الأسباب الباطنة المعينة على قيام الليل
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الأسباب الباطنة المعينة على قيام الليل
الأسباب الباطنة المعينة على قيام الليل الإخلاص والصدق مع الله تعالى: وهو غاية جهد العارفين ومنتهى أمل العابدين: قال يحيى بن أبي كثير : تعلموا النية فإنها أبلغ من العمل. وقال الفضيل بن عياض : إذا كان يسأل الصادقين عن صدقهم مثل إسماعيل وعيسى عليهما الصلاة والسلام فكيف بالكذابين من أمثالنا. والأصل في اشتراط الإخلاص لله تعالى في سائر الأعمال قوله تعالى : { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ }[البينة:5]. وقوله تعالى : { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }[الأنعام:162] وجاء في الحديث الصحيح المتفق عليه قوله صلى الله عليه وسلم : (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى). واختلفت تعريفات العلماء للإخلاص إلا أنها كلها تدور حول تصفية العمل من الشوائب وحظوظ النفس فلا يكون إلا لله تعالى . قال سهل التيسيرى : نظر الأكياس في تفسير الإخلاص فلم يجدوا غير هذا : أن تكون حركته وسكونه في سره وعلانيته لله تعالى لا يمازجه شيء لا نفس ولا هوى ولادنيا. وسيرة السلف رحمهم الله تعالى في الإخلاص وكتم الأعمال في أعلى الدرجات، وسترى في تراجمهم رحمهم الله ما يدل على ذلك، فارعها سمعك وقلبك، واجتهد أن تسير في ركاب الربيع بن خثيم الذي ما رُئي متطوعاً قط في المسجد، ومنصور بن المعتمر الذي يصلى طوال الليل حتى إذا حضر الفجر أظهر النشاط لأصحابه فيحدثهم ويكثر إليهم ليخفي عليهم العمل. وعبد الله بن المبارك وأيوب السخيتاني وأقوام كثيرون كانوا أضن بأعمالهم أن تعرف أو تشهر وكل ذلك سعياً للإخلاص طريق النجاة الحق، وفقنا الله لبلوغه ... آمين. - قال أبو حامد في الإحياء : وأما الميسرات الباطنة لقيام الليل فأربعة أمور : ( الأول ) : سلامة القلب عن الحقد على المسلمين، وعن البدع، وفضول هموم الدنيا، فالمستغرق الهم بتدبير الدنيا لا يتيسر له القيام ، وإن قام فلا يتفكر في صلاته إلا في مهماته ولا يجول إلا في وساوسه. ( الثاني ) : خوف غالب يلزم القلب مع قصر الأمل فإنه إذا تفكر في أهوال الآخرة ودركات جهنم طار نومه وعظم حذره كما قال طاووس : إن ذكر جهنم طير نوم العابدين ، وقال ذو النون المصري : منع القـرآن بوعـده ووعيده مقل العيون بليلها أن تهجع فهموا عن الملك الجليل كلامه فرقابهم ذلت إليه تخضـعا (الثالث ) : أن يعرف فضل قيام الليل بسماع الآيات والأخبار والآثار حتى يستحكم به رجاؤه وشوقه إلى ثوابه فيهيجه الشوق لطلب المزيد والرغبة في درجات الجنان. ( الرابع ) : وهو أشرف البواعث : حب لله وقوة الإيمان بأنه في قيامه لا يتكلم إلا وهو مناج ربه وهو مطلع عليه مع مشاهدة ما يخطر بقلبه وأن تلك الخطرات من الله تعالى خطاب معه ، فإذا أحب الله تعالى أحب لا محالة الخلوة به وتلذذ بالمناجاة فتحملة لذة مناجاة الحبيب على طول القيام ، ولا ينبغى أن يستبعد هذه اللذة إذ يشهد لها العقل والنقل . أما العقل : فليعتبر حال المحب لشخص بسبب جماله أو لملك بسبب إنعامه وأمواله ، كيف يتلذذ به في الخلوة ومناجاته حتى لا يأتيه النوم طوال ليله ، فإن قلت : إن الجميل يتلذذ بالنظر إليه وإن الله تعالى لا يُرى ؟ فاعلم أنه لو كان الجميل المحبوب وراء ستر أو كان في بيت مظلم لكان المحب يتلذذ بمجاورته المجردة دون النظر، ودون الطمع في أمر آخر سواه ، وكان يتنعم بإظهار حبه عليه، وذكره بلسانه بمسمع منه ، وإن كان ذلك أيضاً معلوماً عنده ، فإن قلت : إنه ينتظر جوابه ، فيتلذذ بسماع جوابه وليس يسمع كلام الله تعالى ؟ فاعلم أنه إن كان يعلم أنه لا يجيبه ويسكت عنه فقد بقيت أيضاً له لذة في عرض أحواله عليه ورفع سريرته إليـه، كيف والموقن يسمع من الله تعالى كل ما يرد على خاطره في أثناء مناجاته فيتلذذ به ؟ وكذا الذي يخلوا بالملك ويعرض عليه حاجاته في جنح الليل، يتلذذ به في رجاء إنعامه ، والرجاء في حق الله تعالى أصدق، وما عند الله خير وأبقى وأنفع مما عند غيره، فكيف لا يتلذذ بعرض الحاجات عليه في الخلوات . وأما النقل : فيشهد له أحوال قوّام الليل في تلذذهم بقيام الليل واستقصارهم له كما يستقصر المحب ليلة وصال الحبيب قيل لبعضهم : كيف أنت والليل ؟ قال : ما راعيته قط يرينى وجهه ثم ينصرف وما تأملته بعد وقال آخر : أنا والليل فرسا رهان مرة يسبقني إلى الفجر ومرة يقطعنى عن الفكر وقيل لبعضهم كيف الليل عليك ؟ فقال : ساعة أنا فيها بين حالتين أفرح بظلمته إذا جاء وأغتم بفجره إذا طلع ، ما تم فرحي به قط وقال على بن بكار : منذ أربعين سنة ما أحزنني شيء سوى طلوع الفجر وقال الفضيل بن عياض : إذا غربت الشمس فرحت بالظلام لخلوتي بربي وإذا طلعت حزنت لدخول الناس على وقال أبو سليمان الداراني : أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم، ولولا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا ، وقال أيضاً : لو عوض الله أهل الليل من ثواب أعمالهم ما يجدونه من اللذة لكان ذلك أكثر من ثواب أعمالهم وقال بعض العلماء : ليس في الدنيا وقت يشبه نعيم أهل الجنة إلا ما يجده أهل التملق في قلوبهم بالليل من حلاوة المناجاة . وقال بعضهم : لذة المناجاة ليست من الدنيا، إنما هي من الجنة أظهرها الله تعالى لأوليائه لا يجدها سواهم . وقال ابن المنكدر : ما بقى من لذات الدنيا إلا ثلاث : قيام الليل، ولقاء الإخوان، والصلاة في الجماعة . وقال بعض العارفين : إن الله تعالى ينظر بالأسحار إلى قلوب المتيقظين فيملؤها أنواراً، فترد الفوائد على قلوبهم، فتستنير، ثم تنتشر من قلوبهم العوافي إلى قلوب الغافلين . وشكا بعض المريدين إلى أستاذه طول سهر الليل وطلب حيلة يجلب بها النوم فقال أستاذه : يابنى إن لله نفحات في الليل والنهار تصيب القلوب المتيقظة وتخطئ القلوب النائمة فتعرض لتلك النفحات ؛ فقال : يا سيدى تركتني لا أنام بالليل ولا بالنهار. واعلم أن هذه النفحات بالليل أرجى لما في قيام الليل من صفاء القلب واندفاع الشواغل، وفي الخبر الصحيح عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن من الليل لساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله تعالى خيراً إلا أعطاه إياه " وفي رواية أخرى " يسأل الله خيراً من أمر الدنيا إلا أعطاه وذلك كل ليلة " ومطلوب القائمين تلك الساعة، وهي مبهمة في جملة الليل كليلة القدر في شهر رمضان وكساعة يوم الجمعة، وهي ساعة النفحات المذكورة والله أعلم. |
الصبى الشرس- عضو نشيط
-
عدد الرسائل : 41
العمر : 52
المزاج : شرس
الاوسمة :
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 09/06/2008
hassnae- Admin
-
عدد الرسائل : 3845
العمر : 46
المزاج : جيد
الاوسمة :
السٌّمعَة : 10
تاريخ التسجيل : 04/11/2009
مواضيع مماثلة
» علامات قيام الساعة( العلامات الصغرى)
» بوش يؤيد قيام روسيا بارسال يورانيوم مخصب لايران
» الازهر ينفى قيام السفيرالامريكى بزيارة سرية للمشيخة
» الأسباب وطرق علاج الكرش
» ما هي الأسباب التي أدت إلى ازدياد حالات الطلاق
» بوش يؤيد قيام روسيا بارسال يورانيوم مخصب لايران
» الازهر ينفى قيام السفيرالامريكى بزيارة سرية للمشيخة
» الأسباب وطرق علاج الكرش
» ما هي الأسباب التي أدت إلى ازدياد حالات الطلاق
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى