام ان هذا المكان العجيب والمسمى ببوابة الشر افقدني خواصي الانسانية ,ام اني تعرضت لصدمة مما رأيت ونسيت الجزء الذي يتحكم بالاحساس من دماغي، لا ادري ما سبب التغيير المفاجيء الذي حدث لي، وكل ما اعرفه اني " حسن ابن البشر"، لقد فقدت احساسي بكل شيء. اقتربت مني مرح، ووقفت انا على اقدامي امامها بلا مبالاة او احساس اوشعور لوجودها، قالت وابتسامة النصر على شفاهها: ـ لو اردت ان اقتلك يا حسن لفعلت ذلك بسهولة، ولكنك تعاونت معي، وانا عاهدتك ان لا اؤذيك، وها انا اصون عهدي. حسن انت حر فيما تفعل، اللعبة انتهت، وصديقك المسمى "نور" انتهى من الوجود، واصبح جزءاً من الماضي، ماتت معه مئات الاسرار التي يعرفها عن عالمنا والتي كانت تشكل خطورة، نور انتهى وانهى معه الخوف، ولا انكر انك ساعدت يا حسن في انجاح ذلك، وانا عاهدتك وانا عند عهدي..". ضحكت وقلت لها: "عن أي عهد تتحدثين انت؟ لقد كذبت وخدعت وخنت يا مرح. قتلت نور وكذبت وتدعين بانه لا توجد طريقة لاعادته الى عالمك, وحتى ابناء عالمك قمت بقتلهم دون سبب ...انا لا افهم ما السبب الذي دفعك لقتلهم، وكيف تمردوا لتقتلينهم، الم تكوني منذ لحظات تداعبينهم وتقبيلنهم ؟". 

ضحكت وقالت: ـ 

> السبعة الصفر < 

ضحكت وقالت: ـ الامر طبيعي، هناك نهاية لكل شيء، ان لم تكن اليوم فستكون يوما ما، ونور كان يجب ان يباد، فلماذا التعب واعادته ومحاكمته، فانا افترضت اني لم استطع القبض عليه، ولم تكن هناك طريقة اخرى، عندها كانت لدي الصلاحيات لابادته، وبصراحة لو اعدته الى عالمي وحاكموه وبقي في السجن، فأنه كان سيبقى بالنسبة لي ذكرى وساذكره دائما،وقد اشتاق لرؤيته، ولهذا قررت ان يموت، انا ضحيت بحياتي لاقبض عليه، ولهذا اشعر أني صاحبة الحق الوحيدة في اخذ حياته، وهو يستحق ذلك، ولا وقت لدي لاعادته، فهناك اشياء اهم وبما اني املك صلاحية الابادة، فأني احب ان استخدمها بطريقتي انا..اما القطط، فقلت لك ان لكل شيء نهاية، فما الفرق ان ماتوا الان أوبعد الف عام، فهم في النهاية سيموتون، ولنفترض انك قتلتهم كما قتلت القطين اللذين سبقاهما ، او ان مكان أي منهم كان هو مكان القطين اللذين ماتا، الم يكونوا قد ماتوا؟ ولنفترض انهم تمردوا، ففي هذه الحالة انا املك صلاحية ابادتهم، وبصراحة اكثر، هذا اليوم وما حدث اليوم لا يعرفه احد الا انا وانت، فهو اصبح جزء من الماضي وانتهى، ولا اريد ان اذكره او يذكره احد...". 
قلت لها : ـ " والاشخاص "السبعة الصفر" الن يذكروه؟". ضحكت مرح وقالت: ـ "انهم مجرد قوة ابادة لا دخل لهم في أي شيء مهما كان الا ان يتلقوا الاوامر، ويبيدوا من يُأمروا بابادته، فهم صمموا ودربوا على الابادة ولا شيء غير ذلك، اصنام متحركة تبيد بلا رحمة وبلا تفكير الا بتحقيق الهدف، وانا اخذت صلاحية باستخدامهم متى اريد، ولا احد غيري يستطيع التحكم بهم، فانا مرح التي يثق بها وبقدراتها الجميع، وانا مرح التي لم افشل في شيء حتى الان، ولهذا منحوني هذه القوة، التي بها سأحكم يوما مجلس "الكاتو" بكامله، ولسخرية الايام، فان هذا السلاح الفتاك قد شارك نور بنفسه منذ سنوات طويلة في تطويره، وها هو احد الذين اسُتخدم ضدهم هذا السلاح الفتاك، لم يكن مسموح باستخدامه بأمر من مجلس الحكماء ولم يسمح حتى للمجلس بكامله بأن يستخدمه، بل صدرت الاوامر للعلماء بالبحث عن اية طريقة لابادته والتخلص منه سريعا، ولكن بما ان القانون لا يسمح بالقتل، وخاصة انهم بالاصل من ابناء عالمنا وليس لهم ذنب انهم صمموا بهذه الطريقة، فقد تم حجزهم، وجمدوا كاصنام حتى يجد العلماء الطريقة المناسبة لانهاء هذه المشكلة .. وانا مرح بذلت الجهد لسنوات طويلة ليسمح بأستخدامهم لمواجهة مشكلة المتمردين بأجساد بشرية، وان الخطر الذي سيجلبه المتمردون يفوق خطر هذه الفرقة، واستخدم هذا السلاح للمرة الاولى بسيطرة واوامر مشتركة من مجلس الحكماء ومجلس "الكاتو" معا، وهكذا تبين ان له دور كبير جدا وفعال، واستطاع مجلس "الكاتو" ان يأخذ صلاحيته لوحده، على شرط ان لا يستخدم الا بأمر من جميع اعضاء المجلس، ومرت سنوات اخرى حتى استطعت ان اقنعهم بانه سيكون فعالاً اكثر لو اننا استطعنا ان نصدر له اوامر سريعة ومباشرة، بدلاً من الاوامر الجماعية، وهكذا ومع الوقت استطعت ان استحوذ عليه، واملك الصلاحية بأستخدامه. 


قلت لها : ـ "مرح انت وقحة لدرجة كبيرة ". قالت : ـ "وانت لا شيء ويكفيك شرفا اني اتحدث اليك " ـ " ويل لعالم انت منه يا مرح ". ـ "ويل لك انت يا حسن ان انا غضبت " ضحكت وقلت : ـ "وماذا بوسعك ان تفعلي؟ ستقتلينني؟ لن تستطيعي يا مرح، انا وانت نعرف ذلك جيدا". " ولم تظن ذلك؟ فلو اردت قتلك لفعلت ذلك في لحظات، ولكني اصون عهدي ". ـ "لو كانت المسألة متعلقة بالعهود لكنت ميتا منذ زمن، ولكن الموضوع يتعلق بشيء ما تفكرين فيه وتسعين اليه، وانت بحاجة الي حتى تحقيقه، وبعد تحقيقه سيكون دوري قد انتهى، اليس كذلك يا مرح؟ ". ـ "شاطر يا حسن، هذا صحيح، وانا فعلا بحاجة اليك، والشيء المضحك فعلا انني انا مرح بحاجة الى "واحد مثلك"، وهذا هو السبب الحقيقي وراء صبري عليك كل هذه المدة الطويلة يا حسن.". ـ "وما هي حاجتك الي ؟" 

تنهدت وقالت : ـ "حلم نور منذ سنوات طويلة، هو ما اريده !" ـ "ايتها الداهية اللعينة، والله لقد شعرت بذلك منذ البداية، لقد علمت انك تخططين لشيء كبير.. ما اغباني وما اغبى المسكين نور ، مرح، صدقيني انت داهية .". 

قالت ساخرة : ـ "انتم اغبياء لا شك في ذلك، ولهذا استطعت ان اسخركم للوصول للهدف.". 

قلت لها : ـ "كيف تفكرين ؟.. لا ادري أي عقل شيطاني تمتلكين ، والله ان قوة الشر التي تتحدثين عن وجودها وراء هذه الاقواس لا شيء امام هذا الدماغ الذي تحملينه .. وان كان هناك قوة شر حقيقية فهي في دماغك انت يا مرح .اتعلمين يا مرح؟ ينتابني شك ولو حتى كان بسيطا بانك ستقتلينني حتما .. يجوز اليوم او غدا، وهذا ما اقرأه في عيونك منذ البداية ، ورغم كل هذا، الا انني على استعداد ان اساعدك باي شيء استطيعه للوصول الى النهاية التي تسعين انت اليها فقط، لا لشيء وانما لاعرف ما هي النهاية، وكيف ستكون ، لا تتفاجئي يا مرح مما اقول، فانا ابن بشر، وانت تعرفين كل شيء عنا، ولكن هناك جوانب مخفية لم تستطيعوا بعد الوصول اليها، الان لم يعد يهمني شيء، لا القوة ولا الحب ولا حتى السعادة، ولا أي شيء اخر سوى شيء واحد يشدني فقط، معرفة النهاية , يجوز ان يكون حب الفضول هو الذي يتملكني ، نعم انه حب الفضول القاتل، ولكن لا يهم، لا اريد شيئاً سوى ان افهم.". ابتسمت مرح وقالت 
: ـ اسمع، لا يمكن لشيء ان يستمر كما هو، فكل شيء يتغير وفق الظروف والاحداث التي تحيط بنا ، كما انه يوجد قواسم مشتركة كثيرة بيننا وبين البشر، الا وهي الحلم بالمستقبل ، والاحلام يا حسن تتغير يوميا، فاليوم نحلم بشيء ما للغد، وعندما يأتي الغد نحلم بشيء آخر لليوم الذي يليه.. حسن، ان القاسم المشترك الاقوى هو الفضول ، الفضول لمعرفة المجهول...فقوة الشر المخفية خلف هذا الباب، والتي لا يعرف حقيقتها احد، او ما هي او كيف شكلها او ما هي طبيعتها، اثارت الفضول والخوف معا .. الفضول من هذه القوة، والخوف الممزوج بالفضول. من الذي سيمتلكها ويستطيع بها ان يدمر ان اساء استخدامها العالم او يجعله افضل ان اجاد استخدامها ...هذه القوة يا حسن بقيت اسطورة مستحيلة، لا يمكن الوصول اليها، ولكن علمنا بأن احد من البشر سيصل الى هذه القوة، وكان من المعروف ان أي من ابناء عالمنا لا يمكن ان يحصل عليها لان هذا مستحيل، وهذا بسبب خواصنا، لهذا لم يكن احدنا يفكر او يحلم بالوصول اليها، وكل ما كان يشغلنا هو المحافظة على عالمنا وعلى عالم البشر لارتباطه بعالمنا، وبعد ان تمرد نور وهو من كبار العلماء والاساتذة المتخصصين في عالم البشر، وعاش بين البشر واستطاع ان يجمع المتمردين من حوله ليشكل بهم قوة يستطيع بها السيطرة في المستقبل، والحرب المستمرة بين سلطة عالمنا والمتمردين، والتي دارت معظمها على الارض، واخطر هذه الحروب كانت مع المتمردين الذين استطاعوا استغلال اجساد بشرية ليملكوا الخواص البشرية وخواص ابناء عالمنا معا، والنصر كان دائما لسلطة "الكاتو"، ولهذا بقي المتمردون في حالة من التشرد الكامل، وهذه القصة طويلة وجذورها منذ الاف السنين تتجدد دائما مع تمرد احد جديد من الجيل الجديد، وهذا ليس موضوعنا، لم اكن انا احلم بالشيء الكبير في حياتي، فقط اردت ان اكون واحدة لها شأن بسيط، او استطاعت ان تحقق شخصها.. ولكن حبي الكبير لنور، استاذي، في سنوات تمهيدي للبداية، وبعد ان اختفى ،جعلني اهتم بكل صغيرة وكبيرة تخصه، 

وحينما سنحت الظروف وكشفت الامور امامي، وعلمت انه تمرد، بدأت ابحث عن كل الاسباب التي تدفع عالما كبيرا ذو شأن مثل نور ـ والذي كان بأمكانه الوصول الى اعلى مراكز السلطة في عالمنا وهي مجلس الحكماء ـ الى التخلي عن كل شيء والمخاطرة والتمرد، والاندماج مع جسد بشري، واحتمال العذاب الذي سيعانيه بسبب هذا الاندماج. لقد كان المفهوم الشائع ان هؤلاء العلماء حينما تمردوا فعلوا ذلك حبا باظهار صدق نظريتهم ,بأن السيطرة على البشر من خلال قانون الاندماج هي التي ستمنع حدوث كوارث، واعُتبروا بانه اصابهم جنون العلم والمعرفة، وانا شخصيا اقتنعت بهذه النظرية وبهذا السبب للتمرد من قبل اشخاص ذو شأن ومكانه، ولكني لم اقتنع بأن نور بالذات يسعى لتحقيق نظرية علمية من خلال الاندماج، وحبي وتعلقي بنور اثار بداخلي الفضول الذي جعلني ابحث عن كل شيء يخص نور لادرسه، لعلي اجد اجابة لما فعل .. امضيت سنوات وانا اقرأ واحلل الدراسات التي اعدها نور، وكم كان هذا صعباً لان هذا ليس مجالي، وانه مجرد كلام علماء لا يفهمه الا العلماء، ولكني بذلت المستحيل حتى بدأت المس ان نوراً يسعى لشيء مستحيل، الا وهو دخول بوابة الشر والحصول على القوة... 


ليكون اول ابناء عالمنا الذين استطاعوا دخول هذه البوابة التي توصل الى القوة ومن هنا بدأ اهتمامي "بقوة الشر" وبدأت بالبحث لافهم ما هي، وعلمت بانها المستحيل، ولكن ثقتي بعقل نور الكبير الذي لا يمكن ان يحلم بشيء الا اذا كان عنده امل ولو واحد بالمليون من قدرته على تحقيقه، اصابني مرض "حلم نور"، وبدأت افكر وخططت حلمي مستندا الى هذا الحلم، حلم الجنون، وامضيت سنوات طويلة من العمل الشاق، والذي ضحيت من اجله بكل شيء، لاستطيع الوصول الى مكانة " حارسة ابواب الشر" بجدارة، وساعدني الحظ بان الحارسة القديمة قد انهت مدتها في حراسة احدى البوابات، وكانت فرصتي ونجحت ووصلت الى هذه البوابة، وشاءت الصدفة السيئة والسعيدة، ان تأتي انت بطريقي واختي الوحيدة، 

والتي هي اغلى ما عندي والتي اهملتها لسنوات طويلة، تتزوجك وتصبح من المطلوبين للقانون، وهكذا وجدت من هذه الصدفة السيئة، فرصة سعيدة لاستغلالك لتحقيق هدفي بالوصول الى نور، وساعدت بكل الطرق وبمنتهى الحذر نوراً دون ان يدري لجره للوصول الى هذه البوابة، وكم كان هذا شاقا ومتعبا، وكان حلم نور الجنوني في دخول بوابة الشر، والذي وجد الطريقة من خلال استغلالك، واستطاع ان يفك رموز الابواب، وجعلني استغل عقله ومعرفته في ان ادخل انا من خلاله البوابة، ولم يكن يتوقع هو ذلك، وبصراحة، بدونه لم اكن استطيع دخول هذه البوابة رغم اني حارستها، وهكذا دخلت عبر حلم نور وانتهى نور وبقيت انا". انهت مرح كلامها، ولا اخفي انني كنت مبهورا من ذكائها وقدراتها العجيبة، وقلت لها: ـ ولكن كيف سندخل البوابة الاخيرة ونور الوحيد الذي يستطيع فك رموزها ". قالت : ـ "سنسير عبر الساحة انا وانت معا، حتى نصل الاقواس الخمسة الصغيرة التي تسبق البوابة الرئيسة، وعندما نصل ساشرح لك ". قلت لها : ـ " هيا بنا نسير بدلاً من اضاعة الوقت." واردت ان ابدأ بالسير باتجاه الاقواس الخمسة، ولكنها امسكت بيدي وقالت : ـ "انت مجنون اتظن الامر بهذه البساطة ؟". ـ "ولم لا، عدة خطوات ونصل الاقواس .". ضحكت مرح وقالت : ـ "فعلا انك ساذج، اتظن ان المسافة بينك وبين الاقواس عدة خطوات، وان الامر بهذه البساطة، خطوة واحدة نخطوها بالاتجاه الخطأ ستكلفنا عشرات السنوات حتى نصل الاقواس... سأشرح لك كيف ستمر ، انظر الى الساحة جيدا، انها مرصوفة بالاحجار السوداء، ولا فرق بين حجر واخر، والاعمدة تحيط بالساحة من كل الجوانب، وللاعمدة ظلال انعكست على الحجارة لا تراها بسهولة ... يجب التركيز حتى تراها، وان اخطأت ودست على احد هذه الظلال، فستختفي الساحة، وتسقط في فضاء لا نهاية له، لهذا يجب ان تحذر، واثناء سيرنا على الحجارة المرصوفة، ستظهر بجانب الاعمدة وحوش وحيوانات مفترسة، ان اخطأت ودست بقدميك اكثر من حجر، فستهجم علينا، وستكون نهايتنا، ولهذا قبل ان تضع قدمك على حجر اخر، يجب ان ترفعها عن الحجر السابق، وايضا كلما تقدمت باتجاه الاقواس، ستتعرض لهجوم من وحوش او من اشكال مختلفة، لا تخف، بل لا تأبه لوجودها، وكلما تقدمت اكثر،و لامست قدمك حجراً، سيسقط من مكانه، اياك ان تفقد توازنك، وضع قدمك في الفراغ مكان الحجر، ولا تخف، فالحجر لم يختف في الحقيقة، وكلما تقدمت، ستجد ان على الحجر الذي يجب ان تدوس عليه شيء يمنعك من ان تدوسه، فلا تتردد ودس عليه مهما كان، وايضا ستشتعل نار لم تر لها مثيلاً في حياتك، ستشعر بحرارتها فلا تتراجع بل اقتحمها ، 
وفي المرحلة قبل الاخيرة، ستتحرك الاعمدة وتهتز، لتلامس ظلالها في كل لحظة اكثر من حجر، وهنا انت بحاجة الى كامل تركيزك ولدقة كبيرة جدا، اما المرحلة الاخيرة قبل الوصول الى الاقواس، فهي المرحلة الصعبة جدا، والتي تحتاج الى ارادة قوية جدا، وعندما نصل الى تلك المرحلة بسلام سأقوم بشرحها لك .. اجلس الان واسترح وخذ الوقت الذي تحتاجه وعندما تشعر انك على استعداد، سنمضي في رحلتنا .". اطرقت قليلا افكر بهذه الاهوال والمصاعب التي يجب ان امر بها، ولكني لم استطع ان اتخيل حدوث كل ما ذكرته في هذه المسافة القصيرة، فالمسافة حيث اقف وحيث سأبدأ وبين الاقواس التي اراها امامي لا تتجاوز عشرة امتار، أي انه يمكن قطعها بدقائق او باقل . اخذت ما احتاج من الراحة وقررت البدء بثقة عالية بالنفس، ورغم صعوبة الامور، الا اني تصورتها سهلة... وقفت على قدماي، وقلت لمرح: ـ "اني مستعد للبدء ." قالت لي: ـ انا واثقة من قدرتك يا حسن على اجتياز هذا الامتحان الصعب، سأكون معك خطوة بخطوة، ولكن لن تراني، ولا تحاول البحث عني ولا تحاول ان تتحدث بصوت عال، ان اردت ان تحدثني فأفعل ذلك بدماغك، دون أي استخدام للصوت او الهمس، سأرشدك خطوة بخطوة وساكون معك، لن تسمع صوتي ولا تحت أي ظرف، ولكن ان حصل وسمعت صوتي، فلا تصغي اليه، قد تحدث مفاجآت لم احك لك عنها، فكل ما هو مطلوب منك ان تسيطر على نفسك وان تتعامل كأن لا وجود لها ." قلت لها : 
ـ" اني على استعداد وانا جاهز." اقتربت مني، ووضعت كفيها على خدي، واخذت تنظر في عيوني وتقول: ـ "حسن ثق بانك قادر .. ثق بانك قادر.". واعادت علّي كل ما قالته ،تشرح الخطوات التي يجب ان اتبعها، وما زلت اصغي واحدق في عيونها حتى وجدت نفسي احدق في فراغ، اسمع صوتها دون ان اراها، لا اسمع صوتها من خلال اذناي، بل من خلال دماغي، وكأنها اصبحت فيه او اني احدث نفسي .. ـ "حسن هل انت مستعد؟" اجبتها: ـ "نعم انا مستعد ...". ـ "اذن هيا سر يا حسن، ضع قدمك اليمنى ثم اليسرى بجانبها على الحجر الاسود، ولا تتحرك، جيد يا حسن، ساعيد تحذيرك: اياك ان تسرع، هيا.. هل ترى الظل المنعكس؟ انه واضح الان، اقفز عنه بقدمك اليمنى على الحجر الذي يليه، جيد يا حسن...". وهكذا كررت المحاولة مئة مرة، ولم يكن من الصعوبة رؤية الظلال، ولكن الغريب ان الاقواس ما زالت بعيدة، او ان المسافة التي قطعتها لم تقربني من الاقواس، استعددت للخطوة التي تليها، وصوت مرح يرشدني بهدوء وثقة عالية، ولكن الظلال لم تعد ترى بسهولة، ولهذا كنت اقف دقائق لاتأكد من رؤيتها، وبعد ان تبينت الظل قررت القفز، لا تفاجأ بمئات الحيوانات التي تحيط بي من كل جانب، وكأني دخلت عالما اخر، انظر الى الخلف وكل شيء قد اختفى، فضاء واسع شاسع لا نهاية له خلفي، خطوة واحدة فقط الى الخلف وتكون نهايتي، ولا ادري ان كان هذا وهم او حقيقة، ولكني اشعر بأنه حقيقة. أنظر حولي لارى حيوانات لا تبعد عني الا امتاراً قليلة، حيوانات منها ما اعرفه وعهدته مثل النمور والقطط، ومنها ما لم اره في حياتي، ولم اسمع عنه، كقرود لها مخالب وانياب وراس كبير، وحيوانات بثلاثة ارجل وباربعة وخمسة وعشر ارجل، واشكال تشبه الانسان الا ان الراس يشبه رأس الضبع، لها قدمان واربعة ايدي، حيوانات ومخلوقات غريبة كثيرة، اشتركت جميعها بالتأهب والاستعداد للهجوم، ومرح تحدثني: ـ "لا تخف.. لا تخف يا حسن.. لن تهجم عليك حتى لو اقتربت منها، والان حاذر ولا تجعلها تشتت ذهنك، ان دست على اكثر من حجر ففي هذه الحالة فقط ستهجم، حاول ان لا تنظر باتجاهها .. ركز مع الظلال فقط، وركز في ان ترفع قدمك قبل ان تضع قدمك الاخرى على حجر، هيا يا حسن..". ورايت ظلين متتاليين ، فقالت: ـ "اقفز عنهما الاثنان الى الحجر الثالث، ستنجح.." وفعلت، وكررت العملية اكثر من خمسين مرة، والحيوانات ما زالت تحيط بي، الا انها بدأت تصدر اصواتا مختلفة وغريبة، كادت تفجر رأسي، ووددت لو اني استطيع ان اضع اصابعي في اذني حتى لا اسمع صوتها .. خطوات اخرى ،واختفت جميع الحيوانات من حولي، وتنفست الصعداء وسرت خطوة تلو الخطوة بهدوء، وفجأة ودون سابق انذار، هجمت علي مجموعة من القرود، خلفها نمور وقطط وضباع ووحوش كثيرة ومتنوعة، للحظة اردت الهرب، الا ان صوت مرح صرخ بي وقال: ـ " اياك ان تلتفت الى الخلف .. اياك.. قف مكانك ولا تتحرك .. انظر اليها ولا تغمض عينيك، لا تخف يا حسن، واياك ان تفقد توازنك ...اياك .". بدأت اسمع اصواتا مخيفة آتية من خلفي، وحيوانات مفترسة، ما هي الا خطوات وتفترسني، وصوت مرح يحذرني 
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 4:45 pm

... بدأت الحيوانات تقفز علي الواحد تلو الاخر، ومع كل قفزة اشعر بأن هذه نهايتي ، خوف يتملكني وجسدي تتساقط منه حبات من عرق ... حيوانات تقفز باتجاهي، وعندما يصلني يختفي كأنه لم يكن ، ورغم قناعتي بأن ما اراه ما هو الا وهم وخيال، الا ان الطريقة التي تهاجمني بها هذه الحيوانات تجعلني اشعر بحقيقتها، واشعر بأن الاول ان لم يؤذني فإن الثاني سيفعل، ولا ادري كم مر من الوقت وانا اتعرض لهذا الهجوم الوهمي الحقيقي، هل هي ساعة ام يوم ام عام ؟. انتهى الهجوم، وطلبت مني مرح ان التقط انفاسي وارتاح قليلا وأقف، وبعد ان كررت العملية وسرت عدة خطوات، رفعت قدمي، وقبل ان ادوس بها على البلاطة، اختفت البلاطة من تحت قدمي ،وشعرت بأني ساسقط في هاوية ، ولكن الحظ اسعفني في اقل من رمشة عين، ولم انقل قدمي، لتستقر مكان الحجر حيث كنت ارى الفراغ، ولكن تحت قدمي شيء صلب.. ومرح تشجعني، ليزداد الشعور بداخلي بأن الحجارة التي تختفي قبل ان ادوسها موجودة. سرت بسهولة وثقة أكبر، حتى وجدت امامي ناراً كأنها الجحيم، لم ار في حياتي نارا اعظم منها، لم اشعر بالخوف من النار التي امامي رغم ترددي من طلب مرح ان اقتحمها ولا اخاف، فهي لن تحرقني، ولكن كلما اقتربت اخذت اشعر بحرارتها اكثر ،وبدأت اتأكد بانها حقيقية اكثر من كونها وهمية، ولكني كنت استجمع شجاعتي واسير، ومرح تشجعني ... اقتربت من النار واذ بصوت مرح يصرخ بي بصوت عال: ـ "عد الى الخلف بسرعة يا حسن .. عد واستدر الى الخلف يا حسن... لا تتقدم .. لا تتقدم !!" 

وفي محاولتي للتراجع اتاني صوت مرح من جديد، تنبهني، وصرخت بي قائلة : ـ "لا تصغ للصوت الذي سمعته يا حسن، اكمل طريقك..اكمله يا حسن .". وقعت في حيرة من امري بين صوت مرح الذي يدعوني للعودة الى الخلف، وبين صوتها الذي يحذرني من الاصغاء للصوت، لياتيني صوتها يؤكد لي بانها من دعتني للمضي قدما حيث قالت لي : ـ " يا حسن لقد حذرتك من كل صوت تسمعه حتى لو كان صوتي، فهذه خدعة البوابات يا حسن..." شجعني صوتها واقتحمت النار بثقة، وحاولت ان اسرع لاتفادى حرّها ، نجحت في عبورها وتوقفت بعدها لالتقط انفاسي ونظرت الى الاقواس لاشعر انها قريبة .. قريبة جدا .. جدا. وبدأت استعد للمضي قدما، فالتفت حولي لاتبين محيطي، فصعقت حينما رايت عشرات الظلال تتحرك الواحد تلو الاخر ، نظرت الى الاعمدة ورايتها تهتز بقوة، وحينما نظرت الى الظلال مرة اخرى علمت في قرارة نفسي باني هالك ولا ريب . اخذت احدث مرح قائلا لها : ـ" ان من المحال ان استطيع تجاوزها !" لكن مرح تقول لي : ـ "بل تستطيع يا حسن، ركز قليلا فقط... ركز يا حسن !!" عدت انظر الى الظلال مرة اخرى فوجدت انها تتحرك الواحد تلو الاخر بسرعة كبيرة، الواحد تلو الاخر وبأقل من رمشة عين، لم اكن استطيع ان ارى الحجر الا والظلال تمر عليه، وهي تغطي اكثر من عشرين حجراً او اكثر، وكأنها مروحة كهربائية، دب اليأس في قلبي على الرغم من تشجيع مرح المستمر لي، حتى صرخت بها: ـ "كيف... كيف يمكن هذا... مستحيل... مستحيل ان امر دون ان المس الظلال ..". فقالت مرح: ـ لا تخف، ان ركزت بصرك جيدا وقفزت قفزات سريعة جدا ستتجاوزها، لم اقتنع بما قالت، وكلما حاولت ان اقنع نفسي بكلامها، وجدت انه من المستحيل، مرت اكثر من ثلاث ساعات ولم تنجح مرح بأقناعي، حتى انها هي قد يئست من تلك المحاولة ، مما زادني يأسا واحباطا لشعوري بأن مرح لا تجد الوسيلة لاخراجنا من هذا المأزق، مرت ساعات اخرى، والارهاق والتعب قد استوليا علّي، حتى قالت مرح : ـ "حسن لا توجد الا فرصة واحدة فقط، وهي ان اسير انا في جسدك". ـ "كيف ؟" ـ "ملكني دماغك بأرادتك لا تحكم فيه حتى استطيع ان اسير جسدك.". خفت من كلام مرح وطلبها خوفا اشد من خوفي في الساعات الاخيرة، ولكنها قالت : ـ "لا داعي للخوف، لا يوجد شيء يستحق الخوف، فلو اردت شيئا بك لفعلت ، ولكن لا توجد غير هذه الطريقة .. هيا يا حسن، دعني اتحكم بدماغك بالكامل، لا يوجد لدينا وقت حتى اطرد التعب من جسدك واستطيع ان اسير من خلال استخدام الطاقة الكاملة للدماغ.". استسلمت لها ونفذت ما طلبت وفقدت الاحساس بوجودي .. ووجدت نفسي خارج الظلال. لم اشعر بشيء ولم اع ما حدث الا عندما ما خاطبتني قائلة : ـ " لقد نجحنا يا حسن، عد لطبيعتك الان .". شعرت وكأنها خرجت من رأسي، حاولت تذكر ما حصل، ورايت كيف قمت بقطع الظلال بسرعة غريبة دون الشعور بوجودي ، لم افهم كيف فعلت هذا ولكني سألتها: ـ "كيف حدث ذلك يا مرح ؟". ـ "ان قوة دماغك البشرية قادرة على صنع المعجزات، فبتحكمي به استطعت ان الائم وزن جسدك بالجاذبية الموجودة في المنطقة، واستطعت ان ابرمج بصرك وخطواتك بما يتلاءم مع سرعة دوران الظلال، واستخدمت الحواس الاخرى والطاقة الكامنة التي لا تستطيع استخدامها لاعطائك القوة والسرعة... "وهكذا نجحت في ذلك، والان انت امام الاقواس، وبقيت مرحلةواحدة وينتهي التعب والارهاق". ـ ما هي ؟ ـ انها المرحلة الصعبة التي ستسير بها حتى تصل الاقواس، صحيح انك ترى ان المسافة عدة خطوات، ولكن المسافة في الحقيقة اكثر من ذلك بكثير ، ان نجاحك بهذه المرحلة سيعتمد على قوة ارادتك ! يجب ان تسير بلا توقف مهما كان السبب حتى تصل، وان توقفت للحظة واحدة ولاي سبب كان فستكون نهايتنا معا، مهما رايت ومهما سمعت، اياك ان تتوقف .". ـ وهل هناك ظلال او امور اخرى . ـ "لا، لا توجد ظلال ولا أي شيء اخر ولكن الخطر الحقيقي هو ان تتوقف ... فقط سر ولا تهتم". ـ " انا على استعداد .". ابتسمت وقالت : ـ "كلا خذ قليلا من الراحة الان، وان اردت ان تنام قليلا فلك ذلك، وبعد ان تتاكد من انك جاهز سنسير.". ارتحت عدة ساعات وبدأت اسير بأتجاه الاقواس التي اراها بالعين لا تبعد عني خمسة او عشرة امتار فقط. بدأت اسير واسير واسرع وابطىء حتى بدأ العرق يتصبب من كل جسدي، والتعب والارهاق يصيبني دون ان اصل. مرت ساعة وساعات وفي كل لحظة اظن اني وصلت، لكني لم اصل، انظر حولي، واجد بأن المسافة تزداد ولا تنقص .. مرت عشر ساعات ولم يعد جسدي يقوى على حملي ، وعدة ساعات اخرى مرت وبدأت اجر قدماي جرا وانا عطش وجائع ، ساعة تلو الساعة ومرح تقول لي اصبر .. اصبر، ولكن العطش استولى علّي ولم تعد قدماي قادرة على حملي ، انظر الى يميني فارى واحات ماء، لم اشعر بنفسي الا وانا اسير بأتجاهها .. ومرح تحذرني وتصرخ بي : ـ " اياك والاقتراب". اصبحت امر من واحة الى اخرى، وارى انواع الطعام بما لذ وطاب ومرح لا تزال تحذرني وتشجعني.. ولا تزال الصور الغريبة تدور من حولي ، صور غريبة لفتيات وينابيع ماء وحدائق ازهار لا ادري ان كنت اهذي ام ان الذي اراه حقيقة . لم اشعر بنفسي الا وانااستلقي على الارض بجانب الاقواس ... ومرح تجلس بجانبي، فتحت عيني، وعلمت منها انني قد نجحت بالوصول ،وانني قطعت مسافة استغرق قطعها من الوقت سبع وعشرون ساعة ، واني نمت بعد ذلك الجهد اكثر من عشر ساعات. كانت مرح فرحة مسرورة ، فشردت بذهني بعيدا عن انتصار مرح، وجلت ببصري انظر الاقواس الضخمة التي ابهرتني رؤيتها، وسرح خيالي بمقارنة نفسي معها لاشعر بنفسي نملة تقف بجانب احد الاهرامات .. وقفت على قدميّ، نسيت كل التعب والجوع والعطش وكانه كان وهما ليس اكثر، تأملت مليا تلك الاقواس الخمسة العملاقة والبوابة التي خلفها وكانها تكاد تلامس الغيوم بارتفاعها، فقلت والفرح يعتريني: ـ "وصلنا يا مرح وصلنا ..!!". ردت علّي : ـ " اقتربنا .. اقتربنا من الاقواس اكثر ...". واخذت انظر الى البوابة التي خلفنا ، تلك البوابة الضخمة الجميلة الملونة بالاف الالوان الممزوجة معا بتناسق فني جميل جدا ، او ربما هي الوان جديدة لم ارها من قبل ..صور ورسومات منقوشة بحرفية على البوابة لا تعد ولا تحصى ، عشرات الالاف من الصور التي تمثل بحارا واشجارا ، حيوانات ونجوما واقمارا وبشرا ونباتات واسماكاً وغيرها مما لا يوجد له في قاموسي تسميات، فكل واحدة تجذبني للتأمل فيها وفي ابداع نقشها، واذ انتقلت الى الاخرى اجد مزيجا مميزا من الابداع واذا عدت الى الاولى اجدها اختفت او اني اتوه بين الاف الصور والرسومات فلا اجدها ، تملكني شوق عظيم للاقتراب من هذه البوابة، شيء ما يشدني بجنون للاقتراب منها، لا اعلم هل هو جمال رسوماتها ام ماذا ؟ التفت صوب الجنية مرح، واخذت احثها على الاسراع : ـ "هيا يا مرح هيا ..". ـ الى اين ياحسن ؟ اتريد الدخول الى البوابة ! لا تستعجل يا حسن، فأولا يجب ان تعرف أي الاقواس يجب ان تدخل حتى تصل الى البوابة .". اخذت مرح تنظر الى الاقواس وتسير بالقرب منها وهي تفكر .. للمرة الاولى ارى على وجهها علامات الحيرة والقلق، اردت ان اسالها: "ما الصعب بدخول الاقواس وكل الاقواس تؤدي الى البوابة؟ وهذا ما هو واضح للعين، ولكني فضلت الصمت، اذ اني شعرت بسذاجة سؤالي، وتذكرت انها قالت ما قاله نور منذ البداية: بأن قوسا واحداً هو الذي يوصل الى البوابة، اما بقية الاقواس فهي تدخل الى اللا نهاية ... وبلمحة عين نظرت الى مرح، ورايت الحيرة التي تتملكها، فشعرت ان مرح لا تعرف أي قوس من الاقواس يجب ان ندخل، او ان هناك مشكلة كبيرة، انتظرت قليلا حتى اقتربت مني مرح وابتسمت بخبث: ـ واضح ....واشارت بيدها نحو الاقواس وقالت : ـ 
واشارت بيدها نحو الاقواس وقالت : ـ " ان دخلنا هذه الاقواس والبوابة فستسقط نظرية المستحيل.". 
فقلت : ماذا تقصدين بـ"إن دخلنا" فهل من الممكن ان لا ندخل؟ . ضحكت وقالت : ـ وماذا ستخسر انت؟ يكفيك انك وصلت ورايت ما لم يره انسان قبلك .. اما انا فأن لم ادخل فقد خسرت كل شيء .". فبرقت عيناها واخذت تضحك وتقول : ـ اتعلم يا حسن ان فشلنا فانت الذي ستربح، لاننا سنتساوى معا في النهاية ، فسنذهب انا وانت الى نفس المصير الملعون في النهاية .". ـ " وماذا سنفعل يا مرح .". ضحكت وقالت : ـ لا ادري ماذا سنفعل ، ولا توجد اية طريقة لمعرفة القوس الذي يجب ان ندخله، حتى نور المجنون لا يعرف كيف ، امامنا احتمال من خمسة، اما ان ننجح او نهلك.". 
ـ "ولكن نور قال انه يعرف كيف يدخل البوابة .". ضحكت وكان باديا انها تضحك من القهر: ـ ربما نور يعرف كيف يدخل البوابة، ولكن الاقواس هي المشكلة". 
ـ "نور كان واثقا من قدرته على دخولها.". ـ لا ادري، ربما .. لا ادري، ما عرفته في السابق ان هذه الاقواس يجب ان تكون تحت حراسة من نوع معين ، ولكن المفاجيء لي ان الاقواس بدون حراسة، وهذا ما يحيرني .. لماذا لا توجد حراسة على الاقواس ؟ لماذا؟ لو كانت توجد حراسة فانا واثقة من قدرتي على تجاوزها، ولكن ان تترك الاقواس بلا حراسة، فهذا الذي يقلقني .". ـ "ما ادراك انها بلا حراسة ؟! ربما هناك حراسة ولكنها لا تظهر او لا نراها .". ـ وهذا ما يقلقني اكثر، فلو اسعفنا الحظ ودخلنا القوس المقصود الموصول بالبوابة، فكيف سنتجاوز الحراسة وانا لا استطيع ان احدد ما هي نوعيتها، واي خواص لها وما هو العقل الذي يديرها .. كنت اعلم ان الحراسة موجودة على هذه الاقواس، وقد وُجدت منذ عشرات الالاف من السنين وقبل اجيال عدة ،لقد راهنت انها حراسة قديمة لم تتطور، ولهذا يمكن تجاوزها رغم انه يقال عنها انها حراسة لا يوجد ولم يوجد اقوى منها في عالمنا، ولا يمكن هزيمتها، وكل هذا لم يقلقني، فانا مرح واثق بقدراتي، ولكن اين هي ..". واستمرت مرح في الكلام مرة وبالضحك مرة وبالصراخ مرة اخرى.. مرة تسير باتجاه الاقواس وتعود الّي وتحدثني وتجلس بجانبي، ومرة تعود وتقف وتسير، حتى انها اخذت تكلم نفسها، وانا صامت لا ادري هل اضحك ام ابكي ، استلقيت على الارض بالقرب من الاقواس وغفوت لاستيقظ لأرى مرح كما تركتها قبل نومي، تسير وتمشي،تقف وتجلس، تضحك وتصرخ ، لم ارها منذ ان عرفتها تتصرف بهذه الغرابة وبهذه الطريقة.. انقضى اليوم الاول ونصف اليوم الثاني ونحن على حالنا، والغريب اني لم اكن اشعر بحاجة الى الطعام او الشراب، ولكن النعاس هو الذي كان يسيطر علّي، فما ان اصحو قليلا حتى اشعر بحاجتي للعودة للنوم، ربما كان هذا بسبب القلق واليأس الذي اصابني من هذه النهاية، او ربما السبب شعوري الغريب باللامبالاة او بأني لن اخسر شيئا 

.. ثلاثة ايام مرت علمت بمرورها من رؤيتي للقمر، ولم يتغير شيء، والوضع كما هو في اليوم الاول .. لا ادري ما خطر ببالي، فصرخت على مرح وقلت لها: ـ " نور كان يعلم الطريقة التي يستطيع بها دخول الاقواس، انا متأكد يا مرح بان نور يعلم .". ـ ان كان نور وجد الطريقة فانا ساجدها. وعادت الى حالتها الاولى وعدت انا للنوم ولم اصحُ الا ومرح توقظني بعنف وتقول لي : ـ سأعرف الان ان كان نور قد علم بالطريقة ...هيا يا حسن ركز معي، اترك لي دماغك لاعود به الى الماضي لعلي استطيع ان اجد شيئا . وافقتها ولم ابد أية معارضة ، جلست امامي ووضعت يديها على رأسي برقة ولطف، وطلبت مني ان انظر في عيونها، واخذت تذكرني باليوم الاول للقائي بنور. بدأت اشعر باني اثنان ولست واحداً.. جسد يجلس امامهافي الحاضر، وانا نفسي مع نور في الماضي لحظة بلحظة كلمة بكلمة من لحظة معرفتي به الى نهايتها المؤلمة الى لحظة قتله على يد مرح. رفعت مرح يديها عن راسي وبدأ النشاط يعود الى جسمي .. اطرقت مرح بالتفكير قليلا وقالت: ـ " لقد وجدتها ، نور كان بحاجة اليك ،ولم يكن يفكر بقتلك قبل دخول البوابة .. لو لم يكن بحاجة اليك لقتلك !!! فوجودك هنا لم يكن فقط من اجل قتل القطط ليسير على دمائها ويتجاوز بها الممر ، بل لانه بعد تجاوز الممر كان بحاجتك لتوصله الى الاقواس ... وكما كان هو بحاجة الى دماء القطط، كان بحاجة الى دمك انت ليعبر عليها الى الاقواس والبوابة ، فخواص دمك هي التي يحتاجها لانه دم بشري، وهذه البوابة خصصت للبشر فقط .". ـ شيء رائع وبشرى سارة اتودين انت الان ذبحي لتحصلي على دمي .". ـ انا لا استطيع قتلك، ولكني استطيع الحصول على دمك، ولا اعتقد ان نور كان يفكر بهذا، والا لما فكر بادخالك البوابة بعد الاقواس .. ولكن اخرج القليل من دمك يا حسن لنجرب هيا.. هيا يا حسن". ضحكت وقلت لها : ـ "كيف ساخرج لك دمي يا مرح ؟". ـ "اجرح يدك .. اجرح قدمك، لا يهمني كيف، المهم عندي الدم.." ففعلت وجرحت اصبعي ومزقت قطعة من القميص الذي ارتديه ومسحت القطعة بالدم وقلت لها : " خذي ..!!!" نظرت الي بأشمئزاز وقالت: ـ " ابعد هذا القرف عني، هيا اذهب واجعله يلمس احد الاقواس .." ففعلت ولكن لم يحدث شيء، وعدت اليها اضحك ولا اخفي اني اضحك من قهري . ـ "جرب إلقاءه داخل احد الاقواس " ـ "أي قوس تريدين .". ـ "لا ادري، القه داخل أي قوس تريد .." اقتربت من احد الاقواس والقيته، وما كدت القيه حتى اختفى من امام عيني وكاني القيه في عالم اخر، ابتسمت وعدت اليها، وما هي الا خطوات حتى اهتزت الارض، وبدأ دخان كثيف ذو لون اخضر بالخروج من الاقواس الخمسة بكثافة كبيرة، عدت ووقفت بجانب مرح اترقب ماذا سيحدث بعد الدخان، وحينما امعنت النظر وجدت ان من كل قوس يخرج دخان كثيف بلون مختلف عن الاخر، استمر تصاعد الدخان لعدة دقائق وبدأ يتلاشى ليظهر على مدخل كل قوس شخص يرتدي عباءة بيضاء وذو شعر ولحية غلب عليها اللون الابيض، وكان واضحا عليهم كبر السن، تميزوا بمهابة ووقار كبير، حتى اني شعرت ان النور يشع من وجوههم، متشابهين الى حد كبير ولكن ليس بالشبه الكامل، طلتهم تبعث الراحة والطمأنينة في النفس الى ابعد الحدود، ترى في ملامحهم الخير والمحبة، حتى اني اردت ان اقبل اياديهم ابداء للاحترام الشديد والكبير الذي اشعر به تجاههم، هيبتهم ووقارهم كان باديا انه اثر على مرح ايضا، فهي لم تكن تنظر اليهم بكبريائها المعهود، بل كان يتضح الاحترام بعيونها. لم يتحرك الاشخاص الخمسة من اماكنهم ولم يلتفتوا الينا وكأنهم لا يرونا او انهم يتجاهلون رؤيتهم لنا، او انهم ينتظرون شيئا". التفت الى مرح وقلت لها: ـ "هل هؤلاء هم حراس الاقواس؟ وهل هؤلاء هم الحراس المرعبون الذين تحدثت عنهم .". قالت : ـ نعم يا حسن.. نعم ،لا ادري ماذا افعل، لا ادري اية مصيبة هذه جلست على الارض ووضعت رأسها بين كفيها واطرقت بالتفكير، وبدا عليها الحزن الشديد وكأن مصيبة كبرى قد حلت بها... جلست بجانبها وفوجئت بانها تبكي، حزنت عليها ووضعت كفي على شعرها، وسالتها: ـ "ما بك يا مرح؟" الا انها استمرت بالبكاء دون ان ترفع راسها، هذه الجبارة لا يمكن ان يكون بكاؤها هذه المرة مصطنعا، الحيت عليها بالسؤال .. فأجابت: ـ "مصيبة يا حسن.". واستمرت بالبكاء، ودفعت براسها الى صدري، واخذت اداعب شعرها وهي تبكي، وبين الدموع تتفوه بكلمات متقطعة تزيد من حيرتي... ـ "ليتني لم افعل .. ليتني بقيت كما انا. الى اين أوصلت نفسي؟ ماذا سافعل؟ ليتني بقيت "كونته " الصغيرة، كلا لن افعل، ساعدني يا حسن، لا اريد شيئاً، اريد ان اعود كما كنت.". صمتت وشعرت انها غفت على صدري، بذلت جهدي ان لا اتحرك حتى لا اوقظها، حتى استيقظت لوحدها، ونظرت الي وكأن عيونها تسال عن الذي حدث. وعادت ووقفت على قدميها، واخذت تتمشى وهي شاردة الذهن، وانا اترقب ماذا سيحدث وقالت لي بنبرة حزينة: ـ "اما ان ندخل البوابة، او نبقى هنا حتى نصاب بالجنون ونموت، فلا مجال للعودة الى الخلف.". ـ "اذا لندخل .. فانالا افهم ماذا يحدث ولماذا تبكين، الا تمتلكين طريقة ؟". ـ كلا، لدي الطريقة، ويا ليتها لم تكن لدي. وانتهت قبل ان افهم هذا الموقف ...استغربت من كلامها اكثر، ولكني شعرت بان اللعبة ليست لعبتي، ولم اكن اريد ان استبق الاحداث، طلبت مني ان استعد لدخول القوس، وابتعدت عني عدة خطوات، ورفعت يدها بالطريقة التي سبقت مقتل نور، وفورا علمت انها تفكر باستدعاء قوة الابادة " الاصنام السبعة " لتقتل حراس الاقواس فصرخت بها .. ـ لا تفعلي يا مرح ، انزلت يدها وكانها استجابت لصراخي وطلبي، واخذت تبكي ..ولكنها صرخت بي قائلة : ـ اخرس ولا تتدخل فلا يوجد ما تخسره ، ورفعت يدها من جديد وهي تبكي والدموع تتساقط من عينيها . وقالت : ـ بأسمي انا مرح حارسة ابواب الشر وبموجب الصلاحيات الموكلة الّي وبما اني انا الحاكمة الواحدة الوحيدة للعقرب آمره بالحضور الى هذا المكان وفورا ..". سادت دقائق من الصمت اجواء المكان ليتكرر المشهد القديم من جديد امامي، وصعدت اعمدة الدخان العشرة، وظهر من بينها الاشخاص "السبعة الصفر" .. وقفوا كالاصنام، واختفت الاعمدة الثلاثة الاخرى، ولم اشعر بنفسي ، رغم شعور اللامبالاة الذي اصابني وانا ارقب ما يحدث، الا ودموعي تسقط حزنا على مصير هؤلاء الخمسة، وماذا سيحدث لهم، ولكن الاغرب من ذلك ان مرح تبكي وهي حزينة اكثر مني عليهم، ورفعت مرح يدها من جديد وقالت: ـ "بأسمي انا مرح ..." قاطعها صوت آت من بعيد مخاطبا اياها: ـ "ماذا تفعلين يا مرح ..." بدا الخوف على وجه مرح ولم تستطع ان تنطق بكلمة ... ـ "ماذا تفعلين يا مرح ؟" تبين لنا مصدر الصوت ...انه صادر عن شخص قادم نحونا من الخلف، في ملامحه الوقار وكبر السن، ولكنه كان اصغر سنا من هؤلاء الذين يقفون على الاقواس، وكان يرتدي عباءة مقصبة بلون قريب الى الذهب، ذو شعر طويل، ولحية غزاها الشيب، يسير بخطى واثقة وبكبرياء يفوق كبرياء مرح بمرات... اقترب منا وما زالت مرح رافعة يدها مستعدة لاصدار اوامرها للعقرب بالهجوم ...وقال : ـ "ماذا تفعلين يا مرح ؟" "نكّست مرح رأسها الى الارض، وخفضت يدها وقالت بصوت هادئ يدل على الاحترام والخوف معا: 
ـ الحكيم " دابارا "، كيف وصلت الى هنا؟ .. وكيف استطعت الدخول؟...". 
رد الحكيم : ـ على اثرك فقط استطعت الدخول، هل جننت يا مرح ؟ لماذا يا مرح ؟ لماذا فعلت كل هذا ؟ من اجل ماذا ولم تخونين الامانة والثقة .؟". قالت : ـ انا لم اخن، لقد فعلت كل شيء من اجل عالمنا، لقد قدمت الكثير وضحيت من اجلكم بالكثير !! و... و ... !!!". 
قاطعها الحكيم وقال : ـ "امن اجل دخول هذه البوابة قتلت ابناء عالمك الذين احبوك!!.". 
قالت مرتبكة: ـ "انا لم اقتل احداً، ( قومارن ) متمرد ومن واجبي ان ابيده لأنه يشكل خطراً .". 
Cant See Links 
قال : ـ "كان يجب ان لا تقتليه يا مرح .. والمراقبون يا مرح، لماذا قتلتِهم ؟ هل يشكلون خطرا يا مرح؟ الم يخلصوا لك ويطيعوا اوامرك حتى المجنونة منها .؟!!" بدا الخجل على وجه مرح، واستمر في كلامه: ـ "لقد علمت منذ البداية ان جنون العظمة الذي يسيطر عليك لا بد ان يقودك الى الانتحار من اللحظة الاولى التي حصل فيها مجلس"الكاتو" على صلاحيات استخدام العقرب .. علمت انك ستسعين الى اقناعهم للحصول على صلاحيات العقرب لوحدك، لقد اخطأوا ، ولم نكن نستطيع ان نمنعهم، ولكننا تتبعناك يا مرح ولم اشك للحظة بان جنون العظمة الذي اصابك منذ كنت بدرجة مراقبة الا وسيقودك الى الهاوية، لقد كنت متفوقة وناجحة، وكنا نتمنى في مجلس الحكماء ان نكون مخطئين، وان تكون تصرفاتك مجرد نزوات ... 
سنين طويلة ونحن نتبعك يا مرح، ولم نستطع ان نثبت أي شيء يدينك، ولم يكن بالامكان ان نمنعك دون دليل واحد حينما توجهت لتصبحي حارسة لابواب الشر، علمنا ان طموحك الكبير لا يمكن ان يتوقف عند هذا الحد، وان هدفا ما برأسك تسعين اليه .. والان يا مرح ماذا تريدين ان تفعلي اكثر؟ 
لقد وصلت الى الاقواس، وعلمت من هم المسؤولين عنها، وايضا لم تتراجعي، بل دفعك جنونك للتطاول اكثر؟". 
قالت مرح بعد ان اجهشت بالبكاء: ـ لم استطع ان اتوقف، لا خيار امامي اما ان ادخل او ان انتهي .. 
قال: ـ " يا مرح، يا ابنتي، لقد دخلت خلفك الى هذا المكان لاعيدك الى عالمك، هيا يا مرح تعالي معي وانا ساخرجك من هذا المكان..كفاك يا مرح .". صرخت مرح وقالت: ـ "كلا لن اعود، لن اسجن، ولن امضي بقية حياتي "بقبة النور" ، كلا لن اعود ." قال لها : ـ " السجن خير لك وافضل مما تنوين فعله، عودي معي يا ابنتي فهذا افضل لك .". صرخت: ـ " لا اريد .. لا اريد، انا مرح .. لا اريد ان اسجن، لا يهمني ما سيحدث، ومرح تفضل الموت على ان يكون مصيرها "قبة النور". قال لها : ـ " استحلفك بمكانتي ان كنت ما زلت تحترمينها، واستحلفك بصلة القرابة التي تربطني بك ". 
قالت : ـ "كلا يا جدي لن اعود معك ..". 
قال لها : ـ "وماذا ستفعلين ان لم تعودي ؟ استأمرين العقرب بأن يقتل هؤلاء وانت تعلمين من هم، أوتظنين ان العقرب قادر على الاقتراب منهم، ربما لو امرته فهو قادر على ان يقتلني انا في لحظات، ولكن هم، فبأشارة واحدة من احدهم سيعود العقرب ويبيدك، افهمت يا مرح، لا تكوني مجنونة، انت تعلمين من هم .". 
قالت : ـ "كلا، العقرب ملكي انا لوحدي، ولا احد يامره الا انا .". 
ضحك الحكيم وقال : ـ " يا ابنتي لم يصمم العقرب ليتطاول عليهم، وانت تعلمين من يكونون". 
قالت والشرر يتطاير من عيونها وكأنه اصابها مس من جنون: ـ " ابتعد ايها الحكيم، ابتعد يا جدي قبل ان ابيدك انت ايضا، وابيد كل من يقف في طريقي أياً كان.". قال الحكيم : ـ "افعلي ما شئت يا ابنتي..". والتفت الّي وقال: "وانت يا ابن البشر ما الذي تسعى اليه .؟" 
قلت له : ـ انا لا اسعى للحصول على شيء، ولا اعرف ماذا اريد، انا مجرد "طرطور" بوسط الى هذه اللعبة الغريبة !. 
قال : ـ "اسمع يا ابن البشر، هل تريد ان اخرجك من هنا ؟". 
قلت له : ـ نعم ولكن قل لي قبل ذلك، من يكون هؤلاء الذين تتحدثون عنهم؟ 
قال الحكيم : ـ " يكفيك انك رأيتهم ولا داعي للمعرفة اكثر، هيا لأخرجك معي .". صرخت مرح وقالت : ـ لا تذهب معه يا حسن، لن يتركوك بحالك، ولا تنس انك قتلت اثنين من عالمنا .. لا تذهب ياحسن". نظرت الى الحكيم "دابارا" 
وقلت له : ـ اصحيح ما تقوله مرح .. ساذهب معك ولكن عاهدني اولا واقسم لي بانكم لن تتعقبونني وستتركوني بحالي؟!! قال الحكيم : ـ "لا اعاهدك بشيء، ان اردت الخروج معي فهيا، وان اردت البقاء فأبق .. ماذا قررت يا ابن البشر، هل تريد ان اساعدك للخروج من هنا ؟" 
قلت : ـ ان بقيت مع مرح ساموت، وان خرجت معك ساموت، فهل تخيرني أي موت اختار ؟!! قال : ـ "نحن لا نقتل احداً ..." قلت : ـ " اذا عاهدتني ايها الحكيم ان تتركوني بحالي ساخرج معك ." قال : ـ " لن اعاهدك بشيء، ونحن لا نتدخل في حياة احد، لقد قتلت اثنين من ابناء عالمنا وهذا لن يمر بسهولة، ولكني ساساعدك قدر استطاعتي .." فكرت قليلا وتذكرت القطط التي قتلتها باوامر من الجني نور، وما مر علّي من مصاعب وقلت له: ـ "ايها الحكيم المحترم انا لم اخطط ولم اتآمر ولم اقتل ابناء عالمك، هم الذين فعلوا ذلك ودفعوني لذلك، انا لم اتدخل في حياتكم، انتم الذين فعلتم وقلبتم حياتي الى جحيم، وصدقني على الرغم من ان اللعبة ليست لعبتي واني مجرد اداة لا اكثر ولا اقل، الا انني اشعر بمتعه غريبة في ان اعرف اكثر، ولا مانع في ان اقامر بحياتي من اجل خطوة واحدة خلف هذه البوابة العظيمة، لهذا سابقى مع مرح حتى النهاية، وشكرا لك ايها الحكيم على عرضك بمساعدتي.". هز الحكيم "دابارا" راسه وقال: ـ " يابني هذه البوابة ليست لك وليست لي ولا لها، لهذه البوابة صاحبها الذي سيدخل منها يوما ما، فابتعد يابني.". 
والتفت باتجاه مرح وقال ـ يا ابنتي تراجعي فانت تسعين خلف سراب . هزت مرح راسها وقالت: ـ " لا خيار لي... لا خيار ". قال : ـ "يا ابن البشر، ويا حارسة ابواب الشر ،خيرتكم فاخترتم ولكم ما اخترتم .". واستدار وسار بخطى واثقة وعاد من حيث اتى، ونحن نتبعه بعيوننا حتى اختفى عن الانظار، ولفت انتباهي ان الحكيم "دابارا " اشاح بنظره كل الوقت الذي حدثنا فيه ، ولم ينظر الى الاقواس او البوابة حتى ولو نظرة خاطفة. سألت مرح عن سر هؤلاء الذين ظهروا على الاقواس الخمسة، وما سر بكائها حينما راتهم، والندم الذي اصابها، وعن كلام الحكيم دابارا عنهم ؟ وقلت لها : ـ " ان الاقواس تحرسها قوة حراسة لا تهزم، وانا ارى ان على الاقواس اشخاصاً لا يبعثون على الخوف، بل على العكس، يبعثون على الطمأنينة والسلام .."... من هم يا مرح ولماذا تخشينهم؟ قالت بلهجة حزينة: ـ " لا تسالني عنهم يا حسن، لا تسألني، كفاني الماً، ودعني اقتل ما تبقى بداخلي من مشاعر او اقتل نفسي وارتاح من هذا الموقف الذي انا فيه .". لاحظت في هذه الاثناء ان مرح تتحاشى النظر ايضا باتجاه الاقواس، وحينما تخطف نظرة سريعة تنكس راسها الى الارض خجلاً واحتراماً ، ولم يبد عليها الخوف منهم، ولكن شيئا اكبر من ذلك، فمرح لم تخش الوحوش، ولا تلك الامور التي تخيف، ولم ارها ترتعش او تهتز امام أي موقف ... وما يحدث يثير فضولي اكثر بسر هوية هؤلاء الاشخاص ؟ تململت مرح وسارت عدة خطوات وخاطبتني قائلة بعد ان مدت يدها اليسرى 


" السر الاكبر " 
" انظر يا حسن الى هذه اليد التي بها سافعل ما لم يفعله احد من قبل، وستصبح يدي هذه مثلا عبر الاجيال، وربما يقولون " اقذر من يد مرح، او اقوى من يد مرح"، فليقولوا ما يقولونه وليحدث ما يحدث، فاسمي لن يزول الى الابد.". رفعت يدها اليسرى وضمت اصابعها الا السبابة والابهام، والاشخاص "السبع الصفر" يقفون امامها كالاصنام. قالت بلهجة عنيفة: ـ " بأسمي انا مرح حارسة ابواب الشر، وبموجب صلاحياتي وبما انني الحاكمة الوحيدة والمخولة بتحريك واصدار الاوامر للعقرب بما اقرره واراه مناسبا، آمركم بأبادة هؤلاء الاشخاص الخمسة ابادة كاملة . الامر نفذ .. الامر نفذ . . ابيدوهم ... !!!" اخذت تصرخ بجنون وبصوت عال: ـ ابيدوهم ..أ بيدوهم .. ابيدوهم .. تحرك العقرب باتجاه الاقواس الخمسة بسرعة، وللحظة اردت ان اغمض عينيّ حتى لا ارى المجزرة الرهيبة التي ستقع لهؤلاء، ولكن الفضول، او ربما لانني اعتدت رؤية القتل بهذه الطريقة الغريبة ، بدأت اجد متعة في ذلك ، أخذت انظر واترقب، كان الاشخاص "الصفر السبع" يسيرون بسرعة لا مثيل لها باتجاه الاقواس الخمسة لابادة من عليها .. لحظات هي او ثوان، ومئات الصور تمر بمخيلتي لما سيحدث، والاشخاص الصفر يسيرون باتجاه الهدف، والاشخاص الخمسة اصحاب الهيبة والوقار لم يبد عليهم أي جزع او خوف، وهم يرون العقرب متجهاً اليهم، وبخفة وهدوء، وبطء وثقة، حرك الشخص الاول من الاقواس الخمسة يده حركة صغيرة بالكاد ارتفعت، او ان اصابعه هي التي تحركت، لتعود الاصنام السبعة بسرعة فاقت سرعة ذهابهم، ليحيطوا بنا من كل الجوانب، ومرح مذهولة مما ترى، وكأنها لا تصدق عيونها ، يلتفون حولنا على شكل دائرة، يسيرون بخطوات متسارعة لتضيق الدائرة علينا اكثر واكثر، حتى ان الدائرة بالكاد تتسعنا انا ومرح بعد ان جرى تضييق الدائرة ، واقتربنا من بعضنا البعض، كل هذا حدث في لحظات او ثوان.. الرعب والخوف الذي برق في عيون مرح وبدا على وجهها ، زاد يقيني باننا هالكون، والافكار التي تدور براسي بسرعة تفوق سرعة الضوء، كلها تركزت حول الطريقة التي سيبيدوننا بها .. اغمضت عيني وبدأت ادعو الله ان يغفر لي، ولم يخطر ببالي او لم يكن عندي امل بان ادعو لنفسي بالنجاة من الموت، بقيت على حالي هذا لدقائق ، ثم تجرأت وفتحي عيوني لارى وجه مرح المرعوب، و"السبع الصفر" يحيطون بنا، ولكنهم تحولوا لاصنام جامدة، لا يبدون أي حركة ولا يتركون لنا مخرجا نخرج منه، مضى وقت طويل وانا ارقب ولا أتكلم حتى فتحت فمي وقلت لمرح : ـ لقد صدق الحكيم دابارا واخطأت انت .. 
ـ "لم اخطيء انا .." 

ـ او ما زلت تكابرين .. 
ـ "كلا، الم اقل لك ان نهايتنا ستكون واحدة.". 
ضحكت مرح وضحكت معها، وما اجمل الضحك في وجه الموت اللعين، اخذت اضحك وتضحك مرح معي، وكم كانت مشاعري متناقضة وغريبة، فانا انظر لمرح خائفاً عليها من ناحية، ولكني مسرور لأحساسي بأن مرح مثلي وليست افضل مني ، وستلاقي معي نفس المصير.". وتعالى صوت ضحكاتنا وكأن جنوناً قد اصابنا. ولم يعد هناك ما نفعله بدل الترقب الا السخرية والضحك على مصيرنا المشؤوم .. ـ مرح ، ليش جماعتك " لهلأ ما فغصونا" ؟. 
ـ "مش عارفه، كان لازم يعملوا هيك .". 

ـ وهو انت لسة عارفة اشي ؟. ـ "آه، في اشي انا بعدي عارفتوا ..". سالتها : ـ شو هو ها الاشي الي انت عارفتيه يا عرافة زمانك ؟ 
ـ" انو اكيد لازم "يفغصونا"..". ضحكت بصوت عال وضحكت معها .و قلت لها : ـ طيب شو رايك ترفعي ايدك وتعملي شويةحركات ، زي اللي كنت تعمليها بلكي عفّوا عنا... 
ـ "فات الاوان مش راح ينفع ..." ـ أي بس جربي .. وقولي انا مرح الحارسة.. والكلام اللي انت حافظتيه ، مش راح تخسري اشي، بلكي ردوا عليك . 
ـ "مش راح ينفع يا حبيبي، مش راح ينفع .." 
. قلت ساخرا : ـ أي يالله يا مرح دبري حالك، ولا نسيتي انك مرح ، ومرح لما بدها إشيء... بتعملوا .. 
ـ "كان زمان هلأ انا مرح الى "حتنفغص" معك " 
ـ مش لو انك شاطرة رديتي على الحكيم "دابارا " ورحتي معاه وانا روحت على داري مش كنا ارتحنا؟ 
ردت ايضا بسخرية : ـ "شو يا حسن انت بدك انسجن طول عمري؟ شو انا مجنونة." ـ " ابدا معاذ الله تنسجني، شو هم مش عارفين انك مرح .". ـ "شو يا حسن انت زعلان يا حبيبي على شأن رح نتفغص سوا . 

" ـ " ابدا ، معقول انا اكون زعلان بالعكس الفرحة مش سايعتني .". ـ " شفت، انا حققتلك اللي عمر حد ما حلم فيه . 
ـ بصراحة مزبوط، طيب قولي لي ليش انت ما تختفي زي كل مرة ولاّ تتحولي لدخان، ما انت دايما بتعملي هيك .". 
ـ "يا روحي، مع الصفر اللي حولينا ما في شيء بينفع الا انك تسكت، حتموت يعني ح تموت .". 
وتلاشى الضحك والمزاح وعدنا للحقيقة المرة التي تنتظرنا.. الموت المحتم على ايدي هؤلاء الاصنام الصفر، التي لا ندري متى وكيف سيبيدوننا. واخذت اشتمها:" لعنة الله عليك وعلي يا مرح لماذا لا يسرعوا ويقتلوننا حتى ارتاح.. واخذت اصرخ في وجوههم: ـ " لماذا تقفون كالاصنام؟.. هيا اقتلونا ... اقتلونا.". واصبت بنونة من الغضب، واخذت اصرخ والعن واشتم، وانا مستفز من الصمت الذي يقتلني في كل لحظة الف مرة، وانا انتظر ان تتحرك هذه الاصنام لتبيدنا، ولكن لا حياة لمن تنادي، وامسكت مرح يدي لتهديء من روعي 
وتقول: ـ " كفى يا حسن ..ارجوك لن ينفعك الصراخ، يبدو ان الاوامر لم تصدر لهم لابادتنا، والا لحدث ذلك منذ وقت .". ـ ومن يصدر الاوامر الان ؟ اشارت بيدها باتجاه الاقواس وقالت : ـ "هم من يملكون القرار ومصيرنا بيدهم ولا ادري ماذا ينتظرون.". ـ وانت.. الست خائفة ؟ قالت بصراحة : ـ "كنت في البداية خائفة، اما الان فأنا لا اشعر باي نوع من الخوف، لا يوجد شيء لاخسره، وقد فعلت ما اريد انا ولم انجح، وكنت اعرف ان نهايتي ستكون سيئة ان لم انجح، فلماذا اخاف .. ان كان يجب ان اموت ساموت بشجاعة .. لم اعرف الهزيمة يوما، ولن اعرفها حتى في موتي ونهايتي، لقد فشلت في وصولي لهدفي، ولكني لم اشعر بالهزيمة لأن الذي هزمني يستحق ذلك .". 
ـ "والان يا مرح ماذا سيحدث؟ هل سننجو ام سنموت... ومتى... ولماذا الانتظار ...". ـ "لكل شخص نهاية، هي اتية لا محالة، فلا تهرب من نفسك وواجهها، واستقبل النهاية بقوة وشجاعة، ولا تدعها تهزمك .". ـ" افهم من كلامك ان لا امل ؟". ـ نعم يا حسن لا يوجد امل، "فالسبع الصفر" لا يتحركون الا للابادة والقتل، وقوانين عالمنا تسمح لهم بابادتنا، وهؤلاء بالذات بعد القانون وقبله، وانا وانت قمنا بالقتل، كل على طريقته، وتجاوزنا الممنوع، ودخولنا الى هذه المنطقة بالذات، "بوابة الشر" ، يسمح بابادتنا تلقائيا وبغض النظر عن كل ما ذكرت، فنحن قد علقنا هنا، ولا طريق للعودة، ولا طريق للتقدم، وايضا بهذه الطريقة قد انتهينا". ـ "انت قتلت، هذا صحيح، ولكني انا لم افعل هذا بمحض ارادتي،أنتم سيطرتم علّي ودفعتموني لذلك، فما ذنبي انا ؟". ـ "لا تكن كالاطفال، لقد قتلت بمحض ارادتك ولم يجبرك احد على ذلك، ولا حتى نور،صحيح ان هناك تأثير، ولكن حتى هذا بمحض ارادتك وانتهى، انت تعلم ذلك جيدا ". قلت لها ولم يتبق من الكلام ما يقال الا أي كلام والسلام، لاهدار الوقت حتى يحين موعد الاعدام: ـ اصدقيني يا مرح، هل كنت فعلا ستقتلينني لو نجحنا ودخلنا بوابة الشر. ـ " كنت سافعل ذلك، لا لاي سبب، ولكن لانك كنت الشاهد الوحيد على قتل نور والقطط، ولو وقعت في ايديهم فسيعرفون كل ما حدث من خلال دماغك، ولكن بعد حضور الحكيم "دابارا" الامر لم يعد سرا، ومجلس الحكماء علم بالامر ، فلم تعد هذه الفكرة قائمة، ولم يعد لدي سبب لقتلك، لانك لا شيء، ولا تشكل اية خطورة من أي نوع.". 

سألتها: ـ "لماذا لم تقتلي الحكيم "دابارا " وكان بامكانك ذلك وخاصة انه قد عرف، لماذا تركتيه يذهب؟". 
ـ" لم اكن لافعل ذلك ابدا، فهو ليس مجرد حكيم، انه جدي والد والدتي، ولنقل لو اردت ان اقتله فماذا كنت ساستفيد، ان علم الحكيم فهذا يعني ان مجلس الحكماء بأسره قد علم، وماذا تظنني؟ انا لا اقتل يا حسن لمجرد القتل، ان لم يكن السبب يستحق ذلك ما كنت افعل." 
ـ ماذا يوجد خلف هذه البوابة بالضبط ؟ 
أجابت : ـ "انا لا اعلم، كل ما اعلمه انه هناك توجد قوة الشر، وكل من ملكها يستطيع السيطرة على عالمنا، فهذه القوة تمتاز بخواص عالمنا وعالمكم، وهي سر دفين منذ الاف السنين .". 
ـ "ومن هؤلاء الذين ترددت كثيرا لتقومي بقتلهم .". ـ " انهم " السر الاكبر " المختفي منذ ازمان، ولا اريد الحديث عنهم، ولا تسالني .". ـ "اصدقيني يا مرح، هل كذبت علي بأي شيء يخص غادة .؟". 
ـ "كلا يا حسن، لم اكذب عليك بخصوصها، فغادة احبتك فعلا وضحت من اجلك وسجنت، وهي الان موجودة في السجن الذي لا يخرج منه احد، ولم يكن بمقدوري مساعدتها برغم مكانتي العالية في عالمي، وغادة اختي فعلا، وكانت بالنسبة لي اهم شيء في حياتي رغم اني كنت استسخفها دوما، واعتبرها ضعيفة، لقد كانت رمزا للحب والعطاء مثلما كنت انا رمزا للقوة والشر، ولا اخفي اني كنت احيانا اقلدها، ولكنها كانت تكره سلطة "الكاتو"، وكانت تكره النظام، لقد كانت تشعر دائما بان عملي في سلطة "الكاتو" قد اخذني منها وابعدني، ولو كنت بجانبها واعطيتها الوقت لما تورطت معك، وكان هذا مصيرها، ويا للسخرية: رمز الحب انتهى في سجن، ورمز الشر كان سينتهي في نفس المكان ولكنه سينتهي الى الابد، وانت يا حسن محظوظ، فبسببك انتهت غادة الحب، وامامك ستنتهي مرح". سألتها: ـ " لو سألك هؤلاء الاشخاص قبل ان يقتلوك: ماذا تتمنين، فماذا ستطلبين ؟". ـ "ان لا يعرف احد قصتي وما فعلت.. وانت يا حسن ماذا كنت ستتمنى ؟" ـ "ان يتركوا غادة وبصدق لا اريد شيئا اخر .". ـ "لو حصلت على قوة الشر لكنت استطعت ان اخرجها من محنتها..". فأطرقت بالتفكير وانا اتأمل هذه المخلوقة، واتساءل في نفسي عن حقيقة مشاعري تجاهها، هل انا اكرهها ام احبها ، اشعر انها سبب دماري ونهايتي، اتأملها وهي تقف امامي،" والسبع الصفر" حولنا،واننا في أي لحظة سنصبح جزءاً من الماضي، واقفة تنظر الى السماء شاردة الذهن، انا اعلم بل على يقين، بانها حزينة وخائفة ومهمومة ومرعوبة اكثر مني بكثير، ولكنها حتى اللحظة الاخيرة تحاول ان لا تظهر امامي ضعفها وهزيمتها، حتى وهي تنتظر الموت تتصنع الانتصار، وكانها تقول: لن تهزموني حتى في موتي، لن تروا الهزيمة، انا اعلم ان الحقيقة غير ذلك، وارى انها تود ان تبكي وتبكي على النهاية التي وصلت اليها، لا افهم لماذا اشفق عليها اكثر من اشفاقي على نفسي، وانا اواجه نفس المصير، هل لاني ابن بشر ومشاعرنا نحن البشر متناقضة تتأثر بالموقف والحدث الذي نحياه، وتتغير مشاعرنا في كل لحظة وحسب الظرف، او ان اشفاقي سببه انها كانت مثالا للقوة التي لا تهزم واصبحت في لحظات لا شيء؟.. اتأملها من جديد، من اخمص قدميها حتى راسها في جو من الصمت الرهيب في انتظار الموت.. فجأة.. دبت الحياة في "السبع الصفر" ،وتحركوا ودب الذعر والخوف في قلبي لدرجة ان ساقاي لم تعد قادرة على حملي، وسقطت على الارض، وقلبي يخفق ويدق بقوة، ومرح رفعت راسها الى فوق واغمضت عيونها ووقفت بشموخ وكبرياء.. تحرك "السبع الصفر" مزق الصمت، ومزق معه قلبي، في لحظات، او اقل من لحظات، وددت ان اصرخ فلم استطع، لان صوتي لم يتحرك من حنجرتي، تخيلت كيف سيقتلونني ، تحرك الرجل الاصفر وابتعد عنا ما يقارب المائة خطوة ووقف، لحقت به المرأة الصفراء، ولحق به الرجل الاصفر الثاني، ولحقته المرأة الصفراء الثانية، ثم الرجل الاصفر الثالث، وهكذا دواليك، حتى وقفوا جميعا بجانب بعضهم البعض، وقاموا بالاصطفاف على شكل رقم ثمانية بالعربية، ومرح ما زالت ترفع راسها وتغلق عيونها .. امسكت بساق مرح وهززتها، لم تتحرك، امسكت بها بكلتا يدي لالفت انتباهها لما يجري، ولكنها وقفت ساكنة، صرخت بها قائلا : ـ "انظري يا مرح ..". فتحت عيونها ونظرت الّي، لم تر "السبع الصفر".. ذهلت والتفت الى حيث ركزت عيوني واخذت تترقب معي، وانا لا افهم ما يحدث، هل ابتعدوا حتى يهجموا علينا ويبيدوننا، تخيلتهم كالثور في حلبة المصارعة كيف يبتعد ويستعد للهجوم ... ثم يهجم . انهم الان يصطفون استعداداً للهجوم، تخيلت انهم وقفوا على شكل رقم ثمانية ليشكلوا مقصا ليقصوننا، او انهم يتشاورون عن كيفية الطريقة التي سيبيدوننا بها، لحظات حتى بدأوا يغوصون في بطن الارض رويدا رويدا، الاقدام ثم السيقان، لم يعد يظهر منهم سوى الرؤوس، وهم على نفس الطريقة التي اصطفوا بها، ثم اخذ ما ظهر منهم بالغوص في عمق الارض، حتى اختفوا تماما، وبعد ذلك ظهر دخان عبق المكان الذي اختفوا فيه، واخذ الدخان يدخل خلفهم في جوف الارض ايضا، حتى اختفى . اخذت اسأل مرح كالاطفال الصغار : ـ "وين راحوا .. وين راحوا ؟". ومرح لا تجيب، اخذت انظر حولي لأتأكد إن كنت احلم، واحث مرح ان تكلمني، ولكن مرح جلست على الارض واجهشت بالبكاء كطفلة صغيرة، وبصوت عال، بعد ان اخفت وجهها بكفيها، واخذت تبكي بحرقة وبطريقة هستيرية، تهز راسها وتضرب بيدها على فخذيها وتعيد كفيها على وجهها، وتبكي ودموعها تسقط بغزارة ، لم ار في حياتي مثل هذا البكاء وهذا الحزن، الا مرة واحدة قبل سنين طويلة، حينما بكت خالتي ونحن ندفن ابنها الذي مات في حادث سير، ومرح ما زالت تبكي، حتى ان ما اراه امامي من تصرفات مرح قد انساني كل لحظات الخوف والموت التي مرت قبل دقائق، واخذت اصرخ فيها: ـ " ارجوك ..كفى.. كفى.. ماذا حصل؟ ..ماذا حصل ؟..". قالت وهي تبكي . قالت وهي تبكي: ـ لن يقتلونا.. لن يقتلونا تفاجأت من كلامها وقلت: ـ " ولماذا تبكين؟". فنظرت الّي ورمقتني بنظرة فيها كل حزن الدنيا ودموعها وضعفها ويأسها وقالت : 

ـ " لقد قتلوني بهذه الطريقة اكثر من قتلهم لي لو فعلوا .". 
ذهلت اكثر ،ولم استطع ان افهم هذه الجنية ولا تصرفاتها الغريبة، وقفت تتحدى الموت بكبرياء وشموخ، ولم تسقط لها دمعة واحدة، واصابها الحزن والضعف حينما علمت انهم لا ينوون قتلها، انا لم اعد افهمها. مضى وقت حتى عادت مرح الى حالتها الطبيعية، الحزن ما زال يخيم على الاجواء، ويظهر بوضوح على ملامح مرح وفي عيونها. بدأت اسالها لعلي افهم ما يحدث، ولا يوجد احد يفسر لي هذه التصرفات الغريبة غيرها ... قلت : ـ "مرح ماذا حدث .. وماذا يحدث وماذا سيحدث ؟". 

ـ ان ما رايت وحدث "للسبع الصفر" هو انه اعيد تجميدهم من جديد، واعادتهم الى مكانهم الاول الذي كانوا فيه، وانهاء دورهم وسحب القوة منهم ليتم ابادتهم، وهذه هي الطريقة المتبعة في انهاء الشيء او قبرة، وايضا لقد قرروا ان لا يقتلونا، وهذا واضح من خلال ما حدث، "فالسبع الصفر" لا يحضرون ويظهروا ويتحركوا الا للابادة، وهذه هي المرة الاولى التي يتحرك بها " الصفر" ولا يبيدون، لقد قرروا ان لا يقتلونا يا حسن.." قلت مستغربا والفضول يشدني لمعرفة حقيقة هؤلاء : ـ "من هم يا مرح؟ ". 
ـ "هم يا حسن السر الاكبر المختفي منذ ازمان، ولو بقيت تسألني طول عمري لن اجيبك ..!". 
ـ ولماذا ؟ 
ـ "لا تسألني ارجوك ؟!!". 
حيرتني اكثر واكثر بالغموض الذي يحيط بهؤلاء وبحقيقتهم وبوصفهم بالسر الذي اختفى منذ ازمان، ويئست من ان احصل منها على اجابة تروي ظمأ فضولي فسالتها : ـ "والان ماذا نفعل ؟". ردت قائلة : ـ " انا حائرة يا حسن، انا حائرة لا ادري ماذا نفعل، اشعر بضياع لم اعهده من قبل، قل لي انت ماذا نفعل؟ قل لي..".
ابتسمت وضحكت: ـ "انا اكبر "طرطور" في الوجود اقول لها ماذا تفعل يا لسخرية الاقدار مرح تسألني انا ماذا نفعل..". وسألت نفسي فعلا ماذا يمكن ان نفعل؟ التفت بأتجاه الاقواس من حيث تقف، وكان الاشخاص ذو الهيبة والوقار قد اختفوا، فقلت لها: ـ " انظري يا مرح جماعتك اختفوا، ولمعت برأسي فكرة خاطفة، فقلت لها: انهم لا ينوون قتلنا فلم نخاف.". 
ـ " نعم لا ينوون قتلنا، ولكن لن يمنعونا ان نقتل انفسنا، فان كانت هناك منطقة ممنوعة ومن يدخلها يموت فسنموت .". 

ـ " كلا يا مرح ان احساسي يقول لي ان هناك شيء اكبر من ذلك بكثير، ويبدو لي ان كل ما علمتيه في السابق لا يتعدى امورا بسيطة في عالم كبير. تعالي فلا يوجد شيء نخسره ...". 
ابتسمت مرح وقالت: ـ "ودار الزمن يا حسن لتسير مرح خلفك، هيا لنرى اين سيقودنا احساسك ..". سرنا باتجاه الاقواس الفارغة، وسالتها: ـ "أي قوس يؤدي الى بوابة الشر؟" 
ـ" لا اعلم، ماذا يقول لك احساسك ؟". 
ـ "هيا خلفي..". واردت ان ادخل القوس الثالث، فامسكت بكتفي وقالت: ـ يا مجنون الى اين ؟ اتريد ان تدخل البوابة برغم ما حدث . ـ "نعم وهل هناك بديل اخر، ان ارادوا ان يمنعونا سيفعلوا، فلم لا نجرب .". ـ "ولكن ان دخلنا القوس الخطأ، فسنتوه طوال العمر، وسنموت ونحن نبحث عن مخرج ولن نجده.". قلت لها : ـ "سيري خلف احساسي وسنعرف النتائج بعد ذلك.". هزت راسها وابتسمت وقالت: ـ "هيا نرى احساسك الى اين سيقودنا..". 
خطوت لادخل القوس الثالث فظهر امامي شاب وسيم بهي الطلعة يرتدي زياً كزي اهل الباكستان، لونه ابيض موشح بثلاثة خطوط ذهبية، وعلى شفتيه ابتسامة ساخرة وقال : ـ " اذهب وادخل من الباب الثاني." وقفت امامه مبهوتا وهو يبتسم ساخرا، شدتني مرح من قميصي الى الخلف 
وقالت: ـ "هيا ندخل من القوس الثاني" ، فنظرت اليها وقلت: ـ "لا تكوني غبية، احساسي يقول انه القوس الثالث، وبما انه ارشدنا الى القوس الثاني فمعنى هذا انه لا يريدنا ان ندخل من عنده لانه القوس الصحيح..". ارادت مرح ان تتكلم ولكني قاطعتها وقلت : ـ "تعالي لاريك صدق كلامي، سنجرب ان ندخل من القوس الرابع او الخامس او الاول لأثبت لك انهم لن يمنعونا من دخولها لانها الاقواس الخطأ، وهذا ما يريده.". اندفعت باتجاه الباب الرابع ولم اكن انوي دخوله، وما ان وقفت امامه حتى ظهرت امامي فتاة ترتدي فستاناً موشحا باربعة خيوط
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 4:47 pm

قلت لها: ـ لا شكرا، لقد فهمت بما فيه الكفاية . بعد عشرة دقائق من تحركنا، وصلنا الى بيت كبير وكـأنه القصر، ولكن ما لفت الانتباه ان هذا البيت مصنوع من الزجاج بكامله، الابواب الجدران الشبابيك السقف، وكذلك الارض مرصوفة بزجاج...فتح لنا الشاب البوابة ,وقال: ـ تفضلوا ... دخلنا البيت، وعاد الشاب والفتاة من حيث اتيا، يتمازحان ويضحكان ويتحدثان بلغتهما الغريبة , اخذت اتأمل البيت، وكأنه اية في الجمال والذوق الرفيع، جلسنا على المقاعد لعدة دقائق، حتى اقبل شاب يرتدي الاسود بالاسود، اقترب منا ودون ان يتكلم, وبأشارة من يده فهمنا انه يطلب ان نرافقه. سرنا خلفه عبر ممر واسع الى ممر ضيق، ودخلنا صالة ضخمة مليئة بمئات المقاعد ونوافير الماء ,قاعة من الكبر بحيث تتسع لألف شخص مجتمعين معا ,والغريب ان البيت حجمه من الخارج، لا بدل على انه يتسع لمثل هذه القاعة. اشار الشاب الاسود لنا باشارة فهمنا منها انه يطلب منا الانتظار, انتظرنا خمس ساعات ، وبعد ذلك حضرت الينا فتاة وطلبت منا ان نرافقها, سرنا معا ما يقارب النصف ساعة بين ممرات وصالات ضخمة تبهر الابصار بجمالها، وكأن هذا المكان يسكنه الملوك . وصلنا الى حديقة ضخمة لم ار في حياتي ولا في احلامي اجمل منها، باشجارها وبأزهارها وبتناسقها، والعجيب ان هذه الحديقة لم تكن خارج البيت بل داخله, وهناك طلبت منا الفتاة ان ننتظر ,وعادت من حيث اتت، وما كادت تغيب عن ابصارنا حتى حضر شخصان يبدو عليهما انهما قد بلغا السبعين من العمر. تحدث احدهم وطلب ان نرافقه, سرنا لاكثر من ساعة بين اشجار طويلة وعملاقة، لم استطع ان اميز اين يصل ارتفاعها، لا ادري هل هذا بسبب الظلام، ام انها نمت داخل هذا البيت العجيب؟ بطريقنا نور يضيء المكان بلون اخضر لا ادرك مصدره، ربما كان انعكاس الشمس على لون الاشجار الخضراء لينعكس هذا النور ..دون سابق انذار او رؤية مسبقة وجدنا انفسنا امام سورحجري لا اول له ولا آخر، ولا تصل رؤية العين الى اين ينتهي طوله او ارتفاعه، طلب منا احد الرجلين ان ننتظره، وعادا من حيث اتيا... السور مبني من حجارة عملاقة، وباشكال هندسية جميلة ذات الوان داكنة، فن معماري دمج فيه الماضي بالحاضر، احجار برزت، واحجار مالت من جانب متقاربة ومن جانب متباعدة، وانا أتأملها، فجأة، تحركت سبع حجارة من الصف السفلي للسور، محدثة صوت صرير قوي، وفتحت من خلفها سبع بوابات، وكان هاتفا نادانا ان ندخل، او قوى خفية دفعتنا للدخول خلف النور المنبعث من داخل الابواب، دخلت من بوابة دون قرار مني، وكذلك فعلت مرح، ودخلت من بوابة اخرى غير التي دخلت منها، ووجدنا انفسنا خلف السور، ولم يكن من الممكن ان نرى شيئا بسبب الضباب الكثيف الذي ملأ الجو. لم اكن ارى مرح، واظن انها ايضا لا تراني .. بدأ الضباب يتلاشى، و الشمس تظهرمن وسط السماء لتملأ المكان نورا، لم تحتمل عيوني نور الشمس الساطعة, فوضعت كفاي على عيوني لاحميهما من اشعة الشمس، خاصة واني لم ارها منذ وقت ليس بقصير، حرارة الشمس اقوى من التي اعتادها جسمي، وكان المكان اقرب الى الشمس من أي مكان اخر على الارض. ظهر هذا على الارض المحروقة الخالية من أي نوع من انواع الحياة، والممتدة على طول البصر، لم يكن هناك ظل نستظل به، حتى السور لاظل له، وظله بالاتجاه الاخر للسور . الابواب التي دخلنا منها اغلقت من خلفنا، ولم نعد نستدل مكانها. نظرت الى مرح ونظرت الي، ونفس السؤال عندي وعندها، هل هذه هي النهاية؟ لم تتأثر مرح من حرارة الشمس، انما نور الشمس الساطعة لم تعد تحتمله اكثر، فهي تهرب بعيونها وتخفيها، وتبذل كل الجهد لتحمي عيونها، وكان عيونها لم تعتد مثل هذا النور، فقلت لها: ـ هل خدعونا ليوصلونا الى هذا المكان؟ وهل هذه ارض جهنم التي سمعنا عنها؟ ـ "لا اعتقد ذلك، لو ارادوا ايصالنا الى هذا المكان لفعلوا هذا منذ البداية بلحظات دون عناء، اصبر لنرى ماذا سيحدث". 

ـ لا اعتقد اني سأحتمل اشعة الشمس لساعة واحدة. ـ "لا خيار امامنا الا الانتظار والصبر، فلا مكان نذهب اليه وانا اعاني ما تعانيه وربما اكثر منك، فانا لم اعرف الشمس طوال حياتي ،ولا استطيع ان احبها الا في الظل، فان كانت قدرة احتمالك للشمس ساعة فقدره احتمالي لها اقل من ذلك بكثير". ـ يبدو انهم عمدوا الى ذلك حتى نذوق نفس العذاب". فردت: 
ـ " لا اعتقد انهم يسعون الى ذلك". لم اعد احتمل، وكذلك مرح، اردت الجلوس على الارض ولم احتمل حرارتها، وفضلت الوقوف، نظرت من حولي ووجدت ان الارض قد تغيرت، ملامحها سوداء جرداء محروقة، حتى الصخر والحجر لم يخف ما حل عليه من فعل الشمس، انها لا بد ان تكون ارض جهنم الجرداء الحارة اللا متناهية. قلت لمرح: ـ لما لا تخلعي ثوبك لنرفعه بايدينا ونستظل به من الشمس وتحمي عيونك، فحرارة الشمس لا تؤثر بجسدك مثلي انا. 
فابتسمت وهي تظلل عيونها بيديها وقالت: ـ" ا ن طلبك مهين" . 
ـ وما الاهانة في طلبي، اتخجلين؟!! 
ـ " لو اني لا اعرف مدى سذاجتك لرددت عليك الرد المناسب". فوجدت في هذا الحديث متعة قد تستطيع ان تلهيني عن العذاب الذي انا فيه، واردت ان اكمل حديثي الا ان انفتاح باب بالسور لفت انتباهنا وقطع حديثنا، انفتح باب من السور وخرج منه رجل طويل القامة، في ملامحه القوة والشدة والحزم، وكأنه قائد جيوش العالم، سار باتجاهنا وطلب منا بلهجة الامر ان نتبعه. كان يسير وكأن الارض ترتعد من تحت اقدامه... تبعناه المسافة تزيد عن المئة متر، فوجدنا انفسنا تحت ظل يحجب الشمس، وكان هذا الظل مظلة خفية لم نكن لنرها، وتحت هذا الظل طاولة شبه مستديرة، ومجموعة من الكراسي يزيد عددها عن عددنا، مصنوعة من الحجر الاحمر من الرخام، طلب منا ان نجلس، او بالاحرى، امرنا بحزم ودونما مجاملة ان نجلس ، جلسنا وكان الجو رطبا، فاردت ان اساله، ولكن قبل ان انطق الكلمة الثانية بعد الاولى قال لي بطريقة تحقيرية: ـ " اصمت ولا تتكلم".. تغيرت ملامح مرح وبدا عليها الامتعاض للطريقة التي عاملني بها، وظهر الكبرياء المعتاد في عيونها، ربما كان هذا لانها شعرت بانه سيعاملها بالمثل لو انها تكلمت ، نظر الينا هذا الشخص وقال 

ـ "انا "برصاد" الحارس الاول لهذا السور، والمساحة التي يمتد اليها ظله، وانتم الان تجلسون في منطقة مسؤوليتي، ولم يحدث منذ ان استلمت قيادة السور ان استطاع احد ان يخطو خطوة واحدة خلفه، او حتى يلمسه من الخلف أيا كان ومن أي عالم كان، وكان يكفي التفكير في ان يجتازه احد لتكون نهايته، ولكن لقد صدرت لي الاوامر ان اسمح لكم بدخوله، وبرغم ان هذا يؤلمني الا اني نفذت الاوامر، وكنت اتمنى لو انكم وصلتم الى هنا ولم تكن هناك اوامر تقيدني، لكنت جعلت منكم شيئا من لا شيء، و"صراره"(بحصة) صغيرة في احدى حجارة هذا السور، واتمنى ان تسنح لي الفرصة يوما لالقاكم من جديد، وتكون لي الحرية لافعل بكم ما اشاء، والان اطلبوا ما شئتم مما استطيع ان انفذه وارحلوا من هذا المكان، واني احذركم، بانه لو غربت الشمس واشرقت ،وانتم لم تتجاوزوا حدود ظل السور فساعيدكم الّي لتعرفوا من هو "برصاد"، سأعيد عليكم كلامي حتى يكون واضحا، وان لم تفهموا شيئا فأسالوا حتى تفهموا، غدا حينما تشرق الشمس سيكون للسور ظل، ولو كانت قدم احدكم ما زالت على الظل فان لي الحرية لاعيدكم وافعل بكم ما اشاء، هكذا هي الاوامر، وانا اتمنى ان لا تنجحوا وتتخطوا ظل هذا السور، حتى استطيع ان استضيفكم في جهنم "برصاد"، افهمت يا حسن يا ابن صفية، ويا "كونته" ابنة نازك"؟ فهزت مرح راسها باستخفاف وكانه لم يعجبها ان يخاطبها باسمها الحقيقي. فرد اليها هو ايضا النظرة بنظرة اشمئزاز وقال: ـ "الان ساحضر لكما الطعام والشراب ،لان جسدكم سيحتاجه في هذه البقعة".. وبعد لحظات حضر عدة اشخاص يحملون في ايديهم اطباقا مختلفة فيها من جميع اصناف الطعام الذي اعرفه، وفي اطباق اخرى طعام لم اعهد مثله من قبل، وضعوا الاطباق على الطاولة وانصرفوا دون كلام، وكنت فعلا قد شعرت بالجوع والعطش منذ لحظة خروجي من السور، وكأني عدت الى وضعي الطبيعي، الاطباق والشراب التي امامي كانت تختلف عن تلك التي وضعت امام مرح، بدأت اكل بشراهة واشرب ولا ابالي بوجود احد، وبعد ان اخذت حاجتي من الطعام والشراب لفت انتباهي ان مرح لم تمد يدها الى شيء، بل التفتت الى الاتجاه الاخر شاغلة نفسها بالعبث بشعرها، وكانه لا يهمها احد او شيء، فالتفت اليها برصاد وقال : ـ "كلي يا "كونته" هذا الطعام الذي اعتدت عليه بعالمك، انا اعلم انك بحاجة اليه". رفعت مرح حواجبها وزمت شفتيها وحركت عيونها باستخفاف كبير "ببرصاد" ، تنهد برصاد وقال: لست الا حشرة مغرورة ... ووجه حديثه لنا الاثنين : ـ "هل تريدان شيئا قبل ان اذهب "؟ قلت له : 
ـ اريد ان اعرف الى اين تصل حدود ظل السور ؟ 

قال لي : ـ " اعرف بنفسك "!! 
قلت : ـ نريد سيارة نقطع بها المسافة. ضحكت مرح من كلامي بطريقة استفزت برصاد، وعلمت فورا ان طلبي سخيف، فنظر الي وقال: ـ " لا توجد سيارات ". قلت : ـ اذا مظلات وماءاً وطعاماً وملابس تلائم المكان .. والتفتت الي مرح لفتة سريعة فهمت منها انها تريد ان اطلب لها شيئا حتى لا تطلبه هي منه . 
قلت : ـ وشيء يقي عيون مرح من الشمس . 
ابتسم برصاد وقال: ـ "ساحضر ما طلبته ولكن لن تحتاجونه". قلت : ـ بأي اتجاه يجب ان نسير ؟ قال: ـ "بأي اتجاه معاكس للسور سيروا". قلت : ـ هل مسموح ان نطلب جمالا نركبها؟ ضحكت مرح مرة اخرى من طلبي ...وقال برصاد: ـ "هل هناك شيء اخر "..؟ 
فكرت قليلا وقلت له: ـ "لا تنسى ان تحضر علبة سجائر وولاعة". ضحكت مرح بصوت عال، استفزت برصاد، فقال كاتما غيظه: ـ "ساحضرها لك". قلت له لا شعوريا : ـ " مارلبورو " اذا سمحت. ولكن كلمتي التي لم اقصد بها شيئا جعلت مرح لا تتمالك نفسها من الضحك، حتى كادت تسقط من على الكرسي ، ووقف "برصاد" على قدميه .. وقد خيل لي انه سيمسك مرح من شعرها ويرفعها عن الارض، ثم يلقيها ثم يدوس عليها بقدميه، لكنه تمالك اعصابه وغضبه، وتعمدت مرح ان تستمر بالضحك اكثر واكثر. قال "برصاد": ـ "الان ساذهب، واتمنى ان القاكم مرة اخرى "... سار "برصاد" باتجاه السور ومرح لا تزال تضحك وترفع صوتها. وما ان اقترب من السور حتى نادت مرح عليه وقالت : ـ لا تنسى " المالبورو" ... ـ مصاحبة الكلمة بضحكة متواصلة ـ والتفت "برصاد" الى مرح والشرر يقدح في عينيه، ودخل البوابة التي ظهرت من السور، وبعد دقائق خرج من السور عدة اشخاص، واحضروا ما طلبناه، وعادوا دون كلام، الا ان مرح قالت لهم وهي تضحك : 
ـ "سلموا لي على "برصاد"". والتفتت الي مرح وقالت: 

ـ "انت اشفيت غليلي منه، لأول مرة من معرفتي بك بدأت احب هبلك واسلوبك في الكلام "... 
ـ ليش ما انا كنت احكي عادي، وهو الي حكى: اطلبوا أيش بدكم. 
ـ " وبتروح تطلب سيارة... انت بتفكر حالك وين".. واخذت تضحك . ـ ولكن الم تخافي من غضبه وانت تقومين باستفزازه . 
ـ "اردت ان ارد اليه الاهانة، ولم تكن لدي طريقة اخرى، ولو كان مسموحا له ان يؤذينا لفعل ذلك دون الحاجة لاستفزازه ". 
ـ هيا اذا، لنسرع ونخرج من هنا، قبل ان ينتهي الوقت ونعطي الفرصة الى "برصاد" ليفعل بنا ما يشاء. ـ "لا تستعجل فلن تستطيع التحرك قبل ان تبدأ الشمس بالغروب، والا فقدنا قوتنا، وهو قد لمح الى ذلك حينما طلبت الاغراض وقال انكم لن تحتاجوها، فلن نحتاج الى المظلات بعد غروب الشمس. وبدأت مرح تاكل وتشرب من الطعام الذي رفضت ان تمد يدها اليه امام "برصاد"، وكأن كبرياءها منعتها من ذلك. استبدلت ملابسي وحذائي بالملابس التي احضروها، وكانها فصلت لتلائمني، وخلعت مرح ملابسها واستبدلتها امام عيوني التي ترقب جسدها الفاتن، الذي كاد ان ينسيني ما كنت فيه وما انا مقدم عليه، فقلت لها مازحا: ـ "ها انت قد خلعت ثوبك ولم تجدي بذلك مشكلة ولا اهانة، فلم يا مرح رفضت ان تفعلي ذلك حينما طلبت منك ان نستظل بثوبك من الشمس، ام انك خفت على جسدك ان يسمر من اشعة الشمس". فابتسمت وقالت: 
ـ " لو شرحت لساذج مثلك فلن يفهم، وجسدي لا اكشفه الا اذا اردت انا ذلك ". رددت مازحا : ـ لو رددت علّي، لكان "برصاد" قد رآك ونسي السور ونسي نفسه . ـ "ليذهب الى جحيمكم قبل ان يرى "برصاد" وامثاله جسدي".. بدأت الشمس تميل الى الغروب، ووقفت مرح وقالت: ـ "هيا يا حسن لنسرع ونستغل الوقت، الجو الان ملائم للسير".. واردت ان احمل معي بعض الماء والطعام، لكنها طلبت ان لا افعل حتى لا تثقل حركتنا، واننا لن نكون بحاجة اليها، ويجب ان نحتمل، وسرنا على اقدامنا مسرعين ،وحل الظلام ونحن نخطوا مبتعدين عن السور، وكانت مرح تحثني على ان اسرع اكثر، حتى تعبت، وطلبت منها ان استريح، وقلت لها: ـ الا تتعبين ؟ 
ـ "لا وقت لدينا يا حسن، لو كانت المشكلة مشكلتي لقطعت هذه المسافة في لحظات، ولكن مصيري مرتبط بمصيرك، ويجب ان تحتمل، ارجوك اسرع" .. اسرعت في مشيتي اكثر من السابق، وكانت مرح في كل حين تنظر الى السماء وتطلب مني ان اسرع، فقلت لها: ـ اعتقد اننا ابتعدنا بما فيه الكفاية، وان ظل السور لا يمكن ان يصل الى هنا .. 
قالت : ـ " لا يا حسن ربما لم نقطع نصف المسافة، فارتفاع السور كبير وظله سيكون عشرات الاضعاف". وقفت مرح وطلبت مني ان اجلس واستريح، ففعلت ذلك، وجلست واستراحت هي كذلك، 
وقالت 

" الان يا حسن يجب ان نركض بكل قوانا، وان لا نتوقف حتى تنشر الشمس اشعتها" .. ففعلت ما امرتني به، وركضت وركضت بسرعة جنونية، حتى بدأ النور يظهر وتتلاشى معه ظلمة الليل، ووقفنا، وظهر ظل السور منبسطا على الارض ونحن نبعد عنه مئات الامتار، فجلسنا والفرحة تملأ صدورنا. علمنا اننا الآن نجونا من قبضة وبطش "برصاد"، وارتحنا قليلا، وسرنا لنصعد هضبة لنرى انتصارنا على ارض الجحيم وتلك البقعة الجرداء، وان كل ما نراه امامنا الان هو الخضرة والاشجار والازهار.. سمعنا صوت هدير بين الاشجار، بدا صوته كشلال كبير، فسرنا نحوه، ودخلنا غابة كثيفة من الاشجار، وصدق ظننا، لقد وجدنا انفسنا امام نهر تحيط به الاشجار من كل جانب، وتحوم فوقه الطيور والعصافير،وهدير الشلال الذي ينساب من اعلى النهر يصدر اصواتا تطرب لها الاذان، وتفرح لها القلوب، وصفاء ماء النهر وانعكاس زرقة السماء فيه تبعث على الراحة والطمأنينة، وتشد ناظره لان يسبح فيه، جلسنا بجانبه ومرح تتامل النهر وما حوله، والقلق باد في عيونها.. خلعت ثيابي ونظرتني مرح 
وقالت: ـ "ماذا ستفعل"؟ قلت لها : ـ اود ان اسبح قليلا. ـ " ان صفاء النهر وجماله يبعث على القلق فلا تقترب منه حتى نتبين حقيقته، وان صدق ظني فان هذا هو النهر الملعون الذي كنت اسمع عنه الحكايات في عالمي ". ـ وكيف تعرفين، ولماذا تظنين ؟ ـ "انظر الى الطيور التي تحوم فوقه.. لا يعكس النهر صورتها، وكذلك الاشجار، فما سمعته ان النهر الملعون لا يعكس صورة شيء حي ". ـ وكيف تتأكدين من ذلك ؟ ـ "سنقترب منه، وان لم يعكس صورتنا فهذا إذن هو النهر الملعون".. واقتربنا من النهر ببطء، وما ان وقفنا بجانبه حتى عكس النهر صورتنا مثله كباقي الانهار . 
قلت لها : ـ خاب ظنك يا مرح، فالحكايات تبقى حكايات. واقتربت انا اكثر لاسبح قليلا دون أية معارضة من مرح، ولكن صوتا هتف من الخلف وقال: ـ " لا تفعل ذلك". التفت باتجاه الصوت، ورأيت فتاتين توأمين، وكأن صورة احداهما وحركاتها انعكست بمرآة، لتبدو اثنتان من حوريات الاساطير ، اقتربن منا وقالت الاولى: ـ "انه النهر الملعون فعلا.." وقالت الثانية: ـ "صدقت يا "كونته"". واكملت الاولى: ـ" ولكن ما تعرفينه عن هذا النهر شيء بسيط، فلهذا النهر اسرار لا يعرفها احد". واكملت الثانية: ـ " وما لم تعرفيه ان هذا النهر يعكس الصورة التي يريدها". وتكلمت الاولى وقالت: ـ "انا فاده".. وقالت الثانية: ـ " انا ناده ".. 

