قبلة".. بأمر المحكمة

من طرف **admin** الإثنين فبراير 25, 2008 1:06 pm

قبلة".. بأمر المحكمة

كلما عاد "صابر" إلي بيته وجد "معركة" حامية الوطيس بين زوجته وأمه.. وفي كل مرة يحاول محاصرة نيران المعركة وإخماد ألسنة اللهب.. فينجح مرة ويفشل مرات.. حياته اليومية علي هذا المنوال.
ذات يوم كالمعتاد حدثت مشادة بين "صابر" وأحد زملائه في المصنع الذي يعمل به كانت نتيجتها أن قام مدير المصنع بخصم ثلاثة أيام من أجر كل منهما.. ولأن ما يتقاضاه في الشهر كان يكفي الفول والطعمية.. "بالعافية" فإن خصم الأيام الثلاثة منه كان بمثابة بتر جزء من "اللحم الحي"!
بمجرد وصول صابر إلي المنزل سارعت زوجته وأمه في تقديم الشكوي له.. هذه تقول إن "تلك" هي المخطئة.. وتلك ترمي باللوم علي هذه.. لم يستطع صابر أن يستجمع قواه هذه المرة ويحاصر نيران المعركة.. بل انفجر مرة واحدة وبدلاً من اخماد ألسنة اللهب قام بسكب مزيد من البنزين عليها.
في لحظة غضب.. انهال صابر علي أمه ضرباً حتي علا صراخها ولم ينقذها منه سوي الجيران.. لم تصدق الأم ما حدث.. وفي لحظة غضب مماثلة أسرعت الأم إلي قسم الشرطة وتقدمت "بشكوي" ضد ابنها اتهمته بالتعدي عليها بالضرب.
أحالت الشرطة الشكوي إلي النيابة التي حققت فيها وقامت بإحالة صابر إلي المحكمة بتهمة ضرب أمه.
في أول جلسة لنظر القضية أمام المحكمة برئاسة المستشار أحمد العرابي.. حضر المتهم.. وحضرت الأم.. وفوجيء الحاضرون بها تطلب من رئيس المحكمة "الكلام" فسمح لها قالت وهي علي طبيعتها وبقلب الأم: "يا باشا أنا سامحت ولدي وتنازلت عن الشكوي.. كنت غضبانة وواخدة علي خاطري منه.. لكن يا باشا ده ولدي وموش باتحمل فيه شكة الدبوس.. سماح يا باشا".
بعد أن انتهت الأم من كلامها.. ولاحظت المحكمة ان الأم خافت علي ابنها من العقوبة ولو لأيام معدودة.. وانها تريد أن تتنازل عن دعواها.. نظر رئيس المحكمة إلي صابر ووجه كلامه إليه: "شوفت أمك خايفة عليك ازاي.. لازم أمك ترضي عنك تمام الرضا".
سأل رئيس المحكمة الأم وقال لها: يا حاجة أحبس لك صابر علشان يتأدب ويعرف قيمة الأم؟!.. فكانت الاجابة السريعة البريئة من الأم الطيبة: وتحبسه ليه.. واحد وأمه ضربوا بعض.. الحكومة مالها بقي!
هنا.. طلب رئيس المحكمة من صابر أن يقبّل يد أمه.. فلما قبلها.. طلب منه أن يقبل قدمها أيضاً.. فقبلها.. ورفعت المحكمة جلستها علي أن تصدر حكمها بعد المداولة.
بعد فترة وجيزة.. أصدرت المحكمة حكمها بحبس صابر شهراً مع إيقاف التنفيذ.. لكن خلال النطق بالحكم وعندما سمعت الأم كلمة "حبس" ضربت بيدها علي قلبها وأمسكت بصابر وهي تصرخ "اتحبست يا ولدي"؟! لكن صابر ابتسم وهو يحتضن أمه وأفهمها أن الحبس مع إيقاف التنفيذ وانه سيعود معها إلي المنزل فوراً و"لا حبس ولا يحزنون".. فانطلقت زغاريد تدوي في قاعة المحكمة.