قالت فاده: ـ " نحن حارستا هذا النهر، ومنذ عهدنا بمسؤولية حراسته لم يطفو عليه أي كان، ومن أي عالم كان". 
واكملت ناده : ـ "ومجرد التفكير بالاقتراب منه كان كاف لتكون نهاية من فكرفي ذلك، وسنسمح لكما بالمرور منه، ليس لاننا نريد ذلك، ولكن لان الاوامر صدرت بأن نسمح لكما بالعبور، ولكننا نحذركما بانه ان غربت الشمس وكانت اذناكما تسمعان صوت هذا الشلال، فان لنا الحرية ان نفعل بكما ما نشاء". 
وقالت فاده: ـ " ونتمنى ان لا نلتقي بكما حتى لا تعرفا ماذا يمكن ان نفعل بكما" قالت ناده: ـ "ومن كل قلبنا نتمنى لكما النجاح وان لا نلتقي ثانية" قلت وما زلت مبهورا بجمالهما: ـ والى أي مدى يصل صوت الشلال فقالت فاده : ـ" اعرفوا بأنفسكم" ؟ 

سألت : ـ والى اي اتجاه يجب ان نذهب ؟ اجابت ناده: ـ "إلى أي اتجاه تريدان من خلف النهر وعكسه اذهبوا" 
وقالت فاده: ـ "والان، انت مر من هنا على هذا الجسر، وانت من على هذا الجسر، وستلتقيان معا في النهاية ". لم اكن ار أي جسر فسالت: ـ اني لا ارى أي جسر.. ولم اكمل كلامي حتى كنت ارى الجسرين حيث اشارت بيدها، ولم اكن ارهما في السابق . قالت ناده: ـ " هيا اذهبوا ".. لكزتني مرح بيدها كي نتحرك، ولم تكن مرح تتفوه بكلمة واحدة.. ولكني توقفت ووددت لو اني اقضي بعض الوقت في الحديث مع هاتين الحوريتين، وقلت موجها كلامي لهما: ـ والله اني اتمنى ان لا انجح حتى القاكما ثانية.. فأجابت فاده: ـ "لا تتمنى ذلك".. وكانت مرح تحثني وتشدني على ان أمضي بسرعة وفي عيونها قلق، ولكني اكملت حديثي وقلت لهن: ـ هل يمكن ان نتصافح؟ وكم كنت اود في قرارة نفسي بان المس يد احداهن . قالت ناده: ـ " لا اظن انك تود ذلك". 
وقرصتني مرح قرصة اوجعتني وقالت بهمس 
"هيا تحرك ايها الغبي ولا تمازحهما اكثر". 
قلت لمرح : ـ لا تغاري.. وخطوت باتجاه الحوريتين. وامسكت بيدي مرح وقالت لا تفعل ذلك فسحبت يدي وانا اضحك واقتربت اكثر . 
قالت فاده : ـ "ماذا تريد" ؟ قلت مبتسما : ـ اود ان اقبلك قبلة الوداع واشكرك على مساعدتنا .!! قالت ناده : ـ "اتريد ذلك فعلا" ؟ قلت : ـ نعم اود ذلك قالت فاده : ـ "أتريد أن تقبلني أم تقبل ناده"؟ فقلت: ـ كلاكما معاً.. قالت ناده: ـ "لك ذلك.. إقترب وأفعل". وما ان اقتربت خطوة واحدة الى الامام حتى تحولت فاده امام عيوني الى افعى سوداء، إقشعر بدني وعدت الى الخلف مذعورا، وانا لا اعي ما حدث، واسرعت باتجاه الجسر، ونظرت خلفي وانا على الجسر ورايت فاده وناده تضحكان، وتشيران بيدهما نحونا وكانما تقولان: "مع السلامة". لحظات وكنا بالاتجاه الاخر للنهر 
وقالت مرح: ـ "بتستاهل يصير فيك اكثر من هيك، واحد "حمار" مثلك ما بسمع النصيحة" . قلت وما زال الخوف يعتريني: ـ كيف انقلبت هذه الحورية الى افعى بهذه السرعة ، كيف عرفت يا مرح فانت كنت خائفة منهما ولم تكوني خائفة من "برصاد" بهذا القدر. قالت: ـ "لقد عرفت من اللحظة الاولى، ولم استطع ان اخبرك فانت كنت مبهورا مجذوبا بجمالهما وتوأم بهذا التشابه الكبير معروف في عالمنا بانه لا يكون الا للافاعي، فلايغرنك جمال لا تدري ماذا يخفي خلفه، فهيا نسرع لنصل قبل غروب الشمس، فلو وقعنا بقبضتهما لذقنا من اصناف العذاب ما يميتنا الف مرة في المرة الواحدة". واخذنا نسير ونشق طريقنا من بين الاشجار وصوت الشلال يلاحقنا، وما كادت الشمس تبدأ بالغروب حتى تلاشى صوت الشلال، ولم نعد نسمعه، وشعرنا بالامان وسرنا قليلا، لم تكن الشمس قد غابت بعد . لنجد انفسنا وسط ارض واسعة، كلها زهور وورود من كل الاصناف على مدى رؤية العين، تفوح منها روائح زكية تنعش الروح وتنشطها، ومددت يدي لاقطف وردة، وكذلك فعلت مرح، ولكن صوتا اتى من الخلف قال:" لا تفعلوا ذلك..". التفتنا الى مصدر الصوت وكان صادرا عن شيخ كبير في السن، يتوكأ على عصا ويجلس تحت اقدامه نمر لم ار اضخم منه، ولم اكن لاتصور ان نمرا يكون بهذه الضخامة. قال العجوز: ـ انا اسمي "نيركا.". واشار الى النمر.. ـ وهذا مساعدي "نار"، منذ الف عام وانا احرس هذه الحدائق، ولم يكن ليستطيع أن يشم رائحتها احد، ومجرد التفكير في ذلك كان يكفي لتكون نهايته، أيا كان ومن أي عالم كان، ولكن امر من لا يعصى لهم امر صدر لاسمح لكما بالمرور من وسط هذه الزهور، ولكني احذركم بانه لو اشرقت شمس الغد وما زالت انوفكم قادرة على شم رائحة ورود هذه الارض، فاعلموا ان "نار" سيستقبلكم بطريقته، هيا اغربوا عن وجهي، واتبعوا الورد ذو اللون الابيض لتستطيعوا الخروج من هذه الارض.". واشار بيده الى شجرة وقال: ـ" ان احتجتم الى طعام وماء، فتحت هذه الشجرة تجدون ما تحتاجونه.". ووضع العجوز يده على راس النمر، وهب النمر واقفا، وسارا مبتعدين عنا، وتوجهنا الى الشجرة فوجدنا الطعام والشراب، واكلنا وسرنا وتبعنا الورد الابيض، وكنا قد خرجنا من ارض الورود قبل شروق شمس اليوم الثاني بكثير، ولكن رائحة الورد ما زلت تفوح، وابتعدنا اكثر حتى اننا لم نعد قادرين على شم رائحة الورود، وجلسنا نستريح قليلا، واخذت قسطا من النوم ولم افق الا على اشعة الشمس تداعب وجهي، لارى حولنا اسراباً من الحمام لا تعد ولا تحصى، وترى على مدى رؤية العين، وظهرت امامنا امراة كبيرة مسنة ، لا يبدو عليها الهرم، تسير بخطى واثقة نحونا وكانها ملكة، ويحلق الحمام من فوق راسها ، حنان وحب العالم باسره في عيونها، اقتربت وقالت: ـ " يا ابنائي اهلا وسهلا بكم، انا اسمي الام "نرامارا"، وانا المسؤولة عن هذه الاسراب من الحمام، فيا اولادي لم اكن لامنع احد بالمرور لو اراد ،ذلك، بالرغم من حزني وقلقي عليه من ان لا يصل في الوقت المناسب، حتى لا يحدث له مكروه،فيا ابنائي قبل ان ترحلوا بسلام ساعطيكم هذه النصيحة: 

" لا تبحثوا عن شيء ليس لكم، والان ارجوكم ان تسرعوا وتبتعدوا عن هذا المكان قبل غروب الشمس، فلو غربت الشمس وما زالت عيونكم قادرة على رؤية حمامة واحدة في السماء من هذا الحمام ، فسيلحق بكم اذى لا اتمناه لاحد." 
ارجوكم اسرعوا الان واذهبوا من هذا الاتجاه، ولا تبطئوا حتى يختفي الحمام عن ناظريكما.. هيا اذهبا بسلام .". انهت الام "نرامارا" حديثها، وكم كان جميلا وحنونا ودافئا صوتها، اسرعنا بقدر استطاعتنا لنبتعد عن المكان عملا بنصيحة الام "نرامارا " ...
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 4:48 pm

واستطعنا ان نصل، وان يختفي الحمام عن أنظارنا في وقت ما بعد الظهر بقليل ، وبذلك نكون قد وفرنا الكثير من الوقت، واخذنا راحتنا، وأكملنا السير الى الامام وانا اجد متعة عظيمة بهذه المغامرة العجيبة، ومن بعيد ظهرت امامنا مدينة كبيرة بيوتها متواضعة . فسرنا ما يقارب الساعة حتى وصلنا مدخل المدينة، وكان يحيط بالمدينة سور لا يتجاوز ارتفاعه المتر، وكان لمدخل المدينة قوس كبير من الحجر .منظره مألوف، وتصميم البيوت ومنظرها من الخارج كالبيوت القديمة في عالم البشر . دخلنا القوس ، وكان هناك عدة اشخاص، جميعهم يرتدون اللون الابيض وباعمار مختلفة، يتحادثون مع بعضهم البعض، ولا احد يلتفت الينا ,انتظرنا ان يظهر لنا احد ويكلمنا لنعرف اين نحن، وما يجب علينا ان نفعله، كما حدث في المرات السابقة، ولكن لم يأبه بوجودنا احد، فسرنا على اقدامنا ,نتجول في شوارع المدينة المليئة بالاشخاص من كافة الاعمار، سرنا بينهم نسترق السمع احيانا لنعرف بم وعم يتحدثون، ونتفرج على البيوت المتواضعة جدا والمتشابهة، ولم يظهر لنا احد ولم يهتم بوجودنا احد، مرت ساعات واقتربت الشمس على الغروب ونحن كما نحن . قلت لمرح : ـ "اين نحن ؟" 
ـ "علمي علمك، لا اعرف . 
وماذا يجب ان نفعل؟ فالشمس اقتربت على الغروب ولا احد يأبه لوجودنا ,هل نحن في مدينة اموات و اشباح لا يرونا، او نحن الاشباح وهم الاحياء ولهذا لا يرونا ." 
كلا انهم يرونا جيدا، ويشعرون بوجودنا، ولكنهم لا يأبهون بنا، او ان وجودنا لا يعنيهم.". ـ "ولم لا نسالهم ؟". 
ـ" وعن ماذا سنسألهم ؟". ـ "عن الطريق للخروج من هنا ..". ـ اسال كما تشاء . اقتربت من احد الاشخاص وسالته : ـ "اخبرني اذا سمحت، اين نحن ؟" فرد : ـ "انت هنا، في المدينة .". 
قلت : ـ "ولكن ما هي؟ وما اسمها؟ وكيف نخرج منها ؟". قال : ـ "من دخل إليها يعرف ما هي، وما اسمها ،ولا يخرج منها.". احترت بامره، وتوجهت لشخص آخر، وسألته، وأعطاني نفس الاجابة، فغمزت مرح وأشرت بيدي... لتفهم بأننا وصلنا إلى مدينة مجانين. وكررت سؤالي لاكثر من شخص , وكان سؤالي هو الجواب لسؤالي، . قالت مرح: ـ " اسمع يا حسن يجب ان تفكر بسؤال يوصلنا الى نقطة نبدأ منها اساله كيف يمكن ان نلتقي بكبير هذه المدينة ؟" سألته,فأجاب: ـ "اذهب الى بيته فتلقاه!! .". سالته : ـ" واين يقع بيته ؟". رد : ـ" بيته في المدينة هنا !!.". قلت لمرح : ـ "هؤلاء الناس مجانين، فكري بسؤال يوصلنا الى بيت كبير المجانين ..". تكلمت مرح وسألت بنفسها: ـ "هل بيته بعيد من هنا ؟؟". اجاب : ـ" لمن يعرفه فهو قريب، ولمن لا يعرفه فهو بعيد ...". قالت : ـ "وهل هو قريب منك؟ وهل تراه في عيونك ؟". قال : ـ "نعم قريب مني، ولا اراه حيث اجلس، فشدتني مرح وسارت الى مجموعة من البيوت التي تقع خلف الرجل الذي سالناه، ودقت على باب احد البيوت ,وخرجت لنا امراة!! وسالتها مرح :ابيت كبير المدينة هو احد البيوت التي على يسار بيتك ؟؟". فردت المراة : ـ" لو اردت ان يكون على يساري لكان !!!". 
سالتها مرح : ـ "وهل البيت الخامس على يمينك هو بيت كبير المدينة .". 
قالت : ـ لو سألت جار جاري لكان سؤالك هو الجواب . قالت مرح : ـ" هيا يا حسن لقد عرفته ..". وتوجهنا الى البيت السابع على يمين بيت العجوز .وطرقنا على الباب، وخرج لنا شخص ملتح وقال : ـ اهلا وسهلا تفضلا.. واجلسنا على مقاعد مريحة جدا، وكان بيته غاية في التواضع ومريح جدا ,مليء بالكتب، منظم، بغاية الدقة.. ودون ان يسالنا اي سؤال احضر لنا طعاما وماء وتركنا ناكل ونرتاح، وعلمنا اننا قد وصلنا غايتنا.. وبعد ان انتهينا وارتحنا ، 
قال لنا : ـ انا اسمي "جيجار" ، وانا المسؤول عن هذه المدينة الكبيرة التي لم يدخلها احد وفكر بالخروج منها، بل فضل البقاء فيها لما يتوفر فيها مما لا يتوفر في أي مكان اخر، لن تفهموا معنى كلامي، او ما يوجد في هذه المدينة، فهذا لن يهمكم، ولكن ماعلمته عنكم بانكم يجب ان تخرجوا منها وأنا سأساعدكم قدر استطاعتي..لهذه المدينة عشرات الابواب .وانتم دخلتم من الباب الذي لم يدخله احد منذ توليت مسؤولية هذه المدينة، ولهذا لايمكن ان تخرجوا الا من باب واحد او تعودوا من نفس الباب الذي دخلتم منه، وانتم تعلمون ما معنى دخولكم وخروجكم من نفس الباب...الاوامر التي صدرت لي ان اعطيكم ثلاثة ايام من لحظة وصولكم الى بيتي للخروج من المدينة، وان انتهت الايام الثلاثة، فسيتم اخراجكم من نفس الباب الذي دخلتموه...والان ان كانت لديكم اسئلة فاسألوها وارحلوا ولا تضيعوا وقتي ووقتكم.". سألت : ـ "ما اسم هذه المدينة ؟". اجاب : ـ "انها (درب الحكمة )، ويسكنها من يبحث عن الحكمة من أي عالم كان ...". وسألناه عشرات الاسئلة، وكان يجيب عليها مباشرة ,حتى انتهينا .فوقف ورافقنا الى الباب، وقال: ـ "لا تنسوا ان اهل هذه المدينة لن يكذبوا عليكم في جواب أي سؤال تسالونه، وسيجيبون على أي سؤال ً و لن يجيبوكم، والان توجهوا الى الحديقة، وهناك ستجدون من يساعدكم.". سألته قبل ان نذهب : ـ "واين تقع حديقة المدينة؟". فابتسم وقال: ـ" انها تقع في المدينة..." خرجنا انا ومرح نسير في طرقات المدينة ... 
قالت مرح: ـ " لن نجد الحديقة لو بحثنا عنها طوال العمر .وحتى نصل اليها يجب ان نسال اهل المدينة عنها، ففكر معي بالطريقة التي يجب ان نسال بها حتى نصل الى الحديقة .". وسرنا بطريق لا ندري إلى اين تصل .واستوقفت احد المارة وسألته: ـ " في أي اتجاه يجب ان نسير لنصل الى حديقة المدينة !!!" قال : ـ كل الاتجاهات توصل في النهاية الى الحديقة . قالت مرح : "والاتجاه الذي يوصلنا اسرع ؟؟". قال : ـ" ان كان لديكم وقت، سيروا حيث اسير.". وتركنا وذهب، واردت ان اسير خلفه، فهم لا يكذبون كما قال الحكيم "جيجار"..لكن مرح شدتني من يدي وقالت: ـ " يا اهبل، لقد قصد الاتجاه المعاكس .فنحن لا يوجد لدينا وقت لنضيعه بالسير خلفه...". وسرنا بالاتجاه المعاكس لسير الرجل ووصلنا لمفترق ذو ثلاثة طرق، واوقفت احدهم وسالته: ـ "حديقة المدينة الى الخلف ام الى الامام ؟". اجاب: ـ "الى الخلف والى الامام..". واحترت بجوابه ، وضحكت مرح وقالت : ـ يا غبي لقد اجابك بالنسبه له ولك، وانتم احدكم يقف امام الاخر، ولا تستطيع ان تحدد بهذه الطريقة، فلا داعي لان تستهلك ذكاءك الزائد،و وفره للحاجة ...". وسارت مرح حتى وقفت على احدى طرق المفترق، وانتظرت حتى مر احدهم من الطريق الاخر المعاكس للمفترق وسألته من بعيد.بصوت عال: ـ " من اقرب منا الى حديقة المدينة انا ام انت .". فرد : ـ "للذاهب اليها اقرب، وسار في طريقه .." ضحكت وسخرت من مرح .وقلت: ـ " لقد سخر منك ولم تنجحي بالحصول على جواب ." قالت لي : ـ" الم اقل لك وفر ذكاءك ,فانا التي سألت اذا انا التي ستذهب ، والمسافة من حيث اقف أنا إلى الحديقة مقارنة بالمسافة حيث يقف هو للذاهب اليها أقرب، اذا هذه هي الطريق، هيا بنا.". وسرنا، وكان الليل قد انتصف ،ووصلنا الى نهاية الطريق وكانت بلا مخرج، وفي نهايتها عشرات البيوت، تأفأفت من القهر، وفي الحقيقة كنت سعيدا بداخلي لفشل مرح في تحديد الطريق الصحيح، ولم يكن احد يقف في الشارع لنسأله . لكن مرح اقتربت من احد البيوت وطرقت الباب واطل علينا رجل . 
فسألته مرح : ـ هل يوجد من هذا الشارع مخرج يوصلنا لحديقة المدينة ؟. 


رد علينا الرجل ,وقال : ـ" نعم يوجد ولا يوجد..". واغلق الباب . قالت لي مرح : ـ "ان احد البيوت يوصل للحديقة ،ولكن بيته لا يوصل، وهذا ما قصد بنعم ولا .". قلت لها : ـ "تعالي نطرق جميع الابواب حتى نصل الى الباب الصحيح .". قالت : ـ عظيم وكيف سنعرف الباب المقصود؟ وافرض اننا طرقنا على احد الابواب وكان هو الباب المقصود، ولكنه لم يخبرنا بذلك فماذا نفعل يا عبقري زمانك؟ اصمت انت ودعني اتولى حل هذه المشكله .". اخذت مرح تعد الابواب، ووقفت عند احد الابواب في المنتصف وطرقته ,وخرجت لها امراة، واشارت مرح لاحد الابواب وقالت: ـ "هذا الباب الاول من اليمين وذاك الباب السادس عشر من اليسار، اي الابواب تدخل الى الحديقة اذ لم يكن بابك ؟". 
قالت المراة: ـ " الثالث والاخير دونه الاول ." 
صمتت مرح قليلا وقالت : ـ" الباب التاسع هو المقصود." وتوجهنا الى الباب التاسع واطل علينا رجل .وسالته مرح : ـ "امن بيتك ندخل الحديقة ام من بيت جارك ؟". فرد علينا: ـ ان سالتني فلا تسألي جاري . 
قالت : ـ "اندخل اذاً ؟؟؟". فرد : ـ اهلا وسهلا، وصلتم بأسرع مما كنت اتوقع . دخلنا البيت من باب، وخرجنا من باب آخر الى حديقة كبيرة جدا، تختلف في كل شيء عن الحدائق السابقة التي رايناها . جلسنا في طرف الحديقة القريب الى بيته ...وقال لنا : ـ ان اردتم ان تستريحوا وتناموا الى الغد ,فتستطيعون ان تفعلوا ذلك، وان احتجتم الى شيء فانا في البيت وسألبي ما ستحتاجونه ,وان اردتم ان ترحلوا الان او في أي وقت فلكم ذلك...تستطيعون التوجه إلى ينبوع الماء وهناك ستجدون من يساعدكم بالخروج من المدينة. بامكانكم الوصول اليه بسهولة .والان ساترككم ,وان قررتم الخروج فاخرجوا من ذلك الباب.". واشار اليه بيده وهو بالاتجاه المعاكس، وذهب وتركنا . نمنا، وخرجنا مع اشراقة الشمس نبحث عن ينبوع الماء 
واخذت مرح تسأل المارة عنه بذكائها المميز، وما ان مرت ساعة واحدة حتى وصلناه. ووجدنا بالقرب منه رجل استقبلنا ورحب بنا ,واسقانا من ماء الينبوع. وشربنا منه حتى ارتوينا . ووجدنا انه يتميز عن كل ماء عرفناه، لم نعرف السبب او كيف يوصف، ولكنه قال لنا : ـ "لم يشرب احد من ماء هذا الينبوع.". واراد مفارقتنا وطلب منا ان نتوجه الى ساحة المدينة، وهناك سنجد من يرشدنا، ونجحنا بالوصول ومن ساحة المدينة طلب منا الشخص الذي انتظرنا ان نتوجه الى مكتبة المدينة، ومن المكتبة الى البرج ,ومن البرج الى ساعة المدينة، ومن الساعة الى قلعة المدينة، ومن قلعة المدينة الى مجلس المدينة، ووصلنا المجلس، وكان قد انقضى يوم ونصف اليوم بين هؤلاء العقلاء المجانين الذين ضيعوا علينا كل شيء، وارهقونا بالغازهم اللامتناهية، ورغم سرعة بديهتهم بالاجابة، وذكائهم المميز، الا ان ذكاء مرح الذي لا يوصف استطاع التغلب على كل الصعاب، وفي مجلس المدينة، استقبلنا احدهم ,وادخلنا الى قاعة كبيرة مبنية من الحجر القديم، وسقفها عبارة عن قبة كبيرة، وفي وسطها طاولة عريضة، وحولها مقاعد كثيرة، من النظرة الاولى تعلم انها تتسع ليجلس حولها اكثر من الف شخص، وكان يجلس على طرف الطاولة ما يقرب من عشرين شخصاً من كبار السن وكلهم يرتدون نفس الملابس . رحبوا بنا واجلسونا معهم على الطاولة , 
وقال احدهم لنا : ـ لقد احببنا ان نجلس معكم قبل ان تغادروا المدينة .لا تخافوا من اضاعة الوقت، تستطيعون اعتبار انفسكم منذ هذه اللحظة خارج المدينة، ولستم ايضا مجبرين على الجلوس معنا ،ان شئتم تستطيعون الرحيل الان، فلا احد يمنعكم، فهل توافقون ان نتحدث قليلا قبل رحيلكم.". قلت بالنيابة عني وعن مرح : ـ "اذا كان الامر بيدنا فنحن لا نمانع ولكن هل نستطيع ان نفهم ؟.". قال اخر من الجالسين : ـ "الامر بيدكم فعلا، وشكرا لعدم ممانعتكم .المدينة التي انتم متواجدون فيها هي مدينة "درب الحكمة"، شيدت قبل عشرات الاف السنين على اطول حدود لمملكة الشر، التي تسعون للوصول اليها منذ بداية رحلتكم.واغلب من يعيش في هذه المدينة هم من كبار السن كما رايتم، والذين انتقلوا من مدن كثيرة وعوالم مختلفة، وحتى ان بعضهم جاء الى هنا من مملكة الشر، ويعيش في مدينتنا ايضا الكثير من ابناء البشر، ومن الكونيين "الجن" ...هذه المدينة شيدت وحافظت على طرازها بعيدا عن الاختراعات ورفاهيات الحياة المتجددة يوميا، وكل من سعى للسكن في هذه المدينة سخر وقته وحياته للدراسات والبحوث في شتى الامور، من هذه المدينة يتخرج الحكماء في كل المجالات , ونحن في هذه المدينة نضع الدراسات للسنوات القادمة، ويتم اعتمادها وتطبيقها في شتى نواحي الحياة، ولكننا لا نتدخل في أي قرار او سياسة مهما كان نوعه للنظام المنفذ ، وحتى انتم لا دخل لنا بما فعلتم او ما تنوون ان تفعلوا في المستقبل.ودخول مدينتنا امر سهل وغير معقد، وبالامكان الوصول الينا بسهولة.وعبر مداخلنا الكثيرة، وبوابة واحدة فقط هي التي لا يمكن الدخول لمدينتنا منها وهي البوابة التي دخلتم انتم منها، والتي تاتي من اتجاه بوابة الشر .هذا شرح بسيط ومختصر عنا وعن مدينتنا.". 
قاطعته مرح وقالت : ـ" عفوا، ولكني اعلم ان مجلس الحكماء في عالمنا لديه من الصلاحيات الكثير، ويتدخل في كل نواحي الحياة لدينا .". ابتسم آخر من الجالسين ورد عليها قائلاً: ـ ان ما تقولينه صحيح ,مجلس الحكماء في عالمك شيء وهنا شيء اخر.صحيح ان اعضاء المجلس من الحكماء قد عاشوا سنوات طويلة في هذه المدينة ,ولكن بعد خروجهم منها والالتحاق بالهيئات المختلفة والمجالس الاخرى، يرتبطون بسياسة هذه الهيئات والمجالس، وليس بسياسة مدينتنا ,ومدينتا هي جزء من عالمك يا "كونته"، وليست عالما اخر، قد تكون جغرافية الموقع اقرب الى عالم البشر منها الى عالمك من حيث البيئة وامور كثيرة، الا انها تعود في النهاية الى عالمك .". قالت مرح : ـ " ولكني علمت ان المناطق خلف بوابات الشر لا تخضع لعالمنا من بعيد أو قريب .". فرد عليها قائلا :جغرافياً قد يكون هذا صحيحاً، وليس من الضروري ان تكوني قد علمت كل شيء ولكن كما تعلمت انت ومن خلال عملك السابق في سلطة "الكاتو" فان عالم البشر لا يعود ولا يخضع لنا لامن بعيد ولا من قريب، ولكن يتم التدخل في شؤونه بالصغيرة والكبيرة، اليس كذلك يا "كونته" ؟ فردت مرح، او كونته كما يقولون : ـ "تدخلنا في عالم البشر هو وقائي للحد من اخطار مستقبلية ستجلب الدمار لعالمنا بسبب الارتباط المصيري بين عالمنا وعالم البشر، و ليس لكونه عائداً الينا .". رد عليها : ـ يا "كونته" كل فرد من عالمك ان كانت له نفس خواصك، او خواص اقرب، وارتبط بعالمك فهو عائد لقانون عالمك، وهذه البقعة تخضع وتعود لقانون عالمك، وليست عالما مستقلا بحد ذاته، اما عالم البشر فانا قلت انه يتم التدخل في شؤونه، ولم اقل انه عائد اليكم، ما قصدته من حديثي وحديث زملائي، هو ان اشرح لكم عن المكان الذي تتواجدون فيه . اما نحن واهتمامنا بالحديث معكم فهو ليس من اجل مناقشة كلام وقوانين وانظمة...نحن قد اطلعنا على قصتكم منذ البداية بتطوراتها ومفاجآتها الكثيرة التي لم نتوقعها وخاصة انت يا "كونته" . فقاطعته كونته : ـ "هل يزعجكم لو خاطبتموني باسم مرح ؟". رد عليها احدهم وقال: ـ "اعذرينا، نفضل ان نناديك باسمك الاصلي.". واكمل حديثه: ـ هناك امور كثيرة لم نفهمها في تصرفاتك يا "كونته"، وخاصة الانقلاب الكبير والسريع من حارسة الى متمردة، وانت يا حسن، لم نفهم ولم نفسر تقلباتك السريعة من خط الى اخر، واستعداداتك للتضحية في سبيل عدة اهداف مختلفة، واصرارك للتضحية من اجل هدف اخر، انتم الاثنان من عالمين مختلفين في الخواص والتفكير والاسلوب، واشياء كثيرة يطول تعدادها...خضتم مغامرة متهورة ومجنونة والاغرب من كل هذا ان كل واحد منكم كان يعلم في داخله ان نسبة النجاح هي ضئيلة جدا !!! 

وانتهت مغامرتكم قبل ان تبدأ، وتم القضاء عليكم، ولم ينفذ القرار ,واصبح مع وقف التنفيذ.وصدر قرار بالسماح لكم بالدخول من نفس الطريق التي قررتم الدخول منها ,في وقت ازيلت من امامكم كل المخاطر ,ولم تبذلوا الا الواحد بالمئة من الجهد الذي كان من الممكن ان تبذلوه لو حدثت المعجزة ودخلتم بمجهودكم الخاص.طبعا اقول معجزة، لان ابواب الشر لم تصمم كمداخل وانما كمخارج والمجهود الذي كان من الممكن ان تواجهوه هو مجهود مئات الالاف من الاشخاص مقابل قدرتكم المتواضعة والضئيلة، والسؤال هو:الى ماذا تسعون؟ 



وهل يستحق الشيء الذي تبحثون عنه كل هذه التضحية والعناء ؟؟؟". صمتنا نحن الاثنين ولم ندر بما نجيب.. 
ولكنه قال : ـ" اجيبوا اذا امكن عم تبحثون، والى ماذا تسعون، اجب انت يا ابن البشر ,اجب يا حسن؟؟؟". 
قلت : ـ" ساقول لكم باختصار وبكلمة واحدة، انا ابحث عن الحب !!!". ابتسموا لأجابتي وقال احدهم موجها كلامه لمرح : ـ " "الحب "؟!! وانت يا مرح عم تبحثين ؟" هزت مرح راسها واعتدلت في جلستها وقالت : ـ انتم سالتم وانا ساجيبكم، واجيب نفسي معكم بكلمة واحدة، وبالف كلمة، انا ابحث عن اجابة، نعم انا ابحث عن جواب، انا مثلكم ومثل هذا ، (مشيرة بيدها نحوي ) الذي لم يستطع ان يعبر عما يدور بداخله. ما الفرق بيننا جميعا؟ انتم فلاسفة وحكماء تحللون كل شيء وتبحثون عن اجابات لاسئلة كثيرة، في الماضي والحاضر، وحتى في المستقبل، ان لم تكن هناك اسئلة اخترعتم اسئلة وبحثتم لها عن اجوبة، واختلفتم فيما بينكم حول صحة الاجوبة، مع احترامي لكم، فنحن لانختلف عن بعضنا بشيء، كلنا نبحث عن اجوبة ,مادامت هناك اسئلة فسيكون دائما هناك من يبحث عن اجوبتها، ما دامت هناك "اسرار" فجميعنا سنبحث عنها، كل بطريقته واستعداداته، اليست هذه طبيعتنا جميعا؟ اسالوا انفسكم وبصدق، لا تجيبوني لانكم ستكابرون ولن تقولوا الحقيقة .الم يفكر كل واحد منكم، لو كان بمقدوره الحصول على "قوة الشر "وان يصبح هو الوحيد القادر على التحكم في الامور، لو كنتم خارج بوابة الشر الن تفكروا بدخولها ومعرفة ماذا تخفي؟ انا لم اصنع بوابة الشر، انا سمعت عنها مثلي مثل غيري، منذ صغري وانا اسمع ان هناك أبواباً تسمى بابواب الشر، وخلفها قوة لا يستهان بها، ومن يدخل هذه البوابات يملك هذه القوة التي تميزه عن الاخرين، دون استثناء كنت مثل غيري، اود ان اكون الافضل، واسعى ان اكون الافضل، فان كان دخول البوابة سيجعل مني الافضل فانا على استعداد للسعي خلف الافضل، اذا "فقوة الشر "هي ما كانت ستميزني لو اني حصلت عليها ،كذلك انتم لو كان بمقدوركم ذلك، وجوابي لكم باختصار . ابحث عن "جواب ". ضحك احدهم وقال : ـ كان الاجدر بك ان تسعي لتكوني حكيمة يا "كونته"، انت بارعة في الحديث، ولو لم نكن نعرفك جيدا لاقنعتنا وجعلتنا نبحث معك يا "كونته"، انك عجيبة فعلا، الا تغيرك الظروف؟ الا تتراجعين ابدا؟ .لم تصدقي معنا فيما قلت، انت قادره على صنع الكلمات، ولديك الكثير، ولكن لم أفهم ما قاله ابن البشر بانه يبحث عن "حب "، هذا غير صحيح ولكنه كان صادقاً في اجابته, فقد اراد ان يجيب بصدق واول ما فكر فيه قاله لانه اعتقد ان هذا ما يريده وما يبحث عنه وايضا لو قال شيئاً اخر لكان صادق لانه لا يدري فعلا ما الذي يريده ، اما انت فتبحثين دوما عن الجواب المقنع لمن يسمعك ولا يهمك ان كان هذا ما تريدي ام لا المهم ان يكون جوابك مقنعا ,ولكننا سنكون صادقين معك ولن نكابر.. ما قلته من حيث المنطق والعقل صحيح.فكل منا قد فكر ولو للحظة بانه لو ملك قوة يحكم فيها الدنيا باسرها ماذا كان سيفعل وربما شرد يخياله لاكثر من ذلك بكثير وفي النهاية عاد الى ارض الواقع ... وانتهى الحلم ولا احد يمنع الاحلام او يحرمها ولكن هم قلائل الذين كانوا على استعداد ان يفعلوا ما فعلت يا كونته , وحول اشارتك باننا لو كنا خارج بوابة الشر لفكرنا بدخولها...نحن لسنا بالداخل حتى تقولي لو كنا بالخارج وحتى ما هي قوة الشر؟ لا نعرفها، ربما لدينا تخمينات متوارثة حولها ولكننا لا نعرف ما هي ,ولا نسعى ولا نفكر بالحصول عليها، ربما الاكبر منا والاقدم لديهم المعلومات حولها ولكن ما هي؟ لا نعرف، ومروركم من مدينتنا لا يعني اننا عقبة او حاجز بالطريق الى قوة الشر ولكن هكذا سارت الامور ولو انتم سعيتم للوصول الى مدينتنا لاستطعتم الدخول بسهولة، وببساطة دون الحاجة الى كل هذا العناء والمخاطرة فابواب مدينتنا كثيرة، وبامكان أي كان دخولها والخروج منها وهذا ليس بمحرم، ولكن انتم دخلتم البوابة التي لا يدخلها احد لهذا اصبح الخروج من هنا صعبا، واي كان من عالمك او من عالم البشر يستطيع الدخول الى مدينتنا بسهولة ودون الحاجة الى اذن، ما دام يسعى من اجل شيء ما يوجد بالمدينة، وليس من اجل شيء اخر او من اجل المرور من هنا الى مكان اخر...وانتهى من حديثه ليتحدث اخر موجها كلامه الي ؟؟؟ ـ" وانت يا حسن أي حب هذا الذي يجعلك تخوض كل هذه المخاطر؟؟". قلت : ـ "حبي لزوجتي "غادة "وفي سبيل اعادتها الي لأنها كل شيء في حياتي.." فرد علي : ـ " حبك لغادة عن أي حب تتحدث وما هو مفهومك للحب؟ ولماذا غادة؟ وما نعرفه نحن انك تخليت عنها من اجل امل بسيط في الحصول على قوة الشر اليس كذلك يا حسن !!! فقلت :"ربما ان ما تقوله صحيح من وجهة نظركم ولكن هل هذا صحيح من وجهة نظري انا..فانا كنت اعلم بان الامل في حصولي على قوة الشر سيمنحني القوة لمساعدتها، اليس هذا سبب كاف للسعي خلفها .وأنا ما قلت اني تخليت عنها، اليس من الممكن ان يكون تعلقي بأمل ضئيل خير من ان افقد كل الامل؟ فما الخيار الاخر الذي كان امامي؟ وماذا كان من الممكن ان افعل ,وانا في وسط حروب ومؤامرات لانهاية لها، يقودها اثنان من دهاة عالمكم.". قال اخر من الجالسين حول الطاولة : ـ "ولكن انت كان بامكانك الانسحاب لو اردت ذلك، ولو انك لم تجد المتعة والمغامرة بما يرضي غرورك لفعلت ذلك، اليس كذلك؟". اجبته بالنفي مبررا ما حدث، وسالني اخر، واجبت، ومضت عدة ساعات وانا ومرح نجيب على اسئلتهم والتي كانت في اغلبها استفزازية وصريحة للغاية، واستمر هذا النقاش حتى اشار احدهم واختتم الحديث قائلا : ـ باسمي واسم زملائي اشكركم على اعطائنا الفرصة للحديث معكم، واتمنى ان تتفهموا اننا لم نكن نسعى لاستفزازكم، وانما اردنا ان نفهم ونحلل بعض الامور التي كان من الصعب ان نفهمها الا بالحديث معكم، ونقول لكم مرة اخرى اننا لا نتدخل بالسياسة التي تم رسمها لهذا العالم، ولا نحاول ان نثنيكم عن هدفكم او نشجعكم عليه ، فنحن على قناعة باننا لا نستطيع ان نعرف بالكامل ماذا سيحدث في المستقبل، او ما هي النهاية التي ستصلون اليها انتم او غيركم ...ولكن من خلال دراستنا قد نستطيع في المستقبل ان نقضي على الاسباب التي ستدفع باخرين للقيام بمثل هذه الخطوة التي هي في الواقع تضر بمصلحة عالمينا، وربما كان هذا السبب الذي جعل المسؤولين يسمحون لكم بالاستمرار في هذه الطريق، والان سنرافقكم الى الطريق التي تخرجكم من مدينتنا وبصدق ودون اية اسباب شخصية لنا متعلقة بشخوصكم..نقول لكم وداعا ..ولا نتمني لقاءكم من جديد تحت كل الظروف، وانهى المتحدث كلامة ووقف الجميع ووقفنا نحن ايضا ...وابتعد جميع من كان يجلس على الطاولة عنها عدة امتار ،وكذلك طلب مني ومن مرح ان تفعل وما هي الا دقائق حتى بدأت الطاولة تتحرك بصورة عجيبة وغريبة تثير الدهشة، وكأن قوة خفية تحركها وتحرك المقاعد معها بنظام وهدوء ...وظهر حيث كانت الطاولة سرداب ضخم لم ار منه الا بوابة ...واشار الينا احد الواقفين بيده وقال : 
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 4:49 pm

..واشار الينا احد الواقفين بيده وقال : 


"هذه هي البوابة اخرجوا منها ولا تعودوا .ولا تسألونا الى اين تؤدي لاننا نحن ايضا لا نعرف، ولا نريد ان نعرف ..ووداعا ...". 
سرنا باتجاه بوابة السرداب ,وحينما اقتربنا رأينا الادراج، وبدأنا ننزل الادراج ,وما أن كدنا نمر عن عدة درجات حتى اغلقت بوابة السرداب بطريقة سريعة وظهر امامنا ضوء بلون اخضر خافت...بدأنا نسير في السرداب ، وكنا نسير من نفق الى اخر، وكل نفق مرتبط مع الذي قبله، وكنا نميز انتهاء النفق وبدء النفق الذي يليه من خلال تغير لون الحجارة والاضاءة وطريقة التصميم واختفاء النفق الذي مررنا فيه حينما كنا نلتفت الى الخلف ...وقطعنا اكثر من خمسين نفقا الواحد يختلف عن الاخر اختلافا كليا من جميع النواحي وحتى الطول. فواحد لا يتجاوز العشرة امتار واخر الاف الامتار . ومن بعيد بدأ يظهر لنا نور في نهاية النفق ، وما ان وصلنا حتى تبين انه نور الشمس مع ان تقديرنا للوقت منذ ان انطلقنا وحتى وصلنا الى نور الشمس ,لا يدل على ان هذا موعد شروق الشمس . 
خرجنا من النفق وكانت نهايته تؤدي الى كهف في وسط جبل..كهف عادي وطبيعي كالكهوف التي عرفناها في عالم البشر 

وحينما تبينا مكاننا حيث نقف اذهلنا ما راينا ,فالكهف الذي ادى اليه النفق في قمة جبل يبلغ ارتفاعه الاف الامتار عن مستوى الارض، والشمس كانت في وسط السماء مما يدل على ان الوقت ما بعد الظهر، وليس الفجر، والغريب الذي لم اجد له تفسيرا اننا كنا نسير في انفاق مستوية ومستقيمة، فكيف وصلنا الى هذا الارتفاع ولم يكن في طريقنا أي انحدار او صعود . لم يكن يبدو على الجنية مرح اي استغراب او دهشة 
وسالتها: ـ كيف حدث ذلك ؟؟؟ 
قالت : ـ "لا تتعجب هذا امر طبيعي جدا ولكني انا ايضا لا ادري كيف يحدث او كيف اشرحه ,فشرح هذا الموضوع يحتاج الى اشخاص تخصصوا في دراسة (الازمان ).". قلت لها : ـ "انا لا افهم واجابتك تحتاج الى اجابة .". ابتسمت وقالت : ـ مثلا لو ان احدهم سالك هل يمكن للبشر ان يصعدوا الى القمر، فستجيب انه امر طبيعي ...ولكنك لن تستطيع ان تشرح كيف يتم ذلك لانه ليس من اختصاصك .وما استطيع ان اشرحه او ما اعرفه بصورة عامة بانه هناك مساحات على الارض متصلة مع مساحات زمنية ,اي مساحات من عالمنا ومساحات من عالمكم..ويبدو ان الممرات التي عبرناها كان جزءاً منها من عالم البشر والاخر مساحات زمنية، وكلها متصلة مع بعضها، ولهذا لا يمكن ان نميز الانحدار من الصعود او الوقت الا اذا عرفت طول المسافة (الزمنية) لتقدر طولها مقارنة بالمساحة الارضية .ولو اني قلت لك الان بانه ربما، ولست متاكدة مما اقول ولكن اعتبره مجرد كلام.ان المساحة التي قطعناها وشعرنا انها اخذت منا من الوقت عدة ساعات لا اكثر ,قد تكون اخذت منا من الوقت ايام او اشهر كايام واشهر البشر . قلت لها : ـ "لم افهم أي شيء، اشرحي لي (شوي شوي حتى يدخل هالكلام مخي).". 
قالت : ـ "انا نفسي لا افهم بعلم الازمان ولكنه بالنسبة لنا امر طبيعي. وحتى أستطيع ان اشرحه لك يجب ان أكون على اطلاع واسع في هذا الموضوع وكذلك انا (فالازمان موجوده)ولكني لست على اطلاع بعلومها ." 
قلت لها : ـ "لقد فهمت اني لن افهم ، (انسي الموضوع )،والاهم من هذا اين نحن الان والى اين سنتجه...". 
قالت : ـ اولا يجب ان ننزل من الجبل ومن ثم نسير طريقنا الى الامام وان كانت خطتهم تقضي بان نستمر في طريقنا فلا بد انهم اعدوا لنا من يرشدنا , او ان لم يكن فقد وصلنا نهايتنا، وفي كلتا الحالتين سنعرف بعد ان ننزل الجبل ماذا سيحدث .ولمعلوماتك، البيئة التي نحن فيها هي بيئة طبيعية لك كبيئة عالمك وعليه فسيحتاج جسدك الى طعام وشراب فلا ترهق نفسك كثيرا. ونزلنا من الجبل وما ان وصلنا حتى اصابني الارهاق والتعب والجوع والعطش، ومر على غروب الشمس عدة ساعات، سرنا طريقنا تاركين الجبل خلفنا، وبدأنا نمر من بين اشجار طبيعية كتلك الموجودة في عالمنا، وبعد وقت وصلنا الى ينبوع ماء سال من بين الصخور، اغتسلت وشربت واكلت من بعض ثمار الاشجار المحيطة بنا . قالت مرح : ـ "انه من الافضل لنا ان ننام ونمضي ليلتنا هنا، حتى شروق شمس الغد، ومن ثم نكمل طريقنا باتجاه المجهول الذي لا ادري اين سيوصلنا .". 

نمت والتعب والارهاق انساني على ماذا نمت او كيف نمت ... ولم أستيقظ من شدة التعب إلا على أشعة الشمس وهي تسقط على وجهي ,فركت عيوني، وكانت مرح جالسة بجانب الينبوع تلعب كالطفلة بالماء، ربما استيقظت قبلي او انها لم "تنم من اصله !!!". وسرنا بين الجبال والسهول والوديان والاشجار وينابيع الماء التي لا تعد، وقد حولت الارض الى مروج خضراء ,تشرق الشمس وتغرب علينا، ويطل القمر ...ولم يمر علينا شيء يلفت الانظار، كل شيء عادي وكاني اسير في براري بلادي .مرت اربعة ايام ولم يتغير شيء، اصابني الملل وكذلك مرح التي حاولت ان تخفيه، فنحن بانتظار شيء جديد، رؤية شخص يرشدنا ويدلنا على الطريق، ولكن هذا لم يحصل .". 
سالت مرح : ـ" الى اين نحن ذاهبون والى متى سنبقى على هذا الحال؟ ولماذا لا نرى احدا ولا يظهر لنا احد؟ هل اللعبة انتهت؟ واين نحن ؟ 
هل في عالم الجن ام في عالم الانس ". 
قالت : ـ انا مثلك استغرب هذا الهدوء، وقد مللت الانتظار ،كان لا بد وان يظهر احد، ولا اعتقد ان اللعبة انتهت.اما اين نحن في عالمك ام عالمي ,ارى ان هذه البقعة هي جزء من عالم البشر في كل شيء، بطبيعتها ومياهها ومناخها، والغريب ان هذه البقعة قديمة، اي انها ان كانت جزءاً من عالم البشر فهي لا تعود لهذا الزمن، يجب ان ننتظر فهل هناك خيار اخر لدينا.". قلت لها : ـ لكن انت لديك الخيار ولديك المقدرة على التنقل السريع وقطع المسافات الطويلة دون جهد او عناء، فافعلي ذلك واكتشفي ماذا يوجد، والى اين سنصل، الست جنية وكنت تفعلين ذلك في السابق. 
قالت : ـ نعم انا استطيع ان اقطع المسافات في وقت قصير ودون عناء، ولا حاجة لي لمجاراتك والسير معك بهذا البطء ,ولكن لقد ارتبطنا معا ومصيرنا واحد، واخشى ان فعلت ذلك لتوفير بعض الوقت ان افقد اثرك ولا استطيع ان اجدك ، لانه لا خبرة لي في هذه الاماكن، وما يحدث بها .وخوفي الاكبر ان فعلت ذلك ان امر باحدى الممرات الزمنية التي لا عودة منها الى نفس المكان، وعندها سافقدك، ولنفترض اني لا استطيع العودة من نفس الممر، فالوقت بالنسبة لي سيكون دقائق او لحظات، ولك سيكون اشهرا وسنوات، لذلك دع الامورتسير كما هي دون ان نتعجلها ولا تنسى اننا لا نتحكم بما يحدث . مرت ثلاثة ايام اخرى، حتى لمحنا من بعيد باننا نقترب من شواطئ بحر... مياهه اختلطت بزرقة السماء، لا نهاية ولا حدود لها، اقتربنا من الشاطئ وجلسنا ننظر الى البحر اللامتناهي، ومياهه الصافية التي لا يعكرها أي موج . 
قلت لها : ـ "مرح" اعتقد انها النهاية الا اذا احببت ان تقطعي هذا البحر ان لم يكن محيطاٍ سباحة او نقوم بجمع الاخشاب وصناعة سفينة وبما انك تقولين باننا في جزء هو اقرب الى عالم البشر فربما اكتشفنا قارة جديدة واطلقنا عليها اسمينا !!!". ضحكت مرح وقالت : ـ يجب ان نجلس الان وننتظر (اذا مش عاجبك، اشرب مية البحر ). 

سالتها : ـ "هل يوجد في عالم الجن بحار مثلما يوجد عندنا .". ـ اكيد يوجد في عالمنا بحار . ـ "اذا لماذا لا نكون الان في عالم الجن .". ـ" من الممكن ان يكون ذلك، ولكني لست متاكدة وهذه الاجواء اقرب الى عالمكم .". وقلت: ـ اذا كان ذلك ... "وقبل ان اكمل وفي اقل من رمشة عين، ظهرت على الشاطئ امامنا مباشرة لا تبعد عنا الا امتار سفينة زجاجية مثلثة الشكل ..وكانها موجة امتزج لونها بلون البحر .هل ظهرت من اعماق البحر، وهل كانت موجودة في الاساس ولم نرها لكونها زجاجية، ولونها لا يميز عن لون البحر ,ام انها ظهرت بفعل قوة سحرية، لا ادري كيف ولكني اراها تطفو فوق الماء رغم تناقض ذلك مع قوى الطبيعة، الا اذا كان ذلك النوع من الزجاج او ما اراه يشبه الزجاج مصنوع من مكونات الاخشاب .". السفينة صغيرة وهي اقرب الى قارب صغير لا يتسع الا لشخص او اثنين . قلت لمرح التي ما زالت تراقب تلك السفينة العجيبة ...وربما كانت تسال نفسها مثلي نفس الاسئلة او اسئلة مختلفة . ـ" الا ترين ان ظهور هذه السفينة معناه انه يجب ان نركبها لتنقلنا الى مكان ما؟فوجودها لم يكن بمحض الصدفة .هيا يا مرح لنركبها وسنرى اين ستقودنا .". قالت مرح : ـ "انها ليست سفينة يا حسن، واعتقد انها نهايتنا واللعبة قد انتهت ولا احد يركبها بمحض ارادته؟؟؟". قلت وقد اذهلني كلامها : ـ "ماذا تقصدين ؟"
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 6:29 pm

الحلقة 49


(المستشار
انها وسيلة نقل ضوئية والسفن على هذا الشكل مخصصة لنقل المحكوم عليهم الى سجن "قبة النور" ، فالحكم قد صدر ضدي، واعتقد ان رحلتي قد انتهت ؟؟".
قلت : ـ "وهل انا سأسجن ايضا في سجنكم هذا ؟"
قالت : ـ كلا فسجن "قبة النور" ليس للبشر، ولكن قد يكون مصيرك من مصيري ". ضحكت مرح ضحكة غيظ وقهر وقالت : ـ" لقد كان بامكانهم ان يبيدوني ، ولكنت انتهيت وتنتهي المشكلة معي...ولكنهم ارادوا لي ان ابقى في عذاب دائم واكون مثلا للجميع.انا مرح ساصبح سجينة في "قبة النور"، انهم جبناء لقد خافوا حتى من موتي لقد خافوا ان اموت حتى لا اصبح لغزا او قصة،، تتكرر من جديد، فلو (مت)لاصبحت جزءا غامضا من هذه البوابة اللعينة ولكنهم يريدون ان يحولوني الى مجرد سجينة، انهم جبناء لقد خافوا حتى من اللعبة التي يريدونها، لقد خافوا ان يفقدوا السيطرة على اللعبة، وان املك قراري من جديد.". "واخذت تصرخ باعلى صوتها ,وبكاؤها يحرك موج البحر، أو قسماً من القضاء ...". ـ" ايها الجبناء انا مرح، و الذي صنعته مرح لم تصنعوه انتم، وحتى "قبة النور" ساحولها الى قبة مرح، لن اهزم لن اهزم حتى في هزيمتي ساصنع النصر ايها الجبناء، لماذا لم تفعلوا هذا منذ البداية ...لماذا انتظرتم حتى الآن....". اخذت مرح تبكي والدموع تنهمر من عينيها، وما هي الا لحظات واخذ المثلث الزجاجي او السفينة الزجاجية او ما تسميها مرح النقالة الضوئية بالارتفاع عن سطح الماء، وانبعثت هالة ضوئية ضخمة من داخلها غطتنا وغطت جزءا كبيرا من المكان الذي نقف فيه ... وكيف حدث هذا او باي طريقة حدث لا ادري، الا اننا اصبحنا داخل تلك السفينة الغريبة، ويحيط بنا دخان كثيف، لا نستطيع او لا استطيع انا ان ارى من خلاله أي شيء ...مضى وقت قصير لا يزيد على دقائق معدودات، حتى وجدت اننا خارج تلك السفينة العجيبة، وجدت نفسي في صحراء قاحلة لا حدود لها والسفينة تقف خلفنا . قلت لمرح : ـ

" هل هذه الصحراء هي "سجن قبة النور "، وقبل ان تجيب مرح خرج من السفينة العجيبة رجل واقترب منا واخذ يتكلم، علمت انه ذو شأن كبير، حيث ان مرح احنت راسها امامه تلقائيا ,اشارة للاحترام . قال موجها كلامة لنا الاثنين: ـ "هيا يا "كونته" يا ابنة "الكونتيين"، ويا حسن يا ابن البشر انتم الان في المحطة الاخيرة التي توصلكم الى "بوابة الشر"فلا يوجد بعدها مكان اخر تصلون اليه .هيا تفضلوا ابحثوا عن "القوة" التي قتلتم من اجلها، فقد حصلتم على الفرصة التي لم يحصل عليها احد ووفرنا عليكم الوقت، وقصرنا المسافات، فمئات السنين جعلناها لكم ساعات .ابحثوا عن حلمكم وحققوه ان كنتم فعلا تعرفون عما تبحثون، فمن يدري فربما لم يجد التاريخ اتفه منكم لتغيروه . فانتما معا تشكلان نموذجا متكاملا من عالمين، لاسوأ مستقبل للاجيال القادمة فكل منكما يكمل ما ينقص الاخر من ميزات سوء...دعونا نرى ان كان ما تبحثان عنه يستحق كل هذا، وقبل ان اترككم في محطتكما الاخيرة، اود ان الفت انتباهكما بانه لا يوجد ما نساعدكم به كما حدث في السابق، فانتما لوحدكما ، وما نستطيع ان نفعله لكم هو ان نمنحكم بعض الوقت لتجدا ما تسمياه "بقوة الشر ". وبعد ان ينتهي الوقت الممنوح لكم .انت يا "كونته" خاصة. ستجدين "الناقلة "في انتظارك لتقلك الى مصيرك، فقد صدر ضدك حكمان ,احدهما تعرفينه مسبقا، والاخر سنبقيه مفاجاة لك، وانت يا حسن كذلك فإن لك من المفاجات الكثير هيا اذهبا فلا يفصلكما عن مدينة الجحيم سوى خطوات ودارت آله الضوء واختفت كما ظهرت تاركة ايانا في صحراء لا نهاية لها... سالت مرح : ـ من يكون هذا ؟ فتاففت مرح من سؤالي وقالت: ـ "هو من الاشخاص اصحاب النفوذ في عالمنا ." قلت لها: ـ هو من " الكاتو" ام من الحكماء ؟" قالت : ـ انه من المستشارين ,وهم اعلى مرتبة ونفوذا من "الكاتو"، والحكماء...ودعنا من هذا الحديث الذي لن يفيدك في شيء . قلت لها : ـ الا تجدين ان هذه اللعبة سخيفة نوعا ما، فنحن نبحث عن "قوة الشر"ونبذل جهودنا بالرغم من علمنا اننا مسيرين لا مخيرين، فلا خيار لنا فكل طريق نسيرفيها قد رسموها لنا وساعدونا على الوصول اليها، اعلمي اني اشعر باننا لسنا الا فئران تجارب لهم، اطلقوها واخذوا يراقبون تصرفاتها، الا تشعري بذلك.وبالرغم من كل هذا فنحن نبحث عن شيء هم يجب ان يمنعونا من الوصول اليه، ولكن ما يحدث هو العكس، أخبريني، ماذا يعني هذا ...هل يوجد لهذا تفسير ، نحن لهم تجربة حيه والذي نبحث عنه ان كان له وجود اصلاً ، فلا يمكن ان نحصل عليه، فلما نستمر بهذه اللعبة الغبية.
قالت: ـ "كل ما تقوله صحيح .ولكن هل هناك خيار اخر امامنا سوى ان نمضي الى الامام .اعلم ومتاكدة مثلك باننا ومنذ اللحظة الاولى التي الغي قرار إبادتنا ..وسهلوا لنا الطريق وتركوا لنا الجزء الذي كانوا متاكدين من مقدرتنا على تجاوزه والجزء الصعب ازيل من امامنا من تلك اللحظة تحولنا لتجربه ما يتحكموا هم بها.هناك هدف ما يسعون اليه، انهم لا يضيعون وقتهم من اجل التسلية فعلينا ان نستمر حتى ولو كنا كما توصف فئران تجارب، فحتى فئران التجارب لديها فرصة للنجاه، فلنسعى خلفها حتى لو كانت ضئيلة .". فقلت لها :

ـ" ولكن الان أين نمضي ومن اجل ماذا .واين هي قوة الشر التي تحدثت عنها ,انا لا اريدها ولا اريد أي شيء آخر ولا يهمني ان انجو، او اموت فقط اريد ان اعرف النهاية وما هي قوة الشر المزعومة وانا على يقين بانك ايضا لا تعرفين شيئا وإلا لما تورطت بهذه الورطة.
لقد اردت انت ونور ان تتجاوزا المستحيل بدخول بوابة الشر وحتى حجم المستحيل الذي تصورتيه كان نقطة في بحر مما راينا وعرفنا، فأي امل هذا الذي تتحدثين عنه؟ اهناك امل واحد على مليار ان نصل الى قوة الشر". قالت بغرورها المعتاد : ـ "ولم لا ". اثار غرورها اللا متناهي غضبي واستفزني: ـ " مرح، كفاك غروراً ايه انسانة انت .". قاطعتني وقالت : ـ "هل نسيت بأني لست إنسية؟".
قلت : ـ كلا لم انس بأنك جنية، ولم انس انك قبل اقل من ساعة، كنت تبكين، حينما رأيت (نقالة الضوء)،وظننت انهم سيأخذونك الى "قبة النور". قاطعتني مرة اخرى وقالت : ـ "ماذا افعل؟ قل لي انت ماذا افعل؟ كيف تفكر انت، ولماذا لا تفهم ولا تميز بين الغرور وغيره .هل أنا مغرورة؟؟ لماذا تظن ذلك ,اعترف اني خسرت ,اعترف اني فشلت، اعترف انهم هزموني واعترف اني لا شيء يذكر امامهم. في أقل من لحظة يستطيعون الغاء وجودي، كما اعترف باني ارتكبت عشرات الاخطاء، وان تقديراتي حول بوابة الشر كانت خاطئة، وان الذي قمت به انتحار؟؟ ماذا افعل ؟ مصيري واضح ومعروف، ولا يمكنني ان اغيره مهما حاولت، هكذا هي القوانين. اعرف كل هذا منذ اللحظة الاولى التي فقدت فيها السيطرة على الوضع، كما وعلمت دون ان تدلني انت او تخبرني ان المعلومات التي اعرفها شيء لا يذكر امام الحقيقة،وان كل منا مهما علم فهو لا يعرف الا القليل . ماذا افعل؟ خسرت كل شيء، ولا يوجد ما اخسره ان حافظت على كبريائي، لقد فعلت شيئا اردت ان افعله وخسرت، انا الملامة ولست غاضبة على احد، استحق العقاب واستحق الموت، ولكن كل القوى الموجودة في هذه الدنيا مجتمعة لن تستطيع ان تحطم هذا الكبرياء، وسأبقى فخورة حتى اللحظة الاخيرة بأني مرح، وسأبقى مرح .في بدايتي ونهايتي، في ربحي وخسارتي، فلا خيار امامي الا المضي قدما، واللعبة مكشوفة، ولم يعد هناك شيء أخفيه انا او هم ,نحن نعرف اننا مجرد تجربة، ويعرفون هم اننا نعرف ذلك، لقد قالها المستشار لنا بوضوح، ولم يخف شيئاً.نحن نموذج سيء، اجتمع من عالمين، انت من البشر وانا من الكونيين.فلو كنا صادقين وبحثنا في اعماق انفسنا، لوجدنا ان ما قاله صحيح...انت من البشر، وقد دست على كل شيء: الحب ,المشاعر ,العائلة ,الماضي، وحتى الحاضر ,من اجل ذاتك فقط. وكل ما حدث، يثبت انك على استعداد لأن تضحي بكل شيء مهما كان من اجل نفسك، على الرغم من انك تقنع نفسك بعكس ذلك، فالحقيقة هي في اعماقك، لا ما تظهره وتصدقه احيانا ...اذن انت النموذج السيء للبشر، فالجاهزية التي لديك ستعطيك الضوء الاخضر لعمل كل شيء ,فما لم تفعله من سوء لو سنحت لك الفرصة لفعلته.". تفاجأت من كلامها الصريح.وأخذت أصرخ وأقول
كذبت يا مرح، هذا ليس صحيحا، ولم يحدث أبداَ . قالت مرح بكلمات واثقة هزتني من اعماقي : ـ "لا تكابر يا حسن، فانا لست افضل منك، وانا النموذج السيء الاخر "للكونيين"، نعم نحن نموذج سيء من عالمين مختلفين، وكما قالها "المستشار " بوضوح: كل منا يكمل الاخر.ولم يعد هناك مجال للتراجع خطوة واحدة الى الخلف، نحن بالنسبة لهم تجربة فريدة يسعون من ورائها لمعرفة شيء ما، او التأكد من شيء ما.ومن اجل ان ينجحوا في تجربتهم، منحونا الحرية للتصرف والتفكير على طبيعتنا .اذا لا بد من اننا سنجد ثغرة نفلت من خلالها من سيطرتهم، ولم لا ، فقد تنقلب الموازين لصالحنا. أضافت قائلة: ـ " حسن انا اوسع منك تجربة، واسرع منك تفكيرا ..فثق بي ونفذ ما اطلبه منك دون خوف، وثق بأني خيارك الوحيد، ونحن في وضع لا يسمح لنا بان نكون خصوما، ولا تسال كثيرا فلن تفيدك اسئلتك كما لن تفيدك إجاباتي !!
قلت لها : ـ وكيف افهم دون ان اسأل، والسؤال هو ما بقي لي، اذهبي الى الجحيم، وانا سأسيرخلفك ولكن أن اصمت ولا اسأل فهذا مستحيل .

قالت : ـ "اسأل ولكن ليس في كل شيء، فانا لم اعد احتمل اسئلتك عن كل صغيرة وكبيرة ". قلت لها : ـ سأسأل حول الشيء الذي لا افهمه . ضحكت وقالت : ـ " إذاً ستسأل عن كل شيء، فأنت لا تفهم شيئاً". قلت : ـ كلا لن اسأل الا في الاشياء المهمة فقط .ولكن لاتقولي لي اننا سنبحث في هذه الصحراء العظيمة عن "قوة الشر "، او اننا سنبقى فيها اياما، فالموت ارحم .
قالت : ـ "اولا ان هذه الصحراء العظيمة والتي تراها لا متناهية ,لا تزيد مساحتها عن مئات الامتار فقط، وما نراه من عظمتها ما هو الا تكرار وانعكاس لنفس الصورة بسبب وجود حواجز (زمنية )"حجب " تفصل بين مكان واخر .ولا يمكن رؤية "الحاجز" بالعين، وما تستطيع العين ان تراه هو فراغ تنعكس من خلاله صورة المساحة التي تسبق الحاجز، وتتكرر على مداه، ولو كانت لك تجربة في هذه الامور لعرفت ما ترى ببساطة، المهم اننا امام "حاجز" طبيعي يفصل بين خواص مختلفة ولا توجد صعوبة في دخوله لاي كان، ولكن امسك بيدي بقوة حتى ندخل معا ولا يترك احد الاخر، وتعال لنرى ماذا يوجد خلفه"؟؟؟ امسكت بيدها وسرنا على رمال الصحراء عشرات الامتار نخطو خطوة خطوة بتقارب شديد، حتى يبقى جسدي ملاصقا لجسدها، وخطواتي متوازيةمع خطواتها، بحيث لا يسبق احدنا الاخر.وسالت مرح: ـ اين الحاجز؟ الم نصله بعد؟.

قالت: ـ " انه لا يرى بالعين ولكن قد ندخله في أية لحظة..". ولم تكمل كلامها حتى كانت الخطوة التي خطوناها ما بين سؤالي وجوابها كافية لنقلنا من صحراء قاحلة الى حضارة زاهرة ..عالم ..وهم .. سراب..خيال..جنون..كل شيء جائز في تلك اللحظة، فبسرعة انتقال النائم من حلم الى حلم وبمسافة خطوة لا اكثر انتقلت من دنيا الى دنيا. كل اللغات..والكلمات..وسعة الخيال، في عجز كامل عن وصف ما نرى امامنا ، وعلى ماذا نطل، هل وصلنا الى بلاد العجائب ، وقفت مشدوها مبهورا ؟كيف لا وعيوني ترى الماضي والحاضر مجتمعين معاً في تناسق ونظام؟؟ حدثت نفسي وكأن ريحا قد اصاب دماغي بمس ما، وجعله يرسم امامي اسطورة وابداعا لا يفوقه ابداع، كل ما مر علي من عجائب وغرائب وجنون وعقل، كل تلك الخوارق التي مررت بها في عالم الجن، لا شيء امام ما ارى، فبوابة الشر بعظمتها والنهر الساكن الغامض ومهارب وممرات الزمن وباطن الارض واسرار الذهب واختفاء الجن وظهورهم.والجميلة التي تتحول في لحظات الى افعى، واعمدة الدخان والعقرب والوحوش والظلال.عجائب العجائب مرت علي منذ لحظة التقائي بغادة وزواجي منها ، كل هذا شيء لا يذكر امام ما ارى، فاللحظات والايام والاشهر والسنوات التي مرت واحداثها التي لا يصدقها عقل، كلها ضاعت وتبخرت في اقل من لحظة ومع خطوة واحدة فقط وانقلب كياني. و سخرت من الذين يلحدون واستغربت ممن قالوا ان الصدفة صنعت القمر والنجوم وان الانسان قرد تطور, وان وجود خالق للكون فكرة صنعها عقل مجنون، وان الانسان بعد الموت لن يكون، وان الانسان هو المعجزة والاسطورة بغزوه الكواكب والقمر ووصل الانسان بالانسان من اول الدنيا الى اخرها بلحظات ازال الجبال وحول الانهار وانار الدنيا ليل نهار وشرّح الجسد واستبدل القلب والرئة وقال ان الشجرة وجدت صدفة ونمت الثمرة صدفة والجبل والنهر والبحر صدفة والشمس والقمر صدفة وعقل الانسان صدفة سبحانك ربي سبحانك فوالله لم نعلم الا القليل وكابرنا والحدنا واعمينا بصائرنا عن رؤية ملايين الايات لخالق عظيم، فكيف وجدت هذه العقول الجبارة التي صنعت ما ارى ان لم يكن لها خالق اعظم واقوى ,عيوني لا تدري الى أي جهة تنظر ,نظرات خاطفة هنا وهناك، الاف الصور اراها ومع كل صورة يدور الف سؤال وسؤال اين انا؟ في أي عالم انا؟ في أي دنيا انا؟ هل انا في الماضي ام الحاضر؟ هل انا على كوكب الارض ام على كوكب اخر؟ لا شك اني لست في الماضي فعالم الحاضر هنا ممزوج بعالم الماضي بتناسق. حضارة تاريخ ماضي وحاضر نظام دنيا جديدة . سألت الجنية مرح: ـ اين نحن؟ في أي عالم؟ أنحن في الماضي ام في الحاضر... في عالم الجن ام في عالم البشر .اين نحن يا مرح ان لم اكن احلم . مرح مذهولة مثلي، شاردة الذهن، لم تصغ. اعدت السؤال فالتفتت الي واجابت بكلمة واحدة: ـ "لا ادري ". قلت ـ نحن لسنا في عالم البشر . قالت ـ "ولا في (عالم الكونيين )". قلت ـ ولكن كل ما اراه يخص البشر. قالت ـ " وكذلك الكونيين ". قلت لها : ـ اني في حيرة من امري مما ارى . قالت : ـ"وكذلك انا ". لم يكن لمرح ما يمكنها ان تجيب به او عليه، ولم يعد لسؤالي الموجه اليها جدوى، واخذت اتامل ما ارى من حيث اقف: طرق عريضة، مرصوفة، مبلطة بقطع صغيرة من الفسيفساء الملونة "مبلطة" باشكال هندسية عجيبة، تشكل معا رسومات وكتابات ابداعية يحتاج الشخص الواحد الى الف الف عام ليمر عنها ويراها ، وعلى جوانب الطرق اعمدة مضاءة، مزخرفة يصعب وصف جمالها وتنسيقها، وبين كل عمودين مجموعة من الاشجار، وقبلها مئات الزهور المصفوفة بعناية وبنظام غريب، وفي وسطها نافورة ماء، يصعد الماء منها وينزل بطريقة عجيبة ،وبجانب كل نافورة لوحة حجرية من الرخام، خطت عليها رسومات وكتابات لم اكن اتبينها الا حين تجرأنا واخذنا نتجول بينها، الاشجار من بين الاعمدة تتشابك فروعها مع فروع الاشجار بالاتجاه المعاكس، لتشكل مظلة متناسقة تستطيع معها ان تحجب الشمس ولاتحجبها في نفس الوقت. مقاعد حجرية ايضا بين الاعمدة تشدك بل تناديك للجلوس عليها، ومصابيح حجرية فوق كل عامود ينبعث منها نور خافت بالوان عديدة لا تكاد ترى، ربما لأن نور الشمس يطغى اكثر على جوانب الطرق وعلى طولها متكررا الى الاف الاعمدة والاف نوافير الماء والاف اللوحات المنقوشة بكل اللغات .عرفت منها العربية والفرنسية والعبرية والانجليزية واليابانية ومئات اللغات الاخرى التي لم اعهدها، هذا ما كنا نراه عن قرب ويبدو انها كانت عبارة عن طرق خارجية تحيط بالمدينة التي تبعد عن هذه الطرقات، وبالرغم من المسافة الا اننا نرى بوضوح الاف البيوت، التي بنيت بطريقة هندسية في غاية الروعة، منها القديم ومنها الحديث وقد اصطفت في انتظام عجيب وعلى سطوحها حدائق مليئة بالازهار والنباتات، التي عهدتها والتي لم اعهدها، تأسر العيون بجمالها . كل هذا لا يذكر امام البرج الدائري العملاق والذي اختفت قمته بين السحب حتى يحال ان أرى الى اين ينتهي. شلالات الماء تنساب من كافة جوانبه من القمة الى الاسفل، لأرى قوس قزح يخرج او ينبعث من وسطه، كل هذا استطيع ان اراه رغم المسافة البعيدة الكائنة بيني وبينه واعتقد اني بحاجة الى ساعات للوصول اليه، ولكنه لضخامته يرى بوضوح...اما الذي حيرني وابهرني منذ اللحظة الاولى، فهو وجود الاهرام او نسخة طبق الاصل عن الاهرام المصرية بجانب البرج، وكذلك عشرات الآثار المشهورة في عالم البشر.. سرنا قليلاً.. رويداً رويداً في تلك الطرقات المدهشة العجيبة، وبعدها....
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 6:32 pm




الحلقة 50

(الاميرة بندارآ)


جلسنا على مقعد حجرى ، وخلفنا نافورة ماء، وحول المقعد عدة أشجار غرست فى ترتيب ونسق ونظام يدعو للاعجاب، بحيث ان ظلالها ارتبطت بحركة الشمس، ليبقى المقغد تحت الظل أينما كان موقع الشمس.
مياه النافورة أرتفعت عدة أمتار من فوق المقعد، وللوهلة الأولى يسود الأعتقاد بأن المياه ستسقط فوق رؤوس الجالسين على المقعد ..

تنعكس ظلال الاشجار على المياه المندفعه من النافورة لينعكس على المقعد ظل الظل، لوحة غاية فى الفن والروعة، يصعب وصفها بسهولة. المقعد هو واحد من آلاف المقاعد المنتشرة على طول الطريق، لا يفصل بين الواحد والأخر سوى امتار قليلة، ويخيل لى أنه لو تم بناء مقعد واحد كهذا فى عالمنا، لأصبح حدث الساعة ومحطة للسواح، ولنال مصممه جوائز عالمية فى التصميم والأبداع. إلا ان هذا المقعد لا يلفت انتباه احد غيرى، وحتى مرح لم تكترث به، ربما كان ذلك لأنها أعتادت رؤية مثل هذه الأشياء .. الجنية مرح متكئة على كتفى، علامات الأرهاق والتعب بادية على وجهها ولأول مرة اراها "تتثائب" من النعاس ... قلت لها مداعباً :
- - هيك بتتثاوبى مثل البشر؟؟
أبتسمت وأغمضت عيونها بدلال ولم تعلق .. كان الناس يمرون من حولنا، منهم من يجلس على المقعد المجاور، ومنهم من يسير، ولم يكن احد ليأبه بوجودنا – بدأت افكر بسؤال اطرحه على احدهم لأعرف شيئاً أو عنواناً نذهب أليه ... امسكت بطرف يد مرح وضغطت عليها وقلت لها :
مرح هيا، أستخدمى عقلك ودهائك وفكرى فى سؤال لنصل الى كبير المدينة ونكمل طريقنا ... رفعت رأسها عن كتفى قليلاً وقالت بغنج ودلال:
أسأل أنت، أنا تعبه" !!!
اعادت رأسها من جديد، فأخذت أفكر بسؤال أسأله لأحد المارة ... أنتظرت قليلاً ولم يمر احد، فقررت ان اتوجه الى مجموعة من الأشخاص الجالسين على المقعد المجاور لأسألهم.
طلبت من مرح ان ترفع رأسها عن كتفى لأذهب، وفعلت ذلك، فسرت وأقتربت من المقعد المجاور، وكان الجالسين عليه رجل وأمرأتين يتحادثون معاً .. قلت لهم:
مرحبا. فى أى أتجاه يجب أن نسير لنصل الى كبير هذه المدينه؟؟؟
ابتسمت المرأة وحاول الرجل ان يخفى ابتسامته واجاب:
"لانفهم قصدك"!!!
قلت:
نريد أن نصل الى بيت المسؤول
قال:
"اى مسؤول فيهم تريد؟ وعن أى شأن هو مسؤول لأستطيع ان أدلك"؟!!
شعرت انى فى مأزق، فالأشخاص هنا يختلفون عن الأشخاص فى المدينة السابقة، وأنا لا أدرى ماذا اسأل .. قلت:
المسؤول عن هذه المدينة ... المسؤول عن كل شئ .. "أكبر واحد فيهم"
بدا على وجوههم الاستغراب من سؤالى واخفوا ابتسامتهم بلباقة حتى لا يحرجونى، وبادرت المرأة الثانية وسألت:
من أين أنت؟ يبدو عليك انك من الجنوب ؟؟
قلت:
كلا، انا لست من هذا العالم، انا من عالم اخر ...
اخذوا ينظرون فى وجوه بعضهم البعض، وارتسمت على شفاههم ابتسامة ساخرة ظهرت رغم عنهم، ويبدو ان حديثى شدهم، فقالت المرأة:
ربما نحن لا نفهم ماذا تريد بالظبط، ولكن بأمكانك ان تأخذ أية عربة لتوصلك الى العنوان الذى تريده .....
قلت لهم:
شكراً.
وجدتها فرصة لأهرب من هذا الأحراج. عدت الى مرح وبادرتنى بالسؤال:
آه، شو صار معك؟؟؟
هذه المدينة ليست كالمدينة السابقة، واقاربك من الجن هنا يجيبون على الأسئلة دون تعقيد او ألغاز ...
اشك ان هؤلاء من اقاربى انا، واعتقد انهم من اقاربك انت ... المهم ماذا فعلت وإلى اين وصلت ؟؟
توصلت الى أن المسؤولين فى هذه المدينة كثييرون، وانه يجب ان نركب عربه لتوصلنا الى العنوان الذى نريد!
قالت ساخرة:
شاطر ياحسن، لقد استنتجت مالا يمكن ان يستنتجه أحد غيرك، اكاد اجن اعجاباً بذكائك .. المسؤولون كثيرون ويجب ان نركب عربه، الأن أيقنت كم أنت ذكى .. لقد عرفت كل شئ ولم يبقى شئ لتعرفه.
فى هذه الأثناء ومرح مازالت تتحدث بسخرية، توقفت عربة سوداء تجرها مجموعة من الخيول .. فتح الباب وخرج منها رجل واقترب منا وقال:
مرحبا، أنا "رابى" جئت لاصحبكم الى مجلس الأميرة .. ان لم يكن لديكم مانع، تفضلوا !!!
صعدنا معه العربة دون جدال، فنحن بحاجة لتوفير الجهد والتعب فى البحث عن عنوان .. واى عنوان!!
الفضول بدأ يدفعنى لأسأله عن المدينة .. ولكنه اعتذر بلباقة وادب وقال:
اعذرونى، فأنا مكلف فقط بأيصالكم، ولا يسمح لى بخوض أي حديث معكم!!!
جوابه كان كافياً لأسكاتى، فلم أعلق.
اخذت العربة تشق طريقها فى شوارع المدينة التى هى من عجائب الزمان، وطوال الطريق التى سرنا فيها لم يلفت انتباهى أى اثار لتكنولوجيا او ماشابه، كل ما اراه يدل على ان هذه المدينة قد صممت بعيدا عن اشكال التكنولوجيا .. ولولا رؤيتى لمبانى وأثار مشابهة لتلك الموجودة فى عالم البشر، والتى تم بناؤها منذ عشرات السنين، لأعتقدت انى قد عدت للماضى قبل الاف السنين ..

توقفت العربة امام برج عال او مبنى دائرى، تحيط به الحدائق من كل الجوانب، كيفما اراه من الخارج! فهو برج عملاق تصميمه بسيط ومتواضع، لا يبدو عليه البذخ أو المبالغة فى أى شئ، وكل مايحيطه يبعث على الراحة النفسية، ويمنح الانسان شعوراً بأنه أمام متحف تاريخى قديم ... اقتربت من العربة فتاة، ورحبت بنا وطلبت ان ترافقنا قائلة:
" جئت لأرافقم أن لم تمانعوا"!!!
فقلت لها مازحاً لا أكثر:
نعم، نحن نمانع ...
ردت:
لكم الحرية فى ذلك، هل تفضلون ان يرافقكم احد اخر، ام ادلكم على الطريق وتسيرون وحدكم؟
فرأيت انها اخذت الموضوع بجدية! فقلت:
كلا، فقط اردت ممازحتك، نحن لا نمانع ان ترافقينا.
قالت :
تفضلوا ...
قلت:
هل استطيع ان اسألك ام انك ايضاً ممنوعة من الحديث معنا؟
اجابت بأدب :
"كلا لست ممنوعة من الحديث معكم، ولكنى أفضل ان لم تمانعوا ان تنتظروا لحظات، وستجدون من يجيبكم على كل اسئلتكم!!!
سرنا برفقة هذه الفتاة التى كانت غاية فى التواضع والادب ... مرح بقيت صامته تضم شفتيها على بعضهما علامة على عدم الرضا او انها تشعر بأن هذا الأستقبال لا يليق بها.
دقائق فقط واصبحنا داخل هذا البرج. فوجئت بما رأيت، فقد رسمت فى خيالى بأنى سأرى العجائب داخل هذا البرج كما حدث فى البيوت السابقة، والتى لا يعكس خارجها ما بداخلها، ولكنى أرى أن هذا البرج يختلف عن خارجه فى كل شئ، فالبساطة واضحة وبادية على كل شئ فيه، وبالرغم من بساطة الأثاث والديكور والمحتويات إلا اننى انبهرت من التناسق والنظام فى كل شئ .. فتحت لنا الفتاة المرافقة بابا من الصالة وقالت:
ارجو منكم ان لم تمانعوا ان تنتظروا قليلا فى مكتب الاميرة، وبعد دقائق ستكون هى فى صحبتكم ....
جلسنا واغلقت المرافقة الباب وذهبت، واخذت مرح تجول بعيونها فى كل ارجاء الغرفة والمكتبة المليئة بالكتب القديمة أو الجديدة، ولكنى اراها قديمة ..
سألت مرح:
الا تستغربين ان يكون هذا مسكن ومكتب مسؤولة المدينة؟ ترى كيف سيكون شكلها؟
رمقتنى بنظرة وكأن سؤالى لم يعجبها وقالت :
"هلا بتعرف"!!!
لحظات وفتح الباب، ودخلت منه فتاة تحمل بين يديها (صينية) عليها كأسين من الماء.
اقتربت من مرح وقالت لها:
"تفضلى ... "
هزت مرح رأسها بتكبر مشيرة بأنها لا تريد. تقدمت الفتاة نحوى وقدمت لى الماء وقالت:
"تفضل ... "
تناولت الكوب وشكرتها .. ووضعت الصينية على الطاولة وقالت لمرح :
"ان هذا اشهر مشروب فى المدينة وتقديمه عادة متبعة للترحاب، ولكن ان اردتِ ان احضر لكِ شيئاً اخر، فأنا على أستعداد"
تناولت مرح الكوب من الصينية، وكان يبدو انها تريد اختصار الحديث وإنهاءه وقالت:
"شكراً ....."
التفتت الفتاة الي وقالت:
"هل تود ان احضر لك شئ اخر"؟
قلت:
ان كان يوجد فى مدينتكم هذه شئ اسمه "قهوة" فسأكون شاكراً لكم؟
قالت:
"فى هذه المدينة يوجد كل شئ، كيف تشربها لأحضرها لك"؟
قلت:
حلوة شوية ان امكن ..
قالت:
"حاضر، سأحضرها حالاً .."
وخرجت الفتاة .. والتفت الى مرح وقلت لها:
الن تكفي عن حركات التكبر، رغم كل ما حدث لم يتغير فى طباعك شئ، لا تنسى اننا بحاجة اليهم يا ...
رفعت حواجبها وقالت بحدة:
"انا لست بحاجة لأحد، وهؤلاء ينفذون الأوامر الصادرة اليهم، ولن يتغير فى الوضع شئ سواء جاملناهم أم لم نجاملهم، ولو كانت الاوامر ان يعاملونا بطريقة مختلفة لفعلوا، وهم لا يفعلون هذا احتراما لنا، وانما لأنهم مرغمون على ذلك، ولست مضطرة ان اجاريهم على تفاهتهم.
قلت لها:
مرح، متى ستحضر الأميرة؟
قالت بغضب :
"لماذا تسألنى؟ هل قالوا لك بأنى وصيفتها؟ أسأل خدمها لتعرف!
قلت لها بأمتعاض :
ليش أنت زعلانه، أنا بسألك علشان علشان أنتِ صاحبة القوة الخارقة التى بتعرف كل شئ!!!
ردت ساخرة:
"لاياحبيبى متشألنيش، القوة الخارقة خلاصت زمان، وانا بطلت أعرف اشي، أعرف أنت وأحكيلى ..."
توقفنا عن الحديث مع انفتاح الباب ودخول الفتاة، وقد احضرت لى القهوة .. قالت:
"اهلا وسهلا بكم، انا اسمى (بندارا) ان لم تمانعو سأجلس لأتحدث معكم".
توقفت الفتاة عن الحديث وذلك بسبب ضحكة مرح التى جعلتنى اضحك رغم عنى، فمن نظراتها أدركت انها قرأت أفكارى بسرعة، وخاصة أسم "بندارا" ذكرنى بالبندورة. فأردت ان أقول "أنا أسمى خيار" ولكنى لم أفعل، ان قراءة مرح السريعة لأفكارى جعلها تضحك وتضحكنى معها، وأصبح الموقف محرجاً امام الفتاة التى لابد انها ظنت اننا نسخر منها ....
أعتذرت للفتاة بسرعة وقلت لها :
ان اسمك غريب نوعاً ما وهو ...
قاطعتنى قائلة:
"لاداعى للتبرير، لا يوجد مايسئ، أن لم تمانعوا سأكمل حديثى"
قلت لها:
تفضلى .....
ومرح مازالت تبتسم بخبث، وهى تتعمد ان تضحكنى لتحرجنى، كانت تتكئ بيدها وراسها على المكتب تداعب شعرها ولا تبالى بحديث الفتاة، مظهرة التكبر. كان واضحاً ان الفتاة تعمل على ان لا تظهر اي تأثر بتجاهل مرح المهين.
قالت الفتاة:
"انا على استعداد لأجيبكم على اسئلتكم، وان لم تمانعوا فتفضلوا بطرح الأسئلة التى تريديون منى الأجابة عليها"؟
غمزتنى مرح بطرف عينها، فهمت انها تريد منى ان اسأل .. فسألت الفتاة:
متى ستحضر كبيرة المدينة؟
قالت:
"لا توجد لهذه المدينة كبيرة حتى تحضر"
قلت:
اقصد المسؤولة او الرئيسة لهذه المدينة!!!
قالت:
"ايضاً لا يوجد مسؤولة لهذه المدينة، يوجد الكثير من المسؤولين والمسؤولات فى مجالات مختلفة فى المدينة، وليس على المدينة" .....
أعتدلت مرح فى جلستها بأستنفار، وبطريقة مستفزة خيل لى انها ستضربها وقالت بلهجة تهكم :
بيقصد بذلك الاميرة!!! "الست" الاميرة بتاعتك اللى جابونا عندها مطولة تتجى"؟
رمقت الفتاة مرح بنظرة أستخفاف وقالت:
"ان لم تمانعوا، أنا هى التى تتحدث معكم "
اشارت مرح باصبعها وقالت:
"أنتِ الأميرة"؟!
ردت الفتاة
"ان لم تمانعى ..."
وغزت علامات الأستغراب والمفاجأة وجه مرح، وعادت لتميل بجلستها مستخفة وغير آبهة بما يحدث.
أردت ان انقذ الموقف، فقلت للأميرة:
نعتذر لك، لم نميز انك الاميرة المقصودة، وإلا لكنا ... خانتنى الكلمات ولم أعلم ماذا أقول !!
ردت الاميرة:
"لا يوجد داعى للعتذار، لم يحدث شئ سئ، وكونى الاميرة لا يتطلب منكم معاملتى معاملة خاصة."
قلت لها:
عفواً أيتها الأميرة، لماذا نحن هنا وعندك أنتِ بالذات؟؟
قالت:
"تستطيع ان تنادينى بأسمي ... من مهمتى كأميرة للمدينة أن أرحب بالقادمين اليها، وأشرح لهم تعاليمنا والشروط المفروضة لبقاءهم فى هذه المدينة.
قلت لها:
ولكننا لسنا مجرد قادمين الى المدينة، ووضعنا يختلف بعض الشئ.
قالت:
"لا أجد أى أختلاف بينكم وبين أى قادم أخر"
قلت:
نحن لم نأتِ لهذه المدينة من أجل البقاء فيها.
قالت:
بقاؤكم أو خروجكم موضوع سابق لأوانه، وما يهمنى هو أنكم الآن فى المدينة، وبما أنكم دخلتموها، بالصدفة أو عن قصد، فمن واجبى ان اشرح لكم "التعاليم" ... اولا، هذه المدينة: من يدخلها لا يستطيع ان يخرج منها قبل انقضاء عام كامل على دخوله اليها. ثانياً ان قرر القادم اليها ان يبقى فيها، فأن قراره هذا يكون بحاجة لموافقة "المجلس" عليه، ليتم السماح له بالبقاء، والا يتم اخراجه منها بعد أنقضاء العام. ثالثاً إن "تعاليم" هذه المدينة مفدسة ولا يسمح بمخالفتها لأى كان. وإن تمت مخالفتها عن قصد، فمجلسي له الحق بأبعاد المخالف الى مدينة الشمس ليمضى هناك بقية العام، وبعدها يعود من حيث أتى ....."
ثم أردفت بالقول:
فى هذه المدينة لن يدخل أحد فى شؤونكم، ولن يسمح لكم بالتدخل فى شؤون الأخرين، كما أن لاجميع هنا حرية الأختيار فى كل شئ، ولا يسمح بمخالفة التعاليم. وهنا توجد فوارق بين الأشخاص فى طبيعة العمل والمهمات، مكانة الشخص يحددها بنفسه بناء على مايقدم للأخرين وللمدينة، ولا يوجد أحد أفضل من الأخر ... إن قدمتم أخذتم وأن لم تقدموا لن تأخذواشيئاً!!
تأفأفت مرح وقاطعتها قائلة:
: أسمعى ياباندارا، نحن لا يهمنا ان نسمع عن تعاليم مدينتكم، ولا عن أشخاصها، ولا نخطط للبقاء فيها لقد سرنا بارادتنا أو رغماً عنا لنصل الى هنا من قِبل من هم اعلى منك وأهم، فلا تضيعى وقتنا بأمور لا تهمنا ولن تهمنا. لقد جئنا من أجل هدف معين، وأصبحنا جزء من لعبة نلعبها مع كباركم، وان لم يبلغوك، فأنا التى ستبلغك: نحن جئنا للحصول على "قوة الشر"، فأن كان لديك ما تقولينه حول هذا الموضوع فتفضلى، وإلا فلا داعى لأضاعة الوقت بحديث سخيف.
أنهت مرح حديثها، وأرتسمت على شفاه باندارا ابتسامة صفراء، وقلت انا فى نفسى: "الله يستر من حروب النساء".
قالت باندارا:
"اسمعوا جيداً، من واجبى ان اشرح لكم عن تعاليمنا حتى لا تخالفوها، وان كان حديثى سخيف ولا يهكم فهذا شأنكم ... انتم الأن فى مملكة الشر، وأنا اميرة هذا الجزء من المملكة، وانا المسؤولة عنكم، شئتم أم أبيتم، وقد قلت لكم سابقا انكم بالنسبة لى قادمين، وقد تصبحون مواطنين، ولا فرق لدى بينكم وبين قادم اخر، مايهمنى هو انكم موجودون الأن فى المملكة، وستكونون تحت مسؤوليتى لمدة عام .. قدمت لكم الأحترام الذى يليق بكم ، واتشرف ان سنحت لى الفرصة بتقديم المزيد من الأحترام، ان لم تمانعوا، سأشرح لكم تعاليمنا حتى تتكيفوا معها ...
قاطعتها مرح بأستخفاف:
"نحن نمانع" !!!
ابتسمت باندارا وقالت:
"هل تريدن ان استدعى شخصاً اخر غيرى ليشرحها لكم" ..
قالت مرح:
"لا داعى فتعاليمكم لا تهمنا" ..
قالت باندارا:
"ربما تريدون الحصول عليها مكتوبة لتقرأوها بلغاتكم الأصلية"
قالت مرح:
"وايضاً لا يوجد لدينا وقت لنقرأ" ..
قالت باندارا:
"هل لديكم اقتراح لطريقة ما لنوصل اليكم تعريفاً بتعاليمنا؟"
ردت مرح.
"نعم ، نقترح ان لا تضيعى وقتنا"
قالت باندارا:
"هل هناك ما استطيع ان اقدمه لكم؟"
قالت مرح :
"فقط دلينا على الطريق لقوة الشر ونكون شاكرين لحضرتك"
قالت باندارا:
"عن اية "قوة شر" تتحدثين؟"
قالت مرح:
" قوة الشر الموجودة فى مملكة الشر، والتى نحن فيها الان، ومن اجلها جئنا، وانت تعرفين ذلك جيداً وإلا لما وصلنا اليكِ".
قالت باندارا :
"ان لم تمانعى فصيغى سؤالك بطريقة اخرى فربما فهمته"
قالت مرح بلهجة فيها بعض السخرية:
"ان لم تمانعى فدلينا على الطريق"
ردت باندارا:
"انا امانع" !!
قالت مرح:
"وهل من قوانين اللعبة ان لا تدلينا؟"
قالت باندارا:
"انا لا تهمنى قوانين لعبتك ، وما يهمنى هو تعاليمنا"
قالت مرح :
"اذا سنبحث عن غيرك ليدلنا، وشكراً لضيافتك"!!!
قالت باندارا:
"رافقتكم السلامة"
وهزت مرح كتفها علامة الاستخفاف واللامباللاة ، وتوجهنا الى الباب وقالت:
"هيا يا حسن لنذهب" ..
نظرت انا الى باندارا، محاولا تلطيف الجو وقلت لها:
"لا تؤخذينا ايتها الاميرة"
أبتسمت الاميرة ، ورمقتنى مرح بنظرة حادة وقالت وهى تمسك بمقبض الباب:
"تفضل قدامى"
وجدت نفسى بلا قرار، فانا بين نارين ، نار الأميرة الهادئة المتوضعة، ونار مرح ، التى بذلت كل ما فى جهدها لأستفزازها ... خرجت منساقاً خلف مرح، لنخرج من البرج ، ونسير فى الحديقة ، ونصل الى الشارع لنصبح وحدنا ، وحينها وجدت الفرصة لانفس عما بداخلى، فقلت لها:
"لماذا تصرفتِ معها هكذا؟ والى متى ستبقين متعجرفة مع الأخرين اما كان من الأفضل ان تتصرفى بطريقة بطريقة اخرى؟ الم تتحدث معك "باندارا" بمنتهى الأدب والأخلاق والأحترام؟ سوف تصيبنى تصرفاتك بالجنون، الا تجيدين إلا اهانة الاخرين واستفزازهم كفى يامرح ارجوك .. كفى .. أين ذهب دهائك فى التصرف ..
قالت مرح:
"هل بقى لديك شئ اخر لتقوله يا استاذ الادب والأخلاق، انا اتصرف كما يحلو لى، وبما أراه مناسباً، وانا لا احب هذا النوع من النساء، لا أحب أهل هذه المدينة، وكلمة " أن لم تمانع" اجدها من الكلمات السخيفة التى لم تذكر ولن تذكر فى قاموسى، فأنا مرح وان اردت شيئا احصل عليه، مانع الأخرون ام لم يمانعوا ... فلم النفاق؟ اميرتك المتواضعة باندارا تعلم جيداً ماذا تريد، وانا أعلم انها تعلم، وهى تعلم اننا نعلم انها تعلم ماذا تريد، أذا لا داعى للنفاق ولعبة التواضع المبالغ فيها ....
قلت لها.
تفضلى يامرح يا ابنة الجن، يافريدة زمانك وقولى ماذا يجب ان نفعل الان ؟؟
قالت:
"سنسير فى خطين ، الخط الأول يتمثل فى البحث عن "قوة الشر" بكل الطرق الممكنة حتى نجدها، والخط الثانى وهو الاهم والذى يجب ان لا يشك به احد، يتمثل فى أيجاد مخرج يعيدنا الى عالم البشر بسرعة، فإن نجحنا نكون قد افلتنا من قبضتهم، وخرجنا من هذه اللعبة القذرة، التى يتحكمون بصغيرتها وكبيرتها، وان وصلنا الى عالم البشر، فأستطيع ان احميك واحمى نفسى، وانا بارعة فى ذلك، وحتى تسنح تلك الفرصة، فسنبقى (فئران تجارب) شئنا ام ابينا."
سرنا من شارع الى اخر، وفى كل شارع أعجوبة وأعجوبة، هذه المدينة فى صغيرتها وكبيرتها، اعجوبة من عجائب الزمان، ان اللغة بكل تعابيرها لم تخلق لتصف اسطورة هذه المدينة....
ارهقنا السير على الاقدام واخذنا الوقت وحل الظلام واصابنا النعاس، اكلنا وشربنا من الاشجار المصطفة على جانبى الطريق، والتى تحمل الاف انواع الثمار، وشربنا من الواحات المنتشرة، ونمنا تحت احدى المظلات حتى أشرقت الشمس من جديد وعدنا للسير بلا هدف نبحث عن لا شئ .. كانت فى طريقنا عشرات العربات الجميلة المزخرفة والتى تجرها خيول بيضاء تقف على جوانب الطرقات حيث اعد لكل منها مكان خاص صمم من اجلها.
لمعت برأسى فكرة: لماذا نرهق أنفسنا بالسير على الأقدام، ونحن بأمكاننا ان نركب احدى هذه العربات . لم تمانع مرح، فاقتربنا من احدى العربات وركبنا فيها، وانطلقت الخيول تسير على الطرقات المرصوفة بقطع الفسيفساء الصغيرة الملونة، والتى تشكل مئات الرسومات المتتابعة، ووقع اقدام الخيول عليها كأيقاع موسيقى، ولكن تلك الرتابة لم تستمر طويلا، فسرعان ما انطلقت الخيول بسرعة تسابق الريح، لا ابالغ ان قلت انها طارت، لم ندرِ كيف نوقفها او لماذا جن جنونها .....

قلت لمرح:
أوقفيها ارجوك ستقتلنا !!!!
قالت مرح:
"فى عالمى لا يوجد مثل هذه العربات، اما فى عالم البشر فتوجد ... اوقفها أنت ...."
وفى اقل من دقائق توقفت العربة فى حديقة برج الاميرة "باندارا" ، لتطل علينا الاميرة وتقول:
"احد تعالم مدينتما التى رفضتم ان تعرفوها: (لا تاخذوا شيئا ليس لكم) اذهبوا رافقتكم السلامة ان اردتم.
خرجنا من العربة وعدنا نسير على اقدامنا من نفس الطريق مرة اخرى، وضاع تعب يوم كامل، سرنا وسرنا ساعات طويلة وتوقفنا امام لوحة حجرية كبيرة جداً، نقشت عليها رموز ورسومات وكلمات بلون الذهب الممزوج باللون الاحمر ....
سألت مرح :
هل هذه مكتوبة بلغة الجن؟؟
"قالت مرح كلا انها ليست من لغات عالمى، ولا تشبه اى لغة من مئات اللغات للبشر القديمة والجديدة، انها لغة غريبة لم اعهدها من قبل"
بجانب اللوحة كانت اشجار فى غاية الجمال ، تحمل ثماراً بأشكال مختلفة تشبه قليلاً ثمر "التين" ....
مددت يدى واكلت واحدة، وكذلك فعلت مرح ، زما هى إلا ثانية حتى صابنى دوار رهيب ، ورأيت مرح تسقط امامى على الأرض، حاولت رفع رأسى، ولكن دون جدوى، فقد سقطت ارضاً، اغمضت عيني، وبدأ الدوار يزول تدريجياً .. فتحت عيونى لأجد نفسى بجانب مرح ، وحولنا مجموعة من الأشخاص فى حديقة الأميرة باندارا.
اطلت الاميرة باندارا مبتسمة كعادتها وقالت:
"حظكم أننا نراقبكم وقمنا بأنقاذكم وإلا لكنتم بقيتم فاقدي الوعى والأدراك ماحييتم ... احد تعاليم مدينتنا والتى رفضتم ان تعرفوها: " تعاليم الشر كثيرة وثمارها لذيذة ابتعدوا عنها ان لم تمانعوا"
والأن رافقتكم السلامة ان اردتم ..."
وعدنا نسير من حيث بدأنا انظر فى وجهه مرح المكابرة واقول لها:
تعالى نعود ونطلب من الأميرة باندارا ان تشرح لنا عن قوانين مدينتها.
لكن مرح رفضت بكبرياءها المعهود ......
سرنا نبحث عن لا شئ ، وأكلنا من الثمار التى نعرفها وأبتعدنا عن تلك الثمار التى لا نعرفها تحسباً لاية مفاجأة.
حل الظلام وغشى النعاس عيوننا، وجلسنا لنأخذ قسطاً من الراحة تحت احدى المظلات المضاءة بفوانيس ينبعث منها لون أحمر خافت، أمتزج لونه مع نور القمر ليشكلا معاً لوناً تثمل له العقول، وأخذنا نضحك على ما حدث معنا، اجواء المكان والاضاءة اثارت بداخلى الشهوة لجسد مرح الذى امتزج لونه بضوء الفوانيس الاحمر مع شعاع القمر، وقبل ان اقترب منها اقتربت هى وقبلتنى قبلة انستنى ماحدث فى الماضى وما سيحدث فى المستقبل، قبلتها وقبلتنى عانقتها وعانقتنى وبنار الشهوة الهبتها والهبتنى ...

ازدادت حدة النور الاحمر المنبعث من الفوانيس اكثر واكثر، ليحول كل شئ الى اللون الاحمر، واقترب القمر اكثر واكثر ليكمل امتزاج الألوان ولتصيبنا حالة من الهستيريا ... ابدأ بخلع ملابسها، وكذلك هى اصابتنى حالة من الهلوسة وكأن مسا قد اصاب عقلى، لا ادرى ماذا فعلت وماذا حدث لم اصحو إلا وقد عبق انفى بروائح شذية لم اعهدها من قبل ووجدت نفسى وقد اشرقت الشمس ومرح تستلقى على الارض الى جانبى، لم تصح بعد والجزء الاكبر من جسدها مازال مكشوفا.
نظرت حولى لأتفاجأ اننا فى حديقة الاميرة باندارا ولكن لا احد حولنا ... ايقظت مرح فقامت مذهولة، جلسنا مذهولين لا نتكلم ، وفى عقولنا مئات الاسئلة .. ماذا حدث!! وبعد مايقارب النصف ساعة حضرت الاميرة باندارا مبتسمة كعادتها ، واثقة فى خطاها فى عينيها بريق جذاب ، ابتسامتها ساحرة ، جسدها يشبه جسد مرح نوعا ما، شعرها قصير وبرغم ان مرح اجمل منها بكثير إلا ان جمال الاميرة يتميز بجاذبية تشد النظر والعقل ..
كان واضحا انها تعمدت الا تحضر حتى نصحو ونلملم انفسنا لكى لا تحرجنا، اما مرح ففور رؤيتها لباندارا اخذت تقوم ببعض الحركات لتظهر مفاتن جسدها متظاهرة بأنها لا ترى الاميرة وبما اننى اصبحت خبيراً بتصرفات مرح فهمت انها تحاول ان تغيظ الاميرة، وتطهر لها انها اجمل منها بكثير ....
ويبدوا ان الاميرة باندارا قد فطنت لما تحاول مرح ان تظهره، فارتسمت على شفاهها ابتسامة ماكرة وقالت
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 6:34 pm

الحلقة 51

( الأعتذار للأميرة)


من حسن حظكم اننا اخرجناكم من دائرة القمر الأحمر في الوقت المناسب وإلا لفقدتم عقلكم الى الأبد .... أحد تعاليم مدينتنا والتي رفضتم ان تعرفوها، أنه حيث يمتزج نور القمر بالنور الأحمر يتحول النور الى ظلام، فأبتعدوا الأن ان لم تمانعوا .... والأن رافقتكم السلامة.
وقفت مرح على قدميها وسارت بسرعة وقالت بنبرةالامر الحاسم:
هيا ياحسن !!
علمت أنها لا تريد أن تمنحني فرصة للبدء بأي حديث مع الأميرة ... سرنا من حيث بدأنا، فأخذت أضحك وشر البلية ما يضحك، وقلت لمرح:
هل يمكن أن أحدثك ( إن لم تمانعي) ؟؟؟
ابتسمت مرح وقالت :
تفضل (أنا لا أمانع) ؟؟
هل يمكن ان تخبريني ماذا ستفعلين الأن "ان لم تمانعي"؟
بصراحة إن لم تمانع فأنا لا أعرف؟؟
لدي أقتراح، لماذا لا نبقي في حديقة الأميرة بدلا من ان نعود اليها مرغمين "ان لم تمانعي"
هل يمكن ان اطلب منك ان تخرس "أن لم تمانع"
لدي خطة "إن لم تمانعي" اعود أنا الى الاميرة، فربما استطيع ان اكشف بعض الاسرار؟؟
قالت مرح ساخرة:
اي نوع من الاسرار تريد ان تكشفه لدى الاميرة، أخبرني "ان لم تمانع"؟
كل انواع الاسرار وخاصة تلك الاسرار البارزة والتي اتوق لكشفها طبعاً ان لم تمانعي؟
أكيد باندارا لن تمانع ان تكشف اسرارها البارزة والغير بارزة .. هيا عد اليها يا "حسن ياابو النسوان" وان لم تمانع سأقصف رقبتك.
والان يامرح ماذا سنفعل؟ هل سنسير في طرقات المدينة (ان لم تمانعي) الى مالا نهاية.
وعلى ماذا تستعجل، فلدينا عام كامل نقضيه في هذه المدينة كما قالوا، فدعنا نرى ماذا سيحدث.
سرنا من طريق الى اخر ، واخذنا نحذر كل شئ ، ونتخيل ان كل شئ في هذه المدينة مسحور، ويعيدنا الي حديقة الاميرة ....
اقتربنا من احدى الطرقات العريضة المرصوفة بالذهب،وعلى جانبي الطريق لوحات رخامية سوداء صغيرة وكبيرة تحوي كتابات بمئات اللغات خطت بلون الذهب إمتدت على مسافة مئات الامتار، والعجيب اننا استطعنا قراءة الكتابات من حيث نقف ....
قلت لمرح:
هيا ندخل هذه الطريق فهي حتماً مسحورة وستعيدنا الى حديقة الاميرة ....
ضحكت مرح وقالت:
لدي نفس الشعور، ان دخلنا هذه الطريق فسنعود الى سمو "ان لم تمانعوا".
واتفقنا ان لا ندخلها وسرنا من طريق اخر ولكن بعد مرورنا بعشرات الطرقات تكررت رؤيتنا لطرق مذهبة مشابهة لتلك الطريق التي رأيناها في السابق.
ضحكت مرح وقالت:
هيا ياحسن لنعود الى بندارا
دخلنا الطريق ونحن نضحك .. ولكن دقائق مرت دون ان يحصل شئ .. وسرنا اكثر واكثر، وادركنا ان الطريق فعلا مسحورة فهي لا تنتهي.

مرت ساعات ونحن نسير، ولكن دون جدوى، يبدو ان الطريق تسير معنا او اننا لا نسير ونظن اننا نسير، وبدأت الشمس تنسحب معلنة موعد الغروب
وما ان مال قرص الشمس الى الاحمرار حتى عكست الطريق صورة قرص الشمس لنصبح نحن داخل قرص الشمس او ان الطريق تحولت الى شمس، ولم نحتمل اقتراب الشمس منا ولم نستطع ان نخرج من الطريق، وبدأنا نشعر ان الشمس تأخذنا معها . . . .


دوار، صداع، هلوسة، لم نقاوم ، خيط رفيع من الامل وهو الذي تبقى لنا . . أن تتدخل الأميرة بندارا لتخرجنا ولكن الاميرة لم تتدخل . . . .
ازداد العذاب ومر الوقت، وانتهى الكابوس ولا ادري ماذا حدث وكيف وصلنا الى حديقة الاميرة، واطلت الاميرة من جديد وقالت:
من حسن حظكم اننا اخرجناكم في الوقت المناسب وإلا لذهبتم مع الشمس
فمن تعاليم مدينتنا والتي رفضتم ان تفهموها " انه حيث يلمع بريق الذهب بغروب الشمس ينعكس الشر، فابتعدوا عنه ان لم تمانعوا" والان قبل ان اقول لكم مثل كل مرة "رافقتكم السلامة ان اردتم"، أذكركم بانكم خرقتم تعاليم مدينتنا أربع مرات، وربما لم يبقى امامكم إلا فرصة او اثنتين، وربما عشرة او الف، وعندها ستجدون انفسكم في مدينة الشمس، وربما لم يعد هناك مجال لخطأ جديد، او ربما كان، فهذا يعود اليكم الان . . . رافقتكم السلامة ان اردتم.
وعادت الأميرة من حيث أتت، والتفتُ الى مرح لأجدها مازالت في دوار، وخاصة انها لا تحتمل الشمس ولم تعتد عليها من قبل، وقلت لمرح:
أعتقد اننا وصلنا الى النهاية، ويجب ان نواجه الحقيقة، فكل الطرق تعيدنا من حيث بدأنا . فلا داعي لمزيد من التيه وتجربة الشمس الأخيرة كافية لي ولكِ واثارها مازالت على محياك، انه من الجنون ان نستمر بهذه الطريقة.
فقالت مرح وقد بدى على صوتها الارهاق والتعب:
حسن لقد دخلنا لعبة خطرة منذ البداية، وانت وافقت على ان تسير خلفي وتترك لي معالجة الامور بالطريقة التي أرتأيها، فدعني أفعل ذلك بطريقتي وثق أني أعلم ماذا أفعل وماذا سأفعل.
فقلت لها:
مرح . . . ولكن . . . .
قاطعتني وقالت:
بدون ولكن !!!

افعلي ماشئتِ، فوالله لن تقودينا إلا الى الجحيم يامرح ....
ان لم تمانع .... سأفعل.
لا امانع يامرح .......
سرنا من جديد، وخضنا تجارب جديدة في هذه المدينة الفريدة، التي أصبحت أشك في كل شئ فيها، فمانكاد نقترب من شئ، حتى نجد أنفسنا قد عدنا دون أن ندري ، وبعد ان تلقنا درساً، الى حديقة الأميرة بندارا، لتطل علينا وتعيد الموشح المعروف، وتختمه بكلمة أخيرة ... رافقتكم السلامة.
عشرات المرات عدنا الى حديقة المدينة، وبدأنا من جديد ... أنعكاس النجوم في الماء وتكرارها "شر"
كثرة الظلال للشئ الواحد "شر"، الصوت المتقطع وصداه شر، وغير ذلك الكثير في عالم الغرائب هذا ......
تعاليم المدينة التي تحرم الاقتراب من هذه الأشياء وتترك لشخص حرية الأقتراب منها إن هو شاء .... برغم المحاولات الفاشلة التي استمرت اكثر من ثلاثة أسابيع إلا ان مرح لم تمل المحاولة من جديد والاميرة بندارا أيضاً لم تمل من أستقيالها لنا يوميا، لتعيد علينا نفس الكلمات، ويبدولي ان مايحدث ماهو إلا نوع من تحدي الكبرياء بين الاميرة بندارا، والجنية مرح ... لم أعد أقوى على احتمال المزيد من هذا الجنون، وهنا قررت ان أتوقف، وان لا استمر في اللعبة ... قلت لمرح :
- لن أتحرك من هنا ، لا تحاولي ان تقنعيني ، لقد تعبت وكفاني ما حدث.
حاولت مرح ان تقنعني بضرورة الأستمرار حتى النهاية مهما كلف الثمن، لكني أغلقت أذناي حتى لا أسمع، وحاولت مرح ان تقنعني اكثر من مرة، ولكني رفضت ورفضت، حتى يئست مرح من محاولة اقناعي، وقالت بلهجة حزينة:
- حسن أرجوك، أسمعني جيدا، انا بحاجة أليك مثلما انت بحاجة الي، ان توقفت الان ستدفع الثمن غاليا، يجب ان نحاول ونحاول حتى نجد شيئا، افهمني ارجوك .....
- لن أتحرك من هنا مادمت سأعود الى هنا، وقد تعبت من مجاراة غرورك وكبريائك ....
- إذا ماذا تقترح ان نفعل ايها المجنون.
- نجلس مع الاميرة بندارا ونعتذر لها لتعرفنا قوانين هذه المدينة، بدا إضاعة الوقت والجهد وماستعنيه من الم .....
- ان كنت تصر، فتعال نقوم بمحاولة أخيرة، وإذا فشلنا فأفعل ما شئت.
- رغم قناعتي بأنها مضيعة للوقت إلا اني موافق.
بدأنا نسير طريقنا من جديد، إلا ان مرح هذه المرة لم تعد تبحث عن طريق جديدة، بل عادت الى المواقع القديمة والتي جربناها من قبل، وكانت تعيدنا الى الحديقة، واخذنا نتجول في نفس المواقع عدة مرات وانا لا أفهم ما الذي يدور في خاطر مرح ولماذا تفعل هذا .....
توقفت مرح وقالت لي :
- حسن لا اعتقد انك ستنسحب لتعطيها فرصة لتشمت بي، سنكرر المحاولة عدة مرات حتى ننجح.
- لقد أتفقنا مرة واحدة ومن ثم تتنازلين عن غرورك .
- لست انت الذي يقرر، ستفعل ما امرك به، "وخليك شاطر علشان ما ازعل منك"
- لن يحدث هذا يامرح ......
- سترى من الذي يقرر في النهاية، انت يا ابن البشر ام مرح.
قلت لها ردا على أستفزازها وغرورها:
- لقد قررت وسأعود الان الى الحديقة وافعلي ما شئتِ أيتها المغرورة ....
ضحكت ساخرة وقالت :
- تفضل عد أيها المهزوم !!!
قلت لها :
- أذهبي الي الجحيم

وعدت ادراجي الى الحديقة. واخذت تصرخ علي :
- حسن لا تفعل، لا تدعها تشمت بنا ايها الغبي الحقير، لا تفعل.
وصلت الى الحديقة وهي مازالت تشتم وتطلب مني التراجع، وان لا اترك فرصة لبندارا لتشمت بنا، توقفت والتفت الى الخلف وقلت لها :
- مرح ... غرورك وكبريائك وعجرفتك ستدمرنا .....
- حسن، أتريد ان نعتذر لها، لا تكن مجنونا، ستشمت بنا ان فعلنا .....
- لا تعتذري حتى لا تشمت بك، سأعتذر انا عني وعنك، فأنا لا يهمني، هيا فلا خيار امامك لقد قررت ولن أعود عن قراري ......
ويبدو ان مرح استسلمت للامر الواقع ودخلت معي البرج، وأستقبلتنا الفتاة وادخلتنا لمكتب الأميرة، وبعد لحظات دخلت الأميرة وجلست وقالت :
- اهلا وسهلا بكم، يشرفني انكم عدتم.
قلت لها :
- أيتها الأميرة .....
قاطعتني وقالت :
- نادني بأسمي ....
قلت لها :
- عني وعن مرح نعتذر لك عما بدر منا من خرق لتعاليم مدينتكم، ونتمنى ان تقبلي اعطاءنا فرصة جديدة لنتعرف على تعاليم مدينتك حتى لا نخالفها.
ابتسمت وقالت:
- قبلت أعتذارك انت، ولكني اود ان اسمع منها ان كانت موافقة علي هذا الأعتذار؟
قلت :
- نعم هي موافقة.
قالت الأميرة لها:
- اصحيح انك موافقة؟
اشغلت مرح نفسها بمداعبة شعرها واللعب بأظافرها دون مبالاه، وهي تتظاهر بانها لم تسمع ...
كررت الاميرة كلامها لمرح عدة مرات، وبقيت مرح تتجاهل ما يحدث بطريقة أستفزازية ...
صرخت بمرح :
- مرح .. مرح .. الا تسمعين !!!
التفتت مرح وهي تبتسم وقالت :
- مالك ياحبيبي على شو زعلان ؟؟
قلت:
- الأميرة تسألك ان كنت توافقين على الأعتذار؟
قالت بأستخفاف :
- أنا أعتذر؟ شو الي بتحكيه ياروحي؟
قلت بلهجة هادئة محاولا ان الطف الجو :
- الأعتذار للأميرة لأننا خالفنا تعاليم مدينتها !
قالت :
- شو صارلك ياحبيبي؟ انت بتعرف ان مرح ما بتعتذر لحدى مين ماكان يكون .
هنا علمت ان مرح خدعتني ... وابتسمت الأميرة وعيونها تشع غيظاً وقالت :
- كونته ياصغيرتي، كانت لديك الفرصة لأن تنتصري علي ولكنك خسرتي، فلا تكابري ..
قالت مرح بأستخفاف أكبر :
- ياحبيبتي ... هيك شاطرة وبتعرفي اسمي، ليش ماناديتيني فيه من الأول، بس ياريت تناديني بأسم مرح علشان بيلبقلي اكثر.
سخرية مرح من الآميرة بهذا الشكل انذرت بحدوث حرب لابد منها، ولا يمكن تفاديها، ولم يكن بأمكاني عمل شئ سوى الأنتظار والترقب ..
ردت الاميرة وكان واضحاً أنها مستفزة :

يتبع>>>>>>>الحلقة 52
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 6:35 pm

الحلقة 52

(خسارة بندارآ امام فرح)

ردت الاميرة وكان واضحاً أنها مستفزة :
- ياكونته، لقد خسرتِ ومازلتِ صغيرة، ودهاؤك وذكاؤك لن يسعفاك هذه المرة، غرورك قادك الى الهزيمة، لقد كانت امَامك الفرصة لتنجحي بالخروج من مدينتي، ولكن هاانتِ تعودين الي.
ردت عليها مرح :
- انا لا أعرف الهزيمة، ولن أعرفها، وايضا حينما اهزم ، لا أخجل من الأعتراف بالهزيمة، شريطة ان يكون الذي سيهزمني أفضل مني، وانتِ لست بشئ لتهزميني، ولن تنالي هذا الشرف الذي كنت ستفخرين به طوال عمرك، ومعلش ياحبيبتي، أنتِ الي طلعتِ صغيرة.
قالت الأميرة :
- اومازلتِ تكابرين بعد ان عدتِ الي، ألا تدرين ماتفعلين؟
قالت مرح :
- لا ياحبيبتي، انا لم أعد اليك، وانما ابن البشر هذا اراد ان يعود ليحضر الفصل الأخير من تمثيلك المكشوف ( يامتواضعة أنتِ )
وقفت الأميرة بندارا على قدميها وسارت عدة خطوات وأقتربت من مرح ورمقتها بنظرات حادة ... مرت دقائق من الصمت الرهيب لم تتكلم فيها الأميرة، ولم تتكلم خلالها مرح وكان حوار عنيف يدور بينهما بواسطة النظرات، وبعد الصمت أبتسمت الاميرة وقالت :
- هل وجدتِ الطريق ياكونته ؟؟
أبتسمت مرح بثقة وقالت :
- نعم وجدتها ....
ضحكت الاميرة وقالت :

- انت داهية الدواهي ياكونته . . يامرح، خسارة انك تمردت، خسارة، لو لم تفعلي لاصبحت حارسة الحارسات، خسارة انك في جانب وانا في جانب اخر، وإلا لأصبحنا افضل صديقتين ... نعم لقد هزمتني ياكونته، يامرح، وبهزيمتي هزمتِ جيلا بأكمله، انت ابرع من عاصرت بالتمويه والخداع ... لقد استطعتِ خداعي حتى اللحظة الأخيرة، كان بودي ان اصافحك وأعانقك، ولكن بما انك متمردة فلن أفعل، وانتِ تفهمين لماذا ...
قالت لها مرح :
- انا لا ألومك، ولكنه كان لي شرف عظيم بلقائك، وخسارة لي انا ان يكون لقائنا الاول في مثل هذه الظروف، واتمنى لقاءك في ظروف اخرى.
أبتسمت الاميرة وقالت :
- اتمنى، ولكني لا اعتقد ان هذا سيحدث يامرح، ولكني لن انساك، ورغم اعجابي بك إلا ان واجبي يحتم علي ان اوصي واطلب من المسؤولين ان يتم القضاء عليك في اول فرصة تسنح، وان يوقفوا هذه التجربة.
قالت مرح :
- انا اتفهم موقفك هذا، واحترمه ولو كنت مكانك لفعلت نفس الشئ.
وضعت يدي على خدي مثل " الأهبل " وانا اترقب واستمع لهذا الحديث الغريب بين اعجب واغرب مخلوقتين . كيف تحولتا من قمة العداء والتحدي في لحظة واحدة الى قمة الأحترام والود والاعجاب ؟!
قلت لها :
- هل استطيع ان افهم مايجري حولي، من أنتِ ومن هي؟ ومن انا واين نحن؟ وماذا يحدث وماذا سيحدث؟
ضحكت الاميرة ومرح معاً، ولاول مرة يضحكن على شئ مشترك. قالت الاميرة :
- انا بندارا وهي مرح وانت حسن، ونحن في سراب مملكة الشر، والذي يحدث ما تراه، والذي حدث ما رأيت وماذا سيحدث فلا احد يعرف.
ابتسمت وقلت للأميرة :
- شكراً، لم يكن هناك داع لهذا الشرح المطول، كان بأمكانك اختصار الاجابة أكثر . بدلا من هذا العناء والجهد المبذول في اجابتك المفسرة .....
التفت الاميرة بندارا الى مرح وقالت لها :
- اخشى يامرح انك تبحثين عن سراب.
ردت مرح :
- طريقي بأتجاه واحد حتى ولو ادت الى سراب.
قالت الاميرة:
- اذهبي يامرح .... ولن انساك .....
سارت مرح عدة خطوات، والتفتت الى بندارا واشارت اليها بيدها مودعة ... ردت الاميرة بأبتسامة وبحركة هادئة من رأسها ... سرنا وخرجنا من الحديقة، وهذه المرة الاولى التي اخرج بها من الحديقة وانا على يقين اني لن اعود اليها رغم انني لا افهم مايحدث ولا ادري ما هو سر التحول الغريب في العلاقة بين مرح وبندارا ......
اردت ان اسال مرح وقبل ان اسال قالت لي:
اعرف انك ستسألنيالف سؤال، وأعرف انك ايضاً لن تفهم شئ مهما شرحت لك، "حبيبي حسن بترجاك ارحمني وماتسأل وانا بعدين بحكيلك"
قلت متحايلا عليها :
لن اسألك إلا سؤالاً واحد فقط ولن اسأل غيره، فقط قولي لي ماحدث ؟؟؟
ضحكت مرح وقالت :
اتسمي هذا سؤالا واحد ؟ انا محظوظة لانك ستسأل سؤالا واحدا فقط، فكيف لو سألت سؤالين، فهذا يعني اني سأضطر ان احكي لك قصة البشر والكونيين منذ البداية وحتى النهاية، لا تقف كالصنم ، سأحكي لك ونحن نسير، ولكن لا تقاطعني، ومالم تفهمه لا تسالني عنه، ولا تعلق .. أتفقنا ياحسن؟
قلت :
اتفقنا يامرح ....
قالت :
ماحدث هو اننا حينما دخلنا الحاجز الزمني ووجدنا انفسنا في داخل المدينة العجيبة "مملكة الشر" التي تبهر العقول، أعتقدنا اننا دخلنا، لكن في الحقيقة نحن لم ندخلها، بل دخلنا سراب مملكة الشر، أي ان كل ما رايناه لم يكن إلا سراب . وهو انعكاس لمملكة الشر، باستثناء الطرق التي كنا نسير فيها، وماكنا نلمسه، أي ان الفترة التي قضيناها كانت على حدود مملكة الشر، ولم نكن داخلها . وما رأيناه من بنايات وأبراج وعجائب، كنا نراه من خلف الحاجز الشفاف، اما الطرقات والعربات والمظلات وقصر الأميرة .... فهذه أمور حقيقية ولكنها تقع خارج مملكة الشر، وبندارا ليست أميرة، ولا يتواجد في هذا المكان سواها ومجموعة من مساعديها الذين ساعدوها على ترتيب كل شئ بأتقان حتى نعتقد اننا دخلنا مملكة الشر، وللحقيقة فهم بارعون في الخداع . . .
كان من المستحيل ..............

كان من المستحيل لأي شخص، دون ان استثني نفسي، ان يعرف هذه الحقيقة، فقد اعتقدت انني في مملكة الشر، وحينما وصلنا الى برج الاميرة بندارا واستقبلتنا ... ادركت فورا انني امام شخصية في غاية الذكاء، قادرة ان تعرف كل تصرف ساقوم به قبل ان انفذه، من هنا تيقنت فورا اني مهما استخدمت من دهائي وذكائي فسأبقى مكشوفة امام دهاء وذكاء بندارا اللا محدود، وفرصتي ستكون ضئيلة جدا ان دخلت معها في لعبة ذكاء تتفوق فيها بمعرفتها تفاصيل المكان ومعرفتها المسبقة بتجربتي وطرق تفكيري، وانا على العكس من ذلك، لا اعرف من هي، ولا كيف تفكر، ولا اين نحن ......
ومعركتي معها ستكون خاسرة مئة بالمئة دون ادنى شك، إلا بطريقة واحدة، وهي "توقع الغير متوقع" وكل شئ كان من الممكن يتوقعوه ، إلا ان تتصرف مرح المغرورة "بغباء مطلق" وكانت المفاجأة لبندارا بان كل توقعاتها باءت بالفشل، وان مرح الداهية تتصرف "بغباء مطلق" وعليه كان على بندارا ان تفكر بغباء هي ايضاً حتى تفهم غباء مرح ، وطبعا، كان هذا مستحيلاً فهي لم تتعامل مع الأغبياء من قبل، أما انا فقد تعاملت مع الكثير من الأغبياء، ومازلت أتعامل مع أحدهم ........
وهكذا بدأت منذ اللحظة الأولى، أحاول لا أخطط لشئ، لم اكن اسجل في دماغي اية ملاحظات ولم اسعى لتوفير الوقت، ولم اخطط لشئ، واقع في الخطأ ولا يهمني، واعود الى حديقة بندارا عشرات المرات ولا يهمني، والأكثر من هذا اني استطعت ان اجمد دماغي حتى لا يتجه للتفكير بطريقة سليمة. وانا اعلم ما افعل، فقد كنت تحت المراقبة ، وكل ما سجل بدماغنا كان مكشوفا لبندارا، ولم نكن نستطيع ان نخفيه، وكانت المفاجأة التي لم تتوقعها بندارا ... والتي كنت أعيها تماماً، وكانت اجابتي لها "لا توجد خطة لدي" لا يوجد في دماغي اية ملاحظات عن المكان، "لا أفكر في أي شئ" ... وهكذا وحتى اللحظة الأخيرة أعتقدت بندارا ان شيئاً ما قد حصل لدماغي، وهي لا تلام، فحتى الأغبياء لا يتصرفون هكذا، كان من الممكن ان تستمر هذه اللعبة عدة أسابيع اخرى، إلا انك قررت ان ننهيها ونذهب ونعتذر لبندارا. وهنا عدت انا الى طبيعتي، وحصلت على المعلومات، والملاحظات حول ما حدث، وحول المكان من دماغك الذي سجل الأمور بطريقة طبيعية لا تشير الشك ... ومن خلال المعلومات التي لديك استطعت ان اجد الطريق!! وقمت بأستفزازك عمداً، وعدنا للأميرة ... ومن خلال قدرة بندارا على قراءة أفكاري، تفاجأت بأني حصلت على كل المعلومات التي أريد، ووجدت طريقة للخروج من السراب والدخول الى ملكة الشر ... اما الاميرة بندارا فهي ليست مجرد شخصية عادية وأنما هي احدى حارسات ابواب الشر المتميزات ، ان لم تكن الأفضل. وهي من الجيل السابق طبعاً، انا لم أعرف أنها حارسة إلا اليوم فقط من خلال الحوار الطويل الذي دار بيننا بطريقة "قراءة الأفكار" ... وكوننا في هذا المكان فلا تفسير عندي لذلك، فهي قد رفضت ان تفصح عن ذلك، وهذا بالنسبة لي شئ غريب ، ولكن هناك أسرار وامور كثيرة اجهلها ... هذا كل ما استطيع ان اقوله لك عما حدث، فأرجو ان لا تعلق واتمنى ان تكون قد فهمت شيئاً، هيا بنا لنخرج من السراب، وندخل مملكة الشر ...
لم أعلق على ماروت، ليس لانها طلبت ان لا افعل، بل لأني لا اريد ان اعلق ولا ان أسأل، ولا اريد ان افكر في هذا الموضوع، لأنه من الجنون ان افكر في أي شئ جديد لا أفهمه، وخاصة انه في كل لحظة هناك جديد غريب لا يفهم بسهولة، فخير لي ان اريح تفكيري .. مادمت برفقة هذه الداهية التي لا تفوتها شاردة.
سرنا حتى وصلنا الى الألواح الحجرية الكبيرة، التي نقشت عليها كتابات ورموز بالذهب الأحمر، بلغة ليست من لغة الجن ولا لغة الأنس، وقفت مرح امام اللوحات وابتسمت وقالت:
- أتعلم ياحسن ان الرموز والكتابات المنقوشة على اللوحة هي عبارة عن شرح مبسط لكيفية دخول مملكة الشر، ولو كان طفل صغير يعرف قراءة هذه اللغة لاستطاع الدخول دون عناء، وهذا يعني ان دخول المملكة ليس يالسر وليس حكرا على احد، فأي كان يستطيع الدخول وضحكت ضحكة من اعماق قلبها:
- اتعلم ان الثمرة التي اكلنا منها واصابتنا بالدوار وافقدتنا التركيز والوعي، كتب عنها مايلي: "هذه الثمرة تساعد على التركيز وتمنح النشاط ، وتمحو النعاس وتزيل التعب والارهاق، وتغنيك عن الماء والطعام ان اكلت منها ثلاث حبات، وان اكلت منها حبة أقل من ذلك او اكثر، فسيصيبك عكس ذلك".
قلت لمرح:
- كيف تعلمت قراءة هذه اللغة؟
- "اللغة بسيطةجدا، وحتى تتعلمها يجب ان تعرف الرموز، وان عرفت الرموز فقد تعلمتها، والرموز رموز الشر التي وقفنا بها، والتي كانت السبب في عودتنا المتكررة لبندارا، فلو عرفنا الرموز لما وقفنا بها". ولو لم نقع بها لما عرفتها، وماكنت ساتعلم اللغة.
مدت مرح يدها على نفس الثمرة، واكلت منها ثلاث حبات، لم أجرؤ انا ان افعل مثلها، خاصة بعدما حدث معي من جراء اكلي لهذه الثمرة، ولكني قطفت ثلاث حبات وحملتها معي حتى اتاكد من ان مرح لم يحصل لها شئ من جراء اكلها للثمار، وعدها اجرب انا ....
سرنا حتى وصلنا الى الطريق المذهبة، والتي تعكس غروب الشمس عليها، وقفت مرح بجانبها وقالت:


- المدخل الى مملكة الشر يمر من هذه الطريق، ويجب علينا ان ننتظر الى ان يحين غروب الشمس وظهور القمر قبل اكتمال الغروب، وعندها نستطيع ان ندخل المملكة .....
انتظرنا ولم ندخل الطريق، حتى غربت الشمس، واخذنا ننتظر ظهور القمر، حتى ظهر قبل ان يكتمل الغروب، ودخلنا الطريق وماهي إلا دقائق معدودة حتى خرجنا من الطريق، ولم يحصل معنا ماحدث في المرة السابقة .. وحين وصلنا الى نهاية الطريق والتفتنا الى الخلف كان كل شئ قد أختفى، ووجدنا انفسنا في وسط المدينة المدينة التي كنا نراها في السابق ....
كان الوقت ليلاً، ولكن القمر اضاء المدينة لتشعر بأنك في ساعات النهار، لم نكد نتقدم خطوة واحدة حتى توقفت عربة سوداء تجرها خيول بيضاء، خرج منها شاب بهي الطلعة وقال:
- "تفضلوا معنا الاميرة في انتظاركم" .....
ركبنا العربة وضحكت وقلت لمرح:
- ماذا يحدث يامرح هل سنعيد "الفيلم" من جديد ام اننا عدنا الى الماضي والى نفس المكان؟
قالت مرح:
- "سننتظر لنرى" ....
وصلت العربة امام قصر كبير وتوقفت ونزلنا منها واستقبلتنا فتاة، مررنا من حديقة حتى وصلنا الى مدخل القصر ودخلنا

كان قصر غاية في الفخامة والروعة، مررنا من بين مجموعة من الصالات المليئة بالأشخاص حتى وصلنا الى مكتب، دخلناه، تركتنا الفتاة وقالت:
- "ستحضر الاميرة بعد لحظات" ...
قلت لمرح :
- يبدو انها تمثيلية اخرى، ولكنها افخم وتلثيق بمستواك وليست كالسابق.
أنفتح الباب، .....................


يتبع>>>>>>>>>>>الحلقة 53
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 6:37 pm

الحلقة 53

بانده (اميرة مدينة القمر)


أنفتح الباب، ودخلت امراة في غاية الاناقة، جميلة، ذات هيبة ووقار، أشعر انها صاحبة شخصية قوية حتى قبل ان تتكلم، جلست خلف المكتب الزجاجي المذهب، وقالت:
- اهلا وسهلا بكم ، واخيرا وصلتم ياكونته وحسن، كنت اتوقع وصولكم ابكر قليلا، ولكن يبدوا ان "بندارا الخبيثة " لم ترغب بمفارقتكم. لقد سمعت وعرفت عنكم الكثير مما اثار استفزازي واعجابي في نفس الوقت، اعرفكم على نفسي : انا اسمي بانده، أميرة "مدينة القمر" وهي اجدى مدن مملكة الشر الخمسة. لقد تابعت رحلتكم منذ اللحظة التي قرر بها "رموزنا" بان لا يبيدوكم امام "مخرج الشر" أو بوابة الشر كما تسمونها، في ذلك الوقت بالذات وامام مخرج الشر قام "رموزنا" باتخاذ قرار حينما علمنا به بعد ذلك. تفاجئنا حتى فهمنا ما المقصود منه ... لقد كان القرار ان يتم منحكم فرصة حقيقية للبحث عن ماتسمونه "قوة الشر" ومن لحظة دخولكم الأقواس بدأنا جميعا بالأطلاع على رحلتكم خطوة بخطوة، لم تكن هذه لعبة للتسلية وأضاعة الوقت، بل كانت تجربة فريدة ومثيرة وخطيرة، ولم تكونوا انتم فئران تجارب مثلما كنتم تدعون، ولم يكن احد يسير أموركم او يتدخل في كل صغيرة وكبيرة تخصكم، لقد قمتم بهذه المغامرة بمجهودكم الذاتي، ولم تتلقوا اية مساعدة، وكان ممكن ان "تنتهوا" لو انكم وقعتم في أخطاء .... صحيح انه تمت أزالة الكثير من العوائق من امامكم، والتي كان من المحال ان تتجاوزوها بمجهودكم الخرافي، ولكن الهدف من التجربة لم يكن ان تصلوا الى هنا، وانما كان الهدف دراسة طاقة تحملكم ودرجة تصميمكم على المواصلة. انا شخصيا لم اكن اتوقع ان بمقدوركم الوصول الى هنا، بل اعتقدت ان رحلتكم ستنتهي في المراحل الاولى، وكأن شئ لم يكن، ولكن ها انتم وصلتم الى مدينتي "مدينة القمر" .. طبعا قصدت من هذا الشرح ان تفهموا انه ليس من دوري ان امنعكم او اساعدكم بشئ، ولا توجد في مدينتي حواجز ولا مخاطر ولا متاهات والغاز، فكل شئ هنا مكشوف وواضح ..
أبتسمت الاميرة لمرح وقالت:
- كونته، أنت مجنونة بحق ولكن وبحق أكبر أنا معجبة بجنونك.
ردت مرح:
- الحقيقة ايتها الاميرة انك لطيفة، وللحقيقة فأني معجبة بأسلوبك اللطيف ..
أبتسمت الاميرة ومرح لذلك، وابتسمت انا ايضا بيني وبين نفسي قلت: "الله يستر من نهايتها فعلاقة مرح بالاميرة بندارا اميرة السراب ابتدأت بعداء وانتهت بمحبة وعلاقة مرح بأميرة القمر ابتدأت بمحبة وستنتهي بمصيبة ...
قلت للأميرة باندة:
- هل نحن حقا في مملكة الشر، ام اننا سنكتشف بأننا في مكان اخر ....
قالت :
- نعم انتم فعلا في احدى المدن المبنية على مملكة الشر، واسم المدينة مدينة القمر،

وسميت بهذا الاسم نسبة لقرب المسافة بينها وبين القمر، ولان القمر يرى في كل الاوقات من هذه المدينة، وانا أميرة هذه المدينة فعلا ومنذ سنوات طويلة.
قلت لها:
- بما انك صريحة وكل شئ مكشوف، هل "قوة الشر" التي نبحث عنها موجودة هنا.
قالت وهي تضحك:
- "اولا قولوالي ماهي قوة الشر التي تبحثون عنها؟ قولي لي انت يامرح"
أبتسمت مرح وقالت:
- بصراحة، انا ايضا لا أعرف ماهي او ماهو وصفها، كل ما أعرفه انها موجودة، وهي القوة التي ان امتلكها احد سيطر على كل شئ.
ضحكت الاميرة وقالت:
- اقسم انك مجنونة، اكل مافعلت من مغامرة ومخاطرة من اجل شئ لا تعرفينه، ولانك سمعت عنه، ماذا كنت ستفعلين لو انك كنت تعرفينه.
قالت مرح:
- اذاً قولي لي انت ماهي قوة الشر التي احاطوها بكل هذه السرية والتعقيدات منذ الاف السنين ...
قالت باندة :
- اتصدقينني ان قلت لك اني اميرة هذه المدينة منذ سنوات طويلة وقد ولدت وعشت في هذه المدينة، ولم اسمع بشئ اسمه "قوة الشر" الا حينما سمعت بقصتك أنت، وحتى هذه اللحظة لا ادري مالمقصود من هذه التسمية.
قالت مرح :
- " أداً اشرحي لي، لماذا سموا مدينتك بمملكة الشر؟؟
قالت باندا :
- اولا اسم مدينتي هو "مدينة القمر" وهي احدى المدن الخمسة التي بنيت على مملكة الشر وتسمية مملكة الشر هي تسمية قديمة، يعود تاريخها الى ماقبل عشرات الاف السنين.
قالت مرح :
- "وما سر هذه التسمية يابندا" ....
ردت :
- لا احد يعلم القصة بالظبط، ولكنهم يقولون انها مجرد تسمية، وهناك فصة يتم تداولها منذ الاف السنين، لا احد يعرف صحتها، حيث يقولون انه ذات زمان كان في هذا المكان مملكة كبيرة حكمها ملك شرير، اشعل الحروب واراد ان يحكم كل شئ بالقوة وبعد ذلك تم تدميره، ودمرت مملكته بالكامل ولم يبقى لها أي أثر، وعلى انقاضها تم بناء خمسة مدن، ولكنها مجرد فصة من عشرات القصص التي تروى ولا يوجد اي شئ يثبتها او يؤكد صحتها.
ضحكت مرح وقالت:
- قصة جميلة ياباندا ولكن اليس من الغريب ان الدخول الى هذه المملكة هو ضرب من المستحيل، ومالاقيناه يؤكد ذلك، وانت قلتِ انك تابعتي رحلتنا بالدخول عبركل البوابات، ومن خلال الكم الهائل من الحراسات، ولا ننسى يابانده اني انا كنت اقوم بحراسة احدى بوابات الشر، فلماذا كل هذا؟ لماذا ان لم يكن هناك فعلا "قوة ما" يخشون ان يقوم احد بالسيطرة عليها؟
فقالت باندة:
اولا، انا لا انفي انه توجد اسرارا هنا وفي كل مكان، ممنوع علينا ان نعرفها، او نسأل عنها، وهذا امر نتفهمه جيداً ... ولكن هذا لا يعني ان هذه الأسرار تتعلق بما نسميه "قوة الشر" وخوفهم من ان يسيطر عليها احد، لأنه في المدن الخمسة فوق مملكة الشر اعداد لا تحصى من الكونيين، وايضا البشر، ويدخل هذه المدن دائما اشخاص جدد من كل مكان لم يدخلوها من قبل، ولم يشعر احد يوما ان هناك شيئا يخافون ان يصل اليه احد، وانت ياكونته ... تعلمين جيدا انهم لو ارادوا القضاء عليك لفعلوا ذلك بسهولة، وماتركوك لتصلي الى هنا ... وشئ واحد لا تفهمينه انت، وربما لا تفهمه كل الحارسات ايضا، ان ابواب الشر المتصلة مع عالم البشر هي ليست مداخل وانما مخارج، أي انه لا خوف من ان يدخلها أحد، لأن دخولها مستحيل، الخوف هو ان يخرج منها احد، هذه البوابات صممت كمخارج، أي انه ممنوع الخروج منها، وكل هذه الحراسات التي تحدثت عنها من اجل منع محاولة للخروج من مملكة الى عالم البشر، وليس من اجل منع دخول احد من عالم البشر الى المملكة ... ومداخل المملكة هي بالمئات، وايا كان يستطيع الدخول الى مدن مملكة الشر بسهولة وببساطة ودون مخاطرة وعناء، إذا عرف مكان المداخل، واشخاص كثيرون من الكونيين والبشر دخلوا الى هنا بالصدفة ودون قصد، اطفال صغار ايضا دخلوا الى هنا بالصدفة ولكن المستحيل هو ان يخرج احد من هنا ومن اجل الخروج يجب ان يغامر بالخروج من احدى بوابات الشر، ويمر عبر كل تلك الحراسات والعقبات التي لم ينجح احد بتجاوزها، وانتم رأيتم جزء بسيط منها ... افهمت الان لماذا اقول عنك مجنونة، لأن المخاطرة التي قمتم بها ماكان لها أي داعي من اجل الدخول الى هنا، ولو ان كل ماقمتم به كان من اجل الخروج من هنا الى عالم البشر، لكان الأمر طبيعياً ...
ابتسمت مرح وقالت :
- باندة أتصدقيني ان قلت لك انِ أصدق كل كلمة تقولينها برغم اني لم أتعود ان اصدق أي شئ بسهولة.
أبتسمت باندة وقالت:
- "شكرا لك لانك صدقتيني" ...
لم أتمالك نفسي وخرجت عن صمتي وقات لمرح :
- أتعنين ما تقولين وهل فعلا ما قالته صحيحا ....
توقعت ان تنفي مرح ذلك بغمزة من عينها، او باشارة ما من وراء الأميرة، لكن مرح فاجأتني وقالت:
- نعم متأكدة من ان ماقالته الأميرة صحيح مئة بالمئة، لا اقول هذا من اجل خطة في راسي، أو لأي هدف، ولكن هذه هي الحقيقة ... صدقني ياحسن .....
قلت:
- انا لا أصدق ولا اريد ان اصدق، اكل الجنون الذي قمنا به كان بلا داع؟ طفل صغير كان بأمكانه دخول المملكة بلا عناء؟؟! .. انتم الجن كذابون مخادعون ... لا يمكن هذا .. قولي لي يامرح ارجوك ... قولي لي انك تخدعينها كما فعلت مع الاميرة بندارا ... ادئنا الى هنا من اجل لا شئ ...
قالت مرح:
- انا لم اقل اننا اتينا الى هنا عبثا، ولم اقل ان ماقمنا به كان عبثا، كل ماقلته ان ماقالته الاميرة باندة صحيح حول مداخل ومخارج الشر ...
- أذا هناك "قوة شر"؟؟؟
- أحساسي يقول لي انه هناك شئ ما، بغض النظر ان اختلفت تسميته، واحساسي أيضا يقول ان هناك سر منعهم كل هذا الوقت من ايذائنا، وايضا انا متأكدة ان باندة ليست جزء من اللعبة ..
انفرجت اساريري لكلمات مرح الواثقة، فأنا أثق بقدرة مرح اكثر من اي شئ اخر.
امتعضت الاميرة باندة من كلمات مرح الاخيرة بشكل واضح وبدى على ملامحها الأمتعاض والانزعاج، ولاحظت مرح ذلك وقالت لها
- لماذا انتِ منزعجة يا باندة ؟؟
قالت :
- بصراحة لا أدري إلا انه ينتابني احساس بان شيئاً سيئاً سيحدث بسببك لا ادري ما هو، ولكن هذا ما اشعر به واتمنى ان أكون مخطئة ...
قالت مرح :
- وانا ايضا ارجو ان تكوني مخطئة، لأني لا اتمنى ان اكون السبب في حدوث سوء أي كان، والأن ايتها الأميرة، ألا توجد قوانين وتعاليم معينة علي ان أعرفها ..
ضحكت باندة وقالت:
- كلا ياكونته ...
قاطعتها مرح وهي تضحك وقالت :
- اتفقنا باندة ان تناديني بأسم مرح ..
ابتسمت باندة وقالت :
- لماذا تحبين هذا الاسم وتتضايقين من اسمك الحقيقي ..
فقالت مرح :
- انه أسم "الدلع" الذي تعودوا ان ينادوني به منذ كنت صغيرة ...
فقالت باندة :
- اتفقنا، سأناديك مرح ... يامرح، ولكن هل بالمعنى المقصود للاسم بلغة الكونيين ام بلغة البشر
قالت مرح :
- لا ارجوك ، بلغة البشر، وايضا ارجوك ان لا تخبري "حسن" بمعنى الاسم بلغتنا حتى لا يشمت بي، ويستمتع بمناداتي به ليل نهار ...
وضحكتا معا ... أما انا فقد اصريت إلا ان أفهم معناه، ولكن يبدو ان الجن يتفقون مع بعضهم البعض بسرعة ولا يبوحون بالاسرار ...
قلت :
- بسيطة يا"مرح" بلغتكم، ان لم تخبريني فسأناديك باسم "كونته" ...
قالت مرح :
- ما اجمل اسم كونته حينما تلفظه انت، نادني به كما تشاء، ولا تحلم ان اخبرك بمعنى مرح بلغتنا ....
ووجهت كلامها الى باندة :
- ولان أيتها الاميرة هل هناك اشياء ممنوعة واشياء مسموحة يجب ان نعرفها ....
قالت الاميرة :
- كلا يامرح، لاتوجد ممنوعات، وهنا لا وجود لصديقتك باندارا وتعاليمها، ولا يوجد سراب، انت على ارض الواقع ....
قالت مرح :
- اذا اسمحي لي، فسأذهب لعدة ساعات ....
قالت :
- لك ماشئت ...
التفتت مرح إلي وقالت :
- حسن انتظرني وسأعود بسرعة ؟؟؟
اعتراني الغضب وقلت :
- الن تأخذيني معك؟
ردت مرح :
لا يحسن، الافضل ان تبقى وسأعود بأسرع وقت ممكن .
فتأفأفت وقلت :
- شو يامرح، هل دوري انتهى ولم تعودي بحاجة الي، هل هذا هو عهدك الذي عاهدتني به منذ البداية؟ ابتسمت ... واقتربت مني. هذه الجنية الخبيثة تعرف جيداً انني لا استطيع مقاومة نظرة من عيونها، وخاصة حينما تقوم بتسبيلهما .. قالت بغنج ودلال :
- حسن انت بتجنن، لما بتحرد مثل الصغار، وانت بتعرف منيح بأني لم اكذب عليك منذ البداية، وسأحافظ على عهدي معك، ولكن ان جئت معي فستعطل حركتي، وما استطيع حركتي ، وما استطيع القيام به بساعة لوحدي ومن خلال قدرتي على التحرك والتنقل السريع، سيأخذ منا نحن الاثنين معاً الف ساعة، وانت تفهم ماذا أقصد، سأذهب بسرعة وسأعود بسرعة.
واقتربت مني وهمست بأذني :
- وبعدين أنت ليش زعلان يا ابو النسوان، ما انا تاركتك مع باندة الامورة، ولا تنسى انها احلى من بندارا، وباندة اميرة عن جد، مش مثل باندارا اللي طلعت أميرة بالكذب . وباين انو عندها من الآسرار اللي انت بتحبها كثير.
- اردت ان اضحك لخفة دم مرح، ولكني تمالكت نفسي حتى احافظ على "كشرتي" وأشارت بيدها وقالت :

- باي حسن ...
واختفت كلمح البصر، ومثلما كانت تفعل بالسابق في بداية معرفتي بها ....
كانت الأميرة باندة تراقب مايحدث وتبتسم، وشعرت بأحراج من تصرفي وتأثري لذهاب مرح ...
قالت الأميرة باندة بصوت ناعم وبكلمات بالكاد تخرج من بين شفتيها لتصل الى أذني :
- اتحبها يا حسن؟؟
فاجائتني بهذا السؤال، ولم أدرِ بماذا أجيب ... وقلت :
- بصراحة ، لقد أعتدت عليها كثيراً فهي معي منذ فترة طويلة، وقد مررنا معا بأقسى الظروف ولم تفارقني ولو للحظة، ولهذا حينما شعرت انها ستذهب احسست بفراغ كبير ....
قالت الأميرة :
- " أتحبها ياحسن" ؟؟؟
قلت :
- ربما تعودت عليها !!!
ابتسمت وقالت :
- ربما .........
واردت ان اخرج من هذا الحوار ، فسألتها :
- هل انت ايتها الاميرة المسؤولة عن هذه المدينة ؟؟؟
- كلا، هناك مسؤول اخر عن هذه المدينة، وانا اميرة المدينة، ولا توجد لي سلطة تنفيذية على أي شئ، ومهمتي رمزية تنحصر في الشكليات واستقبال الضيوف والاحتفالات ...الخ
سألتها :
- وكيف اصبحت اميرة ؟؟؟
- انه لقب رمزي وقد حصلت عليه بالوراثة
- وهل لكل مدينة اميرة مثلك ؟؟؟
ضحكت وقالت :
- نعم لكل مدينة اميرة، وهو تقليد متعارف عليه منذ عشرات الاف السنين.
- اذاً ابوك ملك هذه المدينة؟
- كلا والدي ليس ملك ولا يوجد عندنا ملوك
- أذاً انتِ ابنة مسؤول المدينة ؟
- كلا، لست ابنة مسؤول المدينة.
- اذا ابنة احد الكبار؟
ضحكت وقالت :
- اليس من الأسهل لك ان تسألني ابنة من انتِ ؟
- بصراحة آه، ابنة من؟
- انا ابنة العالم (سنداد) .....
وضحكت الأميرة حتى سقطت دموعها من الضحك وقالت :
- انا لا الوم كونته انو هربت منك !!
- إذا سمحتِ قولي مرح ولا تقولي كونته .....
ضحكت الأميرة وقالت :
- "حاضر" والان ما رايك ان تحكي لي انت عن عالم البشر ....
- ولكنكم انتم عالم الجن تعلمون كل شئ عنا ...
فقالت وهي تضحك :
- يبدو انك لا تميز بين الكونيين وسكان هذه المدينة، على العموم هذا ليس مهما، ولكني ولدت في هذه المدينة وتربيت بها ولم اخرج منها ، ولن اخرج منها مثلي مثل أغلبية سكانها، فلا احد يخرج من مدن مملكة الشر إلا اشخاص محدودين، ولهذا فانا لا اعرف عن عالم البشر، وحتى عن عالم الكونيين إلا القليل مما نسمعه ونقراه، ربما مشوق لي ان اسمع عنه منك ...
- سأحكي لك عن عالم البشر، ولكن ولكن بعد ذلك تجيبيني عن كل اسئلتي ...
- كلا، فأنا بهذه الحالة سأخسر، وخاصة ان اسئلتك لا اول لها ولا اخر، ولكني سأعطيك مقابل كل سؤال اوجهه لك عن عالمك، خمسة اسئلة تسألها ؟
- موافق ....
وبدأت احكي للأميرة باندة عن عالم البشر، وعن لغاتهم، وعن طريقة عملهم، وحياتهم وحروبهم وسلامهم وزواجهم وطلاقهم وقوانينهم . وكانت وهي تصغي الي بأهتمام شديد ودون ملل، وتسأل اسئلة كثيرة حتى في الأمور التافهة، ومر الوقت بسرعة، حتى مللت انا وهي لم يصبها الملل، وكانت تصغي كطفلة صغيرة تروي لها جدتها حكاية.
أحضرت الطعام وانتظرتني حتى انتهيت لاكمل لها حكاية البشر. تعبت واصابني النعاس، وطلبت منها ان ترحمني وتدعني استريح قليلاً ، فوافقت على ان توقظني هي بنفسها بعد عدة ساعات ،،،فوافقت وطلبت من احد مرافقيها ان يصحبني الى غرفة في القصر، من كبرها وفخامتها كادت تنسني تعبي ونعاسي .. ونمت وما كدت ان انام حتى مرت الساعات، وجاء من يوقظني ولكني أبيت ان أفيق، ويبدو انهم تركوني انا ساعة اخرى او اكثر.
أغتسلت وخرجت من الغرفة لاجد من ينتظرني بخارجها ويرافقني الى حيث تجلس الأميرة باندة على أرجوحة في الحديقة.

جلست معها وعدت من جديد، أحكي لها عن البشر، وكانت تسألني اسئلة كثيرة حتى انا لا اعرف لها اجوبة، ولكني كنت اخترع لها أجوبة من خيالي وتقتنع بها، ويمر الوقت وتسأل وأقع في تناقضات اختراعاتي وتستغرب وهي تسأل :
- ألم تقل لي حينما سألتك .......
واخترع لها قصة جديدة لتغطي على كذبي، حت اني اخترعت لها شعوبا جديدة وعادات جديدة ولغات جديدة وصورت لها البشر من الرقي والمثالية والمحبة والتأخي والسلام والذكاء والعلم ... ألخ ولو رويت ما رويت لها لمجنون من البشر لتأكد اني مجنون اكثر منه ... ولكن المصيبة الكبرى انها لا تمل وعلى كل كلمة تعلق وتسأل عن كل شئ وكأني ملم بكل شؤون البشر ....
وأحترت كيف أتخلص من هذه الورطة ولكن دون جدوى فاخذت اجاريها، وفجأة سمعت ضحكة عالية ردت الي الروح

... مرح المجنونة عادت وظهرت كلمح البصر ويبدو انها علمت بطريقة ما بكذبي واختراعاتي او انها تضحك على ورطتي .... جلست بجانب باندة على الأرجوحة واخذت تدفعها بقدميها لتتراقص امامي وقالت لي :
أكمل ياحسن شرحك عن عالم البشر الرائع المثالي المتكامل .....
التفتت الى الأميرة باندة وقالت لها


يتبع>>>>>>>الحلقة 54
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 6:38 pm

الحلقة 54


المدن الخمسة المبنية فوق مملكة الشر


التفتت الى الأميرة باندة وقالت لها :
- كيف رأيتِ عالم البشر يابندة بعد ما حدثك به حسن ؟؟؟
قالت :
- بصراحة هناك أختلاف كبير بين ماسمعت عنه في السابق وما قرأته في الكتب وبين ما قاله حسن,
ردت مرح قالت :
- الكتب التي قرأتها قديمة، وماسمعته كان شيئاً في الماضي اما الأن فعالم البشر مختلف، فكلهم يحبون بعضهم ولا احد يقتل الأخر ولا توجد حروب عندهم إلا للتسلية، وهم لا يخونون ولا يكذبون ولا يسرقون.
ادارت باندة رأسها بأتجاه مرح وقالت :
- انتِ تسخرين يامرح
ردت مرح :
- ولماذا أسخر .... ايعقل ان نسخر من هذه المخلوقات الرقيقة اللطيفة الرائعة المثالية، لا يابندة لا تقولي هذا أرجوك .
ابتسمت باندة ووقفت على قدميها ، وبلطف حركت الأرجوحة ومرح مازالت جالسة عليها وقالت:
- سأدعكما لوحدكم قليلاً
وألتفتت الي وقالت :
- ولكني سأعود لتكمل لي الحديث عن البشر وعالمكم، فلا تهرب ياحسن ......
سارت باندة متجهة الى القصر لتتركنا لوحدنا تاركة خلفها انطباعاً اخر عن لطفها وادبها .....
قلت لمرح :
- كلك ذوق يامرح، اكان هناك داع لتقومي بإحراجي أمام هذه "الهبلة" ......
ردت مرح :
- وحياتك عندي انك انت "الأهبل"، أتظن انها صدقت أكاذيبك عن البشر وعالمك، وهي تعلم انك تكذب ولا تريد ان تقول لك ذلك وتجاريك على "قد عقلك" ....
قلت لها :
- هذا غير صحيح ومايدريها ان كان ما أقوله صحيح ام كذب، وعلى كل حال هذا ليس ذنبي، فهي افقدتني صوابي بأسئلتها الكثيرة، حول كل شئ وكأني ذو علم واسع في شؤون جميع البشر، فماذا افعل ان قلت لها لا اعرف ، فتقول ولماذا لا تعرف، ألست من البشر ؟ أنها تتحدث عن عالم البشر وكانهم قرية صغيرة، فكنت اخترع لها الاجابات وهي تصدق ما أقول، حتى جئت أنتِ وأخذت تشككينها بكلامي من خلال سخريتك "وثقالت دمك"
قالت :
ياحسن ياحبيبي، يقولون في هذه المدينة (حينما تتكلم ويصغى اليك احد ولا يقاطعك فهذا لا يعني انه يصدقك) ، وانا بعد ماتركتكما ومن خلال جولتي في "مدينة القمر" علمت عن الاميرة باندة الكثير، نعم هي لا تمثل ولا تتصنع، فهي تتصرف على طبيعتها بكل شئ وصحيح انه لا دخل لها بما يحدث، والجميع هنا يحبونها لانها تستحق ذلك، وتلقب ايضاً بالأميرة البريئة لأن معظم تصرفاتها تدل على البرائة ولكنها ايضاً ذكية ولماحة وصاحبة علم كبير، فلا تتفاجأ ان كانت هي تعلم عن البشر اكثر مما تعلمه أنت، ولمعلمواتك فهي تجيد كل اللغات القديمة والحديثة للبشر والكونيين أيضا. صحيح انها لم تخرج من المدينة ولم تذهب يوماً الى عالم البشر وعالم الكونيين، وهذا لا يعني انها تجهل ما تقصه عليها واراهنك انها الان قد كونت فكرة عن شخصك من خلال ماتحدثت به ....
قلت لمرح :
- شكراً لك على هذه المجاملة اللطيفة ..... دعينا من هذا الموضوع وقولي لي هل عرفت مكان قوة الشر ؟؟؟
ضحكت وقالت :
- اه عرفت، وهلاَ بنروح بنوخذا وبنرجع البيت .. بس المشكلة مافي معنا كيس نحطها فيه!
قلت :
- بدون مزاح، ماذا فعلت بغيابك كل هذا الوقت ......
قالت :
- لم أفعل شيئاً، فقط تجولت في مدينة القمر لأعرف اين نحن بالظبط، واحاول ان اجد خيطا نسير خلفه، ويبدو لي اننا في مكان غريب فعلاً، وسنحتاج الى وقت كثير حتى نفهم طبيعته وخواصه، وشئ واحد لا افهمه، أطمئن اليه من ناحية ومن ناحية اخرى أخاف منه، وساحتاج لعدة أيام حتى اتأكد منه ... الشئ هو ان هذه المنطقة لا تخضع "لسلطة الكاتو" وقوانينها مستقلة وغير مرتبطة بقوانين عالمنا ............
المطمئن في الموضوع ان كان هذا صحيحاً، فهذا يعني اننا هنا بأمان ولا أحد يطاردنا، والمخيف ان لم يكن الأمر كذلك فلن نخرج من هنا الى الأبد، والمحير الذي لا افهمه ... لماذا تركونا ندخل الى هنا ؟؟؟ وقد كان بامكانهم القبض علينا متى شاؤوا، وخاصة واننا لم ندخل رغما عنهم بل بارادتهم وموافقتهم، فما هو السر والحكمة في ذلك ؟؟؟
قلت لها :

- اسمعي يافرح، في عالم البشر يقولن "خذ الحكمة من أفواه المجانين"، ومن الذي مر علينا ومن تجربتي البسيطة جداً والمتواضعة اشعر با هناك "سر كبير خلف ما يحدث معنا" واخشى ان هناك لعبة اكبر مما تصورنا، ولدي احساس بان كل ما حدث قد خطط له قبل ان يحدث لكنهم ارادوا ان يسير كل شئ على طبيعته ولا تنسي يامرح انك واحدة، وهم الاف الالوف، يخططون ويدرسون كل شئ، تأكدي يامرح انهم ارادوا ان نصل الى شئ ما، ونكتشف شيئاً ما، او انهم ارادوا ان يتأكدوا ان كان هناك من يستطيع ان يصل الى شئ ما، وان كان هنا سر ما يجب ان نجده فهذا السر لابد أنه موجود في الماضي وليس في الحاضر ... لاحظي، نحن نبحث عن قوة الشر، وهنا يقولون انه كان هناك ملك "شرير" دمرت مملكته وحرقت، اذاً يجب ان نبحث في الماضي البعيد والذي بسببه سميت "مملكة الشر" بهذا الاسم. لنبحث كيف دمرت "مملكة الشر" ... مانبحث عنه لن نجده في المدن الحديثةن بل سنجده تحت المدن، مالسر الذي جعل كل من يدخل هذه المدن لا يخرج منها ...ولاحظي ان الاميرة باندة قالت "انه من السهل دخول مدن المملكة ولكن من من المستحيل الخروج منها ...." .. لماذا لا احد يخرج وإن خرج ماذا سيحدث له، الم تتساءلي، انت مرح ... عضو في مجلس الكاتو وحارسة لبوابة الشر منذ سنوات طويلة، لم تعرفي ماذا يوجد خلف البوابات، ولم تعرفي عن مملكة الشر، اذا الكاتو جميعا لا يعلمون، وإذا كان مجلس الكاتو وهو السلطة التنفيذية في عالمك لا يعرف شيئاً عن هذه المملكة ... فكيف سيكون له نفوذ عليها.أذاً هناك شئ أقوى من الكاتو يجهله حتى الكاتو يامرح ، الم تلاحظي ان الاميرة باندة تابعت قصتنا من لحظة دخولنا الاقواس، وكانت في انتظارنا وتوقعت ان نصل ابكر مما وصلنا، هذا يعني ان القوة التي سيطرت على كل مامر علينا، هي التي تصدر الاوامر الى من في هذا المكان ، وان دل ذلك، فهذا المكان خاضع لقوة تديره ....
أثناء حديثي كانت مرح تصغي بأهتمام .
بعد ذلك قالت :
- لقد صدقت ياحسن، انك تفاجئني بقدرتك على التحليل .... كلامك منطقي وصائب وقد خطرت لي فكرة من خلالها يمكن ان ننطلق دون تخبط ... والان يجب ان اتركك وأذهب وسأعود باسرع وقت، ولن أعود خالية الوفاض .
انطلقت مرح مسرعة ولم يكن بأمكاني ان استوقفها لأسألها متى تعود، لم اعلم الى اين ذهبت او الى اين تنوي الذهاب .....

ومن بعيد لمحت الاميرة باندة تخرج من بوابة القصرقادمة نحوي، وبدأت ابحث عن طريقة لأتخلص من أسئلتها الكثيرة عن البشر ........
أقتربت وجلست على الأرجوحة من جديد وقالت :
- أين ذهبت صديقتك المجنونة هذه المرة..
قلت لها مازحاً :
- ذهبت لتحضر لنا بعض السندوتشات
فضحكت باندة وقالت :
- لم أعلم انك جائع، على كل حال الطعام جاهز، ولكن من الذوق ان تنتظر سندوتشات "مرح" والآن هيا اكمل لي الحديث عن البشر من حيث توقفنا .
قلت :
- أمري لله ... اسألي انت وسأجيبك، واخذت باندة تسأل وانا اجيبها ولكن هذه المرة كنت اشرح لها باني لا اعرف ما لا أعرفه، وقد كانت متفهمة ولم تكن تلح علي، وسنحت الفرصة اثناء حديثنا ووضحت لها اني كنت امزح في بعض اجاباتي السابقة .......
ابدت تفهمها ولم تعلق .... مرت ساعات ونحن على نفس الحديث، اكلت وشربت وذهبت للنوم، وافقت ومرح لم تعد، والاميرة باندة لا تمل واسئلتها لا تنتهي، وبعد عناء استكفت الاميرة بما عرفته عن البشر، وتنفست انا الصعداء وسمحت لي ان اغير الموضوع واخذنا نتحدث في مواضيع شتى ، وطلبت منها ان تشرح لي هي عن مدن مملكة البشر ؟؟؟
قالت :
- سأشرح لك ما أعرفه، أما مالا أعرفه فلن اخترع لك اجابات عليه مثلما فعلت انت، "مملكة الشر" أسم قديم يطلق على هذه البقعة، والاسم ليس على مسمى وعكس الحقيقة، والاصح كان يجب تسميتها بمملكة "الخير والحب" ولكن التسمية القديمة غلبت على اي تسمية اخرى، واصبح الاسم امراً واقعاً لا يمكن تبديله ... مملكة الشر تقع في الجزء المنسي من الأرض وفي وسط الحواجز الزمنية بين عالم البشر والكونيين، أي ان نصفها يقع في عالم البشر والنصف الثاني في عالم الكونيين، وهي وحدة متكاملة متواصلة غير مجزأة برغم انها تقع بين عالمين، لها خواصها المادية من جميع النواحي . والتي تختلف عن الخواص الموجودة في عالم البشر وعالم الكونيين، مداخلها كثيرة وهي ممتدة على طول الحواجز الزمنية ... توجد لها عشرات المداخل في عالم البشر وعشرات المداخل في عالم الكونيين . اما ابواب الخروج منها فهي قليلة وعددها (13) باباً، وجميعها في حدود عالم البشر، أي ان الخروج من هنا لا يتم إلا عبر عالم البشر . سميت البوبات او المخارج ببوبات الشر، ويشرف على حراستها من الخارج السلطة الحاكمة بعالم الكونيين، اما من الداخل فهي تقع تحت مسؤولية "رموزنا" مباشرة ... البشر لا يعلمون بوجودها بشكل تام، ولكن هناك من يعلم وهناك من يتوقع، وايضا هناك من البشر من يعلم بوجود البوبات ولكنه لا يعلم ما يوجد خلفها، وهناك من أستطاع ان يعرف ولكنه لم يعرف التوقيت الذي تفتح فيه المداخل للدخول الى المملكة ... ومن ناحية أخرى فأن الدخول الى المملكة سهل ان كان من قبل البشر او الكونيين ان استطاعوا معرفة الرموز والتوقيت للدخول، والمداخل تبقى مفتوحة يوميا من غروب الشمس الى شروقها، وقليلون هم الذين استطاعوا الدخول بعد ان فكوا الرموز وعرفوا التوقيت، وكثيرون هم الذين دخلوا الى هنا بالصدفة وبدون قصد، ولا تستغرب ان قلت لك ان طائرات بكامل ركابها وسفن وسيارات ومركبات متنوعة للبشر وصلت الى هنا عن طريق الصدفة، وتم ذلك بمصادفة المرور غير المقصود بالمساحة المحدودة للمداخل عبر الحاجز الزمني في وقت انفتاح المدخل، وكذلك يحدث ايضا مع الكونيين فهم بهذه المعادلة لا يختلفون عن البشر، إلا ان وجود "المخارج" بوابات الشر معروف لديهم وليس بالسر، طبعاً البوابات فقط هي المعروفة، أما مايوجد خلفها فهو مجهول واقصد بحديثي العامة، اما المسؤولون هناك فهم يعلمون كل شئ .... هذا بخصوص الدخول الى المملكة، أما بخصوص الخروج فهو ضرب من المستحيل، ولا يتم إلا عبر (البوابات) والحراسات الداخلية والخارجية المعقدة، والتي لا يمكن حتى تصورها وأنت ومرح خضتم تجربة أجتياز مايعادل واحد بالمئة من حجم الحواجز والحراسات الموجودة .. أما لماذا لا يسمح بالخروج من هنا ... فبصراحة انا ايضاً لا أعرف، وللحقيقة لا احد يفكر بالخروج منها حتى ولو للحظة واحدة، وستعرف انت هذا في الايام القادمة، فكل شئ واي شئ يتصوره عقلك موجود هنا، وهنا لا يوجد ألم ولا معاناه ولا أمراض ... هنا يوجد حل لكل شئ، وكل ما تتمناه ستجده، ولكن هذا لا يعني انه سيحضر اليك دون ان تعمل لتحصل عليه. في مدن المملكة كل فرد يحدد مكانته من خلال مايقدم للمدينة وللأخرين، على سبيل المثال هنا لن تستطيع ان تسرق شيئاً من احد ولا تأخذه بالقوة ... وهنا لا يمكن ان تدعي انك الأفضل، بل يمكن ان تثبت ذلك ان كنت تستحق، الحظ كلمة لا نؤمن بها هنا، بل نؤمن بالعمل والواقع، لايوجد هنا ظالم ومظلوم، هنا مملكة الأمان والمحبة والسلام .... وبغض النظر عن تسميتها "بمملكة الشر" طبعاً هنا ستجد اموراً كثيرة مشابهة لأمور في عالم الشر والكونيين، على سبيل المثال، أنا أسكن قصراً فخماً وهناك غيري من يسكنون بيوتاً متواضعة وعادية،

في عالم البشر، في عالم البشر هذا يدل على اشياء كثيرة كما تقولون، مثلا ولد ومعلقة من الذهب في فمه، وفلان ولد فقيرا .....ربما هذا في عالمكم صحيح ولكن عندنا هذا لا يحدث ابداً، فان كان طموح الفرد ان يصل الى مستوى معين ... فلديه الفرصة ليحقق ذلك من خلال مجهوده وعمله ... والفرص هنا متساوية بين الجميع دون تمييز بين فرد واخر ... يستطيع أي فرد هنا ان لا يعمل شيئاً ولكنه لن يحصل إلا على الأشياء الأساسية مثل الطعام والسكن، اما إن أراد ان يتميز فيجب ان يعمل للوصول الى ذلك ، ولن يفيده مركزه او مكانته او اجداده، وانما دوره في المجتمع هو الذي يحدد، فلا احد يستمد مكانته من الأخرين .....
توقفت الأميرة باندة عن الحديث للحظات ثم استرسلت وقالت مبتسمة :
- ان كانت لديك اية اسئلة تستطيع ان تقاطعني وتسأل، أنا اقدر ان هناك امور كثيرة من الصعوبة بمكان ان يتم فهمها بسهولة ... لا تهتم ان اردت مقاطعتي ... سأعود لمملكة الشر ومدنها بعيداً عن التفاصيل الداخلية التي لا تنتهي ... قلت في السابق انه قد تم بناء خمسة مدن على هذه المنطقة المسماة بمملكة الشر، والمدن التي تم بناؤها منذ عشرات الاف السنين وهي مدن متصلة ببعذها ببعض، ولا تفصل بينها حواجز واسوار ، وهي ايضا تشكل وحده متكاملة، ولا يوجد فرق بين مدينة واخرى، فهي مجتمعة تشكل "مملكة الخير" وقد قلت في السابق ان لكل مدينة أميرة رمزية، ولكن السلطة التي تحكم هي واحدة ... المدن هي :

مدينة القمر وقد سميت نسبة الى القمر، وانا باندة اميرة هذه المدينة وتلي مدينة القمر المدن التالية: مدينة الشمس واميرتها " اميرة الشمس". مدينة الظلال وأميرتها "أميرة الظلال". مدينة الصدى وأميرتها "أميرة الصدى". مدينة النجوم وأميرتها "أميرة النجوم.
ولم تسمى المدن الخمسة بهذه الأسماء عبثاً، بل أخذت المدن أسماءها بناء على العوامل التي أثرت فيها . فالقمر مثل لا يظهر في المدن الأخرى بهذا الوضوح والتواصل مثلما هو في هذه المدينة وعليه تمت تسمية المدينة نسبة الى القمر ... وكذلك الشمس فهي تظهر في احدى المدن طوال الوقت، لكن بدرجات متفاوته ففي نفس الوقت الذي تغرب فيه تنعكس اشراقتها من جديد عبر الحواجز الزمنية على المدينة مرة أخرى، طبعاً ليست بقوة اشراقتها، والسبب معلوم لدينا، فهي لم تشرق على المدينة وانما اشرقت في جزء ما من العالم . وأنعكس نورها عبر الحواجز الزمنية ووصل المدينة، وعليه سميت بمدينة الشمس، وكذلك النجوم فهي تري في احدى المدن طوال الوقت وبأستمرار وذلك بسبب الانعكاسات الزمنية ... اما مدينة الظلال مأخوذة لأن كل شئ في تلك المدينة تتعدد ظلاله في كل الأوقات وبتواصل دون فرق بين وقت واخر، وان مدينة الصدى والتي اعتدنا ان نطلق عليها اسم "المدينة المزعجة" ... فقد أخذت تسميتها من صدى الصوت وتكراره، فهناك يجب ان يعتاد الفرد على سماع صدى كل كلمة وفي كل الأوقات ...
المدن الخمسة من أفضل وأجمل واروع المدن كيفما نعلم بالمقارنة مع جميع المدن في عالم البشر ... مع انه لا مجال للمقارنة لا من بعيد ولا من قريب من جميع النواحي دون أستثناء . وعلى الرغم ان لكل مدينة خواص مختلفة عن الأخرى إلا انها في النهاية تشكل مدينة واحدة كبرى، ولكل فرد الحرية الكاملة بالتنقل والسكن أينما أراد وكيفما أراد .. ونحن أميرات المدن الخمسة تربطنا علاقات وثيقة وحميمة، على الرغم من التنافس الكبير القائم بيننا طوال الوقت للفوز بلقب افضل واجمل مدينة او اية القاب اخرى .. ففي كل الف أشراقة أي كل ثلاث سنوات يتم أختيار "المدينة الاجمل" من المدن الخمسة، وقد أستطعت ان اجعل مدينتي تفوز بهذا اللقب خمس مرات وبعد اشهر سيحين موعد الأحتفال باختيار المدينة الأجمل من جديد وكلي امل بأن افوز بهذا اللقب للمرة السادسة .
أبتسمت باندة بحياء بعد ان كانت متحمسة للحديث عن المسابقة وقالت :
- انا اسفة فالحديث عن المسابقة والتنافس ليس ذو قيمة للموضوع الذي نتحدث فيه، ولكن هذا موجز عن مملكة الشر وبامكانك ان تسأل ما تشاء، فأنا مدينة لك بخمسة أسئلة مقابل كل سؤال سألته لك ... واعتقد اني مدينة لك بالاف الأجوبة ... تفضل اسأل كيفما تشاء وتريد.
ضحكت، فمن كثرة الأسئلة التي لدي لم ادرِ ماذا اسأل او عن ماذا اسأل فقد ادخلتني في الف متاهة، ومع كل كلمة كانت تخرج من فمها يدور في رأسي الف سؤال ... وقلت


يتبع>>>>>>>>>>>>>الحلقة 55
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 6:39 pm

الحلقة 55


(المفاجأة السارة وغياب مرح )


- لا توجد لدي أية أسئلة ....
وارتسمت على ملامح وجهها علامة أستفهام وأستغراب ساخرة وهي تضم شفتيها وتغلق عينيها قليلاً وقالت :
- معقول ياحسن أنت لا توجد لديك اسئلة ؟؟؟
فقلت :
- بصراحة انا اسأل لكي افهم وبما اني على قناعة بأني مهما سألت فلن افهم شيئاً، فسأريح تفكيري ولن اسأل ... أتظنينني سأفهم مهما شرحت ماهو الجزء المنسي من الأرض، اعني ذلك الجزء الذي ذكرته، او عن الحواجز الزمنية او تداخل العالمين والمخارج والمداخل ومواصفات مدنكم العجيبة ... وتناقض اطلالة الشمس وغروبها في الوقت ذاته كل ما ذكرته يا باندة اصدقه مئة بالمئة ولا ارى فيه الشئ العجيب ففي عالم الجن كل شئ جائز ... ولكني لن افهم كيف يكون ذلك ؟؟؟
قالت ،
- الامر بسيط مع انه قد يبدو لك معقداً وغريباً وعجيباً ولكن ان فكرت قليلاً ستجده امرا عادياً ...
تصور الشئ احيانا يكون صعبا ولكن حين يتم فهمه يصبح بسيطا ... سأشرح لك دون تعقيد . !!!! قل لي ما هو الشئ الأكثر تعقيدا ولا يمكن لك تصوره من الامور التي ذكرتها ....
ضحكت وقلت :
- كل شئ دون استثناء، فكل امر اعجب من الاخر ....
قالت :
- أختر لي اعقد شئ لا يمكن ان تتصوره .....
فكرت قليلا وقلت :
- مدينة الشمس مثلاً كيف تغرب الشمس وتشرق عليها في نفس الوقت، وهذا مستحيل من جميع النواحي ولا يمكن ان يكون ... فالشمس واحدة إلا إذا كان للجن اكثر من شمس او لهم شموسهم الخاصة !!!!
ضحكت باندة وقالت :
- لا توجد عندنا وعندكم إلا شمس واحدة، وقمر واحد، فالشمس التي تشرق وتغرب في عالم الكونيين وانها نفس الشمس هنا، وكذلك القمر والنجوم ... أنا لم أعتقد انك ستسأل عن أشراقة الشمس وغروبها في نفس اللحظة ، فهذها امر عادي جداً وقد شرحته لك ولماذا الأستغراب فهذا يحدث في عالم البشر ايضاً ... لقد قلت لك انه حينما تبدأ الشمس بالغروب تنعكس اشراقتها على المدينة عبر الحواجز الزمنية ... اما كيف يتم ذلك، سأشرح لك من جديد، فهي تشرق على جزء اخر اليس كذلك !!! ومايتم في المدينة انه حينما تبدأ الشمس بالشروق في موقع ما بعيد جداً عن المدينة ينعكس نورها عبر الحواجز الزمنية ويرتد من جديد على هذه المدينة بالذات بحكم موقعها وهذا امر بسيط ليس بحاجة الى شرح، إن كنت تفهم ما هي الحواجز الزمنية ......
صمتت قليلاً وقالت :
اتريد ان اكشف لك سراً ولا تتفاجأ به ... نحن نفوقكم في التطور مئات السنوات، ولكن هل على سبيل المثال بان البشر استطاعوا الوصول الى القمر ونحن لم نستطع، وربما اننا لن نستطيع ان نفعل ذلك في يوم من الايام في هذا المجال وعشرات المجالات الأخرى التي هي بحاجة الى استخدام المادة بشكل كامل ...
البشر متفوقون علينا بكثير، وهل تعلم بان البشر سيستطيعون في السنوات القادمة الوصول الى الكثير من الكواكب التي لن نصلها نحن ابدا وذلك بسبب تمتعهم بالمزايا المادية الكاملة !!! خطأ البشر الوحيد انهم لم يفكروا باكتشاف دماغهم واسرار عالمهم على الارض، وذهبوا لأكتشاف الكواكب الأخرى البعيدة ... اتعلم ان علماء عالمنا يمضون سنوات كاملة في توجيه علماء البشر من اجل ان يقوموا بأكتشاف بعض الأمور المادية ليحصلوا من خلال هذه الاكتشافات على المعلومات التي يحتاجونها لتطوير الكونيين ... ان الارتباط مع البشر هو ارتباط مصيري لا فكاك منه، كما ان كل الأكتشافات التي تمت في وقت "الصفرين" اقصد كل مئة عام كان خلفها علماء الكونيين ....
قلت :
- شكرا لشرحك ولكن بصراحة لم افهم وبصراحة اكثر لن افهم واكثر من ذلك، لا اريد ان افهم إلا شيئاً واحداً .... هل هل سأخرج من هنا يوما ما؟؟؟
ردت :
- غريب ... لم يصل احد الى هنا وفكر بالخروج، وحديثي كان واضحا حول استحالة الخروج من المملكة ولكن بعد ان تتعرف على مدن المملكة لن تفكر بالخروج ابدا ....
- فعلاً ان هذه المدينة لابد وانها اروع ما في الوجود، وخاصة انك اميرتها وليتني استطيع البقاء فيها الى الأبد ... ولكن جذوريوانتمائي ليس الى هنا ... وانما في عالم البشر، حيث عائلتي وابناء جنسي، لم احضر الى هنا إلا من أجل شئ اخر غيره ...
- ان هدفك يا حسن هو ماتسمونه "قوة الشر" ....
- كلا يابانده، اقول لك الحق ورغم كل تناقضي وتخبطي بأشياء كثيرة في نفس الوقت إلا ان هدفاً واحداً لن يزول من تفكيري وكل الأهداف الأخرى بجانبه ليست بذات قيمة ...
- وماهو هدفك يا حسن؟؟؟
- هدفي غادة .... يابانده ...
ابتسمت بانده وفالت بلهجة لا تخلو من الخبث :
- انت تقصد "كادانته"
- كلا اقصد غادة ...
- اعلم، انت تتحدث عن الكونية "كادانته" التي تخليت عنها، وبسببك تم عزلها، لقد قلت لك اني اعرف قصتك بالكامل، ولكن ووفقاً لما رايت وسمعت وعرفت بانك تحب اختها كونته، إلا إذا كان للبشر طرقاً للحب لا نعرفها !! ان كان هناك فليتك تحكيها لي لأعرف ولأفهم كيف تحب "كادانته" وفي نفس الوقت تحب اختها كونته ؟؟؟

- معك حق في ماقلت وماتظنين، وانا لم اخجل واعترف اني مليئ بالتناقضات ... نعم انا لست مثاليا ولا نبيا ولا عالما ولا فيلسوفا ... انا مخلوق ضعيف من مخلوقات الله مثلي مثلكم انتم بني الجن او الكونيين كما تسمون انفسكم، نعم هناك تصرفات غريبة ومتناقضات حتى انا لا اجد لها تفسيرا، ولا اطلب من احد ان يتفهمها ... لست الهاً لأخلو من العيوب والضعف ... لن اكذب ولن اكابر واعترف لك يابانده باني احببت "الجنيه مرح" واصبحت جزءا من حياتي، وانقدت خلفها في كل شئ ولم احتمل مجرد التفكير بانها ستختفي يوما ما من حياتي ... سمه حب ان اردتِ، او سمه عشقا او جنونا ان اردتِ، فالحقيقة ان هذا قد حدث، كيف ولماذا متى .... فهذا لن يغير في الموضوع شيئا .. اخت زوجتي وحبيبتي غادة، او "كادانته، كما تسمينها اصبحت اهم شئ في حياتي ... أعترف بذلك ... خيانة، غدر، حقارة .. ايضا هذه الألقاب ان اطلقتها على نفسي فلن تغير شيئا، وانتم يابني الجن، لقد تعلمت منكم الكثير، ورايت منكم العجب والمستحيل، واكثر الامور التي عرفتها عجبا .. ليست الحواجز الزمنية، ولا التفوق العلمي، انما هي نفسي وماتخفيه ... نعم انتم تعرفون كل شئ، وشئ واحد لن تعرفوه مهما تطورتم وتفوقتم ... ان نفسية البشر ستبقى لغزا لن تفكوا رموزه، نحن لا نخطط مثلكم، ولا نفكر مثلكم بطريقتكم، ولا يهمنا ما سيحدث بعد مئة عام، لاننا لن نعيش المئة عام، حتى لو اننا ادعينا بأننا نهتم بما سيحدث، فستبقى مجرد ادعاء، فالعمر قصير، والحياة يوم بيوم وان فكرنا بالغد فلأننا نرى في الغد يومنا هذا !!! حينما ظهرت مرح للمرة الأولى، تزامن ظهورها مع فقداني لغادة ولحياتي كلها ... اعلنت مرح منذ اللحظة الاولى بانها جاءت منتقمة ... كانت عنوانا للسوء والشر، كنت سعيدا منذ اللحظة الاولى لظهورها، حتى لو ظهرت غير ذلك، لماذا؟ لأنها قالت انها اخت غادة، او لأني رأيت فيها عقابا قد يريح ضميري لما فعلته مع غادة، وربما لأنها ايقظت السوء والشر بداخلي ... اصبحت شيئا مهما في حياتي لانها اخت غادة، وتذكرني بها، وستنتقم مني واريح ضميري .. فراغ كبير تركته غادة في حياتي !!! ملأته بلعبة الكره والشر والجنون التي ادخلتني فيها مرح يوما بعد يوم ... انا انسان ولا انكر اني انسقت خلف غرائزي ووقعت في مصيدة فرح الجنسية، واستطاعت ان تدفعني كالمجنون الى جسدها بعد ان هيأت كل الأجواء لذلك ... حتى حاجتي وحرماني وجنون الموقف كان كفيلا بأن اضعف، لا انكر أني ضعفت وضعفت ... شعرت بخيانتي لغادة بأحضان أختها، وتعذبت وتألمت لذلك، وحاولت ان اقنع نفسي بأني فعلت هذا تحت تأثير قوة مرح الخارقة، ولكني عدت واعترفت لنفسي بأني ضعيف، وسرت خلف شهواتي التي عمدت مرح ان تفجرها ... تكرر الموقف عدة مرات من جديد، وتركت للشر الذي نما بداخلي ان يقودني، ولم اكن اريد أن اقاوم، حاولت ان اعود الى نفسي، ولم أستطع، لأن اليأس والأحباط كان أقوى ...
خيرت في احد المواقف بين عودة غادة الي، وبين دخول بوابة الشر، فأخترت الشر، لماذا فعلت ذلك؟ لأني علمت بأن قوة الشر ستعيد غادة، ولأني لم اعد أثق لا ببشر ولا بجن في وسط لعبة الدهاء والتأمر اللامتناهية، ولكن غادة حبيبتي بقية الأمل والجزء النظيف في حياتي، لم انسها، ولكني تناسيتها، هذه اللعبة المجنونة حكمت على ان اتناساها ... غادة هي حبي الحقيقي، وستبقى الى الأبد، قولوا ما تقولون، وسأقول انا بأني لو خيرت بين كل شئ في عالم الجن وغادة، لأخترت غادة ولا شئ غير غادة، فهذه روحي ونفسيتي ولن تفهمونها ............
توقفت عن الكلام ورفعت بانده يديها وبدأت تصفق وقالت :
- ها انت تجيد الفلسفة بعكس ماقلت، وماقلته رائع ومقنع حتى اني كدت اقتنع به، ولكن الاهم من كل هذا: هل ستقتنع "كادانته" بهذه المبررات، هل ستقتنع بأن الذي أخترته زوجا لها وضحت من اجله يخونها مع اختها !! يبدو انك لا تعرف عن الكونيات شيئا !! الكونيه يا حسن قادرة ان تتسامح بكل شئ، إلا ان يخونها "شريك العهد" الكونيه لا تقرر الزواج بسهولة حتى تتأكد من شريك حياتها، والكونيه ان اعلنت عهد الارتباط (الزواج) لا تخونه ابدا، ولا تصفح ان خانه زوجها، وانت خنت "كادا" مع اختها، وليست اختها فقط وانما من اختارت اسمها ليكون شاهدا على زواجها ...
قلت للأميرة باندة :
- اختها مرح هي التي خانتها، ودفعتني لذلك، وغادة ستفهم اني من البشر ولا اخلو من لحظات ضعف ...
- انت زوجها، واعلنت عهد الأرتباط معها على طريقة عالمها، ولا فرق ان كنت من البشر او الكونيين، واختها لم تخنها لان لها الحق ان تفعل ما تشاء مع من تشاء حتى لو كان زوج اختها وبمفهوم الكونيات، لا يعتبر هذا الموضوع خيانة، بل هو امر طبيعي ... لا يمكن ان تلوم كونيه كونيه اخرى عليه، او تغضب منها، لانها لا تعتبرها خيانه، بل تعتبرها ارادت شئ وحصلت عليه وهذا من حقها ... والكونيه تعتبر خائنه في نظر الجميع في حاله واحدة فقط، ان كانت "شريكة العهد" قد انتهت "ماتت" وقامت كونيه اخرى باقامة علاقة مع زوجها، فهذه تعتبر خيانة، لان
عهد الارتباط لا فكاك منه حتى ان مات احد الشريكين، فيجب على الأخر ان يحافظ على العهد الى ان يموت، ولهذا فأن من المستحيل ان ترضى أي كونية بأقامة علاقة مع زوج اخرى قد ماتت، فان ماتت كونية وهي متزوجة فكل الكونيات يحافظن على عهدها، والويل ان تجرأت واحدة وأقامة أية علاقة مع زوج التي ماتت، فهذه ستعتبر خيانة لكل الكونيات!! قد تراها قوانين غريبة نوعا ما، ولكنها قوانين مقدسة لدى الكونيات .
الكونية تحافظ على عهد الكونية ان ماتت، والكونية تستطيع الحصول على ماتريد، والخائن في هذه الحالة هو الشريك، وأنت الخائن ياحسن ... لقد خنت كادانته زوجتك، ولا فرق في نظر كادانته مع من كان ذلك، فلا تحلم ولو للحظة واحدة بأن كادا ستصفح عنك وتخرج عن قانون الكونيات ... وتمنى ان لا تعرف بخيانتك، وان لا تلقاها الى الأبد، لانه ان قدر ذلك فستعلم بخيانتك لها، ولعلمك، لو قدر ان يكون لقاء، فستقف اختها مرح بكل فخر وتقول لها : كادا ... اقام زوجك علاقة معي ... انه خائن ... هذا هو القانون ياحسن ... كونية لا تتستر على خيانة زوج كونية أخرى !!!
ضحكت من أعماق قلبي، وبداخلي لا أريد ان أصدق هذا الهراء والجنون، لأني ان صدقت، فهذا يعني ان الأمل المتبقي لي للقائها قد انتهى، وقلت لبانده وانا أضحك من القهر والغيظ :
- لا اعتقد بان احدا في عالم الجن يجرؤ على الزواج إلا المجانين ...
- على العكس مما تقول، فلا احد يخاف من الزواج ... ولكن لا احد يجرؤ على خيانة عهد الأرتباط المقدس بعد ان يعلنه .
- انا واثق ان زوجتي غادة شئ اخر، مميزة في كل شئ، ولا اعتقد انها ستهتم بمثل هذه السفاخات، وهي ستقدر باني من البشر وستتفهم ظروفي ... وايضا هي لم تشرح لي قانون الجنيات، ولو كانت تهتم به لشرحته لي حتى لا اتجاوزه، فليس ذنبي اني اجهل هذا القانون ؟؟؟
- أنتم تقولون "حجة أقبح من ذنب" .. مثل رائع، أليس كذلك ياحسن !
- على كل حال، هذا الحديث سابق لأوانه سأعمل كل مافي استطاعتي ومهما كلفني من ثمن، لأجد الطريقة لأخراج غادة من سجن قبة النور، وبعدها ليحدث مايحدث، والشئ الوحيد الذي يعجبني فيكم أنتم الجن ويطمأنني، ان كل شئ لا يبقى على حاله، وكل ماتقولونه يحدث عكسه ....
وبنبرة أستغراب قالت :
- عظيم، تعجبني هذه الثقة ان لم تكن تنبع حماقة ... فلا تثق كثيرا بنفسك حتى لا تتحول الى احمق، وانت تجهل ماهي "قبة النور" هل تتصور انها مجرد سجن كتلك الموجودة في عالم البشر ... قبة النور هي النهاية التي تسبق النهاية الابدية ... اتعلم بماذا تستطيع ان تقارنها؟ فقط "بالحكم بالأعدام" عند البشر، فهل حكم على احد بالأعدام وبعد ان تم تنفيذ الحكم تم الغاؤه؟ في عالم الكونيين لا يوجد حكم بالأعدام ... يوجد ما هو أسوأ ... "سجن قبة النور" ... حكم الاعدام مع وقف التنفيذ، وان حكم على احد بدخول هذه "القبة" فلا يخرج منها حتى يموت، ولو اجتمع الكونيين والبشر معا ليحاولوا اخراج احد منها لما استطاعوا، وتحريك القمر من مكانه ربما كان أسهل ... أتعلم لماذا؟ لآن قبة النور لم يصممها احد، وهي عبارة عن حواجز زمنية وجدت لوحدها، ولم يصمموها ليعرفوا كيف يخترقونها!!! هل فهمت ما قصدته بقولي ... ثقتك تنبع عن حماقة، ولكني لن أحبطك ، وسأخبرك بشئ عن قبة النور يزيل اليأس من قلبك ... اولاً قبة النور هي العقوبة القصوى ولا يدخلها إلا هؤلاء الذين فقد الامل باصلاحهم والذين يشكلون خطورة على عالمهم عن درايه ومع سبق الاصرار ....
قلت :
- ماذا تقصدين؟ وماذا يجب ان أفهم؟؟
- اقصد انك جاهل ..
- لم افهم ؟؟
- كادانته لم تكن مجرمة ولا متمردة، "كادانته" خالفت القوانين وهي لا تقصد أبداً ايذاء احد، ولا تسعى إلى هدف، ولهذا فهي لا تسمى بالمخالفة الخطرة، لأنها لم تؤذِ احدا، ولم تقصد او تسعى لايذاء احد أياً كان من البشر او الكونيين، ولا تسمى "متمردة" لآنها لا تشغل أية مكانة ولا منصب رسمي، ولقب "متمردة" لا يطلق على أي كان، وكادانته ياحسن تجهل الكثير من القوانين، حتى ان معرفتها بالقوانين مغلوطة، ربما لأن الكثير من أفراد عائلتها يشغلون مناصب عديدة في هيئات مختلفة، وخاصة كونته، وجو عائلتها جعلها تتعرف بأشياء كثيرة وربما عرفتها بطريقة خاطئة لانها لم تجد من يشرحها لها .. والحديث الكثير الذي كان يدور في عائلتها عن البشر حرك فضولها ودفعها للبحث عن طريق لهذا العالم الغريب، حتى انها اصبحت ملمة بالكثير من الامور عن البشر يحتاج غيرها الى سنوات كثيرة ليعرفها ...
صمتت الأميرة باندة عن الكلام، ووقفت واستبدلت مكان جلوسها وقالت :
- طبعا قد تتساءل : كيف اعرف كل هذا عليك ان لا تستغرب ذلك، فقد طلبت كل هذه المعلومات خاصة وانها تتعلق بشخص اصبح داخل مدينتي وتحت مسؤوليتي، ولهذا يجب ان اعرف عنه كل شئ، ومالذي دفعه للقدوم الى مدينتي، وقصة كادانته مرتبطة بهذا الموضوع ... وعودة الى كادانته ومغامرتها الطفولية ... فأن كادانته منذ صغرها كانت تعشق ان يبحث عنها الاخرون، ودائما كان يحدث ذلك، حتى اكتشفت طريقها الى عالم البشر، وبدأت تهرب وتختبئ هناك بدافع المغامرة لبيحثوا عنها اياما وايام، حتى يجدوها ويعيدوها الى بيتها وتكرر فعلتها من جديد. وكثيراماضاعت في عالم البشر. ولم يكن من السهل ايجادها ... مغامراتها هذه جعلتها تتعلق بعالم البشر. وعائلتها بدأت بأخافتها من العقوبات ومن قبة النور، وماذا يمكن ان يحصل لها، حتى كفت عن هذه المغامرات المجنونة لعدة سنوات، لتعود اليها من جديد بعد ان كبرت، وتحدث المصادفة وتحبك فعلا،وكما يقولون "أن عشقت الكونية عقلها يتوقف" و"عشق الكونية جنون". أحبتك كادانته وحينما طلبت منها الزواج لم تكن لتستطيع ان ترفض لحبيبها طلبا، وجهلها وحبها ساعداها على ذلك، إلا انها كانت تحترم وتحب تقاليد عالمها ... لا تستغرب ياحسن ان قلت لك ان كبرياء كادانته لا مثيل له، "وذكاء كادانته" جعلها تخدع الجميع .
وساعدها على ذلك ان اختها كونته كانت مشغولة، وإلا لأنكشف أمرها ... وليته حدث ولكن وقعت المصيبة وتزوجتك، وبزواجها بك خرجت من تحت وصاية عائلتها ولم يعد من الممكن اعادتها إلا إذا تخليت عنها وخاصة انك اصبحت زوجها، وبما انها خرجت من وصاية عائلتها بالزواج من بشر واصبحت تحت وصاية سلطة "الكاتو" ، لم يكن "الكاتو" ليعجز عن ان يجعلك تتخلى عنها، وحظك التعس ان اختها كونته عضو في مجلس الكاتو وهي المسؤولة الاولى عن منع اتصال الكونيين بالبشر، وخبرتها الواسعة في القضاء على المتمردين اصحاب العلم والقوة والخبرة، "فالمخالفون الصغار" شئ لا يذكر بالنسبة لها، ولم تهتم يوماً بأمرهم، فأي كان من صغار مساعدي كونته، يستطيع تولي مثل هذه المهمة، ولكن "المخالفة هذه المرة هي كادا أخت كونته، وكونته التي جن جنونها وهي لم تتصور يوما ان اختها الصغيرة سترتكب مثل هذه الحماقة وتتزوج واحد من البشر، قامت بنفسها بالاشراف على أعادة " كادا" الى عالم الكونيين، ولأن كادا تعرف الكثير من الامور عن "الكاتو" ولأن كونته لم تكن لترغب بالقبض على كادا بطريقة قد تؤذيها وخاصة انها اختها ... ولهذا لم تكن عملية القبض عليها سهلة، بل كانت شاقة وصعبة "لكونته" ... وتم القبض على المخالفة "كادا" وتمت اعادتها الى عالمها ليحكم عليها بان تبقى تحت وصاية "الكاتو" حتى تبلغ السن القانوني، وبعدها يتم رفع الوصاية عنها وتعود لحريتها، ومفهوم الوصاية انها لا تستطيع اتخاذ أي قرار يخص حياتها إلا بموافقة المشرف عليها من الكاتو . وبما ان كونته تتمتع بنفوذ كبير، فقد وضعت عليها مراقبة خاصة من مساعديها شخصياً على مدار الساعة في البيت والمدرسة وكل مكان حتى انها وضعت مراقبة ايضا على اصدقاء كادا ... خشية ان تهرب من جديد الى عالم البشر ... هذا ماحدث مع الصغيرة كادا ... اما انت ايها المتعوس فلو كنت تزوجت كونية عادية لسارت الامور بدون تعقيدات، والقانون ينص بأن يتم مسح دماغك من اية معلومات سجلت بذاكرتك ، وبعدها تعود الى حال سبيلك لا يزعجك احد، واكثر شئ كان ممكن ان يحدث لك هو ان تصاب بهوس، او على الأكثر جنون مؤقت من جراء المسح لدماغك ... ولكن حظك الصعب، اوقعك من بين ملايين الكونيات بحب وزواج كادانته اخت كونته، حارسة ابواب الشر ...

وكونته لم تكن لتكتفي بمسح دماغك والسلام، وانت قد حرمت اختها من فرصة للزواج الطبيعي من كوني من بني جنسها ... فلابد ان تعاملك معاملة خاصة، كيف لا وانت زوج اختها، وهكذا بدأت باللعب مع واحدة من كبار الدهاة في عالم الكونيين، لتجد فيك كونته تسلية ممتعة في اوقات فراغها، حتى قررت ان تضعك في مخططاتها التي فاجأت الجميع بها من اجل الوصول الى هنا ...
انهت بانده حديثها ، وكم كان بودي ان اقفز من مكاني واحضنها واقبلها، ليس بدافع شهوى لها، وانما بدافع الشكر والامتنان لأجمل خبر سمعته في حياتي ... شعور بالراحة والسعادة التي فقدتها منذ زمن ... عذاب وألم وتأنيب ضمير ظل ملازما لي منذ فترة لما حدث "لغادة" وخاصة أني كنت السبب .. قد زال واختفى بعد ان عرفت الحقيقة، لا سجن ولا قبة نور ولا عذاب ولا يوجد شئ من كل هذا حصل لغادة، فهي تحيا بأمان وسلام، بعيدا عن الأوهام التي زرعتها في دماغي الداهية "مرح" ...
قلت للأميرة باندة فرحاً :
- شكراً لك ... شكرا لك يا الطف واظرف واجمل اميرة في الوجود، الان لا يهمني ان تبدأ الحياة او تنتهي بعد ان "تطمنت" على زوجتي وحبيبتي غادة ...
سألت بانده :
- من باب الفضول لا اكثر، غادة ومرح متشابهتان، حتى ان من يراهما معا للوهلة الاولى يشك انه امام توأم، ولا يرى فارق للسن بينهما ان كانت غادة لم تبلغ السن القانوني، وأنتم تنظرون اليها كطفلة صغيرة، زا اعلمه انه حينما تزوجتها كان عمرها خمسة وعشرون عاما، أذاً كم يكون عمر "مرح"؟؟؟
ضحكت بانده وقالت :
- غادة تبلغ السن القانوني حينما تبلغ من العمر ثلاثين عاما مقارنة بسن البشر، و"كونته" عضوة في مجلس "الكاتو" وحارسة لأبواب الشر ولابد انك علمت كم يحتاج الفرد من الوقت للوصول الى هذه المناصب ...
أذا لن يتصور عقلك كم يمكن ان يكون عمر "كونته"، أن اردت ان تعرف اسألها وهي تجيبك ... والاعمار عند الكونيين ليست مقرونة بالاشكال ...
فسألت :
- أذاً كم عمرك انت ايتها الاميرة ان لم يكن سؤالي محرجاً؟؟؟
- الاعمار لا تحرجنا، بل هي فخر لنا، ولكن ان قلت لك ستخمن كم يكون عمر كونته بالمقارنة مع عمري. وبصراحة انا اريد ان تسألها، وحتى لا تتفاجأ، فسأقول لك انه ربما كان جدك طفل صغير بالنسبة لي، وانا طفلة صغيرة بالنسبة لكونته، وهذا الموضوع بالذات افضل ان تسأل كونته عنه مباشرة؟؟

إندهشت فعلاً :
- يا الهي ، ان كان ما اظنه صحيحاً، فهذا الخلود بعينه ...
عدت لحديثي مع الأميرة في مواضيع شتى، وعلمت منها امورا كثيرة لم أكن أفهمها بسهولة ... وانقضت عدة ايام ومرح لم تعد، حتى ساورني الشك بان شيئاً ما قد حدث لها
كانت الاميرة غاية في اللطف، ورتبت لي جولات كثيرة برفقة مساعديها في انحاء مدينة القمر، حتى انها كانت ترافقني شخصيا في بعض الجولات . مدينة القمر كانت اسماً على مسمى، فهي القمر بجماله ... ما وصلت اليه من نظام وجمال وتنسيق عجيب لا اعتقد يمكن ان يضاف اليه شئ جديد، مدينة متكاملة من جميع النواحي ....
سكانها ايضا لطفاء وظرفاء، ينجذب الفرد اليهم بسرعة، فهم متعاونون في كل شئ ... وكلما تجولت في المدينة اكثر أزداد تعلقك بها، وأيقنت أنه من الجنون التفكير، لمجرد التفكير، بالخروج منها ... ماذا يمكن ان يحصل الانسان في حياته على اكثر من ذلك ...
مر اسبوع ومرح لم تعد، وأزداد يقيني بأن هناك سرأ وراء غيابها ... وأثناء عودتي من احدى جولاتي في مدينة القمر، أستقبلتني الأميرة ..............

يتبع>>>>>>>>>> الحلقة 56
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 6:41 pm

الحلقة 56



(انتهاء فترة الضيافة والبحث عن عمل)

أستقبلتني الأميرة ودعتني لتناول طعام لتناول طعام الغداء على مائدتها الخاصة، وكانت هذه هي المرة الأولى التي تدعوني فيها الأميرة بطريقة رسمية، فقد أعتادت منذ قدومي ان تعاملني بعيداً عن الرسميات ... جلسنا على مائدة الأميرة الموجودة في الجانب الشمالي من القصر، في صالة متوسطة الحجم، تطل على بحيرة رائعة الجمال، لم أكن أراها من قبل، ربما لان الأشجار كانت تحجبها حيث كنت أجلس وأتجول .......
وأثناء تناول طعام الغداء ... سألت الأميرة عن سر هذه الدعوة وبهذا الشكل الرسمي فقالت :
- أنها طريقتنا في الترحيب بضيوف هذه المدينة القادمين من خارج المملكة، طريقة تقليدية نحافظ عليها دائما بعد اليوم العاشر لقدوم الشخص أياً كان ... هي طريقة ترحيب ووداع في نفس الوقت، وهي نوع من أبداء الأحترام للضيف ... حسن، اليوم نكون قد قمنا بواجب ضيافتك بالكامل، نتمنى ان نكون قد وفرنا لك الراحة، وأعذرنا ان قصرنا في شئ، بأسمي واسم أهل هذه المدينة نرحب بك وندعوك للأنضمام الينا لتكون فردا من سكان هذه المدينة ان وافقت، فسنكون سعداء وان رفضت فهذه حريتك وارجو ان تعذرنا بأنك لا تستطيع البقاء في المدينة أكثر من هذا اليوم وستجد من يقوم على ايصالك الى اية مدينة أخرى تختارها من مدن المملكة الخمسة ....
أبتسمت وقلت بيني وبين نفسي : يبدوا ان اللعب قد بدأ، ومرح اختفت والأميرة تطردني بطريقة رائعة ومؤدبة، لا خيار امامي، فانا لا أدري ماذا أفعل او الى اين أذهب، فكل الوقت أعتمدت على مرح بكل شئ، والآن لا استطيع سوى الموافقة على البقاء في مدينة القمر، حتى ينظر الله في أمري ... قلت للأميرة :

- أنه لشرف عظيم ان اصبح احد سكان مدينتك ايتها الأميرة ...
ردت :
- وشرف لنا ايضا يا حسن، اليوم سيتم نقلك الى بيت مستقل وخاص بك، وسنخصص لك من يرافقك لتتأقلم مع حياتك الجديدة داخل هذه المدينة وسيساعدك المرافق لأيجاد عمل يناسبك، ولا تنسى يا حسن ان هذه المدينة تقدم لك كل شئ، وانت أيضاً يجب ان تقدم لها من خلال عملك ؟؟؟
فاجأني كلامها قليلاً وسألتها :
- وأنت، متى استطيع ان أراكِ ؟؟؟
قالت :
- لا أدري متى، ولكن لابد ان يأتي يوما ونلتقي، أكيد انت تقدر ظروفي وحجم المسؤولية الملقاة على عاتقي كأميرة لهذه المدينة ...
صمت ولم أتكلم، فجوابها كان واضحا ولم يكن بحاجة لتفسير ... هي اميرة، وانا سأصبح فردا من سكان هذه المدينة، فلن نلتقي الا إذا كان هناك سبب مقنع لذلك ...
سألتها :
- اين اختفت مرح ياسمو الآميرة ؟؟؟
ردت :
- بصدق لا اعلم، ربما لم ترغب بالبقاء في المدينة اكثر،وفضلت الأنتقال الى مدينة أخرى .... انا شخصياً لا اعلم أي شئ عنها، ولو حدث لها شئ في مدينتي لكانوا أخبروني لأنها في ضيافتي. اود ان التقيها لأودعها وأن سنحت لي الفرصة سأفعل ذلك ....
وبعد مايقارب الساعة رافقتني الأميرة الى بوابة القصر، وكان في انتظاري عربة وشاب في مقتبل العمر كما بدى لي ، ربما كان عمره من عمر اجدادي هو ايضا، ولكنه يبدوا صغيرا. ودعتني الأميرة بابتسامة واشاره من يدها، صعدت الى العربة ، وسارت بنا دون توقف حتى وصلت بجانب احد البيوت صغيرة الحجم .
دعاني مرافقي الشاب للنزول ليريني البيت من الداخل، شارحاً لي ان هذا بيتي الجديد ... دخلنا البيت، وكان بيت متواضعاً إلا انه لا ينقصه شئ. جلسنا وشربنا القهوة معاً وتعرفت على أسمه وكان "همانا".
خرجنا من البيت وسرت مع مرافقي "همانا" وهو يشرح لي كل شئ عن المدينة، وكيف ان احتجت لشئ يمكنني الحصول عليه، وكان "همانا" يعرض علي انواع الأعمال، ويناقشني بها، ويشجعني بانه من خلال عملي اجظى بحب وأحترام الجميع، وابني الكثير من العلاقات ... شعرت ان العمل امر لابد منه، وان حياة القصور والراحة قد انتهت من غير عودة ....
ويبدو ان مرافقي همانا قد شعر بذلك فقال لي :
- انا متأكد انك لن تجد العمل المناسب لانك لا تريد ذلك، لم يبقى عمل إلا وزرته ولم يعجبك، ولم يعد بامكاني إلا ان اعرض عليك ان تعمل "اميرة" لهذه المدينة ..
قالها بسخرية ... فقلت له :
- ولمَ لا، ان كان لأمكاني ان احيا بذلك القصر الرائع ...
قال همانا :
- ان كان الموضوع ان تعيش في قصر، فذلك ليس بالمستحيل، فهناك الاف القصور الفخمة والجميلة وأفخم وأجمل من قصر الأميرة، ويسكنها أشخاص عاديون، لكنهم أستحقوا ذلك من خلال عملهم، فأعمل أنت وقدم شيئاً لهذه المدينة وخذ ماتريده ...
تجادلنا في هذا الموضوع كثيراً، وتنقلنا اكثر في البحث عن عمل، حتى وجدت ضالتي وقررت ان اعمل في مجال يسمونه "بالهنسة المائية" . كمجرد مساعد. فطالما اعجبت بنوافير الماء المنتشرة على طول طرقات المدينة ... ضحك "همانا" لقراري هذا وقال:

- لو كنت أعلم منذ البداية ان هذا ماتبحث عنه لوجدت لك مئات الأعمال المتشابهة، ولم يكن "همانا" يقصد بكلامه العمل، بل كان يلمح عن المسؤولة عن العمل، وخاصة انها فتاة في غاية الجمال ...
قلت له :
- صدقني ان طبيعة العمل بالنوافير المائية هي التي شدتني ولم تشدني الفتاة ...
أبتسم وقال ،
- أذاً لا تعبث معها حتى لا "تتبلل"
قلت له :
- ماذا تقصد؟؟
قال بخبث :
اقصد نوافير الماء ....
بدأت عملي في صبيحة اليوم التالي، وكانت طبيعة عملي ان أقدم المساعدة في حمل بعض الأدوات التي تستخدم في مثل هذا العمل ... وكان معي في العمل عدة أشخاص منهم ثلاثة فتيات، وكانت أجملهن المسؤولة عن التصميم، والتي لا انكرانها السبب الذي شدني الى هذا العمل .
مضى اليوم الأول ولم أجد فرصة للحديث معها، وفي اليوم التالي جاءت هي وطلبت مساعدتي في ان امسك معها بعض الأدوات .
رحبت بي وقالت انها لم تستطع بالأمس ان تتحدث معي، لترحب بي وتتعرف علي بسبب ضغط العمل .
عرفتني على نفسها وقالت ان اسمها "ساريز" وهي المسؤولة عن تصميم الكثير من نوافير الماء في هذه المدينة، وسألتني :
- من أي مدينة انت ؟ فأنت لا تبدو من هذه المدينة .
أحترت كيف أجيبها، وخفت ان اقول لها اني من عالم البشر ولست من مدن هذه المملكة حتى لا تضحك علي وقلت لها :
أنا من مدينة النجوم، ولكن يبدوا اني تورطت اكثر، لأنها بدأت تسألني عن مدينة النجوم وتقول لي انها زارتها اكثر من مرة ... سألتني عن أشياء هناك، وتلعثمت في الأجابة فلم تكن لدي اية اجابة، ولم اكن اريد ابدوا امامها كاذباً ... ويبدو انها شعرت باضطرابي، وابتسمت وعيونها تقول انها عرفت اني كاذب وقالت :
- سنتحدث في هذا الموضوع بعد انتهاء العمل .
كان واضحاً انها ارادت ان أبقى بقربها من خلال توزيعها للعمل بين الموجودين وابقاءها لي لمساعدتها .
لم تتحدث معي عن أي شئ سوى طبيعة العمل، وأثناء العمل سألتها :
- كيف يمكن للمياه ان ترتفع الى فوق كل هذا العلو دون وجود قوة ألية تدفعها، وخاصة ان كل الأدوات المستخدمة بدائية وبعيدة عن التكنولوجيا ...
وما ان انهيت ماقلت حتى التفتت الي "ساريز" وكانت أثار المفاجأة بادية على وجهها وفي عيونها . ضحكت بسعادة ووضعت كفها على فمها لتكتم ضحكتها حتى لا يسمعها الأخرون ... وقالت :
- يا ألهي انت قادم من عالم البشر ....

فرحة وسعادة غريبة ظهرت عليها، وكأنها وجدت كنزاً ... او ما شابه ....

وسألتها :
- وكيف عرفتِ ذلك ؟؟؟
ارادت ان تجيب ولكنها اشارت الي بأن نؤجل الحديث عن الموضوع، وكان ذلك بسبب أقتراب احد مساعديها، ويبدوا انها لم تكن تريده ان يسمع عما تتحدث ...
ذهبت للعمل وبعد ساعة ونصف جاءت الي وقالت انها هي التي ستوصلني في عربتها في نفس الوقت كان "همانا" قد جاء ليصحبني ، فأعتذرت له وقلت له ان سأراه فيما بعد ... فابتسم همانا بخبث وقال :
- بداية موفقة يا حسن!
وذهب ... ركبت بجانب ساريزبعربتها وكانت هي تقودها بنفسها، وقالت :
- سأدعوك لتناول الغداء معي في بيتي ... هل توافق ؟؟؟؟
فقلت مازحاً :
- سأفكر بالموضوع خاصة وانك تعرفين حجم المسؤوليات الملقاه على عاتقي !!!
ضحكت ساريز وتوجهنا الى بيتها وحينما وصلنا، فوجئت بفخامة وجمال بيتها ولا يوجد اي وجه للمقارنة بين البيت الذي أسكنه وهذا البيت ... قالت لي :
- لقد صممت هذا البيت بنفسي ....
دخلنا البيت وجلسنا وتناولنا الغداء وسألتها عن عائلتها، فصمتت قليلاً ثم قالت :
- أهل المدينة هنا هم عائلتي ...
لم أفهم ماتقصده بالضبط، ولكني شعرت بانه لا توجد لها عائلة، ولم اكن اريد ان اعيد السؤال لشعوري بعدم راحتها من الحديث في هذا الموضوع ... فقلت لها :
- ولماذا كل هذا الفرح الذي بدى عليك حينما علمتِ بأني قادم من عالم البشر ؟؟؟
قالت :
- أنا مسرورة جدا جدا بلقاءك، وشعوري واحاسيسي لا استطيع ان اصفها ... أتعلم لماذا؟؟؟ لاني من البشر ياحسن ...
- فضحكت وقلت :
- هل تمزحين ؟؟؟
- كلا لا أمزح ، أنا من البشر ......
- أعذريني ، لا أستطيع ان اصدق ذلك، فأنتِ تشبهين الجن كثيراً ....
- صدق ياحسن، انا من البشر، أنا أنسية ولست من الجن ...
لم اصدق ماتقوله لكني قلت لها :
- إذا كنتِ من البشر كيف استطعتي الدخول الى هنا، ام كان هذا بالصدفة ...
قالت :
هم أحضروني الى هنا منذ وقت طويل، وهناك قصة لوصولي الى هنا ....
- أحضروك الى هنا من عالم البشر؟ ولكني اعرف بأنهم لا يخرجون من هنا ؟؟؟
- هذا صحيح، ولكنهم لهم الفضل الكبير لأحضاري الى هنا لا أعرف كيف، ولن انسى مافعلوه. حدث هذا قبل وقت طويل شاءت ارادة الرب ان اصاب بمرض خطير عانيت منه كثيرا، ولم يكن هناك امل في شفائي وقاربت على الموت إلا ان مشيئة الرب كانت أقوى، وساعدني الجن وأحضروني الى هنا وعالجوني ومنذ ذلك الوقت وانا احيا في هذا المكان الذي أعتبرته عالمي وحياتي ... اما كوني اشبه "الجن" فأني لا أفهم ما الذي تقصده بذلك ؟؟؟
فقلت :
- انت تشبهين الجنيات كثيراً وخاصة بجمالك وطبيعة عملك التي تحتاج لذكاء خارق ومستوى لا يملكه البشر؟؟
فضحكت ساريز ضحكة اطربت اذاني لعذوبتها وقالت :

- شكرا لك إن كان هذا أطراء فهناك بين بنات البشر من هن اجمل من الجنيات، وليست كل الجنيات جميلات مثلهن، مثل بنات البشر، الفرق ان الجنيات لا يظهر عليهن الهرم بسرعة كبنات البشر، وفي هذه المملكة بالذات لا يوجد هرم وانت سترى ذلك بنفسك، ان السنوات لن تؤثر عليك ابداً .. الروح هنا هي التي تهرم إن لم يهتم بها صاحبها، وطبيعة عملي الغريبة كما تسميها والتي تحتاج الى ذكاء خارق لا يملكه البشر ... فالقول مغلوط وكان يجب ان تعكسه، انا كنت مثلك في البداية ولكن بعد اطلاعي على التاريخ القديم للبشر والذى كان قبل الاف السنوات .. أصبحت فخورة جدا بكوني بشرية ، وليت أبناء عالمي علموا بذلك لما بقى عالم البشر على ماهو عليه ... الهندسة المائية والتصميمات العجيبة وعلوم الظلال والنور والفن المعماري والحيابات الزمنية وعلوم الطب ... من العجائب التى تراها في مدن المملكة ، هي في الاصل حضارة البشر القديمة. وقد نقلت عنهم وتمت المحافظة عليها، وفي كتب الجن وتاريخهم يقرون بذلك ولم يخفوه يوما، وهم يعترفون بتميز البشر وتفوقهم الكبير على الجن ... ومدن المملكة الخمسة ساهم البشر في بنائها حتى انه يقال انها كانت بالأصل للبشر وجزءاً من حضارتهم القديمة وخاصة انها تقع في "الجزء المنسي" من الارض ولم يكن الخروج والدخول اليها صعب قبل الاف السنين. والعلم الوحيد الذي تفوق به الجن على البشر هو "علم الزمن" وخاصة ان البشر لا يعمرون كثيرا بالمقارنة مع الجن، وكثير من الأمور حتى يومنا هذا ياحسن تستطيع ان تراها بوضوح ان لم ترها من قبل في مدن المملكة اصلها من عالم البشر، ووجدت حديثا، ان الجن حريصون على المحافظة على حضارة البشر اكثر من البشر لانهم على يقين، بان كل شئ على الارض يمكن ان يندثر ويدمر بسبب حماقة وغرور فرد ....
ان ما اقوم بعمله هنا والذي يعد من العجائب، ويمكنني عمله في عالم البشر لو اتيحت لي الفرصة لذلك، ولست وحدي فهناك الكثر من البشر في مدن المملكة يستطيعوا القيام بذلك ايضا ولهذ حرص الجن على نقلهم الى الجزء المنسي من الارض، ولا تفهم من هذا انهم سلبوهم حريتهم او ما شابه ذلك، بل على العكس نقلوهم من عالمهم السئ الى عالمهم المثالي ومايقومون ببنائه فهو لهم ولأبنائهم. وانتمائهم الى هذه المملكة اكبر من التصور، وصدق يا حسن ان عالم البشر سيدمر على ايدي البشر عاجلا ام اجلا وان كان علماء الجن حريصون على شئ، فأنهم حريصون على ان لا يدمر عالم البشر من جديد، كما حدث في الماضي، لانهم يعلمون ان دمار عالم البشرالاول حدث بسببهم بالدرجة الاولى وخاصة قبل حلول النظام في عالم الجن، وهم يخشون ان حدث الدمار الثاني فلن يكون كا الاول بل سيشمل عالم الجن ايضا وهم حريصون كل الحرص على ان لا يتصل الجن بالانس مهما كان السبب منعاً لتكرار الماضي ...
عجيب ما قالت وعجيب ما سمعت وهل لعقلي القدرة لان يستوعب اكثر وماذا تخفي الايام لي من مفاجات. من صادق ومن الكاذب؟ وما يهمني انا من كل هذا "ساريز" انسانة. اشعر انا بذلك واود ان اسألها: متى حضرت الى هنا . ولكني اخشى ان احرجها بمعرفة عمرها الحقيقي . تبدو في العشرين من العمر اريد ان اسأل و لا اريد ان اسأل


يتبع>>>>>>الحلقة 57
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 6:42 pm

الحلقة 57


{زيارة اميرة الشمس وحقد ساريزعليها}

اريد ان اسأل و لا اريد ان اسأل ، الفضول أقوى واسأل ساريز :
- أليس من الغريب انه لا يسمح لاحد بالخروج ؟؟؟
فقالت :
- لم أفكر بذلك من قبل ولا اريد ان افكر، من يريد الخروج من هنا والى أين ومن أجل من؟ هل تفكر أنت ياحسن ؟
قلت :
- لا اريد ذلك واريد، فارتباطي بعائلتي وعالمي أقوى من كل المغريات التي أراها ...
بدى على ساريز الاستغراب وقالت :
- ماهي قصتك وكيف وصلت انت الى هنا أحكي لي ؟؟؟
قلت :
- قصتي اغرب من ماضي البشر وحاضر الجن ...
ورويتها بالكامل، وانتصف الليل ولم نشعر كيف مر الوقت، اشياء كثيرة لم تكن "ساريز" تعلم عنها في السابق، مثل بوابات الشر وغيرها من الأمور التي مرت على، وتيقنت انها ليست ملمة بأمور الجن خارج المملكة، حتى انها قالت لي بان قصتي غريبة، ولولا انها تشعر بالثقة تجاهي لما صدقتها ؟؟؟
أخذنا الحديث ولم نشعر بالوقت، وبحركة مفاجئة من ساريز أقتربت مني، ووضعت راسها على صدري كطفلة صغيرة وأنا احكي لها عما وصل اليه البشر حديثا بناء على طلبها، ويبدو انها استسلمت للنوم فاتكأت بظهري الى الخلف قليلاً دون ان اوقظها، ونمت انا ايضا. وكم شعرت بالراحة والحنان وهي على صدري.

أفقنا في الصباح ، وتناولنا الفطور وخرجنا للعمل معا ... وحرصت ان تبقيني الى جانبها، وحينما كانت تذهب كانت تأخذني معها، ولم تكن تأبه لنظرات الأخرين ...
انتهى يوم العمل وحضر مرافقي "همانا" وقبل ان ينطق بكلمة قالت له ساريز :
- سأريحك من "حسن" هذا الأسبوع، وسيبقى معي إلا إذا أراد عكس ذلك ....
أبتسمت انا علامة الرضى، واقتربت من همانا وقلت له :
- ارايت كم انا ملتزم بعملي ؟؟؟
ابتسم همانا واستدار، وذهب وبدت عليه السعادة، وربما لأنه تخلص مني ومن مسؤوليتي ...
ركبت بجانب ساريز وقالت لي :
- اليوم سنحتفل، فأنا سعيدة وأود أن أرقص وأحضن القمر ...
وتجولنا في المدينة معا، وعرفتني على الكثير من صديقاتها واصدقائها وتناولنا الغداء بجانب البحيرة وعدنا للبيت معا بعد ان اتفقنا ان نستريح لعدة ساعات ونخرج في المساء ....
أصرت ان استريح في غرفتها الخاصة ولم اكن لامانع، تركتني لوحدي وذهبت ....
كنت سعيداً بها، لم تغب عن فكري للحظة واحدة، غفت عيني وصورتها عالقة بها ... وصحوت على صوتها وهي توقظني ... فتحت عيوني ووجدتها فوق رأسي مبتسمة ... احسست بأنني وسط عائلتي وكأني اعرفها منذ زمن .
فاجئتني بانها تركتني انام وذهبت هي واحضرت كل مايمكن ان احتاجه من ثياب ... ألخ، تركتني من جديد، حلقت ذقني وأستبدلت ثيابي وشعرت بنشاط وحيويه كبيرة .
خرجت من الغرفة الى الصالة ووجدتها في انتظاري وللحظة شككت ان التي تقف امامي هي "ساريز" لولا ابتسامتها العذبة التي اكدت لي انها هي ... يالله ما اجملها، وكم هي انيقة وبارعة في اختيار ملابسها.
تعودت ان اراها في المرات السابقة بالبنطلون والقميص والحذاء والرباط، ولكن هذه المرة كانت في غاية الأناقة ترتدي فستانا أسود قصيرا اخفى كتفاً وأظهر اخر، ستر نهديها وابرزهما وزادهما زينة السلسلة المتدلية من العنق وشعرها الذي رفعته من حيث ستر الكتف وفردته من حيث كشف ....
ابتسمت وغمزتني بطرف عينها اليسرى وقالت :
- هيا .
خرجنا وتجولنا في طرقات المدينة حتى وصلنا الى البرج العملاق العظيم وسرنا حتى دخلنا من احد ابوابه وقالت لي :
- ما رأيك ان نصعد الى قمته، فأبتسمت وقلت :
- سنحتاج الى عام لنصل ؟؟؟
فقالت :
- تعال لنجرب ....
ودخلنا احد الغرف الزجاجية التي تشبه المصعد واغلقت الباب وقالت :
- الأن سترى .
ومن ثم فتحت الباب وقالت :
- تفضل .
خرجت ولم افهم في نفس اللحظة لماذا دخلنا ولكن حينما خرجنا، فوجئت باننا في قمة البرج واخذت ساريز تضحك وأخذت أنظر حولي لأتأكد من اني لا أحلم وخاصة ان الغرفة لم تتحرك ولم نمكث فيها إلا لحظات، اردت ان اسأل ولكنها قاطعتني قبل ان افعل واعدةُ انها ستشرح بعد ان نجلس . دخلنا في قاعة احتاج لأكثر من ساعة لأصل الى نهايتها، سقفها بالكامل من الزجاج وكأنه علق في الهواء، ولا أرى اعمدة يتكئ عليها، مضاءة بنور القمر فقط وكأن القمر قريب لا يبعد سوى عدة أمتار، وكان واضحاً ان نوع زجاج السقف يساعد على تقريب القمر، جدران القاعة من زجاج أو انه لا يوجد لها جدران فالغيوم تحيط بها من كل الجوانب وكأنها بنيت في وسط السحاب مليئة بالزهور والورود والآشجار ونوافير الماء وبركة مائية ضخمة، وشلال ماء يصب في وسطها حديقة كاملة معلقة فوق السحاب . القاعة مليئة بالشبان والفتيات من كافة الأعمار والكل سعيد ولا احد يأبه بالاخر . أخذت ساريز تتجول بي في وسط الحديقة او القاعة او أعجوبة الزمان، واثناء تجولنا عرفتني على الكثير من الأشخاص الجالسين هنا وهناك والذين كانوا يلوحون لها بأيديهم أحيانا وبالمناداة على اسمها احيانا ... كانوا جميعا ظرفاء ... سرنا حتى وصلنا احد اطراف القاعة وقالت :
- هنا سنجلس، فهذا هو ركي المفضل.
جلسنا على مقاعد تجمع بين الراحة والجمال وللحق فأن كل الروعة التي اراها في قمة البرج لم تشغل تفكيري عن طريقة الصعود الى قمة البرج وسألتها عن ذلك فقالت :
- انها تكنولوجيا هذا العالم ياحسن، وتعتمد على قوة الطبيعة، نحن صعدنا الى هنا من خلال "مصعد زمني" ومهمة المصعد ان يلغي الجاذبية ويخترق الزمن بالأعتماد على قوة النور، ويسير بسرعة النور، ولهذا لا تشعر بتحركه.
وأخذت تشرح لي وتفسر، وانا اهز راسي كعادتي حتى قالت لي اخيرا :
- فهمت ....
قلت :
- نعم لقد فهمت، أنه لشئ رائع ...
وطبعاً انا لم افهم شئ ولكني خفت ان قلت لم افهم ان تعود وتشرح لي من جديد حتى افهم، وربما اني لن افهم، وعليه فستمضي كل ليلتنا بالحديث عن هذا الموضوع .. وما لم اتوقعه قد حدث، وبدأ توافد أصدقاء ساريز حيث تجلس، كان واضحا من كلامهم وأعتذار بعضهم على التأخير بأنها هي التي دعتهم ... في البداية كنت مرتبكاً قليلاً، ولكن بعد ان عرفتهم علي بأني صديقها – ولم يكونوا فضوليين بالسؤال عن التفاصيل – اندمجنا معاً وكان الجو رائع بلغ عددهم حوالي الثلاثين من النساء والرجال معاً ...
ذهب أحدهم وأحضر الات موسيقية ليست كتلك التي عرفتها بعالمي ... وعزفوا وغنوا ورقصوا وكم كنت مرتبكاً ومحرجاً، وخاصة أني لا أجيد الرقص. ولكن ساريز قدرت موقفي ولم تحرجني في بادئ الأمر. واستغلت فرصة انشغال الأخرين واقتربت مني وقالت :
- الأن ستقوم معي بهدوء لأعلمك كيف "ترقص" لا تأبه بوجود الأخرين، وتصرف على طبيعتك كما انت وان كنت لا تعرف كيف فأنك ستتعلم ......
لم أتحرك في بادئ الامر، وحاولت التهرب منها ومن هذا الموقف المربك كما ان اصرارها لم يترك لي المجال، فراقصتها "كالأهبل" ، وبدأت تعلمني خطوة خطوة حتى زال ارتباكي ووجدت متعة لا مثيل لها، وفجأة علا صراخهم وهتافهم وتصفيقهم ليملأ اجواء القاعة، اخذت ابحث عن السبب ووجدته مع اقتراب فتاة تجر امامها عربة مذهبة ومزينة زفي وسطها زجاجة كبيرة ... جرتها حتى أوصلتها حيث تجلس، واقتربت ساريز من الفتاة وهمست بأذنها وهزت الفتاة رأسها وذهبت، وأخذ احدهم يملأ الاكواب من الزجاجة وعيوني تراقب كل صغيرة وكبيرة ... ما لفت أنتباهي هو عودة الفتاة من جديد وقد أحضرت بيدها كوبا مليئا بشراب مشابه للذي في الزجاجة ... ناولته لساريز وهي حريصة على ان لا يراها احد، اقتربت ساريز من الأكواب ووضعته بجانبها، ونظرت حتى انتهوا من ملء الاكواب وحملت كوبين بيديها وقالت :
- سنشرب نخب صديقي وزميلي حسن ترحيبا به بيننا، واقتربوا جميعا وتناولوا الأكواب، وفي نفس اللحظة اقتربت هي مني وناولتني الكوب ولم تلاحظ هي اني عرفت ان هذا الكوب يختلف عن الأكواب الأخرى ... أخذته من يدها ورفعته مثلهم وانا ابتسم وارتشفت منه رشفة صغيرة ووضعته على الطاولة بهدوء وقد أعتراني القلق والخوف من جديد لما حدث ... وعاد الجميع الى الرقص وللهو من جديد . جلست ساريز بالقرب مني وامسكت بيدي وقالت :
- مابك ياحسن لماذا انت مهموم هكذا، لقد أعددت هذا الأحتفال من أجلك !!!!
قلت لها :
- كلا لاشئ، فقط مرهق قليلاً .....
- اتحب ان نعود الى البيت ؟؟
- كلا لا اريد، فقط اريد ان افهم ماذا يحدث هنا ؟؟
- مابك ياحسن هل ضايقك احد ؟؟؟
- بصراحة مامر علي من تجارب يجعلني اشك في كل شئ حتى في هذا الكوب الذي سأشرب منه، وأشرت بيدي للكوب الذي امامي ...... فطنت ساريز للذي المح اليه وضحكت وقالت :
- ان كان هذا مايزعجك فمعك حق، أنا سأشربه .
ورفعته وشربته دفعة واحدة .... وتابعت حديثها ......
- لم اكن اريدك ان تشرب من المشروب الذي شربنا منه، ولهذا احضرت لك شرابا عاديا . والسبب ياصديقي العزيز ان هذا المشروب يسكر من يشربه للمرة الأولى، ولو كنا لوحدنا لما مانعت من ان تشربه، ولكن ان اردت ان تشرب منه فتفضل ولست المسؤولة عما سيحدث ....
أقنعني كلامها، وعدت معها لأجمل سهرات العمر إلا ان فضولي اللعين لم يتركني بحالي، ودفعني لأمد يدي الى احد الأكواب وارتشفت منه عدة رشفات لم تسكرني بل انعشتني ...
في هذه الأثناء وقف احدهم واخذ يصفق ويهتف ساريز .... ساريز ..... واخذوا جميعهم يهتفون ساريز ..... ساريز ...... ساريز، واخذت انا ايضا اهتف معهم ساريز ..... ساريز، وعادوا جميعهم الى مقاعدهم وهم يهتفون عدت انا ايضا وانا اهتف . إلا ان ساريز بقيت واقفة مكانها وهي تبتسم خجلة، وعاد العزف من جديد وبدأت ساريز تتمايل على انغام الموسيقى برقصة لم أرى مثلها في حياتي ....

كل جزء من جسدها يتمايل ويرقص امامي ... أ صابعها .... ذراعاها .. ساقاها ... خصرها ... نهداها ... شعرها ... عيونها .. شفاها ... رموشها ... عنقها، تتمايل بحركات متناسقة وسط الغيم بفستانها الاسود القصير .. ثملت ... سكرت، فقدت صوابي، ليس من الشراب وانما مما ارى، مازالت تتمايل على انغام الموسيقى ومازلت افقد وعيي اكثر فاكثر .....
غمزتني بطرف عينها، ونظرت الي وعضت على شفتها السفلى، ولم اع شيئا بعدها ...
عاد الي وعيي، وفتحت عيوني وجدت نفسي بسرير ساريز ورأسها على صدري تغط في نوم عميق .... بدأت أتذكر ما حدث .....
لم أذكر إلا الصورة الأخيرة التي علقت بذاكرتي وساريز تنظر الي وترقص ... ماذا حدث بعدها ... لا أدري .. من النافذة أري الشمس أدركت أننا في ظهيرة اليوم الثاني .. أحرك رأسي وذراعي بهدوء حتى لا أوقظ ساريز ... دق قلبي حينما رايت علامات زرقاء وحمراء على كتف وعنق ساريز وفستانها الأسود الجميل الملقى على ارض الغرفة وكان واضحا عليه انه لم يعد يصلح لشئ . انظر خلسه الى جسد ساريز الملتصق بي والى وجهها، ما اراه لا يشير بأن النهاية كانت سيئة .... اطمأنيت اكثر حينما لمحت علامة زرقاء على كتفي انا ايضا ... تتململ ساريز مستيقظة ، أغمضت عيوني فورا متظاهر بالنوم، لأني لم اجرؤ على مواجهة عيونها ... اشعر انها استيقظت، احس بأنها تنظر الي، أشعر بقبلة ناعمة لامست شفتي ... بقيت مغلقا عيوني متظاهرا بالنوم ... مرت دقائق حتى تجرأت وفتحت طرف عيني لارى ماذا يدور حولي فلم اجدها في الغرفة ... فتحت عيني وتنفست الصعداء .. انفتح الباب، ودخلت ساريز تلف جسدها بمنشفة زرقاء وشعرها مازال مبلولاً .. جلست بجانبي على السرير، ابتسمت وقالت :
- هيا كفاك كسلا، ما تستحم حتى اكون قد جهزت الأفطار ....
خرجت من الغرفة، أستحميت وارتديت ملابسي ولحقت بها الى المطبخ، وخرجنا معا وجلسنا على الشرفة ... وبدأنا بتناول الافطار، ولم اجرؤ ان افتح الموضوع، ولاحظت ارتباكي واخذت تضحك، فتجرأت وسألتها :
- ماذا حدث بالأمس ياساريز ؟؟؟
فقالت :
- لا شئ ابدا، فقط قليل من الفضائح، وقليل من الفوضى، وقليل من الأحراج، حتى أستطعت ان اوصلك الى البيت، وبعدها قليل من الشراسة، قليل من الأضاءة، وكثير من الجنون ...
وضحكنا معاً وقلت لها :
- ألن نذهب الى العمل ...
قالت :
- لا أعتقد انني سأذهب الى العمل هكذا .
واشارت بأصبعها الى العلامات التي ظهرت على عنقها وقلت لها :
- انا اسف ياساريز إن سببت لك أي احراج ....
فقالت وهي تضحك :
- بصراحة ، في أول الأمر كنت أروع مجنون خلقه الله ...
"ضحكت اكثر" ، لقد فاجئتني وفاجأت الجميع حينما وقفت واقتربت مني وانا ارقص وقبلتني قبلة طويلة ولم تأبه لوجود أحد ... كنت فخورة وسعيدة بجنونك رغم ان الموقف كان محرجا، ولكن بعدها حينما بدأت ترقص معي ادركت فورا انك شربت من المشروب الذي حذرتك من شربه، وايقنت ان الأمر لن يتوقف عند هذه القبلة المجنونة ، وغمزت صديقتي وزوجها فساعدوني على الخروج من هذه الورطة واعدتك الى البيت، وعما حدث بعد ذلك فلا تسأل لأن جنونك ساوى جنوني ...
ضحكنا كثيرا وتحدثنا اكثر وأثناء حديثنا صرخت ساريز فجأة وقالت :
- صحيح نسيت ان اخبرك . غدا ستشهد المدينة يوما لا مثيل له، وساصحبك معي، فغدا يوم اللقاء المشهود حيث تستقبل الأميرة باندة، أميرة الشمس المغروؤة للمرة الأولى.
- وما المثير في هذا الموضوع ؟؟؟
- أنت لاتعرف قصة اميرتنا مع اميرة مدينة الشمس ... فــ اميرة الشمس تكره الأميرة بانده بجنون وهي ايضا تكره كل الأميرات ولكن ليس بالمستوى الذي تكره به بانده . فاميرة الشمس مغرورة متكبرة وشريرة. لا احد يحبها او يحب مدينتها، فهي مدينة مشؤومة وكل سكان المدن يتمنون لو ان مدينة الشمس لم تكن موجودة بالأصل، مع ان مدينة الشمس توفر لسكانها كل شئ واكثر من اي مدينة أخرى فكل سكانها يسكنون القصور ولهم حرية لا حدود لها لايتوفر مثلها في المدن الأخرى ورغم انها تخضع للنظام الأعلى الذي يحكم المدن الأربعة الأخرى إلا انها مستقلة بقوانينها الداخلية التي تختلف عن كل المدن ... نحن جميعا نتعجب احيانا لماذا بنيت مدينة الشمس القذرة، ولماذا لا يتدخل النظام بما يجري داخلها، ولماذا تركوا المجال لأميرة الشمس أن تتصرف كما يحلو لها. والتفسير الوحيج لهذا، ان بقاء المدن الأربعة مرتبطة ببقاء مدينة الشمس او بمعنى اخر ان صح التعبير فهي "مزبلة المدن الأربعة" انا أسفة حينما اصفها بهذا الوصف، فهي بنظر الجميع احدى مدن المملكة الخمسة ويجب احترامها واحترام حرية من يريد ان يسكن بها ... انا شخصيا افضل الموت على ان افكر بمجرد زيارتها. ربما احيانا اجد نفسي باني على خطأ وخاصة انها تخضع للنظام الأعلى ولا احد يجبر احد ان يذهب إليها وكل من يذهب للسكن فيها فهو يريد ذلك، فمن يجد نفسه لا يستطيع ان يحترم القوانين، فافضل لنا جميعا ان يذهب اليها وهكذا تبقى المدن الاربعة نظيفة ..
أثار فضولي كره ساريز وحقدها على مدينة الشمس واميرتها، وقلت لها :
- انك تتحدثين عن مدينة الشمس بكره وحقد كبيرين ......
فتأفأفت ساريز وقالت :
- ماذا اشرح لك ياحسن لأشرح، ربما لأني اؤمن بوجود الخالق لهذا الكون، وأكره ما يحدث بها اكثر، وربما لأني من البشر، وربما لأني احب الأميرة بانده كثيرا ... حسن انت لا تعرف ماذا تفعل أميرة الشمس، اتعلم لو انها لا تخاف من "النظام" الذي هو أقوى منها وقادر على تدميرها لفعلت بنا العجب .. فهي لا تحترم القوانين الخارجية وتسير عليها خوفا وليس أحتراما، وهي دائما ترسل رسلها الى المدن الأربعة، وان اعجبها احد تبدأ بأغرائه بالقصور والراحة والمتعة لتأخذه الى مدينتها، والقانون يسمح بذلك مادام ذلك تم بأرادة الشخص، والعجيب في الأمر أنه نادرا مايخرج احد من مدينة الشمس ليعود ويسكن بالمدن الأربعة الأخرى، فهي تسيطر عليهم بطريقة غريبة، وتسلبهم حريتهم.
انفعلت ساريز وهي تتحدث وظهرت اثار الدموع في عينيها ... وأكملت :

- انا اكرهها ... انا أكرهها ... لقد أخذت مني أعز صديقاتي ... انها لعينة ياحسن، انا حزينة على الأميرة بانده، فهي مضطرة لأستقبالها وتقديم الأحترام لها لأن القانون يلزمها بأحترامها، وكل أميرة لها الحرية بزيارة أي مدينة، ويجب ان تلقى الأحترام والذي يليق بها، وحتى لو حدث العكس وزارت الأميرة بانده مدينة الشمس فستلاقي الأحترام من قِبل اميرة الشمس على الرغم من كرهها لها ... مسكينة اميرتنا بانده غداً ستلاقي ألد أعدائها ... موقف صعب. كلنا حزينون من اجلها ولكننا غداً سنقف جميعا بجانب أميرتنا لتعلم تلك المغرورة مدى حبنا واحترامنا لأميرتنا ...
وسألت ساريز :
- وما سر هذا العداء والكره بين بانده واميرة الشمس، ولماذا هذا الموقف من هذه الزيارة ؟؟؟
فردت ساريز

يتبع>>>>>>>>>>>الحلقة 58
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 6:43 pm

الحلقة 58


(استقبال اميرة الشمس وحضور مرح المفاجئ)

فردت ساريز :
- الأميرة ياحسن لا تكره احداً ولا تعرف الحقد وهي تحب الجميع، كل سكان المدن الأربعة يحبونها ... نحن تسميها بالأميرة "البريئة" وبالرغم من ان أميرة الشمس اكبر منها بمئات السنين، إلا انها استطاعت ان تأخذ زوج الأميرة بانده منها، وتتفاخر بذلك امام الجميع، ولم تكتفي بهذا فقط، بل تعمدت ان تقيم حفلا بهذه المناسبة وأثناء الحفل ضاجعته أمام الجميع لينتشر الخبر بسرعة .. زوج الأميرة بانده والمشهد الشهير ... وبما ان الأميرة بانده جنية وتحترم قانون الجنيات، فيجب ان تهجره الى الأبد حتى لو عاد أليها، وعهد الأرتباط الذي بينهما يمنعها من الأرتباط بغيره احتراما لذاتها . ولا يسمح لها بأقامة علاقة مع غيره، والأصعب من هذا انها لا تستطيع ان تلوم أميرة الشمس ... فهذا من حقها، لأنها ليست متزوجة، واميرة الشمس التزمت بقانون الجنيات، ولم تستر على خيانة زوج بانده معها، بل أخبرت الأميرة بانده بأن زوجها خائن ولكن بطريقة مهينة. الكل يعلم بأن أميرة الشمس لم تفعل هذا لانها رغبت بزوج الأميرة بانده، بل لأنها ارادت اهانة الأميرة بانده، وإلا لما قامت بذلك امام الجميع، وبعد ذلك ادعت –برغم انها لا تحترم أي شئ وفي مدينتها كل شئ مسموح بلا حدود – بان قانون الجنيات يسمح لها بذلك، وكون ذلك كان امام الجميع، فلا فرق عندها ان كان علنا ام في السر، وصراحة حسب قانون الجنيات هي محقة ..انا شخصيا لا اؤمن بهذا القانون، واجده سخيفاً ولو لم اكن من البشر وكنت جنية مثلا لما رضيت الالتزام به ...
استمر حديثنا عن مدينة الشمس والاميرة لوقت طويل، وأثناء ذلك لم نبقى في البيت، بل خرجنا في نزهة واكملنا حديثنا خلالها . العلاقة مع ساريز تطورت بسرعة كبيرة وغريبة، وكأننا نعرف بعضنا منذ سنوات كنا نسير متشابكي الأيدي كعاشقين او زوجين،

لا أدري كيف حدث هذا التطور، هل لأننا ابناء جنس واحد ام ان طبيعة كوننا من البشر قربتنا اكثر، ساريز سعيدة بوجودي، وأنا كذلك، مر الوقت بسرعة، صار الوقت ليلا دون ان نشعر بذلك، عدنا الى البيت وجلسنا قليلا في الصالة، ثم خرجنا الى الحديقة وجلسنا معا على ارجوحة بجانب بركة السباحة ...

كان الجو شاعريا وصورة القمر انعكست على مياه البركة ... أقترحت ساريز ان نسبح معا. وراقت لي الفكرة، ولكنني ترددت .. اما هي فخلعت ملابسها وقفزت الى الماء، جلست اراقبها وهي تسبح تارة وتختفي تحت الماء وتارة تطفو فوقه ... مرت دقائق حتى تشجعت وقفزت خلفها، اخذنا نسبح، وأخذت تمازحني وتسقطني تحت الماء، وتخرج هي وتغطس امامي وتخرج من خلفي وتبتعد، والاحقها ولا اجدها وتظهر من جهة اخرى وهي تضحك، لم استطع مجاراتها فهي بارعة في السباحة . ارهقتني وانا ابحث عنها تحت الماء وفوقه وحينما انجح وامسكها واضمها الي، تستسلم بدلال وتقرب شفاهها من شفاهي وتبدأ باغماض عيونها ببطء لا يفصل بيننا إلا قطرات ماء قليلة لم تجد لها مخرجا من احكام ضمي لها، تلامس شفاهي شفتيها المستسلمتين، ولكنها تتملص من بين يدي لتسقط تحت الماء تاركه لشفاها ملامسة جسدي لتثير جنوني اعود لأمسكها من جديد، تهرب مني تختفي، تظهر فجأة تضمني من الخلف تداعبني بأصابعها استدير لأضمها، لا أجدها، وأقف حائرا مستسلما تخرج من امامي تطوق بذراعيها عنقي تقبلني بقوة تسقطني معها تحت الماء تلتصق بي اكثر ، وهي مازالت مستمرة بالقبلة استخدم كل قوتي لآخرج رأسي من تحت الماء. تلتصق بي اكثر، ارفعها معي وأخرج بها من تحت الماء وما اكاد اتنفس بعض الهواء حتى تضغط بساقيها على ساقي لآسقط تحت الماء من جديد، اكرر الكرة، واخرجها معي من تحت الماء لنتنفس ونعيد الكرة وتسقطني تحت الماء مرة أخرى ... اضمها فتتملص وتهرب . الاحقها وما اكاد امسكها حتى تتملص، أرهقتني وزادت جنوني، استسلمت واتكأت على جدار البركة ورأسي فوق الماء ... خرجت من الأتجاه الأخر للبركة ونظرت الي تنتظر ان اتحرك لاطاردها من جديد، أدركت اني لن اتحرك من مكاني، ابتسمت وانزلت راسها تحت الماء واخذت تسبح باتجاهي ، احسست باقترابها مني، لم تخرج رأسها من تحت الماء، لم تخشى ان امد يدي وامسكها ولم اكن لأفعل ... أثارت جنوني .. رفعت ذراعيها واتكأت على يدي واخرجت راسها من الماء وهي قريبة مني .... ابتسمت وابتعدت عني، وخرجت من البركة وهي تعلم انه لابد لي من ان الاحقها ... وقفت على طرف البركة وبدأت تجفف جسدها الناعم، وتمسح عنه ماتبقى من قطرات الماء، اشارة الي بأصبعها داعية أياي ان اخرج من الماء واقترب منها، لم أكن لأنتظر ... خرجت من الماء وخطوت نحوها، لم تنتظر وصولي اليها، سارت بأتجاه البيت وهي تنظر الي بعيونها بطريقة تدفعني للأسراع .. دخلت البيت ودخلت خلفها، واستلقت على احدى الكنبات العريضة في صالة البيت، اقتربت منها مدت ذراعيها الي .............
أفقت في الصباح وهي جالسة بجانبي وقد احضرت الافطار الى الغرفة، بدأت تطعمني بيدها، وما انتهينا حتى طلبت مني ان اعجل حتى لا نتأخر بالوصول الى حفل استقبال أميرة الشمس ... خرجنا من البيت وتوجهنا الى جنوب المدينة فوصلناه قبل الظهر بقليل، ولم يكن من السهل ان نجد مكانا بين تلك الاعداد الكبيرة التي توافدت الى ساحة الأستقبال، ووصلت قبلنا ... جلسنا في المكان الذي وجدناه، ولو كنا بكرنا قليلاً لوجدنا افضل منه ... مرت ساعة تقريبا وبدأ الهتاف والتصفيق يعلو، ووقفت ساريز وأخذت تهتف هي الأخرى وقالت لي :
- قف لقد وصلت الأميرة بانده ....
توقفت في طرف الساحة عربه وخرجت منها الاميرة بانده وسارت وجلست على المكان المخصص لها وكنا أنا وساريز في مكان يبعد عن موقع الاميرة بحوالي الثلاث مئة متر او اكثر وقالت ساريز لي :
- لو اننا بكرنا لوجدنا مكانا أقرب الى الاميرة ... نحن بعيدون ولن يصلنا الدور لنسلم عليها ... بدأ المتواجدون في الساحة بالتوجه الى حيث جلست الاميرة بنظام كبير، دون أي زحام فما ان يصل احدهم ويسلم عليها ويذهب من الأتجاه الأخر، حتى يقترب أخر، وهكذا دون أية فوضى ودون حاجة لأي أشراف من أي كان، وكانت الاميرة تقف طوال الوقت ولم تجلس، وهي تصافح من يقترب منها .. بدا على الأميرة الحزن رغم أنها تتظاهر بعكس ذلك ... سألت ساريز عن سر حزن الاميرة، ابتسمت وقالت :
- الاميرة بانده منزعجة من هذا العدد الكبير الذي حضر لأنها تظن اننا حضرنا لنرى اميرة الشمس، وهي لا تعلم بالمفاجأة التي تم اعدادها من اجلها.
سألت ساريز :
- ماهي المفاجأة ؟؟؟
قالت :
- اصبر وسترى .....
مرت ساعة اخرى، وفجأة تحولت الأنظار مرة واحدة الى مدخل الساحة وقالت ساريز:
- وصل موكب أميرة الشمس .
وامسكت بيدي بقوة ... اتجهت العيون الى مدخل الساحة البعيد لنرى عربات تجرها الخيول تقترب من الساحة، وحينما تبيناها بعد ان اصبحت قريبة بعض الشئ، كان عددها اكثر من ثلاثين عربة .. توقفت على طرف الساحة بعيدا عنا، مصطفة بنظام، سألت ساريز :
- هل وصلت ؟؟
قالت :
- كلا ، انهم مرافقوها وهي لم تصل بعد ....
دقائق ودخلت عربات اخرى بنفس العدد وأصطفت بالاتجاه المقابل للأول، وبعدها دخل صف كبير من العربات بنظام، وكان واضحا ان احدى العربات مميزة عن العربات الاخرى بضخامتها وبعدد الخيول الكثيرة التي تجرها فقلت لساريز :
- لابد انها عربة اميرة الشمس ....
فقالت ساريز :
- نعم انها هي ...
وقفت عربة الاميرة والعربات المرافقة وسط الصفين السابقين، وسارت معا بطريقة استعراضية تدعو للأعجاب، وكان واضحاً انها أستفزت جميع الحضور . وصلت العربات جميعا وتوقفت العربات، مرة واحدة في نظام بعد ان اصبحت وسط الحضور، ومقابل الاميرة بانده خرجت من العربات التي اصطفت على اليمين اكثر من ستين فتاة غاية في الجمال، يرتدين نفس الملابس ، ثوب احمر قصير معلق بخيطين من الاكتاف، يكشف الظهر والخواصر، موشح بخيوط من ذهب، يبدو انه صمم ليظهر كل المفاتن ولا يخفي شيئا، وشعرهن جميعا لونه أصفر كلون الذهب، تجاوز طوله وتعدى طول الثوب، ولم يكن شعرة واحدة منهن يختلف عن الأخرى بشئ ... سبحان الخالق، فكل واحدة منهن أجمل من الأخرى . ومن العربات التي على اليسار، خرج ايضا ما يقارب الستين شابا من نفس الطول والحجم يرتدون اللون الاسود مع خيوط ذهبية، وكان واضحا انها اختارتهم من بين مئات الألاف من الشبان، ومن العربات التي امام وخلف عربة الأميرة خرج ايضا شبان وفتيات بنفس المواصفات ...
تراجعت العربات الى الخلف إلا عربة اميرة الشمس الذهبية ... واصطف الشبان والفتيات على يسار ويمين العربة، ومن امامها وخلفها وأخذوا يسيرون بنظام وبطريقة استعراضية حتى اقتربوا من منصة الاميرة بانده.
وقفت الأميرة بانده مبتسمة، او متظاهرة بالابتسام، لا تبعد عنها عربة اميرة الشمس إلا امتار قليلة في انتظار خروجها لترحب بها وتصطحبها معها الى القصر، ومن ثم الى المجلس، وترافقها في جولة بالمدينة حسب ما تنص عليه الرسميات المتعارف عليها .. جميع الحضور بمن فيهم ساريز ينتظرون خروج اميرة الشمس واغلبهم سمع عنها ولم يرها ... واقترب احد الشبان من العربة وفتح بابها لتطل منه اميرة الشمس ترتدي ثوبا الوانه مزجت من الذهب الاحمر والأصفر، شعرها ذهبي وكأنه قطعه من طرف الشمس طوله تعدى الركبه، كانت طويلة وجسدها متناسق يلفت الأنتباه ويجمد النظر عند حدوده ... وما ان استقرت قدماها على ارض الساحة حتى بدأ الحاضرين بشكل مفاجئ ينشدون :

بانده الصغيرة ..... أميرتنا الكبيرة
لا احد سواك ........ بانده الحبيبة
بانده القمر ......... قمر الاميرة
الحب والوفاء ..... لاميرتنا الصغيرة
كلـنا معـاك ....... ياقمر المدينة
بانده الصغيرة ..... لا غيرك اميرة
بانده الصغيرة ..... مدينتك كبيرة
كلـنا معـاك ....... ياقمر المدينة
كلنا فداكي ...... بانده الحبيبة

وساريز تنشد معهم .....
توقفت اميرة الشمس ولم تتحرك، وتنظر ان ينهوا نشيدهم وهي تبتسم !!
الاميره بانده تفاجأت وابتسمت وبدا الفرح على وجهها، واخذت تنظر الى الجمع وهو ينشد، وكانت في غاية السعادة.

وانتظرت حتى انتهوا من النشيد، وسألت ساريز عن سر هذا النشيد فقالت لي :
- انه نشيد للأميرة بانده تم اعداده ليكون مفاجأة لها وتأكيدا على حبنا لها، وايضا لكي نغيظ به اميرة الشمس المغرورة حتى لا تظن اننا جئنا الى الساحة من اجل رؤيتها ولتعلم اننا جئنا من اجل اميرتنا بانده ..
وقالت لي :
- هيا ياحسن نذهب من هنا، فانا لا اطيق رؤيتها اكثر.
وامسكت بيدها وطلبت منها ان تنتظر، فلم تمانع ولاحظت ان عدد كبير من الحضور بدأوا ينسحبون من الساحة وكأنهم اتفقوا على ذلك مسبقا ضمن خطة تجاهل اميرة الشمس ... شدتني ساريز وقالت :
- انظر ياالله ما اجملها ....
التفت الى ساريز وقلت :
- عمن تتحدثين ؟؟؟
واشارت بيدها باتجاه اميرة الشمس وقالت :
- تلك !!!!
نظرت نحو اميرة الشمس، وفوجئت وصعقت لدي رؤيتي مرح تقف بجانب اميرة الشمس وقلت :
- ساريز انها مرح ....
لم تسمعني ساريز وقالت :
- ياترى من تكون هذه الجميلة ؟؟؟
ضغطت على يدها بقوة وقلت :
- انها مرح ياساريز ... مرح التي حدثتك عنها ....
التفتت الي ساريز وقالت باستغراب :
- الجنية مرح التي جاءت معك !!!!
قلت :
- نعم هي الجنية مرح .....
- كيف ذلك، لقد رأيتها تخرج من عربة الاميرة، كيف يحدث ذلك ؟؟؟
فضحكت وقلت لها :
- انها مرح ياساريز، انها داهية لا يستبعد عنها شئ ....
- اتكون اكثر دهاء من اميرة الشمس ؟؟؟
وفي هذه الأثناء اقتربت الاميرة بانده من اميرة الشمس، وصافحتها وتبادلتا الأبتسامات، وصافحت بانده مرح ايضا، واقتربت عربة وصعدت اليها بانده واميرة الشمس ومرح معا، وانطلقت وبعد ذلك بدأت العربات الأخرى بالتحرك .... قالت ساريز :
- ارأيت ما حدث، هذا غريب ولا يجوز، كيف تركب مرح مع الأميرتين في نفس العربة ...
ضحكت مرة اخرى وقلت :
- لا تتفاجأي، لقد قلت لك انها مرح، والله وحده يعلم ماذا تخطط هذه المرة .....

يتبع>>>>>>الحلقة 59






هذه الحلقة 59 و اعتذر عن التدخل
الحلقة 59

(اقتحام مرح لمنزل ساريز )

اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي
ضحكت مرة اخرى وقلت :
- لا تتفاجأي، لقد قلت لك انها مرح، والله وحده يعلم ماذا تخطط هذه المرة ....
خرجنا من الساحة مثلنا مثل الأخرين ... وسرنا في في طرقات المدينة وساريز لا حديث لها إلا عن مرح وعلاقتها بي، تسأل اسئلة كثيرة وفي أدق التقاصيل .. رغم انها في السابق حينما حدثتها عن مرح لم تكن تهتم بشئ، مللت من الحديث في هذا الموضوع وطلبت من ساريز ان لا تتحدث فيه اكثر .. ساريز بقيت مهمومة وحزينة .. مر اليوم بصعوبة بالغة، وفي اليوم التالي خرجنا الى العمل وعادت ساريز الى وضعها الطبيعي مبتسمة تعمل بنشاط وزاد تعلقي بها اكثر إلا اني كنت مشغول البال بمرح، ولا أدري كيف اتصل بها ولماذا ابتعدت عني وتركتني، وهل وجدت قوة الشر ... ساعات ثقيلة مرت وانا اخفي ما يدور بداخلي عن ساريز، انهينا العمل وعدنا في طريقنا الى بيت ساريز .. دخلنا البيت وكانت المفاجأة ... مرح تجلس في الصالة امامنا مباشرة رافعة ساقا على اخرى، فوجئنا، وساريز ذهلت وخافت وألتصقت بي وامسكت يدي بقوة ... طمأنت ساريز وقلت لها :
اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي
- لا تخافي انها مرح ....
أخذت مرح تتفحص ساريز بعيونها، من أخمص قدميها الى رأسها وهي تصفر بسخرية وقالت :
- مش معقول ياصغيرتي، انت جميلة اكثر مما كنت أتصور، والأن لدي السبب لاغار ...
أستفُزت ساريز وأحمر وجهها من الغضب واخذت تصرخ في مرح :
- من أنت ايتها الوقحة وكيف سمحتِ لنفسك بدخول بيتي، ومن تظنين نفسك لتقتحمي بيتي دون أذن ؟؟؟
وبذلت جهودي لأوقف الحرب قبل أن تشتعل أكثر، وبصعوبة استطعت ان اهدأ ساريز واجعلها تصمت ومرح جالسة بهدوء لا تبالي بشئ، وتنتظر ساريز لتنهي شتائمها. وبع ان أنتهت ساريز قالت لها مرح ،
- ساريز ياصغيرتي الجميلة، يبدوا انك متعبة من العمل، هيا ياعزيزتي أذهبي واستحمي لتهدأ اعصابك، وانا سأجلس مع حسن قليلاً من ثم أرسله اليكِ ....
ويبدو ان ساريز تعلمت بسرعة كيف ترد على مرح، حركت عيونها وحواجبها وضمت شفتيها باستهزاء وجلست على الكنبة وكأنها تقول لمرح : "هذا بيتي وانا التي أقرر ما أفعله" ...
أبتسمت مرح هي الأخرى وتجاهلت وجود ساريز وقالت لي :
- كيف أنت أيها العامل النشيط، لقد أشتقت اليك ولخفة دمك واشتقت أكثر للأمور الأخرى ... أبتسمت ولم أكن أعلم ان أبتسامتي ستفجر الحرب من جديد، لم يعجب ساريز اني ابتسمت لمرح، واستشاطت غضباً من جديد وأخذت تشتم وترمي كلمة هنا وكلمة هناك قاصدة بها مرح ... تأفأفت مرح وقالت بغنج ودلال :
- حسن هدئها ياحسن، قبلها وعانقها ضمها داعبها فربما ساعد ذلك على تهدئتها ...
وتصرخ ساريز، وكم كان الموقف مضحكاً ومنذراً بأن الحرب ستتحول الى تشابك بالأيدي إذا لم انقذ الموقف .
غمزت مرح بعينها اليسرى وعضت على شفتها وقالت لساريز:
- أجلسي ياصغيرة ولا تجعليني اغضب منك، ومرح لا تحب ان يغضبها احد حتى لا تبدأ بالتفكير به، اجلسي يا ابنة البشر فأنت لستِ في عالم البشر. ويبدو ان السنين الطويلة لم تنزع من داخلك عدوانية البشر، ومثل هذه التصرفات لا تليق بمصممة مشهورة مثلك .
ثارت ساريز اكثر من كلام مرح، وباسرع من رمشة العين مدت مرح يدها باتجاه ساريز وقالت في هدوء :
- نامي ياساريز نامي ياساريز ...
اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي
لتسقط ساريز على المقعد وتغط في نوم عميق .
فوجئت واقتربت من ساريز لآرى ما حصل لها ولكن مرح قالت :
- لا تخف عليها، فهي نائمة لا أكثر، كفاني سخافات ولا داعي للمزيد، وتعا نجلس في مكان اخر فقد تشاءمت من هذه الصالة .
فدهبنا وجلسنا في الشرفة وسألتها :
- أين أختفيتِ كل هذه المدة ولماذا لم تعودي ؟؟
فقالت :
- ها انا عدت، وعدتك ان أعود وعدت، ويبدو انك لست سعيداً بعودتي، فمازلت كما انت لم تتغير، تنسى كل شئ في أحضان أي امرأة، المهم انها امرأة . جئنا معا الى هنا لنبحث عن "قوة الشر" وانت مايهمك هو ان تبحث عن امرأة، كل هذا لا يهم، لقد تجولت بكل مدن المملكة وبحثت فيها ليل نهار في ماضيها وحاضرها، ووجدت قوة الشر ووجدت سر الشر، ووجدت الطريق للخروج من هنا الى عالم البشر، لن يستطيع احد ان يوقفنا، وعلمت لماذا تركونا وما الذي كان يمنعهم، ستعود الى عالم البشر ياحسن ولا يوجد ماتخشاه .....
قلت :
- وماذا يجب ان نفعل الأن ؟؟؟
- ستذهب معي الان الى مدينة الشمس ....
- وبعد ذلك يامرح ؟؟؟
- سأشرح لك فيما بعد ...
- ولماذا كل هذا العناء، لماذا لم تذهبي وحدك ؟؟؟
- هذا لأني وعدتك ان اخذك معي وسأفعل ...
- هذا ليس السبب، قولي الحقيقة ؟؟؟
- انا بحاجة اليك ولا تسأل اكثر ...
- لم اعد اصدقك، لقد كذبتِ علي كثيراً
- لم أكذب، كل ماقلته لك حدث ....
- وغادة يامرح الم تخدعيني كل الوقت بشأنها ....
- لم أكذب عليك بخصوصها ولم اكن ملزمة بان أشرح لك كل شئ .....
- وقبة النور وغادة المسجونة كما اوهمتني كل الوقت، لقد كذبتِ علي حتى في اللحظات الأخيرة التي كنا نظن اننا وقتها سنموت، انت كاذبة يامرح ومخادعة ....
- ان كنت تسمي هذا كذبا فلك ماشئت، ولكن هل تفضل لو كنت صادقة وكانت غادة مسجونة فعلا في قبة النور ؟؟ أم كاذبة وغادة حرة تحيا كما تشاء .....
- لديك تبرير لكل شئ، من الذي أخذ غادة مني، ألست أنتِ وأتباعك، وبعدها حملتني المسؤولية وطلبت مني انقاذها، ممن يامرح، كان يجب ان اعرف أنك انتِ وراء كل شئ وتريدين ان أثق بك ....
- انا انقذت غادة، ولا تنسى انها أختي قبل أن تكون زوجتك،،ولو لم أفعل ذلك وأعيدها واعتني بها لتكمل تعليمها وتمضي حياتها بصورة طبيعية لكانت تورطت اكثر واكثر، ووصلت فعلاً إلى سجن قبة النور، أليست أختي وكان يجب ان اهتم بها؟ فلماذا تلومني ؟ ألأني كذبت عليك بشأنها؟ هكذا الحياة . لو كنت صادقة معك لما استطعنا ان نصل الى هذه المرحلة التي نحن بها، وكان عقلك سيستوعب مثل هذه الأمور، انا لم اؤذيك ولم اؤذِ أحد من أفراد عائلتك لقد سرنا معا من اجل هدف مشترك ولا يهم الأسلوب الذي أتبعناه مادامت هناك نتائج، فلماذا نبحث في الماضي عن سخافات طفولية ....
- لقد سرت معك من أجل غادة فقط ....
- سأعيدها اليك ياحسن أعدك بذلك ....
- ولكني خنتها وقانون الجنيات لا يسمح بذلك ....
- دعك من هذه السخافات فقانون الكونيات في عالم الكونيين وليس في عالم البشر، وحينما نخرج من هنا سأنقل غادة من عالم الكونيين الى عالم البشر، وانت تعلم أني استطيع ذلك، وغادة لن تهتم بهذه السخافات ان كانت تحبك فعلاً ....
- ولماذا اخرج من هذا النعيم واسير خلفك من جديد واعود الى عالم المتاعب والأمراض، فهنا اجد كل شئ مما لن اجده في عالم البشر ....
فاستشاطت مرح غضباً وقالت :
- حسن اتريد ان تثير جنوني ماذا تريد بالضبط ؟ اتريد غادة ام تريد المعرفة أم تريد اللعب، قرر ماذا تريد أولاً ؟؟؟
- فقط أريد ان أثق بك يامرح لا أكثر ؟؟؟
- يجب ان تثق بي ياحسن ....
- في السابق لم يكن امامي خيار، والان الوضع يختلف فما الذي سيدفعني لاخوض مغامرة اخرى قد تقضي علي وكما افهم "عصفور باليد ولا عشرة على الشجرة" ....
فقالت :
- صدقت ياحسن انت في امان وتستطيع ان تمضي وقتك في احضان ساريز، وانا لا استطيع ان اجبرك على شئ، ولكن فقط لتعلم ، انا وجدت طريق الخروج من هنا الى عالم البشر، واستطيع ان اخرج متى اريد ودون مساعدة من أحد حتى انت، وايضا استطيع الدخول متى اريد وفي أي وقت، ومادمت داخل المدن فانا بأمان ولكن طموحي يختلف عنك، انا بحاجة أليك فعلا وهناك شئ لن يتم إلا بمساعدتك أنت، ولكن هذا لا يعني انك الوحيد، سأجد بديلاً، سأجد الشخص المناسب حتى لو أخذ هذا مني سنوات طويلة وعندها ساذكرك ان الفرصة التي اضعتها اكبر من أي حلم لأي كان ... فكر بالموضوع جيدا ياحسن، انت تعرف جيدا بأن طموحك اكبر من هذا بكثير، ستمل الحياة هنا ولن تجد طموحك في مدينة الشمس وستدخلها عاجلا أم اجلا، هناك مكانك الحقيقي، ستتحول بعد فترة لمجرد شئ، أي شئ، دون هدف او معنى وربما حالفك الحظ وأصبحت خادما لأحدى خادمات أميرة الشمس، وانت لست كذلك ياحسن، انا اعرف ذلك جيداً، لو كنت كذلك لما رضيت ان اقيم معك علاقة وانا مرح، وأنت تعرف ماذا أقصد ... معي الوضع يختلف سأدخلك مدينة الشمس بأحدى عربات الأميرة، سادخلك المدينة كملك وليس كمجرد شخص يبحث عن المتعة ... وبعد ذلك تحصل على سر الشر وتخرج الى عالم البشر، حسن فكر جيدا، يوم، يومان ، عشرة .... ولكن لا تتأخر حتى لا تضيع الفرصه، وانا سأعود اليك من جديد . وفي هذه الأثناء يجب ان أساعد أميرة الشمس في بعض الأمور الهامة.
أختفت مرح، وعدت الى ساريز التي مازالت تغط في نوم عميق ... جلست الى جانبها وايقظتها بهدوء ... أفاقت وفركت عينيها وألتفتت يمينا ويساراً وسألتني :
- اين ذهبت ... ماذا حدث ؟؟؟
فقلت لها :
- لقد ذهبت ياساريز ولا تهتمي بما حدث ....
وسرعان ما بدأت ساريز بالبكاء وهي تتمتم :
اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي
- أنا أعلم، جاءت لتأخذك معها الى مدينة الشمس وأنت ستذهب ....
فقلت :
- لن أذهب ياساريز ... أعدك بذلك ...
ابتسمت ساريز ودموعها مازالت ترسم خطوطا فوق وجنتيها، عانقتني وأمالت برأسها على كتفي وسألتني عن زيارة مرح، لم أخفِ عن ساريز ماحدث بيني وبين مرح بالكامل، تناقشنا بالموضوع كثيراً وفرحت ساريز حينما علمت بأني لا أثق بالجنية مرح، ولا يمكن ان أثق بها، وإني لم اعد أفكر بخوض أية مغامرة جديدة ... وشجعتني ساريز وأثنت على قراري وأضحكتني حينما قالت ببراءة :
- لما تيجي مرح مرة ثانية احكيلها انو أنت مابدك تروح معها، وأحكيلها ماترجع مرة ثانية ....
ضممتها الى صدري بقوة وقلت لها :
حاضر راح أحكيلها ......
مر اليوم، وفي صبيحة اليوم التالي خرجنا للعمل، معاً كان يوماً جميلاً وكنا في غاية السعادة، وفي ساعات الظهيرة شعرت بشئ غريب، وكدت اصاب بدوار، أغمضت عيناي وحينما فتحتهما وجدت نفسي في مكان اخر ... لا يمكن أيجاد وصف قريب له .. لكني أعتقدت انني بوسط غرفة زجاجية ضخمة لا نهاية لها ولا بداية، ارضها كلون السماء، وسقفها كأنه سماء، وجوانبها كذلك الأمر، او اني واقف على مرآه ضخمة لا أرى نهايتها انعكست عليها زرقة السماء .... كل شئ أزرق ...
اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي
لحظات وظهرت مرح أيضاً وأخذت تلتفت يمينا ويساراً ورأتني ... فضحكت انا وقلت لها :
- لم اعرف انك قادرة على نقلي بهذه السهولة يامرح، أم انك تستعرضين شئ جديداً ...
أقتربت مني مرح وهي تبتسم ساخرة كعادتها وقالت :
- انا لم أفعل ذلك ياحسن !!!!
- إذاً ماذا تفعلين هنا يامرح ؟؟؟
- انا لا أعلم فجأة وجدت نفسي في هذا المكان ....
- أنت دائما تجدين نفسك فجأة ... هيا أخبريني ماذا تريدين وماهي هذه اللعبة الجديدة ؟؟؟
ضحكت مرح وقالت :
- لا توجد لعبة ياحسن وانا سأخبرك بسر ... السر هو اني لا أعرف ماذا يحدث، ولا أين نحن، ولا كيف حضرنا، كل ما أعرفه انني كنت جالسة مع أميرة الشمس أتحدث معها وفجأة وجدت نفسي في هذا المكان ويبدو ان شيئاً كبيراً يحدث، ولكني لست خائفة فانا اعلم جيدا باننا لن نتعرض لأذى ...
لم اصدق ما قالت إلا حينما ظهر من بعيد شخص يرتدي الأبيض ذو لحية وشعر ابيض ذو هيبة ووقار.
تذكرته فوراً وكيف يمكن ان انساه، ألتفت الى مرح وكانت فد أحنت رأسها احتراماً . فقلت لها :
- اليس هذا احد الاشخاص الخمسة الذين رأيناهم على مدخل الأقواس الخمسة، وأنت قلت لي وقتها انهم "السر المختفي منذ أزمان" ورفضتِ الحديث عنهم ....
هزت مرح رأسها تأكيدا على ماقلت، ولم ترفع رأسها ولو للحظة، وأقترب صاحب الوقار وبدون مقدمات قال :
- ألاف السنين مرت على موت "اكاروس" وبذوره مازالت تجد عقولا تنمو فيها ... ياكونته يا ابنة نازك ويا حسن يا ابن صفية وجدتكم بذره اكاروس، وان لم تبيدوها بارادتكم ستنموا وتبيدكم ... وسأشرح لكم من اجل ان تعلموا لأنكم تجهلون ...
قبل الاف السنين انتشرت علوم السحر بين البشر وكانت سبب في دمار عالمهم الاول الذي تم بناؤه عبر الاف السنين التي سبقت الدمار ... في ذلك الوقت وقبل الدمار الاول وحينما كانت حضارة البشر تتركز في مركز الارض، حيث استطاع البشر تحقيق المعجزات من خلال قدرتهم على استغلال قوة الطبيعة اللامتناهية من خلال قدرتهم على العطاء والعمل المتواصل . كان عالم البشر في مركز الارض، العالم المثالي المميز في كل شئ، من التزام وعمل وابداع، وفي نفس الوقت كان للجان عشرات الملوك ومئات الممالك المنتشرة في عالم الجان، وكان شغلهم الشاغل عبر الاف السنين الصراع على زعامة عالم الجان، وأدى ذلك الى اشتعال مئات الحروب
اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي
وكان اقوى هؤلاء الملك "اكاروس" الذي قرر ان يقيم مملكته على الارض في عالم البشر، وقد استطاع ان يجد البقعة المناسبة التي تلائم خواص الجن .. لكن المشكلة التي واجهته انه لا يستطيع ان يبني مملكته على الارض لتلائم خواص الجن إلا بمساعدة البشر الذين يتميزون بقدرتهم على استخدام المادة، وهنا ادرك الملك اكاروس انه يتوجب عليه السيطرة على البشر اولا لكي يستطيع السيطرة على عالم الجن .. وبدأت المعركة ..........


عدل سابقا من قبل aboezra في الأحد يناير 04, 2015 6:58 pm عدل 1 مرات
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 6:44 pm

الحلقة 60


"ظهورالسر المخفي منذ أزمان"

وبدأت المعركة بين البشر والجان، البشر لا يستطيعون ان يقتلوا الجان. والجان لا يستطيعون قتل البشر، وبدأت الحرب التي لا يموت فيها أحد، حرب التصور والخيال والخداع، وهكذا انتشرت علوم السحر، وتبعها البشر ليبتعدوا عن الواقع المتعب الى الخيال والتصور المريح، والذي لا يحتاج الى جهد جسماني .. وقام البشر ببناء مملكة "اكاروس" مقابل حصولهم على "علوم السحر" لم يتوقف الامر عند الملك "اكاروس" بل تبعه ملوك الجان ليحولوا حربهم من السيطرة على عالم الجان، الى السيطرة على عالم البشر اولا وقسم البشر الى اقسام، الجزء الاكبر تبع الملك اكاروس "اقوى ملوك الجان" وخاصة ان مملكته اقيمت على الارض، ولاجزاء الاخرى كل منها تبع احد الملوك الاخرين، وانتشرت علوم السحر اكثر واكثر واصبح شغل البشر والجن معا هو تطوير هذه العلوم .. الجن من اجل ان يقوي قدرة التابعين له من البشر، والبشر من اجل ان يتميزوا اكثر .. علوم السحر كانت في متناول الجميع من البشر، والملك اكاروس استطاع ان يسيطر على الجزء الاكبر من عالم الكونيين، وعالم البشر معاً ليحول حياتهم الى جحيم ويدرك البشر والجن معا بعد فوات الاوان الخسائر التي لحقت بهم جراء تداخل عالمين مختلفين ... واطلق على الملك اكاروس لقب ملك الشر، وعلى مملكته لقب مملكة الجحيم ومملكة الشر .. وتبدأ الحرب الكبرى بين ملك الشر اكاروس وبين قوة اطلق عليها اسم "النظام العام" اسسها وترأسها احد ابناء البشر وتكونت من بشر وجن معاً من اجل انقاذ عالميهم من ملك الشر ... بدأت الحرب بقيام "النظام العام" بجمع علوم الشر من بين ايدي البشر لاعادتهم الى الواقع والى طبيعتهم كبشر، وفي نفس الوقت قام الملك اكاروس بتطوير علوم الشر وابتكار الطرق لمنع جمعها ... واستطاع اكاروس ان ينجح في ذلك، وأستحال على النظام العام جمع علوم الشر، وخاصة ان الطريقة التي ابتكرها اكاروس وفرت للبشر قدرة الحصول على علوم السحر دون ان يبذلوا مجهودا مادياً، بل من خلال قدرة الدماغ البشري على التقاطها من الاثير مادام يريدها ... وأخذت الحرب منحنى اخر بان قام النظام العام بأقناع البشر باالابتعاد عن علوم السحر، وفي نفس الوقت أخذ الملك اكاروس بأقناعهم بضرورة استخدام علم السحر .. واستمرت الحرب سنوات اخرى ومملكة الشر تزداد قوتها أكثر وأكثر، والدمار لحق بالجزء الاكبر من عالم البشر، وهنا ادرك ابن البشر مؤسس "النظام العام" بان الحرب يجب ان تكون حرب مادة وواقع واسس "النظام الأعلى". ,اخذت الحرب اتجاهين، الاتجاه الذي يخضعه النظام العام من الجن والبشر معاً ضد الملك اكاروس، والنظام الأعلى الذي خاض حربا مادية ضد أتباع الملك اكاروس من البشر، وحقق النظامان العام والاعلى النصر تلو النصر والحقت خسائر فادحة بكلا الفريقين ووصلت الحرب الى نهايتها بان تمت الموافقة من الطرفين المتحاربين على توقيع معاهدة بان تعطى للملك اكاروس مهلة عام كامل قبل ان يكون النظام الآعلى بالسيطرة على مملكة الشر. ونصت المعاهذة على الكثير من النقاط، وان هذه المعاهدة ستبقى سارية لا تلغى ولا تبطل مادام هناك جن وبشر ... وقع الطرفان المعاهدة، وكانت مصلحة الملك اكاروس من هذه المعاهدة ان تبقى الفرصة قائمة "لنسله" حتى ولو بعد الاف السنين بإعادة احياء مملكة الشر. وكانت مصلحة النظام الاعلى بان يوقف الخسائر وهو يعلم انه ان استمرت الحرب فالخسائر ستكون كبيرة جداً ولا يمكن تعويضها . وانتهى العام الذي اخذه الملك اكاروس والذي استطاع خلاله ان يدفن مملكة الشر في باطن الارض، هي ومن عليها وتعاليم السحر وان يدفن نفسه معها، وسمح لكل سكانها بالخروج، وفور دخول النظام الاعلى قام ببناء خمسة مدن فوق الارض التي دفنت بها مملكة الشر حتى تبقى المملكة دفينة الى الأبد، وتم وضع انظمة وقوانين تمنع تداخل عالم البشر بعالم الجن، واخذت كل الأحتياطات حتى تبقى مملكة الشر وعلوم السحر مدفونة في باطن الارض من خلال اغلاق حدود المملكة، واقامت بوابات الشر واخفيت البقعة التي دفنت بها المملكة، ومنع السماح لأي كان بالخروج من المملكة ... والاف الحتياطات الأخرى أتخذت ... ومرت السنون وتم تطوير المدن الخمسة ليجد من يدخلها كل مايحتاجه من جميع النواحي النفسية والمعنوية والمادية التي تغنيه عن التفكير بالبحث عن علوم السحر، وقد تم الاخذ بعين الاعتبار طبيعة البشر والجن اكثر لا تتوقف عند حد. ونجحت المدن في جعل قوة الخير تتفوق على قوة الشر. ووصل الى المدن الكثيرون عبر الاف السنين ممن خططوا للوصول إلى علوم السحر واطلاقها من جديد، إلا انهم تفاجأوا بوجود المدن وماتوفره لهم، وان كل القوة لا يمكن ان توفر لهم الحياة والسعادة التي توفرها المدن ... وتم الاخذ بعين الأعتبار ان نزوات السوء والشر تتفجر دائما وتدفع صاحبها على تجاوز كل الاعتبارات، وعليه وجدت مدينة الشمس لتعطي الفرصة لمن يريد ان يطلق طاقة الشر والسوء التي بداخله حتى لا تبقي مكبوته وتنفجر في يوم من الأيام ... وهكذا وجد سكان المدن كل مايريدونه حتى الشر والجنون بحرية كاملة بحرية كاملة دون تدخل او تحكم بإرادة أي فرد ... هذه هي قصة مملكة الشر منذ تم بناؤها حتى يومنا هذا .....
قلت له : .........
- مع احترامي الكبير لكم، ما دخلي انا بكل هذا ؟ هل انا احد أحفاد الملك اكاروس ام انا شئ كبير وانا لا أعلم ؟ لست إلا مخلوق ضعيف استطعتم وتستطيعون خداعه وحتى ابادته في اية لحظة تريدون ... إذا لماذا تتركوني اصل الى علوم السحر ؟؟؟
هز راسه وقال :
- نعم نستطيع ابادتك وابادتها ايضاً في اية لحظة نريد، واستطعنا ذلك في السابق ولم نفعل وبصراحة أكثر، لا ننوي فعل ذلك في المستقبل حتى لو اطلقت "علوم السحر" من مكانها وهناك سببين لذلك ... السبب الاول : هو ان المعاهدة التي وقعت قبل الاف السنين تنص على انه اذا اجتمعت إرادة جني وبشري متحدين معاً مستعدين للتضحية بكل شئ من اجل اطلاق علوم السحر بغض النظر عن التسمية التي قد تتغير مع السنين، ان لا يتم منعهم من ذلك او التأثير على قرارهم من خلال أستخدام أي نوع من الترهيب، ولكنه يحق وضع الحواجز لمنعهم من الوصول مهما بلغت قوتها شريطة ان تكون هذه الحواجز قد تم وضعها مسبقاً وقبل المعرفة بنوع الفرد الذي يحاول الوصول الى علوم السحر، وان لا يضاف عليها أي شئ جديد مهما كان نوعه، وهذا ماحدث فعلاً، فالحواجز والحراسات الموجودة حول مملكة الشر مستحيل تجاوزها، ولم ينجح أحد ونشك أن ينجح أحد بتجاوزها، بل نحن سمحنا لكم تجاوزها بعد ان فشلتم بذلك، ولو لم تفشلا ودخلتم بمجهودكم الذاتي لكنتم حققتم المستحيل، ولكن بفشلكم حكمتم على انفسكم بالموت، وحينما رأينا انكم لم تنجحوا بالعبور خظوة واحدة الى الأمام كان القرار بأن نقدر قدرتكم وطاقتكم القصوى، ونقوم نحن بإزالة الحواجز التي تفوق قدرتكم، وتترك لكم الحواجز التي أن بذلتم كل ماتملكوه من جهد يمكنكم تجاوزها، وعليه فقد تمت إزالة تسعين بالمئة من الحواجز التى وجدت منذ ازمان.
وكانت لكم الفرصة التي لم يحصل عليها أحد، ولو انكم لم تبذلوا كل جهدكم لكنتم في عداد الأموات، ولكنكم نجحتم وقبل أن تسأل لماذا كل هذا، سأجيبك انا ... نحن لا نستطيع ان نعرف ماذا سيحدث بعد سنين طويلة وهل سيحدث ان ياتي شخص ويستطيع تجاوز هذه الحواجز ويطلق "علوم السحر" من جديد بعد عام او الف عام، الأمكانية قائمة ولا احد يعرف متى قد يحدث ذلك، ولكن ان لم يكن هناك بد من حدوث هذا فنحن نفضل ان يحدث في زمن الأصفار الثلاثة، ونحن تقريبا قد دخلنا زمن الأصفار ....وأنت والجنية مرح بمقدوركما أطلاق "علوم السحر" من جديد ونحن لن نمنعكما ولن نقف في طريقكما، وكل ماسنفعله هو ان نشرح لكما بانكما لو فعلتما ذلك وبسببكما وصلت علوم السحر من جديد الى البشر فستجلبون الأذى للكثيرين من البشر خاصة وللكونيين عامة، وانكم لن تحصلوا على القوة التي تحلمون بها، ، لأن الذي كان ينطبق قبل ألاف السنين لن يصلح لهذا الزمن، والاف السنين التي مرت كانت كفيلة بتغيير اشياء كثيرة من جذورها، وما كان يصلح في ذلك الوقت لن يصلح في هذا الزمان، فيجب ان تفهما أنتم الأثنين بأنكما لن تصلا إلا للتسبيب بايذاء عدد من الأفراد لابأس به. أما الحلم المجنون الذي ترعرع برأسيكما فسيبقى حلما لا أكثر ولا أقل ....
فقلت لصاحب الوقار :
- ولماذا لا تمنعونا ان كنا سنتسبب بإيذاء الأخرين ؟؟؟
فقال :
- لن نمنعكما، ونشرح لكما حتى لا تقولا : جهلنا ما سيحدث، وأن كان يجب أن يمنعكما أحد .. فهو أنتم .. والأن انتم مدركون ولا تجهلون ....
واردت أن أسأله ... وقبل ان افتح فمي وجدت نفسي قد عدت لى مكاني الأول .....
أقتربت مني ساريز وسألتني عن سر أختفائي المفاجئ ، فشرحت لها ماحدث معي .. في البداية ظنت اني أمازحها، ولكن مع أصراري على ماحدث ، قالت انها لم تسمع بمثل ذلك المكان من قبل، ولا يوجد في مدن المملكة مايشبهه، ومثل ذلك المكان لابد ان يكون خارج حدود المملكة، اما عن الشخص الذي تحدث معنا ، فقالت انه ليس من مسؤولي المملكة، ولا من النظام الذي يديرها، لأن لقاء المسؤولين التنفيذيين هنا أمر سهل ويخلو من أية عقبات !! .. قلت لها:
- أن مرح تعرفهم، وتقول عنهم انهم "السر الخفي منذ أزمان" وتصفهم احيانا بالرموز ..
فردت ساريز :
- لا دراية لي بكل هذه الأمور ياحسن، وكل ما أعلمه امور بسيطة سمعتها ولم اكن اهتم بها، اما مرح فطبيعة عملها السابق وعمرها وخبرتها كافية لأن تعرف الكثير ونصيحتي لك ان لا تفكر بكل هذه الأمور وانت في عالم مليئ بالأسرار فلا داعي لان تعرف شيئا لا يخصك، ولقاؤك بذلك الشخص المجهول بهذه الطريقة يجب لن يكون درساً لك ولمرح ايضاً، وبانكم لم تكونوا ولن تكونوا بعيدين عن متناول ايديهم في اي لحظة يريدون ...
صدقت ساريز فيما قالته، وزاد هذا تصميمي ان ابتعد عن كل شئ في الماضي، فأنا لست بحاجة لعلوم السحر ولا للقوة ولا لكل هذه المغامرات الغبية، وأن كان الله قد أنجاني من بين ايديهم كل هذه المدة، فيجب ان يكون هذا درسا لي ... ومرت أيام وانا أحاول أن أخرج الماضي من رأسي وكم كان هذا صعباً، ومر اسبوع وأسبوعان، وعادت مرح وحاولت أن تقنعني، وكادت تنجح لولا تدخل ساريز، هذه الأنسانة الرائعة التي أستطاعت أن تفهمني أكثر من أي شخص أخر، حتى أكثر من نفسي،

لم تترك لي مجالاً لأفكر بالماضي، كانت لي كل شئ، أنستني الماضي برمته ولم أعد أفكر إلا بها ... وساريز لم تكن مجرد صديقة لي، بل كانت كل شئ، كانت تعلم متى يجب ان تكون صديقة، ومتى تكون حبيبة وعاشقة، ومتى تكون زوجة او أماً وأباً وأختاً وأخاً، لم تترك شيئاً لم تفعله، كانت تصبح طفلة فتعاملني كطفل ...

كانت تصبح أماً فتجعلني أبكي على صدرها، أصبحت تتحكم بكل جزء صغير في حياتي، حتى بأنفاسي، كل ذلك بأرادتي وانا في منتهى السعادة، لقد جعلتني اشعر بأني ملك أحكم الدنيا، أحرك الصغيرة والكبيرة، أظلم متى أريد، وأعدل متى أريد، لا أحد أقوى مني ولا أحد أكبر مني ... ثم جعلتني أنزل عن عرشي لأصبح طفلاً صغيراً محاط بالحنان، ويعبث بما يشاء، ويضحك ويبكي عندما يشاء، لا أحد يمنعه ولا أحد يجرؤ ان يقاضيه، كل شئ يمر في النهاية من خلالها، وبارادتها حولت المملكة الى حضانه، والحضانه الى مملكة، دخلت قلبي وعقلي وعرفت مايدور بهما من تناسق وجنون، حتى أحلامي رسمتها لي قبل أن أحلم بها .... لم تكن تلومني أو تعاتبني ان طارت عيوني لأمرأة أخرى غيرها ... ولم تمنعني أو تصدني أو تشعرني انها عائق أمامي، بل كانت تعلم كيف تصنع من كل امرأة غيرها فراغاً، ونجحت، لم أعد أرى في عالم الجن والبشر أمرأة غيرها ... اشهر مرت وكأنها ساعات، ولم يعد لي ماض إلا الذي كانت هي جزء منه، أما الحاضر فهو ساريز ......



يتبع>>>>>>>>>>>>الحلقة 61
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 6:46 pm

الحلقة 61


(قرار الزواج وتكوين عائلة)

زرت بصحبة ساريز مدن المملكة جميعها إلا مدينة الشمس، التي أصبحت أكرهها كما تكرهها ساريز وأكثر، وزاد عدد اصدقائنا، وتعرفت في المدينة على عدد من البشر الذين كانوا قبلنا في المدن، ولم نكن نهتم او نناقش في أي شئ خارج حدود المملكة او أي شئ لا يعنينا، فحياتنا مليئة ولا فراغ لدينا لنبحث عن أي شئ جديد ... تمر الأيام بسرعة ولا نشعر بها، وفي احد الأيام ونحن جالسين في المساء بجانب البحيرة، تحدثت مع ساريز وقلت لها :
- حبيبتي أتعلمين ما الذي ينقصنا ؟؟؟
فقالت مبتسمة وكأنها علمت :
- ما الذي ينقصنا ؟
- طفل صغير يقلق نومنا ....




- أنه حلمي انا أيضاً ....
- إذا لماذا أنت حريصة على ان لا يكون ؟؟؟
- السعادة لا تكتمل ابدا ، ماتطلبه صعب ....
- ولماذا ياساريز ؟؟؟
- لأنه لن يكون هناك طفل دون زواج، حتى هنا ...
- فلنتزوج إذاً .....
قالت بلهجة حزينة :
- صعب يا حسن .......
- لماذا ؟ هل بسبب اختلاف أدياننا ...
- كلا ياحسن، الرب واحد ...
- إذا ما المانع ؟؟؟
- أنت متزوج ياحسن ولا يمكنك الزواج مرة أخرى ....
- ولكنني متزوج من جنية، وأنت من البشر .
- لو كنت متزوج من بشر لكان الأمر أسهل .
- لا تقولي لي ان هذا بسبب قانون الجنيات ؟؟؟
- انا من البشر ولا دخل لي بقانون الجنيات ولكن هناك "عهد الأرتباط" بينك وبين الجنية، ولا يمكن ان يفك، وانا اعرف ماذا يعني العهد للجنيات، ولا أريد ان أتجاوزه، أرجوك لا داعي للتفكير بهذا الموضوع ....
- لكنها خارج حدود المملكة ولن ألقاها مرة أخرى، ولا دخل لأحد هنا بما يحدث في الخارج، وإلا لما كانوا تركوني في حالي ....
- أعلم ياحسن ولكن لا أحد يعرف بما يخفيه المستقبل ... أرجوك دعنا من هذا الموضوع ..
- لماذا لم نسأل احد المسؤولين عن هذا الموضوع فربما وجد لنا مخرجاً ؟؟؟
- المسؤولون هنا لا دخل لهم في هذا الموضوع ....
- إذا من المسؤول عن الزواج هنا ؟؟؟
- لا أحد يتدخل ... الزواج شأن شخصي، وأكثر شئ يمكن فعله وهو ليس ألزامياً، ان يتم أبلاغ اميرة المدينة به كنوع من الأحترام ...
- إذا لماذا لا نسأل الأميرة بانده، فربما وجدت مخرجاً ؟؟؟
صمتت ساريز قليلاً وقالت :
- ولكن مقابلة الأميرة ليست بهذه السهولة ...
فأبتسمت، فمجرد أن ساريز لم تعارض هذه الفكرة يعني أنها لم تيأس من وجود مخرج .. طلبنا بالطرق المتبعة ان نقابل الأميرة وكان علينا أن ننتظر حتى تطلبنا هي ... لم يكن هذا الأجراء كنوع من الرسميات بل لأن الأميرة كانت مشغولة دائماً ...
مر أكثر من شهرين من طلبنا لرؤيتها، حتى جاء الينا أحد مساعدي الأميرة الى البيت وسألنا ان كنا نستطيع مساء الغد ان نحضر لمقابلة الأميرة أم اننا نفضل موعداً أخر ليرتبه معها ؟؟؟
فقلنا له :
- نحن جاهزون في أي وقت تحدده الأميرة .....
فقال :
- إذا غداً مساءاً ستكون الأميرة بأنتظاركما.
وذهب الى حال سبيله ... وكم كانت ساريز فرحة لانها ستقابل الأميرة، حتى انني وجدت فرحها مبالغاً فيه بعض الشئ، خاصة وأني أمضيت بصحبة الأميرة أكثر من أسبوع، وقلت لها ذلك ... فقالت لي :
- وانا ايضاً يا حسن امضيت برفقتها نفس الوقت، والأميرة تفعل هذا مع كل قادم جديد من خارج حدود المملكة، عبر بوبات مدينة القمر، وهي لا تميز بين شخص وأخر ... الأميرة بانده عظيمة يا حسن، ونحن نشعر معها ونتفهم ظروفها ولا نزعجها ....
جاء الغد وحان موعد اللقاء وتوجهنا الى قصر الأميرة وأستقبلتنا وصافحتنا وقبلتنا، وسألتنا : أين نفضل ان نجلس، وأخترنا الحديقة، وأخذت تمازحنا وتتحدث معنا كاصدقاء مقربين لها حتى وصلنا الى الموضوع المهم، وقلنا لها اننا نريد أن نتزوج ....
خجلت ساريز قليلاً .... وقالت الأميرة :
- الف مبروك لكما ....
قالت ساريز :
- ولكن أنت تعلمين ما المشكلة ؟؟؟
ردت الأميرة :
- المشكلة مشكلتك أنت يا ساريز ...
قالت ساريز :
- أعلم أيتها الأميرة، لقد قلت له أن هذا مستحيل ...
ضمت الاميرة شفتيها متعجبة وقالت :
- هذا ليس مستحيلاً، ولكن هناك مشكلة ويمكن ان أردتِ ان تتجاهليها، لن يلومك احد ياساريز فزواج حسن كان خارج حدود المملكة ... وفي المملكة كل شئ جديد لا يرتبط بالماضي ....
فقالت ساريز :
- من يعلم أيتها الأميرة، فربما جاء يوم ودخلت غادة المملكة ؟؟؟
ردت الأميرة :
- أحتمال ضئيل، ولكن هذا قد يحدث ياساريز، ولهذا قلت انها مشكلتك ....
تدخلت في الحديث وقلت :
- إذا ما العمل، ألا يوجد حل ؟؟؟
قالت الأميرة :
- كل مشكلة ولابد من وجود حل لها، ولكن هل تستطيع انت مواجهة الموقف؟ فربما حل المشكلة أكبر من المشكلة نفسها ! .
فقلت :
- أنا جاهز لمواجهة أي موقف مهما كان نوعه .
قالت الأميرة :
- وأنت يا ساريز ؟؟؟
ردت ساريز :
- وانا ايتها الأميرة ...
أبتسمت الاميرة بطريقة جعلتنا نحن الاثنين نشعر وكأننا اطفال صغار امامها وقالت :
- لقد تسرعتما في الأجابة، كان يجب ان تسألا ما هو الموقف، فربما تغير رأيكما ؟؟؟
نظر كل منا الى الأخر بقلق، ولم يكن امامنا مجال للتراجع وقلنا للأميرة بأننا لن نتراجع مهما كان الموقف ... أطرقت الأميرة برأسها للحظات ثم قالت :
- واجبي اتجاهكم يحتم علي ان اجد لكم حلاً، نعم، سأقوم بواجبي ولن أترككما في حيرة الموقف، سيكون صعباً علي أنا أيضاً، ستعلمون ماذا أقصد في حينه، والأن أذهبوا وسأطلبكم من جديد ......
أنتهت المقابلة مع الأميرة بعد ان تركتنا في حيرة من أمرنا ... ماذا تقصد بكلامها؟



أنتهت المقابلة مع الأميرة بعد ان تركتنا في حيرة من أمرنا ... ماذا تقصد بكلامها ؟ ما هو الموقف الصعب ؟ ماذا ستفعل الأميرة، كيف ستحل هذه المشكلة ؟ تساءلنا انا وساريز كثيراً، وخمنا أكثر، ولكن دون جدوى، والشئ الذي كنا نقنع به انفسنا ان هناك حل لدى الأميرة، وكل مانستطيع فعله هو الأنتظار حتى تطلبنا. وبعد ثلاثة أيام من لقاء الأميرة وفي ساعات الليل، وبينما كنا انا وساريز جاليسين نتسامر، وفجأة نامت ساريز نوما عميقاً، واصابني أحساس غريب،



ولحظات وظهرت الجنية مرح تسير يطريقتها استعراضية التي تستفز الأرض، وقبل ان تتفوه بكلمة واحدة قلت لها محذراً :
- لقد تحملتك كثيراً يا مرح، ولكن ان تعبثي مع ساريز فلن اسمح لك، وأفهمي ذلك جيداً ...
ضحكت وقالت :
- ماعملت شيئاً، نومتها علشان ترتاح وما يرتفع ضغطها ...
قلت :
- لا تنوميها مرة ثانية يا ست مرح، علشان انا بحب انومها في حضني ...
- ياحبيبي شو أنت حنون، وانا مستغربة انها بعد معك، شو كنو ماظل بنات في مدينة القمر؟؟؟
- في كثير يامرح بس ما في إلا ساريز واحدة ... الله خلقها وما خلق غيرها ...
- نيالك يا سوسو على ها الوفاء ....
- شو يا مرح، أشتقتيلي مش قادرة على بعدي، ولا ما لقيتي حد ثاني تتسلي فيه ؟
فقالت مستهزئة :
- اه ياحبيبي، مش قادرة على بعدك، بفكر فيك في الليل والنهار، ومافي شئ وراي إلا اني أحلم فيك حتى اني فكرت انتحر علشان مش قادرة على بعدك يا حسونه .....
قلت :
- أنتحري يامرح، وأنا بوعدك اني حموت وراكِ من الفرحة ....
ضحكت مرح وقالت :
- لن تتغير حتى لو تظاهرت بعكس ذلك، انا اعرفك جيداً ....
قلت لها :
- ارجوك يا مرح دعيني وشأني، انا لم أعد كالسابق، لقد تغيرت فعلاً ولن أعود للماضي ابداً ...
فقالت :
- من اجل ماذا يا حسن، من أجل ساريز؟ ما الشئ المميز فيها، ستكتشف غداً انك عشت كذبة .
فقلت :
- ساريز بالنسبة لي كل شئ، احبها بصدق،احبها وهي في نظري اجمل مخلوقة في الوجود، ساريز هي الماضي والحاضر، الطموح والتميز، وحتى الجنون الذي بحثت عنه، كله أجتمع في ساريز، ولتعلمي فهي زوجتي ....
فقالت :
- وهل تزوجتما ؟؟؟
فقلت :
- قريباً جداً ....
فقالت :
- وغادة يا حسن، هل أنتهت؟ هل نسيت أنها زوجتك؟؟
فقلت لها :
- لم أكذب علي غادة، لقد أحببتها فعلاً، وارادة الله اقوى من كل شئ، فهي من الجن وانا من البشر، ولن تصبح هي من البشر، ولا انا من الجن، فلا أريد ان أكذب علي نفسي أكثر، والقدر أقوى منا جميعاً ....
فقالت :
- وعالم البشر، وعائلتك، وأمك المريضة التي شُلت بسببك .
كلمات مرح وقعت علي كالصاعقة وقلت لها :
- وكيف عرفتِ أنتِ بهذا ؟؟
فقالت :
- لقد قلت لك اني وجدت طريقة للخروج والدخول الى هنا، وماذا تظنني كنت أفعل طيلة الأشهر الماضية، وهل تظنني منبهرة في هذه المملكة لأضيع وقتي فيها ......
لقد خرجت من المملكة عبر مدينة الشمس ووصلت عالم البشر وزرت عائلتك بطريقتي الخاصة وعلمت أن أمك اصيبت بالشلل وكلهم يعتقدون أنك مُت ......
فقلت لها :
- أنت كاذبة ....
أبتسمت وقالت :
- ولماذا أكذب عليك ؟؟؟
- لتعيديني معك لهدف في رأسك ....
- هذا صحيح أريد أن تعود معي ولكن الذي حدث مع والدتك حقيقي، ولا داعي لأذكرك بما حدث معها في السابق بسببك ....
- أنتِ دائماً تكذبين ولن أصدقك أبداً ...
- لا يهمني ان صدقت او لم تصدق، وتقولون أنتم بني البشر بأن أحساسكم لا يخيب، جرب وأستخدم أحساسك لتعرف ان كنت أكذب أم لا ؟؟؟
- لا أريد ان أجرب ولا أريد شيئاً، وما سيقدره الله سيحدث، وحتى لو كان صحيحاً، فلن أطاوعك وأجاري شرورك وجنونك وأتسبب بإيذاء الأخرين ... أمي لن ترضى بذلك ايضاً، وأنا سأدعو الله ان يحفظها، وأنا لن أعود للماضي مهما حدث ... أما أنتِ فأغربي عن وجهي.
أبتسمت مرح وقالت :
- إن وافقت فستجدني بجانبك، وسأنقلك بطريقتي الى مدينة الشمس، ومن ثمَ الى عالم البشر، لتصبح البشري المميز، ومعاً سنعيد الماضي .. فكر بالموضوع وسأكون قريبة منك ..
أختفت مرح، وأفاقت ساريز وحكيت لها ماحدث، وأستُفزت بالبداية وقالت :
- لماذا لا يوقفوها يا حسن ، أنها مجنونة؟؟
قلت :
- لن يوقفوها يا ساريز، ربما كانوا محقين في ذلك، فما سيحدث اليوم سيحدث في يوم من الأيام، أنه القدر ....
أقلقني ما حدث لأمي ولم أستطع أن أتجاهله ... فأحساسي يقول لي بأن أمي مريضة فعلاً. وتناقشنا انا وساريز لساعات طويلة حول كل الخيارات، ولم يكن هناك خيار أمامي إلا أن أنسى أو أتناسي، إلا أن ذلك كان صعباً بالرغم من مساعدة ساريز الكبيرة لي لأنسى ألم تأنيب الضمير تجاه عائلتي، وأن لا أحمل نفسي المسؤولية، وكان يكفي أن أرى أمرأة كبيرة في السن لأتذكر أمي وأفكر بها ... عانيت وتألمت وتغلبت على أحزاني، وعشت الواقع الذي يقول : "لاشئ أمامي أستطيع أن أفعله" . وشغلنا أنفسنا بالتفكير في الأميرة بانده ومتى ستدعونا ... ونسجنا أحلاما وعشناها، حتى أننا أخترنا أسماء للأطفال الذين سنرزق بهم بعد الزواج ....

ثلاثة شهور كاملة مرت حتى دعتنا الأميرة، وتوجهنا الى قصرها، واستقبلتنا ، واستقبلتنا مساعدتها وأدخلتنا أحدى صالات القصر لننتظر، وجائت ألينا الأميرة بانده وعلى شفتيها ترتسم أبتسامة حزينة مهموة، أقتربت وصافحتنا .. وقالت


يتبع>>>>>>>>>>الحلقة 62
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 6:49 pm

الحلقة 62

(دعوة الاميرة باندة وحضور غادة)

- لا أدري كيف ستكون نهاية هذا اليوم، ولكني أتمنى أن ينتهي على خير، والآن يا ساريز وحسن، هل فكرتم جيداً ؟ وهل هناك شئ تغير من يوم لقائنا الى اليوم ؟؟
فأجبنا :
- كلا لم يتغير شئ .....
هزت رأسها وقالت :


- هذا شأنكم، المشكلة التي تواجهونها يوجد لها حل، عهد الارتباط الذي تم بين "كادنته" و "حسن" هو عهد غير قانوني لايعترف به، ولكنه يحترم، بالرغم من ان الكونيين لا يعترفون بمثل هذا العهد والسبب الرئيسي ليس لأنه تم مع بشر، بل لأنه حينما اعلنت "كادنته" عهد الارتباط، لم تكن قد بلغت السن القانوني للزواج، او لأتخاذ أي قرار، فحتى لو كان هذا الزواج من "كوني" من بني جنسها فلن يعترف به أيضاً، وسيعد تصرف أطفال لا أكثر، وعليه فأن "كادانته" تستطيع فك العهد بسهولة، ولكن إن أصرت هي على التمسك بهذا العهد بعد بلوغها السن القانوني، فسيصبح العهد قانونياً حتى لو كان مع بشر، وتعتبر هي متزوجة، والعهد لا يفك، المشكلة الوحيدة المتبقية ان "كادنته" سعيدة ومتمسكة بهذا العهد، وبعد وقت قصير ان بقيت على موقفها، فستفقد الفرصة في فك العهد، وستصبح اسيرة له طوال حياتها ....
أنتهزت الفرصة وتسرعت وسألت الأميرة :
- إذا ما العمل، ماذا نستطيع ان نفعل ؟
ردت الأميرة :
- لو صبرت قليلاً لقلت لك دون ان تسأل ....
اعتذرت للأميرة على تسرعي، وأكملت هي .
- من اجل ساريز ومن أجل كادانته ايضاً، بذلت المستحيل لأحصل على اذن لأحضار "كادانته" الى قصري لمدة يوم واحد بموافقتها، فلا أحد يستطيع ان يرغمها على ذلك، وحصلت بصعوبة على الأذن ... أعلم ان الموقف صعب على الجميع، وخاصة لـ"كادانته" ولكن هذا لمصلحة الجميع بغض النظر عن النتيجة المجهولة، والتي تتوقف حتى هذه اللحظة على حسن ....
التفتت الي وتابعت حديثها :
- والأن يجب ان تواجه الموقف يا حسن، وأرجوك ان لا تكذب على نفسك ولا على كادانته وساريز ... واجه الموقف ... أعترف لكادانته وأنه الموضوع، اما مع كادانته أو مع ساريز ... هي ياحسن، كادانته في حديقة القصر، أذهب إليها وواجهها ...


لم أصدق ... دق قلبي بقوة ... أرتجفت أوصالي .. لم استطع ان اتحرك من مكاني ...
قالت الأميرة :
- لابد من ذلك يا حسن، من أجلها ومن أجل ساريز، هيا يا حسن أذهب أليها، لا تخف فهي لن تتفاجأ برؤيتك، لقد جلست معها وأخبرتها انها ستلتقي بك وأرجو ان تراعي بأن كادانته لا تعلم أين هي ولا تعرف عن المملكة شيئاً وكل ماتعرفه بأنها في قصر أحدى أميرات عالم الكونيين الكبير، وراعي أيضاً أنها ذكية وقادرة على قراءة أفكارك بسهولة، ولا تنسى أنها مازالت صغيرة وبريئة ....
وقفت على أقدامي وأحسست أنها بالكاد تحملني، وسرت بأتجاه الحديقة ... اشعر بدوار كبير، لا أدري ماذا أفعل، لم أتوقع حدوث ذلك، أرى بعيوني غاده تداعب أحد الغزلان الصغيرة بالحديقة ، أنها هي فعلاً ...تواريت خلف أحدى الأشجار، لم أجرؤ على الأقتراب منها، قلبي يدق بقوة، أشعر بانه سيقفز من صدري، أنظر اليها من خلف الشجرة وأنا خائف من أن تراني، أراها خلف الشجرة تدفع الغزال عنها بيديها، يبتعد قليلاً ثم يعود، تضحك وتدفعه من جديد ... تجلس بجانب نافورة الماء، تفتح يديها فيأتي الغزال أليها مسرعاً، وما أن يصل حتى ترشفه بالماء فيهرب، وتبدأ هي بالضحك، وتفتح يديها من جديد لتغريه بأن يعود أليها، يقف الغزال متردداً خائفاً من أن تغدره مرة أخرى، وترشقه بالماء، ترد شعرها الى الخلف، أما الغزال فلا يجرؤ على الأقتراب منها فما يكون منها إلا أن تقترب هي منه وتحضنه، وتحمله وتضمه الى صدرها وتقبله ... تقترب من أحدى الأشجار، يعلق شعرها بغصن الشجرة حينما أستدارت، ويبدو انه أوجعها نظرت الى الشجرة بغضب وكأنها تشتمها، وفكت شعرها ... أما انا فأخذت أضحك من كل قلبي لهذا الموقف، تجرأت وخطوت نحوها، رأتني من بعيـد، وقفت مذهولة تنظر ألي، يدق قلبي بقوة أكثر، تفتح ذراعيها وتصرخ وتركض نحوي، تقفز الي، وتتعلق بعنقي وهي تضحك وتبكي .....



لم أتمالك نفسي في تلك اللحظة، وبكيت انا ايضاً، نظرت الي ولم تتكلم وكذلك أنا، ويزيد بكاؤها، لم أحتمل الموقف خاصة وإني لم ارها من قبل تبكي بهذه الطريقة ... مر أكثر من نصف ساعة وهي صامته لم تنطق بكلمة واحدة وهي لا تكف عن عناقي ... جلسنا تحت الشجرةعلى العشب، وأخذت تمطرني بعشرات الأسئلة دفعة واحدة، ضحكت، فطريقتها ذكرتني حينما ألتقيتها في حديقة منزلنا للمرة الأولى، حيث سألتها عشرات الأسئلة وقتها مره واحده، وقلت لها مازحاً :
- أسمعي ياغادة ان كنت تريدين ان اجيبك فأبدئي بسؤال واحد وبعد أن أجيبك أطرحي السؤال الثاني ....
أخذت غادة تضحك بعد أن تذكرت هي أيضاً وقالت وهي تضحك :
- من أنت ومن أين جئت ؟ ومن أي عالم أنت ؟؟
فقلت :
- أنا من عالم غير عالمك وأبي وأمي ليسا من الجن، وبما أني أبنهم فأنا كذلك ...
قالت :
- قل لي هل أنا أحلم ؟؟؟
فقلت :
- أنت لا تحلمين، وأن أردتِ التأكد، فقي على قدميكِ ...
ووقفت غادة على قدميها، وضحكنا معاً، وأندفعت غادة تتحدث وأخذت تذكرني بلقائنا الأول في عالم البشر، وبرحلتنا في باطن الأرض، وتضحك على مواقفي السخيفة في ذلك الوقت وسألتها :
- كيف قبضوا عليك وقتها يا غادة ؟؟؟
أبتسمت وقالت ساخرة :
- من هبلك، ما انا كنت عارفة من الأول، أنو الكاتو راح يضحك عليك، بس شو انا جننتهم لو شفت يا حسن شو عملت فيهم قبل مايمسكوني ، انا كنت مفكره أني راح أنسجن طول عمري، وقلت : اعجب عليهم شوي، وكل مايعملوا مصيدة ويفكروني اوقعت فيها وينبسطوا، اطلع منها، وظليت أجنن فيهم أكثر لحد ما جت أختي كونته بنفسها وصارت تتحايل علي علشان أرجع، مرة تهددني ومرة تترجاني، وانا ولا على بالي، وانا عارفة ان اختي كونته بتحبني ومش راح تؤذيني، وبعدين هددتني فيك وبصراحة أنا خفت عليك، وكونته صحيح مش ممكن تؤذيني، بس كنت عارفة انها ممكن تؤذيك انت وما يهمها، وظليت أجنن فيها لحد ما وعدتني أنها مش راح تعمل معاك ولا شئ، وبرضو ما ارضيت أسلم نفسي، وحكتيلها أني راح أرجع لوحدي، ولما حضرتك أتخليت عني، مسكتني كونته وصارت تحلف إلا تعلقك من شعرك علشان انا ضحكت عليها لما وعدتني أنو ما تعمل معك أشي أن سلمت حالي وانا ما سلمت حالي ، وظليت أبكي لحد ما وعدتني انها مش راح تعمل معاك إشي وبصراحة انا أولها زعلت منك، وكنت حابة أختي تعلقك من شعرك مثل ما حكت، لأنك تخليت عني، بس بعدين قلت : ما انت أهبل مابتلتامش، ولما رجعوني وعرفت أني مش راح أنسجن مثل ماكانوا يحكوا، ظليت أتحايل على الرقابة إللي حطتهم أختي كونته على وطلعت ، ما انا بعرف كل الطرق وجيت أدور عليك، وما لقيتك ورجعت بسرعة قبل ما يعرفوا ، صحيح قلي أنت وين كنت مختفي ....
أبتسمت ولم أدر ماذا أقول، فقلت مازحاً :
- كنت ألعب مع أختك مرح .....
وما أن لفظت الأسم حتى رمقتني بنظرة غريبة وصمتت قليلاً ثم قالت :



- كيف عرفت أن أسمها مرح، ولماذا لا أستطيع قراءة افكارك كما في السابق، لماذا تخفي أفكارك عني، ما الذي حدث معك، أخبرني يا حسن؟
يبدو اني تورطت باندماجي بحديثها البرئ، ونسيت لأنها تتمتع بذكاء خارق، ولكن خبرتي وماتعلمته جعلني أسيطر على الموقف وقلت لها :
- سأخبرك بكل شئ، ولكن أخبريني كيف حضرتِ الى هنا ؟؟؟
فقالت :
- مدرستي رتبت ذلك، فقد قاموا بعمل أختبار وقالوا أن الذي سينجح في الأختبار سيحظى بزيارة لقصر أحدى الأميرات، وهناك يستطيع ان يطلب طلبا ويتحقق، وانا نجحت في الأختبار وجئت لقصر الأميرة وأستقبلتني هي وتحدثنا معاً كثيراً وسألتني عن الأمنية التي اريدها ان تحققها لي فحكيت لها عنك، وإني أريد ان ألتقي بك .. فقالت لي : انها ستحقق لي الأمنية قبل ان تغرب الشمس، وبقينا نتحدث عنك وبصراحة كنت أشعر من حديثها، وكأني سأواجه موقفاً صعباً، وهذه هي الحكاية من البداية إلى النهاية، هيا أحكيلي أنت ؟؟؟
أي ورطة أنا فيها ... فهي فعلا لا تعلم شيأً ، وكيف أخبرها وماذا أحكي لها، لم أجرؤ ، فغيرت الموضوع وأخذنا نتحدث بأمور أخرى لعلي اجد مدخلا أبدأ حديثي منه، بدأ الوقت ينفذ وأنا في حيرة ويزداد الأمر تعقيدا حينما تشرح لي هي عن خططها المستقبلية في العودة الى عالم البشر وقلت لها :
- غادة، الم تفكري بأنه ربما لن نلتقي الى الابد ...
قالت :
- لا تقل هذا، سنلتقي متى نريد ، فالامر ليس بالتعقيد الذي كنا نظنه ، لم يتبقى إلا بعض الوقت وسأبلغ السن القانوني وسترفع عني الرقابة ، واعود حرة من جديد، وسأراك متى أريد، ولن يكتشف أحد ذلك، فقد تعلمت اشياء كثيرة، وحتى لو عرفوا فهم لن يفعلوا شيئاً لأن زواجي منك كان قبل أن ابلغ السن القانونية ....
قلت لها :
- ولكن يا غادة أنتِ من الجن وأنا من البشر، ولن نستطيع أن نستمر في ذلك ؟؟؟
فقالت غاضبة :
- لماذا تقول ذلك الأن، لقد قلت لك ذلك منذ البداية، لقد حذرتك وأنت لم تهتم لذلك، لماذا تزوجتني، لقد بقيت مخلصة لك ولم أتأثر يأية ضغوط، أنت كل شئ لي ياحسن، لماذا أنت خائف ؟؟؟
قلت لها :
- قولي لي : ألم تفكري ولو للحظة بأني من الممكن أن أكون قد تزوجت أو أحببت واحدة أخرى ؟!
أبتسمت وأقتربت مني أكثر وطوقت عنقي بذراعيها، وتركت أنفها يلامس أنفي ونظرت في عيوني وقالت :
- لا يمكن أن أفكر بذلك، كنت متأكدة بأنك ستنتظرني وكنت واثقة من حبك لي، وإلا لما رضيت أن أتزوجك ....
كلما تحدثنا كان الأمر يزداد تعقيداً، دعوت الله أن يقبض روحي قبل أن أنطق بكلمة واحدة تمسها، أتمنى لو أني أموت، حتى أخرج من المأزق الذي أنا فيه .... فقلت لها :
- ولو قلت لك يوماً بأني ككل البشر بحاجة لأن يكون لي أبن يحمل أسمي، ولا يحدث هذا إلا من خلال زواجي بواحدة من البشر؟
فسبلت غادة عيونها وقالت :
- أرجوك ياحبيبي الوقت يمر بسرعة، لماذا تتعمد أستفزازي ؟؟
فضحكت وقلت :
- ولو أني مت مثلاً، ماذا ستفعلين ؟ فكري قليلاً طبيعتنا تختلف كثيراً، نحن البشر نهرم ولا نعمر طويلاً وأنتم عكس ذلك، ألم تفكري ماذا سيحدث بعد ذلك، ولماذا تربطين مصيرك طوال العمر بي أنا ؟؟؟
فقالت :
- مهما سيحدث ستبقى حي وسأبقى مخلصة لك إلى الأبد ....
أستفزتني فقلت :
- وماذا لو عرفتي بأني قد خنتك أكثر من مرة، مع جنية ومع أنسية أيضاً ...
فردت ساخرة :
- لن أصدق حتى لو رأيت بعيني وكفاك استفزازاً ؟؟؟
شددتها وضممتها ألي بقوة وأنا أحاول أن أكبت ثورة حبي وعواطفي بداخلي حتى لا تتفجر وتستطدم مع الواقع من جديد ... أنا أعلم بأني فقدتها ولن تعود ألي ابدا حينما تعلم مافعلت وما كنت أنوي ان أفعل، ولكني لا أريد أن تفقد نفسها بسببي، ولا أستطيع أن أكذب عليها ... ومن بعيد لمحت الأميرة وساريز قادمتان بالأتجاه الذي نحن فيه، دب الخوف في قلبي، ضممت أصابعي بقوة ورجوة الله ان لا تكون في نيتهن القدوم ألينا ... ولكن المقدر حدث وأقتربن منا وفي عيون الأميرة بانده أصرار قوي على أنهاء هذه القضية ... وقفت غادة وقمت بحركة سريعة أحتراما للأميرة بانده ... قالت الأميرة بأدب :
- هل يمكن أن نجلس معكم قليلاً ؟؟؟
ألتفت الى غادة وعيونها تقول لا وقالت :
- نعم .....
وقالت الأميرة :
- "كادانته"، أعرفك على صديقتي ساريز، وساريز أعرفك على "كادانته" ....
أبتسمت غادة وهزت رأسها ورمقتني بنظرة خاطفة خجولة، ربما كان بسبب ان الأميرة نادتها بأسم "كادانته" أو لآنها تظنني أسمع بهذا الأسم لأول مرة ... وأخذت ساريز أيضاً تبتسم ومالت ألي وهمست في أذني :
- لقد ظننتها مرح، أنها تشبهها كثيراً ...
فأكتفيت بأن هززت رأسي، وأخذت أهرب بعيوني لأتجنب نظراتهن ... ومازحت الأميرة غادة وقالت لها :
- ماذا تنوين أن تفعلي في المستقبل يا "كادانته" ؟؟؟
ردت غادة :
- لا شئ سأبقى كما أنا ....
فقالت الأميرة :
- أنتِ لا تخططين لشئ ... مستحيل.
أبتسمت غادة ورمقتني بنظرة خاطفة ولم تتكلم ... وقالت الأميرة :
- هل ستنوين الاصرار على عهد ارتباطك مع حسن بعد أن تبلغي السن القانوني يا كادانته ؟؟؟
هزت غادة رأسها ......


يتبع>>>>>>>>>>>> {الحلقة الاخيـــــــــــــرة}
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف aboezra الأحد يناير 04, 2015 6:51 pm

 الاخيـــــــــــــرة}
(النهاية الغير متوقعة واستسلام حسن)


هزت غادة رأسها مؤكدة على أنها ستصر .... فقالت الأميرة :
- ولكن يا كادا الحياة تتغير والأيام لا تبقى كما هي، كل شئ يتغير يا كادانته ....



حركت غادة راسها الى الخلف لتعيد ما مال من شعرها على وجهها، ولم تخفِ أنها أستفزت وقالت :
- لن يمنعوني من حبه مهما فعلوا ......
أثناء حديث غادة أستدارات ساريز الى الخلف وسارت عدة خطوات بالأتجاه المعاكس، ولم يخفَ علي أنها كانت تبكي، وأن بكائها حزنا على غادة ... عيون ساريز دلت على ذلك منذ اللحظة الأولى للاؤيتها ...



ورمقتني الأميرة باندا بنظرة غاضبة وقالت بحزم :
- وأنت يا حسن تفضل قل لنا رأيك ؟؟؟
عجزت عن الكلام وأطرقت رأسي الى الأرض خجلاً، لم أجرؤ ان أواجه عيون "غادة" أو أن أزعزع ثقتها بي، وبذلت جهدي لأمنعها من قراءة أفكاري ... أغمضتُ عيوني .. أصبت بدوار .. بحثت عن مخرج ... عن حل، انادي في داخلي دون أن أتكلم ساعديني يامرح، ساعديني يامرح ....
لا أدري كيف فعلت ذلك ولماذا فعلت ذلك، ظهرت مرح كلمح البرق وكأنها كانت بقربي تنتظر ان أناديها ... نظرت ألي وأبتسمت وغمزتني بطرف عينها وأقتربت من أختها غادة ... الأميرة بانده رمقت مرح بنظرة تهديد ووعيد لأقتحامها حديقتها بدون أذن مسبق، وذبطت نفسها، وكبتت غضبها حتى لا تزيد الوضع تعقيداً ... ساريز ألتفتت الينا وبعيونها حيرة ... لا تفهم ما حدث وبدت للحظات وكأنها لم تميز بين مرح وأختها غادة .. وأبتسمت غادة فرحه وأحتضنت أختها مرح، الاف الصور والكلمات الصامتة تمت في لحظات .. مرح تمسك بيدي أختها غادة، وتغير ملامح وجهها من شكل إلى أخر، دل على ان حوار طويلاً يدور بينهما دون كلمات ... بطريقتهما الخاصة ... حالة من الذهول اصابتني وكذلك بانده وساريز، جو مشحون بالترقب، ولا أحد يعلم ماذا سيحدث .. أقتربت مرح مني وقالت :
- حسن غادة ستسامحك على كل شئ حدث، وهي تقدر ان كل ماحدث معك كان رغماً عنك، وهي واثقة من انك تحبها اكثر من أي شئ أخر، ولا تريد ان تتحدث في أي شئ يتعلق بالماضي ... وستلتقي بك في عالم البشر .
ألتفت الى غادة وأبتسمت وهي تهز برأسها مؤكدة كلام مرح أو أني أظن ذلك .. أمسكت مرح بيدي وأشارت الى غادة بيدها وقالت :
- سنلتقي قريباً ......
وبلمح البصر وجدت نفسي ومرح مازالت ممسكة بيدي في مدينة الشمس، لندخل من هناك الى باطن الأرض، نسير في طرق مظلمة وأنا لا أرى شيئاً،



لم أستطع أن أتنفس بسهولة ... حتى وصلنا الى مكان في باطن الأرض، كانت الرؤية فيه أوضح، تبينت اننا نقف بجانب جدار تم نحته بالصخر لونه بني، ونقشت عليه كلمات وحروف وارقام ورسومات، لم تكن واضحة بسبب تراكم الغبار عليها، وفي وسط الجدار الصخري العملاق بوابة كبيرة ...



أقتربت منها مرح وطلبت مني ان أقترب أيضاً، وحينما أقتربت رأيت بأنه قد حُفِرت في البوابة ألاف الكفوف بأحجام مختلفة ... طلبت مني مرح أن أبحث عن قالب الكف الذي يلائم كف يدي اليمنى، وكذلك فعلت هي وأخذنا نجرب حتى وجدت الرسمة المنقوشة ذات الحجم المناسب، وطلبت أن أضع يدي عليها، وفعلت ووضعت يدي اليمنى، ووضعت هي كف يدها اليسرى في المكان الذي يلائمها، وقالت لي ماذا يجب أن أقول .... وبدأت هي فقالت :
- أنا كونته بنت نازك أبنة الجن ، بأرادتي الكاملة أعلن عن فتح قلعة أكاروس ...
وقلت بعدها :
- أنا حسن أبن صفية أبن البشر بأرادتي الكاملة أعلن عن فتح قلعة أكاروس ....
وقلنا معاً :
- نحن من البشر والجن، بأرادة واحدة متحدة، نعلن عن فتح قلعة أكاروس ......
وتفتح دفتي الباب مرة واحدة، ليظهر ضوء أحمر وبدأ دخان كثيف يخرج من الباب الى الخارج ، وتصدر من الداخل ضحكة لرجل صوته خشن وجهوري، هزت أرجاء المكان، أدخلت الرعب في قلبي ، وبعد ذلك هبت ريح قوية عاصفة ، كادت تحملنا معها لولا أننا تعلقنا بالباب ... أستمرت الريح لدقائق، ودفعت الدخان الى الخارج، وعاد الهدوء من جديد ودخلنا القلعة ... غطيت عيوني بكفي فلم أكن أحتمل قوة الضوء الأحمر المنبعث من كل أرجاء القلعة، تحسست طريقي خلف مرح ووصلنا الى جانب منصة حجرية في وسط القلعة يبلغ أرتفاعها عدة أمتار وقفت مرح وألتفتت الي وقد أرتسمت على شفتيها أبتسامة النصر، وقالت لي :
- دقائق فقط ياحسن وستجد نفسك في عالمك، وبين عائلتك، وستجدني الى جانبك مادمت تريد ذلك .... والأن سأرسل رسالتي الى البشر.
وعلت مرح المنصة ووقفت فوقها ومدت ذراعيها وأخذت تدور حول نفسها وهي تضحك ... وتتمتم بلغة لم أفهمها .. وبدأ الدخان يتصاعد من حولها، وهبت ريح خفيفة طيرت شعرها ونثرته، وأخذت تدور حول نفسها أكثر وأكثر، وبصوت عالِ قالت وكأنها تخاطب جمهوراً :
- أنا مرح ......
ويتردد صدى صوتها من كافة جوانب القلعة : " مرح ... مرح ... مرح ..." وبأصوات مختلفة ومتعددة .......


اتمنى ان تكونو استمتعتم بهذه الرواية
وبكل احداثها التي امتزج فيها الخيال باالواقع
محبتي واحترامي للجميع
aboezra
aboezra
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 2933
العمر : 72
المزاج : معتدل
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 28/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

غرائب رد: زوجتي من الجن

مُساهمة من طرف انابيل الجمعة فبراير 10, 2017 1:28 pm

رووووووعة
انابيل
انابيل
Admin

انثى
عدد الرسائل : 2781
الاوسمة : زوجتي من الجن 110
السٌّمعَة : 28
تاريخ التسجيل : 25/01/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى